المجموع : 16
يا عَمرو أَينَ عُمَيرٌ مِن كُدى يَمَنٍ
يا عَمرو أَينَ عُمَيرٌ مِن كُدى يَمَنٍ / لَقَد هَوَت بِكَ يا عَمرو الرِياحُ وَبي
طولُ اِرتِحالٍ وَأَحظٍ غَيرُ طائِلَةٍ / وَغَيبَةٌ ناهَزَت عَشراً مِنَ الحِقَبِ
عادَ الحَديثُ إِلى ما جَرَّ أَطيَبَهُ / وَالشَيءُ يَبعَثُ ذِكرَ الشَيءَ عَن سَبَبِ
إيهٍ عَنِ الكُديَةِ البَيضاءِ إِنَّ لَها / هَوىً بِقَلبِ أَخيكَ الوالِهِ الوَصِبِ
راوِح بِنا السَهلَ مِن أَكنافِها وَأَرِح / رِكابَنا لَيلَها هذا مِنَ التَعَبِ
وَاِنضَح جَوانِبَها مِن مُقلَتَيكَ وَسَل / عَنِ الكَثيبِ الكَريمِ العَهدِ في الكُثُبِ
وَقُل لِسَرحَتِهِ يا سَرحَةً كَرُمَت / عَلى أَبي عامِرٍ عِزّي عَلى السُحُبِ
يا عَذبَةَ الماءِ وَالظِلِّ اِنعَمي طَفَلاً / حُيّيتِ مُمسِيَةً مَيّادَةَ القُضُبِ
ماذا عَلى ظِلِّكَ الأَلمى وَقَد قَلَصَت / أَفياؤُهُ لَو ضَفا شَيئاً لِمُغتَرِبِ
أَهكَذا تَنقَضي نَفسي لَدَيكَ ظَماً / اللَهَ في رَمَقٍ مِن جارِكِ الجُنُبِ
لَولاكِ يا سَرحَ لَم نُبقِ الفَلا عُطُلاً / مِنَ السُرى وَالدُجى خَفّاقَةُ الطُنُبِ
وَلَم نَبِت نَتَقاضى مِن مَدامِعِنا / دَيناً لِتُربِكِ مِن رَقراقِها السَرِبِ
أَخاً إِذا ما تَصَدّى مِن هَوى طَلَلٍ / عُجنا عَلَيهِ فَحَيَّيناهُ مِن كَثَبِ
مُستَعطفينَ سَخِيّاتِ الشُؤونِ لَهُ / حَتّى تُحاكَ عَلَيهِ نُمرُقُ العُشُبِ
سَلي خَميلَتَكِ الرَيّا بِآيَةِ ما / كانَت تَرِفُّ بِها ريحانَةُ الأَدَبِ
عَن فِتيَةٍ نَزَلوا عُليا سَرارَتِها / عَفَت مَحاسِنُهُم إِلّا مِنَ الكُتُبِ
مُحافِظينَ عَلى العَليا وَرُبَّتَما / هَزّوا السَجايا قَليلاً بِاِبنَةِ العنبِ
حَتّى إِذا ما قَضَوا مِن كَأسِها وَطَراً / وَضاحكوها إِلى حَد مِنَ الطَرَبِ
راحوا رَواحاً وَقَد زيدَت عَمائِمُهُم / حِلماً وَدارَت عَلى أَبهى مِنَ الشُهبِ
لا يُظهِرُ السُكرُ حالاً مِن ذَوائِبِهِم / إِلا اِلتِفافَ الصَبا في أَلسُنِ العَذَبِ
المنزلينَ القَوافي مِن مَعاقِلِها / وَالخاضِدينَ لَدَيها شَوكَةَ العَرَبِ
غادَوا بِحَلبَتِهِم مِكناسَةً فَغَدَت / بِغُرِّ تِلكَ الحُلى مَعسولَةَ الحَلَبِ
