المجموع : 13
لَئِنْ عَدانِي زَمانٌ عَنْ لِقائِكُمُ
لَئِنْ عَدانِي زَمانٌ عَنْ لِقائِكُمُ / لَما عَدانِيَ عَنْ تَذْكارِ ما سَلفَا
وَإِنْ تَعَوِّضَ قَوْمٌ مِنْ أَحِبَّتَهَمْ / فَما تَعَوَّضْتُ إِلاَّ الْوَجْدَ وَالأَسَفا
وَكَيْفَ يَصْرِفُ قَلْباً عَنْ وِدادِكُمُ / مَنْ لا يَرى مَنْكُمُ بُدّاً إِذَا انْصَرَفا
ما حقُّ شَوْقِي أَنْ يُثْنى بِلائِمَةٍ / وَلا لِدَمُعِيَ أَنْ يُنْهى إِذا ذَرَفا
ما وَجْدُ مَنْ فارَقَ الْقَوْمَ الأُلى ظَعَنُوا / كَوَجْدِ مَنْ فَارَقَ الْعَليْاءَ وَالشَّرَفا
لأَغْرَيَنَّ بِذَمِّ الْبَيْنِ بَعْدَكمُ / وَكَيْفَ تَحْمَدُ نَفْسُ التَّالِفِ التَّلَفا
أَمُرُّ بِالرَّوْضِ فِيهِ مِنْكُمُ شَبَهٌ / فَأَغْتَدِيَ بارئاً وَأَنْثَنِي دَنِفا
وَيَخْطِرُ الْغَيْثُ مُنْهَلاًّ فَيَشْغَفُنِي / أَنِّي أَرى فِيهِ مِنْ أَخْلاقِكُمْ طَرَفا
أَعْدَيْتُمُ يا بَنِي عَمَّارَ كُلَّ يَدٍ / بِالجُودِ حتّى كَأَنَّ الْبُخْلَ ما عُرِفا
ما كاَنَ يُعْرَفُ كَيْفَ الْعَدْلُ قَبْلَكُمُ / حَتّى مَلَكْتُمْ فَسِرْتُمْ سِيرَةَ الْخُلَفا
ما أَحْدَثَ الدَّهْرُ عِنْدِي بَعْد فُرْقَتِكُمْ / إِلاَّ وِداداً كَماءِ الْمُزْنِ إِذْ رُشِفا
وَشُرِّداً مِنْ ثَناءٍ لا يُغِبُّكُمُ / مُضَمَّناً مُلَحَ الأَشْعَارِ وَالطٌّرَفا
كَالوَرْدِ نَشْراً وَلكِنْ مِنْ سَجِيَّتِهِ / أَنْ لَيْسَ يَبْرَحُ غَضّاً كُلَّما قُطِفا
مَحامِدٌ لَيْسَ يُبْلِي الدَّهْرُ جِدَّتَها / وَكَيْفَ تَبْلى وَقَدْ أَوْدَعْتُها الصُّحُفا
غُرٌّ إِذا أَنْشِدَتْ كَادَتْ حَلاَوَتُها / تُرْبِي الْقَصائِدَ مِنْ أَبْكارِها نُتفَا
يَغْنى بِها الْمَجْدُ عَنْ عَدْلٍ عَلَيَّ وَمَنْ / يَبْغِي الشُّهُودَ عَلَى مَنْ جاءَ مُعْتَرِفا
ما أَنْتُمُ بِالنَّدى إِذْ كَانَ دِينَكُمُ / أَشَدُّ مِنِّي عَلَى بُعْدِي بِكُمْ شَغَفَا
مَنْ راكِبٌ وَاصِفٌ شَوْقِي إِلى مَلِكٍ / لا يَخْجَلُ الرَّوْضُ إِلاَّ كُلَّما وُصِفَا
يُثْنِي بِحَمْدِ جَلاَلِ الْمُلْكِ عَنْ نِعَمٍ / عِنْدِي بِما رَقَّ مِنْ شُكْرِي لَهُ وَصَفا
قُلْ لِلْهُمامِ رَعى الآمالَ بَعْدَكُمُ / قَوْمٌ فَرُحْتُ أَسُوقُ الْعُرَّ وَالْعُجُفا
إِنْ كانَ يَخْشُنُ لِلأَعْداءِ جانِبُهُ / فَقَدْ يَلِينُ لرِاجِي سَيْبِهِ كَنَفَا
حاشا لِمَنْ حَكَّمَتْ نُعْماكَ هِمَّتَهُ / أَلاَّ يَبِيتَ مِنَ الأَيَّامِ مُنْتَصِفا
كَمْ عَزْمَةًٍ لَكَ فِي الْعَلْياءِ سابِقَةٍ / إِذا جَرى الدَّهْرُ فِي مَيْدانِها وَقَفا
وَبَلْدَةٍ قَدْ حَماها مِنْكَ رَبُّ وَغىً / لا تَسْتَقِيل الرَّدى مِنْهُ إِذا دَلَفَا
إِنْ أَقْلَقَ الْخَطْبُ كَانَتْ مَعْقِلاً حَرَماً / أَوْ الْمَحْلُ طبق كَانَتْ رَوْضَةً أُنُفا
إِنَّ النَّعِيمَ لِباسٌ خَوَّلَتْهُ بِكُمْ / فَدامَ مِنْكُمْ عَلَى أَيَّامِها وَضَفا
إِنْ كُنْتَ غادَرْتَ في دُنْياكَ مِنْ شَرَفٍ / فَزادَكَ اللهُ مِنْ إِحْسانِهِ شَرَفا
أَعْطى الشَّبابَ مِنَ الآرابِ ما طَلبَا
