المجموع : 28
الآنَ قامَ عَلى بَغدادَ ناعيها
الآنَ قامَ عَلى بَغدادَ ناعيها / فَليَبكِها لِخَرابِ الدَّهرِ باكيها
كانَت عَلى ما بِها وَالحَربُ بارِكَةٌ / وَالهَدمُ يَغدو عَلَيها في نَواحيها
تُرجى لَها عَودَةٌ في الدَّهرِ صالِحَةٌ / فَالآنَ أضمر مِنها اليَأسُ راجيها
مِثلُ العَجوزِ الَّتي وَلَّت شَبيبَتُها / وَبانَ مِنها جَمالٌ كانَ يُحظيها
ازَّت بِها حرَّة زَهراءُ واضِحَةٌ / كَالشَّمسِ مَكسُوَّة دراً تراقيها
يا أَنفَ عيسى جَزاكَ اللَّهُ صالِحَةً
يا أَنفَ عيسى جَزاكَ اللَّهُ صالِحَةً / وَزادَكَ اللَّهُ إِشراقاً وَمُتَّسَعا
نَعَم وَلا زِلتَ تَجري فيكَ أَودِيَةٌ / مِنَ المُخاطِ رواء يطرِدنَ مَعا
حِصنٌ حَصينٌ وَعِزٌّ لَو تَناوَلَهُ / كِسرى المُلوكِ أَنو شروانَ لامتَنَعا
تَرَكتُ عيسى فَما عِندي مُخاطبَةٌ / لَهُ وَخاطبتُ أَنفاً طالَ وَاِرتَفَعا
عيسى غُلامٌ وَلكِن أَنفُهُ رَجُلٌ / وَالقَرنُ يَحسُن مِنهُ كُلّ ما صَنَعا
رَأَيتُ أَنفاً وَلَم أَعلَم بِصاحِبِهِ / فَقُلتُ مَن صاحِبُ الأَنفِ الَّذي طَلَعا
قالوا فَتىً غابَ فيهِ قُلتُ وَاعَجَبي / ما إِن رَأى مِثلَ ذا راء وَلا سَمِعا
يا وَيلَكُم أَخرِجوهُ قالَ ناطِقُهُم / هَيهاتَ ما إِن نَرى في نَيلِهِ طَمَعا
الجبُّ أَبعَدُ غوراً حينَ تَطلُبُهُ / مِن أَن تَنالَ حِبالَ القَومِ مَن ضَرعا
فَلَو تَراني عَلى أَنفٍ أَنوحُ بِهِ / عَلى فَتىً زَلَّ في خَيشومِهِ قِطَعا
بَينا كَذلِكَ إِذ جالَت غَوارِبُهُ / بِمَخطِهِ فَإِذا عَيسونُ قَد رَجَعا
فَقُلتُ خَيرٌ فَقَد عايَنتَ ما رَجِعَت / عَنهُ العُيونُ وَقَد أَبعَدتَ مُنتَجَعا
فَقال ما زِلتُ في لَيل وَفي لَثَقِ / وَفي أُمورٍ أَذاقَتني الرَّدى جُرَعا
فَقُلتُ يا أَهلَ عيسى إِنَّني رَجُلٌ / أَبدى النَّصيحَةَ إِنّي مُشبَعٌ وَرَعا
لا يَبرَحَنَّ لَكُم حَبلٌ يُشَدُّ بِهِ / وَسط الغُلامِ قَريباً كانَ أَو شَسَعا
لِتَجذِبوهُ بِهِ مِن جَوفِ مَنخِرِهِ / فَتُخرِجوهُ بِهِ يَوماً إِذا وَقَعا
خَليفَةَ اللَّهِ طالَت عَنكَ غَيبَتُنا
خَليفَةَ اللَّهِ طالَت عَنكَ غَيبَتُنا / عَشرا وَعَشرا وَعَشراً بَعدَها أُخَرا
فَالعَبدُ يَشكو إِلى مَولاهُ وَحشَتَهَ / لَو كانَ بِالعَبدِ صَبر بَعدَ ذا صَبَرا
جَدد لِعَبدِكَ نورا يَستَضيءُ بِهِ / مِن نورِ وَجهِكَ يَجلو السَّمعَ وَالبَصَرا
لا يَهتَدي لِطَريقِ القَصدِ يَسلُكُهُ / مَن لا تَرى عَينُهُ شَمساً وَلا قَمَرا
