القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ظافِر الحَدّاد الكل
المجموع : 60
أَمرتَنى بركوبِ البحرِ مُرْتَئِيا
أَمرتَنى بركوبِ البحرِ مُرْتَئِيا / فغُرَّ غيريَ واخْصُصْه بذا الرَّاءِ
ما أنت نوح فتُنْجِينى سَفينتُه / ولا المسيحُ أنا أمشِى على الماء
انظُرْ إلى الفحم في الكانون حين بَدا
انظُرْ إلى الفحم في الكانون حين بَدا / سوادُه فوق مُحْمَرٍّ من اللَّهَبِ
تَخالُ ما لاحَ من حُسْنِ اجتماعِهما / لمْحامن البرقِ في جَوْنٍ من السُّحُب
أو عِمّةً من حِدادٍ لم تَعُمَّ ولم / تَسْتُر قَلَنْسُوةَ حَمْرا من الذَّهب
هَلِّلْ فهذا هلالُ العيدِ عاد بما
هَلِّلْ فهذا هلالُ العيدِ عاد بما / قد كنتَ تَعْبدُ من لهوٍ ومن طَرَبِ
يلوح في الأفُق الغربي في شَفق / كالنون خُطَّتْ على لوحٍ من الذهب
أو ما يُجدِّد أصل الظفر حين بدا / نُصولُ حِنّائِه من كَفِّ مختضِب
أو حَلْقه من لُجَينٍ ذابَ أكثرُها / لما تَغافَل مُلْقيها على اللهب
قُلْ للذي فارَق الشَّبابا
قُلْ للذي فارَق الشَّبابا / واسْتَبدل القَصَّ وَالخِضابا
وقَعتَ لا شكَّ في عيوبٍ / لما توهمتَ أن تُعابا
عَوَّضك الله من غرابٍ / بازا فلِمْ تؤْثِر الغُرابا
في أصلِ لون المشيب شك / كيف إذا زال واسْتَتابا
أَعْجِبْ بحاليه حين أَضْحَى / مُجانِبا فيهما الصوابا
طاوَع شيطانَه فَتيًّا / وحارَب اللهَ حين شابا
الفَضْلُ فَضْلانِ فضلُ المرءِ بالأَدَبِ
الفَضْلُ فَضْلانِ فضلُ المرءِ بالأَدَبِ / مُقدَّما وَيليه الفضلُ بالنَّسبِ
ففَضْلُ ذي أدَبٍ يُغْنيه عن نسبٍ / وليس ذو نَسَبٍ غانٍ عن الأدب
كنِ ابنَ مَنْ شِئْتَ وَاكسَبْ فضلَ معرفةٍ / يُغْنِيك عن فَضْلِ أُمٍّ كَسْبُه وأَبِ
ولا يَغُرُّك إنْ بارتْ بَضائُعه / فالعلمُ في سائرِ الأَحْوابِ لم يَخِب
فالعزُّ بالجهلِ يَجْنِى سوءَ عاقبةٍ / والذلُّ بالعلمِ يَجْنِى حُسْنَ مُنْقَلَب
هل لي إلى الثَّغْرِ من عَوْدٍ ومُنْقَلَبِ
هل لي إلى الثَّغْرِ من عَوْدٍ ومُنْقَلَبِ / فالعيشُ منذ رحيلي عنه لم يَطِبِ
تُرَى أزور القصور البيضَ ثانيةً / بالرملِ بين غصونِ التّين والعنب
وفوقَنا شاهِقاتُ الكَرْم أَخْبِيةٌ / من حولها قُضُب الأغصان كالطُّنُب
وللنسيمِ العَليل الرَّطْبِ وَسْوَسةٌ / فيهن كالسِّرِّبين الرِّفْق والصَّخَب
والوُرْقُ في خَلل الأَوْراقِ مُسْمِعةٌ / طَوْرا غِناءٍ وطورا نَوْحَ مُنتحِب
والروضُ ينشُر مِنْ نُوّاره حُلَلا / مما تَحُوك يدُ الأَنْواءِ والسُّحب
والأُقْحوانُة تحِكى ثغرَ غانيةٍ / تَبسَّمت فيه من عُجْب ومن عَجَبِ
في القَدِّ والثغرِ والريقِ الشَّهِيِّ وطِي / ب الرِّيحِ واللون والتَّفْلِيج والشَّنَبِ
كشَمْسةٍ من لُجَينٍ في زَبَرْ جَدةٍ / قد أَشْرَقَتْ تحتَ مسمارٍ من الذهبِ
وللشَّقائقِ جَمْرٌ في جَوانِبها / بقيةُ الفحمِ لم تَسْتُره باللهب
وللبَهار دَنانيرٌ منمّقةٌ / سْبكُ الغُيوثِ بنارِ الشمسِ في العُشُب
والماءُ تَكْسوه أنفاسُ الصَّبا زَرَدا / ينفك مسروده من لمسِ مُسْتلِب
في فتيةٍ كلما دارتْ مذاكرةٌ / ما بيننا فُضَّ عقد الفَضْل والأدب
يا بَلْدَتي إنْ يَغِب مَغْناك عن نظري / فإنه في سَوادِ القلب لم يَغِب
