المجموع : 68
تَوَازَنَ الصَّيْفُ والشِّتَاءُ
تَوَازَنَ الصَّيْفُ والشِّتَاءُ / واعْتَدَلَ الصُّبْحُ والْمَساءُ
واصْطَلَحَتْ بَعْدَ طُولِ عَتْبٍ / بَيْنَهُمَا الأَرْضُ والسَّمَاءُ
فَلا اصْطِحارٌ وَلا اكْتِنَانٌ / وَلا ابْتِرادٌ وَلا اصْطِلاءُ
تَبْتَهِجُ العَيْنُ في رِياضٍ / أَنْضَرَها الماءُ وَالْهَواءُ
مَنَابِتٌ زَرْعُها بَهِيجٌ / وَغَيْضَةٌ ماؤُها رَوَاءُ
لِلطَّيْرِ في أَيْكِها هَدِيلٌ / وَلِلصَّبا بَيْنَها مُكَاءُ
تَوَارَتِ الشَّمْسُ عَنْ ذراهَا / وَشَبَّ مِنْ زَهْرِهَا سَناءُ
فَالصُّبْحُ وَالظُّهْرُ وَالْعَشَايَا / وَالْوَهْنُ مِنْ لَيْلِها سَوَاءُ
فَلا ضَبَابٌ وَلا غَمَامٌ / وَلا ظَلاَمٌ وَلا ضِياءُ
فَقُمْ بِنا نَغْتَنِمْ شَبَاباً / وَلَذَّةً بَعْدَها فَنَاءُ
وَلا تُطِلْ فِكْرَةَ التَّمَنِّي / فَإِنَّهُ الْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ
يُرِيْدُ كُلُّ امْرِئٍ مُنَاهُ / وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ
وَصَاحِبٍ كَهُمُومِ النَّفْسِ مُعْتَرِضٍ
وَصَاحِبٍ كَهُمُومِ النَّفْسِ مُعْتَرِضٍ / مَا بَيْنَ تَرْقُوَةٍ مِنِّي وَأَحشاءِ
إِنْ قَالَ خَيْراً فَعَنْ سَهْوٍ أَلَمَّ بِهِ / أَوْ قَالَ شَرَّاً فَعَنْ قَصْدٍ وَإِمْضَاءِ
لا يَفْعَلُ السُّوءَ إِلَّا بَعْدَ مَقْدِرَةٍ / وَلا يُكَفْكِفُ إِلَّا بَعْدَ إِيذاءِ
عاشَرْتُهُ حِقْبَةً مِنْ غَيْرِ سابِقَةٍ / فَكَانَ أَقْتَلَ مِنْ دَاءٍ لِحَوْباءِ
يَبْغِي رِضايَ وقَدْ أَوْدَى بِرُمَّتِهِ / وَكَيْفَ يَحْيَا صَرِيعٌ بَعْدَ إِيداءِ
لا بارَكَ اللهُ فِيهِ حَيْثُ كَانَ وَلا / جَزَاهُ عَنْ فِعْلِهِ إِلَّا بِأَسْواءِ
لِكُلِّ دَمْعٍ مِنْ مُقْلَةٍ سَبَبُ
لِكُلِّ دَمْعٍ مِنْ مُقْلَةٍ سَبَبُ / وَكَيْفَ يَمْلِكُ دَمْعَ الْعَيْنِ مُكْتَئِبُ
لَوْلا مُكَابَدَةُ الأَشْوَاقِ ما دَمَعَتْ / عَيْنٌ وَلا بَاتَ قَلْبٌ فِي الْحَشَا يَجِبُ
فَيَا أَخَا الْعَذْلِ لا تَعْجَلْ بِلائِمَةٍ / عَلَيَّ فَالْحُبُّ سُلْطَانٌ لَهُ الغَلَبُ
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ عَقْلٌ يَسْتَضيءُ بِهِ / فِي ظُلْمَةِ الشَّكِّ لَم تَعْلَقْ بِهِ النُّوَبُ
وَلَوْ تَبَيَّنَ ما في الْغَيْبِ مِنْ حَدَثٍ / لَكَانَ يَعْلَمُ مَا يَأْتِي وَيَجْتَنِبُ
لَكِنَّهُ غَرَضٌ لِلدَّهْرِ يَرْشُقُهُ / بِأَسْهُمٍ ما لَها رِيشٌ وَلا عَقَبُ
فَكَيفَ أَكْتُمُ أَشْوَاقِي وَبِي كَلَفٌ / تَكَادُ مِنْ مَسِّهِ الأَحْشَاءُ تَنْشَعِبُ
أَمْ كَيْفَ أَسْلُو وَلِي قَلْبٌ إِذَا الْتَهَبَتْ / بِالأُفْقِ لَمْعَةُ بَرْقٍ كَادَ يَلْتَهِبُ
أَصْبَحْتُ فِي الْحُبِّ مَطْوِيَّاً عَلَى حُرَقٍ / يَكَادُ أَيْسَرُها بِالرُّوحِ يَنْتَشِبُ
إِذَا تَنَفَّسْتُ فَاضَتْ زَفْرَتِي شَرَراً / كَمَا اسْتَنَارَ وَرَاءَ الْقَدْحَةِ اللَّهَبُ
لَمْ يَبْقَ لِي غَيْرَ نَفْسِي مَا أَجُودُ بِهِ / وَقَدْ فَعَلْتُ فَهَلْ مِنْ رَحْمَةٍ تَجِبُ
كَأَنَّ قَلْبِي إِذَا هَاجَ الْغَرَامُ بِهِ / بَيْنَ الْحَشَا طَائِرٌ فِي الْفَخِّ يَضْطَرِبُ
لا يَتْرُكُ الْحُبُّ قَلْبِي مِنْ لَواعِجِهِ / كَأَنَّمَا بَيْنَ قَلْبِي وَالْهَوَى نَسَبُ
فَلا تَلُمْنِي عَلَى دَمْعٍ تَحَدَّرَ في / سَفْحِ الْعَقِيقِ فَلِي في سَفْحِهِ أَرَبُ
مَنَازِلٌ كُلَّمَا لاحَتْ مَخَايِلُهَا / فِي صَفْحَةِ الْفِكْرِ مِنِّي هاجَنِي طَرَبُ
لِي عِنْدَ سَاكِنِهَا عَهْدٌ شَقِيتُ بِهِ / وَالْعَهْدُ ما لَم يَصُنْهُ الْوُدُّ مُنْقَضِبُ
وَعادَ ظَنِّي عَلِيلاً بَعْدَ صِحَّتِهِ / وَالظَنُّ يَبْعُدُ أَحْيَاناً وَيَقْتَرِبُ
فَيَا سَرَاةَ الْحِمَى ما بَالُ نُصْرَتِكُمْ / ضَاقَتْ عَلَيَّ وَأَنْتُمْ سادَةٌ نُجُبُ
أَضَعْتُمُوني وَكانَتْ لِي بِكُمْ ثِقَةٌ / مَتَى خَفَرْتُمْ ذِمَامَ الْعَهْدِ يا عَرَبُ
أَلَيْسَ فِي الحَقِّ أَنْ يَلْقَى النَّزِيلُ بِكُمْ / إِمْناً إِذا خَافَ أَنْ يَنْتَابَهُ الْعَطَبُ