اشمَخ بِأَنفِكَ يا ذا العِرضِ وَالحَسَبِ
اشمَخ بِأَنفِكَ يا ذا العِرضِ وَالحَسَبِ / ما شِئتَ وَاِضرِب قَذالَ الأَرضِ بِالذَّنَبِ
ارفَع بِصَوتِكَ تَدعو مَن بِذي عَدَن / وَمَن بِقالي قَلا بِالوَيلِ وَالحَرَبِ
ما أَنتَ إِلَّا اِمرُؤٌ وَلّى خَليقَتهُ / فَضل العنان فَلَم يَربَع عَلى أَدَبِ
فَاِجمَح لَعَلَّكَ يَوماً أَن تَعَضَّ عَلى / لُجمٍ دَلاصيةٍ تَثنيكَ مِن كَثَبِ
إِنِّي اِعتَذَرتُ فَما أَحسَنتَ تَسمَعُ من / عُذري وَمن قَبل ما أَحسَنتَ في الطَّلَبِ
صَبراً أَبا دُلَف في كُلِّ مَسأَلَةٍ / كَالقِدرِ وَقفاً عَلى الجاراتِ بِالعُقَبِ
يا رَبِّ إِن كانَ ما أَنشَأتَ مِن عَرَبٍ / شَروى أَبي دُلَفٍ فَاِسخَط عَلى العَرَبِ
أَرى التَّعَصُّبَ أَبدى مِنكَ داهِيَةً / كانَت تحجبُ دونَ الوَهمِ بِالحُجُبِ
أَزرى بِكَ الغَضَبُ المُزري وَأَنتَ فَتى / لا تُصطَلى نارُهُ فَأَغضَبْ عَلى الغَضَبِ
أَبلِغ دَعِيَّ إِيادٍ إِن مَرَرتَ بِهِ
أَبلِغ دَعِيَّ إِيادٍ إِن مَرَرتَ بِهِ / قَولَ اِمرِئٍ ناصِح لِلَّهِ وَالدِّينِ
لَن تَصلُحَ الأَرضُ ما أُسكِنتَ ظاهَرَها / وَلا تَرى العَدلَ أَو تَلحَقَ بِأَفشَينِ
ما زِلتَ تحضر لِلخذلانِ عن دَغَلٍ / في القَلبِ مِنكَ لِهذا الدِّينِ مَكنونِ
وَكُنتَ في ذاكَ لَنا لَمّا أَن قَصَدتُ لَهُ / كَالعَنزِ إِن بَحَثتَ عَن حَدِّ سِكّينِ
نَحنُ الَّذينَ إِذا عُدَّ العَفافُ يُرى / فينا العَفافُ وَمَأوى كُلِّ مِسكينِ
لَو كانَ يَمنَعُ حُسنُ الوَجهِ صاحِبَهُ
لَو كانَ يَمنَعُ حُسنُ الوَجهِ صاحِبَهُ / مِن أَن يَكونَ لَهُ ذَنب إِلى أَحَدِ
كانَت عَليم أَبَرَّ النَّاسِ كُلِّهِم / مِن أَن تُكافأ بسوءٍ آخر الأَبَدِ
ما لي إِذا غِبتَ لَم أذكر بِواحِدَةٍ / فَإِن مَرضت فَطالَ السّقمُ لَم أعدِ
ما أَعجَبُ الشَّيءَ تَرجوهُ فَتحرمهُ / قَد كُنتُ أَحسَبُ أَنّي قَد مَلَأتُ يدي
ما غَيَّرَ الرَّبعَ وَالمَغاني
ما غَيَّرَ الرَّبعَ وَالمَغاني / إِلا صُروفٌ مِن الزَّمانِ
يا صاحِبَيَّ وَأَنتما لي / كَمَوضِعِ الكَفِّ مِن بَناني
قِفا عَلَيَّ فَمَتِّعاني / أَو لا فَسيرا وَوَدّعاني
لا تُعجِلاني فَتُغرِياني / شَأنكُما اليَوم غَيرُ شاني
يا ظَبيُ أَحبالُهُ بقاع / إِنِّي وَإِيّاكَ موثِقانِ
يُحزِنُني أَن أَراكَ تَعطو / إِلَيَّ مِنها وَأَنتَ عاني
إِنَّ الغَواني وَكُلُّ شَيءٍ / يُقالُ فَاِقبَلهُ في الغَواني
