القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : صُرَّدُر الكل
المجموع : 13
من علَّم القلبَ ما يُملى من الغَزَلِ
من علَّم القلبَ ما يُملى من الغَزَلِ / نوحُ الحمام له أَمْ حَنَّةُ الإبلِ
لا بل هو الشوقُ يدعو في جوانحنا / فيستجيبُ جَنانُ الحازم البطلِ
لكلِّ داء نِطاسىٌ يلاطفهُ / فهل شفاك طبيبُ اللوم والعذلِ
بيْنٌ وهجرٌ يَضيع الوصلُ بينهما / فكيف أرجو خِصام الحبِّ بالملَلِ
يُميت بثِّىَ في صدرى ويَدفِنه / أنى أرى النَّفث بالشكوى من الفشلِ
هن اللآلىء حازتها حمولُهمُ / وإنما أبدلوا الأصداف بالكِلل
ولستُ أدرِي أبا الأصداغِ قد كَحَلا ال / أجفان أم صبغوا الأصداغَ بالكَحَلِ
ما يستريب النقا أنَّ الغصون خطت / عليه لكن بأوراقٍ من الحُللِ
من يشهد الركبَ صرعىَ في محلّهِمُ / يدعوه رَمْسا ولا يدعوه بالطلل
قد أَلِفَ الحىُّ من مسراكِ طارقةً / تبيتُ أحراسُهم منها على وجلِ
أمسى شجوبى وإرهافي يُدلِّسنى / على الرقيب بسُمرٍ بينهم ذُبُلِ
لم يسألوا عن مقامي في رحالِهمُ / إلا أتيتُ على الأعذارِ والعِللِ
لله قومٌ يُبيحون القِرَى كرما / وينهرون ضيوفَ الأعينِ النُّجُلِ
لو عِدموا البيَض والخَطِّىَّ أنجدَهم / ضربٌ دِراكٌ ورشْقاتٌ من المُقلِ
كأنما بين جَفْنَىَ كلّ ناظرةٍ / ترنوِ كنانةُ رامٍ من بنى ثُعَلِ
لا روضُ أوجههم مَرعىَ لواحظنا / ولا اللَّمَىَ مَوردُ التجميش والقُبَلِ
تحكى الغمامةَ إيماضا مباسمُهم / وليس يحكينها في جَوْدها الهطِلِ
خافوا العيونَ على ما في براقعهم / من الجمال فشابوا الحسنَ بالبَخَل
يا رائد الركب يستغوى لواحظَهُ / برقٌ يلاعب ماءَ العارض الخَضِلِ
هذا جَمال الورى تُطفى مناصلُه / نارَ القِرَى بدماء الأينُق البُزُلِ
لا يسأل الوفدَ عمّا في حقائبهم / إن لم يوافوا بها ملأى من الأملِ
وما رعين المطايا في خمائله / إلآ سخَطن على الحَوْذانِ والنَّفَلِ
إنِ امتنعتَ حياءً من مواهبه / أولاكها بضروب المكرِ والحيلِ
قصَّرتِ يا سحبُ عن إدراك غايتهِ / فما بروُقك إلا حُمرةُ الخجلِ
ومصلح بين جدواه وراحته / يسعى ويكَدح في صلح على دَخَلِ
سيفٌ لهاشمَ مسلولٌ إذا خشُنتْ / له الضرائبُ لم يَفرَقْ من الفَلَلِ
في قبضة القائم المنصور قائمُهُ / وشَفرتاهُ من الأعداء في القُللِ
بيضُ القراطيس كالبِيِض الرِّقاق له / وفي اليراع غِنّى عن اسمرٍ خطِلِ
وطالما جدَّلَ الأقرانَ منطقُه / حتى أقرُّوا بأنّ القولَ كالعملِ
يوَدُّ كلُّ خصيم أن يعمِّمهُ / فضلَ الحسام ويُعفيه من الجدَلِ
ما البأس في الصَّعدة الصَّماَّء أجمعه / في القول أمضَى من الهندىِّ والأسلِ
