القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَخْطَل التَّغلِبي الكل
المجموع : 31
بانَت سُعادُ فَفي العَينَينِ مَلمولُ
بانَت سُعادُ فَفي العَينَينِ مَلمولُ / مِن حُبِّها وَصَحيحُ الجِسمِ مَخبولُ
فَالقَلبُ مِن حُبِّها يَعتادُهُ سَقَمٌ / إِذا تَذَكَّرتُها وَالجِسمُ مَسلولُ
وَإِن تَناسَيتُها أَو قُلتُ قَد شَحَطَت / عادَت نَواشِطُ مِنها فَهوَ مَكبولُ
مَرفوعَةٌ عَن عُيونِ الناسِ في غُرَفٍ / لا يَطمَعُ الشُمطُ فيها وَالتَنابيلُ
يُخالِطُ القَلبَ بَعدَ النَومِ لَذَّتُها / إِذَ تَنَبَّهَ وَاِعتَلَّ المَتافيلُ
يُروي العِطاشَ لَها عَذبٌ مُقَبَّلُهُ / في جيدِ آدَمَ زانَتهُ التَهاويلُ
حَليٌ يَشُبُّ بَياضَ النَحرِ واقِدُهُ / كَما تُصَوَّرُ في الدَيرِ التَماثيلُ
أَو كَالعَسيبِ نَماهُ جَدوَلٌ غَدِقٌ / وَكَنَّهُ وَهَجَ القَيظِ الأَظاليلُ
غَرّاءُ فَرعاءُ مَصقولٌ عَوارِضُها / كَأَنَّها أَحوَرُ العَينَينِ مَكحولُ
أَخرَقَهُ وَهوَ في أَكنافِ سِدرَتِهِ / يَومٌ تُضَرِّمُهُ الجَوزاءُ مَشمولُ
فَسَلِّها بِأَمونِ اللَيلِ ناجِيَةٍ / فيها هِبابٌ إِذا كَلَّ المَراسيلُ
قَنواءَ نَضّاخَةِ الذِفرى مُفَرَّجَةٍ / مِرفَقُها عَن ضُلوعِ الزَورِ مَفتولُ
تَسمو كَأَنَّ شَراراً بَينَ أَذرُعِها / مِن ناسِفِ المَروِ مَرضوحٌ وَمَنجولُ
كَأَنَّها واضِحُ الأَقرابِ في لِقَحٍ / أَسمى بِهِنَّ وَعِزَّتهُ الأَناصيلُ
تَذَكَّرَ الشِربَ إِذ هاجَت مَراتِعُهُ / وَذو الأَشاءِ طَريقُ الماءِ مَشغولُ
فَظَلَّ مُرتَبِئاً عَطشانَ في أَمرٍ / كَأَنَّ ما مَسَّ مِنهُ الشَمسُ مَملولُ
يَقسِمُ أَمراً أَبَطنَ الغَيلِ يورِدُها / أَم بَحرَ عانَةَ إِذ نَشفَ البَراغيلُ
فَأَجمَعَ الأَمرَ أُصلاً ثُمَّ أَورَدَها / وَلَيسَ ماءٌ بِشُربِ البَحرِ مَعدولُ
فَهاجَهُنَّ عَلى الأَهواءِ مُنحَدِرٌ / وَقعُ قَوائِمِهِ في الأَرضِ تَحليلُ
قارِحُ عامَينِ قَد طارَت نَسيلَتُهُ / سُنبُكُهُ مِن رُضاضِ المَروِ مَفلولُ
يَحدو خِماصاً كَأَعطالِ القَسِيِّ لَهُ / مِن وَقعِهِنَّ إِذا عاقَبنَ تَخبيلُ
أَورَدَها مَنهَلاً زُرقاً شَرائِعُهُ / وَقَد تَعَطَّشَتِ الجِحشانُ وَالحولُ
يَشرَبنَ مِن بارِدٍ عَذبٍ وَأَعيُنُها / مِن حَيثُ تَخشى وَوارى الرامِيَ الغيلُ
نالَت قَليلاً وَخاضَت ثُمَّ أَفزَعَها / مُرَمَّلٌ مِن دِماءِ الوَحشِ مَعلولُ
فَاِنصَعنَ كَالطَيرِ يَحدوهُنَّ ذو زَجَلٍ / كَأَنَّهُ في تَواليهِنَّ مَشكولُ
مُستَقبِلٌ وَهَجَ الجَوزاءِ يَهجِمُها / سَحَّ الشَآبيبِ شَدٌّ فيهِ تَعجيلُ
إِذا بَدَت عَورَةٌ مِنها أَضَرَّ بِها / بادي الكَراديسِ خاظي اللَحمِ زُغلولُ
يَتبَعُهُ مِثلُ هُدّابِ المُلاءِ لَهُ / مِنها أَعاصيرُ مَقطوعٌ وَمَوصولُ
يا أَيُّها الراكِبُ المُزجي مَطِيَّتَهُ / أَسرِع فَإِنَّكَ إِن أُدرِكتَ مَقتولُ
لا يَخدَعَنَّكَ كَلبِيٌّ بِذِمَّتِهِ / إِنَّ القُضاعِيَّ إِن جاوَزتَهُ غولُ
كَم قَد هَجَمنا عَلَيهِم مِن مُسَوَّمَةٍ / شُعثٍ فَوارِسُها البيضُ البَهاليلُ
نَسبي النِساءَ فَما تَنفَكُّ مُردَفَةً / قَد أَنهَجَت عَن مَعاريها السَرابيلُ
أَقفَرَتِ البُلخُ مِن عَيلانَ فَالرُحَبُ
أَقفَرَتِ البُلخُ مِن عَيلانَ فَالرُحَبُ / فَالمَحلَبِيّاتُ فَالخابورُ فَالشُعَبُ
فَأَصبَحوا لا يُرى إِلّا مَنازِلُهُم / كَأَنَّهُم مِن بَقايا أُمَّةٍ ذَهَبوا
فَاللَهُ لَم يَرضَ عَن آلِ الزُبَيرِ وَلا / عَن قَيسِ عَيلانَ طالَما خَرَبوا
يُعاظِمونَ أَبا العاصي وَهُم نَفَرٌ / في هامَةٍ مِن قُرَيشٍ دونَها شَذَبُ
بيضٌ مَصاليتُ أَبناءُ المُلوكِ فَلَن / يُدرِكَ ما قَدَّموا عُجمٌ وَلا عَرَبُ
إِن يَحلُموا عَنكَ فَالأَحلامُ شيمَتُهُم / وَالمَوتُ ساعَةَ يَحمى مِنهُمُ الغَضَبُ
كَأَنَّهُم عِندَ ذاكُم لَيسَ بَينَهُمُ / وَبَينَ مَن حارَبوا قُربى وَلا نَسَبُ
كانوا مَوالِيَ حَقٍّ يَطلُبونَ بِهِ / فَأَدرَكوهُ وَما مَلّوا وَلا لَغِبوا
إِن تَكُ لِلحَقِّ أَسبابٌ يُمَدُّ بِها / فَفي أَكُفِّهِمِ الأَرسانُ وَالسَبَبُ
هُمُ سَعَوا بِاِبنِ عَفّانَ الإِمامِ وَهُم / بَعدَ الشِماسِ مَرَوها ثُمَّتَ اِحتَلَبوا
حَرباً أَصابَ بَني العَوّامِ خانِبُها / بُعداً لِمَن أَكَلَتهُ النارُ وَالحَطَبُ
حَتّى تَناهَت إِلى مِصرٍ جَماجِمُهُم / تَعدو بِها البُردُ مَنصوباً بِها الخَشَبُ
إِذا أَتَيتَ أَبا مَروانَ تَسأَلُهُ / وَجَدتَهُ حاضِراهُ الجودُ وَالحَسَبُ
تَرى إِلَيهِ رِفاقَ الناسِ سابِلَةً / مِن كُلِّ أَوبٍ عَلى أَبوابِهِ عُصَبُ
يَحتَضِرونَ سِجالاً مِن فَواضِلِهِ / وَالخَيرُ مُحتَضَرُ الأَبوابِ مُنتَهَبُ
وَالمُطعِمُ الكومَ لا يَنفَكُّ يَعقِرُها / إِذا تَلاقى رِواقُ البَيتِ وَاللَهَبُ
كَأَنَّ حيرانَها في كُلِّ مَنزِلَةٍ / قَتلى مُجَرَّدَةُ الأَوصالِ تُستَلَبُ
لا يَبلُغُ الناسُ أَقصى وادِيَيهِ وَلا / يُعطي جَوادٌ كَما يُعطي وَلا يَهَبُ
بانَت سُعادُ فَفي العَينَينِ تَسهيدُ
بانَت سُعادُ فَفي العَينَينِ تَسهيدُ / وَاِستَحقَبَت لُبَّهُ فَالقَلبُ مَعمودُ
وَقَد تَكونُ سُلَيمى غَيرَ ذي خُلُفٍ / فَاليَومَ أَخلَفَ مِن سَلمى المَواعيدُ
لَمعاً وَإيماضَ بَرقٍ ما يَصوبُ لَنا / وَلَو بَدا مِن سُلَيمى النَحرُ وَالجيدُ
إِمّا تَريني حَناني الشيبُ مِن كِبَرٍ / كَالنَسرِ أَرجُفُ وَالإِنسانُ مَهدودُ
وَقَد يَكونُ الصِبا مِنّي بِمَنزِلَةٍ / يَوماً وَتَقتادُني الهيفُ الرَعاديدُ
يا قَلَّ خَيرُ الغَواني كَيفَ رُغنَ بِهِ / فَشِربُهُ وَشَلٌ فيهِنَّ تَصريدُ
أَعرَضنَ مِن شَمَطٍ في الرَأسِ لاحَ بِهِ / فَهُنَّ مِنّي إِذا أَبصَرنَني حيدُ
قَد كُنَّ يَعهَدنَ مِنّي مَضحَكاً حَسَناً / وَمَفرِقاً حَسَرَت عَنهُ العَناقيدُ
فَهُنَّ يَشدونَ مِنّي بَعضَ مَعرِفَةٍ / وَهُنَّ بِالوُدِّ لا بُخلٌ وَلا جودُ
قَد كانَ عَهدي جَديداً فَاِستُبِدَّ بِهِ / وَالعَهدُ مُتَّبَعٌ ما فيهِ مَنشودُ
يَقُلنَ لا أَنتَ بَعلٌ يُستَقادُ لَهُ / وَلا الشَبابُ الَّذي قَد فاتَ مَردودُ
هَلِ الشَبابُ الَّذي قَد فاتَ مَردودُ / أَم هَل دَواءٌ يَرُدُّ الشَيبَ مَوجودُ
لَن يَرجِعَ الشيبُ شُبّاناً وَلَن يَجِدوا / عِدلَ الشَبابِ لَهُم ما أَورَقَ العودُ
إِنَّ الشَبابَ لَمَحمودٌ بَشاشَتُهُ / وَالشَيبُ مُنصَرَفٌ عَنهُ وَمَصدودُ