يَنَلنَ حاجاتِهِنَّ عِندي / بِلَمحَةِ الأَعيُنِ الحِسانِ
قَد كُنتُ أَبكي عَلى مَن فاتَ مِن سَلَفي
قَد كُنتُ أَبكي عَلى مَن فاتَ مِن سَلَفي / وَأَهلُ وُدِّي جَميعاً غَيرُ أَشتاتِ
فَاليَومَ إِذ فَرَّقَت بَيني وَبَينَهُم / نَوىً بَكيتُ عَلى أَهلِ الموَدَّاتِ
ماذا حَياةُ اِمرِئٍ أَضحَت مَنيتُهُ / مَقسومَةٌ بَينَ أَحياءٍ وَأَمواتِ
ما كانَ أَغناكَ عَن هَمّ خَلَوتَ بِهِ
ما كانَ أَغناكَ عَن هَمّ خَلَوتَ بِهِ / فينا يُخاطِبُ قَلباً كُلُّهُ دامِ
لَأَنتَ في عامِكَ الماضي أَقَرُّ بِنا / عَيناً وَأَنعَمُ بالاً مِنكَ في العامِ
البِرُّ بي مِنكَ وَطَّا العُذرَ عِندَكَ لي
البِرُّ بي مِنكَ وَطَّا العُذرَ عِندَكَ لي / فيما أَتاكَ فَلَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ
وَقامَ عِلمُكَ بي فَاِحتَجَّ عِندَكَ لي / فَقامَ شاهِدُ عَدلٍ غَيرُ مُتَّهَمِ
دبي إِلى حَرمٍ ما كانَ أَحمَقَهُ
دبي إِلى حَرمٍ ما كانَ أَحمَقَهُ / إِذ لَم يَقُل إِنَّني مِن سادَةِ العَرَبِ
أَكانَ أَعجَزُ مِن قَومٍ رَأَيتُهُمُ / تَسَوَّروا بَعدَ ما شابوا عَلى الحَسَبِ
حُبٌّ وَهَجرٌ عَلى جِسمٍ بِهِ سَقَمٌ
حُبٌّ وَهَجرٌ عَلى جِسمٍ بِهِ سَقَمٌ / العَيشُ عَن ذا سريعاً سَوفَ يَنصَرِمُ
حَياةُ ذا مَوتُهُ وَالمَوتُ عيشَتُهُ / ما خَيرُ عَيشٍ إِذا ما زالَتِ النِّعَمُ
أَرى المُحِبّينَ قَد طالَ البَلاءُ بِهِم / حَتَّى كَأَنَّ هَواهُم فيهُم نِقَمُ
عَرَفتُ ذلِكَ في نَفسي وَعِلَّتُهُم / قَد يرحَمونَ وَلَم أرحم كما رحموا
جاءَ الكِتابُ بِما قَد كُنتُ أَحذره / يا وَيلَتا لِيَ مِمَّا سَطر القَلَمُ
قالَت تَحَقَّق ما كُنّا نُزَنُّ بِهِ / فَالنَّارُ بَينَ ذَوي الأَضغانِ تضطرِمُ
إِلَيكَ عَنّي فَإِنَّ القَومَ قَد نَذَروا / أَن يَقتُلوكَ أَلا فَاسلَم وَلا سَلِموا
لَولا مَخافَةُ أَن يَشجى بقيلهُم / لما تَفَوَّهَ مِنهُم بِالوَعيدِ فَمُ
لا كُنت إِن عاقَني عَن أَن أَزورَكُم / وَكُلُّهُم شاهِدٌ خَوفٌ لما زَعَموا
يا داني الدَّار في الأَماني
يا داني الدَّار في الأَماني / وَنازِعَ الدَّار في العِيانِ
ذِكراكَ دانِ وَأَنتَ نائي / فَأَنتَ نائي وَأَنتَ داني
نَفسُكَ موصولَةٌ بِنَفسي / وَأَنتَ كَالنَّجمِ مِن مَكاني
لي فِكَرٌ فيكَ مُعجباتٌ / في اللَّفظِ صفرٌ مِنَ المَعاني
تَجري ضُروبٌ مِنَ التَّمَنِّي / في كُلِّ يَومٍ عَلى لِساني
أَقولُ حَتّى كَأَنَّ عَيني / تَراكَ مِن حَيثُ لا تَراني
