القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد زكي أبو شادي الكل
المجموع : 59
لم يُحصر الفن فن ذهن وانان
لم يُحصر الفن فن ذهن وانان / حتى يمجد شعري فوق حسباني
لكن هو النبل صنو الحب مذ خلقا / وكم يجسَّم احساناً باحسان
ومن أكون لأحظى من محبتكم / بما يجدد وجداني وايماني
وما يضاعف في عمري ويسعفه / بكل حلم يُغِّذى روح فنان
دنيا من الشعر نحيا في قصائدها / وما تحدب منها غير عنوان
جازت روائعها الأكوان وازدحمت / في كل شيء وجازت كل امكان
من شاء مُتعتها لم يَثنه تعبٌ / ومن تبرّم عاش الآسف العاني
كأنني من نداكم صرت مالكها / وصرت كانزها في طى وجداني
نوابغَ الأدب الوَّضاء في وطنٍ / أغلى معانيه تحريرُ لانسان
وافي الربيع بكم عطرا وأغنيةً / وساحرا ينتشي منه الجديدان
يُسدي الأيادي لا من ولا عددٌ / مثل الملَّك في جاهٍ وسلطان
لم يسأم الخلقُ جدواه مُرَّددة / أو عيده وهو عند اليوم عيدان
أقصى أمانيَّ أن أحيا شذَى وسنىً / بعد الحياة اذا التذكار أحياني
والان جُدُتم على نفسي بما عشقت / كأن عمري بعد اليوم عمران
من أي نبعٍ رحيقُ الشكر أنهله / نخباً لكم حين أسقيه بألحاني
وكيف أجزِي شعوراً لا كفاء له / واستقُّل بتعبيري وميزاني
من يبذلُ الحب لا يُجزي عوارفه / إلاّ صدىً في حنايا قلبه ألحاني
أكرم بكم من أساةٍ في عواطفهم / ومن حماةٍ لآداب وعرفان
خَفُّوا سراعاً لتكريمي كأنَّ بهم / يوم المرؤةِ ثأراً عند أحزاني
تركت مصر وقلبي لوعةٌ ولظىً / لِجنَّةٍ ضُيِّعت في نومَ جنَّان
عاث اليرابيعُ فيها وهو في شغل / عنها بأضغاث أحلام وبهتان
أذا أفاق تعالت صيحةٌ كذبت / فلم تُعقَّب بمجهودٍ ليقظان
بذلت عمري لأرعاها واوقظه / فكان سُقمي وتعذيبي وحرماني
فدىً لها لو أباحت كل ما ملكت / نفسي وما وهبت في حبها الجاني
تركتها وبودّي غير ما حكمت / به المقاديرَ في أشجانِ لهفان
وقلت عَّلى على بُعدٍ أشارفها / وأنفخُ الصورَ إن فاتته نيراني
في بيئةٍ تُنزل الأحياء منزلهم / ولا تحاول تخليدا لأكفان
فلم يخيب رجائي في نوازعها / ولم تكن هجرتي من مصر هجراني
هل يعلم الهدسن المحبوبُ ما شغفي / بُحسنه وكأن النيل نيلان
وما غرامي بُشعطان يغازلها / تصَّوفت فوق أحلام لشطآن
وكيف يجتمع الشَّو قَان في وطنٍ / أَسلاَ العديدين أشواقا لأوطان
وفي محبتكم غنيان ذى أدب / وفي مآثركم أضعاف غُنياني
قد أدرك الخلق حين الغيثُ جانبهم / وبَّر بي حين اصفى الأهل جافاني
شفت مرائيه أوصابي كرؤيتكم / وحين ناجيته عن مصر ناجاني
لم أحى في قُربه روحاً ولا بدنا / بل فكرةً فوق أرواحٍ وأبدان
اثنانُ خلَّدت الدنيا لأجلهما / الحب والنبُّل مذ كانا بإنسان