وَلا كَمكناسَةِ الزَيتونِ مِن وَطَنٍ / أَحسِن بِمَنظَرِها المُربي عَلى العَجَبِ
لَو شِئتَ قُمتَ مَعي يا صاحِ مُلتَفِتاً / إِلى سُوَيقَةَ مِن غَربِيِّها الخَربِ
هَلِ الرِياحُ مَعَ الآصالِ ماسِحَةٌ / مَعاطِفَ الهَدَفِ المَمطورِ ذي الحَدَبِ
وَهَل بِغُرِّ اللَيالي مِن مُعَرَّجَةٍ / عَلى المَسِيلَةِ مِن لَيلاتِها النُخَبِ
وَهَل صَبيحاتُ أَيّامٍ سَلَفنَ بِها / يَبدو مَساها وَلَو لَمحاً لِمُرتَقِبِ
مِنَ المَقاري الَّتي سالَت لِمُبصِرِها / مِن فِظَّةٍ وَعَشاياهُنَّ مِن ذَهَبِ
بيضٌ مُوَلَّعَةُ الأَسدافِ عاطِرَةٌ / أَشهى مِنَ اللَعَسِ المَنضوخِ بِالشَنَبِ
يا صاحِبي وَيدُ الأَيّامِ مُثبِتَةٌ / في كُلِّ صالِحَةٍ سَهماً مِنَ النُوَبِ
غِض عَبرَتَيكَ وَلا تَجزَع لِفادِحَةٍ / تَعرو فَكُلُّ سَبيلٍ مِن سَبيلِ أَبِ
غارَ بِيَ الغربُ إِذ رَآني
غارَ بِيَ الغربُ إِذ رَآني / مُجتَمِعَ الشَملِ بِالحَبيبِ
فَأَرسَلَ الماءَ عَن فِراقٍ / وَأَرسَلَ الريحَ عَن رَقيبِ
في لَيلَةٍ سَدِكَت بِالأَرضِ فَحمَتُها
في لَيلَةٍ سَدِكَت بِالأَرضِ فَحمَتُها / وَالجَوُّ أَزرَقُ وَقّادُ المَصابيحِ
وَدَّعتُهُ وَكِلانا واضِعٌ يَدَهُ / عَلى حَشاً بِسَمومِ الشَوقِ مَلفوحِ
ما طِبتُ بِالعَيشِ نَفساً بَعدَ فُرقَتِها / وَالعَيشُ ما بَينَ مَذمومٍ وَمَمدوحِ
لَو جِئتَ نارَ الهُدى مِن جانِبِ الطُورِ
لَو جِئتَ نارَ الهُدى مِن جانِبِ الطُورِ / قَبَستَ ما شِئتَ مِن عِلمٍ وَمِن نُورِ
مِن كُلِّ زَهراءَ لَم تُرفَع ذُؤابَتُها / لَيلاً لِسارٍ وَلَم تُشبَب لِمَقرورِ
فَيضِيَّةُ القَدحِ مِن نورِ النُبُوَّةِ أَو / نورِ الهِدايَةِ تَجلو ظُلمَةَ الزورِ
ما زالَ يُقضِمُها التَقوى بِمَوقِدِها / صَوّامُ هاجِرَةٍ قَوّامُ دَيجورِ
حَتّى أَضاءَت مِنَ الإيمانِ عَن قَبَسٍ / قَد كانَ تَحتَ رَمادِ الكُفرِ مَكفورِ
نورٌ طَوى اللَهُ زَندَ الكَونِ مِنهُ على / سِقطٍ إِلى زَمَنِ المَهدِيِّ مَذخورِ
وَآيَةٌ كَإِياةِ الشَمسِ بَينَ يَدَي / غَزوٍ عَلى المَلِكِ القَيسِيِّ مَنذورِ