أَعْطى الشَّبابَ مِنَ الآرابِ ما طَلبَا / وَراحَ يَخْتالُ في ثَوْبَيْ هَوىً وَصِبا
لَمْ يُدْرِكِ الشَّيْبُ إِلاّ فَضْلَ صَبْوَتِه / كَما يُغادِرُ فَضْلَ الْكَأْسِ مَنْ شَرِبا
رَأَى الشَّبِيبَةَ خَطّاً مُونِقاً فَدَرى / أَنَّ الزَّمانَ سَيَمْحُو مِنْهُ ما كَتَبا
إِنَّ الثَّلاثِينَ لَمْ يُسْفِرْنَ عَنْ أَحَدٍ / إِلاّ ارْتَدى بِرِداءِ الشِّيْبِ وانْتَقَبَا
وَالْمَرْءُ مَنْ شَنَّ فِي الأَيّامِ غارَتَهُ / فَبادَرَ الْعَيْشَ بِاللَّذّاتِ وَانْتَهَبا
ما شاءَ فَلْيَتَّخِذْ أَيّامَهُ فُرَصاً / فَلَيْسَ يَوْمٌ بِمَرْدُودٍ إِذا ذَهَبَا
هَلِ الصِّبي غَيْرُ مَحْبُوبٍ ظَفِرْتُ بِهِ / لَمْ أَقْضِ مِنْ حُبِّهِ قَبْلَ النَّوى أَرَبا
إِنِّي لأَحْسُدُ مَنْ طاحَ الْغَرامُ بِهِ / وَجَاذَبَتْهُ حِبالُ الشَّوْقِ فَانْجَذَبا
وَالْعَجْزُ أَنْ أَتْرُكَ الأُوْطارِ مُقْبِلَةً / حتّى إِذا أَدْبَرَتْ حاوَلْتُها طَلَبا
مالِي وَلِلْحَظِّ لا يَنْفَكُّ يَقْذِفُ بِي / صُمِّ الْمَطالِبِ لا وِرْداً وَلا قَرَبا
أَصْبَحْتُ فِي قَبْضَةِ الأَيّامِ مُرْتَهَناً / نائِي الْمَحَلِّ طَرِيداً عَنْهُ مُغْتَرِبا
أَلَحَّ دَهْرٌ لَجُوجٌ فِي مُعانَدَنِي / فَكُلَّما رُضْتُه فِي مَطْلَبٍ صَعُبا
كَخائِضِ الُوَحْلِ إِذْ طالَ الْعَناءُ بِهِ / فَكُلَّما قَلْقَلَتْهُ نَهْضَةٌ رَسَبا
لأَسْلُكَنَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ مُقْتَحِماً / هُوْلاً يُزَهِّدُ فِي الأَيّامِ مَنْ رَغِبا
غَضْبانَ لِلْمَجْدِ طَلاّباً بِثَأْرِ عُلاً / وَاللَّيْثُ أَفْتَكُ ما لاقى إِذا غَضِبا
عِنْدِي عَزائمُ رَأْيٍ لُوْ لَقِيتُ بِها / صَرْفَ الزَّمانِ لَوَلىّ مُمْعِناً هَرَبا
لا يَمْنَعَنَّكَ مِنْ أَمْرٍ مَخافَتُهُ / لَيْسَ الْعُلى النَفِيسِ يَكْرَهُ الْعَطَبا
كُنْ كَيْفَ شِئْتَ إِذا ما لَمْ تَخِمْ فَرَقاً / لا عَيْبَ لِلسَّيْفِ إِلاّ أَنْ يُقالَ نَبا
لا تَلْحَ فِي طَلَب الْعَلْياءِ ذا كَلَفٍ / فَقَلَّما أَعْتَبَ الْمُشْتاقُ مَنْ عَتَبا
لَتَعْلَمَنَّ بَناتُ الدَّهْرِ ما صَنَعَتْ / إِذا اسْتَشاطَتْ بَناتُ الْفِكْرِ لِي غَضَبا
هِيَ الْقَوافِي فَإِنْ خَطْبٌ تَمَرَّسَ بِي / فَهُنَّ ما شاءَ عَزْمِي مِنْ قَنَاً وَظُبا
عَقائِلٌ قَلَّما زُفَّتْ إِلى مَلِكٍ / إلاّ أَباحَ لَهُنَّ الْوُدَّ وَالنَّشَبا
غَرائِبٌ ما حَدا الرَّكْبُ الرِّكابَ بِها / إِلاّ تَرَنَّحْنّ مِنْ تَرْجِيعهِا طَرَبا
مِنْ كُلِّ حَسْناءَ تَقْتادُ النُّفُوسَ هَوىً / إِذا أَلَمَّ بِسَمْعٍ رَجْعُها خَلَبا
شامَتْ بُرُوقَ حَياً باتَتْ تَشِبُّ كَما / تُجاذِبُ الرِّيحُ عَنْ أَرْماحِها الْعَذَبا
وَاسْتَوْضَحَتْ سبُلً الآمالِ حائِدَةً / عَنِ الْمُلُوكِ إِلى أَعْلاهُمُ حَسَبا
تَؤُمُّ أَبْهَرَهُمْ فَضْلاً وَأَغْمَرَهُمْ / بَذْلاً وَأَفْخَرَهُمْ فِعْلاً وَمُنْتَسَبا
تَفَيَّأَتْ ظِلَّ فَخْرِ الْمُلْكِ وَاغْتَبَطَتْ / بِحَيْثُ حُلَّ عِقالُ الْمُزْنِ فَانْسَكَبا
حَتّى إِذا وَرَدَتْ تَهْفُو قَلائِدَها / أَلْفَتْ أَغَرَّ بِتاجِ الْمَجْدَ مُعْتَصِبا