أَما يَزيدُ فَإِنّي لَستُ ناسِيَهُ / حَتّى يُغَيِّبَني في الرَمسِ مَلحودُ
جَزاكَ رَبُّكَ عَن مُستَفرِدٍ وَحَدٍ / نَفاهُ عَن أَهلِهِ جُرمٌ وَتَشريدُ
مُستَشرَفٍ قَد رَماهُ الناسُ كُلُّهُمُ / كَأَنَّهُ مِن سُمومِ الصَيفِ سَفّودُ
جَزاءَ يوسُفَ إِحساناً وَمَغفِرَةٍ / أَو مِثلَما جُزِيَ هارونٌ وَداوُودُ
أَو مِثلَ ما نالَ نوحٌ في سَفينَتِهِ / إِذِ اِستَجابَ لِنوحٍ وَهوَ مَنجودُ
أَعطاهُ مِن لَذَّةِ الدُنيا وَأَسكَنَهُ / في جَنَّةٍ نَعمَةٌ مِنها وَتَخليدُ
فَما يَزالُ جَدا نُعماكَ يَمطُرُني / وَإِن نَأَيتُ وَسَيبٌ مِنكَ مَرفودُ
هَل تُبلِغَنّي يَزيداً ذاتُ مَعجَمَةٍ / كَأَنَّها صَخرَةٌ صَمّاءُ صَيخودُ
مِنَ اللَواتي إِذا لانَت عَريكَتُها / كانَ لَها بَعدَهُ آلٌ وَمَجلودُ
تَهدي سَواهِمَ يَطويها العَنيقُ بِنا / فَالعيسُ مُنعَلَةٌ أَقرابُها سودُ
تَلفَحُهُنَّ حَرورٌ كُلَّ هاجِرَةٍ / فَكُلُّها نَقِبُ الأَخفافِ مَجهودُ
كَأَنَّها قارِبٌ أَقرى حَلائِلَهُ / ذاتَ السَلاسِلِ حَتّى أَيبَسَ العودُ
ثُمَّ تَرَبَّعَ أُبلِيّاً وَقَد حَمِيَت / مِنهُ الدَكادِكُ وَالأُكمُ القَراديدُ
فَظَلَّ مُرتَبِئاً وَالأُخذُ قَد حَمِيَت / وَظَنَّ أَنَّ سَبيلَ الأُخذِ مَثمودُ
ثُمَّ اِستَمَرَّ يُجاريهِنَّ لا ضَرَعٌ / مُهرٌ وَلا ثَلِبٌ أَفناهُ تَعويدُ
طاوي المِعى لاحَهُ التَعداءُ صَيفَتَهُ / كَأَنَّما هُوَ في آثارِها سيدُ
ضَخمُ المِلاطَينِ مَوّارُ الضُحى هَزِجٌ / كَأَنَّ زُبرَتَهُ في الآلِ عُنقودُ
يَنضِحنَهُ بِصِلابٍ ما تُؤَيِّسُهُ / قَد كانَ في نَحرِهِ مِنهُنَّ تَفصيدُ
فَهُنَّ يَنبونَ عَن جَأبِ الأَديمِ كَما / تَنبو عَنِ البَقَرِيّاتِ الجَلاميدُ
إِذا اِنصَما حَنِقاً حاذَرنَ شَدَّتَهُ / فَهُنَّ مِن خَوفِهِ شَتّى عَباديدُ
يَنصَبُّ في بَطنِ أُبلِيٍّ وَيَبحَثُهُ / في كُلِّ مُنبَطَحٍ مِنهُ أَخاديدُ
إِذا أَرادَ سِوى أَطهارِها اِمتَنَعَت / مِنهُ سَراعيفُ أَمثالُ القَنا قودُ
يَصيفُ عَنهُنَّ أَحياناً بِمَنخِرِهِ / فَبِاللَبانِ وَبِاللِيتَينِ تَكديدُ
يَنضِحنَ بِالبَولِ أَولاداً مُغَرَّقَةً / لَم تَفتَحِ القُفلَ عَنهُنَّ الأَقاليدُ
بَناتِ شَهرَينِ لَم يَنبُت لَها وَبَرٌ / مِثلَ اليَرابيعِ حُمرٌ هُنَّ أَو سودُ
مِثلَ الدَعاميصِ في الأَرحامِ غائِرَةً / سُدَّ الخَصاصُ عَلَيها فَهوَ مَسدودُ
تَموتُ طَوراً وَتَحيا في أَسِرَّتِها / كَما تَفَلَّتُ في الرُبطِ المَراويدُ
كَأَنَّ تَعشيرَهُ فيها وَقَد وَرَدَت / عَينَي فَصيلٍ قُبَيلَ الصُبحِ تَغريدُ
ظَلَّ الرُماةُ قُعوداً في مَراصِدِهِم / لِلصَيدِ كُلَّ صَباحٍ عِندَهُم عيدُ
مِثلَ الذِئابِ إِذا ما أَوجَسوا قَنَصاً / كانَت لَهُم سَكتَةٌ مُصغٍ وَمَبلودُ
بِكُلِّ زَوراءَ مِرنانٍ أُعِدَّ لَها / مُداخَلٌ صَحِلٌ بِالكَفِّ مَمدودُ
عَلى الشَرائِعِ ما تَنمي رَمِيَّتُهُم / لَهُم شِواءٌ إِذا شاؤوا وَتَقديدُ
هَل تَعرِفُ اليَومَ مِن ماوِيَّةَ الطَلَلا
هَل تَعرِفُ اليَومَ مِن ماوِيَّةَ الطَلَلا / تَحَمَّلَت إِنسُهُ عَنهُ وَما اِحتَمَلا
بِبَطنِ خَينَفَ مِن أُمِّ الوَليدِ وَقَد / تامَت فُؤادَكَ أَو كانَت لَهُ خَبَلا
جَرَّت عَلَيهِ رِياحُ الصَيفِ حاصِبَها / حَتّى تَغَيَّرَ بَعدَ الأُنسِ أَو خَمَلا
فَما بِهِ غَيرُ موشِيٍّ أُكارِعُهُ / إِذا أَحَسَّ بِشَخصٍ نابِئٍ مَثَلا
يَرعى بِخَينَفَ أَحياناً وَتُضمِرُهُ / أَرضٌ خَلاءٌ وَماءٌ سائِلٌ غَلَلا
شَهرَي جُمادى فَلَمّا كانَ في رَجَبٍ / أَتَمَّتِ الأَرضُ مِمّا حُمِّلَت حَبَلا
كَأَنَّ عَطّارَةً باتَت تَطيفُ بِهِ / حَتّى تَسَربَلَ ماءَ الوَرسِ وَاِنتَعَلا
مِن خَضبِ نورِ خُزامى قَد أَطاعَ لَهُ / أَصابَ بِالقَفرِ مِن وَسمِيِّهِ خَضَلا
فَهوَ يَقَرُّ بِها عَيناً لِمَرتَعِهِ / وَالقَلبُ مُستَشعِرٌ مِن خيفَةٍ وَجَلا
حَتّى إِذا اللَيلُ كَفَّ الطَرفَ أَلبَسَهُ / غَيثٌ إِذا ما مَرَتهُ ريحُهُ سَحَلا
داني الرَبابِ إِذا اِرتَجَّت حَوامِلُهُ / بِالماءِ سَدَّ فُروجَ الأَرضِ وَاِحتَفَلا
فَباتَ مُكتَلِئاً لِلبَرقِ يَرقُبُهُ / كَلَيلَةِ الوَصبِ ما أَغفى وَما غَفَلا
فَباتَ في حِقفِ أَرطاةٍ يَلوذُ بِها / إِذا أَحَسَّ بِسَيلٍ تَحتَهُ اِنتَقَلا
كَأَنَّهُ ساجِدٌ مِن نَضخِ ديمَتِهِ / مُسَبِّحٌ قامَ بَعضَ اللَيلِ فَاِبتَهَلا
يَنفي التُرابَ بِرَوقَيهِ وَكَلكَلِهِ / كَما اِستَمازَ رَئيسُ المِقنَبِ النَفَلا
كَأَنَّما القَطرُ مَرجانٌ يُساقِطُهُ / إِذا عَلا الرَوقَ وَالمَتنَينِ وَالكَفَلا
حَتّى إِذا الشَمسُ وافَتهُ بِمَطلَعِها / صَبَّحَهُ ضامِرٌ غَرثانُ قَد نَحَلا
طاوٍ أَزَلُّ كَسِرحانِ الفَلاةِ إِذا / لَم تُؤنِسِ الوَحشُ مِنهُ نَبأَةً خَتَلا
يُشلي سَلوقِيَّةً غُضفاً إِذا اِندَفَعَت / خافَت جَديلَةَ في الآثارِ أَو ثُعَلا
مُكَلَّبينَ إِذا اِصطادوا كَأَنَّهُمُ / يَسقونَها بِدِماءِ الأُبَّدِ العَسَلا
فَاِنصاعَ كَالكَوكَبِ الدُرِيِّ جَرَّدَهُ / غَيثٌ تَقَشَّعَ عَنهُ طالَما هَطَلا
حَتّى إِذا قُلتُ نالَتهُ سَوابِقُها / كَرَّ عَلَيها وَقَد أَمهَلنَهُ مَهَلا
فَظَلَّ يَطعُنُها شَزراً بِمِغوَلِهِ / إِذا أَصابَ بِرَوقٍ ضارِياً قَتَلا
كَأَنَّهُنَّ وَقَد سُربِلنَ مِن عَلَقٍ / يَغشَينَ موقَدَ نارٍ تَقذِفُ الشُعَلا
إِذا أَتاهُنَّ مَكلومٌ عَكَفنَ لَهُ / عَكفَ الفَوارِسِ هابوا الدارِعَ البَطَلا
حَتّى تَناهَينَ عَنهُ سامِياً حَرِجاً / وَما هَدى هَديَ مَهزومٍ وَما نَكَلا
وَقَد تَبيتُ هُمومُ النَفسِ تَبعَثُني / مِنها نَوافِذُ حَتّى أُعمِلَ الجَمَلا
إِذ لا تَجَهَّمُني أَرضُ العَدُوِّ وَلا / عَسفُ البِلادِ إِذا حِرباؤُها جَذَلا
يَظَلُّ مُرتَبِئاً لِلشَمسِ تَصهَرُهُ / إِذا رَأى الشَمسَ مالَت جانِباً عَدَلا
كَأَنَّهُ حينَ يَمتَدُّ النَهارُ لَهُ / إِذا اِستَقَلَّ يَمانٍ يَقرَءُ الطولا
وَقَد لَبِستُ لِهَذا الدَهرِ أَعصُرَهُ / حَتّى تَجَلَّلَ رَأسي الشَيبُ وَاِشتَعَلا
مِن كُلِّ مُضلِعَةٍ لَولا أَخو ثِقَةٍ / ما أَصبَحَت أَمَماً عِندي وَلا جَلَلا
وَقَد أَكونُ عَميدَ الشَربِ تُسمِعُنا / بَحّاءُ تَسمَعُ في تَرجيعِها صَحَلا
مِنَ القِيانِ هَتوفٌ طالَما رَكَدَت / لِفِتيَةٍ يَشتَهونَ اللَهوَ وَالغَزَلا