إِذا رَكِبتَ الذُّنوب مِنِّي / رَدَدتُ لَومي عَلى الزَّمانِ
قِف بِالمَنازِلِ وَالرَّبعِ الَّذي دَثَرا
قِف بِالمَنازِلِ وَالرَّبعِ الَّذي دَثَرا / فَسَقِّها الماءَ من عَينَيكَ وَالمَطَرا
بَل ما بُكاؤُكَ في دارٍ تَضَمَّنَها / ريبُ الزَّمانِ فَأَجلى أَهلها زُمَرا
بلى وَجَدتُ البكا يَشفي إِذا طَرَقَت / طَوارِقُ الهَمِّ إِن سَحا وَإِن دَرَرا
ما أَحسَنَ الصَّبرَ لَو كانَ المُحِبُّ إِذا / حَلَّت بِهِ نَوبَةٌ مِن دَهرِهِ صَبَرا
كَيفَ العَزاءُ وَلَم يَترُك لَهُ كَبداً / يَومُ الفراقِ وَلَم يَترُك لَهُ بَصَرا
ما زالَ يُشعِلُ ناراً في جَوانِحه / وَيُجشِمُ المُقلَتَينِ الدَّمعَ وَالسَّهَرا
يا دارُ دار الأُلى وَلَّت حُمولَهُمُ / لَو شِئتِ خَبَّرتِنا عَن أَهلِكِ الخَبَرا
أَينَ الَّذينَ عَهِدنا لا نَحِسُّهُمُ / وَلا نَرى مِنهُمُ عَيناً وَلا أَثَرا
قاظوا رَبيعَهُم في خِصبِ بادِيَة / حَتّى إِذا القيظُ وَلي آثَروا الحَضَرا
فَقَرَّبوا كُلَّ شِملالِ مَخيسَة / قَد شَذَّبَ النَيُّ عَن أَصلابِها الوَبَرا
وَكُلُّ قَرمٍ إِذا الحادي أَرَنَّ بِهِ / سارَ العِرَضنَةَ بَعدَ الأَينِ أَو خَطَرا
يا حادِيَ العيسِ لا تَربَع فَإِنَّ لَنا / بِها لِحاقاً قُبَيلَ الصُّبحِ أَو سَحَرا
أَمّم بِلادَكَ إِنَّا قاصِدونَ لَها / وَلَو نَزَلتَ بِبَطنِ السِّيفِ مِن هجَرا
تَقولُ وَالبينُ قَد شُدَّت رَكايِبُهُ / مَن شاءَ هذا لبينٍ أَو بِهِ أَمرَا
أَحفَظ مَغيبي فَإِنّي غَيرُ غادِرَةٍ / أَما حَفِظتَ وَلا حُسنى لِمَن غَدَرا
فَقُلتُ وَالعَينُ قَد جادَت مَساربُها / يَكادُ يَمنَعُ مِنها دَمعُها النَّظَرا
أَنتِ الَّتي سَمتني سلم العُداة وَقَد / يُسالِمُ المَرءُ أَعداءً وَإِن وُترا
لَولاكِ لَم تَسر الوَجناء في بَلَدٍ / لَم أَلقَ فيهِ إِذا اِستَنصَرتُ مُنتَصِرا
بِلا دَليلٍ وَلا عُقَدٍ يُشَكُّ لَها / إِلَّا تَعسُّفها وَالصَّارِمَ الذَّكرا
يا ناصِرَ الدينِ إِذ رَثَّت حَبائِلُهُ / لَأَنتَ أَكرَمُ مَن آوى وَمَن نَصَرا
أَعطاكَ رَبُّكَ مِن أَفضالِ نِعمَتِهِ / رِياسَتَينِ وَلَم تَظلم بِها بَشَرا
لَو كانَ خَلقٌ يَنالُ النَّجمَ مِن كَرَم / إِذَن لَنالَت يَداكَ الشَّمسَ وَالقَمَرا
إِنِّي شَعرتُ فَلَم أَمدَح سِواكَ وَلَم / أعمِل إِلى غَيرِكَ الإِدلاجَ وَالبكرا
ما كانَ ذلِكَ إِلَّا أَنَّني رَجُلٌ / لا أَقرَبُ الوِردَ حَتّى أَعرِفُ الصَّدرا
