المجموع : 5
يا سائق الركب لا تعجل فلي إرب
يا سائق الركب لا تعجل فلي إرب / فوق الرواحل حالت دونه الحجب
لعل بدر الدجى يرخى اللثام لنا / عن عارضيه فيشفىالواله الوصب
ماذا على ظاعن شط المزار به / لو أنه في الدجى يدنو ويقترب
فربما وجدت بردابه كبد / جرى بنار الجوى والشوق تلتهب
أحبابنا إن تكن أيدي النوى عبثت / بشملنا فهو بالتفريق منتهب
فإن حبكم وسط الحشاشة لا / تناله غير الأيام والنوب
أولا عطفتم على صب بكم فعلت / به سطا البين ما لا تفعل القضب
فؤاده نازح مستأنس بكم / وجسمه وهو بين الأهل مغترب
ما هب من نحوكم في الصبح ريح صبا / إلا وهز إليكم عطفه الطرب
ولا ترنم قمري على فنن / إلا وظل من الأشواق ينتحب
يحن نحو الحمى إذ تنزلون به / وليس بينهما لولاكم نسب
وإن جرى ذكر سلع في مسامعه / فإنه لدواعي وجده سبب
سحت غمائم أنوار المزيد على / فبابه البيض سحا دونه السحب
فهي الشفاء لاسقامي وساكنها / هو الحبيب الذي أبغى وأطلب
هل تبلغني إليها جسرة أجد / يحلو لها في الفلا الإرقال والخبب
يا ناقتي لا يغشاك الضلال ولا / مس القوائم منك الأين والنصب
وأمتد خصبك من ورد ومن كلأ / ولا تمكن من أخفافك النقب
سيري إلى ان تحلي أرض أفضل من / في الأرض شد إلى أقطاره القتب
محمد خير مبعوث بمرحمة / من خير بيت عليه أجمع العرب
مهذب طاهر طابت أرومته / وطاب بين الورى أم له وأب
هدى به الله قوماً صدهم سفهاً / عن الهدى الخمر والأزلام والنّصُب
أتاهم بكتاب صدّق الصحف ال / أولى كما صدقت آياته الكتب
فيه بيان وإيجاز وموعظة / وهو الشفاء لقلب شفّه الوصب
فاخرج الناس من ليل الضلال به / إلى صباح رشاد ليس يحتجب
دعا إلى الله رب العرش وهو على / بصيرة لا تغطّي نورها الريب
فمن أجاب فقد حاز الرضا ولمن / أبى وصدّ الوها والويل والحرب
وجاهد المعتدين الناكثين عن الح / ق المبين بعزم ليس ينقضب
وجنده السابقون الأولون أولو / البأس الذي رهبته البيض واليلب
وأصبحت زمر الأملاك نازلة / لنصره والصبا الحرقاء والرعب
حتى استقل عماد الدين وارتفعت / أعلامه وانجلت عن أهله الكرب
صلى عليه آله العرش ثم على / أصحابه فهم الأعيان والنجب
أزكى صلاة وأنماها وأدومها / وأجر ذلك عند الله احتسب
وارتجى بمديحي فيه مكرمة / من دونها الفضة البيضاء والذهب
لكنني لو قطعت الدهر ممتدحاً / للمصطفى ما قضى بعض الذي يجب
ما ذا أثار بقلبي السائق الغرد
ما ذا أثار بقلبي السائق الغرد / لما غدت عيسه نحو الحمى تخد
وددت لو أنني أصبحت متبعاً / آثارها أرد الماء الذي ترد
أهوى الحجاز ولولا حب ساكنه / لما حلا لي به التهجير واللحد
ولا لهاني برق في أبارقه / كأنه صارم في متنه زبد
هل من سبيل إلى ذات الستور ولو / أن القنا والظبا من دونها رصد
ففي هواها قليل أن يطل دمي / وكم لها من قتيل ماله قود
وبالعقيق حبيب لو بذلت له / روحي لكان يسيراً في الذي أجد
تراب مربعه الرحب المنير به / شفاء عيني إذا ما شفها الرمد
يا راكباً تطس البيد القفار به / هو جاء عيس أمون جسرة أجد
إذا وصلت حمى سلع وطاب به / لك المقيل وزال الأين والعند
فقف بتلك القباب البيض دام لها / من ذي الجلال السنا والقرب والمدد