ومستغرِّين بالبغيا مزجتَ لهمْ / كيدا من الصَّابِ في لفظٍ من العسلِ
ما استعذبت لَهَوَاتُ السمع مشربَهُ / حتى تداعت بناتُ النفسِ بالهبَلِ
أطعتَ فيهم أناةً لا يسوِّغها / حلمٌ وقد خُلق الإنسانُ من عجلِ
ثم اشتَمَلْتَهُمُ الصَّماَءَ فانشعبوا / أيدِى سَبَا في بطون السهل والجبلِ
ليس الرُّقَى لجميع الداء شافيةً / الَكُّى أشفَى لجلدِ الأجربِ النَّغِلِ
قل للُعريبِ أنيبى إنها دولٌ / والطعنُ في النحر دون الطعنِ في الدولِ
هيهات ليس بنو العباس ظلُّهمُ / عن ساحة الدين والدنيا بمنتقلِ
حَمَى حقيقتَهم مُرٌّ مَذاقَتُهُ / موسد الرأى بين الرَّيثِ والعجلِ
موطَّأُ فإذا لُزَّت حفيظتُه / تكاشر الموتُ عن أنيابهِ العُصُلِ
إيها عقيل إذا غابت كتائبُهُ / فُزتم وإن طلعتْ طِرتم مع الحَجَلِ
هلاَّ وقوفا ولو مقدار بارقةٍ / وما الفِرار بمنَجاةٍ من الأجلِ
فالهَىْ عن الرِّيف يا فَقْعاً بقَرقَرةٍ / وابغى النزولَ على اليَربوع والوَرَلِ
نسجُ الخَدَرنَقِ من أغلى ثيابكُمُ / وخيرُ زادِكُمُ دَهُريَّة الجُعَلِ
إن يعَهدوا العزَّ في الأطنابِ آونةً / فذا أوانُ حُلول الذلّ في الحُلَلِ
ترقَّبوها من الجُودى كامنةً / في نقعها ككمون الشمس في الطَّفلِ
إن عُطفتْ عنكُمُ يوما فإنَّ غداً / مع الصباح توافيكم أو الأُصُلِ
بكلّ مرتعدِ العِرنين ما عرَفَتْ / حَوْباؤه خُلُقَ الهيّابةِ الوَكَلِ
تدعُو على ساعديه كلَّمَا اشتملتْ / على حنِيتَّه الأرواحُ بالشَّللِ
في جَحفلٍ كالغمام الجَوْنِ ملتبسٍ / بالبرق والرّعد من لَمعٍ ومن زَجَلِ
يُزجِى قَوارحَ فاتت باعَ مُلجمِها / كأَنَّ راكبَها موفٍ على جبلِ
عوَّدها الكرَّ والإقدامَ فارسُها / فأنت تحسَبُها صدرا بلا كَفَلِ
أمَا سمعتم لبولاذٍ وأسرتِهِ / أحدوثةً شَرَدت فوضَى مع المَثَلِ
إذ حطَّه الحَيْنُ من صمَّاء شاهقةٍ / لايلحَق الموتُ فيها مهجةَ الوَعِلِ
فخرَّ للفمِ والكفَّين منعفراً / إنّ السيوفَ لمن يَعصيك كالقُبَلِ
تعافه الطيرُ أن تقتاتَ جثَّتَهُ / لعلمها أنه من أخبث الأُكُلِ
الأرضُ دارُك والأيامُ تُنفقها / على بقائك والأملاكُ كالخَوَلِ
متِّع لواحظّنا حتّى نقولَ لها / لقد رأيتِ جميعَ الناس في رجلِ
لا أعِذر المرءَ يصبو وهو مختارُ
لا أعِذر المرءَ يصبو وهو مختارُ / الحبُّ يُجمَعُ فيه العارُ والنارُ
فعارُه سَفَه العذَّال إن هَجروا / ونارُه حُرَقٌ إن شطّت الدارُ
لولا كَهانة عينى ما درت كبِدى / أن الخِمارَ سحابٌ فيه أقمارُ
يُهوىَ بياضُ محيّاها وحُمرتُهُ / كما يروقك دِرهامٌ ودينارُ
إيهٍ أحاديث نَعْمانٍ وساكنه / إنّ الحديثَ عن الأحباب أسمارُ
