القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عِماد الدين الأَصْبَهانيّ الكل
المجموع : 19
ورثتُ من سَلَفي رقي لطاعته
ورثتُ من سَلَفي رقي لطاعته / وذلكَ الرقُ للأَسلاف أَحسابُ
ما كانَ لولا الرِّضا والسُّؤلُ منه لنا / خصبٌ ومحلٌ وإجداءٌ وإجدابُ
قد قلتُ لولا التُّقى ما غيرُ صارمه / للعُمر والرِّزق مَنّاعٌ ووهّابُ
مُعمّرٌ بعمود الصُّبح بيتُهم / له من الشُّهب أَوتادٌ وأَطنابُ
أَبشرْ بفتح أَمير المؤمنينَ أَتى / وصيته في جميع الأرض جوّابُ
ما كانَ يخطرُ في بالٍ تصوُّره / واستصعب الفتح لمّا أُغلقَ البابُ
وخامَ عنه الملوكُ الأقدمونَ وقد / مضتْ على النّاس من بلواهُ أَحقابُ
وجاءَ عصرُكَ والأيامُ مقبلةٌ / فكان فيه لفيض الكفر إنضابُ
نصرٌ أَعادَ صلاحُ الدين رونقَهُ / إيجازُه ببليغِ القولِ إسهابُ
قرعُ الظُّبى بالظُّبى في الحرب يُطربُهُ / لاقينةٌ صَنَعٌ باللّحن مطراب
أَحيا الهُدى وأَماتَ الشِّركَ صارمُه / لقد تجلّى الهُدى والشِّركُ منجابُ
بفتحه القدسَ للإسلام قد فتحتْ / في قمع طاغية الإشراك أبواب
ففي موافقة البيت المقدَّس لل / بيت الحرام لنا تيهٌ وإعجابُ
والصخرُ والحجرُ الملثومُ جانبهُ / كلاهما لاعتمار الخلق محرابُ
نفى من القدس صلباناً كما نُفيت / من بيت مكّة أَزلامٌ وأَنصابُ
الدهرُ ينصرني ما دام ينسبني / لخدمة الناصر المنصور نسّابُ
بطاعة النّاصر بن المستضيء أبي ال / عباس أحمد للأَيام أصحابُ
بالجدِّ أَدركتَ ما أَدركتَ لا اللّعب
بالجدِّ أَدركتَ ما أَدركتَ لا اللّعب / كم راحةٍ جُنيَتْ من دوحةِ التّعبِ
يا شيركوهُ بن شاذي الملكُ دعوةَ مَنْ / نادى فعرَّفَ خيرَ ابنٍ بخيرِ أَبِ
جرى الملوكُ وما حازوا بركضهمُ / من المدى في العُلى ما حُزْتَ بالخَبَب
تَمَلَّ من مُلْكِ مصرٍ رتبةً قصرتْ / عنها الملوكُ فطالتْ سائرَ الرُّتَبِ
افخرْ فإنَّ ملوكَ الأرضِ قاطبةً / أَفلاكُها منكَ قد دارتْ على قُطَبِ
فتحتَ مصرَ وأَرجو أَن تصير بها / مُيَسَّراً فتحَ بيت القدس عن كَثَبِ
قد أَمكنتْ أَسدَ الدِّين الفريسةُ من / فتحِ البلادِ فبادرْ نحوَها وَثبِ
أنتَ الذي هو فردٌ من بسالته / والدِّينُ من عزمه في جحفلِ لجبِ
في حَلْق ذي الشِّرك من عدوى سُطاك شَجاً / والقلبُ في شَجنٍ والنّفسُ في شَجَبِ
زارتْ بني الأَصفر البيضُ التي لقيتْ / حُمْرَ المنايا بها مرفوعَةَ الحُجُبِ
وإنها نَقَدٌ من خلفها أَسَدٌ / أرى سلامتها من أَعجب العَجَبِ
لقد رَفَعْنا إلى الرَّحمن أيديَنا / في شكرِنا ما بهِ الإسلامُ منكَ حُبي
شكا إليكَ بنو الإسلام يُتْمهمُ / فقمتَ فيهم مقامَ الوالدِ الحدبِ
في كلِّ دارٍ من الإفرنجِ نادبةٌ / بما دهاهم فقد بانوا على نَدَبِ
من شر شاور أَنقذتَ العبادَ فكم / وكم قضيتَ لحزبِ اللّهِ من أَرَبِ
هو الذي أطمعَ الإفرنجَ في بلد ال / إسلام حتى سَعوا للقَصد والطّلَبِ
وإنَّ ذلكَ عندَ اللّه محتسبٌ / في الحشر من أَفضل الطاعات والقُرَبِ
أَذلَّه الملكُ المنصورُ منتصراً / لما دعا الشِّركُ هذا قد تعزَّز بي
وما غضبتَ لدين اللّه منتقماً / إلاّ لنيلِ رضا الرَّحمنِ بالغَضَبِ
وأنتَ من وقعتْ في الكُفر هيبتُه / وفي ذويهِ وقوعَ النّار في الحَطَبِ
وحينَ سرت إلى الكُفّار فانهزموا / نُصرتَ نصرَ رسولِ اللّهِ بالرُّعبِ
يا محيي الأُمة الهادي بدعوته / للرُّشْد كلَّ غوي منهمُ وغبي
لما سعيتَ لوجه اللّه مُرتقباً / ثوابَهُ نلتَ عفواً كلَّ مُرتقبِ