يا دارُ دارَ أَميرِ المُؤمِنينَ بِسَف / حِ الطَودِ طَودِ الهُدى بورِكتِ في الدُورِ
ذاتَ العمادينِ مِن عِزٍّ وَمَملَكَةٍ / عَلى الأَساسينَ مِن قُدسٍ وَتَطهيرِ
ما كانَ بانيكِ بِالواني الكَرامَةِ عَن / قَصرٍ عَلى مَجمَعِ البَحرَينِ مَقصُورِ
مَواطِئ مِن نَبِيٍّ طالَ ما وُصِلَت / فيها الخُطى بَينَ تَسبيحٍ وَتَكبيرِ
حَيثُ اِستَقَلَّت بِهِ نَعلاهُ بورِكَتا / فَطَيَّبَت كُلَّ مَوطوءٍ وَمَعبورِ
وَحَيثُ قامَت قَناةُ الدينِ تَرفُلُ في / لِواءِ نَصرٍ عَلى البَرَّينِ مَنشورِ
في كَفِّ مُنشَمِرِ البُردَينِ ذي وَرَعٍ / عَلى التُقى وَصَفاءِ النَفسِ مَفطورِ
يَلقاكَ في حالِ غَيبٍ مِن سَريرَتِهِ / بِعالَمِ القُدسِ مَشهورٍ وَمَحضورِ
تَسَنَّمَ الفُلكَ مِن شِطِّ المَجازِ وَقَد / نُودينَ يا خَيرَ أَفلاكِ العُلا سيري
فَسِرنَ يَحمِلنَ أَمرَ اللَهِ مِن مَلِكٍ / بِاللَهِ مُستَنصِرٍ في اللَهِ مَنصُورِ
يُومي لَهُ بِسُجودٍ كُلُّ مَحرَكَةٍ / مِنها وَيوليهِ حَمداً كُلُّ تَصديرِ
لَما تَسابَقنَ في بَحرِ الزُقاقِ بِهِ / تَرَكنَ شَطَّيهِ في شَكٍّ وَتَحييرِ
أَهزَّ مِن مَوجِهِ أَثناءَ مَسرورِ / أَم خاضَ مِن لُجِّهِ أَحشاءَ مَذعورِ
كَأَنَّهُ سالِكٌ مِنهُ عَلى وَشَلٍ / في الأَرضِ مِن مُهَجِ الأَسيافِ مَقطورِ
مِنَ السُيوفِ الَّتي ذابَت لِسَطوَتِهِ / وَقَد رَمى نارَ هَيجاها بِتَسعيرِ
ذو المُنشَآتِ الجَواري في أَجِرَّتِها / شَكلُ الغَدائِرِ في سَدلٍ وَتَضفيرِ
أَغرى المِياهَ وَأَنفاسَ الرِياحِ بِها / ما في سَجاياهُ مِن لينٍ وَتَعطيرِ
مِن كُلِّ عَذراءَ حُبلى في تَرائِبِها / رَدعان مِن عَنبَرٍ وَردٍ وَكافورِ
تَخالُها بَينَ أَيدٍ مِن مَجاذِفِها / يَغرَقنَ في مِثلِ ماءِ الوَردِ مِن جُورِ
وَرُبَّما خاضَتِ التَيّارَ طائِرَةً / بِمِثلِ أَجنِحَةِ الفُتخِ الكَواسيرِ
كَأَنَّما عَبَرَت تَختالُ عائِمَةً / في زاخِرٍ مِن نَدى يُمناهُ مَعصورِ
حَتّى رَمَت جَبَلَ الفَتحَينِ مِن كَثَبٍ / بِساطِعٍ مِن سَناهُ غَيرَ مَبهورِ
لِلَّهِ ما جَبَلُ الفَتحَينِ مِن جَبَل / مُعَظَّمِ القَدرِ في الأَجبالِ مَذكورِ