يا حبذا روضُة ألأحوىَ إذا احتجَبتْ / عنّى الثغورُ حكاها منه نُوّارُ
وحبَّذا البانُ أغصانا كَرُمنَ فما / لهنَّ إلا الحمَامُ الوُرقُ أثمارُ
ظلِلتَ مُغْرىً بذي عينينِ تعذُله / وقبلَه قد تعاطى العشقَ بشّارُ
عند العذول اعتراضات ومَعنفةٌ / وفي العتاب جواباتٌ وأعذارُ
لا سنَحتْ بعدهم عُفرُ الظباء ولا / ترَّجحتْ في الغصون الخُضْر أطيارُ
كأننى يومَ سُّلمانَيْنِ قد علِقتْ / بِي من أُسَامةَ أنيابٌ وأظفارُ
أفِّتُش الريحَ عنكم كلَّما نفحتْ / من نحو أرضكم نكباءُ مِعطارُ
وأسأل الركبَ أنباءً فيكتمُنى / كأنّكم في صدورِ القوم أسرارُ
حتى الخيال بدا جنبى ليوهمَنى / قُربا ومن دونكم بيدٌ وأخطارُ
ما تطمئنُّ بكم دارٌ كانّ عَلا / ءَ الدِّين مطلبُه في حيِّكم ثارُ
هو الذي لو حمىَ مَرعىً لما سَرحتْ / سوائم الدهر إلا حيث يختارُ
ولو تُجاوره الأغصانُ ما خطَرت / ريحُ النُّعامىَ عليها وهي مغوارُ
يُحكَى له في المعالى كلُّ مأثُرةٍ / تُصبى القلوبَ وتُروَى عنه أخبارُ
عظَّمتُمُ مَن له في المجد مَكُرمةٌ / وأين ممَّن له في المجدِ آثارُ
أنَّى أقام فذاك الشَّعبُ منتجَعٌ / وكلُّ يومٍ يُحيَّا فيه مختارُ
لولا ضمانُ يديه رىَّ عالَمِهِ / لجاءت السُّحبُ من كفَّيه تمتارُ
يلقَى العُفاةَ ببشرٍ شاغلٍ لهمُ / عن السؤال وللأنواء أنوارٌ
وحظُّته في العطايا أنَّ راحتَه / بين العُفاةِ وبين الرِّفدِ سُمّارُ
أخو المطامعِ بلقاه بِذلَّتها / وينثنِى وهو في عِطفْيه نَظَّارُ
أفنىَ الرجاء فما للخيل ما نحتوا / من السروج ولا للعِيس أكوارُ
لا يَنهَبُ الشكرَ إلا من كتائبِه / يومَ التغاورِ أضيافٌ وزُوّارُ
إذا القِرَى عَقَرت أُمَّ الحُسوارِ له / رأيته وهو للآمال عَقَّارُ
لله مقتبلُ الأيام همّتهُ / لها من البأس والإقبال أنصارُ
ثِقْ بالنجاح إذا ما اجتاب سابغةً / لها الثرّيا مساميرٌ وأزرارُ
لا يتوارى ضميرِّ عن سريرته / كأنما ظنُّه للغيب مِسبارُ
من الورى هو لكن فاقهم كرما / كذلك الدرُّ والحصباءُ أحجارُ
بأىِّ رأىٍ أبو نصرٍ يجاذبه / حبلَ الخلاف وبعضُ النقضِ إمرارُ
أما رأى أنَّ ليثَ الغاب مجتمعٌ / لوثبةٍ وفنيقَ النِّيبِ هَدّارُ
ولا جُناحَ على مُرسٍ كلا كلَه / إذا تقدّم إعذارٌ وإنذارُ
بدأتَهُ بابتسامٍ ظنَّه خَوَرا / فاغتَّر والكوكبُ الصبحىّ غرَّارُ
الآن إذ كشفَتْ عن ساقها ورمت / قناعَها الحربُ والفُرسان أغمارُ
غدَا يمسِّح أعطافَ الردَى ندما / وكيف تنهضُ ساقٌ مُخُّها رارُ
يُغشِى السفائنَ نيرانَ الوغَى سفَها / والنارُ أقواتُها الأخشابُ والقارُ
إن كان للأجَم العادىِّ مدّرعا / فالليثُ بين يراع الخيس مِذعارُ