أَشَمَّ أَشْوَسَ مَضْرُوباً سُرادِقُهُ / عَلى الْمَالِكِ مُرْخٍ دُونَها الْحُجُبا
مُمَنَّعَ الْعِزِّ مَعْمُورَ الْفِناءِ بِهِ / مُظَفَّرَ الْعَزْمِ وَالآراءِ مُنْتَجَبا
مِنْ مَعْشَرٍ طالَما شَبُّوا بِكُلِّ وَغىً / ناراً تَظَلُّ أَعادِيهِمْ لهَا حَطَبا
بِيضٌ تَوَقَّدُ فِي أَيْمانِهِمْ شُعَلٌ / هِيَ الصَّواعِقُ إِذْ تَسْتَوْطِنُ السُّحُبا
مِنْ كُلِّ أرْوَعَ مَضّاءٍ إِذا قَصُرتْ / خُطى الْمُحامِينَ فِي مَكْرُوهَةٍ وَثَبا
ذا لا كَمَنْ قَصَّرَتْ فِي الْمَجْدِ هِمَّتُهُ / فَباتَ يَسْتَبْعِدُ الْمَرْمى الَّذِي قَرُبا
عَضْبِ الْعَزِيمَةِ لَوْ لاقَتْ مَضارِبُها / طُوْداً مِنَ الْمُشْرِفاتِ الصُّمِّ لاَنْقَضَبا
زاكِي الْعُرُوقِ لَهُ مِنْ طَيِّءٍ حَسَبٌ / لُوْ كَانَ لَفْظاً لَكانَ النَّظْمَ وَالْخُطَبا
الْهَادِمِينَ مِنَ الأَمْوالِ ما عَمَرُوا / وُالْعامِرِينَ مِنَ الآمالِ ما خَرِبا
رَهْطِ السَّماحِ وَفِيهِمْ طابَ مَوْلِدُهُ / إِنَّ السَّماحَ يَمانٍ كُلَّما انْتَسَبا
أَمّا الْمُلُوكُ فَمالِي عِنْدَهُمْ هَمِمِي / وَالْشُّهْبُ تَحْسَبُها مِنْ فَوْقِها الشُّهُبا
خَلا نَدى مَلِكٍ تُصْبِي خَلائِقُهُ / قَلْبَ الثَّناءِ إِذا قَلْبُ الْمُحِبِّ صَبا
لَقَدْ رَمَتْ بِي مَرامِيها النَّوى زَمناً / فَالْيَوْمَ لا أَنْتَحِي فِي الأَرْضِ مُضْطَرَبا
أَأَرْتَجِي غَيْرَ عَمّارٍ لِنائِبَةٍ / إِذَنْ فَلا آمَنَتْنِي كَفُّهُ النُّوبَا
الْمَانِعُ الْجارَ لُوْ شاءَ الزَّمانُ لَهُ / مَنْعاً لَضاقَ بِهِ ذَرْعاً وَإِنْ رَحُبا
الْبَاذِلُ الْمالَ مَسْئُولاً وَمُبْتَدِئاً / وَالصائِنُ الْمَجْدَ مَوْرُوثاً وَمُكْتَسَبا
اَلْواهِبُ النِّعْمَةَ الْخَضْرَاءَ يُتْبِعُها / أَمْثالَها غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِما وَهَبا
إِذا أَرَدْتُ أَفاءَتْنِي عَواطِفُهُ / ظِلاًّ يُريحُ لِيَ الْحَظِّ الَّذِي عَزَبا
وَالْجَدُّ وَالْفَهْمُ أَسْنى مِنْحَةٍ قُسِمَتْ / لِلطالِبينَ وَلكِنْ قَلَّما اصْطَحَبا
أَرانِي الْعَيْشَ مُخْضَراً وَأَسْمَعَنِي / لَفْظاً إِذا خاضَ سَمْعاً فَرَّجَ الْكُرَبا
خَلائِقُ حَسُنَتْ مَرْأىً وَمُسْتَمَعاً / قَوْلاً وَفِعْلاً يُفِيدُ الْمالَ وَالأَدَبا
كَالرَّوْضِ أَهْدى إِلى رُوّادِهِ أَرَجاً / يُذْكِي النَّسِيمَ وَأَبْدى مَنْظَراً عَجَبا
عادَتْ بِسَعْدِكَ أَعْيادُ الزَّمانِ وَلا / زالَ الْهَناءُ جَدِيداً وَالْمُنى كَثَبا
وَعِشْتَ ما شِئْتَ لا زَنْدٌ يُقالُ كَبا / يُوْماً وَلا بَرْقُ غَيْثٍ مِنْ نَداكَ خَبا
إِنَّ الزَّمانَ بَرَتْ عُودِي نَوائِبُهُ / فَما أُعَدُّ بِهِ نَبْعاً وَلا غَرَبا
وَغالُ بِالْخَفْضِ جَدّاً كانَ مَعْتَلِياً / وَبِالْمَرارَةِ عَيْشاً طالَما عَذُبا
فَما سَخا الْعَزْمُ بِي إِلاّ إِلَيْكَ وَلا / وَقَفْتُ إِلاّ عَلَيْكَ الظَّنَّ مُحْتَسِبا
يا رُبَّ أَجْرَدَ وَرْسِيٍّ سَرابِلُهُ / تَكادُ تَقْبِسُ مِنْهُ فِي الدُّجَى لَهَبا