أَعدتَ نقمةَ مصر نعمةً فغدتْ / تقولُ كم نكتٍ للّه في النكبِ
أركبتَ رأْسَ سنان رأسَ ظالمها / عَدْلاً وكنتَ لوزْر غيرَ مُرتكبِ
رُدَّ الخلافةَ عباسية ودع الدَّ / عيَّ فيها يصادفْ شرَّ مُنْقَلَبِ
لا تقطعَنْ ذنبَ الأفعى وترسلها / فالحزمُ عندي قطعُ الرأس كالذَّنبِ
أنتم تحبونَ بالإعراض تَعْذيبي
أنتم تحبونَ بالإعراض تَعْذيبي / وتقصدونَ بخلق الَدِّ تَهْذيبي
ساروا فيا صِحّتي من مُهجتي ارتحلي / غابوا فيا سنتي عن مُقلتي غيبي
قد كان يهضمني دهري فأَدركني / محمدُ بنُ أَبي بكر بن أَيوبِ
الكاملُ المالكُ الأَملاكَ حيثُ له / رقُّ الأَعاجم منهم والأَعاريبِ
مُعَطّرٌ عرفُهُ عرفاً ومكرمة / مخمّرٌ طينُهُ بالطُّهر والطيبِ
دعتكَ مصر إلى سلطانها فأَجبْ / دعاءَها فهو حقٌّ غيرُ مكذوبِ
يومُ النّوى ليس من عُمري بمحسوب
يومُ النّوى ليس من عُمري بمحسوب / ولا الفراقُ إلى عَيْشي بمَنْسُوب
لم أَنسَ أُنسي بكم والشّملُ مجتمعٌ / وعيشتي ذاتُ تطريز وتذهيب
ما اخترتُ بُعْدَكَ لكنَّ الزمانَ أتَى / كَرْهاً بما ليس يا محبوبُ محبوبي
أرجو إيابي إليْكم ظافراً عَجِلاً / فقد ظفرتُ بنجم الدِّين أَيُّوبِ
موفَّقُ الرأْي ماضي العَزْم مُرتفعٌ / على الأَعاجم مَجْداً والأَعاريبِ
أحبّكَ اللّهُ إذْ لاَزمْتَ نَجْدَتَهُ / على جبين بتاج المُلْكِ مَعْصُوبِ
أخوكَ وابنُك صدقاً منهما اعتصما / باللّه والنَّصرُ وعدٌ غيرُ مكذوبِ
هما هُمامانِ في يومَيْ وغىً وقرىً / تعوَّدا ضربَ هام أَو عراقيبِ
غدا يشبّان في الكفّار نارَ وغىً / بلفحها يُصبحُ الشبّانُ كالشِّيبِ
بملك مصر ونصرُ المؤمنين غداً / تحظى النُّفوسُ بتأْنيس وتطيبِ
ويستقرُّ بمصر يوسفٌ وبه / تَقَرُ بعد التّنائي عينُ يعقوبِ
ويلتقي يوسفٌ فيها بإخوته / واللّهُ يجمعهم من غير تثريبِ
فارجو الإله فعن قُربٍ بنُصرته / سيكشفُ اللّهُ بلوى كلِّ مكروبِ
يا ساكني مصر لا والله ما لكمُ
يا ساكني مصر لا والله ما لكمُ / شوقي الذي لذعتْ قلبي لواعجُهُ
أَصبحتُ أَطلبُ طُرقَ الصّبرِ أَسلكُها / هيهاتَ قد خفيتْ عنّي مناهجُهُ
إنّي لمن كرب يومِ البين في شُغُلٍ / لعلَّ ربِّي بيومِ الوصلِ فارجُهُ
في القلب نارُ هموم زادَ مضرمُها / والعينُ بحرُ دموعٍ فاضَ مائجُهُ
ما قلتُ إنَّ فؤادي مرَّ ساكنهُ / إلاَّ وبالذِّكر منكم ثارَ هائجُهُ
متى تُرى يتسنّى لي لقاؤكمُ / وتزَدهيني كما أهوى مباهجُهُ
القلبُ عندكم قد ظلَّ مُقتضياً / دينَ الوصالِ أَما تُقتضَى حوائجُهُ
الآس على وردك من سيّجه / والقلب على وجهك من هيجه
أفدي بأبي حسنك ما أبهجه / من أعجبه الوصل فما أزعجه
أَفدي الذي خلبَتْ قلبي لواحظُهُ
أَفدي الذي خلبَتْ قلبي لواحظُهُ / وخلّدَتْ لَذَعات الحبِّ في كبدي
صفاتُ ناظرهِ سُقْم بلا أَلَمٍ / سُكْرٌ بلا قَدَحٍ جُرْح بلا قَوَدِ
معشَّقُ الدلِّ من تيهٍ ومن صَلَفٍ / مرنّحُ العطْفِ من لينٍ ومن مَيَدِ
على مُحيّاهُ من نارِ الصِّبا شُعَل / وَوَرْدُ خدَّيهِ من ماءِ الحياةِ نَدي
أَطاعَ دمعي وصبري في الغرام عَصى
أَطاعَ دمعي وصبري في الغرام عَصى / والقلبُ جرّعَ من كأس الهوى غصصا
وإنَّ صفو حياتي ما يكدِّره / إلاّ اشتياقي إلى أَحبابيَ الخلصا
ما أَطيبَ العيشَ بالأحباب لو وصلوا / وأَسعدَ القلبَ مِن بلواه لو خللصا
زمُّوا فؤادي وصبري والكرى معهم / غداةَ بانوا وزمُّوا للنّوى القلصا
وقفتُ أُتبِعهم قلبي يسايرهم / وأُرسلُ الدَّمعَ في آثارِهم قَصصا