فَبانَ مِنّي شَبابي بَعدَ لَذَّتِهِ / كَأَنَّما كانَ ضَيفاً نازِلاً رَحَلا
إِذ لا أُطاوِعُ أَمرَ العاذِلاتِ وَلا / أُبقي عَلى المالِ إِن ذو حاجَةٍ سَأَلا
وَكاشِحٍ مُعرِضٍ عَنّي غَفَرتُ لَهُ / وَقَد أُبَيِّنُ مِنهُ الضِغنَ وَالمَيَلا
وَلَو أُواجِهُهُ مِنّي بِقارِعَةٍ / ما كانَ كَالذِئبِ مَغبوطاً بِما أَكَلا
وَموجَعٍ كانَ ذا قُربى فُجِعتُ بِهِ / يَوماً وَأَصبَحتُ أَرجو بَعدَهُ الأَمَلا
وَلا أَرى المَوتَ يَأتي مَن يُحَمُّ لَهُ / إِلّا كَفاهُ وَلاقى عِندَهُ شُغُلا
وَبَينَما المَرءُ مَغبوطٌ بِمَأمَنِهِ / إِذ خانَهُ الدَهرُ عَمّا كانَ فَاِنتَقَلا
دَعِ المُغَمَّرَ لا تَسأَل بِمَصرَعِهِ / وَاِسأَل بِمَصقَلَةَ البَكرِيِّ ما فَعَلا
بِمُتلِفٍ وَمُفيدٍ لا يَمُنُّ وَلا / تُهلِكُهُ النَفسُ فيما فاتَهُ عَذَلا
جَزلُ العَطاءِ وَأَقوامٌ إِذا سُئِلوا / يُعطونَ نَزراً كَما تَستَوكِفُ الوَشَلا
وَفارِسٍ غَيرِ وَقّافٍ بِرايَتِهِ / يَومَ الكَريهَةِ حَتّى يُعمِلَ الأَسَلا
ضَخمٌ تُعَلَّقُ أَشناقُ الدِياتِ بِهِ / إِذا المِئُونَ أُمِرَّت فَوقَهُ حَمَلا
وَلَو تَكَلَّفَها رِخوٌ مَفاصِلُهُ / أَو ضَيِّقُ الباعِ عَن أَمثالِها سَعَلا
وَقَد فَكَكتَ عَنِ الأَسرى وِثاقَهُمُ / وَلَيسَ يَرجونَ تَلجاءً وَلا دَخَلا
وَقَد تَنَقَّذتَهُم مِن قَعرِ مُظلِمَةٍ / إِذا الجَبانُ رَأى أَمثالَها زَحَلا
فَهُم فِداؤُكَ إِذ يَبكونَ كُلُّهُمُ / وَلا يَرَونَ لَهُم جاهاً وَلا ثِقَلا
ما في مَعَدٍّ فَتىً يُغني رَباعَتَهُ / إِذا يَهُمُّ بِأَمرٍ صالِحٍ عَمِلا
الواهِبُ الماءَةَ الجُرجورَ سائِقُها / تَنزو يَرابيعُ مَتنَيهِ إِذا اِنتَقَلا
إِنَّ رَبيعَةَ لَن تَنفَكَّ صالِحَةً / ما أَخَّرَ اللَهُ عَن حَوبائِكَ الأَجَلا
أَغَرُّ لا يَحسِبُ الدُنيا تُخَلِّدُهُ / وَلا يَقولُ لِشَيءٍ فاتَ ما فَعَلا
تَغَيَّرَ الرَسمُ مِن سَلمى بِأَحفارِ
تَغَيَّرَ الرَسمُ مِن سَلمى بِأَحفارِ / وَأَقفَرَت مِن سُلَيمى دِمنَةُ الدارِ
وَقَد تَكونُ بِها سَلمى تُحَدِّثُني / تَساقُطَ الحَليِ حاجاتي وَأَسراري
ثُمَّ اِستَبَدَّ بِسَلمى نِيَّةٌ قَذَفٌ / وَسَيرُ مُنقَضِبِ الأَقرانِ مِغيارِ
كَأَنَّ قَلبي غَداةَ البَينِ مُقتَسَمٌ / طارَت بِهِ عُصَبٌ شَتّى لِأَمصارِ
وَلَو تَلُفُّ النَوى مَن قَد تُشَوِّفَهُ / إِذاً قَضَيتُ لُباناتي وَأَوطاري
ظَلَّت ظِباءُ بَني البَكّاءِ تَرصُدُهُ / حَتّى اِقتَنَصنَ عَلى بُعدٍ وَإِضرارِ
وَمَهمَهٍ طامِسٍ تُخشى غَوائِلُهُ / قَطَعتُهُ بِكَلوءِ العَينِ مِسهارِ
بِحُرَّةٍ كَأَتانِ الضَحلِ أَضمَرَها / بَعدَ الرَبالَةِ تَرحالي وَتَسياري
أُختِ الفَلاةِ إِذا شُدَّت مَعاقِدُها / زَلَّت قُوى النِسعِ عَن كَبداءَ مِسفارِ
كَأَنَّها بُرجُ رومِيٍّ يُشَيِّدُهُ / لُزَّ بِجَصٍّ وَآجُرٍّ وَأَحجارِ
أَو مُقفِرٌ خاضِبُ الأَظلافِ قادَ لَهُ / غَيثٌ تَظاهَرَ في مَيثاءَ مِبكارِ
فَباتَ في جَنبِ أَرطاةٍ تُكَفِّئُهُ / ريحٌ شَآمِيَّةٌ هَبَّت بِأَمطارِ
يَجولُ لَيلَتَهُ وَالعَينُ تَضرِبُهُ / فيها بِغَيثٍ أَجَشِّ الرَعدِ نَثّارِ
إِذا أَرادَ بِها التَغميضَ أَرَّقَهُ / سَيلٌ يَدِبُّ بِهَدمِ التُربِ مَوّارِ
كَأَنَّهُ إِذ أَضاءَ البَرقُ بَهجَتَهُ / في أَصفَهانِيَّةٍ أَو مُصطَلي نارِ
أَمّا السَراةُ فَمِن ديباجَةٍ لَهَقٍ / وَبِالقَوائِمِ مِثلُ الوَشمِ بِالنارِ
حَتّى إِذا اِنجابَ عَنهُ اللَيلُ وَاِنكَشَفَت / سَماؤُهُ عَن أَديمٍ مُصحِرٍ عاري
آنَسَ صَوتَ قَنيصٍ أَو أَحَسَّ بِهِم / كَالجِنِّ يَهفونَ مِن جَرمٍ وَأَنمارِ
فَاِنصاعَ كَالكَوكَبِ الدُرّيءِ مَيعَتُهُ / غَضبانَ يَخلِطُ مِن مَعجٍ وَإِحضارِ
فَأَرسَلوهُنَّ يُذرينَ التُرابَ كَما / يُذري سَبائِخَ قُطنٍ نَدفُ أَوتارِ
حَتّى إِذا قُلتُ نالَتهُ سَوابِقُها / وَأَرهَقَتهُ بِأَنيابٍ وَأَظفارِ
أَنحى إِلَيهِنَّ عَيناً غَيرَ غافِلَةٍ / وَطَعنَ مُحتَقِرِ الأَقرانِ كَرّارِ
فَعَفَّرَ الضارِياتِ اللاحِقاتِ بِهِ / عَفرَ الغَريبِ قِداحاً بَينَ أَيسارِ
يَعُذنَ مِنهُ بِحُزّانِ المِتانِ وَقَد / فُرِّقنَ عَنهُ بِذي وَقعٍ وَآثارِ
حَتّى شَتا وَهوَ مَغبوطٌ بِغائِطِهِ / يَرعى ذُكوراً أَطاعَت بَعدَ أَحرارِ
فَردٌ تُغَنّيهِ ذِبّانُ الرِياضِ كَما / غَنّى الغُواةُ بِصَنجٍ عِندَ إِسوارِ
كَأَنَّهُ مِن نَدى القُرّاصِ مُغتَسِلٌ / بِالوَرسِ أَو خارِجٌ مِن بَيتِ عَطّارِ
وَشارِبٍ مُربِحٍ بِالكَأسِ نادَمَني / لا بِالحَصورِ وَلا فيها بِسَوّارِ
نازَعتُهُ طَيِّبَ الراحِ الشَمولِ وَقَد / صاحَ الدَجاجُ وَحانَت وَقعَةُ الساري
مِن خَمرِ عانَةَ يَنصاعُ الفُراتُ لَها / بِجَدوَلٍ صَخِبِ الآذِيِّ مَرّارِ
كُمَّت ثَلاثَةَ أَحوالٍ بِطينَتِها / حَتّى إِذا صَرَّحَت مِن بَعدِ تَهدارِ
آلَت إِلى النِصفِ مِن كَلفاءَ أَترَعَها / عِلجٌ وَلَثَّمَها بِالجَفنِ وَالغارِ
لَيسَت بِسَوداءَ مِن مَيثاءَ مُظلِمَةٍ / وَلَم تُعَذَّب بِإِدناءٍ مِنَ النارِ
لَها رِداءانِ نَسجُ العَنكَبوتِ وَقَد / لُفَّت بِآخَرَ مِن ليفٍ وَمِن قارِ
صَهباءُ قَد كَلِفَت مِن طولِ ما حُبِسَت / في مَخدَعٍ بَينَ جَنّاتٍ وَأَنهارِ
عَذراءُ لَم تَجتَلِ الخُطّابُ بَهجَتَها / حَتّى اِجتَلاها عِبادِيٌّ بِدينارِ
في بَيتِ مُنخَرِقِ السِربالُ مُعتَمِلٍ / ما إِن عَلَيهِ ثِيابٌ غَيرُ أَطمارِ
إِذا أَقولُ تَراضَينا عَلى ثَمَنٍ / ضَنَّت بِها نَفسُ خَبِّ البَيعِ مَكّارِ
كَأَنَّما العِلجُ إِذ أَوجَبتُ صَفقَتَها / خَليعُ خَصلٍ نَكيبٌ بَينَ أَقمارِ
لَمّا أَتَوها بِمِصباحٍ وَمِبزَلِهِم / سارَت إِلَيهِم سُؤورَ الأَبجَلِ الضاري
تَدمى إِذا طَعَنوا فيها بِجائِفَةٍ / فَوقَ الزُجاجِ عَتيقٌ غَيرُ مُسطارِ
كَأَنَّما المِسكُ نُهبى بَينَ أَرحُلِنا / مِمّا تَضَوَّعَ مِن ناجودِها الجاري
إِنّي حَلَفتُ بِرَبِّ الراقِصاتِ وَما / أَضحى بِمَكَّةَ مِن حُجبٍ وَأَستارِ
وَبِالهَدِيِّ إِذا اِحمَرَّت مَذارِعُها / في يَومِ نُسكٍ وَتَشريقٍ وَتَنحارِ
وَما بِزَمزَمَ مِن شُمطٍ مُحَلِّقَةٍ / وَما بِيَثرِبَ مِن عونٍ وَأَبكارِ
لَأَلجَأَتني قُرَيشٌ خائِفاً وَجِلاً / وَمَوَّلَتني قُرَيشٌ بَعدَ إِقتارِ
المُنعِمونَ بَني حَربٍ وَقَد حَدَقَت / بِيَ المَنِيَّةُ وَاِستَبطَأتُ أَنصاري
بِهِم تَكَشَّفُ عَن أَحيائِها ظُلَمٌ / حَتّى تَرَفَّعَ عَن سَمعٍ وَأَبصارِ