فَكَيْفَ تَسْلُبُنِي قَلْبِي بِلا تِرَةٍ / فَتاةُ خِدْرٍ لَهَا فِي الْحَيِّ مُنْتَسَبُ
مَرَّتْ عَلَيْنَا تَهَادَى في صَوَاحِبِهَا / كَالْبَدْرِ في هَالَةٍ حَفَّتْ بِهِ الشُّهُبُ
تَهْتَزُّ مِنْ فَرْعِها الْفَيْنَانِ في سرَقٍ / كَسَمْهَرِيٍّ لهُ مِنْ سَوْسَنٍ عَذَبُ
كَأَنَّ غُرَّتَهَا مِنْ تَحْتِ طُرَّتِها / فَجْرٌ بِجَانِحَةِ الظَّلْمَاءِ مُنْتَقِبُ
كانَتْ لَنا آيَةً في الْحُسْنِ فاحْتَجَبَتْ / عَنَّا بِلَيْلِ النَّوَى وَالْبَدْرُ يَحْتَجِبُ
فَهَلْ إِلى نَظْرَةٍ يَحْيَا بِهَا رَمَقٌ / ذَرِيعَةٌ تَبْتَغِيها النَّفْسُ أَو سَبَبُ
أَبِيتُ في غُرْبَةٍ لا النَّفْسُ رَاضِيَةٌ / بِها وَلا المُلْتَقَى مِنْ شِيعَتِي كَثَبُ
فَلا رَفِيقٌ تَسُرُّ النَّفْسَ طَلْعَتُهُ / وَلا صَدِيقٌ يَرَى ما بِي فَيَكْتَئِبُ
وَمِنْ عَجَائِبِ ما لاقَيْتُ مِنْ زَمَنِي / أَنِّي مُنِيتُ بِخَطْبٍ أَمْرُهُ عَجَبُ
لَم أَقْتَرِفْ زَلَّةً تَقْضِي عَلَيَّ بِما / أَصْبَحْتُ فيهِ فَماذَا الْوَيْلُ والْحَرَبُ
فَهَلْ دِفَاعِي عَنْ دِيني وَعَنْ وَطَنِي / ذَنْبٌ أُدَانُ بِهِ ظُلْمَاً وَأَغْتَرِبُ
فَلا يَظُنّ بِيَ الْحُسَّادُ مَنْدَمَةً / فَإِنَّنِي صابِرٌ فِي اللهِ مُحْتَسِبُ
أَثْرَيْتُ مَجْداً فَلَمْ أَعْبَأْ بِمَا سَلَبَتْ / أَيْدِي الْحَوادِثِ مِنِّي فَهْوَ مُكْتَسَبُ
لا يَخْفِضُ الْبُؤْسُ نَفْساً وَهْيَ عَالِيَةٌ / وَلا يُشِيدُ بِذِكْرِ الْخَامِلِ النَّشَبُ
إِنِّي امْرُؤٌ لا يَرُدُّ الخَوْفُ بادِرَتِي / وَلا يَحِيفُ عَلَى أَخْلاقِيَ الْغَضَبُ
مَلَكْتُ حِلْمِي فَلَمْ أَنْطِقْ بِمُنْدِيَةٍ / وَصُنْتُ عِرْضِي فَلَم تَعْلَقْ بِهِ الرِّيَبُ
ومَا أُبَالِي ونَفْسِي غَيْرُ خاطِئَةٍ / إِذا تَخَرَّصَ أَقْوامٌ وَإِنْ كَذَبُوا
ها إِنَّها فِرْيَةٌ قَدْ كانَ باءَ بِها / في ثَوْبِ يُوسُفَ مِنْ قَبْلِي دَمٌ كَذِبُ
فَإِنْ يَكُنْ سَاءَنِي دَهْرِي وغَادَرَنِي / في غُرْبَةٍ لَيْسَ لِي فيها أَخٌ حَدِبُ
فَسَوْفَ تَصْفُو اللَّيَالي بَعْدَ كُدْرَتِها / وَكُلُّ دَوْرٍ إِذَا ما تَمَّ يَنْقَلِبُ
مَنْ صَاحَبَ الْعَجْزَ لَمْ يَظْفَرْ بِمَا طَلَبَا
مَنْ صَاحَبَ الْعَجْزَ لَمْ يَظْفَرْ بِمَا طَلَبَا / فارْكَبْ مِنَ الْعَزْمِ طِرْفاً يَسْبِقُ الشُّهُبَا
لا يُدْرِكُ الْمَجْدَ إِلاَّ مَنْ إِذَا هَتَفَتْ / بِهِ الْحَمِيَّةُ هَزَّ الرُّمْحَ وَانْتَصَبَا
يَسْتَهِلُ الصَّعْبَ إِنْ هاجَتْ حَفِيظَتُهُ / ولا يُشَاوِرُ غَيْرَ السَّيْفِ إِنْ غَضِبَا
يَنْهَلُّ صارِمُهُ حَتْفاً وَمنْطقُهُ / سِحْراً حَلالاً إِذَا ما صَالَ أَوْ خَطَبَا
إِنْ حَلَّ أَرْضاً حَمَى بِالسَّيْفِ جَانِبَهَا / وإِنْ وَعَى نَبْأَةً مِنْ صارِخٍ رَكِبَا
فَذَاكَ إِنْ يَحْيَ تَحْيَ الأَرْضُ في رَغَدٍ / وَإِنْ يَمُتْ يَنْقَلِبْ صِدْقُ الْمُنَى كَذِبَا
فَاحْمِلْ بِنَفْسِكَ تَبْلُغْ ما أَرَدْتَ بِهَا / فَاللَّيْثُ لا يَرْهَبُ الأَخْطَارَ إِنْ وَثَبَا
وَجُدْ بِمَا مَلَكَتْ كَفَّاكَ مِنْ نَشَبٍ / فَالْجُودُ كَالْبَأْسِ يَحْمِي الْعِرْضَ وَالنَّسَبَا
لا يَقْعُدُ الْبَطَلُ الصِّنْدِيدُ عَنْ كَرَمٍ / مَنْ جَادَ بِالنَّفْسِ لَمْ يَبْخَلْ بِمَا كَسَبَا
قَالَتْ وقَدْ سَمِعَتْ شِعْرِي فَأَعْجَبَها
قَالَتْ وقَدْ سَمِعَتْ شِعْرِي فَأَعْجَبَها / إِنِّي أَخَافُ عَلَى هَذَا الغُلامِ أَبِي
أَرَاهُ يَهْتِفُ بِاسْمِي غَيْرَ مُكْتَرِثٍ / وَلَوْ كَنَى لَمْ يَدَعْ لِلظَّنِّ مِنْ سَبَبِ
فَكَيْفَ أَصْنَعُ إِنْ ذَاعَتْ مَقَالَتُهُ / مَا بَيْنَ قَوْمِي وهُمْ مِنْ سادَةِ الْعَرَبِ
فَنَازَعَتْها فَتَاةٌ مِنْ صَوَاحِبِهَا / قَوْلاً يُؤَلِّفُ بَيْنَ الْمَاءِ واللَّهَبِ
قَالَتْ دَعِيهِ يَصُوغُ الْقَوْلَ في جُمَلٍ / مِنَ الْهَوَى فَهْيَ آياتٌ مِنَ الأَدَبِ
وما عَلَيْكِ وفي الأَسْمَاءِ مُشْتَرَكٌ / إِنْ قالَ في الشِّعْرِ يا لَيْلَى وَلَمْ يَعِبِ
