المجموع : 14
وزَعْفَرانِيَّةٍ في اللَّوْنِ والطّيبِ
وزَعْفَرانِيَّةٍ في اللَّوْنِ والطّيبِ / طيِّبةِ الخَمْرِ دَكْناءِ الجَلابيبِ
ثَوَتْ بِحانَةِ عُمْر الزَّعْفَران على / مَرِّ الهَواجِرِ فيهِ والأَهَاضيبِ
وما الغَطارِفَةُ الشُّبانُ إِنْ شَرِبوا / خَمْراً بِأَبْلَجَ مِنْ رُهْبانِهِ الشِّيبِ
شَرِبْتُها مِنْ يَدَيْ حَوراءَ مُقْلَتُها / تُفْني القُلوبَ بِتَبْعيدٍ وتَقْريبِ
شَمْسٌ إِذا طَلَعَتْ قَالَتْ مَحاسِنُها / ها قد طَلَعْتُ فَيا شَمْسَ الضُّحى غيبي
وَنِمْتُ سُكْراً ونامَتْ لي مُعانِقَةً / فَلا تَسَلْ عَنْ عِناقِ الظَّبْي والذِّيبِ
لا تُطْنبنْ في بُكاءِ النُّؤي والطُّنُبِ
لا تُطْنبنْ في بُكاءِ النُّؤي والطُّنُبِ / ولا تُحَيّ كَثيبَ الحَيّ مِنْ كَثَبِ
ولا تَجُدْ بغَمامٍ للغميم ولا / تَسْمَح لِسِرْبِ المَها بالواكِفِ السَّرِبِ
رَبْعٌ تَعَفَّى فَأَعْفَى مِنْ جَوَىً وأَسَى / قَلْبي وكَانَ إِلى اللَّذَّاتِ مُنْقَلَبي
سِيَّان بَانَ خَليطٌ أَو أَقامَ بِهِ / فَإِنَّما عَامِرُ البَيْداءِ كَالْخَرِبِ
أَبْهَى وأَجْمَلُ منْ وَصْفِ الجِمالِ ومنْ / إِدْمانِ ذِكْرِ هَوىً يَهْوي على قَتَبِ
مَدُّ البَنانِ إِلى كَأْسٍ على سُكْرِ / ورَفْعُ صَوْتٍ بِتَطْريبٍ على طَرَبِ
حَمْراءَ حِينَ جَلَتْها الكَأْسُ نَقَّطَها / مِزاجُها بِدَنانِيرٍ من الحَبَبِ
كَمْ جَدَّدَتْ وهيَ لَمْ تُفضَضْ خَواتِمُها / من الدُّهورِ وكَمْ أَبْلَتْ مِنَ الحِقَبِ
كَانَتْ لَها أَرْجُلُ الأَعْلاجِ واتِرةً / بِالدَوْسِ فَانْتَصَفَتْ مِنْ أَرْؤُسِ العَرَبِ
يُسْقيكَها مِنْ بَني الكُفّارِ بَدْرُ دُجىً / أَلحاظُهُ لِلمَعاصي أَوْكَدُ السَّبَبِ
يُومي إِليْكَ بِأَطْرافٍ مُطَرَّفَةٍ / بِها خِضابانِ للعِنّابِ والعِنَبِ
تَسْبيكَ قَامَتُهُ إِنْ قامَ يَمْزُجُها / مُوَشَّحاً بِصَليبٍ صِيغَ مِنْ ذَهَبِ
كَمْ مَرَّةً قُلْتُ إِذ أَهْدى تَدَلُّلُهُ / إِليَّ جِدَّ الرَّدى في صُورَةِ اللَّعِبِ
يا ضَاحِكاً حِينَ أَبْكاني تَبَسُّمُهُ / حَقٌّ مِنَ الحُّبِ تُبْكيني وتَضْحَكُ بي
أَنْباكَ شَاهِدُ أَمْري عَنْ مُغَيَّبِهِ
أَنْباكَ شَاهِدُ أَمْري عَنْ مُغَيَّبِهِ / وجَدَّ جِدُّ الهوى بي في تَلَعُّبِهِ
يا نازِحاً نَزَحتْ دَمْعي قَطيعَتُهُ / هَبْ لي مِنَ الدَّمْعِ ما أَبْكي عَليْكَ بِهِ
يا نَفْسُ موتي فَقَدْ جَدَّ الأَسى مُوتي
يا نَفْسُ موتي فَقَدْ جَدَّ الأَسى مُوتي / ما كُنْتِ أَولَّ صَبٍّ غير مَبْخوتِ
يَوْمُ الفِراقِ رَمى شَمْلي فَشَتَّتَهُ / رَماهُ رَبِّي بِتَفْريقٍ وتَشْتيتِ
بَكَى إِليَّ غَداةَ البَيْنِ حِينَ رَأَى / دَمْعي يَفيضُ وَحالي حالَ مَبْهوتِ
