المجموع : 18
أحاط جودُك بالدُّنيا فليس له
أحاط جودُك بالدُّنيا فليس له / إلا المُحيطُ مثالٌ حين يُعتَبرُ
وما حسبتُ بأن الكلَّ يحمُله / بعضٌ ولا كاملاً يَحويه مُختصَر
لم تَثْنِ عنك يداً أرجاءُ ضفَّته / إلا ومَّدت يداً أرجاؤُه الأَخر
كأنّما البحرُ عينٌ أنت ناظرُها / وكل شَطٍّ بأشخاص الوَرى شُفُر
تأتي البلادَ فتَنْدَى منك أوجهُها / حتى يقول ثَراها هل هَمَي المطر
ما القَفْر إلا مكانٌ لا تَحُلُّ به / وحيثُما سرْتَ سار البدوُ والحَضَر
الأرضُ داركُ فاسْلُك حيثُ شئتَ بها / هو المُقام وإن قالوا هو السّفَر
قل الوفاء فما تلقاه في أحد
قل الوفاء فما تلقاه في أحد / ولا يمر لمخلوق على بال
وصار عندهم عنقاء مغربة / أو مثل ما حدثوا عن ألف مثقال
سموه سيفاً وفي عينيه سيفان
سموه سيفاً وفي عينيه سيفان / هذا لقتلي مسلول وهذان
اما كفت قتلة بالسيف واحدة / حتى أتيح من الأجفان ثنتان
أسرته وثناني غنج مقلته / أسيره فكلانا آسر عاني
يا سيف أمسك بمعروف أسير هوى / لا يبتغي منك تسريحاً بإحسان
تم له الحسن بالعذار
تم له الحسن بالعذار / واقترن الليل بالنهار
أخضر في أبيض تبدى / ذلك آسي وذا بهاري
فقد حوى مجلسي تماماً / إن كان من ريقه عقاري
قامت لتحجب ضوء الشمس قامتها
قامت لتحجب ضوء الشمس قامتها / عن ناظري حجبت عن ناظر الغير
علماً لعمرك منها أنها قمر / هل تكسف الشمس إلا صورة القمر
إني لأسمع شدواً لا أحققه
إني لأسمع شدواً لا أحققه / وربما كذبت في سمعها الأذن
متى رأى أحد قبلي مطوقة / إذا تغنت بلحن جاوب الفنن
وشادن قد كساه الرّوض حلّته
وشادن قد كساه الرّوض حلّته / يستوقف العين بين الغصن والكثب
مموّه الحسن لم يعدم مقبّله / في خدّه رونقاً من ذلك الشّنب
تدعو الى حبّه لمياء كلّلَها / زبرجد النّبت يجلو لؤلؤ الحبب
يا نوم عاود جفوناً طالما سهرت
يا نوم عاود جفوناً طالما سهرت / فإنّ باعث وجدي رقّ لي ورثى
عانقته وهلال الأفق مطّلع / فبات من كمدي حيران مكترثا
أنار لحظي طريقاً فوق عارضه / وكان هاروت في أثنائه نفثا
وكان للحسن سرّ فيه مكتتم / وشى به ناظري من طول ما بحثا
لام يدلّ على بلبال مبصره / ما زال يبعث وجدي كل ما انبعثا
من آل مُذْحِجَ لي شخص كَلِفْتُ به / لم ينقص العهد من ودّي ولا نكثا
غاض الوفاء فما تلقاه في رجلٍ
غاض الوفاء فما تلقاه في رجلٍ / ولا يمرّ لمخلوقٍ على بال
قد صار عندهم عنقاء مغربةً / أو مثلما حدّثوا عن ألف مثقال
وافت به غفلة الرَّقيب
وافت به غفلة الرَّقيب / والنجم قد مال للغروبِ
نشوان قد هزَّت الحميَّا / منه قضيباً على كثيبِ
يعثر في ذيله فيحكي / عثرة عينيه في القلوبِ
والله لو نالت الثُّريا / ما نال من بهجةٍ وطيبِ
دنا إليها الهلال حتى / قبَّل في كفها الخضيبِ
بيني وبين الليالي همّة جَللُ
بيني وبين الليالي همّة جَللُ / لو نالها البدرُ لاستخذى له زُحَلُ
سرابُ كلِّ يَبابٍ عندها شَنَب / وَهَولُ كلِّ ظلامٍ عندها كحل
من أين أبخَس لا في ساعدي قصر / عن المساعي ولا في مقولي خَطَلُ