وأد بعد سلام نشره عطر / عني قصيدة مثن وهو مقتصد
وقل فقد أمكن التبليغ في وطن / ما خاب عبد إليه قاصداً يفد
أشكو إليك رسول الله ما أجد / من الخطوب التي أعيا بها الجلد
عمر أناف على الستين خالطه / سقم لأعبائه وسط الحشى كمد
ضعف أضيف إلى ضعف وبعضهما / يوهي قوى الجسم مني وهو منفرد
شهدت أنك خير الناس ما ولدت / انثى نظيرك في الدنيا ولا تلد
ولم ينافسك في أصل سما بشرٌ / ولم ينل رتبة نالت يداك يد
نقلت من كل صلب طاب محتده / إلى بطون زكت ما شأنها نكد
حللت صلب أبينا عند مهبطه / وصلب نوح وقد غشي الورى الزبد
وكنت في صلب إبراهيم مستتراً / ونار نمرود أشقى الخلق تتقد
وحاز نورك إسماعيل يودعه / أبناءه الغرّ حتى حازه أدد
ونال عدنان في الأنساب منزلة / علياً بذكرك لم يخفض لها عمد
ولم يزل في معد ثم في مضر / وهاشم بك تاج الفخر ينعقد
حتى تسلم عبد الله منصبه / من شيبة الحمد لما استوسق الأمد
ومذ حملت بدا في وجه آمنة ال / أنوار وهي لثقل الحمل لا تجد
وأشرقت مذ ولدت الأرض وابتهج ال / بيت الحرام وحاز الجنة المرد
وكنت خير نبي عند خالقنا / وروح آدم لم ينهض بها الجسد
فابصر اسمك فوق العرش مكتتباً / وتلك منزلة لم يعطها أحد
فحين تاب دعا رب العباد به / فتاب حقاً عليه الواحد الأحد
وأنت يوم نشور الناس سيدهم / أتباعك الغر لا يحصي لهم عدد
وأنت فيه بشير القوم إن يئسوا / وأنت فيه خطيب القوم إن وفدوا
وفي يديك لواء الحمد ثم لك ال / حوض الروي إذا ما أعوز الثمد
لك الشفاعة عند الكرب والعرق الط / اغي وعند جحيم حرها يقد
وبالوسيلة تحظى وهي منزلة / علياً حباك بها ذو العزة الصمد
وإن حبك من إيماننا سبب / من دونه النفس والأموال والولد
فبالذي أجزل النعما عليك إلى / يوم المعاد فلا نقص ولا بدد
أنعم عليّ برؤيا منك تنعشني / وتنقذ القلب مني فهو مضطهد
واشفع إلى الله في إحسان خاتمتي / فإنني بك بعد الله اعتضد
يا ربة الستر لا انجابت غواديكي
يا ربة الستر لا انجابت غواديكي / عن جو مغناك أو يخضرّ واديكي
وزدت في كل صبح عزةً وسناً / ولا خلا من رجال الحيّ ناديكي
لا زال مربعك الداني الظلال حمىً / رحباً لعاكفك الناوي وباديكي
وأنت يا عذبات الباني لا برحت / تهيج أشواقنا ألحانُ شاديكي
وماس من كل غصن منك من طرب / عطف وتهت دلالاً في تهاديك
ويا مياه الحمى لا زلت طيبة / يروي بشرب الزلال العذب صاديكي
ويا نسيم صبا بجد لقد عرفت / روحي بمسراك وهناً عرف مهديكي
وياليالينا لله عيش هوىً / معى البدور تقضي في دياريكي
ويا فوارط أيامي بخيف منىً / لو كان يُفدى زمانٌ كنت أفديكي
ويا رسائل وجدٍ لا أبوح بها / إلى الأحبة عنّي من يؤديكي
أخفيك من عّذلي صوناً ومكرمة / بل المدامع والأنفاس تبديكي
ويا ركاب الحجاز القُود لا نقبت / من السرى أبداً أخفافُ أيديكي
ولا عدلت عن النهج القويم ولا / مالت إلى غير أحبابي هواديكي
كم ذا التمادي دعى التعليل وابتدرى / إلى الحمى فعنائي في تماديكي
ويا قباب حمى سلع حويت على / رقى بما أسلفت عندي أياديكي
فتحت بالرشد لي عيني بعد عمىً / واسمع السر من قلبي مناديكي
حق علي أوالي من بك اعتقلت / أسبابه وأعادي من يعاديكي