إِذا نَضا الْفَجْرُ عَنْهُ صِبْغَ فِضَّتِهِ / أَجْرى الصَّباحُ عَلَى أَعْطافِهِ ذَهَبا
يَجْرِي فَتَحْسُرُ عَنْهُ الْعَيْنُ ناظِرَةً / كَما اسْتَطارَ وَمِيضُ الْبَرْقِ وَالْتَهَبَا
جَمِّ النَّشاطِ إِذا ظُنَّ الْكَلالُ بِهِ / رَأْيتَ مِنْ مَرَحٍ فِي جِدّهِ لَعِبا
يَرْتاحُ لِلْجَرْيِ فِي إِمْساكِهِ قَلِقاً / حَتّى كَأَنَّ لَهُ فِي راحَةٍ تَعَبا
يَطْغى مِراحاً فَيَعْتَنُّ الصَّهِيلُ لَهُ / كَالْبَحْرِ جاشَ بِهِ الآذِي فَاصْطَخَبا
جادَتْ يَداكَ بِهِ فِي عُرْضِ ما وَهَبْتْ / قَبْلَ السُّؤَالِ وَأَحْرِ كالْيَوْمَ أَنْ تَهَبا
رفْقاً بِنا آلَ عَمّارٍ إِذا طَلَعَتْ / خَيْلُ السَّماحِ عَلَى سَرْحِ الثَّنا سُرَبا
لا تَبْعَثُوها جُيُوشاً يَوْمَ جُودِكُمُ / إِنَّ الطَّلائِعَ مِنْها تَبْلُغُ الأَرَبا
قَدْ أَنْضَبَ الْحَمْدَ ما تَأْتِي مَكارِمُكُمْ / ما خِلْتُ أَنَّ مَعِيناً قَبْلَهُ نَضَبا
وَلَوْ نَظَمْتُ نُجُومَ اللَّيْلِ مُمْتَدِحاً / لُمْ أَقْضِ مِنْ حَقِّكُمْ بَعْضَ الَّذِي وَجَبا
لأَشْكُرَنَّ زَماناً كانَ حادِثُهُ / وَغَدْرُهُ بِي إِلى مَعْرُوفِكُمْ سَبَبا
فَكَمْ كَسا نِعْمَةً أَدْنى مَلابِسِها / أَسْنى مِنَ النِّعْمَةِ الأُولى الَّتِي سَلَبا
وَما ارْتَشَفْتُ ثَنايا الْعَيْشِ عِنْدَكُمُ / إِلاّ وَجَدْتُ بِها مِنْ جُودِكُمْ شَنبَا
يا مُفْلِتَ الظَّبْيَةِ الْغَنّاءِ مِنْ يَدِهِ
يا مُفْلِتَ الظَّبْيَةِ الْغَنّاءِ مِنْ يَدِهِ / هَلاّ عَلِقْتَ بِها حُيِّيتَ مُقْتَنِصاً
ذُقِ الْمَلامَةَ مَحْقُوقاً فَما ظَلَمَتْ / كَأْسُ النَّدامَةِ إِنْ جُرِّعْتَها غُصَصا
قَدْ أَمْكَنَتْكَ فَما بادَرْتَ فُرْصَتَها / مَنْ شاوَرَ الْعَجْزَ لَمْ يَسْتَنْهِضِ الْفُرَصا
وَقَدْ تَحاماكَ فِيها حاذِقٌ دَرِبٌ / بِالصَّيْدِ لَوْلاكَ لَمْ يُحْجِمْ وَلا نَكَصا
إِنَّ اللَّبِيبَ إِذا ما عَنَّ مَطْلَبُهُ / أَهْوى إِلَيْهِ وَلَمْ يَنْظُرْ بِهِ الرُّخَصا
يا لَيْتَ أَنَّ يَدِي شَلَّتْ وَلَمْ يَرَنِي
يا لَيْتَ أَنَّ يَدِي شَلَّتْ وَلَمْ يَرَنِي / خَلْقٌ أَمُدُّ إِلَيْهِ بِالسُّؤالِ يَدا
وَلَيْتَ سُقْمِي الَّذِي فِي الْحالِ مِنْ عَدَمِي / أَحَلَّهُ الدَّهْرُ مِنِّي الرُّوحَ وَالْجسَدَا
بَلْ لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ خَلْقاً وَإِذْ قَسَمَ الْ / حَياةَ قاسِمُها لي قَصَّرَ الأَمَدا
فَالْمَوْتُ أَرْوحُ مِنْ عَيْشٍ مُنِيتُ بِهِ / وَلَمْ يَعِشْ مَنْ تقَضّى عَيْشُهُ نَكَدا
ألا فَتىً مِنْ صُرُوفِ الدَّهْرِ يَحْمِينِي
ألا فَتىً مِنْ صُرُوفِ الدَّهْرِ يَحْمِينِي / أَلا كَريمٌ عَلَى الأَيّامِ يُعْدِيني
مَضى الْكِرامُ وَقَدْ خُلِّفْتُ بَعْدَهُمُ / أَشْكُو الزَّمانَ إِلى مَنْ لَيْسَ يُشْكِينِي
كَمْ أَسْتَفِيدُ أخاً بَرًّا فَيُعْجِزُنِي / وَأَبْتَغِي ماجِداً مَحْضاً فَيُعْيِيِني
أَرْجُو السَّماحَةَ مِمَّنْ لَيْسَ يُسْعِفُنِي / وَأَبْتَغِي الرِّفْدَ مِمَّنْ لا يُواسِينِي