ومقلة طالما قرَّتْ برؤيتهم / أَضحى السُّهادُ لها من بعدِهم رمصا
لم تحدر الدَّمعَ إلاّ أَنّها رفعتْ / إلى الأحبةِ من كربِ الهوى قصصا
رخصتُ بعدَ غلائي في محبتكم / وربَّ غالٍ عزيزٍ هانَ إذ رخصا
أَرى أَمانيَّ منكم غيرَ صادقةٍ / كذا حديث المنى ما زال مخترصا
يا هل تعودُ ظلالُ العيشِ سابغةً / وكيف يرجعُ عيشٌ ظلُّهُ قلصا
وحبّذا فُرَصٌ للدَّهرِ ممكنةٌ / والدَّهرُ من لم تزلْ أَوقاتُهُ فرصا
لهفي على عُنْفُوانِ العمرِ كيف مضى / عني وشيكاً ولما تمّ لي نقصا
ما كنتُ أَعلمُ ريعانَ الصِّبا حلماً / إذا انقضى أَصبحتْ لذّاته نُغصا
أَيامَ أَخلعُ في اللهوِ العذارَ كما / أَهوى وأَلبسُ من أَطرابهِ قُمصا
أَيامَ لا رَشَئي يعتادُهُ مَلَلٌ / ولا رِشاء الصِّبا من قبضتي ملصا
إذ الليالي بما أَهوى مُساعفتي / تدني إلى النُّجحِ آمالاً إليَّ قصى
أَروحُ ذا مَرَحٍ بالوصل مبتهجاً / أَنالهُ سُؤله من دهره الحصصا
أَطاعت الغانيات الغيد منه فتىً / إذا لحي في هَواهنَّ العذول عصى
ما بالُهنَّ زهدْنَ اليومَ فيه وقد / أَفادَهُ الشَيبُ تجريباً وثقلَ حصى
كرِهْنَ بعدَ سوادِ شيبِ لمّتهِ / لما رأَينَ بياضاً خلْنَهُ بَرَصا
بمهتجي رشأٌ قلبي له قنصٌ / فيا له رشأ للأُسدِ مُقتنصا
تمضي عزائمهُ في قتلِ عاشقهِ / عمداً ويطلبُ في تعذيبهِ الرُّخَصا
يا لائماً بشِباكِ العذلِ يقنصني / ولستُ إلاَّ لأشراكِ الهوى قَنَصا
بغيتَ راحة من تعتاصُ سلوته / وأَتعبُ الناسِ من يبغي الذي عَوِصا
لا تحرصنَّ على ما أَنتَ طالبُه / فربّما حُرمَ المطلوبَ من حرصا
تبغي بقرعِ عصا التقريع لي رَشَداً / كما ينبّأ ذو حلم بقرع عصا
أَقصرْ فلي شَعَفٌ بالمجدِ طالَ له / باعي وطرفُ حسودي دونه بخصا
وأنصفَ الدهر كان الفضل في دَعَةٍ / منه وعاثرُ حظِّ الفضل منتعصا
ربَّى الزَّمانُ بنيه شرَّ تربيةٍ / فالجهلُ ذو بطنةٍ والفضلُ قد خمصا
ولا زمانُ الإمام المستضيء لنا / لما امتحى ذنب أَيامي ولا محصا
مَن أَلزم اللّه كلَّ الخلقِ طاعته / مُخوّفاً منه عصياناً وشقّ عصا
مَن لا خمائلاَ لولا سحبُهُ هطلتْ / ولا مخايلَ لولا برقُهُ وبصا
قد عاشَ في العزَّةِ القعساءِ حامدُهُ / وماتَ جاحدُهُ من ذِلّةٍ قعصا
مولى لراحةِ أَهلِ الأَرضِ راحتهُ / وكم يُفرِّج عنّا الحادث اللَّحصا
بالجودِ للمعتفي حلو الجنى سلساً / بالبأْسِ للمعتدي مُرُّ الإبا عفصا
يا سَيِّدَ الخلفاءِ الأَوصياءِ ومَن / نَبْتُ المنى منه في روضِ النّجاح وصى
يا مُحكاً كلَّ نظمٍ للزَّمان وهَى / وجابراً كلَّ عظمٍ للمُنى وهصا
بالحقِّ إن دانتْ الدُّنيا له ودنا / سحابُ معروفهِ الهامي إذا نشصا
أَنمتَ عدلاً عيونَ العالمينَ بما / أَذهبتَ عنها القَذَى والرَّينَ والغمصا
عدوكم واقعٌ في الرُّعبِ طائرُهُ / حتى لقد حسبَ الدُّنيا له قفصا
وحسبُ كلّ حسودٍ أَنَّ ناظره / إلى مهالكه من حيرة شخصا
يا خيرَ مَنْ حجَّ وفدُ اللهِ كعبتَهُ / على المطيِّ الذي في سيرِهِ قمصا
وما توجَّه ذو عزمٍ إلى أملٍ / إلاّ لدى بابهِ عن حَجِّهِ فحصا
سأَجتدي وابلاً من جودِه غَدِقاً / وأَمتري حافلاً من خِلْفهِ لَخصا
وإنَّ عنديَ ذا التوحيد من شَكَرَ ال / نعمى لديكَ وذا الإشراك من غمصا
من ذا الذي سارَ سيري في ولائكمُ / غداةَ قالَ العدا لا سيرَ عند عصا
بعثي على الحقِّ أَصفى مصر من رَنقٍ / بها وأَخرس منها باطلاً نبصا
ونالَ عبدُكَ محمودٌ بها ظفراً / ما زالَ يرقُبهُ من قبلُ مرتبصا