أو كان يغترُّ بالأمواه طاميةً / فإن بالقاعِ من كَفيْه تيّارُ
إذا ترنَّم حَولىُّ البعوضِ له / ترنَّمت في قسى الترُّكِ أوتارُ
أنجِزْ مواعيدَ عزمٍ أنتَ ضامنُها / ولا يُنهنِهْكَ إِردبٌّ وقِنطارُ
فإنما المالُ رُوحٌ أنت مُتلفُها / والذِّكرُ في فلواتِ الدهر سَياَّرُ
لا تتَّرِكْ نُهزَةً عنَّتْ سلَّمَةً / إلى علاك فإن الدهرَ أطوارُ
وما ترشحَّ يومُ المِهرَجانِ لها / إلا وللسعدِ إيراد وإصدارُ
لما رآك نوى نَذار يقومُ به / حتى أتاك وشهرُ الصوم مِضمارُ
وقد زففنا هداياه مُنمنَمةً / كأنّها في رقاب المجد تِقصارُ
ولستُ أرخصُ أقوالى لسائمها / إلا عليك وللأشعارِ أسعارُ
ماذا يَعيبُ رجالُ الحىِّ في النادي
ماذا يَعيبُ رجالُ الحىِّ في النادي / سوى جنوني على أُدمانةِ الوادي
نعَمْ هي الزادُ مشغوفٌ بهِ سَغِبٌ / والماءُ حامت عليه غُلَّة الصادي
يا صاحبى أنتَ يومَ الرَّوع تُنجدْنى / فكيف يوم النوى حرَّمتَ إنجادي
وما سلكتُ فجِاج الحبِّ معتزما / حتى ضمِنتُ ولو بالنفس إسعادي
من أين تعلَمُ أنّ البينَ وخزَتُه / في القلبِ أسلمُ منها ضربةُ الهادي
لا دَرَّ دَرُّك إن ورَّيتَ عن خبري / إذا وصلتَ وإن أشمتَّ حُسّادي
قُلْ للمقيمين بالبطحاءِ إنَّ لكم / بالرقمَّتين أسيرا ماله فادي
بين العواذل تطويه وتنشُره / مثلَ المريِض طريحا بين عُوَّادِ
ليتَ الملامةَ سدَّت كلَّ سامعةٍ / فلم تجد مسلَكا أُرجوزةُ الحادي
أكلِّف القلبَ أن يهوَى وأُلزمه / صبرا وذلك جمعٌ بين أضدادِ
وأكتُم الركبَ أسرارى وأسألهم / حاجاتِ نفسي لقد أتعبتُ رُوّادي
هل مدلجٌ عنده من مُبكرٍ خبرٌ / وكيف يعلم حالَ الرايح الغادي
وإن رويتُ أحاديثَ الذين نأَوا / فعَنْ نسيم الصَّبا والبرقِ إسنادي
قالوا تعَوّضْ بغِزلان النقا بدلا / أمقنعى شِبْهُ أجيادٍ لأجياد
إن الظباءَ التي هام الفؤادُ بها / يَرعَينَ ما بين أحشاءٍ وأكبادِ
سَكَنَّ من أنفس العُشّاق في حَرَمٍ / فليس يطمع فيها حبلُ صيَّادِ
هيهات لا ذقتُ حُلوا من كلامكمُ / قد بان غدركُمُ في وجه ميعادي
ولا جعلتُ اللَّمى وِرْدي وقد ضمِنتْ / غمامةُ الجود إصداري وإيرادي
في شَرف الدّين عن معروفكم عِوضٌ / كرامةُ الجارِ والإيثارُ بالزادِ
للطارقِ الحكمُ في أعناقِ هَجمِته / ولو تقراَّه ذئبُ الرَّدهةِ العادي
نادتْ هلَّم إلى الشِّيَزى مكارمُهُ / فنُبنَ في الليلِ عن نارٍ ووقَّادِ
يَشفِين من قَرِم الضِّيفانِ عند فتىً / لا يزجرُ السيفَ من عُرقوبِ مِقحادِ
مباحُ أفنيةِ المعروفِ ليس له / بابٌ يعالجه العافى بمِقلادِ
فلا وكاء على عينٍ ولا ورقٍ / ولا رِعاء لأزرابٍ وأذوادِ