قَومٌ إِذا حارَبوا شَدّوا مَآزِرَهُم / عَنِ النِساءِ وَلَو باتَت بِأَطهارِ
يَمشونَ حَولَ جِنابَيهِ وَبَغلَتِهِ
يَمشونَ حَولَ جِنابَيهِ وَبَغلَتِهِ / زُبَّ العَثانينِ مِمّا جَمَّعَت هَجَرُ
خَفَّ القَطينُ فَراحوا مِنكَ أَو بَكَروا
خَفَّ القَطينُ فَراحوا مِنكَ أَو بَكَروا / وَأَزعَجَتهُم نَوىً في صَرفِها غِيَرُ
كَأَنَّني شارِبٌ يَومَ اِستُبِدَّ بِهِم / مِن قَرقَفٍ ضُمِّنَتها حِمصُ أَو جَدَرُ
جادَت بِها مِن ذَواتِ القارِ مُترَعَةٌ / كَلفاءُ يَنحَتُّ عَن خُرطومِها المَدَرُ
لَذٌّ أَصابَت حُمَيّاها مُقاتِلَهُ / فَلَم تَكَد تَنجَلي عَن قَلبِهِ الخُمَرُ
كَأَنَّني ذاكَ أَو ذو لَوعَةٍ خَبَلَت / أَوصالَهُ أَو أَصابَت قَلبَهُ النُشَرُ
شَوقاً إِلَيهِم وَوَجداً يَومَ أُتبِعُهُم / طَرفي وَمِنهُم بِجَنبَي كَوكَبٍ زُمَرُ
حَثّوا المَطِيَّ فَوَلَّتنا مَناكِبُها / وَفي الخُدورِ إِذا باغَمتَها الصُوَرُ
يُبرِقنَ لِلقَومِ حَتّى يَختَبِلنَهُمُ / وَرَأيُهُنَّ ضَعيفٌ حينَ يُختَبَرُ
يا قاتَلَ اللَهُ وَصلَ الغانِياتِ إِذا / أَيقَنَّ أَنَّكَ مِمَّن قَد زَها الكِبَرُ
أَعرَضنَ لَمّا حَنى قَوسي مُوَتِّرُها / وَاِبيَضَّ بَعدَ سَوادِ اللِمَّةِ الشَعَرُ
ما يَرعَوينَ إِلى داعٍ لِحاجَتِهِ / وَلا لَهُنَّ إِلى ذي شَيبَةٍ وَطَرُ
شَرَّقنَ إِذ عَصَرَ العيدانَ بارِحُها / وَأَيبَسَت غَيرَ مَجرى السِنَّةِ الخُضَرُ
فَالعَينُ عانِيَةٌ بِالماءِ تَسفَحُهُ / مِن نِيَّةٍ في تَلاقي أَهلِها ضَرَرُ
مُنقَضِبينَ اِنقِضابَ الحَبلِ يَتبَعُهُم / بَينَ الشَقيقِ وَعَينِ المَقسِمِ البَصَرُ
حَتّى هَبَطنَ مِنَ الوادي لِغَضبَتِهِ / أَرضاً تَحُلُّ بِها شَيبانُ أَو غُبَرُ
حَتّى إِذا هُنَّ وَرَّكنَ القَصيمَ وَقَد / أَشرَفنَ أَو قُلنَ هَذا الخَندَقُ الحَفَرُ
وَقَعنَ أُصلاً وَعُجنا مِن نَجائِبِنا / وَقَد تُحُيِّنَ مِن ذي حاجَةٍ سَفَرُ
إِلى اِمرِئٍ لا تُعَرّينا نَوافِلُهُ / أَظفَرَهُ اللَهُ فَليَهنِئ لَهُ الظَفَرُ
الخائِضِ الغَمرَ وَالمَيمونِ طائِرُهُ / خَليفَةِ اللَهِ يُستَسقى بِهِ المَطَرُ
وَالهَمُّ بَعدَ نَجِيِّ النَفسِ يَبعَثُهُ / بِالحَزمِ وَالأَصمَعانِ القَلبُ وَالحَذَرُ
وَالمُستَمِرُّ بِهِ أَمرُ الجَميعِ فَما / يَغتَرُّهُ بَعدَ تَوكيدٍ لَهُ غَرَرُ
وَما الفُراتُ إِذا جاشَت حَوالِبُهُ / في حافَتَيهِ وَفي أَوساطِهِ العُشَرُ
وَذَعذَعَتهُ رِياحُ الصَيفِ وَاِضطَرَبَت / فَوقَ الجَآجِئِ مِن آذِيِّهِ غُدُرُ
مُسحَنفِراً مِن جِبالِ الرومِ تَستُرُهُ / مِنها أَكافيفُ فيها دونَهُ زُوَرُ
يَوماً بِأَجوَدَ مِنهُ حينَ تَسأَلُهُ / وَلا بِأَجهَرَ مِنهُ حينَ يُجتَهَرُ
وَلَم يَزَل بِكَ واشيهِم وَمَكرُهُمُ / حَتّى أَشاطوا بِغَيبٍ لَحمَ مَن يَسَروا
فَمَن يَكُن طاوِياً عَنّا نَصيحَتَهُ / وَفي يَدَيهِ بِدُنيا غَيرِنا حَصَرُ
فَهوَ فِداءُ أَميرِ المُؤمِنينَ إِذا / أَبدى النَواجِذَ يَومٌ باسِلٌ ذَكَرُ
مُفتَرِشٌ كَاِفتِراشِ اللَيثِ كَلكَلَهُ / لِوَقعَةٍ كائِنٍ فيها لَهُ جَزَرُ
مُقَدِّمٌ ماءَتَي أَلفٍ لِمَنزِلَةٍ / ما إِن رَأى مِثلَهُم جِنٌّ وَلا بَشَرُ
يَغشى القَناطِرَ يَبنيها وَيَهدِمُها / مُسَوِّمٌ فَوقَهُ الراياتُ وَالقَتَرُ
حَتّى تَكونَ لَهُم بِالطَفِّ مَلحَمَةٌ / وَبِالثَوِيَّةِ لَم يُنبَض بِها وَتَرُ
وَتَستَبينَ لِأَقوامٍ ضَلالَتُهُم / وَيَستَقيمَ الَّذي في خَدِّهِ صَعَرُ
وَالمُستَقِلُّ بِأَثقالِ العِراقِ وَقَد / كانَت لَهُ نِعمَةٌ فيهِم وَمُدَّخَرُ
في نَبعَةٍ مِن قُرَيشٍ يَعصِبونَ بِها / ما إِن يُوازى بِأَعلى نَبتِها الشَجَرُ
تَعلو الهِضابَ وَحَلّوا في أَرومَتِها / أَهلُ الرِباءِ وَأَهلُ الفَخرِ إِن فَخَروا
حُشدٌ عَلى الحَقِّ عَيّافو الخَنا أُنُفٌ / إِذا أَلَمَّت بِهِم مَكروهَةٌ صَبَروا
وَإِن تَدَجَّت عَلى الآفاقِ مُظلِمَةٌ / كانَ لَهُم مَخرَجٌ مِنها وَمُعتَصَرُ
أَعطاهُمُ اللَهُ جَدّاً يُنصَرونَ بِهِ / لا جَدَّ إِلّا صَغيرٌ بَعدُ مُحتَقَرُ
لَم يَأشَروا فيهِ إِذ كانوا مَوالِيَهُ / وَلَو يَكونُ لِقَومٍ غَيرِهِم أَشِروا
شُمسُ العَداوَةِ حَتّى يُستَقادَ لَهُم / وَأَعظَمُ الناسِ أَحلاماً إِذا قَدَروا
لا يَستَقِلُّ ذَوُو الأَضغانِ حَربَهُمُ / وَلا يُبَيِّنُ في عيدانِهِم خَوَرُ
هُمُ الَّذينَ يُبارونَ الرِياحَ إِذا / قَلَّ الطَعامُ عَلى العافينَ أَو قَتَروا
بَني أُمَيَّةَ نُعماكُم مُجَلِّلَةٌ / تَمَّت فَلا مِنَّةٌ فيها وَلا كَدَرُ
بَني أُمَيَّةَ قَد ناضَلتُ دونَكُمُ / أَبناءَ قَومٍ هُمُ آوَوا وَهُم نَصَروا
أَفحَمتُ عَنكُم بَني النَجّارِ قَد عَلِمَت / عُليا مَعَدٍّ وَكانوا طالَما هَدَروا
حَتّى اِستَكانوا وَهُم مِنّي عَلى مَضَضٍ / وَالقَولُ يَنفُذُ ما لا تَنفُذُ الإِبَرُ
بَني أُمَيَّةَ إِنّي ناصِحٌ لَكُمُ / فَلا يَبيتَنَّ فيكُم آمِناً زُفَرُ
وَاِتَّخِذوهُ عَدُوّاً إِنَّ شاهِدَهُ / وَما تَغَيَّبَ مِن أَخلاقِهِ دَعَرُ
إِنَّ الضَغينَةَ تَلقاها وَإِن قَدُمَت / كَالعَرِّ يَكمُنُ حيناً ثُمَّ يَنتَشِرُ
وَقَد نُصِرتَ أَميرَ المُؤمِنينَ بِنا / لَمّا أَتاكَ بِبَطنِ الغوطَةِ الخَبَرُ
يُعَرِّفونَكَ رَأسَ اِبنِ الحُبابِ وَقَد / أَضحى وَلِلسَيفِ في خَيشومِهِ أَثَرُ
لا يَسمَعُ الصَوتَ مُستَكّاً مَسامِعُهُ / وَلَيسَ يَنطِقُ حَتّى يَنطِقَ الحَجَرُ
أَمسَت إِلى جانِبِ الحَشّاكِ جيفَتُهُ / وَرَأسُهُ دونَهُ اليَحمومُ وَالصِوَرُ
يَسأَلُهُ الصُبرُ مِن غَسّانَ إِذ حَضَروا / وَالحَزنُ كَيفَ قَراكَ الغِلمَةُ الجَشَرُ
وَالحارِثَ بنَ أَبي عَوفٍ لَعِبنَ بِهِ / حَتّى تَعاوَرَهُ العِقبانُ وَالسُبَرُ
وَقَيسَ عَيلانَ حَتّى أَقبَلوا رَقَصاً / فَبايَعوكَ جِهاراً بَعدَ ما كَفَروا
فَلا هَدى اللَهُ قَيساً مِن ضَلالَتِهِم / وَلا لَعاً لِبَني ذَكوانَ إِذ عَثَروا
ضَجّوا مِنَ الحَربِ إِذ عَضَّت غَوارِبَهُم / وَقَيسُ عَيلانَ مِن أَخلاقِها الضَجَرُ
كانوا ذَوي إِمَّةٍ حَتّى إِذا عَلِقَت / بِهِم حَبائِلُ لِلشَيطانِ وَاِبتَهَروا
صُكّوا عَلى شارِفٍ صَعبٍ مَراكِبُها / حَصّاءَ لَيسَ لَها هُلبٌ وَلا وَبَرُ
وَلَم يَزَل بِسُلَيمٍ أَمرُ جاهِلِها / حَتّى تَعَيّا بِها الإيرادُ وَالصَدَرُ
