المجموع : 72
رِضا الفنا عن بَقائي بعدَكُمْ غَضَبُ
رِضا الفنا عن بَقائي بعدَكُمْ غَضَبُ / كأَنَّما راحَتي مُذْ غِبتُمُ تعبُ
وَاخَجْلتي من بقائي بعدَ فُرْقَتِكُمْ / إِذ ليس لي في حياتي بَعدكم أَربُ
وَلَيسَ مَوتي عَجيباً بَعْدَ بينِكُمُ / وإِنَّما في حياتي بَعدكم عَجَبُ
زارَ بِلَيْلٍ عَلَى صَبَاحٍ
زارَ بِلَيْلٍ عَلَى صَبَاحٍ / عَلَى قضيبٍ عَلَى كثيبِ
حين أَتَت أَلسنُ الليالي / معتذراتٍ من الذُنُوبِ
فيا لها زورةً أَخذنا / لها أَماناً من الخُطُوبِ
هِيَ الحياةُ فلو تأْتي إِلى حَجَرٍ
هِيَ الحياةُ فلو تأْتي إِلى حَجَرٍ / لَوَلَّدَتْ فيه مِنْها نَشْوَةَ الطَّرَبِ
كأَنَّها ولسانُ الماءِ يَقرَعُها / دمعٌ ترقرق في أَجفانِ منتحبِ
إِذا علاها حَبابٌ خِلْتَهُ شبكاً / من اللجَيْن عَلَى أَرْضٍ مِنَ الذَّهبِ
تصورتْ من أَديم الكأْس سورتها / فأَنبتتْ بَرَداً منها عَلَى لَهَبِ
تخالُ منها بجيد الكأسِ إِنْ مُزِجَتْ / عِقداً من الدُّرِّ أَوْ طَوْقاً من الحَبَبِ
يا مَنْ حياتي رضاهُ في تعتُّبهِ
يا مَنْ حياتي رضاهُ في تعتُّبهِ / ومَنْ مماتي جَفاهُ في تَغضُّبِهِ
هجرتَني ظالماً من غير ما سببٍ / فَفاض دمعُ عذولي من تعجُّبِهِ
ما خانك الطَّرفُ مِنِّي قَطُّ في نظرٍ / ولا سَلا عنكَ قلبي في تَقلُّبِهِ
وأَنتَ واللهِ يا سُؤلي ويا أَملي / أَعزُّ في مهجتي مما أَراكَ بِهِ
يا مَنْ تجنَّبْتُ صبري في تجنُّبِهِ
يا مَنْ تجنَّبْتُ صبري في تجنُّبِهِ / عَمْداً وعاصَيْتُ نومي في تغضُّبِهِ
أَنباك شاهدُ أَمري عَن مغيَّبهِ / وجدَّ جِدُّ الهَوى بي في تلعُّبهِ
يا نازِحاً لَعِبَتْ أَيدي الفراقِ به / هَبْ لي مِن الدَّمْعِ ما أَبكي عليكَ بِهِ
كأَنَّ قلبَكَ سُقمي في قَساوَتِهِ / وَوَردَ خدَّيْك قلبي في تَلَهُّبِهِ
حتَّى متى زفراتي في تصاعُدِها / إِلى المماتِ ودمعي في تصوُّبِهِ
أَخفيتُ سلوةَ حُرٍّ في تذلُّلِه / وإِنَّما قيلَ قلبٌ من تقلُّبِهِ
ولي فؤادٌ إِذا طال العذابُ بِهِ / هام اشتياقاً إِلى لُقْيا معذِّبِهِ
يفديكَ بالنفس صَبٌّ لو يكونُ لهُ / أَعزُّ من نفسه شيءٌ فداك بِهِ
يا عاتباً لي بِغَيْرِ عَتْبِ
يا عاتباً لي بِغَيْرِ عَتْبِ / وهاجراً لي بِغَيْرِ ذَنْبِ
لولاكَ لَمْ تَجْرِ لي دُمُوعٌ / سَكْباً عَلَى الخدِّ فوقَ سَكْبِ