كلبُ الفرنجِ عوى من خوفِ صولته / وقيصرُ الرُّومِ مِن إِقدامهِ معَصا
سطا فكم فِقْرَةٍ للكفرِ قد وُقمتْ / وكم وكم عيقٍ للشّركِ قد وقصا
من خوفِ سطوته أَنَّ العدوَّ إذا / أَمَّ الثُّغورَ على أَعقابهِ نكصا
ورُبَّ معتركٍ رحب الفضاءِ به / أَضحى على مَسعريهِ ضيّقاً لقصا
لما انتشى الهامُ مِن كأسِ النّجيعِ به / غَنَى المهنّد والخطيُّ قد رقصا
وللكُماةِ على أَهوالها نَهَمٌ / نامٍ كأنَّ بها نحو الرَّدى لعصا
والحربُ عضّتْ بأنيابٍ لها عُصُلٍ / والصَّفُّ أَحكم من أَضراسها لصصا
والبِيضُ فيه بقدِّ البيضِ ماضيةٌ / والسَّمرُ تخترقُ الماذيّة الدُّلُصا
وكلُّ نفسِ مشيحٍ رهنُ ما كسبتْ / والسّامريُّ رهينٌ بالذي قبصا
ومن دماءِ مساعيرِ الهياجِ نرى / على سوابغها مِن نضحها نُفَصا
أعادَ عبدُكَ نورُ الدِّين منتصراً / ما كان يغلو من الأراحِ مُرتخصا
وكم أخافَ العِدا بالأولياء كما / أَخافت الأسد في إصحارها النُّحصا
والمبطلونَ متى طالتْ رقابُهمُ / أَبدى من الهُون في أَعناقها الوقصا
أَعدى نَداكَ أَمير المؤمنينَ على / حظٍ تعدَّى ودهرٍ ريبُهُ قَرَصا
نعشتَ فضلي بإفضالٍ حَلَلْتَ به / من عَقدهِ ما لواهُ الحظُّ أو عَقَصا
تَملُّ مدحَ وليٍ فخرُ ناظمهِ / أنَّ القريضَ إلى تقريظكم خلصا
لا يصدقُ الشِّعرُ إلاّ حينَ أَمدحكُم / وكلُّ مدحٍ سوى مدحيكُمُ خرصا
وكيف أحصي بنطقي فضلَ منتسبٍ / إلى الذي في يديهِ نطقُ كلِّ حصى
إذا رضيتمُ بمكروُهي فذاكَ رِضَى
إذا رضيتمُ بمكروُهي فذاكَ رِضَى / لا أَبتغي غير ما تبعون لي غرضا
وإنْ رأيتم شفاءَ القلبِ في مرضي / فإنّني مستطيبٌ ذلكَ المرضا
أَنتم أَشرتم بتعذيبي فصرتُ له / مُستعذباً أَستَلذُّ الهمَّ والمضضا
أَصبحتُ ممتعضاً بي في محبتكم / فحاشَ للّهِ أنْ أَبغي بكم عوضا
للّهِ عيشٌ تقضّى عندكم ومضَى / وكانَ مثلَ سحابٍ برقُهُ وَمَضا
العيشُ دانٍ جناهُ الغضُّ عندكم / والقلبُ محترقٌ منِّي بجمرِ غَضا
ما كنتُ أَعْهَدُ منكمْ ذا الجفاءَ ولا / حسبتُ أنَّ ودادي عندكم رُفضا
قد أَظلمَ الأُفقُ في عيني لغيبتكم / فإنْ أَذنْتُ لشخصي في الحضورِ أضا
ولست أول صبّ مَن أَحبّتهُ / لمّا جفوا ما قَضى أوطاره وقضى
مُروا بما شئتُمُ من محنةٍ وأذىً / فقد رأيتُ امتثالَ الأمر مُعْتَرضا
طوبى لكم مصرُ والدَّار التي قُضِيَتْ / فيها المآربُ والعيشُ الذي خُفضا
بعيشكم إنْ خلوتم بانبساطكمُ / تذكّروا ضجراً بالعيشِ منقبضا
رضيتمُ سفري عنكم وأعهدُكم / بسفرتي عنكم لا تُظهرون رضى
هلا تكلفتم قولاً أُسرُّ به / هيهاتَ جوهركم قد عادَ لي عرضا
تفضلّوا واشرحوا صدري بقربكم / أو فاشرحوا ليَ ذا المعنى الذي غمضا
مشطٌ ومنشفةٌ فيه حسدتُهما
مشطٌ ومنشفةٌ فيه حسدتُهما / دمعي لذا بهما فيّاضُ عارضِهِ
فتلكَ حاظيةٌ من مسِّ أخمَصهِ / وذاكَ مستغرقٌ في مسكِ عارِضِهِ
يا يوسفَ الحسنِ والإحسانِ يا ملكاً
يا يوسفَ الحسنِ والإحسانِ يا ملكاً / بجدِّهِ صاعداً أَعداؤه هَبَطوا
حللتَ من وَسَطِ العلياءِ في شَرَفٍ / ومركزُ الشّمسِ من أَفلاكِها الوَسَطُ
هنيتَ صونكَ دمياطَ التي اجتمعتْ / لها الفرنجُ فما حَلُّوا ولا رَبَطوا
مصرٌ بيوسفِها أَضحتْ مشرَّفةً / وكلُّ أَمرٍ لها بالعدلِ مُنْضَبِطُ
وحينَ وافى صلاحُ الدِّينِ أَصلحَها / فللمصالحِ من أَيامه نَمَطُ
صَبٌّ لتذكارِ أَهلِ الجزْعِ ذو جَزَعِ
صَبٌّ لتذكارِ أَهلِ الجزْعِ ذو جَزَعِ / أَطاعَهُ دمعهُ والصّبرُ لم يُطعِ