إِذ يَنظُرونَ وَهُم يَجنونَ حَنظَلَهُم / إِلى الزَوابي فَقُلنا بُعدَ ما نَظَروا
كَرّوا إِلى حَرَّتَيهِم يَعمُرونَهُما / كَما تَكُرُّ إِلى أَوطانِها البَقَرُ
فَأَصبَحَت مِنهُمُ سِنجارُ خالِيَةً / فَالمَحلَبِيّاتُ فَالخابورُ فَالسُرَرُ
وَما يُلاقونَ فَرّاصاً إِلى نَسَبٍ / حَتّى يُلاقِيَ جَديَ الفَرقَدِ القَمَرُ
وَلا الضَبابَ إِذا اِخضَرَّت عُيونُهُمُ / وَلا عُصَيَّةَ إِلّا أَنَّهُم بَشَرُ
وَما سَعى مِنهُمُ ساعٍ لِيُدرِكَنا / إِلّا تَقاصَرَ عَنّا وَهوَ مُنبَهِرُ
وَقَد أَصابَت كِلاباً مِن عَداوَتِنا / إِحدى الدَواهي الَّتي تُخشى وَتُنتَظَرُ
وَقَد تَفاقَمَ أَمرٌ غَيرُ مُلتَئِمٍ / ما بَينَنا فيهِ أَرحامٌ وَلا عِذَرُ
أَمّا كُلَيبُ بنُ يَربوعٍ فَلَيسَ لَهُم / عِندَ المَكارِمِ لا وِردٌ وَلا صَدَرُ
مُخَلَّفونَ وَيَقضي الناسُ أَمرَهُمُ / وَهُم بِغَيبٍ وَفي عَمياءَ ما شَعَروا
مُلَطَّمونَ بِأَعقارِ الحِياضِ فَما / يَنفَكُّ مِن دارِمِيٍّ فيهِمِ أَثَرُ
بِئسَ الصُحاةُ وَبِئسَ الشَربُ شُربُهُمُ / إِذا جَرى فيهِمِ المُزّاءُ وَالسَكَرُ
قَومٌ تَناهَت إِلَيهِم كُلُّ فاحِشَةٍ / وَكُلُّ مُخزِيَةٍ سُبَّت بِها مُضَرُ
عَلى العِياراتِ هَدّاجونَ قَد بَلَغَت / نَجرانَ أَو حُدِّثَت سَوآتِهِم هَجَرُ
الآكِلونَ خَبيثَ الزادِ وَحدَهُمُ / وَالسائِلونَ بِظَهرِ الغَيبِ ما الخَبَرُ
وَاِذكُر غُدانَةَ عِدّاناً مُزَنَّمَةً / مِنَ الحَبَلَّقِ تُبنى حَولَها الصِيَرُ
تَمذي إِذا سَخُنَت في قُبلِ أَدرُعِها / وَتَزرَئِمُّ إِذا ما بَلَّها المَطَرُ
وَما غُدانَةُ في شَيءٍ مَكانَهُمُ / أَلحابِسو الشاءِ حَتّى تَفضُلَ السُؤَرُ
يَتَّصِلونَ بِيَربوعٍ وَرِفدُهُمُ / عِندَ التَرافُدِ مَغمورٌ وَمُحتَقَرُ
صُفرُ اللِحى مِن وَقودِ الأَدخِناتِ إِذا / رَدَّ الرِفادَ وَكَفَّ الحالِبِ القَرِرُ
ثُمَّ الإِيابُ إِلى سودٍ مُدَنَّسَةٍ / ما تَستَحِمُّ إِذا ما اِحتَكَّتِ النُقَرُ
قَد أَقسَمَ المَجدُ حَقّاً لا يُحالِفُهُم / حَتّى يُحالِفَ بَطنَ الراحَةِ الشَعَرُ
أَتُنكِرُ الدارَ أَم عِرفانَ مَنزِلَةٍ
أَتُنكِرُ الدارَ أَم عِرفانَ مَنزِلَةٍ / لَم يَبقَ غَيرُ مُناخِ القِدرِ وَالحُمَمِ
وَغَيرُ نُؤيٍ رَمَتهُ الريحُ أَعصُرَهُ / فَهوَ ضَئيلٌ كَحَوضِ الآجِنِ الهَدِمِ
كانَت مَنازِلَ أَقوامٍ فَغَيَّرَها / مَرُّ اللَيالي وَنَضخُ العارِضِ الهَزِمِ
وَقَد تَكونُ بِها هيفٌ مُنَعَّمَةٌ / لا يَلتَفِعنَ عَلى سوءٍ وَلا سَقَمِ
لا يَصطَلينَ دُخانَ النارِ شاتِيَةً / إِلّا بِعودِ يَلَنجوجٍ عَلى فَحَمِ
يَمشينَ مَشيَ الهِجانِ الأُدمِ روَّحَها / عِندَ الأَصيلِ هَديرُ المُصعَبِ القَطِمِ
لَقَد حَلَفتُ بِما أَسرى الحَجيجُ لَهُ / وَالناذِرينَ دِماءَ البُدنِ بِالحَرَمِ
لَولا الوَليدُ وَأَسبابٌ تَناوَلَني / بِهِنَّ يَومَ اِجتِماعِ الناسِ بِالثَلَمِ
إِذاً لَكُنتُ كَمَن أَودى وَوَدَّأَهُ / أَهلُ القَرابَةِ بَينَ اللَحدِ وَالرَجَمِ
أَهلي فِداؤُكَ يَومَ المُجرِمونَ بِها / مُقاسَمُ المالِ أَو مُغضٍ عَلى أَلَمِ
يَومَ المَقاماتِ وَالأَموالِ مُحضَرَةٌ / حَولَ اِمرِئٍ غَيرِ ضَجّاجٍ وَلا بَرِمِ
بِالثَنيِ تَضرِبُ عَنهُ الناسَ شُرطَتُهُ / كَاللَيثِ تَحتَ ظِلالِ الغابَةِ الضَرِمِ
إِنَّ اِبنَ مَروانَ أَسقاني عَلى ظَمَإٍ / بِسَجلِ لا عاتِمٍ رَيّاً وَلا خَذِمِ
لا يَحرُمُ السائِلَ الدُنيا إِذا عَرَضَت / وَلا يُعَوَّذُ مِنهُ المالُ بِالقَسَمِ
لا يَستَقِلُّ رِجالٌ ما يُحَمَّلَهُ / وَلا قَريبونَ مِن أَخلاقِهِ العُظُمِ
مِن آلِ مَروانَ فَيّاضُ العَطاءِ إِذا / أَمسى السَحابُ خَفيفَ القَطرِ كَالصَرِمِ
تَسوقُهُ تَحمِلُ الصُرّادَ مُجدِبَةٌ / حَتّى تَساقَطَ بَينَ الضالِ وَالسَلَمِ
فَهُم هُنالِكَ خَيرُ الناسِ كُلِّهِمِ / عِندَ البَلاءِ وَأَحماهُم عَنِ الكَرَمِ
الباسِطونَ بِدُنياهُم أَكُفَّهُمُ / وَالضارِبونَ غَداةَ العارِضِ الشَبِمِ
وَالمُطعِمونَ إِذا ما أَزمَةٌ أَزَمَت / وَالمُقدِمونَ عَلى الغاراتِ بِالجِذَمِ
عَوابِسَ الخَيلِ إِذ عَضَّت شَكائِمَها / وَأَصحَرَت عَن أَديمِ الفِتنَةِ الحَلِمِ
هُمُ الأُلى كَشَفوا عَنّا ضَبابَتَها / وَقَوَّموها بِأَيديهِم عَنِ الضَجَمِ
فَإِذ أَتَتكُم فَأَعطَتكُم بِدِرَّتِها / فَاِحتَلِبوها هَنيئاً يا بَني الحَكَمِ
بَني أُمَيَّةَ قَد أَجدَت فَواضِلُكُم / مِنكُم جِيادي وَمِنكُم قَبلَها نَعَمي
فَهيَ إِذا ذُكِرَت عِندي وَإِن قَدُمَت / يَوماً حَديثٌ كَخَطِّ الكَفِّ بِالقَلَمِ
لَئِن حَلَفتُ لَقَد أَصبَحتُ شاكِرَها / لا أَحلِفُ اليَومَ مِن هاتا عَلى إِثِمِ
لَولا بَلاؤُكُمُ في غَيرِ واحِدَةٍ / إِذاً لَقُمتُ مَقامَ الخائِفِ الزَرِمِ
أَسمَعتُكُم يَومَ أَدعو في مُوَدَّأَةٍ / لَولاكُمُ شَعَّ لَحمي عِندَها وَدَمي
لَولا تَناوُلُكُم إِيّايَ ما عَلِقَت / كَفّي بِأَرجائِها القُصوى وَلا قَدَمي
لَقَد عَلِمتُم وَإِن أَصبَحتُ نائِيَكُم / نُصحي قَديماً وَفِعلي غَيرُ مُتَّهَمِ
لَقَد خَشيتُ وُشاةَ الناسِ عِندَكُمُ / وَلا صَحيحَ عَلى الأَعداءِ وَالكَلِمِ
إِنّي أَظُنُّ نِزاراً سَوفَ يَجمَعُها
إِنّي أَظُنُّ نِزاراً سَوفَ يَجمَعُها / بَعدَ التَفَرُّقِ حَربٌ شَبَّها زُفَرُ
صَلتُ الجَبينِ رَشيدُ الأَمرِ تَعرِفُهُ / إِذا تَكَشَّفَ عَن عِرنينِهِ القَتَرُ
سارى بِهِم أَرضَهُم لَيلاً فَصَبَّحَهُم / بِوَقعَةٍ لَم يُقَدَّم قَبلَها النُذُرُ
فَهُم عَلى آلَةٍ قَد بَيَّنَت لَهُمُ / أَمراً عَلانِيَةً غَيرَ الَّذي اِئتَمَروا
حَتّى رَأَوهُ صَباحاً في مُلَملَمَةٍ / شَهباءَ يَبرَقُ في حافاتِها البَصَرُ
في عارِضٍ مِن كِلابٍ يُبرِقونَ إِذا / نالَ الأَعادِيَ مِنهُم فَيلَقٌ هَبَروا
سَعى بِأَوتارِ أَقوامٍ فَأَدرَكَها / لَولا أَياديهِ ما اِمتَنّوا وَلا اِنتَصَروا
حَيِّ المَنازِلَ بَينَ السَفحِ وَالرُحَبِ
حَيِّ المَنازِلَ بَينَ السَفحِ وَالرُحَبِ / لَم يَبقَ غَيرُ وُشومِ النارِ وَالحَطَبِ
وَعُقَّرٍ خالِداتٍ حَولَ قُبَّتِها / وَطامِسٍ حَبَشِيِّ اللَونِ ذي طَبَبِ
وَغَيرُ نُؤيٍ قَديمِ الأَثرِ ذي ثُلَمٍ / وَمُستَكينٍ أَميمِ الرَأسِ مُستَلَبِ
تَعتادُهُ كُلُّ مِئلاةٍ وَما فَقَدَت / عَرفاءَ مِن مورِها مَجنونَةِ الأَدَبِ