إِنِّي مَتى أَظمَ لا أَجهَر بِراحِلَتي / سَدمَ المِياه وَلا أَطرق بِها الكَدرا
إِلا مَوارِدَ لا يَلقى الغَريبُ بِها / مِن دونِها ذا يَدٍ يُهدي لَهُ الحَجَرا
إِئتِ المِياهَ الَّتي تَسقي إِذا طُرِقَت / عَذباً وَتَستُر من ذي الفاقَة العَوَرا
لَم أَمتَدِحكَ رَجاءَ المالِ أَطلُبُهُ / لكِن لِتُلبِسَني التَّحجيل وَالغُرَرا
إِلَيكَ أَعمَلتُها تَدمي مَناسِمُها / مِن مَسحِها المَروَ وَالكَدّانِ وَالبَهَرا
لَم يُبقِ من نيها عَضُّ النُّسوعِ بِها / أَلا تَعَسُّفُها وَالنَّاظِرُ الحَذِرا
تَخدي عَلى ثَفِنات يَرتَمينَ بِها / إِذا المَطِيُّ وَنى لَم تَعرِف الخَوَرا
لأياً أُنيخَت قَليلاً ثُمَّ أزعَجَها / حادٍ إِذا ما وَنى أَمثالُهُ اِنشَمَرا
في مَهمَهٍ لا تَرى عَينُ البَصيرِ بِهِ / إِلَّا حَواسرَ صَرعى غودِرَت جَزرا
يَعُضُّ مِن هَولِهِ الحادي بِإِصبَعِهِ / وَيَجعَل الماءَ دونَ الزَّادِ مُدخَرا
حَتَّى أنيخَت بِأَعلى النَّاسِ مَنزِلَةً / عِندَ الإِمامِ وَأَعفاهُم إِذا قَدِرا
هُوَ الَّذي فُقِئت عَينُ الضَّلالِ بِهِ / لَمّا تَفاقَمَ أَمرُ النَّاسِ وَاِنتَشَروا
ما زالَ يُلحِقُها ضرماً مُضرمَةً / في حَومَةِ المَوتِ حَتّى اِستَنتَجَ الطهَرا
قادَ الأَعادي كُرهاً خاضِعينَ لَهُ / حَتّى أَمَرَّ عَلى ما ساءَهُ المِرَرا
أَبدى مُحاربَةً ثُمَّ اِنبَرى لَهُمُ / بِالمَكرِ أَنَّ اِبنَ أم الحَربِ مَن مَكَرا
ساقَ الكَتائِبَ مِن مَرو فَأوردها / بطن السَّوادِ يَجُرُّ الشَّوك وَالشَّجَرا
حَتَّى أَحَلَّت بِدارِ الملكِ داهِيَةً / شابَ اِبنُ عِشرينَ مِنها وَاِشتَكى الكِبَرا
وَاِبتَزَّتِ النَّاكِثَ المَخلوعَ بزَّته / وَأَوطَأتهُ بِساطَ الذُلِّ مُقتَسِرا
وَفَرَّقت بَينَ ذي زَوجٍ وَزَوجَتِهِ / وَأَنسَت أُمّاً طُفَيلَيها وَإِن صَغُرا
مِن كُلِّ سابِحَةٍ أَو سابِحٍ عِندَ / نَهد مراكله مِن بَعدِ ما ضَمَرا
يَظَلُّ مِن وَقعِ أَطرافِ الرِّماحِ بِها / كَأَنَّ فيها إِذا اِستَعرَضَتها زَوَرا
لا يَتَّقي الطَّعن إِلا أَن يَصدَّكُما / صَدَّت كَريمَةُ قَومٍ أُسمِعَت هجرا
قُبٌّ خِفافُ العُجى تَبلى فَوارِسها / قَد صَيَّرَ الطَّعنُ في لَبَّاتِها وَقَرا
بِكُلِّ أَروَعَ خَطَّارِ بَشكَتِهِ / في كَفِّهِ صارِم يُفرى بِهِ القَصَرا
لا يَطعَنونَ إِذا جالَت خُيولُهُم / إِلا الحَوافِرَ وَاللَّبات وَالثُّغَرا
كَم قَد تَداركتنا مِن قعر مُظلِمَةٍ / وَكَم جَبَرتَ كَسيرَ العَظمِ فَاِنجَبَرا
