المجموع : 23
إِلَيكَ عَنِّيَ هائِمٌ وَصِبٌ
إِلَيكَ عَنِّيَ هائِمٌ وَصِبٌ / أَما تَرى الجِسمَ قَد أَودى بِهِ العَطَبُ
لِلَّهِ قَلبِيَ ماذا قَد أُتيحَ لَهُ / حَرُّ الصَبابَةِ وَالأَوجاعُ وَالوَصَبُ
ضاقَت عَلَيَّ بِلادُ اللَهِ ما رَحُبَت / يا لَلرِجالِ فَهَل في الأَرضِ مُضطَرَبُ
البَينُ يُؤلِمُني وَالشَوقُ يَجرَحُني / وَالدارُ نازِحَةٌ وَالشَملُ مُنشَعِبُ
كَيفَ السَبيلُ إِلى لَيلى وَقَد حُجِبَت / عَهدي بِها زَمَناً ما دونَها حُجُبُ
لَو سيلَ أَهلُ الهَوى مِن بَعدِ مَوتِهِمُ
لَو سيلَ أَهلُ الهَوى مِن بَعدِ مَوتِهِمُ / هَل فُرِّجَت عَنكُمُ مُذ مِتُّمُ الكُرَبُ
لَقالَ صادِقُهُم أَن قَد بَلى جَسَدي / لَكِنَّ نارَ الهَوى في القَلبِ تَلتَهِبُ
جَفَّت مَدامِعُ عَينِ الجِسمِ حينَ بَكى / وَإِنَّ بِالدَمعِ عَينَ الروحِ تَنسَكِبُ
نُبِّئتُ لَيلى وَقَد كُنّا نُبَخِّلُها
نُبِّئتُ لَيلى وَقَد كُنّا نُبَخِّلُها / قالَت سَقى المُزنُ غَيثاً مَنزِلاً خَرِبا
وَحَبَّذا راكِبٌ كُنّا نَهَشُّ بِهِ / يُهدي لَنا مَن أَراكِ المَوسِمِ القُضُبا
قالَت لِجارَتِها يَوماً تُسائِلُها / لَمّا اِستَحَمَّت وَأَلقَت عِندَها السَلَبا
يا عُمرَكِ اللَهَ أَلّا قُلتِ صادِقَةً / أَصادِقاً وَصَفَ المَجنونَ أَم كَذِبا
أَرى الإِزارَ عَلى لَيلى فَأَحسُدَهُ
أَرى الإِزارَ عَلى لَيلى فَأَحسُدَهُ / إِنَّ الإِزارَ عَلى ما ضَمَّ مَحسودُ
أَمسَت وُشاتُكَ قَد دَبَّت عَقارِبُها
أَمسَت وُشاتُكَ قَد دَبَّت عَقارِبُها / وَقَد رَمَوكَ بِعَينِ الغِشِّ وَاِبتَدَروا
تُريكَ أَعيُنُهُم ما في صُدورِهِمُ / إِنَّ الصُدورَ يُؤَدّي غَيبَها النَظَرُ
يا دارَ لَيلى بِسِقطِ الحَيِّ قَد دَرَسَت
يا دارَ لَيلى بِسِقطِ الحَيِّ قَد دَرَسَت / إِلّا الثُمامَ وَإِلّا مَوقِدَ النارِ
ما تَفتَأُ الدَهرَ مِن لَيلى تَموتُ كَذا / في مَوقِفٍ وَقَفَتهُ أَو عَلى دارِ
أَبلى عِظامَكَ بَعدَ اللَحمِ ذِكرُكَها / كَما يُنَحِّتُ قِدحَ الشَوحَطِ الباري
يا مَوقِدَ النارِ يُذكيها وَيُخمِدُها
يا مَوقِدَ النارِ يُذكيها وَيُخمِدُها / قَرُّ الشِتاءِ بِأَرياحٍ وَأَمطارِ
قُم فَاِصطَلِ النارَ مِن قَلبي مُضَرَمَةً / فَالشَوقُ يُضرِمُها يا مَوقِدَ النارِ
وَيا أَخا الذَودِ قَد طالَ الظَماءُ بِها / لَم تَدرِ ما الرِيُّ مِن جَدبٍ وَإِقتارِ
رُدَّ المَطِيَّ عَلى عَيني وَمَحجِرَها / تَروِ المَطِيَّ بِدَمعٍ مُسبَلٍ جاري
يا مُزمِعَ البَينِ إِن جَدَّ الرَحيلُ فَلا / كانَ الرَحيلُ فَإِنّي غَيرُ صَبّارِ
يا سَرحَةَ الروحِ أَينَ الحَيُّ واكَبِدي
يا سَرحَةَ الروحِ أَينَ الحَيُّ واكَبِدي / لَهفى تَذوبُ وَبَيتِ اللَهِ مِن حَسَرِ