قد طوّقاني بدينٍ من فضائلكم / وان توارت وان باهت بديواني
وليس فيه سوى أصداء عاطفة / ذبيحةٍ بين آلام وأشجان
أنسيتُ مُوجعّ أتراحي وقد غمرت / تلك الألوف الضحايا نارُ شيطان
ياليت لي حَظَّ حكَّامس فانقذهم / فالموتُ والذل للأحرار سيان
واهاً لهم في الصحارى لاغذاءَ لهم / ولا كساء سوى الفاظ مَنَّان
كأنهم في الضنى والسقم بحصدهم / مُحاصرين زرافاتٍ لجرذان
أين البساتين كانوا زَينَ نضرتَها / أين الضياع بكت في دمع غُدران
ضاعت وضاعوا بلا ذنبٍ لأمَّتهم / وأصبحوا عبراً تُروى لأزمان
فإن بخلنا ببعض البرّ يسعفهم / فأي معنىً وعيناهُ لأديان
وما التشُّدقُ بالأوطان نخذلها / وما الوفاء تجَّلى شرَّ كفران
شكرا لكم سادتي شكراً فقدوتكم / كالشمس تطلع إلهاما لحيران
إن تكرموني فقد أنصفتمو أمماً / عانت وضَّحت وما زالت بأرسان
فُكُّوا القيود وأحيوها بحكمتكم / وجنبوها عباداتٍ لأوثان
لا خير في الشعر تطريب وتطريةً / ومحضَ زهوٍ بألحانٍ وألوان
وما الخلود لفن لا تسُود به / روحُ الجمال دنايا العالم الفاني
ما اسكندرُ اليازجُّي اليوم أعرفه
ما اسكندرُ اليازجُّي اليوم أعرفه / الا ثمالة كاسٍ لست أحسوها
من غيب الشاعر الخنذيذ عن أملي / وأى فاتنةٍ قد خصَّه فوها
ما كدت أعرف ألطافاً تَمثَّلها / حتىّ تغيبَّ واستبقاه هاووها
وعلني أنا أولى من يحف به / بحبه وبآىٍ منه أتلوها
فلا رسائل تُحييني ينمقها / ولا مجالس تشدوني وأشدوها
كأنه حُلمُ الجنات فارقنِي / فبنتُ عنها كسيفَ البال مشدوها
هل رجعةٌ لرؤىً كنا نُغازلها / وكنتَ تنفحها عَرفا وتغذوها
وهل لكأسك أن تبدو لنا ألقاً / من الشموس فتغنينا ونرجوها
أنا الجنين وهذى الأرض من قدمٍ
أنا الجنين وهذى الأرض من قدمٍ / أميّ وكم لفظت عدَّ البلايينِ
وما استوى من بنيها عير شرذمةٍ / كانوا النبيين أو شبهَ النبيينِ
ويوم ميلاديَ المرقوبُ موعدهُ / يومٌ يتمّ به فنىّ وتدويني
لا يولد المرءُ إلاّ حيثما يَنعت / آثارهُ مثل نُوَّار البساتينِ
ودون ذلك لا عيشٌ له أبداً / وإن تسربل بالأخلاق والدين
عُمريَ بآثارىَ الزهراء إن نضجت / وكُّل ذِكَرٍ سواها ليس يُغنيني
ويومُ إحسانها يومٌ أُعُّد به / حياً ولدت لتخليدٍ وتمكين
ما الجسم شئ وما للفرد من قيمٍ / وإنما هي أحلامُ المجانينِ
وليس إلاّ تراث العقل م أزلٍ / حىٍ وما قد عَدَاه في القرابين
أخي حبيباً أيادٍ منك أحمدُها
أخي حبيباً أيادٍ منك أحمدُها / في ودِّكَ الجمّ أو في لطفك الغدِقِ
سألتَ عنيَ مشكوراً وما سألت / هذى الجموع التي من أجلها أرقَى
كم مجلسٍ لكَ أهواهث ويُسعدني / بما به من معاني النور والشَّفقِ
وأنشدُ الشعرَ نيراناً فتجعلها / مثلَ النميرِ اذا أصغيتَ في حَرقىِ