لَوْ كانَ فِي الْفَضْلِ مِنْ خَيْرٍ لِصاحِبِهِ / مِنِّي فَحَتّامَ لا يَنْفَكُّ يَرْمِينِي
لَوْ كانَ فِي الْفَضْلِ مِنْ خَيْرٍ لِصاحِبِهِ / لَكانَ فَضْلِيَ عَنْ ذِي النَّقْصِ يُغْنِينِي
يا هذِهِ قَدْ أَصابَ الدَّهْرُ حاجَتَهُ / مِنِّي فَحَتّامَ لا يَنْفَكُّ يَرْمِينِي
إِنْ كانَ يَجْهَدُ أَنْ أَصْلى نَوائِبَهُ / جَمْعاً فَواحِدَةٌ مِنْهُنَّ تَكْفِينِي
كَأَنَّهُ لَيْسَ يَغْدُو مُرْسِلاً يَدَهُ / بِكُلِّ نافِذَةٍ إِلاّ لِيُصْمِينِي
سَلَوْتُ لا مَلَلاً عَمَّنْ كَلِفْتُ بِهِ / وَمِثْلُ ما نالَ مِنِّي الدَّهْرُ يُسْلِينِي
ما كُنْتُ أَرْضى الْهَوى وَالْوَجْدُ يُنْحِلُنِي / حَتّى بُلِيتُ فَصارَ الْهَمُّ يُنْضِينِي
مَنْ كانَ ذا أُسْوَةٍ فِيمَنْ بِهِ حَزَنٌ / فَالْيَوْمَ بِي يَتَأَسّى كُلُّ مَحْزُونِ
وافى كَتابُكَ أَسْنى ما يَعُودُ بِهِ
وافى كَتابُكَ أَسْنى ما يَعُودُ بِهِ / وَفْدُ الْمَسَرَّةِ مِنِّي إِذْ يُوافِينِي
فَظَلْتُ أَطْوِيهِ مِنْ شَوْقٍ وَأَنْشُرُهُ / وَالشَّوْقُ يَنْشُرُنِي فِيهِ وَيَطْوِينِي
هِيَ الدِّيارُ فَعُجْ فِي رَسْمِها الْعارِي
هِيَ الدِّيارُ فَعُجْ فِي رَسْمِها الْعارِي / إِنْ كانَ يُغْنِكَ تَعْرِيجٌ عَلَى دارِ
إِنْ يَخْلُ طَرْفُكَ مِنْ سُكَانِها فَبِها / ما يَمْلأُ الْقَلْبَ مِنْ شَوْقٍ وَتَذْكارِ
يا عُمْرُو ما وَقْفَةٌ فِي رَسْمِ مَنْزِلَةٍ / أَثارَ شَوْقَكَ فِيها مَحْوُ آثارِ
أَنْكَرْتَ فِيها الْهَوى ثُمَّ اعْتَرَفْتَ بِهِ / وَما اعْتِرافُكَ إلاّ دَمْعُكَ الْجارِي
تَشْجُو الدِّيارُ وَما يَشْجُو أَخا كَمَدٍ / مِنَ الْهَوى مِثْلُ دارٍ ذاتِ إفْقارِ
يا حَبَّذا مَنْزِلٌ بالسَّفِحِ مِنْ إِضَمٍ / وَدِمْنَةٌ بِلوى خَبْتٍ وَتعِشْارِ
وَحَبَّذا أُصُلٌ يُمْسِي يَجَرُّ بِها / ذَيْلُ النَّسِيمِ عَلَى مَيْثاءِ مَعْطارِ
لُوْ كُنْتُ ناسِيَ عَهْدٍ مِنْ تَقادُمِهِ / نَسِيتُ فِيها لُباناتِي وَأَوْطارِي
أَيّامَ يَفْتِكُ فِيها غَيْرَ مُرْتَقَبٍ / طَبْيُ الْكِناسِ بِلَيْثِ الْغابَةِ الضّارِي
يَصْبُو إِليَّ وَيُصْبِي كُلِّ مُنْفَرِدٍ / بِالدَّلِّ وَالْحُسْنِ مِنْ بادٍ وَمِنْ قارِ
لا أُرْسِلُ اللَّحْظَ إلاّ كانَ مَوْقِعُهُ / عَلَى شُمُوسٍ مُنِيراتٍ وَأَقْمارِ
ما أَطْيَبَ الْعَيْشَ لَوْ أَنِّي وَفَدْتُ بِهِ / عَلَى شَبابٍ وَدَهْرٍ غَيْرِ غَدّارِ
اَلآنَ قَدْ هَجَرَتْ نَفْسِي غَوايَتَها / وَحانَ بَعْدَ حُلُولِ الشِّيْبِ إِقْصارِي
وَالْعَيْشُ ما صَحِبَ الْفِتْيانُ دَهْرَهُمُ / مُقَسَّمُ بَيْنَ إِحْلاءٍ وإِمْرارِ
يا مَنْ بِمُجْتُمُعِ الشَّطَّيْنِ إِنْ عَصَفَتْ / بِكُمْ رِياحِي فَقَدْ قَدَّمْتُ إِعْذارِي
لا تُنْكِرُنَّ رِحِيلِي عَنْ دِيارِكُمُ / لَيْسَ الْكَرِيمُ عَلَى ضَيْمِ بِصَبّارِ
يَأْبى لِيَ الضَّيْمَ فُرْسانُ الْخِلاجِ وَما / حَبَّرْتُ مِنْ غُرَرٍ تُهْدى وَأَشْعارِ
وَقَدْ غَدَوْتُ بِعِزِّ الدِّينِ مُعْتَصِماً / إِنَّ الْكِرامَ عَلَى الأَيّامِ أَنْصارِي
مَلْكٌ إِذا ذُكِرَتْ يُوْماً مَواهِبُهُ / أَثْرى الرَّجاءُ بِها مِنْ بَعْدِ إِقْتارِ