وكانَ يطمعُ في طيفٍ يُلمُّ وقد / بانَ الرُّقادُ فما في الطّيفِ من طمعِ
يا لائماً يدَّعي نُحَ المحبِّ ولم / يتركْ له وجدهُ سمعاً ولم يدعِ
أَتعبتَ نفسَكَ تنهى غيرَ مُتّبعٍ / حكمَ الملامِ وتُلحي غيرَ مستمعِ
إنْ يُجدِ لومي في الجودِ عاشقهُ / توران شاه كلانا غيرُ مُرتدعِ
هو الجوادُ الذي عشقَ السّماحَ بهِ / أَفضى إلى أَمدٍ في الجودِ مخترعِ
يا رائدَ الخصبِ إنْ تقصدْ ذُراهُ تجدْ / في ظلِّهِ خيرَ مُصطافٍ ومُرتبع
همُ الملوك ذوو بأْسٍ ومكرمةٍ
همُ الملوك ذوو بأْسٍ ومكرمةٍ / إنْ سالوا أَمنوا أو حاربوا خيفوا
أَغناهمُ القدسُ عن قولِ الورى فتحتْ / عكا وصيدا وبيروتُ وأَرسوفُ
جيشُ الفرنجِ إذا لاقى سوابقَهم / كأَنَّهُ جبلٌ بالرِّيحِ منسوفُ
يا مُهدياً فقَراً جلّتْ قلائدُها
يا مُهدياً فقَراً جلّتْ قلائدُها / عن وصفِ مُطْرٍ لها أو رَصفِ رَصافِ
ومن فضائله عن حَصْرها حَصرتْ / في العصرِ أَلْسُنُ مُدّاحٍ ووُصّافِ
رِواقُهُ في العُلى ضافٍ ومورِدهُ / في الفضلِ للمُرتجي إفضاله ضافِ
ترومُ منّيَ إنصافاً وهل عَرَفَتْ / خلائقي غير إحسانٍ وإنصافِ
بالملكِ النَاصرِ استنارتْ
بالملكِ النَاصرِ استنارتْ / في عصرنا أَوجهُ الفضائلْ
عليَّ من حقِّهِ فروضٌ / شكراً لما جادَ من نوافلْ
يوسفُ مصرَ الذي إليهِ / تشدُّ آمالنا الرَّواحْ
أَجريتَ نيلينِ في ثراها / نيلَ نجيعٍ ونيلَ نائلْ
رأيكَ في الدَّهرِ عن رزايا / جلا مهماته الجلائلْ
كم كرمٍ من نداكَ حارٍ / وكم دمٍ من عداك سائلْ
وكم معادٍ بلا معادٍ / ومستطيلٍ بغيرِ طائلْ
وحاسدٍ كاسدِ المساعي / وسائدٍ ناطقِ الوسائلْ
أَقررتَ عين الإسلام حتى / لم يبقَ فيها قذىً لباطلْ
وكيف يزهى بملكِ مصر / من يستقل ذنباً لنائلْ
وما نفيتَ السُّودانَ حتى / حُكمِّتِ البيضُ في المقاتلْ
صيرتَ رحبَ الفضاءِ ضيقاً / عليهمُ كفة لحابلْ
وكلُّ رأي منهم كراءٍ / وأرضُ مصر كلام واصلْ
وقد خَلتْ منهمُ المغاني / وأَقفرتْ منهمُ المنازلْ
وما أُصيبوا إلاّ بطلٍّ / فكيف لو أُمطروا بوابلْ
وقد تجلّى بالحقِّ ما بال / باطل في مصر كان عاجلْ
والسُّودُ بالبيضِ قد أُبيحوا / فهي بَوَازٍ بهم نوازلْ
مؤتمنُ القومِ خانَ حتى / غالتْهُ من شرِّه غوائلْ
عاملكُمْ بالخنا فأضحى / ورأْسُه فوقَ رأْسِ عاملْ
وحالف الذُّل بعد عزٍّ / والدَّهرُ أحواله حوائلْ
يا مخجلَ البحرِ بالأيادي / قد آن أن تُفتحَ السواحلْ
فَقدِّس القدسَ من خباثٍ / أرجاس كفر غُتم أراذل
فالشَامُ يغبطُ مصراً مذ حللتَ بها
فالشَامُ يغبطُ مصراً مذ حللتَ بها / كما الفراتِ عليكم يحسدُ النيلا
نلتم من الملك عفواً ما الملوك به / عُنُوا قديماً وراموه فما نِيلا
بملكِ مصرٍ أُهنِّي مالكَ الأُمَمِ
بملكِ مصرٍ أُهنِّي مالكَ الأُمَمِ / فاسعدْ وأَبشرْ بنصرِ اللّهِ عن أَمَمِ
أَضحى بعدلكِ شملُ الملكِ مُلتئماً / وهل بعدلكِ شيءٌ غير ملتئمِ
يا فاعلَ الخيرِ عن طبعٍ بلا كلفٍ / ومُولي العرفِ عن خلقٍ بلا سأَمِ
ووامقاً ثلمَ ثغرِ الكفرِ تعجبُهُ / لا لثمَ ثغرٍ شنيبٍ واضحٍ شَبِمِ
للّهِ درُّكَ نورَ الدِّينِ من ملكٍ / بالعزمِ مفتتحٍ بالنَّصرِ مُختتمِ
آثارُ عزمِكَ في الإسلامِ واضحةٌ / وسرُّهُ لكَ بادٍ غيرُ مكتتمِ
بما من العدلِ والإحسانِ تنشرُهُ / تخافُ ربَّكَ خوفَ المذنبِ الأَثم
أَوردتَ مصرَ خيولَ النّصرِ عادمةً / ثنيَ الأَعنّةِ إِقداماً على اللُّجمِ