نضجت سناً وعقلاً مثلما نضجت / هذى الكواكبُ في وحىٍ وفي أَلقِ
ولم تزل في شبابٍ فوقَ أخيلتي / وَمعدنَ الأدبِ الوضَّاءِ والخلقِ
والناسُ صنفانِ مُسدٍ لا جزاء له / غيرُ العقوقِ ومُجدٍ مصَّ بالعلقِ
وآخرٌ تزَحمُ التفكيرَ خلقتهُ / تَزاحمَ الحسنِ والثيران في الطُّرقِ
كم ساعةٍ كنتُ إن أمضيتها طرباً / لديكَ عدتُ جديدَ الخلقِ في خلقىِ
ولن أفرّطَ في تجديد نَشوتَها / كما أضُّن بإيماني ومُعتنقيِ
إلى ابنتي من أفدِّيها ويُسعدني
إلى ابنتي من أفدِّيها ويُسعدني / لو استطعتُ بباقى العمر أُغنيها
غنىً تمثلَّ في حبِّى لنعمتها / وفي خَيالات أشعارٍ أغنيها
إلى صفيةِ أحلامي بمولدها / من تهنئاتي أمانٍ قد تُنميِّها
إلى التي هي كنزٌ لي أقدسُهُ / وليسَ تعد لهُ الدنيا بما فيها
إلى التي ما ازدَهَت يوماً بما ملكت / من المواهبِ تنويهاً وتأليها
غنَّت بها ولها الألبابُ في جَذلٍ / كما ترنَّم عُودٌ بالهوى تيها
إلى التي إن تجَّلت بدَّدت قلقاً / وأشبعت مُهجاً لطفاً وترفيها
في عيدها اليوم سُلواني وقد بَعدَت / إنَّ الأشعةَ مَعنىً من معانيها
الياسُ عسَّافُ لم تبرح روائعهُ
الياسُ عسَّافُ لم تبرح روائعهُ / نفحاً من الفنّ في نفحٍ من الدين
يسمو بإيمانه عن كلّ مبتذل / كالعطر تَصعدُ من نورِ البساتينِ
ولا يهاب أمامَ النور ما هتفت / به الملايينُ أو جهلَ الملايين
حكت مزاميرَ داوودس رسالتهُ / واستغرقت في المآسي والتلاحينِ
يا مُحرقاً قلبه قربانَ أمته / هَون عليكَ ورفقاً بالمجانينِ
لا بد للدهر من عُمرٍ يُطببِّهم / كي ينقهوا ويعافوا موقف الدونِ
في حينَ لم يزل الجاني يُرقِّصهم / على هَواهُ بأغلالِ المساجين
عزيَّتُ نفسي وما عزيتها اسفاً
عزيَّتُ نفسي وما عزيتها اسفاً / على تباريح وجداني وأمراضي
فقد رضيتُ قديماً ما شقيتُ به / ولم أزل ذلكَ المستعذبَ الراضي
وكم عزفتُ عن الإثراء ينشدني / وما بكيتُ على الآتى ولا والماضي
ما ثروتي غير نفسي إن سموتُ بها / فإن هويتُ ففقري بين أنقاضي
وليس مجدِي بفني بل بعاطفتي / تَنزَّهت عن حماقاتٍ بأغراضي
ان عشتُ عيشةَ انسانٍ غنيتُ بها / ولم يكن غير قلبي الفيصل القاضي
وما أُبالي مدى إعراضِ ذى سَفهٍ / عني ولكن أُبالي عنه أعراضي
وان تَدليَّتُ من لؤمٍ ومن جشع / فليس يرفعني بأسِى وإيماضيِ
وليس يُكرمني حَفلٌ يضيق به / مَدحُ الشُّداة وتقديسي وإنهاضي
العيد أنتمُ إذا ما النُّجحُ حالفكم
العيد أنتمُ إذا ما النُّجحُ حالفكم / والعيدُ أنتم بإخلاصٍ وإيمان
صُمتم فكانت حياةُ الصومِ تجربةً / بِراً بدينِ وأخلاقٍ وأوطانِ
واليومَ هنأكم عيدٌ وبارككم / كما يباركُ غرَساً طابَ بُستاني
العيدُ جذلانُ إذ أضحت أخَّوتكم / تُزهَى بكم بعد أتراحٍ وأشجانِ