فَدَمْعَتي ذَوْبُ ياقوتٍ عَلى ذَهَبٍ / وَدَمْعُهُ ذَوْبَ دُرٍّ فَوْقَ ياقوتِ
بِبامخايالِ إِنْ حاوَلْتُما طَلَبي
بِبامخايالِ إِنْ حاوَلْتُما طَلَبي / فَأَنْتُما تَجِداني ثَمَّ مَطْروحا
يا صَاحِبيّ هو العُمْرُ الذي جُمِعَتْ / فيهِ المُنى فاغْدُوَا لِلدَّيْرِ أَوْ رُوحا
بَرٌّ وبَحْرُ بِهِ يُهْدي نَسيمُهُما / للرُّوحِ مِسْكاً بِماءِ الوَرْدِ مَنْفوحا
يَجُرُّ صَيّادُه الشَّبُّوطَ مُضْطَرِباً / حَيّاً وقَانِصُهُ اليَعْفُور مَذْبوحا
مَحاسِنُ الدَّيْرِ تَسْبيحي ومِسْباحي
مَحاسِنُ الدَّيْرِ تَسْبيحي ومِسْباحي / وخَمْرُهُ في الدُّجى صُبْحي ومِصْباحي
أَقَمْتُ فيهِ إِلى أَنْ صَارَ هَيْكَلُهُ / بَيْتي ومُفْتاحُهُ لِلأُنْسِ مِفْتاحي
مُنادِماً في قَلالِيهِ رَهابِنَةً / راحَتْ خَلائِقُهُمْ أَصْفى مِنَ الرَّاحِ
قَدْ عُدِّلُوا ثُقْلَ أَوْزانٍ ومَعْرِفَةٍ / فِيهِمْ بِخِفَّةِ أَبْدانٍ وأَرْواحِ
ووَشَّحوا غُرَرَ الآَدابِ فَلْسَفَةً / وحِكْمَةً بِعُلومٍ ذات إِيضاحِ
في طِبِّ بقْراط لَحْنُ الموصِلي وفي / نَحْوِ المُبَرِّدِ أَشْعارُ الطِّرِمّاحِ
ومُنْشِدٌ حينَ يُبْديهِ المِزاجُ لَنا / أَلَمْعُ بَرْقٍ سَرى أَمْ ضَوْءُ مِصْباحِ
أَخْلَفْتُ في العُمْرِ عُمْري حينَ راحَ إِلى / غَيْرِ البِطالَةِ قَلْبي غَيْرَ مُرْتاحِ
ما نورُ أَحْدَاقِنا إِلاَّ حَدائِقُهُ / لامَ اللَّوائِمُ فيهِ أَوْ لَحا اللاَّحي
بَدائِعٌ لا لِدَيْرِ العَلْثِ هُنُّ ولا / لِدَيْرِ حَنَّةَ مِنْ ذاتِ الأُكَيْراحِ
وكَمْ حَنَنْتُ إلى حاناتِهِ وغَدا / شَوْقي يُكاثِرُ أَصْواتاً بِأَقْداحِ
حتَّى تَخَمَّرَ خَمَّاري بِمَعْرِفَتي / وصَيَّرَتْ مُلَحي في السُّكْرِ مُلاّحي
أَبا مَخايال لا تَعْدَمْ ضُحىً ودُجىً / سِجالَ كُلّ مُلِثِّ الوَدْقِ سَحّاحِ
إِنْ تُفْنِ كَأْسُكَ أَكْياسي فَإِنَّ بِها / يَفُلُّ جَيْشَ هُمومي جَيْشُ أَفْراحي
وإِنْ أُقِمْ سُوقَ إِطْرابي فَلا عَجَبٌ / هَذا بِذاكَ إِذا ما قامَ نُوّاحي
يا سَيِّداً بِالعُلا والمَجْدِ مُنْفَرِدا
يا سَيِّداً بِالعُلا والمَجْدِ مُنْفَرِدا / وواحِدَ الأَرْضِ لا مُسْتَثْنياً أَحدا
لُهاكَ أَوْجَدَتِ الآَمالَ ما فَقَدَتْ / وقَرَّبَتْ لِمُنى الرّاجينَ ما بَعُدا
هَذا زَمانُ عِلاجٍ يُتَّقى ضَرَرُ الْ / أَخْلاطِ فيهِ لأَنَّ الفَصْلَ قَدْ وفَدا
فَلَسْتَ تُبْصِرُ إِلاّ شارِباً قَدَحاً / مُرّاً وإِلاّ نَزيفَ الجِسْمِ مُفْتَصدَا
وقَدْ عَصَيْتُ الهَوى مُذْ أَمْسِ مُحْتَمياً / لَمّا عَزَمْتُ عَلى إِصْلاحِ ما فَسَدا
ورَوَّقوا لِيَ رَطْلاً لَسْتُ أَذْكُرُهُ / إِلاّ عُدِمْتُ لَدَيْهِ الصَّبْرَ والجَلَدا