ها أَنتِ عَجماءُ عَمّا قَد سُئِلتِ فَما / بالُ المَنازِلِ لَم تَنطِق وَلَم تُحَرِ
يا قاتَلَ اللَهُ غاداتٍ فَرَعنَ لَنا / حَبَّ القُلوبِ بِما اِستودِعنَ مِن حَوَرِ
غَنَّت لَنا وَعُيونٌ مِن بَراقِعِها / مَكنونَةٌ مُقَلَ الغِزلانِ وَالبَقَرِ
بِاللَهِ يا ظَبِياتِ القاعِ قُلنَ لَنا / لَيلايَ مِنكُنَّ أَم لَيلى مِنَ البَشَرِ
يا ما أُميلَحَ غِزلاناً شَدَنَّ لَنا / مِن هَؤُلَيّاءَ بَينَ الضالِ وَالسَمرُ
إِنَّ الظِباءَ الَّتي في الدورِ تُعجِبُني
إِنَّ الظِباءَ الَّتي في الدورِ تُعجِبُني / تِلكَ الظِباءُ الَّتي لا تَأكُلُ الشَجَرا
لَهُنَّ أَعناقُ غِزلانٍ وَأَعيُنُها / وَهُنَّ أَحسَنُ مِن أَبدانِها صُوَرا
وَلي فُؤادٌ يَكادُ الشَوقُ يَصدَعُهُ / إِذا تَذَكَّرَ مِن مَكنونِهِ الذِكَرا
كانَت كَدُرَّةِ بَحرٍ غاصَ غائِصُها / فَأَسلَمَتها يَداهُ بَعدَ ما قَدَرا
لَو أَنصَفَ الدَهرُ ما فارَقتُكُم أَبَدا
لَو أَنصَفَ الدَهرُ ما فارَقتُكُم أَبَدا / وَلا تَنَقَّلتُ مِن ناسٍ إِلى ناسِ
ما بالُ قَلبِكَ يا مَجنونُ قَد خُلِعا
ما بالُ قَلبِكَ يا مَجنونُ قَد خُلِعا / في حُبِ مَن لا تَرى في نَيلِهِ طَمَعا
الحُبُّ وَالوُدُّ نِيطا بِالفُؤادِ لَها / فَأَصبَحا في فُؤادي ثابِتَينِ مَعا
طوبى لِمَن أَنتِ في الدُنيا قَرينَتُهُ / لَقَد نَفى اللَهُ عَنهُ الهَمَّ وَالجَزَعا
بَل ما قَرَأتُ كِتاباً مِنكِ يَبلُغُني / إِلّا تَرَقرَقَ ماءُ العَينِ أَو دَمَعا
أَدعو إِلى هَجرِها قَلبي فَيَتبَعُني / حَتّى إِذا قُلتُ هَذا صادِقٌ نَزَعا
لا أَستَطيعُ نُزوعاً عَن مَوَدَّتِها / وَيَصنَعُ الحُبُّ بي فَوقَ الَّذي صَنَعا
كَم مِن دَنيءٍ لَها قَد كُنتُ أَتبَعُهُ / وَلَو صَحا القَلبُ عَنها كانَ لي تَبَعا
وَزادَني كَلَفاً في الحُبِّ أَن مُنِعَت / أَحَبُّ شَيءٍ إِلى الإِنسانِ ما مُنِعا
اِقرَ السَلامَ عَلى لَيلى وَحَقَّ لَها / مِنّي التَحيَّةُ إِنَّ المَوتَ قَد نَزَعا
أَماتَ أَم هُوَ حَيٌّ في البِلادِ فَقَد / قَلَّ العَزاءُ وَأَبدى القَلبُ ما جَزِعا
واخَجلَتي مِن وُقوفي وَسطَ دارِكُمُ
واخَجلَتي مِن وُقوفي وَسطَ دارِكُمُ / وَقولِ واشيكُمُ مَن أَنتَ يا رَجُلُ
فَقُلتُ حَيرانُ قَد ضَلَّ الطَريقُ بِهِ / فَأَرشِدوني فَلي في حَيِّكُم شُغُلُ
فَقالَ لي مُر راجِعاً لَيسَ الطَريقُ كَذا / كَيفَ اِحتِيالي وَقَد ضاقَت بِيَ الحِيَلُ
إِنّي لَأَجلِسُ في النادي أُحَدِّثُهُم
إِنّي لَأَجلِسُ في النادي أُحَدِّثُهُم / فَأَستَفيقُ وَقَد غالَتنِيَ الغولُ
يُهوي بِقَلبي حَديثُ النَفسِ نَحوَكُمُ / حَتّى يَقولُ جَليسي أَنتَ مَخبولُ
قالوا شَبيهَكَ لا يَخفى عَلى أَحَدٍ / لَيلى الجَمالِ رِضاها القَصدُ وَالسولُ