وَمُظلِمٍ تُعلِنُ الشَكوى حَوامِلُهُ / مُستَفرِغٍ لِسِجالِ العَينِ مُنشَطِبِ
دانٍ أَبَسَّت بِهِ ريحٌ يَمانِيَةٌ / حَتّى تَبَجَّسَ مِن حَيرانَ مُنثَعِبِ
تَجَفُّلَ الخَيلِ مِن ذي شارَةٍ تَئِقٍ / مُشَهَّرِ الوَجهِ وَالأَقرابِ ذي جَبَبِ
يَعُلُّها بِالبِلى إِلحاحُ كَرِّهِما / بَعدَ الأَنيسِ وَمَرُّ الدَهرِ ذي الحِقَبِ
فَهيَ كَسَحقِ اليَماني بَعدَ جِدَّتِهِ / أَو دارِسِ الوَحيِ مِن مَرفوضَةِ الكُتُبِ
وَقَد عَهِدتُ بِها بيضاً مُنَعَّمَةً / لا يَرتَدينَ عَلى عَيبٍ وَلا وَصَبِ
يَمشينَ مَشيَ الهِجانِ الأُدمِ يوعِثُها / أَعرافُ دَكداكَةٍ مُنهالَةِ الكُثُبِ
مِن كُلِّ بَيضاءَ مِكسالٍ بَرَهرَهَةٍ / زانَت مَعاطِلَها بِالدُرِّ وَالذَهَبِ
حَوراءُ عَجزاءُ لَم تُقذَف بِفاحِشَةٍ / هَيفاءُ رُعبوبَةٌ مَمكورَةُ القَصَبِ
يَسقي الضَجيعَ لَدَيها بَعدَ رَقدَتِها / مِنها اِرتِشافُ رُضابِ الغَربِ ذي الحَبَبِ
يَنفي أَعادِيَها عَن حُرِّ مَجلِسِها / عَمروُ بنُ غَنمٍ بِزارِ العِزِّ ذي الأَشَبِ
تَرمي مَقاتِلِ فُرّاغٍ فَتُقصِدُهُم / وَما تُصابُ وَقَد يَرمونَ مِن كَثَبِ
فَالقَلبُ عانٍ وَإِن لامَت عَواذِلُهُ / في حَبلِهِنَّ أَسيرٌ مُسمِحُ الجَنَبِ
هَل يُسلِيَنَّكَ عَمّا لا يَفينَ بِهِ / شَحطٌ بِهِنَّ لِبَينِ النِيَّةِ الغَرَبِ
وَقَد حَلَفتُ يَميناً غَيرَ كاذِبَةٍ / بِاللَهِ رَبِّ سُتورِ البَيتِ ذي الحُجُبِ
وَكُلِّ موفٍ بِنَذرٍ كانَ يَحمِلُهُ / مُضَرَّجٍ بِدِماءِ البُدنِ مُختَضِبِ
إِنَّ الوَليدَ أَمينَ اللَهِ أَنقَذَني / وَكانَ حِصناً إِلى مَنجاتِهِ هَرَبي
أَتَيتُهُ وَهُمومي غَيرُ نائِمَةٍ / أَخا الحِذارِ طَريدَ القَتلِ وَالحَرَبِ
فَآمَنَ النَفسَ ما تَخشى وَمَوَّلَها / قَذمَ المَواهِبِ مِن أَنوائِهِ الرُغُبِ
وَثَبَّتَ الوَطءَ مِنّي عِندَ مُضلِعَةٍ / حَتّى تَخَطَّيتُها مُستَرخِيَ اللَبَبِ
خَليفَةُ اللَهِ يُستَسقى بِسُنَّتِهِ / أَلغَيثُ مِن عِندِ مَولى العِلمِ مُنتَجِبِ
إِلَيكَ تَقتاسُ هَمّي العيسُ مُسنَفَةً / حَتّى تَعَيَّنَتِ الأَخفافُ بِالنَقَبِ
مِن كُلِّ صَهباءَ مِعجالٍ مُجَمهَرَةٍ / بَعيدَةِ الضَفرِ مِن مَعطوفَةِ الحَقَبِ
كَبداءَ دَفقاءَ مِحيالٍ مُجَمَّرَةٍ / مِثلِ الفَنيقِ عَلاةٍ رَسلَةِ الخَبَبِ
كَأَنَّما يَعتَريها كُلَّما وَخَدَت / هِرٌّ جَنيبٌ بِهِ مَسٌّ مِنَ الكَلَبِ
وَكُلِّ أَعيَسَ نَعّابٍ إِذا قَلِقَت / مِنهُ النُسوعُ لِأَعلى السَيرِ مُغتَصِبِ
كَأَنَّ أَقتادَهُ مِن بَعدِ ما كَلَمَت / عَلى أَصَكَّ خَفيفِ العَقلِ مُنتَخَبِ
صُعرُ الخُدودِ وَقَد باشَرنَ هاجِرَةً / لِكَوكَبٍ مِن نُجومِ القَيظِ مُلتَهِبِ
حامي الوَديقَةِ تُغضي الريحُ خَشيَتَهُ / يَكادُ يُذكي شَرارَ النارِ في العُطَبِ
حَتّى يَظَلَّ لَهُ مِنهُنَّ واعِيَةٌ / مُستَوهِلٌ عامِلُ التَقزيعِ وَالصَخَبِ
إِذا تَكَبَّدنَ مِمحالاً مُسَربَلَةً / مِن مُسجَهِرٍّ كَذوبِ اللَونِ مُضطَرِبِ
يَأرِزنَ مِن حِسِّ مِضرابٍ لَهُ ذَأَبٌ / مُشَمِّرٍ عَن عَمودِ الساقِ مُرتَقَبِ
يَخشَينَهُ كُلَّما اِرتَجَّت هَماهِمُهُ / حَتّى تَجَشَّمَ رَبواً مُحمِشَ التَعَبِ
إِذا حُبِسنَ لِتَغميرٍ عَلى عَجَلٍ / في جَمِّ أَخضَرَ طامٍ نازِحِ القَرَبِ
يَعتَفنَهُ عِندَ تينانٍ بِدِمنَتِهِ / بادي العُواءِ ضَئيلِ الشَخصِ مُكتَسِبِ
طاوٍ كَأَنَّ دُخانَ الرِمثِ خالَطَهُ / بادي السَغابِ طَويلِ الفَقرِ مُكتَئِبِ
يَمنِحنَهُ شَزرَ إِنكارٍ بِمَعرِفَةٍ / لَواغِبَ الطَرفِ قَد حَلَّقنَ كَالقُلُبِ
وَهُنَّ عِندَ اِغتِرارِ القَومِ ثَورَتَها / يَرهَقنَ مُجتَمَعَ الأَذقانِ بِالرُكَبِ
مِنهُنَّ ثُمَّتَ يَزفي قَذفُ أَرجُلِها / إِهذابَ أَيدٍ بِها يَفرينَ كَالعَذَبِ
كَلَمعِ أَيدي مَثاكيلٍ مُسَلِّبَةٍ / يَنعَينَ فِتيانَ ضَرسِ الدَهرِ وَالخُطُبِ
لَم يُبقِ سَيري إِلَيهِم مِن ذَخائِرِها / غَيرَ الصَميمِ مِنَ الأَلواحِ وَالعَصَبِ
حَتّى تَناهى إِلى القَومِ الَّذينَ لَهُم / عِزُّ المُلوكِ وَأَعلى سورَةِ الحَسَبِ
بيضٌ مَصاليتُ لَم يُعدَل بِهِم أَحَدٌ / في كُلِّ مُعظَمَةٍ مِن سادَةِ العَرَبِ
الأَكثَرينَ حَصىً وَالأَطيَبينَ ثَرىً / وَالأَحمَدينَ قِرىً في شِدَّةِ اللِزَبِ
ما إِن كَأَحلامِهِم حِلمٍ إِذا قَدَروا / وَلا كَبَطشِهِمِ بَطشٌ لَدى الغَضَبِ
وَهُم ذُرا عَبدِ شَمسٍ في أُرومَتِها / وَهُم صَميمُهُمُ لَيسوا مِنَ الشَذَبِ
وَكانَ ذَلِكَ مَقسوماً لِأَوَّلِهِم / وِراثَةً وَرِثوها عَن أَبٍ فَأَبِ
قَد كَشَّفَ الحِلمُ عَنّي الجَهلَ فَاِنقَشَعَت
قَد كَشَّفَ الحِلمُ عَنّي الجَهلَ فَاِنقَشَعَت / عَنّي الضَبابَةُ لا نِكسٌ وَلا وَرَعُ
وَهَرَّني الناسُ إِلّا ذا مُحافَظَةٍ / كَما يُحاذِرُ وَقعَ الأَجدَلِ الضُوَعُ
وَالمَوعِدِيَّ بِظَهرِ الغَيبِ أَعيُنُهُم / تُبدي شَناءَتَهُم حَوضي لَهُم تَرَعُ
أَخزاهُمُ الجَهلُ حَتّى طاشَ قَولُهُمُ / عِندَ النِضالِ فَما طاروا وَما وَقَعوا
يُحاوِلونَ هِجائي عِندَ نِسوَتِهِم / وَلَو رَأَوني أَسَرّوا القَولَ وَاِتَّضَعوا
وَفي الرِجالِ يَراعٌ لا قُلوبَ لَهُم / أَغمارُ شُمطٍ فَما ضَرّوا وَما نَفَعوا
إِذا نَصَبتُ لِأَقوامٍ بِمَشتِمَةٍ / أَوهَنتُ مِنهُم صَميمَ العَظمِ أَو ظَلَعوا
وَالمالِكِيَّةُ قَد أَبصَرتُ ما صَنَعَت / لَمّا تَفَرَّقَ شَعبُ الحَيِّ فَاِنصَدَعوا
تُسارِقُ الطَرفَ مِن دونِ الحِجابِ كَما / يَرميكَ مِن دونَ عيصِ السِدرَةِ الذَرَعُ
بِعارِضَينِ يَجولُ الطيبُ فَوقَهُما / وَمُقلَةٍ لَم يُخالِط طَرفَها قَمَعُ
وَأَنا كَالسَدمِ مِن أَسماءَ إِذ ظَعَنَت / أَوهَت مِنَ القَلبِ ما لا يَشعَبُ الصَنَعُ
إِذا تَنَزَّلُ مِن عُلِيَّةٍ رَجَفَت / لَولا يُؤَيِّدُها الآجُرُّ وَالقَلَعُ
يُروي العِطاشَ لَها عَذبٌ مُقَبَّلُهُ / إِذا العِطاشُ عَلى أَمثالِهِ كَرَعوا
زَوجَةُ أَشمَطَ مَرهوبٍ بَوادِرُهُ / قَد كانَ في رَأسِهِ التَخويصُ وَالنَزَعُ
نَفى الزَعانِفَ مِنهُ حَولَ هامَتِهِ / كَأَنَّما هِيَ في أَصداغِهِ القَزَعُ
يا صاحِ هَل تُبلِغَنها ذاتُ مَعجَمَةٍ / بِصَفحَتَيها وَمَجرى نِسعِها وَقَعُ
مِثلُ المَحالَةِ إِلّا أَنَّ نُقبَتَها / عَيساءُ فيها إِذا جَرَّدتَها شَجَعُ
تَنجو نَجاءَ أَتانِ الوَحشِ إِذ ذَبَلَت / وَمَسَّ أَخفافَهُنَّ النَصُّ وَالوَقَعُ