والعيدُ نشوانُ من دينٍ يوحدكم / كشعلةِ الحبِّ تسقىِ كلَّ روحاني
صُمتم عن السوءِ والأحقادِ في زمنٍ / طاشت عقولٌ وُهدِّدنا بِعدوانِ
مُرتلينَ من الآياتِ أَحكمها / مجداً لفكرٍ وإنصافاً لإنسانِ
صُمتم مثالَ المساواةِ التي نُشدَت / وما تزال لأزمانٍ وأزمان
وجاءَ إفطارُكم معنىً لنصرِتكم / وجاءَ تعييدكم تتويجَ إحسان
بوركتِ يا أممَ الاسلامِ من أُممٍ / لا تعرف الشِّركَ في حقٍ ودّيانِ
ولا بمبدئها في الحكم صامدةً / كأنّما هو دينٌ عندها ثاني
هذا كتابُكِ عَدلُ لا مثيلَ له / وذاك عهُدكِ يأبى كل طُغيانِ
وذاك تاريخكِ الفوّاحُ من سِيرٍ / بالعلمِ والحلمِ سارت سيرَ رُكبان
مصادُرالوحي بعدَ الوحىِ باقيةٌ / رؤىً ولحناً وألواناً لِفنانش
ومنبعُ الأدبِ العالي لعارفه / ومَطلعُ العلم للرّاجي لِعرَفان
من ذا يبُّز تراثاً ليس جَوَهرهُ / مِلكاً لِعصرٍ ولا مُلكاً لِسلطانِ
صُونيهِ صُونيهِ عَمَّن هدّوا أُمماً / بِخَتلهم أو بعدوانٍ ونيرانِ
واستقبلى العيدَ في حُرِّيةٍ سبغت / شَتَّانَ ما بينَ أحرارٍ وُعبدَانِ
أبا جرير برغمي أن تَخَّط يدي
أبا جرير برغمي أن تَخَّط يدي / هذا العزاءَ ويبكى عاثراً قلمي
وما أجاملُ في شعري بتعزيتي / فإنَّ حُزَنك من حُزني ومن أَلَميِ
إنَّا جميعاً حيارى ركبُ قافلةٍ / تمشى من العدم الأقصى إلى العدمِ
كل له دورُهُ والكل تجربةٌ / تلهو الحياةُ بها في الصحو والحلمِ
لا شئَ يبقى سوى الذكرى اذا بقيت / وكم مضت اَممٌ لَهفى على أمم
قد سَخَّرتَنا الأماني وهي ساخرةٌ / وأطلقتنا ولم نُطلق من اللُّجمِ
خُذ دمعتي يا صديقي بعضَ تأسيةٍ / وامزج بها دمعك الوافي ولا تَلم
هذي الحياةُ وهذا الموتُ ما افترقا / كالتوأمينِ بحظ الناسِ كُلِّهم
كأنما هذه الأعشابُ إخوتُنا / وعمرها عمرنا في الطولِ واِلقدم
والعقلُ ما كان إلاَّ ضيف صُحبتنا / هذا الوجودَ ولم يُفصم عن الرَّقمِ
اسخر صديقي إذن مهما بكيتَ دماً / كما بكيتُ بسخري إذ بذلتُ دمى
إسخر وأنتَ زعيمُ السخر في أدبٍ / حي تَنزَّهَ عن موتٍ وعن هَرَم
اسخر إلى أن يدورَ الكونُ دورته / على الحياةِ فنمضي بَعدُ في الظلم
أجل هو الذهبُ الإبريز طلعته
أجل هو الذهبُ الإبريز طلعته / إن لم تكنه فشمسٌ في تجليها
إذا نظرتَ إليه زدتَ منه غِنىً / كالشمسِ تسكبِ تبراً فوقَ رائيها
دَرَى عميدُ بنى الشورى بموِضعها
دَرَى عميدُ بنى الشورى بموِضعها / فعاشَ ما عاشَ يبنيها ويُعليها
وما استبدَّ برأىٍ في حكوِمته / إنّ الحكومةَ تُغرِى مُستبدّيها
رأىُ الجماعِة لا تَشقى البلادُ به / رَغمَ الخلافِ ورأىُ الفردِ يُشقيها
لا الطعنةُ البكرُ يومَ الثأرِ تكفيني