مِن شامِخِ الأَنفِ سَحنائِهِ طَلَسٌ / لَهُ مِنَ الغَيمِ جَيبٌ غَيرُ مَزرورِ
مُعَبِّراً بِذَراهُ عَن ذَرى مَلِكٍ / مُستَمطَرِ الكَفِّ وَالأَكنافِ مَمطورِ
تُمسي النُجومُ عَلى إِكليلِ مَفرِقِهِ / في الجَوِّ حائِمَةً مِثلَ الدَنانيرِ
وَرُبَّما مَسَحَتهُ مِن ذَوائِبِها / بِكُلِّ فَضلٍ عَلى فَودَيهِ مَجرورِ
وَأَدرَدٍ مِن ثَناياهُ بِما أَخَذَت / مِنهُ مَعاجِمُ أَعوادِ الدَهاريرِ
مُحَنَّكٌ حَلَبَ الأَيّامَ أَشطُرَها / وَساقَها سَوقَ حادي العِيرِ لِلعيرِ
مُقَيَّدُ الخَطوِ جَوّالُ الخَواطِرِ في / عَجيبِ أَمرَيهِ مِن ماضٍ وَمَنظورِ
قَد واصَلَ الصَمتَ وَالإِطراقَ مُفتَكِراً / بادي السَكينَةِ مُغفَرِّ الأَساريرِ
كَأَنَّهُ مُكمَدٌ مِمّا تَعَبَّدَهُ / خَوفُ الوَعيدَينِ مِن دَكّ وَتَسييرِ
أَخلِق بِهِ وَجِبالُ الأَرضِ راجِفَةٌ / أَن يَطمَئِنَّ غَداً مِن كُلِّ مَحذورِ
كَفاهُ فَضلاً أَنِ اِنتابَت مَواطِئَهُ / نَعلا مَليكٍ كَريمِ السَعيِ مَشكورِ
مُستَنشِئاً بِهِما ريحَ الشَفاعَةِ مِن / ثَرى إِمامٍ بِأَقصى الغَربِ مَقبورِ
ما اِنفَكَّ آمِلَ أَمرٍ مِنهُ بَينَ يَدَي / يَومِ القِيامَةِ مَحتومٍ وَمَقدورِ
حَتّى تَصَدّى مِنَ الدُنيا عَلى رَمَقٍ / يَستَنجِزُ الوَعدَ قَبلَ النَفخِ في الصورِ
مُستَقبِلَ الجانِبِ الغَربِيِّ مُرتَقِباً / كَأَنَّهُ بائِتٌ في جَوِّ أَسميرِ
لِبارِقٍ مِن حُسامٍ سَلَّهُ قَدَرُ / بِالغَربِ مِن أُفُقِ البِيضِ المَشاهيرِ
إِذا تَأَلَّقَ قَيسِيّاً أَهابَ بِهِ / إِلى شَفا مِن مُضاعِ الدينِ مَوتورِ
مَلكٌ أَتى عِظَماً فَوقَ الزَمانِ فَما / يَمُرُّ فيهِ بِشَيءٍ غَيرِ مَحقورِ
ما عَنَّ في الدينِ وَالدُنيا لَهُ أَرَبٌ / إِلا تَأَتّى لَهُ مِن غَيرِ تَعذيرِ
وَلا رَمى مِن أمانِيهِ إِلى غَرَضٍ / إِلا هَدى سَهمَهُ نُجحُ المَقاديرِ
حَتّى كَأَنَّ لَهُ في كُلِّ آوِنَةٍ / سُلطانَ رِقٍّ عَلى الدُنيا وَتَسخيرِ
مُمَيَّزُ الجَيشِ مُلتَفّاً مَواكِبُهُ / مِن كُلِّ مَثلولِ عَرشِ المُلكِ مَقهورِ
مِنَ الأُلى خَضَعوا قَسراً لَهُ وَعَنَوا / لِأَمرِهِ بَينَ مَنهِيٍّ وَمَأمورِ