ذنبي إلى الدهر إن أبدى تعنُّتَهُ / ذنبُ الحسام إذا ما أحجمَ البطل
يا طالبَ الوفرِ إني قمت أطلبها / علياءَ تَغنى بها الأسماعُ والمقل
لا كان للعيش فضل لا يجود به / يكفي المهنّدَ من أسلابه الخلل
لكن بخلتُ بأنفاسٍ مهذَّبَةٍ / تروي العقول وهنُّ الجمرُ والشُّعَل
إذا مدحتُ ففي لخمٍ وسيّدها / عن الأنامِ وعمّا زخرفوا شُغَل
وإن وصفتُ فكاليوم الذي عرفت / بكَ الفرنجةُ فيه كُنهَ ما جهلوا
وقد دلفتَ إليهم تحتَ خافقةٍ / قلبُ الضلالةِ منها خائف وجل
فراعهم منكَ وَضَّاحُ الجبينِ وعن / نشر الحسام يكونُ الرعب والوهل
وحين أسمعتَ ما أسمعتَ من كلمٍ / تمثَّلت لهمُ الأعرابُ والرِّعَلُ
وكلما نفحت ريحُ الهدى خَمَدَت / ذَماؤهم وسيوفَ الهند تشتعلُ
جيش فوارسه بيض كأنصله / وخيله كالقنا عسَّالةٌ ذُبُل
يمشي على الأرض منهم كلُّ ذي مرحٍ / كأنما التيهُ في أعطافه كسل
أشباهُ ما اعتقلوه من ذوابلهم / فالحربُ جاهلةٌ مَن منهمُ الأسَلُ
لولا اعتراضُكَ سدّاً بين أعينهم / لكان يَغرقُ فيها السهل والجبل
أنسيتها النظرَ الشّزرَ الذي عهدت / فكلُّ عينٍ بها من دَهشَة قَبَلُ
ترسَّلوا آلَ عبادٍ فربَّتما / لم يُدرِكِ الوصفُ ما تأتون والمثل
إذا أسرتم فما في أسركم قَنَطٌ / وإن عفوتم فما في عفوكم خَلَلُ
يقبّلُ الغلَّ مرتاحاً أسيركمُ / فهو البشيرُ له أن تُسحَبَ الحلل
أطَلتُ في الدهر تصعيدي وتصويبي
أطَلتُ في الدهر تصعيدي وتصويبي / ودهرُ ذي اللّب مضمارُ التجاريبِ
وربَّ أخرقَ لا يُهدَى إلى فمِهِ / أصابَ غرَّةَ مأمولٍ ومرغوب
وآفتي أدبٌ بادٍ فضيلتُهُ / من حيثُ يشفعُ لي قد صار يغري بي
كفى من اللحظ أني لا أنافسُ في / حظٍ وَمَخبُرتي تكفي وتجريبي
وقد أرى صوراً في الناسِ ماثلةً / أشيمها بين تحقيق وتكذيب
لما ملأتُ يدي منهم لأخبرهم / نفضتُ كفّي بأشباهِ اليعاسيب
بيضٌ وجوههمُ سودق ضمائرهم / فما حَصَلتُ على عُربٍ ولا نوب
الصدقُ أولى بمن يُبدي ضغينَتَهُ / لا تجعلِ الصدقَ في نعت الأصاحيب
في حسن رأي عبيد الله لي عِوَضٌ
في حسن رأي عبيد الله لي عِوَضٌ / وفضلُهُ بَدَلٌ من كلِّ مطلوب
وإن صحبتُ فتأميلي لغرَّتِهِ / وَذِكرُهُ خَيرُ مألوفٍ ومصحوب
بذلك الوجه تُجلى كلُّ غاشية / عن ناظرٍ بوجوه اللوم محصوب
عاد المصلَّى بوضّاحٍ أسِرَّتُهُ / تنبيك عن خَلَدٍ بالفهم مشبوب
فاستقبلت قبلةُ الإسلام بدرَ عُلاً / يُمسي له البدر نجماً غير محسوب
وغرةً تطلبُ الآمال قبلتها / بين المحارب طرّاً والمحاريب
أدنى المؤيد إذ شطَّت منازله / فضلاً بفضلٍ وتهذيباً بتهذيب
كالطَّرفِ والقلبِ فيما بين ذاك وذا / مسرى الضمير وتبعيدٌ كتقريب
فبتُّ من وصفه في غايةٍ قَذَفٍ / والطبعُ ينجدني والفكرُ يسري بي
كأنني واجدٌ من عَرفِ سؤدده / ريحَ القميص سَرت في نفس يعقوب
لولا تبسُّمُ ذاك الظَّلمِ والبَرَدِ
لولا تبسُّمُ ذاك الظَّلمِ والبَرَدِ / قبلتُ نُصحَكَ إلاَّ في هوى الغَيدِ
بل لا أطيعك في غُصن أهيم به / كأنه نابت في طيِّ معتقدي