لا الطعنةُ البكرُ يومَ الثأرِ تكفيني / ولا التغني بإنصافِ الملايينِ
حولي دموعٌ ونيرانٌ مؤججةٌ / وإن نأيتُ وآلافُ القرابين
قد ساورتني في صحوى وفي سنتي / وبلبلتني بصيحاتِ المجانين
الجائعينَ العرايا ليس يسترهم / غيرُ الجراح وعضَّاتِ الشياطين
الساخطَين وما يُصغى لهم أحد / غيرُ الخرابِ وغير المنزِل الدون
الحائرينَ بأصفادٍ وقد حَسدوا / في سجنِ أرواحهم كلَّ المساجين
الحاملينَ على أكتافهم حقباً / غدرَ العتاةِ وأنجاس السلاطين
الشاردينَ هباءً لا يُعادِ لهُ / ذل الجباهِ ولا بؤسُ المساكين
الضائعين كأنَّ الدهرَ أهملهم / من كل حسبانه دونَ البراهينِ
الغانمينَ نفاقَ الناسِ تزكيةً / ومنَّهم بالأذى شتَّى الرياحينِ
أبناءُ قومي الألى ما فتهم طمعاً / إلاّ بثأرٍ شريفٍ في دواويني
من كلِّ بيت شواظُ النار آيتهٌ / والنورُ حجتهُ طولَ الأحايينِ
إن فاتَ سمع الألى في لهوهم سدروا / وعرفوا الشعرَ محدودَ التلاحينِ
فسوف تطغى على الأوهامِ ثورُتهُ / على الضلالِ على غشِّ الموازينِ
وسوف تزأرُ الأحجارِ صيحتهُ / حتى تطيرَ ولا طيرَ الشواهين
وسوف يمحقُ جَّباراً ومقتدراً / شر الثعابين بل كلَّ الثعابينِ
ما الطعنةُ البكرُ يومَ الثأرِ مُغنيةٌ / إن لم تُعمم لإنقاذِ الملايينِ
مُقبِّل الراحةِ النكراءِ مزدهياً
مُقبِّل الراحةِ النكراءِ مزدهياً / من ذا تركت إذن في الناس يَقطعها
هل إرثُ سعدٍ خُنوعُ لا مثيلَ له / لمن أذلَّ بلاداً كنت ترفعها
حفَّ اللصوصُ به من كلِّ ناحيةٍ / والدَّاعرونَ فمن ذا اليوم يَنفعها
أنا أدخرناكَ للجَّلى فهل خُدعت / عقولنا أم بدأت اليوم تخدعُها
والهفتي في اغترابي اليومَ عن وطني / وكل بأسىِ دموعٌ لي أوزعها
تقاطرت كلظى البركانِ صارخةً / وأحرقت كلَّ غرسٍ وهو مَرتَعها
ولم تَجد من بقايا الأَمسِ صالحةً / كأنمَّا الأمس أسياف تُقطعِّها
عَلامَ مَدِحى وإِعزازِي وتضحيتي / ومصرُ تشقي وفيما قلتَ مَصرعُها
هل خابَ ظَنِّي فَيمن كنت أَعبدهُ / أم الضمائرُ كالثرواتِ تَصنعها
إنِّي أُطأطئُ راسي عانياً خَجلاً / أني ذكرت رزايا كنتَ تَمنعها
من ينقذُ الشعبَ والويلاتُ تَنكههُ / حينَ الزعاماُ تدعوها تمنعها
وحينما التاجُ في الأفواهِ سخريةٌ / وَمَن يَردَّ مآسينا ويردعَها
هيهات لم يبق إلاّ الشعبُ منتفضاً / متى المصائبُ هزَّ الشعبَ أَوجعها
حاصرتموني وحلتم دون إحساني
حاصرتموني وحلتم دون إحساني / كما أود وجُزتُم كل حسباني
فلم تزيدوا بإيلامي سوى حُججٍ / زكت رحيلي عن ظلمٍ وخُذلانِ
عبتم بياني وصوتي مثلَ من وصموا / آيَ الكتاب بِعىٍّ عند تبياع
إن ضاع عمرَ في طُغيانَ من نشدوا / ذلِّي فلي من كفاحي الحرِّ عمرانِ
هيهاتَ هيهاتَ تدويخيِ وإن وهموا / وإن أكن نَهبَ عدوانٍ وعدوانٍ