مِن بَعدِ ما عانَدوا أَمراً فَما تَرَكوا / إِذ أَمكَنَ العَفوُ مَيسوراً لِمَعسورِ
بَقِيَّةُ الحَربِ فاتوها وَما بِهِمُ / في الضَربِ وَالطَعنِ سيماءٌ لِتَقصيرِ
لا يُنكِرُ القَومُ مِمّا في أَكُفِّهِمُ / بيضٍ مَفاليلَ أَو سُمرٍ مَكاسيرِ
إِذا صَدَعتَ بِأَمرِ اللَهِ مُجتَهِداً / ضَرَبتَ وَحدَك أَعناقَ الجَماهيرِ
لا يَذهَلَنَّ لِتَقليلٍ أَخو سَبَبٍ / مِنَ الأُمورِ وَلا يَركَن لِتَكثيرِ
فَالبَحرُ قَد عادَ مِن ضَربِ العَصا يَبَساً / وَالأَرضُ قَد غَرِقَت مِن فَورِ تَنّورِ
وَإِنَّما هُوَ سَيفُ اللَهِ قَلَّدَهُ / أَقوى الهُداةِ يَداً في دَفعِ مَحذورِ
فَإِن يَكُن بِيَدِ المَهدِيِّ قائِمُهُ / فَمَوضِعُ الحَدِّ مِنهُ جَدُّ مَشهورِ
وَالشَمسُ إِن ذَكَرَت موسى فَما نَسِيَت / فَتاهُ يُوشَعَ قَمّاعَ الجَبابيرِ
وَأَرضُ شِلبٍ وَما شِلبٌ وَإِن وَلَدَت
وَأَرضُ شِلبٍ وَما شِلبٌ وَإِن وَلَدَت / غِمارَ ناسٍ فَناسٌ غَيرُ أَغمارِ
عُرفُ التَحاوُرِ مِن تِلقاءِ أَلسُنِهِم / كَأَنَّما نَشَأوا في غَيرِ أَمصارِ
يُلقُونَ بِالقَولِ مَوزُوناً وَما قَصَدوا / كَأَنَّ ذلِكَ مِنهُم عَقدُ إِضمارِ
إيهٍ وَهَل مَعَ إيهٍ يا أَبا عُمَرٍ / مِن تُحفَةٍ غَيرِ إِعظامٍ وَإِكبارِ
وَغَيرِ عَقدِ صَفاءٍ قَد قَسَمتُ لَكُم / مَعينَهُ بَينَ إِعلانٍ وَإِسرارِ
عَجِبتُ مِن مَعشَرٍ تُمطي مَآثِرَهُم / مِنَ الثَناءِ عَلَيها ظَهرَ طَيّارِ
ما بالُهُم رَقَدوا في لِينِ عَيشِهِمُ / عَن جارِهِم وَهوَ مَحبوسٌ بِإِقتارِ
ما كانَ أَقدَرَهُم أَن يَأخُذوا لَكُمُ / عَلى البَديهِ مِنَ الأَيّامِ بِالثارِ
وَالحُرُّ أَكثَرُ ما يُزري بِحاجَتِهِ / تَوَسُّطٌ مِن خَبيثِ النَفسِ خَوّارِ
صَونُ الفَتى وَجهَهُ أَبقى لِهِمَّتِهِ / وَالرِزقُ جارٍ عَلى حَدٍّ وَمِقدارِ
قَنِعتُ وَاِمتَدَّ مالي فَالسَماءُ يَدِي / وَنَجمُها دِرهَمي وَالشَمسُ ديناري
هذي مَساعي اِبنِ حَربون وَكَيفَ بِها
هذي مَساعي اِبنِ حَربون وَكَيفَ بِها / فَبارِها شَرَفاً يا نَجمُ أَو سارِ
فَهَل نَسائمُ مِسكٍ تَنثُرونَ مَعي / أَم تَقطِفونَ مَعي أَكمامَ أَزهارِ
حَتّى لَقَد خِلتَني شَعشَعتُ بَينَهُم / خَمراً فَمِن بَينِ مَخمورٍ وَخَمّارِ