يُعْطِيكَ جُوداً عَلَى الإِقْلال تَحْسَبُهُ / وافاكَ عَنْ نَشَبٍ جَمٍّ وَإِكْثارِ
رَيّانُ مِنْ كَرَمٍ مَلآنُ مِنْ هِمَمٍ / كَأَنَّهُ السَّيْفُ بَيْنَ الْماءِ وَالنّارِ
لَيْسَ الْجَوادُ جُواداً ما جَرى مَثَلٌ / حَتّى يَكُونَ كَحَسّانِ بْنِ مِسْمارِ
الْواهِبُ الْخَيْل إِمّا جِئْتَ زائِرَهُ / أَقَلَّ سَرْجَكَ مِنْها كُلُّ طَيّارِ
اَلطّاعِنُ الطَّعْنَةَ الْفَوْهاءَ جائِشَةً / تَرُدُّ طاعِنَها عَنْها بِتَيارِ
يَكادُ يَنْفُذُ فِيها حِينَ يُنْفِذُها / لُوْلا عُبابُ دَمٍ مِنْ فُوْرِها جارِ
تَلْقى السِّنانَ بِها وَالسَّرْدَ تَحْسَبُهُ / ما ضَلَّ منْ فُتُلٍ فِيها وَمِسْبارِ
فِي كَفِّهِ سَيْفُ مِسْمارَ الَّذِي شَقِيَتْ / هامُ الْمُلُوكِ بِهِ أَيّامَ سِنْجارِ
لاَ يَأْمُلُ الرّزْقَ إلاّ مِنْ مَضارِبِهِ / فَرْسُ الْهُمامِ بِأَنْيابٍ وَأَظْفارِ
نِعْمَ الْمُناخُ لِشُعْثٍ فَوْتِ مَهْلَكَةٍ / أَرْماقِ مَسْغَبَةٍ أنْضاءِ أَسْفارِ
لا يَشْتَكُونَ لَدَيْهِ الْمَحْلَ فِي سَنَةٍ / يَشْكُو بِها السَّغَبَ الْمَقْرِيُّ وَالقَارِي
سَحابُ جُوْدٍ عَلَى الرّاجِينَ مُنْهَمِلٍ / وَبَحْرُ جُودٍ عَلَى الْعافِينَ زَخّارِ
إذا تَرَحَّلَ عَنْ دارٍ أَقامَ لَهُ / مِنَ الصَّنائِعِ فِيها خَيْرُ آثارِ
كَالْغَيْثِ أَقْلَعَ مَحْمُوداً وَخَلَّفَ ما / يُرْضِيكَ مِنْ زَهَرٍ غَضٍّ وَنُوّارِ
تَبْقى الذَّخائِرُ مِنْ فَضْلاتِ نائِلِهِ / كَأَنَّها غُدُرٌ مِنْ بَعْدِ أَمْطارِ
مُظَفَّرُ الْعَزْمِ ما تَأْلُو مُوَفَّقَةً / آراؤُهُ بَيْنَ إِيْرادٍ وَإِصْدارِ
سامٍ إلى الشَّرَفِ الْممْنُوعِ جانِبُهُ / نامٍ إِلى الْحَسَبِ الْعَارِي مِنَ الْعارِ
مُخَوَّلٌ فِي جَنابٍ يَيْتَ مَمْلَكَةٍ / عَزُّوا بِهِ وَأَذَلُّوا كُلَّ جَبّارِ
أَيّامَ كَلْبٌ لَها ما بَيْنَ جُوسِيَةٍ / وَبَيْنَ غَزَّةَ مِنْ رِيفٍ وَأَمْصارِ
يَقُودُها مِنْ سِنانٍ عَزْمُ مُتَّقِدٍ / أَمامَها كَسِنانِ الصَّعْدَةِ الْوارِي
تَرْمِي بأَعُيُنِها فِي كُلِّ داجِيةٍ / مِنْهُ إلى كَوْكَبٍ بِالسَّعْدِ سَيّارِ
يَبِيتُ كلُّ ثَقِيلِ الرُّمْحِ حامِلُه / فِي سَرْجِ كُلِّ خَفِيفِ اللِّبْدِ مِغْوارِ
مُجْدٌ تَأَثَّلَ فِي نَجْدٍ أَوائِلُهُ / وَشِيد بِالشّامِ مِنْهُ الطّارِفُ الطّارِي
يَا بْنَ الْكرِامِ الأُلى ما زالَ مَجْدُهُمُ / مُغْرىً بِقِلَّةِ أشْباهٍ وَأَنْظارِ
اَلْمانِعِينَ غَداةَ الْخَوْفِ جارهُمُ / وَالْحافِظِينَ بِغَيْبٍ حُرْمَةَ الْجَارِ
بِيضُ الْعَوارِفِ أَغْمارٌ إِذا وَهَبُوا / جُوداً وَلَيْسُوا إِذا عُدُّوا بِأَغْمارِ
لا يَصْحَبُ الدَّهْرُ مِنْهُمْ طُولَ ما ذُكِرُوا / إِلاّ الثَّناءُ وَإلاّ طِيبُ أَخْبارِ
إِنَّ الْعَشائِرَ مِنْ أَحْياءِ ذِي يَمَنٍ / لَمّا بَغَوْكَ جَرَوْا فِي غَيْرِ مِضْمارِ
أَصْحَرْتَ إِذْ مَدَّ بِالْمِدّانِ سَيْلُهُمُ / وَاللَّيْثُ لا يُتَّقى مِنْ غَيْرِ إِصْحارِ
سالُوا فَأَغْرَقَهُمْ قطر نضحت به / ما كل سبل على خيل بجرار