أجدَى فلم يَرذُجرا في خزائنه / إلا قناطيرَ من شكرٍ وإحمادِ
في كلِّ يومٍ يُرينا من مواهبه / بِرًّا غَريبا وفضلا غيرَ مُعتادِ
شريعةٌ في النّدَى ضلوا فدلّهُمُ / على مناهجها خِرّيتُها الهادي
قاضي اللُّبانةِ لم يفطِن لها أملٌ / كأنّه لهوى العافى بمِرصادِ
له قِبابٌ بطيب الذكرِ شيَّدها / فما دُعِمنَ بأطنابٍ وأوتادٍ
يا بحرُ إن شئتَ أن تحِكى مواهَبهُ / فدع مَخُوفَيْكَ من هَيْج وإزبادِ
قد ساجمَ العارضَ الهامي وزايدَه / حتى استغاث بإبراق وأرعادِ
لله أىّ زلالٍ في مَزَداتِهِ / والظِّمءُ يَخلِطُ فُرَّاطا بُورّادِ
اُنظر إليه ترى من شأنِهِ عجبا / زِىَّ الملوك على أخلاقِ زُهّادِ
إن قال قومٌ له مِثلٌ يقلْ لهُمُ / من ماثلوه به جئتم بإلحادِ
لا تكذُبنَّ فهذا الشخصُ من نفرٍ / لم يخلُق اللهُ منهم غيرَ آحادِ
شرائطُ المجد كلٌّ فيه قد جُمِعتْ / جمعَ حروِف التهجِّى في أبي جادِ
أرِحْ بنانَك من حُسبانِ سؤدده / إن الكواكبَ لا تُحصَى بأعدادِ
وهل يفوت المعالي من أحاط بها / بنفسه وبآباءٍ وأجدادِ
إذا الفخارُ رمَى الفُتيَا إلى حَكَمٍ / وافَى ينافر أمجادا بأمجادِ
على المهابةِ قد زُرَّت بَنائقُه / كأنّه لابسٌ لِبداتِ آسادِ
لذاك صُعِّر خدٌّ غيرُ منعفرٍ / له وخرَّ جبينٌ غيرُ سَجَّادِ
تطأطأ المجدُ حتى صار فارسَه / ثم اشمخرّ فلم يلطأ لصعَّادِ
فكيف لا ترهبُ ألأعداء نقمتَه / وبطشُها كصنيع الريح في عادِ
صوارمٌ من صواب الرأى يطبعها / وصانعُ المكرِ يكسوها بأغمادِ
إذا انتْتُضِينَ وما يَظهرنَ من لَطَفٍ / فرّقن ما بين أرواح وأجسادِ
وللمكايد سيفٌ غيرُ منثلمٍ / وللخدائع رمحٌ غيرُ منادِ
في أيِّما جانبٍ من حزمهِ نظروا / لم يجدوا مطلعا فيه لأَفنادِ
تخافُ عزمتَه الإبْلُ التي خُلقتْ / أخفافُهنَّ لتهجيرٍ وإسآدِ
وتتقيه العِتاق القُبُّ سائمةً / تطويحَها بين أتهامٍ وأنجادِ
أليس ناظمها عِقدا له طَرَفٌ / بالرىّ والطرفُ ألأقصى ببغدادِ
مكَّلفات بساطَ الدوّ امسَحه / بأسؤقٍ وبأعناقٍ وأعضادِ
كأنَّ آثارَ ما داست حوافرُها / دراهمٌ بَدَدٌ في كفِّ نقَّادِ
طورا تَسامَى على يافوخِ شاهقةٍ / بها السمواتُ ظُنَّتْ ذاتَ أعمادِ
وتارةً ترتمى في صفصفٍ قُذُفٍ / للآلِ يُكذَب فيه كلُّ مُرتادِ
حتّى شَتَيْنَ بنيسابورَ باليةً / إلا عِظاما مُواراةً بأجلادِ
في شَتوةٍ شَمِطَ الليلُ البهيمُ بها / تُضاحِك الريحَ ما هبَّتْ بصَرَّادِ
كأنَّ في أرضها أنْسَاجَ قِبْطِيَةٍ / أو السماءَ استعارت بَرْسَ نَجَّادِ
يا من يشاوَرُ في قُرب وفي بُعُدٍ / ومن يُعَدُّ لإصلاحٍ وإفسادِ