وَذي حَنينٍ يَكادُ شَجواً
وَذي حَنينٍ يَكادُ شَجواً / يَختَلِسُ الأَنفُسَ اِختِلاسا
إِذا غَدا لِلرِّياضِ جاراً / قالَ لَها المَحلُ لا مِساسا
تَبَسَّمَ الزَهرُ حينَ يَبكي / بِأَدمُعٍ ما رَأَينَ باسا
مِن كُلِّ جَفنٍ يَسِلُّ سَيفاً / صارَ لَها غِمدُهُ رِئاسا
خَفَضتُمُ لِلمَعالي نَحوَ أَندَلُسٍ
خَفَضتُمُ لِلمَعالي نَحوَ أَندَلُسٍ / أَعِنَّةَ السابِحَينِ الفُلكِ وَالفرسِ
وا خجلةَ البَحر إِن لَم يَحلُ مَشرَبُهُ / وَإِن غَدا عَنبَرِيَّ اللَونِ وَالنَفسِ
اُنظُر إِلى نَقشِيَ البَديعِ
اُنظُر إِلى نَقشِيَ البَديعِ / يُسليكَ عَن زَهرَةِ الرَبيعِ
لَو جُنِيَ البَحرُ مِن رِياضٍ / كانَ جَنى رَوضِيَ المَريعِ
سَقانِيَ اللَهُ دَمعَ عَيني / وَلا وَقاني جَوى ضُلُوعي
فَما أُبالي شَقاءَ بَعضي / إِذا تَشَقَّيتُ في جَميعي
كَيفَ تَراني وُقِيتَ ما بي / أَلَستُ مِن أَعجَبِ الرُبوعِ
وَجَدوَلٍ كَاللَجينِ سائِل
وَجَدوَلٍ كَاللَجينِ سائِل / صافي الحَشا أَزرَقِ الغَلائِل
عَلَيهِ شَكلٌ صَنَوبَرِيٌّ / يُفتَلُ مِن مائِهِ خَلاخِل
يا حُسنَ ما راقَ عَيني مِن صنوبَرَةٍ
يا حُسنَ ما راقَ عَيني مِن صنوبَرَةٍ / لَها مَعَ الماءِ حالٌ غَيرُ مَحلولِ
تعبّ فيها لجينياً فَتَنفُخُهُ / أَعطافها مِثل أَشطارِ الخَلاخيلِ
قالوا وَقَد أَكثَروا في حَبِّهِ عَذَلي
قالوا وَقَد أَكثَروا في حَبِّهِ عَذَلي / لَو لَم تَهِم بِمُذالِ القَدرِ مُبتَذَلِ
فَقُلتُ لَو أَنَّ أَمري في الصَبابَةِ لي / لَاِختَرتُ ذاكَ وَلكِن لَيسَ ذلِكَ لي
في كُلِّ قَلبٍ غَريزاتٍ مُدلَّلَةٌ / لِلحُسنِ وَالحُسنُ مَلكٌ حَيثُ حَلَّ وَلي
عُلِّقتُهُ حَبَبِيَّ الثَغرِ عاطِرَهُ / أَلمى المُقَبِّلِ أَحوى ساحِرَ المُقَلِ
إِذا تَأَمَّلتَهُ أَعطاكَ مُلتَفِتاً / ما شِئتَ مِن لَحَظاتِ الشادِنِ الغَزِلِ
هَيهاتِ أَبغي سِواهُ في الهَوى بَدَلاً / أُخرى اللَيالي وَهَل في الحُبِّ مِن بَدَلِ
أَما يُعابُ عَلَيهِ شغلُ راحَتِهِ / مَن يُحسِنُ الفَرقَ بَينَ الحَليِ وَالعَطَلِ
غُزَيِّلٌ لَم تَزَل في الغَزلِ جائِلَةً / بَنانُهُ جَوَلانَ الفِكرِ في الغَزَلِ