واهاً على ذلك العيشِ الذي ذهبَتْ / أيامه فيك بين اللهو والطرَب
وللشَّبيبةِ شيطانٌ يُساعِدني / على الهوى ويُواتِيني على أَرَبى
فإنْ دَعاني الهوى لَبيَّتُ دعْوتَه / وإن دعاني لسانُ العَتْب لم أُجِب
أجرُّ ذيلَ غرامي غيرَ مكترِثٍ / بالحادثاتِ ولا باكٍ على النُّوَب
أَمِسى وأُصبِح طَوْرا في بُلَهْنِية / حولَ المَسَّراتِ فيها جُلُّ مُكْتَسَبي
لعبتُ بالزمنِ الماضي فخَلَّفني / من بعده في زمانٍ ظلَّ يلعب بي
هذا بذاك فطبعُ الدهرِ مختلف / لا بد من راحةٍ فيه ومن تعب
لكنْ تَعوَّضتُ بالشيخ الأجلِّ أبى / محمدٍ خيرَ أَوْطانٍ وخيرَ أَبِ
فرعٌ مُنيفٌ أُسامِيُّ له ثَمَر / من جودِه تَجْتنيه الكفُّ من كَثَب
إنْ كن للفضلِ عينٌ فهْو ناظِرُها / أو نسبةٌ فإليه أقربُ النَّسَب
أعطَى الجزيلَ بلا مَنٍّ ولا عِدَةٍ / ولا سؤالٍ فأَغْنَى الناسَ عن طَلَبِ
وجادَ بالجاهِ حتى إنّ سائَله / لو رام ردَّ شَتاتٍ فات لم يَخِبِ
تهزّه أَرْيَحيَّاتُ النَّدَى كرما / هزَّ الفوارِس أطرافِ القَنا السَّلَب
يُبْدي حَياءٍ مُحَيَّاهُ وراحتهُ / حَياً موافِد سيلٍ جاء من صَبَب
خِرْقٌ إذا قِسْتَه بالناس في كرم / وهمةٍ قِسْتَ لُجَّ البحر بالقُلُب
إن شئت أن تبصر الناس الأُلى جمعوا / من الفضائل من عُجْم ومن عَرَب
فالكلُّ في بعضِ جزءٍ من محاسنه / بغير عيبٍ فقد شابوا ولم يَشِبِ
ما زال جامعَ أوصافِ الكمال فلو / لم يَحوِها ما حوَتْها كفُّ مكتسِبِ
يا ساحلَ الثَّغرِ كم لي فيكَ من أَربِ
يا ساحلَ الثَّغرِ كم لي فيكَ من أَربِ / ومن سرورٍ ومن عَهْدٍ ومن طَرَبِ
ومن حبيبٍ أَرانِي فيكَ مَنظرُه / رَوْضا من الْحُسْنِ في روضٍ من الأدبِ
ومن أصيلٍ كأنّ الماءَ فيكَ به / ذَوْبُ اللُّجَين عَلاهُ ذائبُ الذهبِ
ومن حديثٍ يَسُرُّ النفسَ مَوْقعُه / كأنما اشْتُقَّ من صِرفِ ابْنِة العِنَب
قد كان في رَدِّ ماضِي العيشِ فيك لنا / بعضُ الرجاءِ لوَ أنيِّ كنتُ لم أَشِب
ولو أعادتْ ليَ الأيامُ ما أَخذتْ / مع المشيبِ الذي أَبقَتْه لم يَطِب
فالشيبُ أولُ موتِ المرءِ منه إذا / بَدا به كدَبيبِ النارِ في الحَطَب
يا ثغرَ لَهْوِى وثَغراً كنتُ أَرشفُه / بُكاىَ من كلِّ ثَغرٍ ظلَّ يلعبُ بي
بَعدْتما ودَنا مني فهلْ سببٌ / يُدنيكما وهْو مني غيرُ مُقْترِب
قد كنتُ أعجِزُ عن حَمْلِى طَليعتَه / فكيف حالي بَحْملِ الْجَحْفلِ اللَّجِب
يا ساحلَ الثَّغْرِ كم أَنْأَى وأغْترِبُ
يا ساحلَ الثَّغْرِ كم أَنْأَى وأغْترِبُ / أما إليكَ مَدى الأيامِ مُنقَلَبُ
ويا أوائلَ أيامِ الشبابِ به / هل لي إليكنّ فيه ساعةً سَبَبُ
واللهِ ما اخترتُ مِصْرا عنكَ عن مِقَةٍ / وإنْ غَدا العيشُ لِي فيها كما يَجِبُ
ولو جَرى نيلُها لي فضةً وغَدا / سفحُ المُقطَّم منها وهو لي ذهَب
ما اخْترتُها عِوضَا ممن نشأتُ بها / ولا شفَى ليَ منها غُلَّةً أَرَبُ
جار الزمانُ على شَمْلي ولا عجبٌ / من ذلك الْجَوْرِ بل إنْصافه عَجَب
لكنْ إذا أكَّدَ المِقدارُ عُقْدتَه / فكلُّ حلٍّ إذا حاولَته تعب
لا تَفْرَحنَّ إذا أعطاكَ من عُرُضٍ / فإن بعض عَطاياهُ له سَبَب