لا تُنْكِرَن إِنْ جَرَتْ بِدُرٍّ / مُنْتَثِرٍ لَمْ يُشَنْ بِثَقْبِ
صيَّرَها في الجفونِ حُمْراً / تَصعيدُها منْ دَمي وقلبي
هُوَ الفِراقُ فَعِشْ إِنْ شِئْتَ أَوْ فَمُت
هُوَ الفِراقُ فَعِشْ إِنْ شِئْتَ أَوْ فَمُت / لَيْسَ الحَياةُ إِذا بانُوا بِمُعْجِبَتي
وَيْحَ المَنِيَّةِ إِذْ سارَتْ رَكائِبُهُمْ / لَوْ أَنَّها قَبَضَتْ رُوحي لأَحْسَنَتِ
كَانَتْ تَطيبُ ليَ الدُّنْيا بِقُربِهِمُ / فَقَدْ أَمَرُّوا لِيَ الدُّنْيا الَّتي حَلَتِ
قَدْ كُنْتُ آمُلُهُمْ والبَيْنُ يُوعِدُني / فَأَنْجَزَ البَيْنُ والآمَالُ أَخْلَفَتِ
دُونَ المُنى في الهَوى يا نَفْس آفاتُ
دُونَ المُنى في الهَوى يا نَفْس آفاتُ / كَأْسُ الهَوى حُلْوَةٌ فيها مَراراتُ
إِنَّ المُحِبّينَ إِنْ أَخْفَوا مُحاذَرَةً / هَواهُمُ فَلَهُمْ فيهِ عَلاماتُ
لا آخَذَ اللَهُ مَنْ قَلْبي بِهِ كَلِفٌ / صَبٌّ قَدِ اسْتَحكَمَتْ فيهِ الصَّباباتُ
لِكُلِّ شَيْءٍ نِهاياتٌ تَبيدُ وَما / لِلَوْعَةِ الحُبِّ في قَلْبي نِهاياتُ
أَجْرى دُمُوعاً كَمِثْلِ الدُّرِّ أَهْمَلَها
أَجْرى دُمُوعاً كَمِثْلِ الدُّرِّ أَهْمَلَها / مِنْ ناظِرَيْهِ عَلَى ياقُوتِ وَجْنَتِهِ
فَحَدَّرَتْ مُقْلَتا عَيْني العقِيقَ عَلَى / خَدٍّ حَكى ذَهباً مِنْهُ بِصُفْرَتِهِ
دَمْعانِ لَوْنانِ في لَونيْنِ قَدْ جَرَيا / كلٌّ أَتى عَجَباً مِنهُ بِجِرْيَتِهِ
يا مَنْ هوَ الماءُ في تَكْوينِ خِلْقَتِهِ
يا مَنْ هوَ الماءُ في تَكْوينِ خِلْقَتِهِ / وَمَنْ هُوَ الخمرُ في أَفعالِ مُقلَتِهِ
وَمَنْ خَلَعْتُ عِذاري في هَوَايَ لَهُ / ومن تَهَتَّكَ سِتْري في مَحَبَّتِهِ
وَمَنْ بزُرْقَةِ سَيْفِ اللَّحظِ طَلَّ دَمي / والسَّيْفُ ما فخرُه إِلا بِزُرْقَتِهِ
عَلَّمْتَ إِنْسانَ عَيْني أَنْ يَعومَ فَقَدْ / جادَتْ سِبَاحَتُهُ في ماءِ دَمْعَتِهِ
شَغَلْتُ قلبي وَسَمْعي في مَودَّتِكُمْ
شَغَلْتُ قلبي وَسَمْعي في مَودَّتِكُمْ / لا خَلَّصَ اللّهُ قلبي مِنْ مَحَبَّتِكُمْ
ولا رُزِقْتُ حياةً بَعْدَ بَيْنِكُمُ / إِنْ لَم أَمُتْ نَدَماً مِنْ بَعْدِ فُرْقَتِكُمْ
هَا قَدْ غَضِبْتُ عَلَى رُوحي لِأَجْلِكُمُ / حتى جَفَوتُ حَياتي عِند جَفوَتِكُمْ
إذا تَلَهَّبَ جمرُ الشوقِ في كَبِدي / أَطْفاهُ ماءُ التَّلاقي عِنْدَ رُؤْيَتِكُمْ