إِيهاً أبالسةَ الطاغوتِ أَرسلهم / رمزاً له لا لشعبٍ ساخطٍ عانِ
عَلامَ أشكو ولو للجوع منقلبي / ولو لسهدٍ وتعذيبٍ وأشجانِ
ما دام أهلي بوادي النيل جاوبهم / دمعي ويجري بماءِ النيلِ دمعانِ
بئسَ السفارةُ تضليلاً وسُخريةً / كأنما هي تمثيلٌ لعميانِ
من ذا تُخادعُ في دنيا مثقَّفةٍ / لا شئَ يُعقلُ فيها دون برهانِ
من ذا تخادعُ والأحداثُ ناطقةٌ / بكل خزىٍ وإن تُحجب بجدرانِ
من ذا تُخادعُ والدنيا بأجمعها / تضُّج لاعنةً طاغوتها الجاني
من ذا تخادعُ والأحرارُ يجمعهم / سُخطى ومثلَّهم بؤسى وحرماني
وهل تحاربُ مثلي وهي حاسبةٌ / أنَّ القداسةَ قد عادت لأوثانِ
وأنَّ كلَّ الورَى أنعامُ حاكِمهم / وإن يكن دون أنعامٍ وعبدان
وأنَّ ما سطر التاريخ في لهبٍ / ما كان وعظاً ولكن ضَحكَ نيرانِ
أَصارَ مثليَ عاراً أم غدا خطرا
أَصارَ مثليَ عاراً أم غدا خطرا / يا ويحَ من عاثَ في مصر ومن أمرا
أصارَ كل سفيهٍ سارقٍ دنسٍ / رباً وأصبح ارقى أهلنا مَدرا
أيُحسبُ العاهرُ القَّوادُ ذا شرفٍ / ويغتدى العاملُ المقدام مُحتقرا
والشعبُ كيف أَضلتهُ مهازلهم / فصار يمدحُ من أشقوهُ مفتخرا
قد ضاعَ جهدىَ فيهم واغتدى أملي / يأساً ولو أنني ما زلتُ مغتفرا
أحنو عليهم وأسعى دائباً يَقظاً / لخيرهم وأعاني غُربتي صُورا
وأحرمُ الرزقَ من كيدٍ برى جسدي / وهمتي وأنا أستعذبُ الخطرا
ماذا يقول الورى عنا متى نُشرت / صُحفُ التواريخِ تروى ذُلنَّا خبرا
وأى عذرٍ لشعبٍ لم يثر أنفاً / من راكبيه وهل في الذلِّ من غدرَ
يا واضعي اسمى بين المجرمينَ كفى / هذا لمثلي تشريفاً إذا بطرا
لي أن أباهي أقراني إذا افتخروا / بالمالِ والجاهِ أو أن أشكر القدرا
إن كان عُمرىَ إحساناً وتزكيةً / عنكم يؤهلني للضيمِ مُستعرا
فالحمقُ والُّزورُ والإفسادُ محمدةٌ / وأنبلُ الناسِ من اشقىَ ومن غدرا
أَجل ضربتُ لكم في غربتي المثلا
أَجل ضربتُ لكم في غربتي المثلا / لو تفقهونَ وفي تعذيبيَ الأملا
لعلكم حين طولُ العسفِ يُوجعكم / تستلهمونَ مقالاً صُغتُ أو عَملا
وترجعونَ إل شعرٍ وعى خلقي / وتتبعون سلوكاً لم يكن خبلاَ
وتُقلعونَ عن التسبيحِ في مَلقٍ / للمجرمين وللطاغوتِ كيفَ عَلاَ
وتقطعونَ اليدَ النكراءَ في جَذلٍ / لا أن تخصُّوا بها التقديسَ والقبلا
لم يرفع العدلَ والاحرارَ غيرهمو / وما تحَّرر شعبٌ هانَ أو جهلا
إن غبتُ عنكم فلم تبرح لكم هممي / كأنني جحفلٌ ما زالَ مُقتتلاَ
لا يفقدُ الحُّر مهما غابَ نخوته / وَحُبَّهُ أهله في كلِّ ما فَعلاَ
وكل أرضٍ حَبتنيِ حُر ساحتها / أرضي وكل نعيمٍ خانقٍ قَتلاَ
هيهاتَ هيهاتَ أن ارضى مذلتَّكم / وإن شقيتُ بها حلاًّ ومُرتحلاَ