سَلِّمْ إذا كان ما لابُدَّ منه فما / يُنجِيك من كونه حِرْصٌ ولا هَرَب
الحبُّ مُذْ كان معنىً يَصْحَب الأَدَبا
الحبُّ مُذْ كان معنىً يَصْحَب الأَدَبا / فإنْ تغزلتَ في مدحٍ فلا عَجَبا
وأحسنُ الشعرِ ما أَضْحَى تَغزُّلُه / إلى المَدائحِ في إنشادِه سَببَا
والفهم كالنارِ والتَّشْبيبُ إنْ خَمَدتْ / يَشُبُّها بلَطِيفَىْ فكرةٍ وصَبَا
كم فكرةٍ أَنْتَجَتْ معنىً لمُلتهِب / بالشوق لو رامَه في غيرِه عَزَبا
وحكمةُ العَربِ الماضِين كامِنةٌ / في الشعرِ فليَقْفُ من يُعْنَى به العربا
فهل تَعاطاهُ فَحْلٌ في فَصاحتِه / إلا بكى سَكَنا أو ناح أو نَدَبا
والشعرُ تَلْقينُ شيطانِ الغَرام فلا / يُمْلِي غَرائبَه إلا لمن نَسَبا
إلا مَائحَ شاهِنْشاهَ لا بَرِحتْ / تُشرِّف اللفظَ والمعنى إذا اصطحبا
جَلَّت مَحاسِنُها عما تُضافُ له / مُستغنِيات عن المُثْنِى وإنْ دَرِبا
لو لم تجد شاعرا في الأرض يَنْظِمها / عجزا لأَنْشَد فيها الحقُّ واخْتَطبا
حَكتْ لنا العيشَ في أيامِ دولِته / لِطيبِه كلما كَرَّرْتَه عَذُبا
تَصَرَّفتْ في لُهاهُ الْخَلْقُ جائلةً / في الأرض تملأ قُطْرَيْها بما رَحُبا
كم قَدْرُ ما قيل فيها وهْي في شرفٍ / وكثرةٍ وارتفاع فاقتِ الشُّهبُا
فنَفْسُه حيثُ حَلَّتْ في تَفرُّدِها / يَحْوىٍ بها كلُّ قطرٍ عَسْكراً لجِبَا
وكلُّ شيءٍ نَفيسٍ من مَواهِبه / والأرضُ والْخَلْق طُرًّا بعضُ ما كَسبا
أَعْطَى المَدائنَ والْجَمَّ الهَجائنَ وال / جُرْدَ الصَّواهلَ لما استَنْفَذ الذَّهبا
فليس يتركُ صوتُ المُسْتَميحِ له / ما لا على عُظْمِ ما يَحْوِي ولا نَشَبا
صِفْ عنه ما شئتَ مِن مدحٍ ومن كرمٍ / وهيبةٍ وافتخارٍ تَأمَنِ الكذبا
ذو همةٍ لو يُلَقَّى بعضَ ما حَمَلت / طَوْدٌ من الشْمِّ أَدْنَى ساعةٍ نُكِبا
ذو همةٍ لو تَلاها البرقُ وانيةً / لاستعجزَتْه على إسراعِه وكبا
ما دتْ بنا الأرضُ لا / أدري هل اضطربَت
من عَدْلِه طَرَبا أو خَوْفِه رَهَبا /
سارتْ له سيرةٌ أَدْنَى مَناقِبها / قد عَطَّر الأرضَ والأفواهَ والكُتبا
تَضَمَّنتْ غَزواتٍ كلما ضحك ال / إسلامُ عنهنّ ناحَ الكفرُ وانْتَحَبا
أرضَى المَساجَد والزُّهّادَ عنه ألا / للهِ ما أَسْخطَ الرُّهبانَ والصُّلُبا
وللأَذانِ سرورٌ في مَواطِنِه / تُبدِي النَّواقْيسُ منه الوَيْلَ والْحَرَبا
ضَمِّرْ خيولكَ للنصرِ التي وُعِدتْ / وَثَقِّفِ السُّمْرَ حَزْما وارْهَف القُضُبا
أَبشِرْ فعاداتُ وفدِ النصرِ قادمةٌ / كالِهيمِ من بعدِ خَمْسٍ وافتِ القَرَبا
واسْفِكْ دما في طُلَى الأَعداءِ منتظِرا / فلو أشارتْ له أَسيافُك وانْسَكبا
يا أَفضلَ الناسِ أَفْعالا وتسميةً / وأعدلَ الخَلْق نفساً حُرّة وأَبا
لم يَعْدَم الملكُ نَصْرا من سيوفكما / فيما نأَى من قديم الدهرِ أو قَرُبا
أما أبوك الذي رَدَّت عَزائُمه / للملك فيما مضى الحقَّ الذي اغتُصِبا
وأَمَّن الأرضَ بالخوفِ الذي نَهَبتْ / أَدْنَى سَراياهُ فيها أَمْنَ مَنْ نَهَبا
وبعدَها لو نَهَيْتَ الحُوتَ في لُجَجٍ / عن شُرْبِه دام ظَمْآنا ولو شَرِبا
والريحَ في الجو لا تجرِي ولو عَصَفتْ / إلا بما تبتغِيه شَمْأَلا وصَبَا