وَكَم سَنَنتَ لَنا في الخَيرِ مِن سُنَنٍ / أَمثالُها ما عَلِمنا تُنبِتُ الشَّعَرا
أَنتَ المُدَبِّرُ لَولا ما تَداركنا / مِن يُمنِ رَأيِكَ كُنَّا لِلرَّدى جزرا
لَم يَشكُر الفَضل كُنه الشُّكر إِنَّ لَهُ / فَضلاً يُضاعِفُ أَضعافاً إِذا شَكَرا
لا يَجمَعُ المالَ إِلَّا رَيث يُتلِفُهُ / وَلا يُزَهِّدُهُ في العُرفِ مَن كَفَرا
لا يَقطَعُ الأَمرَ إِلا من مَفاصِله / سِيانِ ما غابَ مِنهُ عَنهُ أَو حَضَرا
كُنا نَقولُ أَلا يا لَيتَ باقينا / وَالحَيُّ مِنَّا كَمِثلِ المَيتِ إِذ قُبِرا
فَالأَرضُ بِالذر مِن طيبِ الزَّمانِ لَنا / تَقولُ يالَيتَ أَنَّ المَيتَ قَد نُشِرا
يا لَيتَ أَنَّا نَقيهِ السوءَ أَنفُسَنا / بَل لَيتَ أَعمارَنا كانَت لَهُ عُمُرا
يا مَن يُمازِحُني في الهَزل بِالغَضَبِ
يا مَن يُمازِحُني في الهَزل بِالغَضَبِ / فَرِّق فَدَيتُكَ بَينَ الجِدِّ وَاللَّعِبِ
إِذا اِصطَلَحنا مُنِحنا بِالصُّدودِ فَما / تَنفَكُّ مِن غَضَب يُفضي إِلى غَضَبِ
يا مَن رَأى صورَةً فاقَت عَلى الصُّوَر
يا مَن رَأى صورَةً فاقَت عَلى الصُّوَر / يا مَن رَأى قَمَراً أَبهى مِنَ القَمَرِ
تُخيلَت حاسِراً حَتَّى إِذا حَسَرَت / قالَ الصُّدودُ لَها يا هذِهِ اِستَتِري
فَأَبرَزَت رَدناً وَارَت مَحاسِنَها / بِفَضلِهِ وَأَزاحَت عازِبَ الخَصرِ
نامَت وَبِتُّ أُراعي النَّجمَ مُرتَفِقاً / يا نَومَ حَمل أَما اِستَحيَيتَ مِن سَهَري
لا أَشتَكي هَوايَ إِلَّا
لا أَشتَكي هَوايَ إِلَّا / إِلَيكَ لَو يَنفَعُ التَّشَكّي
آلَيتُ جَهدَ اليَمينِ أَن لا / أَزولَ إِلَّا إِلَيكِ عَنكِ
كَلَّفتِني الشِّعرَ في طَريق / وَعرٍ قَليلِ الأَنيسِ ضَنكِ
فَرَغتِ لي في إِسارِ قَلبي / ثُمَّ تَشاغَلتِ عِندَ فَكّي
شاقَ الفُؤادَ وَما نَشتاقُ مِن أُمَم
شاقَ الفُؤادَ وَما نَشتاقُ مِن أُمَم / أَطلالُ مَنزِلَةٍ أَقوَت وَلَم تَدُمِ
هِيَ الخَيالُ الَّذي أَهدى لَنا سَقَماً / إِذ زارَنا وَغَدا خِلواً مِنَ السَّقَمِ
ما زارَكَ الطَّيفُ مِن برٍّ تعَرّفهُ / لكِن تَمَنّيكهُ أَهداهُ في الحُلُمِ
بِتنا وَباتَ يُمَنِّينا وُيُؤنِسُنا / بُخلاً عَلَينا وَلَمّا يُؤتَ مِن عَدَمِ
لَو دامَ ذلِكَ لَم نَطمَح بِأَعيُنِنا / إِلى سِواهُ وَلكِن ذاكَ لَم يَدُمِ
قَد هاجَ لي بكراً مِمَّن بُليتُ بِهِ / حَمامَتانِ عَلى غُصنٍ مِنَ السَّلَمِ
تَناوَحانِ بِنَغماتٍ يَهيجُ لَها / قَلبُ الفَتى وَهوَ عَمّا تَعنِيانِ عَمي