مالوا فقوم منهم كل مناظر / طَعْنٌ يُعَدِّلُ مِنْهُمْ كُلَّ جُوّارِ
حَتّى إِذا نَهَتِ الأُولى فَما انْتَفَعُوا / بِالنَّهْي وَالْبَغْيُ فِيهِمْ شَرُّ أَمّارِ
أَبَحْتَها وَحَمَيْتَ الشّامَ معْتقِداً / أَنْ لَيْسَ يَنْفَعُ إِلاّ كُلُّ ضَرّارِ
قَدْ نابَكَ الدَّهْرُ أَزْماناً بِغَيْرِهِمِ / فَظَلَّ يَغْمِزُ عُوداً غَيْرَ خُوّارِ
وَكَمْ أَبَتَّ عَلَى ثَأْرٍ ذَوِي ضَغَنٍ / وَلَمْ تَبِتْ قَطُّ مِنْ قُوْمٍ عَلَى ثارِ
إِنْ زُرْتُ دارَكَ عنْ شَوْقٍ فَمَجْدُكَ بِي / أَوْلى وَما كُلُّ مُشْتاقٍ بِزَوّارِ
لَيْسَ الْمُطِيقُونَ حِجَّ الْبَيْتِ ما تَرَكُوا / فَرِيضَةَ الْحَجِّ عَنْ زُهْدٍ بِأَبْرارِ
وَقَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَعْدِي عَلى زَمَنٍ / لا يَشْرَبُ الْحُرُّ فِيهِ غَيْرَ أَكْدارِ
مُوَكِّلُ الْجُوْرِ بِالأَحْرارِ يَقْصِدُهُمْ / كَأَنَّهُ عِنْدُهُمْ طَلاّبُ أَوْتارِ
وَالْحَمْدُ أَنْفَسُ مَذْخُورٍ تَفَوزُ بِهِ / فَخُذْ بِحظِّكَ مِنْ عُونِي وَأَبْكارِي
مِنَ الْقَوافِي الَّتِي ما زِلْتُ أُودِعُها / عُلالَةَ الرَّكْبِ مِنْ غادٍ وَمِنْ سارِ
إِنَّ السِّماحَةَ َأُولاها وَآخِرَها / فِي كَفِّ كُلِّ يَمانٍ يَا بْنَ مِسْمارِ
لا تَسْقِنِي بسِوى جَدْوى يَدَيْكَ فَما / يُرْوِي مِنَ السُّحْبِ إِلاّ كُلُّ مِدْرارِ
وَلَسْتُ أَوَّلَ راج قادَهُ أَمَلٌ / قَدْ راحَ مِنْكَ عَلَى شَقْراءَ مِحْضارِ
نَبِي الْعُلى وَالنَّدى ما لِي صَفَتْ وَضَفَتْ
نَبِي الْعُلى وَالنَّدى ما لِي صَفَتْ وَضَفَتْ / عِنْدِي لَكُمْ طُرَفُ الأَشْعارِ وَالمُلَحُ
إِنِّي لَرَبُّ الْقَوافِي فِي زَمانِكُمُ / وَقَدْ سَأَلْتُ اقْتِراحَ الْقَوْمِ فاقْتَرِحُوا
مَعْنىً بَلِيغاً وَاَلْفاظاً يَرُقْنَ وَأَغْ / راضاً يَفُقْنَ وَبَحْراً لَيْسَ يُنْتَزَحُ
وَما يَكادُ يُدِيرُ الْفِكْرُ أَكْؤُسَهُ / إِلاّ بِحَيْثُ يَدُورُ اللُّهْوُ وَالْقَدَحُ
أَلا تَرَونَ وُجُوهَ الْعَيْشِ مُقْبِلَةً / تُزْهى وَصَدْرَ الأَمانِي وَهْوَ مُنْشَرِحُ
وَالْيَوْمَ يَوْمٌ يُرِينا الشَّمْسَ ضاحِكَةً / طَوْراً وَدَمْعَ الْغَوادِي وَهْوَ مُنْسَفِحُ
وَالنّايُ كَالنَّأْيِ في قَلْبِ المُحِبِّ وَلِلْ / أَوْتارِ فِي كُلِّ سَمْعٍ أَلْسُنٌ فُصُحُ
وَمُسْمِعِينَ إِذا مَرَّتْ لَهُمْ نَغَمٌ / كادَتْ لَهُنَّ قُلُوبُ القَوْمِ تَنْجَرِحُ
لا تَعْذِرَنَّ بَنِي اللَّذّاتِ إِنْ نَزَعُوا / عَنْهَا فَأَفْسَدُ ما كانُوا إِذا صَلُحُوا
وَفِي ذُرى الْمَجْدِ مِنْ تاجِ الْمُلُوكِ فَتىً / بِالْعِزِّ مُغْتَبِقٌ بِالسَّعْدِ مُصْطَبِحُ
الْيَوْمَ حَصَّنَ مَدْحِي بَعْدَ بِذْلَتِهِ / مَلْكٌ بِهِ تَفْخَرُ الأَيّامُ وَالْمِدَحُ
مَلْكٌ إِذا انْهَلَّ فِي بَأْسٍ وَفَيْضِ نَدىً / فَاللَّيْثُ مُهْتَصِرٌ والْغَيْثُ مُفْتَضِحُ
بَدْرٌ لَوَانَّ لِبَدْرِ الأُفْقِ بَهْجَتَهُ / أَضْحى بِهِ اللَّيْلُ مِثْلَ الصُّبْحِ يَتَّضِحُ