والليثَ في البِيدِ يُغْضي عن فَريسته / خوفاً ولو نازعَتْه قوة اجتَنَبَا
لولاك ما غَمّضتْ عينُ امرىءٍ فَرَقا / ولا لَقِى هُدُبٌ من جَفْنِها هُدُبا
لا قَلَّصَ الله ظِلاّ أنتَ باسطُه / ولا سحابَ نَوالٍ منك مُنسحِبا
فالناسُ في بركاتٍ أنتَ مَوْرِدُها / كادت لها كلُّ نفسٍ تَأْمنُ السُّحُبا
دليلُ يُمْنِكَ أنّ النيلَ في نَسَقٍ / وافٍ به مُذْ كَفانا سَعْدُك النُّوَبا
ما دولةٌ سَلَفتْ إلا وكان بها / نقصٌ من النيلِ يُفنى أهلَها سَغَبا
حتى وَليتَ فما في الأرضِ مرتفعٌ / حتى ارْتَوَى وهْو في الطُّوفانِ ما شَرِبا
وهذه في مَعانٍ قد سبقتَ لها / من كان قبلَك أو فاسْتَخْبِرِ الحِقَبا
كم رام قبلَك في الماضين من ملك / هذا فلم تَقْضِ منه نفسُه أَرَبا
تَهَنَّ ذاك وهذا الشهرَ مبتدِئا / فما يخصُّ هَنائي وحدَه رَجَبا
ما ثَلثَ نِيلَك نَيْلا ثم شهرَك ذا / فضلاً وكلٌّ يُوافِى خائراً تَعبا
لكل شهرٍ ونهرٍ بعضُ منزلةٍ / مما حويتَ من الفَضْلَيْن إنْ نُسِبا
يا أوْحدَ الفضلِ قد كَثَّرتَ منفرِدا / ويا غَريبَ العُلَى عَرَّفْتَ مغترِبا
وهبتَني فوهبتُ الناسَ عن سعةٍ / يا واهبا يَهَب الموهوبَ أن يَهبَا
كم قَدْرُ شكرِي وإن سارتَ مواكبُه / حتى يُخفِّفَ عني بعضَ ما يجبا
فلو أَعانَ لساني كلُّ ذي كَلِمٍ / في شُكْرِ أَيْسَرِ ما أَوْليتَني غُلبا
لكنَّني سوفَ أُبدي جهدَ مقدرتي / إنْ لم تَطِر بجوادٍ أَربعٌ وكَبا
يا ما نعَ الناس لما جُدْتَ عن كرمٍ / صَعَّبتَ ما هانَ إذ هَوَّنتَ ما صَعُبا
لقد تَطوَّلتَ حتى طُلْتَ عن شَبَهٍ / مَهْلا فجودُك مُعْطٍ مثلَ ما سلبا
لا زال عُمْرُك كالأفلاكِ دائرةً / يكررُ الدهرُ منه كلَّ ما ذهبا
يا صاحِ أينَ مضى قلبي فأطْلُبه
يا صاحِ أينَ مضى قلبي فأطْلُبه / قد غاب مُذْ غاب عن عيني وأندُبه
قد كنتُ أَندُب قلبي بعد ساكنه / فصرت أندب أحبابي وأنُدبه
قد كنتُ حَذَّرتُه من فِعْلِ غادرةٍ / فذاقَ ما كنتُ أخشاه وأَحسَبه
عجبتُ كيف ضلوعي منه خاليةٌ / لكنَّها ما خَلا منها تَلهُّبُه
هو الذي غايةُ الأهوالِ أَهْوَنُه / صعوبةً وأَمَرُّ الصَّابِ أَعْذَبُه
بالرغمِ ما كابدَتْ بعد النَّوَى كَبِدى / وبالضرورة من قلبي تَقُّلبه
قد مَلَّني الليلُ مما بِتُّ أَسْهَرُه / ورَقَّ لي النجمُ مما بتّ أرقُبه
قد شِبْتُ في طولِ هذا الليلِ من أَسفٍ / أَمَا يَلوح له صبحٌ يُشيِّبه
كأنما الليلُ يُغْشى الصبحَ مَغْرِبه / فكلَّما هَمَّ أَنْ ينشقّ يَشْعبُه
أو النجومُ عِطاشٌ وهْوَ مَوْرِدُهم / فكلَّما فاض نورٌ منه تَشْربه
تُرَى يزولُ بِعادٌ صار يُبعِده / عني ويَرجِع لي قُرْبٌ يُقرِّبه
للهِ دَرُّ لَيالٍ كُنَّ من قِصَرٍ / يأتي أَوائُلها بالصُّبْحِ يَجْنُبه
وما تَغنَّت حَماماتُ العَشىِّ لنا / إلا وجاوَبها في الصُّبْحِ مُطْرِبهُ
وللصَّبا خَلَلَ الأغصانِ وَسْوَسةٌ / كالصَّبِّ للحِبِّ يشكوه ويُعْتِبه
والروضُ يَبْعَثُ مِسْكا من نَوافِجِه / والطَّلُّ يَفْتُقه والريح تَجْلبِه
وقد تَبسَّم نَوْرٌ من كَمائِمه / فَلاحَ فِضيُّه الزاهي ومُذْهَبه
وقد تَبدَّتْ دنانيرُ البَهار على ال / كثبانِ تُطْرِف رائيها وتُعْجِبه