وأين بي وبصبري عن جفون رشا / غوامض السحرِ لا ينفثن في العقد
يعدي على اللوم قلبي وهي تؤلمه / كما تضرُّ كَميّاً شِكَّةُ الزَّرد
قل للرشيد وقد هبَّت نوافحها / أسرفت يا ديمةَ المعروف فاقتصد
أشكو إليكَ الندى من حيث أحمده / لو فاضَ فيضاً عليَّ البحرُ لم يزد
يا قاتلَ الشكرِ بالإحسانِ يعمره / مهلاً أما لقتيلِ الجودِ من قَوَدِ
عجبتُ من كَرَمٍ في راحتيك بدا / إشراقُهُ كيف لم يُعزَ إلى الفند
جادت سحابُكَ إذ جادت على أملي / فقال أشياعها جادت على بلد
أثريتُ عندَكَ من جاهٍ ومن نشب / حتى وجدتُ الغنى في همتي ويدي
يا واحداً تقتضي آلاؤه جملاً / بَرَّحتَ بي وبنظم الشكلِ فاتئد
للناس بعدكَ في العَليا منازلُهُم / والواحدُ الفردُ يحوي مبدا العدد
يُدعَى الرشيدَ ولم تعدم به صفة / يا مَن هو الفصلُ بين الغيِّ والرشد
لك الرشادةُ أخلاقاً وتسميةً / مثل البسالة إذ تُعزَى إلى الأسد
أيُّ الفضائلِ تَستَوفيه مكتهلاً / وذا شبابُك قد أربى على الأمد
بادهتني بأيادٍ لا يقومُ بها / ما في لسانيَ من قصدٍ ومن لدد
عاد الزمانُ بما أوليتني غُصُناً / غضاً فقمتُ مقام الطائرِ الغرد
ما عذر طبعيَ أن ينبو وما تركت / به أياديك من أمتٍ ومن أودِ
قالوا صحا وأدال الغيَّ بالرَّشَدِ
قالوا صحا وأدال الغيَّ بالرَّشَدِ / من لي بذاك الصِّبا في ذلك الفَنَدِ
لئن صحوتُ فعن كَرهٍ وقد علموا / بأيّ علقٍ من الدنيا فتحتُ يدي
لم يقصد الدهرُ إصلاحي ولي مثلٌ / في الغصن تذهبُ عنه صورة الغيد
طوى الزمانُ لييلاتٍ نعمتُ بها / رنا بعينِ الرضى منها ولم يكد
وقاتل الله أدوار السنين فكم / مزجن بالسمّ ما احلولى من الشهدِ
لم يرسمِ الشيبُ في فوديَّ خطَّته / إِلاَّ ترحَّلَت اللذاتُ من خلدي
ضيفُ الوقارِ أفدنا منه تكرمةً / بما تثقف من أمتٍ ومن أود
وأسمرُ الخطّ لا تبدو فَضيلتُه / بغير أزرق كالنبراس متَّقد
للدهرِ عندي بناتٌ من تجاربه / أولى واجدرُ بي من بيضها الخرد
الحرُّ يرزأ إلاَّ فضل شيمته / وإن تقلَّب بين البؤسِ والنكد
وما الغنى في يدٍ مملوءةٍ عَرضاً / لكنه في وفور العزم والجلد
أو في رجاءِ ابنِ عبادٍ وقد رغبت / أيدي الملوك عن الإفضال والصَّفَد
استوثق الناس مما في أكفهمُ / وربما نفثوا بخلاً على العُقَد
ولا يرى العَقد إلا في أذمّتِهِ / وما حوته يداه غيرُ منعقد
بقيةُ الفضلِ في دنيا قد ارتضعت / ورحمة الله في سلطانه النكد
مستجمعُ الفكرِ لا ينحو معاندُهُ / على بوائدَ من آرائه بدَدِ
إذا استخفت حلومُ القومِ وقَّرها / يقظانُ يَسعى إليهم سَعيَ متّئد
يكفي المؤيدَ في الأعداء أنَّ له / عيناً من الله لا تَغفى من الرصد
تلقى به صِلَّ أصلالٍ وآيتُهُ / أن تستبين عليه قشرةُ الزرد
وما تمرُّ بأدهى من ليوثِ وغىً / بتبعن منه أباناً وافر اللبد
يجرُّ من شجر الخطّي غابته / وذاك ما لم تَسَعهُ عزمةُ الأسد
جاريتمُ الدهرَ في مضمار حَلبتها / جرياً سواءً إلى أقصى من الأمد