أني وإن تكن أضحت عنك نازحة / داري لأرعى بظهر الغيب واديكي
لا زال سكانك القطان في دعة / وفاز رائحك الساري وغاديكي
وأنت لا تجزعي يا نفس من بدع / مضلة ورسول الله هاديكي
أجارك الله لولا درع سنته / لكان سهم الهوى الفتان مرديكي
لا تخلفي موعدي في حفظ منهجها / فلست أخلف في حفظيه وعديكي
خط الربيع بأقلام التباشير
خط الربيع بأقلام التباشير / رسالة كتبت بالنور والنور
حيا البقاع الحيا فاهتز هامدها / لما أتتها يد البشرى بمنشور
وانشقت الأرض عن مكنون ما خبأت / كأنما باكرتها نفخة الصور
وزينت بحلي النبت وادرعت / ملابس الفخر من وشي الأزاهير
والطل في عبقري الروض منتشر / كلؤلؤ من عقود الغيد منثور
والبان قد ماس من نفح الصبا طربا / كأن أغصانه أعطاف مخمور
والورق تهتف في الأوراق شاكرة / إحسان مبتدىء بالفضل مشكور
وقد فهمنا لهذا الفصل ترجمة / إن المهيمن يحي كل مقبور
يا طيب فصل الربيع المونق العطر ال / أرجاء لو كان لا يدهى بتغيير
يبيت فينا قليلاً ثم يتركنا / كزورة الطيف وافت ربع مهجور
أو عيشنا بالحمى في حسن رونقه / ووشك بين على الأحباب مقدور
هل الركاب إلى البطحاء عائدة / يحثها كل رحب الباع شمير
تمسي وتصبح في البيداء هاجرة / طيب الكرى عند إسحار وتبكير
حتى تحل على علاتها بحمى / داني الظلال بروح الأمن معمور
فتجتلي البشر من ذات الستور به / وتجتني تمر حجر غير محجور
هناك لا حجر في تقبيلنا حجراً / يربي على المسك في لون وتعطير
يا سيدي يا رسول الله يا أملي / في موبقات تصاريف المقادير
جمعت ما في الكرام الزهر مفترق / وزدت فضلاً عظيماً غير محصور
فأنت سيد أهل الفضل أجمع في / أصل وفرع وتقديم وتأخير
بلغت من شرف المعراج مرتبة / توفر القرب فيها أي توفير
ويوم حشر الورى أنت الشفيع به / تنجي من النار نفس الهالك البور
والفضل بعدك لم يدركه ذو طلب / في صحبك النجب الشوش المغاوير
يا قسوة القلب مالي حيلة فيك
يا قسوة القلب مالي حيلة فيك / ملكت قلبي فأضحى شر مملوك
حجبت عني إفادات الخشوع فلا / يشفيك ذكر ولا وعظ يداويك
وما تماديك من كسب الذنوب ول / كن الذنوب أراها من تماديك
لكن تماديك من كسب نشأت به / طعام سوء على ضعفي يقويك
وأنت يا نفس مأوى كل معضلة / وكل داء بقلبي من عواديك
أنت الطليعة للشيطان في جسدي / فليس يدخل غلا من نواحيك
لما فسحت بتوفير الحظوظ له / أضحى مع الدم يجري في مجاريك
واليته بقبول الزور منك فلن / يوالي الله إلا من يعاديك
ما زلت في أسره تهوين موثقة / حتى تلفت فأعياني تلافيك
يا نفس توبي إلى الرحمن مخلصة / ثم استقيمي على عزم ينجيبك
واستدركي فارط الأوقات واجتهدي / عساك بالصدق أن تحمي مساويك
واسعي إلى البر والتقوى مسارعة / فربما شكرت يوما مساعيك
حب التكاثر في الدنيا وزينتها / هي التي عن طلاب الخير تلهيك
لا تكثري الحرص في تطلابها فلكم / دم لها بسيوف الحرص مسفوك
بل اقنعي بكفاف الرزق راضية / فكل ما جاز ما يكفيك يطغيك
ثم اذكري غصص الموت الفظيع يهن / عليك أكدار دنيا لا تصافيك
وظلمة القبر لا تنسي ووحشته / عند انفرادك عن خل يوازيك
والصالحات ليوم الفاقة ادخري / في موقف ليس فيه من يواسك
وأحسني الظن بالرحمن مخلصة / فحسن ظنك بالرحمن يكفيك