صفرٌ كناظِرَتَيْ ليثٍ تَكنَّفَه / ليلٌ وقد حان من صيدٍ تَوثُّبه
وللشَّقيقِ احمرارٌ حين أَخْجَله / ضَحْكُ الأَقاحيِّ حتى كاد يُغْضِبه
كَوَجْنةِ التَّرِف المعشوقِ نَقَّطها / بالنَّقْشِ فارتاع أنْ يدرِي مُؤَدِّبه
والغصن يرقُص والدُّولاب زامِرهُ / وللضفادعِ إيقاعٌ تُرتِّبه
والماءُ قد عَبِثتْ كفُّ النسيمِ به / كسيفِ مرتعِشٍ أَضْحَى يجرِّبه
والليلُ زَنجيةٌ وَلَّتْ وقد نَشَرتْ / من شعرها وافرَ الفَرْعين تَسْحَبه
والبدرُ في الأفُق الغربيِّ متسقا / والغيمُ يكسوه جلبابا ويسلبه
كخدِّ محبوبةٍ تبدو لعاشِقها / فإنْ بَدا لَهما واشٍ تُنَقِّبُه
وأقبل الصبحُ كالسلطان في بَهَج / يُدْلِي على الجوِّ أنوارا تُجَلْبِبه
كأنه غُرَّة المُختارِ حين بَدا / يَحُفُّه في جيوش النصرِ مَوْكِبُه
عيني التي ظَلمتْ قلبي بما جَلَبت / له وأظلمُ من عيني مُؤنِّبه
يا عاذِلي أين سَمْعي منك وهْو إذا / تَبيَّن الرُّشْدَ من لومٍ يُكذِّبه
يَعي بقيةَ سِرٍّ كان أَوْدَعه / عندَ الغرامِ نَقىُّ الثَّغْرِ اَشْنَبُه
فعافَ كلَّ كلامٍ بعد مَنْطِقِه / وزاد عن لفظِ من يَلْحَى تَجنُّبه
لو لاح بابُ خَلاصِى كنتُ أدخلُه / أو ذلَّ ظهرُ جوادِي كنت أركبه
فالدهرُ يُسْرِع في عالي أوامرِه / والسعدُ يَتْبَعُه والعزُّ يَحْجُبه
مَلْكٌ تُطيع العَوالي أمَره أبدا / فالسيفُ والدهرُ يَخْشاه ويَرْهَبه
فالرمحُ يهتزُّ تِيها حينَ يَرْكُزه / ويزدَهي الطِّرْفُ عُجبا حينَ يَرْكبه
فذا على قمم الأبطالِ يَرْكُضه / وذاك من مُهَج الأٌقرانِ يَخْضِبه
نَجابَةٌ من نَجيب الدولة اجتمعَتْ / فليس يَعْدم تَصْديقا مُلَقِّبه
ذو راحةٍ عُرِفت بالعُرْف لو لَمَسَتْ / صخرا لأَثْمَر عند اللمسِ أَصْلَبه
عَجِبتُ منها وما الإمساك عادتها / فكيف تَحْوى عِنانا حين تَجْذبه
فالنيلُ والبحر من جَدْواه في خَجَل / والسُّحْب تَحْقِر ما تَهْمِي وتَسْكُبه
ولو رأى حاتمُ الطائيُّ أَيْسَرَ ما / يُعْطِي لأيقنَ أنَّ الشُّحَّ مَذْهبُه
ول وُصفتَ لقُسٍّ كنتَ تُفْحِمه / ولو ذُكرتَ لعَمرٍ وكنتَ تُرْعِبه
أَضَحَتْ بعَدْلِك أرضُ الشرق مُشْرِقةً / ثم انْجلى عن ظلامِ الليل غَيْهَبُه
فكلُّ طالبِ بَغْىٍ منك في حَرَجٍ / أجَلُّ عفوِك عنه حين تَصْلُبه
فللمُؤِالفِ إنعامٌ يقابلُه / وللمُخالفِ سَيَّافٌ يُعَصبِّه
وسار خوفُك في بَدْوٍ وفي حَضَرٍ / فلم تَدَعْ منهما من لا تُهذِّبه
حتى انتهى عن ضعيفِ الوحش أَغْلَبُها / ونام في أُجُمِ الآسادِ رَبْرَبه
بمن نُشبِّه في الدنيا فَضائَلك ال / عُليا فنُدْنِيه منها أو فنَنْسُبه
وما تركتُ بلادي معْ رَغيبتها / إلا وجودُك بالإحسانِ يوجِبُه
هذا على أنّ شعري غيرُ مبتَذَلٍ / فيمن سواك ولو أَضْحى يُرغِّبه
لي همّةٌ تهجر المرعى الدَّنىَّ على خِصْبٍ / وتأتي العُلَى لو لاح أَجْدَبه
وقد قَصدتُك والدنيا ومَن جَمَعتْ / كلٌّ يُسدِّد رأيي بل يُصوِّبه
فاخطُب وصَلِّ وعَيِّدْ راقيا رُتَبا / يُضْنِي حَسودَك مَرآها ويُكْرِبه
لا زلتَ تبقَى جمالاً للوَرَى أبدا / ما أصبح الدهرُ يُدْنِيه ويُقْربِه
انظرْ إلى المجلس الأعلى وما جَمَعت
انظرْ إلى المجلس الأعلى وما جَمَعت / فيه سعادةُ مولانا من المُلَح