إن الإمامَ مذ استرعاك دولتَهُ / غَنِى برأيك عن تجهيز أجنادِ
إن مرِضَتْ ليلةٌ عُمىٌ كواكُبها / قدحتَ فيها بزنَدٍ غيرِ صَلاَّدِ
فهذه ألأرضُ قد عَجَّت بدعوتهِ / في كلِّ قُطرٍ خطيبٌ فوق أعوادِ
عونٌ من الله لم يضشهد وقيعتَه / إلا كتائبُ توفيقٍ وإرشادِ
وحسنُ تدبيرك المُردِى أعاديَهُ / مقرَّنين بأغلالٍ وأصفادِ
فأىُّ فظٍّ عليها غيرُ منعطفٍ / وأي صعبٍ حرون غيرُ منقادِ
وفي خراسانَ قد شِيدتْ مآثره / أرَّخَها صيتُها تاريخَ ميلادِ
بين الخليفةِ والمَلْكِ المطيعِ له / أبرمتَ وصلةَ أولادٍ لأولادِ
شمسٌ وبدرٌ لويتَ العَقدَ بينهما / لولا الشريعةُ لم يوثَق بإشهادِ
فليس كالصِّهر في سهلٍ ولا جبل / وليس كالحمو في حَضْرٍ ولا بادِ
فيا له شرفا أحرزتَ غايتَه / فلم تدع فضلةً فيه لمرتادِ
وما بلوغُك في العلياء آخَرها / بمانعٍ كَرَّةَ المستأنِف البادي
تسومني أن أُنير القولَ فيك وما / يُغني المرقَّشُ من تفويفِ أبرادِ
بل كلُّ مدحِك أمرٌ ليس من حِيلى / وكنْهُ وصفك ثِقلٌ ليس في آدى
إنَّ القوافى وإن جاشت غواربُها / لا يُستطاه بها تحويلُ أطوادِ
فإن رضيتَ بميسورى فهاءِ حُلىً / مَصُوغة بين أفكاري وإنشادي
فلن تعوزَيدَ الغوَّاص من صدفى / فريدةٌ وُسِّطتْ في سِلك عقَّادِ
أُعابُ بالشعر لا أبغى به عِوضا / ولا يُعاب أناسٌ غيرُ أجوادِ
لكنّني في أناسٍ إن سألتُهُمُ / لم يعرفوا الفرق بين الظاء والضادِ
ما دمتَ سمعا وعينا في الزمان لنا / فكلُّ أيامِه أيامُ أعياد
نُبّئت أنَّ فلانا قد شحا فمَه
نُبّئت أنَّ فلانا قد شحا فمَه / فقلتُ مهلاً كذاك العَيرُ نَهاّقُ
من اين للّنبَطىِّ الفَدْم معرفةٌ / هل يُنِبت النَّبعةَ الصفراءَ رُستاقُ
وكيف يفهَم قلبٌ دون فِطتنهِ / من البلادةِ أبوابٌ وأغلاقُ
يا ثورُ خلِّ لروضِ الحَزِن زهرتَهُ / فإنّ مرعاكَ قُلاّمٌ وطُبّاقُ
ولا تراعِ نجوم الفضلِ ترصدُها / فغيرُ خافٍ على الحسّاب أرزاقُ
نبذت عِرضَك نبذ النعلِ مُخَلقةً / وكيف يُلبَسُ ثوبٌ وهو خُرّاقُ
هل في جُنوبِ اللِّوى وجدٌ فأطرَبهُ
هل في جُنوبِ اللِّوى وجدٌ فأطرَبهُ / بأنَّةٍ أرسلَتْها حَنَّةُ العِيرِ
أم روضةُ الحَزِن من دمعى على ثقةٍ / فلا تحيِّى حياَ الغُرّ المباكيرِ
ومن يكن غرّه في الحبّ غادرُه / فقد هَوِيتُ ولُبِّى غيرُ مغرورِ
وما ركبتُ الهوى إلا وقد علمتْ / نفسى بما فيه من هول وتغريرِ
أغشَى الخيامَ بذلٍّ ليس يطرُدُه / لَفتُ الخدودِ وإعراضُ الأرسايرِ
دون الأمانىِّ فيهم كلُّ لاذعةٍ / والشَّهدُ من دونه لسعُ الزنابيرِ
ما للزمان تُحلِّى لى خدائعُهُ / أكلَ المُرارِ بأنواعِ الأزاهيرِ