وَحَسْبُهُ مِنْكَ داءٌ لَوْ تَضَمَّنَهُ / قَلْبُ الْحَمامَةِ ما غَنَّتْ عَلَى عَذَبِ
فَاسْتَأْنَسَتْ ثُمَّ قالتْ وَهْيَ بَاسمَةٌ / إِنْ كانَ ما قُلْتِ حَقَّاً فَهْوَ في تَعَبِ
يا حُسْنَهُ مِنْ حَدِيثٍ شَفَّ باطِنُهُ / عَنْ رِقَّةٍ أَلْبَسَتْنِي خِلْعَةَ الطَّرَبِ
لَيْسَ ابْنُ آدَمَ ذا جَهْلٍ بِمَصْرَعِهِ
لَيْسَ ابْنُ آدَمَ ذا جَهْلٍ بِمَصْرَعِهِ / لَكِنَّهُ يَتَنَاسَى الْجِدَّ بِاللَّعِبِ
تَراهُ يَلْهُو وَلا يَنْفَكُّ في حَذَرٍ / وَرَاحَةُ النَّفْسِ لا تَخْلُو مِنَ التَّعَبِ
وَغْدٌ تَكَوَّنَ مِنْ لُؤْمٍ ومِنْ دَنَسٍ
وَغْدٌ تَكَوَّنَ مِنْ لُؤْمٍ ومِنْ دَنَسٍ / فَمَا يَغَارُ عَلَى عِرْضٍ وَلا حَسَبِ
يَلْتَذُّ بِالطَّعْنِ فِيهِ وَالْهِجَاءِ كَمَا / يَلْتَذُّ بِالْحَكِّ والتَّظْفِيرِ ذو الْجَرَبِ
وَذِي خِلالٍ كَأَنَّ اللهَ صَوَّرَهَا
وَذِي خِلالٍ كَأَنَّ اللهَ صَوَّرَهَا / مِنْ صِبْغَة اللُّؤْمِ أَوْ مِنْ حَمْأَةِ الرَّيَبِ
نَالَ الْعَلاءَ وَلَكِنْ خَابَ رَاِئدُهُ / عَنْ نُجْعَةِ الْفَضْلِ والآدابِ والْحَسَبِ
هَجَوْتُهُ رَغْبَةً في الصِّدْقِ إِذْ نَفَرَتْ / شَمَائِلِي عَنْ مَقَالِ الْمَدْحِ فِي الْكَذِبِ
يا صارِمَ اللَّحْظِ مَنْ أَغْرَاكَ بِالْمُهَجِ
يا صارِمَ اللَّحْظِ مَنْ أَغْرَاكَ بِالْمُهَجِ / حَتَّى فَتَكْتَ بِهَا ظُلْماً بِلا حَرَجِ
ما زالَ يَخْدَعُ نَفْسِي وَهْيَ لاهِيَةٌ / حَتَّى أَصَابَ سَوادَ الْقَلْبِ بِالدَّعَجِ
طَرْفٌ لَو أَنَّ الظُّبَا كَانَتْ كَلَحْظَتِهِ / يَومَ الْكَرِيهَةِ مَا أَبْقَتْ عَلَى وَدَجِ
أَوْحَى إِلَى القَلْبِ فانْقَادَتْ أَزِمَّتُهُ / طَوْعاً إِلَيْهِ وَخلَّانِي وَلَمْ يَعُجِ
فَكَيْفَ لِي بِتَلافِيهِ وَقَدْ عَلِقَتْ / بِهِ حَبائِلُ ذاكَ الشَّادِنِ الْغَنِجِ
كَادَتْ تُذِيبُ فُؤادِي نارُ لَوْعَتِهِ / لَوْ لَمْ أَكُنْ مِنْ مَسِيلِ الدَّمْعِ في لُجَجِ
لَوْلا الْفَواتِنُ مِنْ غِزْلانِ كَاظِمَةٍ / مَا كانَ لِلْحُبِّ سُلْطَانٌ عَلَى المُهَجِ
فَهَلْ إِلَى صِلَةٍ مِنْ غَادِرٍ عِدَةٌ / تَشْفِي تَبارِيحَ قَلْبٍ بِالْفِراقِ شَجِ
أَبِيتُ أَرْعَى نُجُومَ اللَّيْلِ في ظُلَمٍ / يَخْشى الضَّلالَةَ فيها كُلُّ مُدَّلِجِ
كَأَنَّ أَنْجُمَهُ والجَوُّ مُعتَكِرٌ / غِيدٌ بِأَخْبِيَةٍ يَنْظُرْنَ مِنْ فُرَجِ
لَيْلٌ غَيَاهِبُهُ حَيْرَى وأَنْجُمُهُ / حَسْرَى وَساعاتُهُ فِي الطُّولِ كالْحِجَجِ
كَأَنَّما الصُّبْحُ خافَ اللَّيْلَ حِينَ رَأَى / ظَلْمَاءَهُ ذاتَ أَسْدادٍ فَلَمْ يَلِجِ
فَلَيْتَ مَنْ لامَنِي لانَتْ شَكِيمَتُهُ / فَكَفَّ عَنِّي فُضُولَ الْمَنطِقِ السَّمِجِ
يَظُنُّ بِي سَفَهاً أَنِّي عَلَى سَرَفٍ / وَلا يَكَادُ يَرَى ما فِيهِ مِنْ عِوَجِ
فاعْدِلْ عَنِ اللَّوْمِ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِنَاً / فَاللَّوْمُ في الْحُبِّ مَعْدُودٌ مِنَ الْهَوَجِ
هَيْهَاتَ يَسْلُكُ لَوْمُ الْعَاذِلِينَ إِلَى / قَلْبٍ بِحُبِّ رسُولِ اللهِ مُمْتَزِجِ
هُوَ النَّبِيُّ الَّذي لَوْلا هِدَايَتُهُ / لَكانَ أَعْلَمُ مَنْ فِي الأَرْضِ كَالْهَمَجِ
أَنَا الَّذي بِتُّ مِنْ وَجْدِي بِرَوْضَتِهِ / أَحِنُّ َشْوقاً كَطَيْرِ الْبَانَةِ الْهَزِجِ
هَاجَتْ بِذِكْرَاهُ نَفْسِي فَاكْتَسَتْ وَلَهاً / وَأَيُّ صَبٍّ بِذِكْرِ الشَّوْقِ لَمْ يَهِجِ
فَمَا احْتِيَالِي وَنَفْسِي غَيْرُ صَابِرَةٍ / عَلَى البُعَادِ وَهَمِّي غَيْرُ مُنْفَرِجِ
لا أَسْتَطِيعُ بَرَاحاً إِنْ هَمَمْتُ وَلا / أَقْوَى عَلَى دَفْعِ مَا بِالنَّفْسِ مِنْ حِوَجِ
لَوْ كانَ لِلْمَرْءِ حُكْمٌ فِي تَنَقُّلِهِ / مَا كانَ إِلَّا إِلَى مَغْنَاهُ مُنْعَرَجِي
فَهَلْ إِلَى صِلَةِ الآمَالِ مِنْ سَبَبٍ / أَمْ هَلْ إِلَى ضِيقَةِ الأَحْزَانِ مِنْ فَرَجِ
يَا رَبِّ بِالْمُصْطَفَى هَبْ لِي وَإِنْ عَظُمَتْ / جَرائِمِي رَحْمَةً تُغْنِي عَنِ الْحُجَجِ
وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي فَإِنَّ يَدِي / مَغْلُولَةٌ وَصَباحِي غَيْرُ مُنْبَلِجِ
مَا لِي سِواكَ وَأَنْتَ الْمُسْتَعانُ إِذَا / ضَاقَ الزِّحَامُ غَدَاةَ المَوقِفِ الْحَرِجِ
لَمْ يَبْقَ لِي أَمَلٌ إِلَّا إِلَيْكَ فَلا / تَقْطَعْ رَجَائِي فَقَدْ أَشْفَقْتُ مِنْ حَرَجِي
أَبَعْدَ سِتِّينَ لِي حَاجٌّ فَأَطْلُبهَا
أَبَعْدَ سِتِّينَ لِي حَاجٌّ فَأَطْلُبهَا / هَيْهَاتَ ما لامْرِئٍ بَعْدَ الصِّبَا حاجُ
إِنَّ ابْنَ آدَمَ فِي الدُّنْيَا عَلَى خَطَرٍ / لا يَسْتَقِيمُ لَهُ قَصْدٌ وَمِنْهَاجُ
كَأَنَّمَا هُوَ في فُلْكٍ تُحِيطُ بِهِ / مِنْ جَانِبَيْهِ أَعاصِيرٌ وَأَمْواجُ
يَهْوَى الْبَقاءَ ومَكْرُوهُ الْفَنَاءِ بِهِ / وَيَسْتَعِزُّ بِأَمْنٍ فِيهِ إِزْعاجُ
لا أَحْفلُ الطَّيْرَ إِنْ غَنَّتْ وَإِنْ نَعَبَتْ / سِيَّان عِنْدِي صَفَّارٌ وَشَحَّاجُ
يَسْتَعْظِمُونَ مِنَ الْحَجَّاجِ صَوْلَتَهُ / وكُلُّ قَوْمٍ بِهِمْ لِلظُّلْمِ حَجَّاجُ
مَاذَا عَلَى قُرَّةِ الْعَيْنَينِ لَوْ صَفَحَتْ
مَاذَا عَلَى قُرَّةِ الْعَيْنَينِ لَوْ صَفَحَتْ / وعَاوَدَتْ بِوِصالٍ بَعْدَ ما صَفَحَتْ
بايَعْتُها الْقَلْبَ إِيجَاباً بِمَا وَعَدَتْ / فَيَا لَها صَفْقَةً فِي الْحُبِّ ما رَبِحَتْ
قَدْ يَزْعُمُ النَّاسُ أَنَّ الْبُخْلَ مَقْطَعَةٌ / فَمَا لِقَلْبِيَ يَهْوَاها وما سَمَحَتْ
خُوطِيَّةُ الْقَدِّ لو مَرَّ الْحَمَامُ بِها / لم يَشْتَبِهْ أَنَّها مِنْ أَيْكِهِ انْتَزَحَتْ
خَفَّتْ مَعاطِفُها لَكِنْ رَوادِفُها / بِمِثْلِ مَا حَمَّلَتْني في الْهَوى رَجَحَتْ
وَيْلاهُ مِنْ لَحْظِها الْفَتَّاكِ إِنْ نَظَرَتْ / وَآهِ مِنْ قَدِّها الْعَسَّالِ إِنْ سَنَحَتْ
يَمُوتُ قَلْبِي ويَحْيَا حَيْرَةً وهُدىً / فِي عالَمِ الْوَجْدِ إِنْ صَدَّتْ وإِنْ جَنَحَتْ
كَالْبَدْرِ إِنْ سَفَرَتْ وَالظَّبِيِ إِنْ نَظَرَتْ / والْغُصْنِ إِنْ خَطَرَتْ والزَّهْرِ إِنْ نَفَحَتْ
وا خَجْلَةَ الْبَدْرِ إِنْ لاحَتْ أَسِرَّتُهَا / وَحَيْرَةَ الرَّشَإِ الْوَسْنَانِ إِنْ لَمَحَتْ
لَها رَوَابِطُ لا تَنْفَكُّ آخِذَةً / بِعُرْوَةِ الْقَلْبِ إِنْ جَدَّتْ وَإِنْ مَزَحَتْ
يا سَرْحَةَ الأَمَلِ الْمَمْنُوعِ جَانِبُهُ / ويا غَزَالَةَ وادِي الْحُسْنِ إِنْ سَرَحَتْ
تَرَفَّقِي بِفُؤَادٍ أَنْتِ مُنْيَتُهُ / ومُقْلَةٍ لِسِوَى مَرْآكِ ما طَمَحَتْ
حَاشَاكِ أَنْ تَسْمَعِي قَوْلَ الْوُشَاةِ بِنَا / فَإِنَّها رُبَّمَا غَشَّتْ إِذَا نَصَحَتْ
أَفْسَدْتُ فِي حُبِّكُمْ نَفْسِي جَوىً وَأَسىً / والنَّفْسُ في الْحُبِّ مَهْمَا أُفْسِدَتْ صَلَحَتْ
مَا زِلْتُ أَسْحَرُها بالشِّعْرِ تَسْمَعُهُ / مِنْ ذاتِ فَهْمٍ تُجِيدُ الْقَوْلَ إِنْ شَرَحَتْ
حَتَّى إِذَا عَلِمَتْ مَا حَلَّ بِي ورَأَتْ / سُقْمِي وخَافَتْ عَلَى نَفْسٍ بِهَا افْتَضَحَتْ
حَنَّتْ رَثَتْ عَطَفَتْ مالَتْ صَبَتْ عَزَمَتْ / هَمَّتْ سَرَتْ وَصَلَتْ عَادَتْ دَنَتْ مَنَحَتْ
فَبِتُّ مِنْ وَصْلِهَا فِي نِعْمَة عَظُمَتْ / ما شِئْتُ أَوْ جَنَّةٍ أَبْوابُها فُتِحَتْ
أَنَالُ مِنْ ثَغْرِهَا الدُّرِّيِّ ما سَأَلَتْ / نَفْسِي وَمِنْ خَدِّهَا الْوَرْدِيِّ مَا اقْتَرَحَتْ
فِي رَوْضَةٍ بَسَمَتْ أَزْهَارُها ونَمَتْ / أَفْنَانُهَا وسَجَتْ أَظْلالُهَا وَضَحَتْ
تَكَلَّلَتْ بِجُمَانِ الْقَطْرِ وَاتَّزَرَتْ / بِسنْدُسِ النَّبْتِ والرَّيْحَانِ واتَّشَحَتْ
تَرَنَّحَ الْغُصْنُ مِنْ أَشْوَاقِهِ طَرَباً / لَمَّا رَأَى الطَّيْرَ في أَوْكَارِهَا صَدَحَتْ
صَحَّ النَّسِيمُ بِها وَهْوَ الْعَلِيلُ وَقَدْ / مَالَتْ بِخَمْرِ النَّدَى أَغْصَانُها وَصَحَتْ
وَلَيْلَةٍ سَالَ في أَعْقَابِهَا شَفَقٌ / كَأَنَّهَا بِحُسَامِ الْفَجْرِ قَدْ ذُبِحَتْ
طَالَتْ وَقَصَّرَهَا لَهْوِي بِغَانِيَةٍ / إِنْ أَعْرَضَتْ قَتَلَتْ أَوْ أَقْبَلَتْ فَضَحَتْ