حارَ الثُّناءُ فَما يَدْرِي أَغايَتُهُ / أَعْراقُهُ الْبِيضُ أَمْ أَخْلاقُهُ السُّجُح
لَوْ لَمْ تَكُنْ أَوْحَدَ الأَقْوامِ كُلِّهِمِ / لَقُلْتُ إِنَّ الْمَعالِي وَالنَّدى مِنَحُ
أَمّا الزَّمانُ فَقَدْ أَضْحى بِدَوْلَتِهِ / نَضْراً حَكى الرَّوْضَ وَالطُّلابُ قَدْ نَجَحُوا
وَالْعَيْشُ مُتَّسِعٌ وَالأَمْنُ مُقْتَبَلٌ / وَاللَّهْوُ مُسْتَخْلَصٌ والْهَمُّ مُطَّرَحُ
يا أَيُّها النَّجْمُ ما وَفَّيْتُهُ لَقَباً
يا أَيُّها النَّجْمُ ما وَفَّيْتُهُ لَقَباً / وَأَنْتَ بَدْرٌ وَمِنْكَ الْبَدْرُ يَعْتَذِرُ
أَخُوكَ شَمْسٌ عَلَى الأَيّامِ طالِعَةٌ / فَكَيْفَ يُنْكِرُ خَلْقٌ أَنَّكَ الْقَمَرُ
لِلهِ يَوْمٌ سَقانا اللَّهْوُ وَالْمَطَرُ
لِلهِ يَوْمٌ سَقانا اللَّهْوُ وَالْمَطَرُ / بِهِ وَأُحْمِدَ مِنّا الْوِرْدُ وَالصَّدَرُ
يَوْمٌ كَفانا مِنَ اللَّذّاتِ أَنَّ بِهِ / لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ حَتّى زارَنا الْقَمَرُ
فِي قامَةِ الْغُصْنِ إِلاّ اَنَّهُ رَشَأٌ / فِي طَلْعَةِ الْبَدْرِ إِلاّ أَنَّهُ بَشَرُ
زِيارَةٌ لَيْتَ يَوْمِي لا يَكُونُ لَهُ / فِيها عِشاءٌ وَلَيْلِي ما لَهُ سَحَرُ
مُلِّيتَ بَدْراً تُهَنّاهُ وَضِرْغاما
مُلِّيتَ بَدْراً تُهَنّاهُ وَضِرْغاما / تَحْوِي بِهِ لِلْعِدى كَبْتاً وَإِرْغاما
سَمّاهُ مَجْدُكَ بَهْراماً لأَنَّ لَهُ / سَعْداً يُطاوِلُ كَيْواناً وَبهْراما
قَدْ عادَ مِنْ نُورِهِ الإِظْلامُ وَهْوَ ضُحىً / مِنْ بِعْدِ ما غادَرَ الإِصْباحَ إِظْلاما
بُشْراكَ أَنَّكَ ما تَنْفَكُّ تُلْبِسُهُ النُّ / عْمى وَتَلْبَسُ إِجْلالاً وَإِعْظاما
يا أَكْرَمَ النّاسِ آباءً وَأَشْرَفَهُمْ / عِنْدَ التَّفاخُرِ أَخْوالاً وَأَعْماما
أَطْلَعْتَ بِالشّامِ مِنْ بَهْرامَ بَدْرَ دُجىً / أَضْحى العِراقُ عَلَيْهِ يَحْسُدُ الشّاما
فَاسْعَدْ بِهِ دائِمَ النَّعْماءِ مُعْتَلِياً / عَلَى الزَّمانِ وَخَيْرُ الْعَيْشِ ما داما
قُلْ لِلْعَمِيدِ عِمِيدِ الْمُلْكِ إِنَّ لَهُ
قُلْ لِلْعَمِيدِ عِمِيدِ الْمُلْكِ إِنَّ لَهُ / عَزْماً يُؤَمَّلُ لِلدُّنْيا وَ لِلدِّينِ
يا خَيْرَ مَنْ شَعَفَ الْحَمْدُ الْجَزِيلُ لَهُ / قَلْباً بِغَيْرِ الْمَعالِي غَيْرَ مَفْتُونِ
ما بالُ بابِكَ مَفْتُوحاً لِداخِلِهِ / وَلَسْتُ أَلْقاهُ إِلاّ مُغْلَقاً دُونِي
إِنِّي أَعُوذُ بِعَطْفٍ مِنْكَ أَعْرِفُهُ / ما زالَ يَقْتُلُ أَعْدائِي وَيُحْيِينِي
مِنْ أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمُ / شَيْئاً سِوى الْحَظِّ يُدْنِيهِمْ وَيُقْصِينِي
أَمّا أَبُو الْيُمْنِ فَلْتَفْخَرْ بِهِ اليمَنُ
أَمّا أَبُو الْيُمْنِ فَلْتَفْخَرْ بِهِ اليمَنُ / وَالْفَخْرُ وَالدَّهْرُ وَالأَيّامُ وَالزَّمَنُ
فاقَ الأَنامَ عَلاءً والْكِرامَ نَدىً / وَلَيْسَ مُسْتَنكَراً أَنْ يَحْسُنَ الْحَسَنُ
أَغَرُّ أَزْهَرُ فَيّاضٌ لَهُ مِنَنٌ / لا تَسْتَقِلُّ بِأَدْنى شكْرِها الْمُنَنَ
تَغَرَّبَ الْجُودُ حَتّى حَلَّ فِي يَدِهِ / فَلَيْسَ لِلْجُودِ إِلا كَفَّهُ وَطَنُ