جَذلانُ تَلعَبُ بِالمِحواكِ أَنمُلُهُ / عَلى السَدى لَعِبَ الأَيّامِ بِالدُوَلِ
ما إِن يَني تَعِبَ الأَطرافِ مُشتَغِلاً / أَفديهِ مِن تَعِبِ الأَطرافِ مُشتَغِلِ
جَذباً بِكَفَّيهِ أَو فَحصاً بِأَخمَصِهِ / تَخَبُّطَ الظَبيِ في أَشراكِ مُحتَبِلِ
كَم بَينَ شَطَّيكَ مِن رِيٍّ لِجانِحَةٍ
كَم بَينَ شَطَّيكَ مِن رِيٍّ لِجانِحَةٍ / ذابَت عَلَيكَ صَدىً يا وادِيَ العَسَلِ
وَما دَعاها إِلى وادٍ سِواكَ ظَما / أَلا تَبَيَّنُ فيها فَترَةَ الكَسَلِ
مَن عانَدَ الحَقَّ لَم يَعضُدهُ بُرهانُ
مَن عانَدَ الحَقَّ لَم يَعضُدهُ بُرهانُ / وَلِلهُدى حُجَّةٌ تَعلو وَسُلطانُ
ما يُظهِرُ اللَه مِن آياتِهِ فَعَلى / أَتَمِّ حالٍ وَصُنعُ اللَهِ إِتقانُ
مَن لَم يَرَ الشَمسَ لَم يَحصُل لِناظِرِهِ / بَينَ النَهارِ وَبَينَ اللَيلِ فُرقانُ
الحَمدُ لِلَّهِ حَمدَ العارِفينَ بِهِ / قَد نَوَّرَ القَلبَ إِسلامٌ وَإيمانُ
عَقلٌ وَثابِتُ حُسنٍ يَقضِيانِ مَعاً / لِلأَمرِ أَنَّ سِراجَ الأَمرِ عُثمانُ
السَيِّدُ المُتَعالي كُنهُ سُؤددهِ / عَمّا تَأَوَّلُ أَلبابٌ وَأَذهانُ
مَن راءَ حَضرَتَهُ العُليا رَأى عَجَباً / المُلكُ في الأَرضِ وَالإيوانُ كيوانُ
مَرأىً عَلَيهِ اِجتِماعٌ لِلنُّفوسِ كَما / تَشَبَّثَت بِلَذيذِ العَيشِ أَجفانُ
لِلعَينِ وَالقَلبِ في إِقبالِهِ أَمَلٌ / كَأَنَّهُ لِلشَّبابِ الغَضِّ رَيعانُ
كُنّا إِلى المَلَأِ الأَعلى بِنِسبَتِهِ / لَو ناسَبَ المَلَأ العُلوِيَّ إِنسانُ
كَأَنَّما يَتَعاطى فضلَ مَنطِقِهِ / عِندَ التَكَلُّمِ لُقمانٌ وَسَحبانُ
يُغضي عَنِ الذَنبِ عَفواً وَهوَ مُقتَدِرٌ / وَيَترُكُ البَطشَ حِلماً وَهوَ غَضبانُ
بِفِطنَةٍ مِن وَراءِ الغَيبِ صادِقَةٍ / مِنها عَلى فَضلِها في الحُكمِ عُنوانُ
مَزِيَّةٌ ما أراها قَبلَهُ حَصَلَت / لِواحِدٍ مِن مُلوكِ الأَرضِ مُذ كانوا
أَستَغفِرُ اللَهَ إِلا قصةً سَلَفَت / قَد كانَ فُهِّمها يَوماً سُلَيمانُ
سارٍ مِنَ النَقعِ في ظَلماءَ فاحِمَةٍ / وَالشُهبُ في أُفُقِ المرانِ خَرصانُ