اُنْظرْ إِلى السِّحرِ في عينيهِ والدَّعَجِ
اُنْظرْ إِلى السِّحرِ في عينيهِ والدَّعَجِ / كأنَّ أَجفانَهُ مَرْضى مِن الغُنُجِ
لَهُ مِنَ الدُّرِّ عِقْدٌ تَحْتَ شارِبِهِ / وَفَوْقَ أَصْداغِهِ لامانِ مِن سَبَجِ
تَظُنُّ من خَجَلٍ تَوْريدَ وَجْنَتِهِ / وَاللَهِ ما ذاكَ إِلا مِنْ دَمِ المُهَجِ
تَقَنَّعَتْ بالدّجى فَوْق الضحى فَجَلَتْ
تَقَنَّعَتْ بالدّجى فَوْق الضحى فَجَلَتْ / في عاجِ عارِضِها لاماً من السَّبَجِ
كأنَّها اسْتَرْهَنَتْ في ناظِري سَقَماً / بِلَحْظِ أَجْفانِها المَرْضى من الغُنُجِ
لَوْ أَنَّها في ظَلامٍ لاستَنارَ بِها / لأَنَّ إِشراقَها يُغني عن السُّرُجِ
كأنَّما أُلبِسَت مِن لَونِ مَبسِمِها / غِلالةً طرزتها من دم المُهَجِ
لَها مِنَ الماءِ كَفٌّ في أَنامِلِها
لَها مِنَ الماءِ كَفٌّ في أَنامِلِها / إِذْ صافَحَتْني بِهِ نارٌ عَلَى وَهَجِ
تَكادُ مِنْ لَمَعانِ الحُسْنِ تَسْتُرُهُ / كأنَّما طَرَّفَتْهُ مِنْ دَمِ المُهَجِ
أَطالَ ليلَ الصُّدودِ حتَّى
أَطالَ ليلَ الصُّدودِ حتَّى / يَئِسْتُ مِنْ غُرَّةِ الصَّباحِ
كأنَّهُ إِذْ دَجا غُدافٌ / قَدْ حَضَنَ الأَرْضَ بالجَناحِ
لا أَرَّقَ اللَهُ عَينَي مَنْ يُؤَرِّقُني
لا أَرَّقَ اللَهُ عَينَي مَنْ يُؤَرِّقُني / وَلا مَلا مثل قلبي قَلْبَهُ بُرَحَا
قَدْ سَرَّني أَنَّهُمْ قَدْ سَرَّهُمْ سَقَمي / فَازْدَدْتُ سُقْماً لِيَزْدادوا بِهِ فَرَحا
سِلْكانِ لِلدَّمعِ مَحْلولٌ وَمَعْقُودُ
سِلْكانِ لِلدَّمعِ مَحْلولٌ وَمَعْقُودُ / عَلَى التي لَحْدُها في القَلْبِ مَلْحُودُ
ما سَوَّدَ الحزْنُ مُبْيَضَّ السُّرورِ بِها / إِلا وَأَيَّامُ عُمْري بَعْدَها سُودُ
عَنَّتْ يَدُ الدَّمْعِ في خَدِّي عِنانَ دَمٍ / كأنَّهُ مِنْ أَديمِ القَلْبِ مَقْدُودُ
ما اسْتَعْبَرَ الغَيْثُ إِلا عِنْدَ عَبْرَتِهِ / فَخَدُّ وَجْهِ الثَّرى لِلْغَيْثِ مَخْدُودُ
مَنْ لي بِرَحْمَةِ قَلْبٍ ليسَ يَرْحَمُني / كأَنَّ نُقْصانَ وَجْدي فيهِ تَزْييدُ
تولد النار فيهِ ماء سَلْوَتِهِ / فَاعْجَبْ لنارٍ لها في الماءِ تَوْليدُ
كَمْ بِتُّ أَرْجُمُ أَعضائِي بِجَمْرِ غَضاً / وَالفَجْرُ في صَفَدِ الظَّلْماءِ مَصْفُودُ
نامَتْ عيونُ عُداتي إِذ زَفَرْتُ وَلي / من مَغْمَدِ الدَّمْعِ في عَيْنَيَّ تجريدُ