لا يَتبع العينَ قلبي وهي تابعةٌ / وكيف طاعةُ ذى أمرٍ لمأمورِ
وصاحب لا يدُ التجريب تنقُدُه / ولا سبائكُهُ تصفو على الكِيرِ
يسىءُ حتَّى إذا فاحت إساءتُه / رمَى وراء الخطايا بالمعاذيرِ
تركتهُ بعبَاءِ الغِلّ مشتملا / يُكنُّ للغيظ جُرعا غيرَ مسبورِ
حاشَ الذي شفَّ لي عن كلّ خالصةٍ / كأنَّ كَشحيْه صِيغا من قواريرِ
لا يجتبى ببيوت النافقاءِ ولا / يروح مشتملا ثوبا من الزورِ
أيا بنَ ودِّى انتسابا مالَهُ رحِمٌ / إلا الذي فيك من فضلٍ ومن خِيرِ
إليك أشكو مشيبا لاح بارقُهُ / في فرع دهماءَ تجرى بالأساطيرِ
كانت مَفارِقها مسكا مضمَّخةً / فما لها بُدّلت منه بكافورِ
ومقلةً عُهِدتْ كحلاءَ مرَّهها / طولُ البكاءِ على بِيض الطواميرِ
كانت دجىً حسَد الإصباحُ لِمتّه / فجزَّها بحسامٍ منه مشهورِ
يا حبَّذا هي والأقلامُ واردةٌ / فيها وصادرةٌ سُحْمَ المناقيرِ
كأنّما كرَعَت في ناظرَىْ رشأ / أو في سُويداءِ قلبٍ غير مسرورِ
تَحوى القراطيسُ منها روضةً أُنُفا / فيها مُفاخَرة الظلماءِ للنُّورِ
فكيف لي بخضابٍ تسترِدُّ به / من الشبيبة لونا غير مهجورِ
ذؤابة النار شطرٌ فيه معتمدٌ / وفيه للنَّحل شطرٌ غير مبرورِ
قد أحكمته يدُ الطاهى فناشَله / كجاذب القوس عن نزعٍ وتوتيرِ
فجاءنا بغُدافٍ لا تسابقه / شُهبُ البزُاةِ إلى فخرٍ وتنفيرِ
لو أنّ صِبغتَه فاز الشبابُ بها / لما رمىَ الدهرُ فَودَيْهِ بتغيرِ
وحاجة النِّقس إن قلَت وإن كثرت / إذا سمحتَ بها مثلُ الدنانيرِ
ما زال يكِشف عنّى كلَّ طارقةٍ
ما زال يكِشف عنّى كلَّ طارقةٍ / ما خوَّل الله من صُمِّ الأنابيبِ
إن أمطرتْها بنانٌ جاش غاربُها / على المهَارقِ منهلَّ الشأبيبِ
حتى بلغن إلى الغاياب حاسرةً / هُتْمَ السنابكِ من بدءٍ وتعقيبِ
واحتضَرتْها المُدَى نحتاً وقد فُلِقتْ / هاماتُها بين تصعيدٍ وتصويبِ
فعادَ من طول ما يسِرى عَشَنَّقُها / مدغَّما بين أطرافِ الرواجيبِ
وعندك الدوحةُ العلياء تُنبِتها / مَنابت النبع في شُمّ الشَّنا خيبِ
فقُدْ غلىَّ جيادا من ضوامرِها / صمَّ السنابكِ سَبْطاتِ الظَّنابيبِ
تختال في حَبِرَات الوشى تائهةً / على متون العوالى والقواضيبِ
لو أن بعض غصون الأيك أشبهها / ألهى الحمائمَ عن شدوٍ وتطريبِ
ولو يبايعني الخَطِّىُّ أنْفَسه / لم أعطِه شطرَ أُنبوبٍ بأنبوبِ
وحَملُ كفّى على الأقلام تُرسلها / يطلب حملى على الجُردِ السِّراحيبِ
لا يملِك الفارسُ المغوارُ شِدتهُ / ولا بسالَته إلا بمركوبِ
قالوا ابنُ دارستِنا وزيرٌ
قالوا ابنُ دارستِنا وزيرٌ / فقلتُ لفظٌ بغيرِ معنَى
مثلُ لديغٍ يُدعَى سَليما / نَصْراً وفَتحا يُسَمى ويُكنَى