كَأَنَّها أَسحَمُ الرَوقَينِ مُنتَجِعٌ / تَتلوهُ رِجلانِ في كَعبَيهِما صَمَعُ
أَو هِقلَةٌ مِن نَعامِ الجَوِّ عارَضَها / قَردُ العِفاءِ وَفي يافوخِهِ صَقَعُ
هَيقٌ خَفيفٌ يُباريها إِذا نَهَضَت / وَهوَ لَها بَعدَ جِدٍّ مِنهُما تَبَعُ
تَعاوَرا الشَدَّ لَمّا اِشتَدَّ وَقعُهُما / وَكانَ بَينَهُما مِن غائِطٍ وَشَعُ
نَعّابَةٌ بَعدَ جَهدِ الأَينِ يُفزِعُها / صَوتٌ لِآخَرَ تالٍ بَعدَها يَقَعُ
خَمساً وَعِشرينَ ثُمَّ اِستَدرَعَت زَغَباً / كَأَنَّهُنَّ بِأَعلى لَعلَعٍ رِجَعُ
إِنّي وَرَبِّ النَصارى عِندَ عيدِهِمِ / وَالمُسلِمينَ إِذا ما ضَمَّها الجُمَعُ
وَرَبِّ كُلِّ حَبيسٍ فَوقَ صَومَعَةٍ / يُمسي وَلا هَمُّهُ الدُنيا وَلا الطَمَعُ
وَالمُلبِدينَ عَلى خوصٍ مُخَدَّمَةٍ / قَد بانَ فيهِنَّ مِن طولِ السُرى خَضَعُ
حَثّوا الرَواحِلَ مَشدوداً حَقائِبُها / مِن شَأنِ رُكبانِها الحاجاتُ وَالسَرَعُ
لَقَد مَدَحتُ قُرَيشاً وَاِستَغَثتُ بِهِم / إِذ ما أَنامُ إِذا ما صُحبَتي هَجَعوا
وَإِذ وَشى بِيَ أَقوامٌ فَأَدرَكَني / رَهطُ الَّذي رَفَعَ الرَحمَنُ فَاِرتَفَعوا
في جَنَّةٍ هِيَ أَرواحُ الإِلَهِ فَما / يُفَزِّعُ الطَيرَ في أَغصانِها فَزَعُ
كانوا إِذا الريحُ لَفَّت عُشبَ ذي إِضَمٍ / غَيثَ المَراضِعِ ما ضَنّوا وَما مَنَعوا
وَالمُطعِمينَ عَلى ما كانَ مِن إِزَمٍ / إِذا أَراهيطُ مَلّوا ذاكَ أَو خَدَعوا
إِنّي دَعاني إِلى بِشرٍ فَواضِلُهُ / وَالخَيرُ قَد عَلِمَ الأَقوامُ مُتَّبَعُ
يا بِشرُ لَو لَم أَكُن مِنكُم بِمَنزِلَةٍ / أَلقى يَدَيهِ عَلَيَّ الأَزلَمُ الجَذَعُ
أَنتُم خِيارُ قُرَيشٍ عِندَ نِسبَتِها / وَأَهلُ بَطحائِها الأَثرَونَ وَالفَرَعُ
أَعطاكُمُ اللَهُ ما أَنتُم أَحَقُّ بِهِ / إِذا المُلوكُ عَلى أَمثالِهِ اِقتَرَعوا
لَيسوا إِذا طَرَدوا يَنمي طَريدُهُمُ / وَلا تَنالُ أَكُفُّ القومِ ما مَنَعوا
فَاليَومَ أَجهَدُ نَفسي ما وَسِعتُ لَكُم / وَهَل تُكَلَّفُ نَفسٌ فَوقَ ما تَسَعُ
حَلَّت صُبَيرَةُ أَمواهَ العِدادِ وَقَد
حَلَّت صُبَيرَةُ أَمواهَ العِدادِ وَقَد / كانَت تَحُلُّ وَأَدنى دارِها تُكُدُ
وَأَقفَرَ اليَومَ مِمَّن حَلَّهُ الثَمَدُ / فَالشُعبَتانِ فَذاكَ الأَبرَقُ الفَرَدُ
وَبِالصَريمَةِ مِنها مَنزِلٌ خَلَقٌ / عافٍ تَغَيَّرَ إِلّا النُؤيُ وَالوَتِدُ
دارٌ لِبَهنانَةٍ شَطَّ المَزارُ بِها / وَحالَ مِن دونِها الأَعداءُ وَالرَصَدُ
بَكرِيَّةٍ لَم تَكُن داري لَها أَمَماً / وَلا صُبَيرَةُ مِمَّن تَيَّمَت صَدَدُ
يا لَيتَ أُختَ بَني دُبٍّ يَريعُ بِها / صَرفُ النَوى فَيَنامَ العائِرُ السَهِدُ
أَمسَت مَناها بِأَرضٍ ما يُبَلِّغُها / بِصاحِبِ الهَمِّ إِلّا الجَسرَةُ الأُجُدُ
إِذا اليَعافيرُ في أَظلالِها لَجَأَت / لَم تَستَطِع شَأوَها المَقصوصَةُ الحُرُدُ
كَأَنَّها واضِحُ الأَقرابِ أَفزَعَهُ / غُضفٌ نَواحِلُ في أَعناقِها القِدَدُ
ذادَ الضِراءَ بِرَوقَيهِ وَكَرَّ كَما / ذادَ الكَتيبَةَ عَنهُ الرامِحُ النَجِدُ
أَو قارِبٌ بِالعُرى هاجَت مَراتِعُهُ / وَخانَهُ موثِقُ الغُدرانِ وَالثَمَدُ
رَعى عُنازَةَ حَتّى صَرَّ جُندَبُها / وَذَعذَعَ الماءَ يَومٌ صاخِدٌ يَقِدُ
في ذُبَّلٍ كَقِداحِ النَبعِ يَعذِمُها / حَتّى تُنوسِيَتِ الأَضغانُ وَاللَدَدُ
يَشُلُّهُنَّ بِشَدٍّ ما يَقومُ لَهُ / مِنها مَتابيعُ أَفلاءٍ وَلا جُدَدُ
كَأَنَّهُ بَعدَ طولِ الشَدِّ إِذ لَحِقَت / جِحشانُها وَاِنطَوَت أَمعاؤُهُ مَسَدُ
حَتّى تَأَوَّبَ عَيناً ما يَزالُ بِها / مِنَ الأَخاضِرِ أَو مِن راسِبٍ رَصَدُ
دُسمُ العَمائِمِ مُسحٌ لا لَحومَ لَهُم / إِذا أَحَسّوا بِشَخصٍ نابِئٍ لَبَدوا
عَلى شَرائِعِها غَرثانُ مُرتَقِبٌ / إِبصارَها خائِفٌ إِدبارَها كَمِدُ
حَتّى إِذا أَمكَنَتهُ مِن مَقاتِلِها / وَهوَ بِنَبعِيَّةٍ زَوراءَ مُتَّئِدِ
أَهوى لَها مِعبَلاً مِثلَ الشِهابِ وَلَم / يُقصِد وَقَد كادَ يَلقى حَتفَهُ العَضِدُ
أَدبَرنَ مِنهُ عِجالاً وَقعُ أَكرُعِها / كَما تَساقَطَ تَحتَ الغَبيَةِ البَرَدُ
يا اِبنَ القَريعَينِ لَولا أَنَّ سَيبَكُمُ / قَد عَمَّني لَم يُجِبني داعِياً أَحَدُ
أَنتُم تَدارَكتُموني بَعدَما زَلِقَت / نَعلي وَأَخرَجَ عَن أَنيابِهِ الأَسَدُ
وَمِن مُوَدِّئَةٍ أُخرى تَدارَكَني / مِثلُ الرُدَينِيِّ لا واهٍ وَلا أَوِدُ
نِعمَ الخُؤولَةُ مِن كَلبٍ خُؤولَتُهُ / وَنِعمَ ما وَلَدَ الأَقوامُ إِذ وَلَدوا
بازٌ تَظَلُّ عِتاقُ الطَيرُ خاشِعَةً / مِنهُ وَتَمتَصِعُ الكِروانُ وَاللُبَدُ
تَرى الوُفودَ إِلى جَزلٍ مَواهِبُهُ / إِذا اِبتَغَوهُ لِأَمرٍ صالِحٍ وَجَدوا
إِذا عَثَرتُ أَتاني مِن فَواضِلُهُ / سَيبٌ تُسَنّى بِهِ الأَغلالُ وَالعُقَدُ
لا يُسمَعُ الجَهلُ يَجري في نَدِيِّهِمِ / وَلا أُمَيَّةُ مِن أَخلاقِها الفَنَدُ
تَمَّت جُدودُهُمُ وَاللَهُ فَضَّلَهُم / وَجَدُّ قَومٍ سِواهُم خامِلٌ نَكِدُ
هُمُ الَّذينَ أَجابَ اللَهُ دَعوَتَهُم / لَمّا تَلاقَت نَواصي الخَيلِ فَاِجتَلَدوا
لَيسَت تَنالُ أَكُفُّ القَومِ بَسطَتَهُم / وَلَيسَ يَنقُضُ مَكرُ الناسِ ما عَقَدوا
قَومٌ إِذا أَنعَموا كانَت فَواضِلُهُم / سَيباً مِنَ اللَهِ لا مَنٌّ وَلا حَسَدُ
لَقَد نَزَلتُ بِعَبدِ اللَهِ مَنزِلَةً / فيها عَنِ الفَقرِ مَنجاةٌ وَمُنتَفَدُ
كَأَنَّهُ مُزبِدٌ رَيّانُ مُنتَجَعٌ / يَعلو الجَزائِرَ في حافاتِهِ الزَبَدُ
حَتّى تَرى كُلَّ مُزوَرٍ أَضَرَّ بِهِ / كَأَنَّما الشَجَرُ البالي بِهِ بُجُدُ
تَظَلُّ فيهِ بَناتُ الماءِ أَنجِيَةً / وَفي جَوانِبِهِ اليَنبوتُ وَالحَصَدُ
سَهلُ الشَرائِعِ تَروى الحائِماتُ بِهِ / إِذا العِطاشُ رَأَوا أَوضاحَهُ وَرَدوا
فَأَمتَعَ اللَهُ بِالقَومِ الَّذينَ هُمُ / فَكّوا الأُسارى وَمِنهُم جاءَنا الصَفَدُ
وَيَومَ شُرطَةِ قَيسٍ إِذ مُنيتَ لَهُم / حَنَّت مَثاكيلُ مِن إيقاعِكُم نُكُدُ
ظَلّوا وَظَلَّ سَحابُ المَوتِ يُمطِرُهُم / حَتّى تَوَجَّهَ مِنهُم عارِضٌ بَرِدُ
وَالمَشرَفِيَّةُ أَشباهُ البُروقِ لَها / في كُلِّ جُمجُمَةٍ أَو بَيضَةٍ خُدَدُ
وَيَومَ صِفّينَ وَالأَبصارُ خاشِعَةٌ / أَمَدَّهُم إِذ دَعَوا مِن رَبِّهِم مَدَدُ
عَلى الأُلى قَتَلوا عُثمانَ مَظلِمَةً / لَم يَنهَهُم نَشَدٌ عَنهُ وَقَد نُشِدوا