هَيْفَاءُ إِنْ نَطَقَتْ غَنَّتْ وإِنْ خَطَرَتْ / رَنَّتْ وإِنْ فَوَّقَتْ أَلْحَاظَهَا جَرَحَتْ
دَارَتْ عَلَيْنَا بها الْكَاسَاتُ مُتْرَعَةً / بِخَمْرَةٍ لَوْ بَدَتْ في ظُلْمَةٍ قَدَحَتْ
حَمْرَاءَ سَلْسَلَهَا الإِبْرِيقُ فِي قَدَحٍ / كَشُعْلَةٍ لَفَحَتْ في ثَلْجَةٍ نَصَحَتْ
رُوحٌ إِذَا سَلَكَتْ فِي هَامِدٍ نَبَضَتْ / عُرُوقُهُ أَوْ دَنَتْ مِنْ صَخْرَةٍ رَشَحَتْ
طَارَتْ بِأَلْبَابِنَا سُكْراً وَلا عَجَبٌ / وهْيَ الْكُمَيْتُ إِذَا في حَلْبَةٍ جَمَحَتْ
حَتَّى بَدَا الْفَجْرُ مِنْ أَطْرَافِ ظُلْمَتِهَا / كَغُرَّةٍ فِي جَوَادٍ أَدْهَم وَضَحَتْ
فَيَا لَهَا لَيْلَةً ما كانَ أَحْسَنَها / لَوْ أَنَّها لَبِثَتْ حَوْلاً وَمَا بَرِحَتْ
وَلَيْلَةٍ بِضِيَاءِ الْكَأسِ لامِعَةٍ
وَلَيْلَةٍ بِضِيَاءِ الْكَأسِ لامِعَةٍ / أَدْرَكْتُ بِاللَّهْوِ فِيها كُلَّ مُقْتَرَحِ
أَحْيَيْتُهَا بَعْدَمَا نَامَ الْخَلِيُّ بِهَا / بِغَادَةٍ لَوْ رَأَتْهَا الشَّمْسُ لَمْ تَلُحِ
فَلَوْ تَأَمَّلْتَنِي وَالْكَأْسُ دَائِرَةٌ / لَخِلْتَنِي مَلِكاً يَخْتَالُ مِنْ مَرَحِ
وَكَيْفَ لا تَبْلُغُ الأَفْلاكَ مَنْزِلَتِي / والْبَدْرُ في مَجْلِسِي والشَّمْسُ فِي قَدَحِي
وَا لَوْعَةَ الْقَلْبِ مِنْ غِزْلانِ أَخْبِيَةٍ
وَا لَوْعَةَ الْقَلْبِ مِنْ غِزْلانِ أَخْبِيَةٍ / تَكَادُ تَسْكَرُ مِنْ أَحْدَاقِهَا الرَّاحُ
مِنْ كُلِّ مَائِسَةٍ كَالْغُصْنِ قَدْ جَمَعَتْ / بَدَائِعَاً كُلُّها لِلْحُسْنِ أَوْضَاحُ
فَالْعَيْنُ نَرْجِسَةٌ والشَّعْرُ سَوْسَنَةٌ / والنَّهْدُ رُمَّانَةٌ والْخَدُّ تُفَّاحُ
لا فَارِسَ الْيَوْمَ يَحْمِي السَّرْحَ بِالْوَادِي
لا فَارِسَ الْيَوْمَ يَحْمِي السَّرْحَ بِالْوَادِي / طَاحَ الرَّدَى بِشِهَابِ الْحَرْبِ وَالنَّادِي
مَاتَ الَّذِي تَرْهَبُ الأَقْرَانُ صَوْلَتَهُ / وَيَتَّقِي بَأْسَهُ الضِّرْغَامَةُ الْعَادِي
هَانَتْ لِمَيْتَتِهِ الدُّنْيَا وَزَهَّدَنَا / فَرْطُ الأَسَى بَعْدَهُ فِي الْمَاءِ والزَّادِ
هَلْ لِلْمَكارِمِ مَنْ يُحْيِي مَنَاسِكَهَا / أَمْ لِلضَّلالَةِ بَعْدَ الْيَوْمِ مِنْ هَادِي
جَفَّ النَّدَى وانْقَضَى عُمْرُ الْجَدَا وَسَرَى / حُكْمُ الرَّدَى بَيْنَ أَرْواحٍ وَأَجْسَادِ
فَلْتَمْرَحِ الْخَيْلُ لَهْوَاً فِي مَقَاوِدِهَا / وَلْتَصْدَإِ الْبِيضُ مُلْقَاةً بِأَغْمَادِ
مَضَى وَخَلَّفَنِي فِي سِنِّ سَابِعَةٍ / لا يَرْهَبُ الْخَصْمُ إِبْرَاقِي وإِرْعَادِي
إِذَا تَلَفَّتُّ لَمْ أَلْمَحْ أَخَا ثِقَةٍ / يَأْوِي إِلَيَّ ولا يَسْعَى لإِنْجَادِي
فَالْعَيْنُ لَيْسَ لَهَا مِنْ دَمْعِهَا وَزَرٌ / والْقَلْبُ لَيْسَ لَهُ مِنْ حُزْنِهِ فَادِي
فَإِنْ أَكُنْ عِشْتُ فَرْدَاً بَيْنَ آصِرَتِي / فَهَا أَنَا الْيَوْمَ فَرْدٌ بَيْنَ أَنْدَادِي
بَلَغْتُ مِنْ فَضْلِ رَبِّي مَا غَنِيتُ بِهِ / عَنْ كُلِّ قَارٍ مِنَ الأَمْلاكِ أَوْ بَادِي
فَمَا مَدَدْتُ يَدِي إِلَّا لِمَنْحِ يَدٍ / ولا سَعَتْ قَدَمي إِلَّا لإِسْعَادِ
تَبِعْتُ نَهْجَ أَبِي فَضْلاً وَمَحْمِيَةً / حَتَّى بَرَعْتُ وَكَانَ الْفَضْلُ لِلْبَادِي
أَبِي وَمَنْ كَأَبِي فِي الْحَيِّ نَعْلَمُهُ / أَوْفَى وَأَكْرَمُ في وَعْدٍ وَإِيعادِ
مُهَذَّبُ النَّفْسِ غَرَّاءٌ شَمائِلُهُ / بَعِيدُ شَأْوِ الْعُلا طَلاعُ أَنْجَادِ
قَدْ كَانَ لِي وَزَراً آوِي إِلَيْهِ إِذَا / غَاضَ الْمَعِينُ وَجَفَّ الزَّرْعُ بِالْوَادِي
لا يَسْتَبِدُّ بِرَأْيٍ قَبْلَ تَبْصِرَةٍ / وَلا يَهُمُّ بِأَمْرٍ قَبْلَ إِعْدَادِ
تَرَاهُ ذَا أُهْبَةٍ فِي كُلِّ نَائِبَةٍ / كَاللَّيْثِ مُرْتَقِباً صَيْداً بِمِرْصَادِ
هَلْ لِسَلامِ الْعَلِيلِ رَدُّ
هَلْ لِسَلامِ الْعَلِيلِ رَدُّ / أَمْ لِصَبَاحِ اللِّقَاءِ وَعْدُ
أَبِيتُ أَرْعَى الدُّجَى بِعَيْنٍ / غِذَاؤُهَا مَدْمَعٌ وَسُهْدُ
لا صَاحِبٌ إِنْ شَكَوْتُ حَالِي / يَرْثِي وَلا سَامِعٌ يَرُدُّ
بَيْنَ قِنَانٍ عَلَى ثَرَاها / مِنْ سُتُراتِ الْغَمَامِ بُرْدُ