فأَقبلتْ في سحابٍ من ذوابلها / وقضبها بدماء الهام منسجمِ
تمكّنَ الرُّعبُ في قلبِ العدوِّ بها / تمكُّنَ النّارِ بالإحراقِ في الفحمِ
سَرتْ لتقطعَ ما للكفر من سببٍ / واهٍن وتوصلَ ما للدِّينِ من رحمِ
مستسهلات وعورَ الطُّرقِ في طلبِ ال / علياءِ مقتحمات أَصعبَ القحمِ
وجاعلات من الإفرنجِ غلَّهم / والقيدَ في موضعِ الأَطواقِ والحزمِ
لقد شفتْ غلّةَ الإسلامِ وانتقمتْ / من العدوِّ بحدِّ الصّارمِ الحَذِمِ
أَعانها اللّهُ في إطفاءِ جمرِ أَذىً / من شرِّ شاورَ في الإسلامِ مضطرمِ
وأَصبحت بكَ مصر بعد خيفتها / للأَمنِ والعزِّ والإقبالِ كالحرمِ
والسُّنةُ اتسقتْ والبدعةُ انمحقتْ / وعاودتْ دولةُ الإحسانِ والكرمِ
ملوكها لكَ صاروا أَعبداًن وغدا / بها عبيكَ أَملاكاً ذوي حُرمِ
أَنبتَ عنكَ بها قرماً ينوبُ بها / في البأسِ عن عنترٍ في الجودِ عن هرمِ
للّهِ نورَ الدِّينِ من ملكٍ / عدلٍ لحفظِ أُمرِ الدِّينِ ملتزمِ
كانتْ ولايةُ مصر قبلَ عزَّتِها / بكشفِ دولتها لحماً على وضمِ
فالنيلُ ملتطمٌ جارٍ على خَجَلٍ / جاراً لبحرِ نوالٍ منكَ مُلتطمِ
أُغْزُ الفرنجَ فهذا وقتُ غزوهِمُ / واحطِمْ جموعهمُ بالذَّابلِ الحطِمِ
وطهّرِ القدسَ من رِجْسِ الفرنجِ وثبْ / على البغاثِ وثوبَ الأجدلِ القَطمِ
فملكُ مصر وملكُ الشامِ قد نظما / في عِقْدِ عزٍ من الإسلامِ منتظمِ
محمودٌ الملك الغازي يسوسُهما / بالفضلِ والعدلِ والإفضالِ والنعمِ
بالشُّكرِ كلُّ لسانٍ ناطقٍ أبداً / محمودُّ الملْكُ محمودٌ بكلِّ فمِ
فأشك مصر وأظهر عزّ سنتها / كم تقتضي وغلى كم تشتكي وكمِ
ريمٌ هَضيمٌ يَرومُ هَضْمي
ريمٌ هَضيمٌ يَرومُ هَضْمي / منْ سُقمِ عينيهِ عينُ سقمي
وطرفُهُ في فُتورِ صَبْري / وخضرُهُ في نحولِ جسمي
ما جدَّ في ثَلْمِ ثَغْرِ صَبْري / لو جادَ لي ثغرُهُ بلثمِ
في عارضيهِ طِرازُ حُسْنٍ / بهيُّ نَسْجٍ شَهْيُّ رَقْمِ
ووجهُهُ بالعِذارِ بَدْرٌ / أُحيطَ منْ هَالةٍ بتمِّ
وردُ حياءٍ ومسْكُ خَطٍ / ينمُّ هذا وذاك يُنْمي
قد نُقِّطَتْ شمسُ وجنتيهِ / للحُسْنِ مِنْ خالهِ بنجمِ
واهي مناطِ الوشاحِ حُلَّتْ / فيه بوَجْدي عُقودُ عَزْمي
نطَاقُه في القياسِ نُطْقٌ / وعطْفُهُ جانحٌ لسلْمي
وخُلْقُه جَامحٌ لحربي / وعطْفُهُ جانحٌ لسلْمي
إلامَ ظلماً يصدُّ أَلمْي / صادي قلبيَ عن ريمِ ظَلمِ
لو أطلق الرَّسمَ من وصالي / لم أَبلُ في صدِّه كرسمِ
أفكرتُ في عزِّهِ وذُلّي / فهامَ في الحالتينِ فَهْمي
مِنْ وَهَجِ الوجهِ دمعُ عيني / بذوبِ قلبٍ يهيمُ يَهْمي
إذا غدا الدَّمعُ من وشاتي / فبوحُ سرِّ الهوى بكتمي
إن رُمت يا عاذلي صلاحي / فخلِّني والهوى وزعمي
شاهدْ بعيني الحبيبَ تشهدْ / أًنَّ هواهُ من المهمِّ
لومُكَ يُذكي الغرامَ قلْ لي / أَنت نَصيحي أَم أَنتَ خَصْمي
ولا ساءني واللومُ لومٌ / كلامُ سوءٍ وأَسوُ كلمِ
يا بدرُ بادِرْ بشمس راحٍ / يقشعُ منها غمامُ غمِّ
وانقعْ وُقِيْتَ الأذى أُواماً / لابنِ كريمٍ ببنتِ كَرْمِ
وهُزَّ منّي للأنسِ عِطْفاً / وخصَّ جيش الأسى بهزم
واجعلْ رضاعي جنَى رضابٍ / بفيكَ منه يعزُّ فَطْمي
فريقكَ الحلو عَذْبُ وردٍ / يروي صدى القلب وهو يُظمي
واشفِ غليلي بشًَهْدِ ثَغْرٍ / جناهُ ترياقُ كلِّ سُمِّ
بقدِّك السّاحرِ التّثني / جُدْ ليَ مِنْ غُصْنهِ بضمِّ
بخدِّك الباهرِ التجلِّي / جُدْ ليَ مِنْ وَرهِ بشمِّ
يا حارمي في الوصال حَظِّي / مُوَفِّراً بالفراق قَسْمي
وقاتلي بالصُّدودِ ظُلماً / لا تتقلَّد دمي وإثمي