وَمُغتَدٍ وَمِنَ الخَطِيِّ في يَدِهِ / عَصا تَلَقَّفَ مِنها الجَيشَ ثُعبانُ
غَرناطَةٌ شُغِفَت حُبّاً وَمِنكَ لَها / بِالحَلِّ وَصلٌ وَبِالتِرحالِ هِجرانُ
مَولايَ ماذا عَلَيها مُذ حَلَلَت بِها / أَن لا يُعاوِنُها ناسٌ وَبُلدانُ
إِذا تَذَكَّرتَ أَوطاناً سَكَنتَ بِها / فَلا يَكُن مِنكَ لِلأَضلاعِ نِسيانُ
مِمَّن لَهُ حَدُّ سَيفٍ أَو شَبا قَلَمٍ / شَرارُهُ في الوَغى وَالفَهمِ نيرانُ
يَسلُّ مِقوَلَهُ إِن شامَ مُنصُلَهُ / وَلِلخِطابِ كَما لِلحَربِ أَوطانُ
قَد يَسكُتُ السَيفُ وَالأَقلامُ ناطِقَةٌ / وَالسَيفُ في لُغَةِ الأَقلامِ لَحّانُ
عَدلاً مَلَأتَ بِهِ الدُنيا فَأَنتَ بِها / بَينَ العِبادِ وَبَينَ اللَهِ مِيزانُ
أَبياتُ مَعلُوَةٍ في كُلِّها لَكُمُ / أُسٌّ كَريمٌ عَلى التَقوى وَبُنيانُ
فَلَو لَحِقتُم زَمانَ الوَحيِ نُزِّلَ في / تِلكَ الصِفاتِ مَكانَ الشِعرِ قُرآنُ
مَن لَم يُصِخ نَحوَها وَالسَيفُ مُلتَحِفٌ / فَسَوفَ يَقرَؤُها وَالسَيفُ عُريانُ
مَوتُ العِدا بِالظُبا دَينٌ وَإِن مَطَلَت / بِهِ سُيوفُكَ فَالأَيّامُ ضُمّانُ
فَكُن مِن الظَفَرِ الأَعلى عَلى ثِقَةٍ / مِنكَ الظُبا وَمِنَ الأَعناقِ إِذعانُ
لا زالَ كُلُّ عَدُوٍّ في مَقاتِلِهِ / دَمٌ إِلى سَيفِكَ الريّانِ ظَمآنُ
يا راكِباً وَاللِوى شَمالٌ
يا راكِباً وَاللِوى شَمالٌ / عَن قَصدِهِ وَالغَضا يَمينُ
نَجداً عَلى أَنَّهُ طَريقٌ / تَقطَعُهُ لِلصِّبا عُيونُ
وَحَيِّ عَنّي إِن جُزتَ حَيّاً / أَمضى مَواضيهُمُ الجُفونُ
وَقِل عَلى أَيكَةٍ بِوادٍ / لِلوُرقِ في قُضبِها حَنينُ
يا أَيكُ لا يَدَّعي حَمامٌ / ما يَجِدُ الشَيِّقُ الحَزينُ
لَو أَنَّ بِالوُرقِ ما بِقَلبي / لَاِحتَرَقَت تَحتَها الغُصونُ
تُفّاحَةٌ أُهدِيَت إِلَيهِ
تُفّاحَةٌ أُهدِيَت إِلَيهِ / حَمراءُ في لَونِ وَجنَتَيهِ
هَمَّ بِتَقبيلِها فَزارَت / فاهُ عَلى رَغمِ مُقلَتَيهِ
بِاللَهِ يا زَهرَ مِحجَرَيهِ / دَعني أَسَل آسَ عارِضيهِ
لِم باكَرَت أقحُوانُ فيهِ / بِقَرعِ بابِ المُنى عَلَيهِ
لَعَلَّهُ قَد أَعارَ يَوماً / نَكهَتَها طيبَ مَرشفَيهِ
فَباكَرَتهُ عَلى حَياءٍ / تَصرفُ أَنفاسَهُ إِلَيهِ