أَظَلُّ فِيها أَنُوحُ فَرْدَاً / وَكُلُّ نَائِي الدِّيَارِ فَرْدُ
فَمَنْ لِقَلْبِي بِظَبْيِ وَادٍ / بَيْنَ وَشِيجِ الرِّمَاحِ يَعْدُو
صَارَ بِحُكْمِ الْهَوَى مَلِيكِي / وَمَا لِحُكْمِ الْهَوَى مَرَدُّ
يَا سَعْدُ قُلْ لِي فَأَنْتَ أَدْرَى / مَتَى رِعَانُ الْعَقِيقِ تَبْدُو
أَشْتَاقُ نَجْدَاً وَسَاكِنيهِ / وَأَيْنَ مِنِّي الْغَدَاةَ نَجْدُ
ذَابَ فُؤَادِي بِحُبِّ لَيْلَى / يَا لِفُؤَادٍ بَرَاهُ وَجْدُ
فَكَيْفَ أُمْسِي بِغَيْرِ قَلْبٍ / يَا نُورَ عَيْنِي وَكَيْفَ أَغْدُو
لِكُلِّ شَيءٍ وَإِنْ تَمَادَى / حَدٌّ وَمَا لِلْغَرَامِ حَدُّ
فَلَيْسَ قَبْلَ الْغَرَامِ قَبْلٌ / وَلَيْسَ بَعْدَ الْغَرَامِ بَعْدُ
فَهَلْ لِنَيْلِ الْوِصَالِ يَوْماً / بَعْدَ مَدِيدِ الصُّدُودِ عَهْدُ
وَهَلْ أَرَانِي رَفِيقَ حَادٍ / بِمَدْحِ خَيْرِ الأَنَامِ يَحْدُو
عَسَى إِلَهِي يَفُكُّ أَسْرِي / فَهْوَ فَعُولٌ لِمَا يَوَدُّ
أَدِّي الرِّسَالَةَ يَا عُصْفُورَةَ الْواَدِي
أَدِّي الرِّسَالَةَ يَا عُصْفُورَةَ الْواَدِي / وَبَاكِرِي الْحَيَّ مِنْ قَوْلِي بِإِنْشَادِ
تَرَقَّبِي سِنَةَ الْحُرَّاسِ وانْطَلِقِي / بَيْنَ الْخَمَائِلِ مِنْ لُبْنَانَ وَارْتَادِي
لَعَلَّ نَغْمَةَ وُدٍّ مِنْكِ شَائِقَةً / تَهُزُّ عِطْفَ شَكِيبٍ كَوْكَبِ النَّادِي
هُوَ الْهُمامُ الَّذِي أَحْيَا بِمَنْطِقِهِ / آثَارَ قَوْمٍ أَجَادُوا النُّطْقَ بِالضَّادِ
تَلْقَي بِهِ أَحْنَفَ الأَخْلاقِ مُنْتَدِياً / وَفِي الْكَرِيهَةِ عَمْراً وَابْنَ شَدَّادِ
أَخِي وِدَاداً وَحَسْبِي أَنَّهُ نَسَبٌ / خَالِي الصَّحِيفَةِ مِنْ غِلٍّ وَأَحْقَادِ
أَفَادَنِي أَدَباً مِنْ مَنْطِقٍ شَهِدَتْ / بِفَضْلِهِ النَّاسُ مِنْ قَارٍ وَمِنْ بَادِي
عَذْبِ الشَّرِيعَةِ لَوْ أَنَّ السَّحَابَ هَمَى / بِمِثْلِهِ لَمْ يَدَعْ في الأَرْضِ مِنْ صَادِي
سَرَتْ بِقَلْبِي مِنْهُ نَشْوَةٌ مَلَكَتْ / بِحُسْنِهَا مِسْمَعِي عَنْ نَغْمَةِ الشَّادِي
يَا بْنَ الْكِرَامِ عَدَتْنِي عَنْكَ عَادِيَةٌ / كَادَتْ تَسُدُّ عَلَى عَيْنِي بِأَسْدَادِ
فَاعْذِرْ أَخَاكَ فَلَوْلا ما بِهِ لَجَرَى / في حَلْبَةِ الشُّكْرِ جَرْيَ السَّابِقِ الْعَادِي
وَهَاكَها تُحْفَةً مِنِّي وَإِنْ صَغُرَتْ / فَالدُرُّ وهْوَ صَغِيرٌ حَلْيُ أَجْيَادِ
جَاوَزْتَ فِي اللَّوْمِ حَدَّ الْقَصْدِ فَاتَّئِدِ
جَاوَزْتَ فِي اللَّوْمِ حَدَّ الْقَصْدِ فَاتَّئِدِ / فَلَسْتَ أَشْفَقَ مِنْ نَفْسِي عَلَى كَبِدِي
دَعْنِي مِنَ اللَّوْمِ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِناً / فَاللَّوْمُ في الْحُبِّ مَعْدُودٌ مِنَ الْحَسَدِ
إِنِّي لأَرضَى بِمَا في الْحُبِّ مِنْ أَلَمٍ / وَلَسْتُ أَرْضَى بِمَا في الْقَوْلِ مِنْ فَنَدِ
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ عَقْلٌ يَسْتَدِلُّ بِهِ / عَلَى الْحَقِيقَةِ لَمْ يَعْتُبْ عَلَى أَحَدِ
إِنْ كُنْتَ ذَا إِمْرَةٍ فَانْهَ الصَّبَابَةَ عَنْ / قَلْبِي لِتَغْنَمَ شُكْرِي آخِرَ الأَبَدِ
أَوْ لا فَدَعْنِي وَلا تَعْنُفْ عَلَيَّ فَمَا / أَمْرِي إِليَّ وَلا حُكْمُ الْهَوَى بِيَدِي
إِنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي هَامَ الْفُؤَادُ بِهَا / أَخْفَتْ عَلَيَّ سَبِيلَ الْحَزْمِ والسَّدَدِ
أَغْضَبْتُ في حُبِّها أَهْلِي فَمَا بَرِحُوا / إِلْباً عَلَيَّ وَكَانُوا لِي مِنَ الْعُدَدِ
قَالُوا تَعَلَّقْ بِأُخْرَى كَيْ تَذُودَ بِهَا / بَرْحَ الأَسَى عَنْ فُؤَادٍ دَائِمِ الْكَمَدِ
فَقُلْتُ هَيْهَاتَ أَنْ أَبْغِي بِهَا بَدَلاً / لَمْ يَخْلُقِ اللهُ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَسَدِ
وَشَامِخٍ فِي ذُرَى شَمَّاءَ بَاذِخَةٍ
وَشَامِخٍ فِي ذُرَى شَمَّاءَ بَاذِخَةٍ / لا يَعْرِفُ الصِّدْقَ إِنْ وَالَى وَإِنْ عَادَى