جاءتْ به حِكَم الصُّنّاعِ معجزةَ ال / دنيا فأصبحَ فيها خير مُقتَرَح
له بياضٌ يغُضّ الطَّرْفَ لامعُه / فالعينُ تَلْحَظ منه الْحُسنَ في المَلَحِ
كأنه خَلَلَ الأشجارِ لؤلؤةٌ / نَظْمُ الزُّمردِ فيها غير منفسحِ
كأنما النهرُ فيه سيفُ مرتِعشٍ / يَرومه بين مقبوضٍ ومُطَّرَح
يُلقى إلى البركة الغَنّاء فائضَه / ماءً يشفُّ شَفيفَ الخمر في القَدح
حَكَتْ سماءً ولونُ الزَّهرِ يَشملُها / قوسُ الغَمام الذي يُنْمَى إلى قُزَح
لا سِيَّما كلما هبَّ النسيمُ بها / وغَنَّتِ الطيرُ في الآصالِ والصُّبُح
رقَّت فراقتْ وفاضت بالزُّلال كما / فاضتْ يدُ الملكِ المنصورِ بالمِنَح
الله يُبْقيه للدنيا فدولتُه / للجود والعز والإنصاف والفَرح
وليلةٍ باتَ فيها البدرُ يَفضحُني
وليلةٍ باتَ فيها البدرُ يَفضحُني / غيظا على قَمري إذ بات يَفْضَحُهُ
وقد تَكاملَ في أعلى مَطالِعِه / عَساهُ يَسرِق معنىً منه يَرْبَحه
والروضُ يُبدِي إلينا من سَرَائرِه / معنى يَدِقّ ولفظُ الريحِ يَشْرَحه
وكلما نَفَحْتنا من أَزاهرِه / رَياّ فمِنّا نسيمُ المسكِ يَنْفَحه
وقد تَناهَى بنا ضِيقُ العِناقِ إلى / حَدٍّ كمُنطبِق الجَفنْينِ أَفْسَحُه
كأنما قَصْدُ قلبينَا لقاؤُهما / دونَ الوَسائطِ من أمرٍ نُصحِّحه
خان الشباب وما وَفَّى بما عَهِدا
خان الشباب وما وَفَّى بما عَهِدا / فلا تَثِقْ بحبيبٍ بعدَه أَبَدا
قد كنتُ أعهد عزمي في أَوامره / فما أبالي أَغيّاً خُضت أم رَشَدا
حتى رأى من جنود الشيب بادرة / وَلَّى وخَلَّفني في إثْرِها وعَدا
فكُلَّما رُمْتُ نَصْرا منه يَخذُلني / وكلما رمتُ تقريباً له بَعُدا
فظلْتُ أَعتب نفسي في محبته / لما رأت كلَّ شيءٍ بعدَه نَكِدا
لو كان هَجُركَ يُبْقيني إلى أَمَدِ
لو كان هَجُركَ يُبْقيني إلى أَمَدِ / لَما عَدِمتُ اصْطِباري عنك أو جَلَدِي
لكنّه ما ارْتَضَى لي ما أُكابِده / حتى رمى الخُلْف بين الروح والجسد
يَكْفيك أنّ غرامي لو أردتُ به / زيادةً فوقَ ما ألقاهُ لم أَجِد
إني أَلَذُّ عذابي في مَسَرَّتها / فيا صبابةُ زِيدي يا غرام قِدِ
يا قاتلِ اللهُ عينيها فكم قَتلتْ / عمدا ولم تَخْشَ من ثارٍ ولا قَوَد
في لحظِها مرضٌ للتِّيهِ تحسَبُه / وَسْنانَ أو كقريبِ العهدِ من رمد
رشيقةٌ يَتَثنَّى قَدُّها هَيَفا / كالخُوطِ مالَ بعطْفَيْه النسيمُ نَدِ
تُريك ليلا على صُبْحٍ على غُصُن / على كثيبٍ كموج البحر مُطَّرِد
ظننتُ أَن شبابي سوف يَعْطِفها / هذِي الشَّبيبةُ قد وَلّت ولم تَعُد
ما بَيَّضتْ لِمَّتي إلا وقد علمتْ / أني أعُدُّ سوادَ الشعر من عُدَدي
لاتحسبي شيبَ رأسي كان من كِبر / لكنَّه فيضُ ما اسْتَوْدعتِ في كبدي
كم مَهْمةٍ جُبْتُ من أجلِ الهوى فَرقا / يكبو لِخيفَتِه الساعي من الرِّعَد
وليلةٍ مثلِ عين الظبي داجيةِ / عَسَفْتُها ونجومُ الصبحِ لم تَقِد
كأن أنجمها في الليلِ زاهرةً / دراهمٌ والثريا كفُّ مُنتِقد
لو هَمَّ مُوِقدُ نارٍ أنْ يَرى يَده / فيها ولو كانتِ الزَّرقاءُ لم يَكَد
وفي يَميني يمين الموتِ مائلةً / في صورة السيف لم تنقصُ ولم تَزد
ماضِي الغِرارَيْن لا تُدْعَى ضَريبتُه / بالعوْد لو أنه أُلْقِى على أُحُد