فَثَمَّ قَرَّت عُيونُ الثائِرينَ بِهِ / وَأَدرَكوا كُلَّ تَبلٍ عِندَهُ قَوَدُ
فَلَم تَزَل فَيلَقٌ خَضراءُ تَحطِمُهُم / تَنعى اِبنَ عَفّانَ حَتّى أَفرَخَ الصَيدُ
وَأَنتُمُ أَهلُ بَيتٍ لا يُوازِنُهُم / بَيتٌ إِذا عُدَّتِ الأَحسابُ وَالعَدَدُ
أَيديكُمُ فَوقَ أَيدي الناسِ فاضِلَةٌ / وَلَن يُوازِنَكُم شيبٌ وَلا مُرُدُ
لا يَزمَهِرُّ غَداةَ الدَجنِ حاجِبُهُم / وَلا أَضِنّاءُ بِالمِقرى وَإِن ثُمِدوا
قَومٌ إِذا ضَنَّ أَقوامٌ ذَوُو سَعَةٍ / أَو حاذَروا حَضرَةَ العافينَ أَو جَحِدوا
باروا جُمادى بِشيزاهُم مُكَلَّلَةً / فيها خَليطانِ واري الشَحمِ وَالكَبِدِ
المُطعِمونَ إِذا هَبَّت شَآمِيَةٌ / غَبراءُ يَحجَرُ مِن شَفّانِها الصَرِدِ
وَإِن سَأَلتَ قُرَيشاً عَن أَوائِلِها / فَهُم ذُؤابَتُها الأَعلَونَ وَالسَنَدُ
وَلَو يُجَمَّعُ رِفدُ الناسِ كُلِّهِمِ / لَم يَرفِدِ الناسُ إِلّا دونَ ما رَفَدوا
فَالمُسلِمونَ بِخَيرٍ ما بَقيتَ لَهُم / وَلَيسَ بَعدَكَ خَيرٌ حينَ تُفتَقَدُ
إِذا هَبَطنَ مُناخاً يَنتَطِحنَ بِهِ
إِذا هَبَطنَ مُناخاً يَنتَطِحنَ بِهِ / أَحَلَّهُنَّ سَناماً عافِياً جُشَمُ
نَرعاهُ إِن خافَ أَقوامٌ وَإِن أَمِنوا / وَفي القَبائِلِ عَنهُ غَيرَنا كَرَمُ
هَل تَعرِفُ الدارَ قَد مَحَّت مَعارِفُها
هَل تَعرِفُ الدارَ قَد مَحَّت مَعارِفُها / كَأَنَّما قَد بَراها بَعدَنا باري
مِمّا تَعاوَرُها الريحانِ آوِنَةً / طَوراً وَطَوراً تُعَفّيها بِأَمطارِ
وَلَم أَكُن لِنِساءِ الحَيِّ قَد شَمِطَت / مِنّي المَفارِقُ أَحياناً بِزَوّارِ
وَما بِها غَيرُ أَدماثٍ وَأَبنِيَةٍ / وَخالِداتٍ بِها ضَبحٌ مِنَ النارِ
وَلَو إِلى اِبنِ خُدَيشٍ كانَ مَرحَلُنا / وَاِبنَي دَجاجَةَ قَومٍ كانَ أَخيارِ
وَاِبنِ الحَزَنبَلِ عَمروٍ في رَكِيَّتِهِ / وَماجِدِ العودِ مِن أَولادِ نَجّارِ
لَكِن إِلى جُرثُمَ المَقّاءِ إِذ وَلَدَت / عَبداً لِعِلجٍ مِنَ الحِصنَينِ أَكّارِ
إِنّي لَذاكِرُ زَيدٍ غَيرُ مادِحِهِ / بِالمَرجِ يَومَ نَزَلنا مَرجَ حَمّارِ
أَلحَقتَ زَيداً غَداةَ المَرجِ بِاِبنَتِهِ / إِنَّ اللَئيمَ عَلى مِقدارِهِ جاري
إِنّي أَبيتُ وَهَمُّ المَرءِ يَعمِدُهُ
إِنّي أَبيتُ وَهَمُّ المَرءِ يَعمِدُهُ / مِن أَوَّلِ اللَيلِ حَتّى يَبرَحَ السَفَرُ
مَتى تُبَلِّغُنا الآفاقَ يَعمَلَةٌ / لُمَّت كَما لُمَّ بِالدَوِيَّةِ الأَمَرُ
تُعارِضُ اللَيلَ ما لاحَت كَواكِبُهُ / كَما يُعارِضُ مَرنى الخِلعَةِ اليَسَرُ
إِلَيكَ سِرنا أَبا بَكرٍ رَواحِلَنا / نَروحُ ثُمَّتَ نَسري ثُمَّ نَبتَكِرُ
فَما أَتَيناكَ حَتّى خالَطَت نَقَباً / أَيدي المَطِيِّ وَحَتّى خَفَّتِ السُفَرُ
حَتّى أَتَينا أَبا بَكرٍ بِمِدحَتِهِ / وَما تَجَهَّمَني بُعدٌ وَلا حَصَرُ
وَجَّهتُ عَنسي إِلى حُلوٍ شَمائِلُهُ / كَأَنَّ سُنَّتَهُ في المَسجِدِ القَمَرُ
فَرعانِ ما مِنهُما إِلّا أَخو ثِقَةٍ / ما دامَ في الناسِ حَيٌّ وَالفَتى عُمَرُ
نُبِّئتُ كَلباً تَمَنّى أَن تُسافِهَنا
نُبِّئتُ كَلباً تَمَنّى أَن تُسافِهَنا / وَرُبَّما سافَهونا ثُمَّ ما ظَفِروا
كَلَّفتُمونا أُناساً قاطِعي قَرَنٍ / مُستَلحَقينَ كَما يُستَلحَقُ اليَسَرُ
لَيسَت عَلَيهِم دِياتٌ يُؤخَذونَ بِها / وَلا يَكونُ لَهُم إيجابُ ما قَمَروا
قَد أُنذِروا حَيَّةً في رَأسِ هَضبَتِهِ / وَقَد أَتَتهُم بِهِ الأَخبارُ وَالنُذُرُ
باتوا نِياماً عَلى الأَنماطِ لَيلَتَهُم / وَلَيلُهُ ساهِرٌ فيها وَما شَعَروا
هُناكَ قالوا أَنامَ الماءَ حَيَّتَهُ / وَما يَكادُ يَنامُ الحَيَّةُ الذَكَرُ
وَكَذَّبوا رُسُلَ الأَكفاءِ وَاِنتَقَضَت / بِالقَومِ أَوزارُهُم في الأَمرِ فَاِنتَشَروا
حَتّى اِستَبانوا جِيادَ الخَيلِ مُعلِمَةً / وَكَوكَبُ المَوتِ يَعشى دونَهُ البَصَرُ
في عارِضٍ مِن كِلابٍ يُبرِقونَ إِذا / صابَ الأَعادِيَ مِنهُم وابِلٌ قُشِروا
حَتّى حَدَونا إِلى البَلقاءِ فَلَّهُمُ / وَالذُلُّ مُجحِرُ كَلبٍ حَيثُما اِنجَحَروا
يَمشونَ تَحتَ بُطونِ الخَيلِ تَصرَعُهُم / زُرقُ الأَسِنَّةِ وَالخَطِيَّةُ السُمُرُ
أَولى فَأَولى بَني ماوِيَّةَ اِنتَشرَت / مِنكُم قَريباً وَأَولى مِنكَ يا زُفَرُ
ما ظَنُّهُم لَو لَقونا وَهيَ تَحمِلُنا / صَلادِمُ الخَيلِ لا فانٍ وَلا مُهُرُ
يا كَعبُ لا تَهجُوَنّا العامَ مُعتَرِضاً
يا كَعبُ لا تَهجُوَنّا العامَ مُعتَرِضاً / فَإِنَّ شِعرَكَ إِن لاقَيتَني غَرَرُ
إِنّي أَنا اللَيثُ في عَريسَةٍ أَشِبٍ / فَوَرِّعِ السَرحَ حَتّى يَفسَحَ البَصَرُ
قَد جِئتَ تَحمِلُ رَأساً غَيرَ مُلتَئِمٍ / كَما تَحامَلَ فَوقَ القُنَّةِ الأَمَرُ
إِنَّ اللَهازِمَ لَن تَنفَكَّ تابِعَةً / هُمُ الذُنابى وَشُربُ التابِعِ الكَدَرُ
قَبيلَةٌ كَشِراكِ النَعلِ دارِجَةٌ / إِن يَهبِطوا العَفوَ لا يوجَد لَهُم أَثَرُ
مَحَلُّهُم مِن بَني تَيمٍ وَإِخوَتِهِم / حَيثُ يَكونُ مِنَ الحِمارَةِ الثَفَرُ
يا يَومَنا عِندَها عُد بِالنَعيمِ لَنا
يا يَومَنا عِندَها عُد بِالنَعيمِ لَنا / مِنها وَيا لَيلَتي في بَيتِها عودي
إِذ بِتُّ أَنزِعُ مِنها حَليَها عَبَثاً / بَعدَ اِعتِناقٍ وَتَقبيلٍ وَتَجريدِ
كَما تَطاعَمَ في خَضراءَ ناعِمَةٍ / مُطَوَّقانِ أَصاخا بَعدَ تَغريدِ
وَقَد سَقَتني رُضاباً غَيرَ ذي أَسَنٍ / كَالمِسكِ ذُرَّ عَلى ماءِ العَناقيدِ
مِن خَمرِ بيسانَ صِرفاً فَوقَها حَبَبٌ / شيبَت بِهِ نُطفَةٌ مِن ماءِ يَبرودِ
غادى بِها مازِجٌ دِهقانُ قَريَتِهِ / وَقّادَةَ اللَونِ في كَأسٍ وَناجودِ
إِذا سَمِعتَ بِمَوتٍ لِلبَخيلِ فَقُل / سُحقاً وَبُعداً لَهُ مِن هالِكٍ مودي
أَمّا كُلَيبُ بنُ يَربوعٍ فَإِنَّ لَها
أَمّا كُلَيبُ بنُ يَربوعٍ فَإِنَّ لَها / شَرَّ الرِفاقِ إِذا ما حُصِّلَ الرُفَقُ
سودُ الوُجوهِ وَراءَ القَومِ مَجلِسُهُم / كَأَنَّ قائِلَهُم في الناسِ مُستَرَقُ
البائِتونَ قَريباً دونَ أَهلِهِمِ / وَلَو يَشاؤونَ آبوا الحَيَّ أَو طَرَقوا
خَبِّر بَني الصَلتِ عَنّا إِن لَقيتَهُمُ
خَبِّر بَني الصَلتِ عَنّا إِن لَقيتَهُمُ / أَنَّ الحَديدَ إِذا أَمسَيتُ غَنّاني
فَدونَكُم مالِكاً لا يُفلِتَنَّكُم / فَمالِكٌ في حِياضِ المَوتِ دَلّاني

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025