مُناكِرٌ لِطِباعِيَ غَيْرَ أَنَّ لَهُ / عُقْبى تُمازِجُ مَحْموداتُها الجَسَدا
ولَيْسَ لي قَهْوَةٌ أُطْفي بِجَمْرَتِها / عَنْ مُهْجَتي شِرَّةَ الماءِ الَّذي بَرَدا
فامْنِنْ بِدَسْتيجَةِ المَشْروبِ يَوْمَكَ ذا / فَقَدْ عَزَمْتُ عَلى شُرْبِ الدَّواءِ غَدا
ما زَارَهُ الطَّيْفُ بَعْدَ اليَوْمِ مُعْتَمِدا
ما زَارَهُ الطَّيْفُ بَعْدَ اليَوْمِ مُعْتَمِدا / إِلاّ لِيُدْني لَهُ الشَّوْقَ الذي بَعُدا
كَأَنَّما مِنْ ثَناياها ومبْسَمِها / أَيْدي الغَمامِ سَرَقْنَ البَرْقَ والبَرَدا
لا تَحْسَبوا أَنَّني باغٍ بِكُمْ بَدَلاً
لا تَحْسَبوا أَنَّني باغٍ بِكُمْ بَدَلاً / وَلَوْ تَمَكَنْتُ من صَبْري ومن جَلَدي
قَلْبي رَقيبٌ عَلى قَلْبي لَكُمْ أَبَداً / والعَيْنُ عَيْنٌ عَلَيْهِ آَخِرَ الأَبَدِ
لَوْ أَنْ في فَمِهِ جَمْراً وأَنْشَدَنا
لَوْ أَنْ في فَمِهِ جَمْراً وأَنْشَدَنا / شِعْراً لَما ضَرَّهُ مِنْ بَرْدِ إِنْشَادِهْ
قَبْرٌ تَوَدُّ العُلَى ضَنّاً بِسَاكِنِهِ
قَبْرٌ تَوَدُّ العُلَى ضَنّاً بِسَاكِنِهِ / عَلى الثَّرى أَنَّهُ فيهِنَّ مَحْفورُ
فَإِنْ يَضِقْ فَلَهُ مِنْ صَدْرِهِ سِعَةٌ / وإِنْ دَجا فَلَهُ مِنْ صَدْرِهِ نُورُ
فَدَيْتُ مَنْ زَرَعَتْ في القَلْبِ لَحْظَتُهُ
فَدَيْتُ مَنْ زَرَعَتْ في القَلْبِ لَحْظَتُهُ / صَبابَةً وَسَقى بِالدَّمْعِ ما زَرَعا
لو أَنْ قَلْبي وفّاهُ مَحَبَّتَهُ / أَحَبَّهُ بِقُلوبِ العالَمينَ مَعا
أَهْلاً بِشَمْسِ مُدامٍ من يَدَيْ قَمَرٍ
أَهْلاً بِشَمْسِ مُدامٍ من يَدَيْ قَمَرٍ / تَكامَلَ الحُسْنُ فيهِ فَهو تَيّاهُ
كَأَنَّ خَمْرَتَهُ إِذْ قامَ يَمْزِجُها / مِنْ خَدِّهِ اعْتُصِرَتْ أَوْ من ثَناياهُ
إِذا سَقَتْكَ مِنَ المَمْزوجِ راحَتُهُ / كَأْساً سَقَتْكَ كُؤوسَ الصَّرْفِ عَيْناهُ
في وَجْهِهِ كُلُّ رَيْحانٍ تُراحُ لَهُ / مِنّا قُلوبٌ وأَبْصارٌ وتَهْواهُ
النَّرْجِسُ الغَضُّ عَيْناهُ وطُرَّتُهُ / بَنَفْسَجٌ وجَنْيُ الوَرْدِ خَدّاهُ
تَرى البَرِيَّةَ في حالَيْ نَدى ورَدى
تَرى البَرِيَّةَ في حالَيْ نَدى ورَدى / يَريشُها وبِحَدِّ السَّيْفِ يَبْريها
فَفِرقَةٌ بِمَناياها مصبّحة / وفرقة صَدَقَتْ فيها أَمانِيها
كَأَنَّهُ الدَّهْرُ في الآَمالِ يَنْشُرُها / بَيْنَ العِبادِ وفي الأَعْمارِ يَطْويها
إِذا الصَّوارم عَرَّتْهنَّ غَضْبَتُهُ / فإِنَّهُ بِنُفوسِ الأُسْدِ كاسيها
يَظَلُّ بِالهَزِّ يَوْمَ الرَّوْعِ يُضْحِكُها / وبِالدِّماءِ مِنَ الهاماتِ يُبْكيها
حتَّى كَأَنَّ جُفونَ المُشْرِكينَ حَلَّتْ / طَيّاتُها وأَعارَتْها مآَقيها