لَيلى هِيَ البَدرُ ما لي قَطُّ مُصطَبَرٌ / عَنها وَإِن كَثُرَت فيها الأَقاويلُ
أَلا اِصطِبارَ لِلَيلى أَم لَها جَلَدٌ
أَلا اِصطِبارَ لِلَيلى أَم لَها جَلَدٌ / إِذاً أُلاقي الَّذي لاقاهُ أَمثالي
يا لِلرِجالِ لِهَمٍّ باتَ يَعروني
يا لِلرِجالِ لِهَمٍّ باتَ يَعروني / مُستَطرِفٍ وَقَديمٍ كادَ يُبليني
مَن عاذِري مِن غَريمٍ غَيرَ ذي عُسُرٍ / يَأَبى فَيَمطُلُني دَيني وَيَلويني
لا يُبعِدُ النَقدَ مِن حَقّي فَيُنكِرَهُ / وَلا يُحَدِّثُني أَن سَوفَ يَقضيني
وَما كَشُكرِيَ شُكرٌ لَو يُوافِقَني / وَلا مُنايَ سِواهُ لَو يُوافيني
أَطَعتُهُ وَعَصَيتُ الناسَ كُلَّهُمُ / في أَمرِهِ وَهَواهُ وَهوَ يَعصيني
خَيري لِمَن يَبتَغي خَيري وَيَأمُلهُ / مِن دونِ شَرّي وَشَرّي غَيرُ مَأمونِ
وَما أُشارِكُ في رَأيِي أَخا ضَعَفٍ / وَلا أَقولُ أَخي مَن لا يُواتيني
يا صاحِبَيَّ أَلِمّا بي بِمَنزِلَةٍ
يا صاحِبَيَّ أَلِمّا بي بِمَنزِلَةٍ / قَد مَرَّ حينٌ عَلَيها أَيُّما حينِ
في كُلِّ مَنزِلَةٍ ديوانُ مَعرِفَةٍ / لَم يُبقِ باقِيَةً ذِكرُ الدَواوينِ
إِنّي أَرى رَجَعاتِ الحُبِّ تَقتُلُني / وَكانَ في بَدئِها ما كانَ يَكفيني
لا خَيرَ في الحُبِّ لَيسَت فيهِ قارِعَةٌ / كَأَنَّ صاحِبَها في نَزعِ مَوتونِ
إِن قالَ عُذّالُهُ مَهلاً فُلانٌ لَهُم / قالَ الهَوى غَيرُ هَذا القَولِ يُعنيني
أَلقى مِنَ اليَأسِ تاراتٍ فَتَقتُلُني / وَلِلرَجاءِ بَشاشاتٌ فَتُحيِيني
قالَت جُنِنتَ عَلى رَأسي فَقُلتُ لَها
قالَت جُنِنتَ عَلى رَأسي فَقُلتُ لَها / الحُبُّ أَعظَمُ مِمّا بِالمَجانينِ
الحُبُّ لَيسَ يُفيقُ الدَهرَ صاحِبُهُ / وَإِنَّما يُصرَعُ المَجنونُ في الحينِ
لَو تَعلَمينَ إِذا ما غِبتِ ما سَقمي / وَكَيفَ تَسهَرُ عَيني لَم تَلوميني
يا رَبِّ إِنَّكَ ذو مَنٍّ وَمَغفِرَةٍ
يا رَبِّ إِنَّكَ ذو مَنٍّ وَمَغفِرَةٍ / بَيِّت بِعافِيَةٍ لَيلَ المُحِبّينا
الذاكِرينَ الهَوى مِن بَعدِما رَقَدوا / الساقِطينَ عَلى الأَيدي المُكِبّينا
يا رَبُّ لا تَسلُبَنّي حُبَّها أَبَداً / وَيَرحَمُ اللَهُ عَبداً قالَ آمينا
يا صاحِبَيَّ اللَذَينِ اليَومَ قَد أَخَذا
يا صاحِبَيَّ اللَذَينِ اليَومَ قَد أَخَذا / في الحَبلِ شِبهاً لِلَيلى ثُمَّ غَلّاها
إِنّي أَرى اليَومَ في أَعطافِ شاتِكُما / مُشابِهاً أَشبَهَت لَيلى فَحُلّاها
وَأَرشِداها إِلى خَضراءَ مُعشِبَةٍ / يَوماً وَإِن طَلَبَت إِلفاً فَدُلّاها
وَأَورِداها غَديراً لا عَدِمتُكُما / مِن ماءِ مُزنٍ قَريبٍ عِندَ مَرعاها
اللَهُ يَعلَمُ أَنَّ النَفسَ هالِكَةٌ
اللَهُ يَعلَمُ أَنَّ النَفسَ هالِكَةٌ / بِاليَأسِ مِنكِ وَلَكِنّي أُعَنّيها