راوى الجوانبِ ظمآن الحَشا فعلتْ / فيه يدُ القَيْنِ فِعْلَ الأُمِّ بالولد
كأَنما النملُ دبَّتْ فوق صفحتِه / فغادرت أثرا كالسِّرِّ في جَلَدِ
حتى تأملتُ حَيّاً عزَّ ساكنُه / تَحفُّهُ أُسْدُ غابٍ من بني أَسَد
من كلِّ أَرْوَع لا كفٌّ لمِعْصَمِه / سوى الحُسامِ ولا جِلْدٌ سوى الزَّرَد
غَيْرانَ يُكثر سَلَّ السيفِ مُتَّهِما / من ظِنَّةٍ ويبيع النومَ بالسُّهدُ
فجئتُ أُخفِي خِطاءً لو وَطِئت بها / في جانبِ الجلدِ مما خَفَّ لم يَجِد
حتى لثمتُ فتاةَ الحيِّ فانتبهَتْ / ترنو إلىّ بعينَيْ جُؤْذرٍ شَرِد
فسلمت وهي وَلْهَى من مخافِتها / حيرانة تمزج الترحيب بالحَرَد
فظلْتُ اَلْثُمها طورا وأُشْعِرها / فِعْلَ الهوى بي وقد مالتْ على عَضُدي
وقلتُ للقلب لما خاف بادرة / ذا موردٌ عَزَّ أنْ تَعتْاضَهُ فَرِد
فودعتْني وقالت وهْي باكية / إني أخاف عليك الموت إنْ تَعُد
وسرتُ والليلُ قد وَلَّت عَساكُره / والدهرُ يأكل كَفَّيه من الحسد
ما العزمُ إلا ارتكاب الهَولِ فاعْنَ بما / تبغي وجِدَّ إليه غيرَ متئد
كم ذا التهاونُ في هُون الخُمول فقُم / واقْصِد مثالَ المعالي غيرَ مُفتصِد
ونافِرِ الذلَّ أنّ يَغْشاك وافدُه / فما حَمى الغابَ إلا جرأةُ الأَسد
لم تَسْمُ نفسٌ ثناها الذلُّ عن طَلبٍ / وهمةٌ ليس ترقَي في غدٍ فغَدِ
واسْتنبطِ السَّعدَ من مدح السعيد تجِدْ / بحرا يُمِدُّك لا يفنَى مدى الأبد
طاشَتْ سُرورا به الدنيا فوَقَّرها / بحلمه فلذاك الأرضُ لم تَمِد
أَضحَى بفضلك ثغرُ الثغر مبتسما / يزهو من العدل في أثوابه الجُدُد
ثغرٌ تَجمّع خيرُ الأرض فيه كما / جَمعتَ من كلِّ فضلٍ كلَّ منفرِد
ما زلتُ حتى رأيتُ الناسَ كلَّهمُ / في واحدٍ وجميعَ الأرضِ في بلد
هذا الإمام إمامي حاضرٌ بادِي
هذا الإمام إمامي حاضرٌ بادِي / فاليومَ أشرفُ أيامي وأعيادي
هذا مقامٌ سَمَا عن كلِّ مرتبةٍ / تسمو لها في المعالي نفسُ مرتاد
كم لي اُسوِّف آمالي وأَمْطُلها / فاليومَ وَفَّيتها أضعافَ ميعاد
ها غُرَّةُ الآمِر المنصورِ مُشرِقةً / في الدَّست يُبِهجها مدحي وإنشادي
كأنه الشمس لا تخفى محاسنها / عن حاضرٍ من جميع الناس أوباد
أتلو محاسنَه الغُرَّ التي نَظمتْ / دُرَّ الكلامِ وغيري في أبي جاد
خيرُ الخلائفِ من ابناءِ حَيْدَرةٍ / وفاطمٍ أيِّ آباءٍ وأولاد
له على شَرفِ العلياء مرتبةٌ / منيفةٌ ذاتُ أطنابٍ وأوتادِ
عَلْياءُ أُسَّسها آباؤه وبَنى / فيها بغُرِّ الأَيادي فوق أَطْواد
يا بْنَ الأُولَى سَلَفوا من هاشمٍ ولهم / مَدْحٌ يُكرِّره الشّادِي على النادي
كم قَدْرُ مدحي ومدِح الخَلْق فيك وقد / مُدِحْتَ بالوَحْيِ وهْو السابِق البادي
وللصلاةِ كمالٌ وهْو ذِكْركمُ / خِلالَها عندَ إصدارٍ وإيراد
يا عُروةٌ فازِت المُستمسِكون بها / أتَ الشفيعُ وأنت المُرشِد الهادي
لولا هداك وعدلٌ أنت باسطُه / أضحى الورى نَقَدا ما بين آساد
فَخْراً لفُسْطاطِ مصرٍ إذ حللتَ به / مُستوطِنا ولوادي النيلِ مِنْ واد
فَضَحْتُه بالعَطايا ثم تَحْسَبه / جميعَه ليس يُروِى غُلّةَ الصادي
نهرٌ تُنافِسه الدنيا وتَحسده / عليك دِجْلةُ في أَكْنافِ بغداد