يَعُودُهُ النَّاسُ إِنْ مَرَّ النَّسِيمُ بِهِ / وَلا يَعُودُ مِنَ الإِشْفَاقِ مَنْ عَادَا
لا يَهْدَأُ الدَّهْرُ مِنْ ظُلْمٍ يُحَاوِلُهُ / فَإِنْ قَضَى وَطَراً مِنْ غَدْرَةٍ عَادَا
يَسْطُو بِهَذا وَيَرْمِي ذَاكَ عَنْ عُرُضٍ / كَطَارِدٍ يَقْتَفِي صَيْدَيْنِ إِذْ عَادَى
أَبَادَهُ الدَّهْرُ رَغْمَاً بَيْنَ أُسْرَتِهِ / كَمَا أَبَادَ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَادَا
فَاعْرِفْ إِلهَكَ وَاحْذَرْ أَنْ تَبِيتَ عَلَى / وِزْرٍ وَلا تَتَّخِذْ ظُلْمَ الْوَرَى عَادَا
أَضَوْءُ شَمْسٍ فَرَى سِرْبَالَ دَيْجُورِ
أَضَوْءُ شَمْسٍ فَرَى سِرْبَالَ دَيْجُورِ / أَمْ نُورُ عِيدٍ بِعَقْدِ التَّاجِ مَشْهُورِ
وَأَنْجُمٌ تِلْكَ أَمْ فُرْسَانُ عَادِيَةٍ / تَخْتَالُ فِي مَوْكِبٍ كَالْبَحْرِ مَسْجُورِ
مِنْ كُلِّ أَرْوَعَ يَجْلُو ظِلَّ عِثْيَرِهِ / بِصَارِمٍ كَلِسَانِ النَّارِ مَسْعُورِ
لا يَرْهَبُونَ عَدُوَّاً فِي مُغَاوَرَةٍ / وَكَيْفَ يَرْهَبُ لَيْثٌ كَرَّ يَعْفُورِ
مُسْتَوْفِزُونَ لِوَحْيٍ مِنْ لَدُنْ مَلِكٍ / بَادِي الْوَقَارِ عَلَى الأَعْدَاءِ مَنْصُورِ
فِي دَوْلَةٍ بَلَغَتْ بِالْعَدْلِ مَنْزِلَةً / عَلْيَاءَ كَالشَّمْسِ فِي بُعْدٍ وَفِي نُورِ
طَلَعْتَ فِيهَا طُلُوعَ الْبَدْرِ فَازْدَهَرَتْ / أَقْطَارُهَا بِضِيَاءٍ مِنْكَ مَنْشُورِ
فَلْيَفْخَرِ التَّاجُ إِذْ دَارَتْ مَعَاقِدُهُ / عَلَى جَبِينٍ بِنُورِ السَّعْدِ مَغْمُورِ
كَأَنَّما صَاغَ كَفُّ الأُفْقِ أَنْجُمَهُ / لِلْبَدْرِ مَا بَيْنَ مَنْظُومٍ وَمَنْثُورِ
فَيَا لَهَا حَفْلَةً لِلْملكِ مَا بَرِحَتْ / تَارِيخَ مَجْدٍ بِكَفِّ الدَّهْرِ مَسْطُورِ
ظَلَّتْ بِهَا حَدَقُ الأَمْلاكِ شَاخِصَةً / إِلى مَهيبٍ بِفَضْلِ الْحِلْمِ مَشْكُورِ
فَكَمْ أَمِيرٍ بِحُسْنِ الْحَظِّ مُبْتَهِجٍ / وَكَمْ وَزِيرٍ بِكَأْسِ الْبِشْرِ مَخْمُورِ
فَالأَرْضُ فِي فَرَحٍ وَالدَّهْرُ فِي مَرَحٍ / والنَّاسُ مَا بَيْنَ تَهْلِيلٍ وَتَكْبِيرِ
فِي كُلِّ مَمْلَكَةٍ تَيَّارُ كَهْرَبَةٍ / يَسْرِي وَفِي كُلِّ نَادٍ صَوْتُ تَبْشِيرِ
يَوْمٌ بِهِ طَنَّتِ الأَسْمَاعُ مِنْ طَرَبٍ / كَأَنَّ فِي كُلِّ أُذْنٍ سِلْكَ طُنْبُورِ
وَكَيْفَ لا تَبْلُغُ الأَفْلاكَ دَوْلَةُ مَنْ / أَضْحَى بِهِ الْعَدْلُ حِلاً غَيْرَ مَحْظُورِ
هُوَ الْمَلِيكُ الَّذِي لَوْلا مَآثِرُهُ / مَا كَانَ فِي الدَّهْرِ يُسْرٌ بَعْدَ مَعْسُورِ
فَلَّ النَّوَائِبَ فَانْصَاحَتْ دَيَاجِرُهَا / بِمُرْهَفٍ مِنْ سُيُوفِ الرَّأْيِ مَأْثُورِ
وَأَصْلَحَتْ عَنَتَ الأَيَّامِ حِكْمَتُهُ / مِنْ بَعْدِ مَا كَانَ صَدْعَاً غَيْرَ مَجْبُورِ
مُسَدَّدُ الرَأْيِ مَوْقُوفُ الظُّنُونِ عَلَى / رَعْيِ السِّيَاسَةِ فِي ثَبْتٍ وَتَحْوِيرِ
لا يُغْمِدُ السَّيْفَ إِلَّا بَعْدَ مَلْحَمَةٍ / وَلا يُعَاقِبُ إِلَّا بَعْدَ تَحْذِيرِ
يَا أَيُّهَا الْمَالِكُ الْمَيْمُونُ طَائِرُهُ / أَبْشِرْ بِفَتْحٍ عَظِيمِ الْقَدْرِ مَنْظُورِ
إِنَّ الْخُطُوبَ الَّتِي ذَلَّلْتَ جَانِبَها / بِحُسْنِ رَأَيِكَ لَمْ تُقدَرْ لِمَقْدُورِ
بَلَغْتَ بِالشَّرْقِ مَا أَمَّلْتَ مِنْ وَطَرٍ / وَنِلْتَ بِالْغَرْبِ حَقَّاً غَيْرَ مَنْكُورِ
فَمَنْ يُبَارِيكَ في فَضْلٍ وَمَكْرُمَةٍ / وَمَنْ يُدَانِيكَ فِي حَزْمٍ وَتَدْبِيرِ
لَوْلاكَ مَا دَامَ ظِلُّ السِّلْمِ وَانْحَسَرَتْ / ضَبَابَةُ الْحَرْبِ إِلَّا بَعْدَ تَغْرِيرِ
وَلا سَرَى الأَمْنُ بَعْدَ الْخَوْفِ وَاعْتَصَمَتْ / بِجَانِبِ الصَّبْرِ هِمَّاتُ الْمَغَاوِيرِ
فَاسْلَمْ لِمُلْكٍ مَنِيعِ السَّرْحِ تَكْلَؤُهُ / بِعَيْنِ ذِي لِبَدٍ فِي الْغَابِ مَحْذُورِ
وَاقْبَلْ هَدِيَّةَ فِكْرٍ قَدْ تَكَنَّفَهَا / رَوْعُ الْخَجَالَةِ مِنْ عَجْزٍ وَتَقْصِيرِ
وَسَمْتُهَا بِاسْمِكَ الْعَالِي فَأَلْبَسَهَا / جِلْبَابَ فَخْرٍ طَوِيلِ الذَّيْلِ مَجْرُورِ
لَوْلا صِفَاتُكَ وَهْيَ الدُّرُّ مَا بَهرَتْ / أَبْيَاتُهَا الْغُرُّ مِنْ حُسْنٍ وَتَحْبِيرِ