يا رامياً قوسَهُ بحتفي / موتَرُهُ ما يزال يُصمي
بالعينِ والحاجبينِ تُغني / عن كلِّ قوسٍ وكلِّ سَهمِ
يا حبّذا بالعراق نُعمى / شكرتها في وصالِ نُعمِ
أَرمي بطرفي هوىً إليها / وهي لقلبي باللحظ ترمي
غداةَ مَغْنى حِمَاي حاوي / حُوّ من الغانيات حُمِّ
أيام فوق السَّماء أَمري / وَفْقَ مُرادي وتحت حُكمي
أَيام حلّ دمي المصون ال / حرام في بذلهِ لأُدمِ
أُدمي بلثمي خُدودَ بيضٍ / عيونُهُا للقلوب تُدمي
واجتلي الكأسَ في ندامى / غرٍ من الأكرمين شُمِّ
غدا بنسج الغرام فينا / ينسجُ عَقْلاً لكلِّ فَدْمِ
نسمو / من نفحات الصَّبا لنسمِ
لثم ُرٍ / بين عقيقٍ وفضّ ختمِ
عقود العقول تُلقى / من التصابي بكفِّ فصمِ
ليالي الوصال زهراً / تبدَّلت في النَّوى بُسحمِ
سواد فودي / مذ عقبت بيضها بدُهمِ
يشيبُ في الرأسِ مثلَ نارٍ / توقَّدتْ من خلالِ فحمِ
يزيدُ منّي الهمومَ ذكري / أَيامَ عمرٍ مضينَ قُدمِ
رضتُ طويلاً جُموحَ حظِّي / فلم يلنْ عودُهُ لِعَجمي
ليس يُعادي الزَّمان غيري / كأنَّ فضلي إليهِ جُرمي
أَكظمُ غيظي وليس جدِّي / لغائظاتِ الأمورِ كظمي
أَيا زماني الغشوم أَقصِرْ / إنّكَ لا تستطيعُ غَشْمي
عبدُ الرَّحيمِ الرَّحيم أَضحى / عوني على خَطبِكَ الملمِّ
أَلوذُ منه بذي جَنابٍ / يُلجىء طُرّاقَهُ وينمي
بالسَّيدِ الأروعِ المرجَّى / لكشفِ إزلٍ وكَفِّ أَزمِ
بالفاضلِ الأفضلِ الأجلِّ / المفضَّلِ الأشرفِ الأشمِّ
بحاتمي النَّوالِ سَمْح / ليس يرى الجودَ غيرَ حتم
غيثُ غياثٍ وجودُ جودٍ / وبحرُ علمٍ وطَوْطُ حِلْمِ
ذو أَنَفٍ أَنْفُ كلِّ خطبٍ / يقتادُ من بأسهِ بِخطمِ
زكاءُ نجرٍ ورحبُ صدرٍ / وطولُ باعٍ وطيبُ جِذْمِ
ومُزْنُ مَنٍ ووجهُ مَنْحٍ / غيرُ جَهامٍ وغيرُ جهمِ
محاسَنا الرأي منه عَدْلاً / كلَّ ظلاَّمٍ وكلَّ ظُلم
المنعمُ المستحقُّ منِّي / جميع شكري ببعضِ شكمِ
وما بنى المجدَ مثلُ مولىً / خصَّ النَّدَى مالَهُ بهزمِ
ذو محتدٍ في النِّجار زاكٍ / وسؤددٍ في الفخار ضخمِ
نُعماهُ تُرجى لكفِّ بؤسٍ / وفكِّ أَسرٍ وجَبرِ يُتمِ
يراعُهُ في اليمينِ منه / تستخرجُ الدُّرَّ من خضمِّ
فهو حسامٌ لم يبقِ داءً / إلاَّ وقد خصَّهُ بحسمِ
وحدُّهُ حصَّ كلَّ حَصدٍ / من كلِّ ما نائبٍ بثلمِ
يُروّضُ الطِّرسُ منه مُزجى / سُحبٍ من المكرماتِ سُحمِ
سطورُهُ للعُلَى نجومٌ / تخفضُ في أَوجها وتسمي
إنْ جاءَ عافٍ فنجمُ سَعدٍ / أَو جاءَ عَاتٍ فنجمُ رجمِ
أَقلامُهُ خاطبتْ خُطوباً / من ظفرها ظفرتْ بقلمِ
كم عقدتْ راية لرأْيٍ / مؤيد عزمه بحزمِ
والسَّمعُ والصلبُ للأَعادي / ما بينَ وقرٍ بها ووقم
له يدٌ للوليِّ منها / ولي وليٌّ ووَسْمُ وسمي
ما وابلٌ منجمُ الغوادي / بكلِّ سهلٍ وكلِّ حَزْمِ
هام ربابٌ بالوشي منه / هامَ الرُّبى في بديعِ وَشْمِ
يحوكُ نسج الرَّبيعِ فيه / نَمارقَ الزّهرِ فوقَ أكم
أَغزرَ من جودهِ وفصحٍ / في العجزِ عن وَصْفهِ لبكمِ
مولايَ حالي كما تراهُ / في نَقْصِ حَظٍّ وَفضْلِ هَمِّ
لم يقضِ ديني وكلَّ يومٍ / غريمُ دهري يزيدُ عزمي
أَهلي مقيمونَ من دمشقٍ / في بلدةٍ نارها بلجمِ
قد طالَ ذيلٌ بهم فطوِّل / طُولاً بجاهي العريضِ كمِّي
أَصبحتُ في مصرَ ذا رجاءٍ / إلى النّدَى الجمِّ منكَ جمِّ
أَصابَ قصدي وتمَّ أَمري / وبانَ نُجحي وفازَ أَمي
وإنّني قد وجدتُ وَجْدي / منكَ كما قد عدمتُ عُدمي
نَعَشْتَني من عثْارِ دَهْري / فَحُزْتَ حَمْدي وَحَازَ ذمِّي