ما مضَّكم مضنى في كلَّ أونةٍ / فكيفَ ارضى بحبي غيركم بدلا
وإن يكن لي في قلبي بنظرتهش / حُرُّ المواطنِ أني حلَّ أو رَحلاَ
وإن يكن في حليفي الصبر لي سَندٌ / كالأنبياء يهُّز الحصن والجبلا
من لي بيومٍ أرى للشعبِ سُلطتهُ / حقاً عزيزاً وألقى حُكمهُ مثلاَ
من لي بيومِ أرى الفجَّارَ سادته / دونَ العبيدِ وألقى فردهُ رجلا
لقد سئمت من الأحزاتِ أجمعها / فإنَّ أفضلها قد خاب أو هزلا
ولوَّثتها من الأدرانِ أقذرها / وضاعَ في الوحلِ من خلنا به البطلاَ
وخيبَّت حولها الآمالَ صاغرةً / كأنما هي كابوسٌ لمن أملاَ
لم تَبقَ إلاَّ دماءُ الثارين هُدىً / للمصلحينَ وإيحاءً لمن عَقلاَ
تباركَ اللهُ هل كافورُ فَنَّانٌ
تباركَ اللهُ هل كافورُ فَنَّانٌ / وذلك العهر والإجرامُ إحسانُ
عَمَّ الهتافُ له فالجيشُ سادُنه / والسابحون خليجَ المنشِ أسدانُ
وقد غدا النثرُ عبداً في تملقهِ / والشعرُ هانَ له أضعاف من هانوا
لقد خُدعنا وإلاَّ فهو ذا مرضٌ / والفجرُ كالسُّقمِ ألوانٌ وألوان
من ذا أحدِّثُ تَنبيهاً وموعظةً / والقائدونَ لنا صُم وعميانُ
الاو فهم بين عبدٍ طالبٍ صلةً / وآخرٍ مالهُ رجسٌ وطُغيان
وبين عاشق ألقاب وبهرجةٍ / وكل حرصٍ له سجنٌ وسجَّان
ماذا دهى الشعبَ في أقلامِ قادِتهِ / كأنما هي للغربان عيدانُ
وأين أينَ الألى صُغنا لهم سُوراً / من المديح كأنَّ المدحَ كفرانُ
صاروا أبالسةً أو أنَّهم خُلقوا / من معدنين أخسَّاءٌ وشجعان
ووزعوا تهمَ التلفيقِ صارخةً / بالزورِ فاستعبدَ الأحرار عبدان
من ذا أحدثُ والأيامُ شاهدةٌ / مهازلاً مالها وصفٌ وتبيانُ
من ذا أحدِّثُ والأحرار قد خرسوا / وليس بين جميعِ الناس إنسانُ
من ذا أحدِّثُ والُّظلامُ قد فرضوا / دينَ الطغاةِ كأنَّ الظلمَ إيمانُ
من ذا أحدثُ والحكامُ أجمعهم / قد استقلَّ بهم زورٌ وبهتانث
من ذا أحدِّثُ والمرجو متهمٌ / ومن أنادى وخيرُ الناس قد خانوا
أستغفرُ الله لا نورٌ ولا أملٌ / ولا حياةٌ كأنَّ الناسَ ما كانوا
إلاّ فريقٌ ضئيلٌ لا يحسُّ بهِ / وهل تُحسُّ هباءَ الأرضِ أوثانُ
قد جمعتنا همومُ اليأسِ من وطنٍ / لولم يسخر لغارت منه أوطان
وجمعتنا شجونٌ ليس يدركها / إلا ألاباةُ وزفراتٌ ونيران
وجمعتنا معانٍ لا نبوحُ بها / كما يُخبئُ سُخطَ الربِّ بركانُ
وجمعتنا الحرمان ألوانُ / وجمعتنا من التشريد أزمانُ
وكُّلنا أينما قد عاشَ مُغتربٌ / وكلنا أينما يَبتل ظمآن
وكُّلنا يستقل التضحيات له / وكم يُعاني ولكن وهو نشوان
ألا تعودُ سؤال رنَّ في أُذني
ألا تعودُ سؤال رنَّ في أُذني / ولا يزالُ فهل لم يعرفوا شجني
غادرتُ مصرَ لما عانيتُ من عنتٍ / كأنَّ جرمي أنيِّ سابقٌ زمني
غادرتُها بعد ما عوقبت دون وني / على وفائي وإسدائي إلى وطني