لَولا عَلائقُ بَيْنٍ مِنْكِ تَعْلَقُ بي / لَقُلْتُ إِنَّ اقتِرابي مِنْكِ تَبعيدُ
وَلَيْتَ بَعْدَكِ تسويد البَياضِ فَلي / بالدَّمْعِ في صُحُفِ الأَحْزانِ تَسْويدُ
فَلا صَفا كَدَرُ الدُّنْيا لِمُصْفِيَةٍ / ما جاهَدَتْ فيكِ أنْفاسي المَجاهيدُ
إِنْ أَزْمَعَتْ عنكِ صَبْراً أُبْدِلَتْ بِجَوىً / مَعْدومُهُ بِكِ طُولَ الدَّهْرِ مَوْجودُ
لازالَ خدِّي تَريباً فوقَ تُرْبَتِها / ما دارَ في خَلَدِ الأَيَّامِ تَخْليدُ
جَبُنْتُ مِنْ عَسْكَرَيْ دَمْعي فشجَّعَني / قلبٌ له في انْحِدارِ الدَّمْعِ تَصْعِيدُ
متى يُبالي ثَرىً أَنْ لا يَرى مطراً / فَمُسْبَلُ الدَّمع مِنِّي وهو مَوْرُودُ
هَا قَدْ تَأَمَّلْتُ بالعُتْبى الَّتي سَلَفَتْ / أَنْ لا يُعاوِدَني من بَعْدِها عِيدُ
ودَّعْتُها وَبِنَحْري مِنْ مَدَامِعِها / نَحْرٌ وفي جيدِها مِنْ مَدْمَعِي جِيدُ
فبرَّدَتْ حرَّ أَنفاسي عَلى بَرَدٍ / كأنَّهُ مِنْ صَديدِ النَّفسِ مَصْدُودُ
وَاسْتُدْعِيَتْ فأَجابَتْ بعد ما ظَهَرَتْ / في وَجْنَةِ الفَجرِ قبلَ الصُّبحِ تَوريدُ
وصُوِّرت في مِراةِ الأُفق صورتُها / فلي إليها برُسلِ اللحظِ تَرديدُ
جَاهَدْتُ بِالصَّبْرِ في إِثْرِ العَزاءِ فَمَا / رَجَعْتُ إِلا وَصَبْرِي عَنْكِ مَفْقُودُ
وَيْحَ الطَّبيبِ الذي جَسَّتْ يَداهُ يَدَكْ
وَيْحَ الطَّبيبِ الذي جَسَّتْ يَداهُ يَدَكْ / ما كانَ أَغْفَلَهُ عَمَّا بِهِ اعْتَمَدَكْ
لَوْ أَنَّ أَلْحاظَهُ كانَتْ مَباضِعَهُ / ثُمَّ انْتَحاكَ بها مِنْ رِقَّةٍ فَصَدَكْ
قالَتْ وَقَدْ فَتَكَتْ فينا لَواحِظُها
قالَتْ وَقَدْ فَتَكَتْ فينا لَواحِظُها / كَمْ ذَا أَمَا لِقَتيلِ الحُبِّ مِنْ قَوَدِ
وأَمْطَرَتْ لُؤْلُؤاً مِنْ نَرْجِسٍ وَسَقَتْ / وَرْداً وَعَضَّت عَلَى العُنَّابِ بِالْبَرَدِ
إِنْسِيَّةٌ لَوْ رَأَتْها الشَّمْسُ ما طَلَعَتْ / مِنْ بَعْدِ رُؤْيَتِها يَوْماً عَلى أَحَدِ
كَأنَّما بَيْنَ غاباتِ الجُفُونِ لَها / أُسْدُ الحِمامِ مُقيماتٍ عَلى الرَّصَدِ
يا مُوْقِدَ النَّارِ في قلبي وفي كَبِدي
يا مُوْقِدَ النَّارِ في قلبي وفي كَبِدي / أَوقَدْتَ ما لَيْسَ يُطْفا آخِرَ الأَبَدِ
أَوقَدْتَ نارَ الهَوى بِالشَّوقِ فَاشْتَعَلَتْ / مِنَ الجَوانِحِ لم تَخْمُدْ ولَم تَكَدِ