شَمَائِلٌ زَيَّنَتْ قَوْلِي بِرَوْنَقِها / كَالسِّحْرِ يَفْتِنُ بَيْنَ الأَعْيُنِ الْحُورِ
شَفَّتْ زُجَاجَةُ فِكْرِي فَارْتَسَمْتُ بِهَا / عُلْيَاكَ مِنْ مَنْطِقِي فِي لَوْحِ تَصْوِيرِ
فَاسْعَدْ بِيَومٍ تَجَلَّى السَّعْدُ فِيهِ عَلَى / نَادِي عُلاكَ بِتَعْظِيمٍ وَتَوْقِيرِ
وَدُمْ عَلَى الدَّهْرِ فِي مُلْكٍ تَعِيشُ بِهِ / مُرفَّهَ النَّفْسِ حَتَّى نَفْخَةِ الصُّورِ
لِمِثْلِ ذَا الْيَوْمِ كَانَ الْمُلْكُ يَنْتَظِرُ
لِمِثْلِ ذَا الْيَوْمِ كَانَ الْمُلْكُ يَنْتَظِرُ / فَاسْعَدْ بِهَا دَوْلَةً عُنْوانُها الظَّفَرُ
تَهَلَّلَتْ مِصْرُ بَعْدَ الْيَأْسِ وَابتَهَجَتْ / بِكَ الرَّعِيَّةُ حَتَّى عَمَّهَا الْحَبَرُ
نالَتْ بِنَصْرِكَ مَا كَانَتْ تُؤَمِّلُهُ / لا زِلْتَ لِلْمُلْكِ وَالإِسْلامِ تَنْتَصِرُ
فَالْعَدْلُ مُنْبَسِطٌ وَالْجَوْرُ مُنْقَبِضٌ / وَالأَمْنُ مُنْسَدِلٌ وَالْخَوْفُ مُنْشَمِرُ
نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَافَى بَعْدَ دَاجِيَةٍ / كَمَا تَبَلَّجَ عَنْ مَكْنُونِهِ السَّحَرُ
فَالنَّاسُ مِنْ طَرَبٍ فِي نَشْوَةٍ أَخَذَتْ / بِهِمْ فَمَالُوا كَأَنَّ الْقَومَ قَدْ سَكِرُوا
مُسْتَوفِضُونَ إِلَى الدَّاعِي تَسِيلُ بِهِمْ / أَرْضٌ وَتَجْمَعُهُم أُخْرَى فَهُمْ زُمَرُ
في كُلِّ نَادٍ خَطِيْبٌ حَوْلَ مِنْبَرِهِ / جَمْعٌ وَفِي كُلِّ وادٍ تَرْكُضُ الْبَشَرُ
يَسْتَعْذِبُ السَّمْعُ مَا يُمْلِي اللِّسَانُ لَهُ / وَيَعْلَقُ الْقَلْبُ مَا يُوحِي بِهِ الْبَصَرُ
فَلا شَقَاءٌ وَلا بَأْسٌ وَلا فَزَعٌ / وَلا عَدَاءٌ وَلا غَدْرٌ وَلا حَذَرُ
عِيدٌ تَهلَّلَتِ الدُّنْيَا بِهِ فَرَحاً / وَنِعْمَةٌ لَيْسَ يَقْضِي حَقَّهَا الْبَشَرُ
وَكَيْفَ لا تَفْخَرُ الدُّنْيَا بِطَلْعَةِ مَنْ / لَوْلاهُ لَمْ يَبْقَ فِيهَا لاِمْرِئٍ وَطَرُ
فَاسْتَبْشِرُوا يَا بَنِي الأَوطَانِ إِنَّ لَكُمْ / مِنْ عَدْلِهِ جَنَّةً يَجْرِي بِهَا نَهَرُ
هُوَ الْمَلِيكُ الَّذِي لَوْلا سِيَاسَتُهُ / مَا كَانَ لِلْعَدْلِ لا عَيْنٌ وَلا أَثَرُ
أَفْضَى إِلَى مِصْرَ وَالدُّنْيَا عَلَى خَطَرٍ / فَمَا تَمَثَّلَ حَتَّى أَجْفَلَ الْخَطَرُ
مُوَفَّقٌ لِصَنِيعِ الْخَيْرِ مُبْتَدِعٌ / لِمَا تُقَصِّرُ عَنْ إِدْرَاكِهِ الْفِكَرُ
يَهْمِي نَدىً وَرَدىً جُوداً وَمَحْمِيَةً / كَذَلِكَ الدَّهْرُ فِيهِ النَّفْعُ وَالضَّرَرُ
يَسْطُو بِرِفْقٍ إِذَا مَا الْحَزْمُ أَعْوَزَهُ / إِلَى الْعِقَابِ وَيَعْفُو حِينَ يَقْتَدِرُ
فَالْبَطْشُ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ حِكْمَةٍ سَرَفٌ / وَالْحِلْمُ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قُدْرَةٍ خَوَرُ
إِذَا ارْتَأَى بَدَرَتْ أَنْوَارُ حِكْمَتِهِ / كَمَا تَطَايَرَ بَعْدَ الْقَدْحَةِ الشَّرَرُ
دَلَّتْ عَلَى فَضْلِهِ آثارُ حِكْمَتِهِ / وَكُلُّ شَيءٍ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَثَرُ
إِذَا تَبَسَّمَ فَاضَتْ رَاحَتَاهُ لَنَا / جُوداً وَمَا كُلُّ بَرْقٍ خَلْفَهُ مَطَرُ
تَملَّ بِالْمُلكِ يَاعَبَّاسُ وَابْقَ لَنَا / فِي نِعْمةٍ لَمْ يُخَالِطْ صَفْوَهَا كَدَرُ
فَأَنْتَ مِنْ دَوْحَةٍ فِي الْمَجْدِ بَاسِقَةٍ / طَابَتْ وَدَلَّ عَلَيْهَا النَّوْرُ وَالثَّمَرُ
بَلَغْتُ مَجْهُودَ نَفْسِي في الثَّنَاءِ وَلَمْ / أَبْلُغْ عُلاكَ وَأَنَّى يُدْرَكُ الْقَمَرُ
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِإِصغَاءٍ إِلَى كَلِمٍ / تُعَدُّ فِي النُّطْقِ إِلَّا أَنَّهَا دُرَرُ
وَسَمْتُهَا بِاسْمِكَ الْعَالِي فَأَلْبَسَهَا / حُسْنَاً تَتِيهُ بِهِ الدُّنْيَا وَتَفْتَخِرُ
إِذَا تَلاهَا لِسَانُ الشُّكْرِ قَامَ لَهَا / حُبَّاً بِذِكْرِ عُلاكَ الْبَدْوُ وَالْحَضَرُ
لا زِلْتَ مَوْرِدَ آمَالٍ تَحُومُ بِهِ / طَيْرُ الْقُلُوبِ إِلَى أَنْ تُنْشَرَ الصُّوَرُ