يا مَن رَأى عَرَبِيَّ اللَّفظِ هاجَ لَهُ / حُزناً فَقالَ عَلَيهِ نايِحُ العَجَمِ
لا شَيءَ أَعجَبُ مِن قَتلي بِلا تِرَةٍ / مَتى أُقاد بِها كانَت وَلا تَدُمِ
يا ذا الَّذي خانَ عَهدي إِذ وَثِقتُ بِهِ / قَد كُنتَ عِندي أَميناً غَيرَ مُتَّهَمِ
أَطمَعتَنِي في الهَوى حَتَّى إِذا سَمحَت / نَفسي مُنيتُ بِحَبلٍ مِنكَ مُنصَرِمِ
صَدَّقتَ فِيَّ أَقاويلَ الوُشاةِ وَلَم / تَسمَع مَقالي في عذري وَلا كَلمِي
وَمَجلِسٍ نَظَرَت عَينُ السُّرورِ بِهِ / إِلى النّدامى بِأَلوانٍ مِنَ النَّغَمِ
ظَلَّت عَلَيهِ سَماءُ اللَّهوِ هاطِلَةً / بِالسَّكبِ مِن قطرِها وَالوَبلِ وَالدِّيَمِ
ثابَت إِلَيهِ مِنَ اللَّذاتِ ثايِبَةٌ / وَقَد أمِيطَ الأَذى عَنهُ فَلَم يَقُمِ
ظَلَّت أَباريقُنا لِلكَأسِ ساجِدَةً / فيهِ كَما خَرَّت الكُفَّارُ لِلصَّنَمِ
ما أَسرَعَ البَينَ بَل ما أَسرَعَ الفَرَحا
ما أَسرَعَ البَينَ بَل ما أَسرَعَ الفَرَحا / إِن كُنتُ أَرجو كَما أَخشى فَلا حَرَجا
ما أم واحِد أمٍ لا أَنيسَ لَها / إِلَّا الَّذي رَسَخت بِالأَمسِ فَاِختَلَجا
باتَت وَباتَ لَها هَمٌّ يُؤَرِّقُها / من عالج في بَناتِ القَلبِ قَد وَشَجا
إِلَّا كَمِثلي وَإِن جَلَّت رَزِيتُّها / إِذا أَزعَجَ البَينُ مَن أَهواهُ فَاِنزَعَجا
نَظَرتُ يَومَ تَوَلَّت نَظرَةً عَرَضاً / وَجَدتُ في كَبِدي مِن حَرِّها وَهَجا
بِمُقلَةٍ كُلَّما كَفكَفتُ دَمعَتَها / هاجَت مَذاوِبها بِالدَّمعِ فَاِعتَلَجا
كَأَنَّها عارِضٌ مُخضَوضِلٌ هَزِجٌ / هاجَت لَهُ حَرجَفٌ حَصباءُ فَاِنبَعَجا
تَاللَّهِ ما عَصَفَت ريح شَآمِيَةٌ / إِلَّا تَنَسَّمتُ مِنها ريحَكَ الأَرَجا
وَلا سَنا البَرقُ لي مِن نَحو دارِكُم / إِلَّا تَنَعَّشتُ وَاِستَقبَلتُهُ بَهِجا
نَم لا حُرِمتَ لَذيذَ النَّومِ يا سَكَني
نَم لا حُرِمتَ لَذيذَ النَّومِ يا سَكَني / وَخَلِّ عَنّي وَما أَلقى مِنَ الوَسَنِ
لا تَحبِسِ الرِّيحَ عَنّي حينَ تَنفُح لي / بِالوَصلِ مِنكَ وَلا تَنهى عَنِ الحَزَنِ
إِن كُنتَ تَكرَهُ ما يُغوى الفُؤادُ بِهِ / فَقُل لعَينِكَ لا تَنفيهِ بِالأَمَنِ
أَهوى هَواكَ يُكَلِّي لا أَخُصُّ بِهِ / بَعضي وَلَو نِمتُ مِن حُبّيكَ في الكَفَنِ
يا مَعدِنَ الحُسن في الدُّنيا وَغايَتهِ / وَيا أَميراً بِعَينَيهِ عَلى الفِتَنِ
صَلَّى الإِلهُ عَلى وَجهٍ خُصِصتَ بِهِ / وَبارَكَ اللَّهُ فيما فيهِ مِن حُسنِ