كأنّما وجهه كتابٌ / سوَّدتَ فيه ظهرا وبَطنَا
بعضُ وُعولِ الجبال لكن / أطولُها لحيةً وقَرنَا
أقبلَ من فارسٍ إلينا / في عُصبةٍ كالحَميرِ لُكْنَا
ظنتُهم حولَه شِياها / والشيخَ تيْسا والدَّستَ دَبْنَا
يا رائدا دُلَّنا عليه / صدقتَ حِسًّا وخِبتَ ظنَّا
جاريتُ في الحبِّ أَطلاقا بلا أمدِ
جاريتُ في الحبِّ أَطلاقا بلا أمدِ / فها أنا سابقُ العُشّاقِ بالكمدِ
ما يستطيل فؤادى في الهوى سَفَرا / والهمُّ زادى وماءُ العين من عُدَدِى
خفْ يا مليكىَ أن يفنَى عذابُك لي / ولا تخفْ أننى أبقى بلا جَلَدِ
جيشٌ من الصبر عندى ليس يهزِمهُ / شوقٌ تُغير سَرَاياه على الكبِدِ
بلغتُ أقصىَ المَدى فيه وما ثلَمتْ / منه الوشاةُ فلم ينقُص ولم يزِدِ
إن الألى ملؤا الأجفانَ من مطرٍ / هم الألى ملؤا الأفواهَ من بَرَدِ
مَن نابُهُ شنَبٌ وظُفْرُه عَنَمٌ / فهو الغزال الذي يجنى على الأسدِ
نفسي إلى الله لا تشكو جفاءكمُ / ولا إليكم فهل تشكو إلى أحدِ
يا كاهنَ الحبِّ خبرّنى مَن الجانى
يا كاهنَ الحبِّ خبرّنى مَن الجانى / عينى التي عِشقت أم طَرْفَى الرانى
ولو علِمتَ الذي يجرى على كبدي / لقلتَ إنهما في الحبِّ سِيّانِ
أُقسم بالعادياتِ ضَبْحا
أُقسم بالعادياتِ ضَبْحا / حقًّا وبالمورياتِ قَدْحا
بأنكم توسعون مَقْتا / من زادكمِ عِفة ونصحا
في كلّ يوم لكم سطورٌ / تُكتبُ بالعهد ثم تُمحَى
وكلُّ ما يُبتَنَى عِشاءً / يُهدَمُ بعد التّمام صُبحا
كالأفق إن غام في جَنوبٍ / هبّت شَمالٌ له فأضحىَ
آمالُنا فيكُمُ هَباءٌ / أضرَبَ عنها الرجالُ صفحا
من همُّه أخذُ رأسِ مالى / فكيف أرجو لديهِ ربحا
وقائلٍ لِمْ هجرتَ الشعرَ من زمنٍ
وقائلٍ لِمْ هجرتَ الشعرَ من زمنٍ / فقلتُ قولَ امرىءٍ من خَيرهِ يئسِ
رأيتُ هجوى أناسا معجزا لهمُ / وخاب مدحى فبعتُ النُّطقَ بالخرس
قالوا ابن مالكَ قَرنانٌ فقلت لهم
قالوا ابن مالكَ قَرنانٌ فقلت لهم / كذبتُمُ وأثمِتم بل له ذَنَبُ
لو كان يملِك قرنا كان ينطح عن / شاةٍ كلُّ تيسٍ فوقَها يثبُ
عَذبٌ من الماءِ قد سُدّتْ مواردهُ
عَذبٌ من الماءِ قد سُدّتْ مواردهُ / سيّانِ واجدُ ممنوع وفاقدُهُ
تجفو تعذَّرَ حِبٍّ لست تُبصرهُ / والمُرُّ حِرمانُ محبوبٍ تُشاهدُهُ
أرخى ذوائَبه دونى يُشكِّكُنى / أَهْى التي سترتُه أم ولائدُهُ
فليت قَدْ قَدَّ من جفنى يراقعَه / وإن كفَى فُصِّلتْ منهُ مجاسِدُه
القدُّ والخصر والطرفُ الكحيلُ له / فكيفَ يُلَغبُ مَن هذى مَكايدُهُ
وما أردتُ سلُواّ عن محبّته / إلا وقلبي على كُلِّى يُساعدُهُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025