غادرتها وأنا المبقى محبتها / ديني ولا دينَ مصلوبٍ على وثن
وما تزالُ بها الأحداُ عابثةً / عبثَ العواصفِ بالعصفورِ والفنن
لمن أعودُ ولم تنشد معاونتي / بل حاربتني بألوانٍ من الإحَن
لكلِّ أحمقَ أو لصٍّ وذى ضغنٍ / وحاسدٍ نبغوا في الدسِّ والضغنِ
وكيف أهجرُ أرضاً كرَّمت أدبي / وبجلتنيِ وأعلتني بلا ثمنِ
سوى تحررِ تفكيري وأكثرهُ / نفعٌ لمصرَ على الحالين لم يَهنِ
لمن أعودُ وفي منفاىَ لي وطنٌ / وذاكَ مسقطُ رأسي اليوم باعدني
لمن أعودُ ولا أهلٌ ولا سكنٌ / وخير صحبي في دمعي وفي حزني
لمن أعود وجهدي صائعٌ سفهاً / في مصر والحاكم المأفون خاصمني
ليس اغترابي اغتراباً إن يصن فكري / ولم يئد صدقَ تعبيري وشجَّعني
وإن أذُق من حنيني لوعةً فأسىً / على مراتعِ أحلامي مع الزمن
يا مَن يوكلُ للأجانب ملكهُ
يا مَن يوكلُ للأجانب ملكهُ / أترىَ نسيتَ نهايةَ المتوكلِ
ستضيع أنتَ وليس غيرك ضائعاً / فجميعهم في الخبثِ جد مؤصل
والشعبُ سوف يجئُ يوم حسابه / ويثورُ ضد نهاية المستغفل
إنّي نصحتكَ غير راجٍ أن أرى / أملاً يُحققُ لي وحلماً يعتلى
لكنه داعي الوفاءِ لموطني / ما دمتَ رمز عُلاه وهو مؤملي
فإذا كفرتَ بنا فعدلٌ أننا / نمضي بغيرِ التاج للمستقبل
إنا نراه بأى حالٍ داعياً / لهوضنا بجهودنا لا بالولى
ونكادُ نسمعه فقد قربَ المدى / مستهزئاً بالسالفِ المستمهلِ
ويقول قد خودعتمو إذ عصركم / عصرُ الشعوب بهمةٍ وبمعول
لا عصرَ من ملكوا الشعوبَ توارثاً / وكأنَّها بقرُ لسوطِ مُجندلِ
أو أنها غَنمٌ تُجزُّ وصوفها / ملكُ الذئابِ وملكُ كل مُضللِ
حتى يحينَ لها الأوانُ فتغتدى / فوقَ الموائدِ أكلة المستأهلِ
الان فرصتكَ الوحيدةُ قبلما / تُصغى إلى الدَّاعى الملحِّ المقبلِ
ولو انني حاسبتُ نفسي بعد ما / رُوِّعت في يأسي الطويلِ المبتليِ
فرأيت سقمكَ لا علاجَ لمثله / إلاَّ زواُلكَ في الظَّلامِ المسبلِ
وزوالُ عرِشكَ بعدما دَنسَّتهُ / وَمَحوتَ سُؤدَدهُ بعهدٍ أولِ
يا شعبُ لا تعبد الأصنامَ إذ نطقت
يا شعبُ لا تعبد الأصنامَ إذ نطقت / لك البراهينُ عن آثامِ أهليها
كن أنت نفسك لا عبداً ولا أمةً / للخادعينَ وإن هُم أسرفوا تيها
لكم مدحنا تراثاً صار إرثهمو / فضيعوا كلَّ ما زدناهُ تاليها
وكم حسبنا همو نبراسَ أمتَّهم / فأرهقوها وزادوا من دياجيها
مامدحنا غشَّهم مما يؤرَقنا / كم في الحياة خداع لا يزكيها
وإنما حُزننا من غَبنِ أمتنا / ومن فسادٍ تناهَى في مناحيها
ومن تدهورهَا المشجى وما انتبهت / إلى الفيجعة بل صارت تُحييِّها
يا ليتنى كنت جباراً فأرفعها / فوقَ الطغاةِ وأفُنيهم وأحييها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025