عندي مواعيدُ للمعالي / يَمْطُلُ دهري بها بزُغْمي
نتيجةُ النُّجحِ منكَ يقضي / أَنَّ المواعيدَ غير عُقمِ
وِلي مُنى كلّها أَراهُ / منكَ على خبرةٍ وعلمِ
قضاءُ دَيْني ونَيْلُ سُولي / وَحفْظُ جاهي وجريُ رسمي
وَصنيعةٌ لا يضيعُ فيها / عَزْمي كما لا يفوتُ غُنْمي
وحرمةٌ تستنيرُ منها / سعودُ قَدْري في أُفقِ عُظْمِ
يَممتُ أَمّاً ولستُ أَرضى / تيّمماً في جَنابِ يَمِّ
لِمْ أَمَلي لم يزَنْ بنُجحٍ / لِمْ شَعَثي لم يُعَنْ بلَمِّ
رُمْ رَمَّ أَمري وحلِّ حالي / ما كَرَمٌ في الورى كَرَمَّي
رُثَّ ثرائي بكلِّ طَرْزٍ / وغُثَّ جاهي بغيرِ شحْمِ
مُضارعُ الفعلِ حظُّ فضلي / وعائقُ الصَّرفِ حرفُ جَزْمِ
نَاهيكَ من مُخوِلٍ مُعمِ / يَحنو على المُخولِ المُعمِ
كلُّ عدوٍّ شَناكَ يَلْقى / في الناسِ طَمْسَ اسمه كطسمِ
شَمْلُ العدا والعروضُ منهم / ما بينَ شتٍّ وبينَ شَتمِ
ونلْتَ عزّاً بغيرِ صَرْفٍ / وَوَصْلَ مُلْكٍ بغيرِ صُدْم
تَمَلَّها فهي بكْرُ فكري / شَهيةٌ من نِتَاجِ شَهْمِ
حَدَوْتُ عيْسي بها فجاءتْ / شَقْشَقةً من هَديرِ قَرْمِ
بحركَ طامي والعباب فاغسل / طمي في نظمها ورمي
لي خاطرٌ مُجبلٌ لهمِّي / فَنَحتُهُ من صَفاً أَصمِّ
أَقدَمَ رَغباً فحامَ رُعباً / لقدرِ فخرٍ لديكَ فَخمِ
إليكَ يا كعبة المعالي / حَجَّ حجاهُ بلُطفِ حَجم
أَجْرِ على الوهم عُظْم شاني / واجبرْ على الوَهنِ عظمَ نظمي
بصفحةِ الصَّفحِ منكَ يبدو / جِرْمُ قصوري بغيرِ جُرْمِ
باسمكَ للشكر باسماتٌ / مِنّي مُنىً سُقتُهنَّ باسمي
أَقبلْ وأَفضلْ عليَّ وافضل / عُرْبَ معانٍ لديَ عُجمِ
ما دمتَ عوني فليس يَغدُو / جميلُ رَسْمي قبيحَ وَصمِ
يوماً بجيٍّ ويوماً في دمشق وبال
يوماً بجيٍّ ويوماً في دمشق وبال / فسطاط يوماً ويوماً بالعراقينِ
كأنَّ جسمي وقلبي الصبّ ما خلقا / إلاّ ليقتسما بالشَّوقِ والبينِ
أَهْدَى النّسيمُ لنا رَيّا الرَّياحينِ
أَهْدَى النّسيمُ لنا رَيّا الرَّياحينِ / أَمْ طيبَ أَخلاق جيراني بجيرونِ
هَبّتْ لنا نَفْحةٌ في جلِّقٍ سَحَراً / باحَتْ بسرٍ من الفرودوسِ مكنونِ
وفاحَ بالعَرْفِ من أَرجائها أَرَجٌ / نالَ المسرَّةَ منه كلُّ مَحزونِ
هَبتْ تُنبِّهُ أَطرافي وتَبعَثُها / منّي وتوجبُ للتهويم تهويني
وما دَرَينا أَداريا لنا أَرَجَتْ / أم دارَ في دارنا عطّارُ دارِينِ
نَسْري ونرتاحُ الاستنشاء رائحةٍ / هَبّتْ سُحَيراً على وَرْدٍ ونسرينِ
ورُبَّ همٍ فقدناهُ بربوتها / ورُبَّ قلبٍ أَصَبْناهُ بقُلْبينِ
لولا جسارَةُ قلبي ما ثبتُّ على ال / عُبُورِ من طَرَبٍ في جِسرِ جسرين
دمشقُ عنديَ لا تُحصَى فضائلُها / عَدّاً وحَصْراً ويُحْصَى رَمْلُ يَبْرينِ
وما أَرى بلدةً أُخرى تُماثِلُها / في الحُسْنِ من مصرَ حتى مُنْتَهى الصِّينِ
في كلِّ قُطرٍ بها وَكْرٌ لِمُنكَسرٍ / ومسكنٌ غيرُ مَمْلولٍ لِمسكينِ
وإنَّ مَنْ باعَ كلَّ العُمرِ مُقْتَنعاً / بساعةٍ في ذَراها غيرُ مَغْبونِ
لمّا عَلَتْ همّتي صَيَّرتُها وطني / وليس يقنعُ غيرُ الدُّونِ بالدُّونِ
يُصيْبكَ مَيْطُورُها طوراً ونَيْرَبُها / طوراً وتُوليك إحساناً بتحسينِ
ترى جواسِقَهَا في الجوِّ شاهقةً / كأَنّهنَّ قُصورٌ للسَّلاطينِ
دارُ النّعيمِ ومنْ أَدنى محاسِنها / ثمارُ تموُّز في أَيامِ كانونِ
نعيمُها غيرُ ممنوعٍ لساكنها / كالخُلْدِ والمَنُّ فيها غيرُ ممنونِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025