لأَنْتَ وارثُ مُلْكِ الأرض قاطبةً / ومُدَّعيهِ سواك الغاصِب العادي
وسوف تُكمِل ما اسْتوجبتَ حَوْزَته / بمُنْزَلِ الوحىِ لا أخبارِ آحاد
بجندِ نَصْرِك فُرسانٍ ملائكةٍ / لا ما يرى الناسُ من خيل وأَجْناد
بها أمدَّ أباك اللهُ في أُحُدٍ / وفي حُنَينٍ وبَدْرٍ أيَّ إمداد
لا بد للشرك من يومٍ تُعيد له / فيه سيوفُك فِعْلَ الريحِ في عاد
ما الشام إلا كماءٍ فوقه شَرَك / والرومُ سِرْب قَطاً جاءتْ لإيراد
وقد أَضرَّ بها مِن دُونِه ظَمأٌ / وحَدُّ سيفِك فيهم أيُّ صَيّاد
بقيتَ يا جُملةَ الفضلِ التي عَظُمتْ / عن أن تُقاسَ بأَمثالٍ وأَنْداد
فأنت للخَلْق روحٌ ظاهِر وبه / يَحْيا ولولاك أضحى رِكَّ أجساد
حَسْبُ العَوافِي بأَنْ أَصبحتَ مُشتمِلا / منها بما فَتَّ في أَعْضاد أَضْداد
حللتَ كالغيثِ يُحيى ما أَلمَّ به / من بعد تقديم إبْراقٍ وإرْعاد
فَكَّت مَسرَّتُها أَسْرَ القلوبِ وقد / تَقلَّبت للأَسى ما بين أَصْفاد
يَهْنِى لقاؤك عيدا جاء مُبتدراً / يسعى له بين تَأويب وإيساد
كي يستفيدَ ثلاثا منك وهْي له / إلى تَصرُّم حولٍ أشرف الزّادِ
فاخطُبْ وصَلِّ وعَيِّد وانْحرِ البُدُنَ ال / عظمى وثَنِّ بأعداء وحسادِ
فالعيدُ أنت ومهما دُمتَ في دعٍة / فكلُّ عيدٍ لدينا رائحٌ غاد
يا دارُ دارتْ بك السُّعودُ
يا دارُ دارتْ بك السُّعودُ / كأنها منك تستفيدُ
فيكِ من الحُسنِ كلُّ معنى / يُقَصِّر عن مثله الوُجود
فأنتِ بعضُ اقتراحِ مولىً / للفضلِ من كَفِّه وُرود
لا زال في نعمةٍ وعزٍّ / بينهما يهلك الحسود
صَوَّره الله للعطايا / فطبعُه نَخْوةٌ وجُود
لا أسعدَ اللهُ مسعودا فَصَنْعَتُه
لا أسعدَ اللهُ مسعودا فَصَنْعَتُه / كوجِهه كلُّ قُبْحٍ منه مُخْتَصَرُ
لا يَحْلِق الرأسَ إلا مرة وبها / تُغْنيه عن عودةٍ ما مَدَّة العُمُر
لأنَّ أَلْطَفَ لمسٍ من أَنامِلِه / سَلْخٌ ومهل بعد سلخٍ ينبت الشَّعَر
فلو نَوى حلقَ رأسٍ في ضَمائِره / بفطنةٍ كاد منه المخ ينتثر
أَما رأيتَ هلالَ العيدِ حين بَدَتْ
أَما رأيتَ هلالَ العيدِ حين بَدَتْ / للعين منه بَقايا جرم دائرِهِ
كحرفِ جامٍ من البَلّورِ قابَلَه / ضوءٌ وأخفَى الدُّجى إشراقَ سائرِهِ
أو درهمٍ فوقَ دينارٍ تَجلَّله / عُلْواً وضاق عن استيعابِ آخره
واظبْ تَنَلْ كلَّ صعبٍ مُعْوِزٍ عَسِرِ
واظبْ تَنَلْ كلَّ صعبٍ مُعْوِزٍ عَسِرِ / فالماءُ أَثَّر بالإدمانِ في الحَجَرِ
فمانعُ النفسِ من إدراكِ ما طَلَبَتْ / ميلٌ إلى سَوْفَ أو ميلٌ إلى ضَجَرِ
وبالغُ الجهدِ معذورٌ إذا عَرَضتْ / موانعٌ ليس منه بل من القَدَر
وربما وقعتْ أشياءُ خارجةٌ / عن القياس فدَقَّت عن نُهَى البشر
من ذاك أحمقُ مرزوقٌ له جِدَةٌ / وعاقلٌ دونَ كسبِ القوتِ في ضرر
وأكرَمُ الناسِ في ذلٍّ ومَخْمصةٍ / وألأمُ الناسِ في عزٍّ وفي بَطَر
ما ذاك إلا لتدبيرٍ يُصرِّفُه / بين الورى غيرُهم تصريفَ مقتدِر
كأنما النَّرْجِسُ الطاقيّ حين بدا
كأنما النَّرْجِسُ الطاقيّ حين بدا / قِعاب تِبْرٍ على جاماتِ بلّورِ
كأنّ أوراقَه والشمسُ تصقُلها / أوراقُ شمعٍ فمن خامٍ ومَقْصورِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025