لكن تحيتها قدماً وقد شهدت / يا دار ميَّةَ بالعلياء فالسند
لخمُ ابن يعربَ أولى أن يضاف إلى / سناء معتضد فيكم ومعتمد
أنت الجميع وأنت الفرد قد علموا / سريرة لم تكن في واحد العدد
يا أشبه الناسِ آداباً بما لك من / جمال وجهٍ تحدثني وفضل يد
من أين لي قَدَمٌ في الفضلِ سابقةٌ / لو أنَّ طبعيَ في واديك لم يرد
هذا الأتيُّ لذاك المزنِ منتسبٌ / عاري الأديمِ من الأقذاء والزبد
ارسلتها في سماء المجد طائرةً / عن غير جهدٍ وفيها متعةُ الأبد
تُصحي النهي أبداً من حيث تسكرها / وتسمع اللحظَ صوت البلبل الغرد
لو أن لقمان يُعطَى عمرها بكَ لم / يُخنِ عليها الذي أخنى على لبد
طبعتها ولك التبرُ الذي طُبِعَت / منه فأسلَمتها في كفٍّ منتقد
ألستمُ معشرَ الأملاكِ طائفةً
ألستمُ معشرَ الأملاكِ طائفةً / تقضي بتخليدها هذي الأناشيدُ
فإن نقصتم أناساً من نوالكمُ / فحقَّ منكم لأهلِ الشعر تزييد
لَكُم خُلِقنا ولم نُخلَق لأنفسنا / فإنّما نحن تحميدٌ وتمجيد
يا صاحب المجدِ إن المجدَ سائمةٌ / تضلُّ إن لم يكن بالشعر تقييد
خُذني بما شئتَ من غرّاءَ شاردةٍ / يصغي الأصمُّ إليها وهو مفؤود
واعذر بتصيره مَن لا يزالُ له / في ساقةِ الرزقِ إرقالٌ وتوخيد
لا يُدركُ القوتَ مما أنت واهبُهُ / حتى يطولَ من العمَّالِ تنكيد
وليس للشِّعرِ إلاَّ خاطرٌ يقظٌ / يهزُّهُ منكَ ترفيهٌ وتأييد
وما المدائح إلا بالملوك وهل / يبدي سنا العقدِ إلاَّ النحر والجيد
عزمٌ تجرَّدَ فيه النصرُ والظّفرُ
عزمٌ تجرَّدَ فيه النصرُ والظّفرُ / وفكرةٌ خمدت من تحتها الفكرُ
ركبتَ في الله حتى البحرَ حين طما / آذيُّهُ وبسوطِ الريح ينحصر
طِرفٌ يَزِلُّ عليه سرجُ فارسه / وليس مما تضمُّ الحُزمُ والعُذَرُ
كأنَّ راكبه في متنٍ ذي لبدٍ / غضبانَ تقدحُ من أنفاسِهِ الشرر
حملتَ نفسك فيه فوقَ داهيةٍ / دهياءَ لا ملجأٌ منها ولا وزر
عُذِرَت لو أنه ميدانُ معركةً / يسمو له رَهَجٌ في الجوِّ منتشر
في حيثُ للكرِّ والإقدامِ مضطربٌ / وحيث تملكُ ما تأتي وما تذر
عساك خلتَ حبابَ الماءِ من زَرَد / تعوَّدَ الخوضَ فيه طِرفُك الأثِرق
أو قلتَ في الموج خرصان معرضة / تحارب الجيش أو مصقولةٌ بُتُر
هي البسالةُ إلاَّ أنها سَرَفٌ / تنفي الحذارَ وممّا يُؤثَرُ الحذر
لا تحملِ الدينَ والدنيا على خَطَرٍ / وليس يُحمَدُ في أمثالك الغرر
إن كان ثَوبُكَ مختصاً بلابسهِ / فقد تعلَّقَ من أذيالِهِ البشر
هلاَّ رحمتَ نفوساً حام حائمها / عليكَ واستولتِ الأشواقُ والذكر
وعاد أجبَنَها من كان أشجعَها / شحّاً عليكَ وأحيا ليله السهر
إنا لفي حمصَ نستقري محاضرها / وللقلوبِ بذاك اللجّ مُحتَضَر
لا نحسنُ الظنَّ إشفاقاً وقد ضمنت / لنا مساعيك أن يعنو لك القدر
كأنَّما النهرُ لما سرتَ سار على / ذاك المجاز فأجرى فُلكَكَ النهرَ
كأنما قمتَ بالجدوى تساجِلُهُ / فناله دهَشٌ أو نابه حصَر
أحاط جودُك بالدنيا فليس له / إلا المحيط مثالٌ حين يُعتبَر
وما حسبت بأن الكُلَّ يحملُهُ / بعضٌ ولا كاملاً يحويه مختصر
لم تثنِ عنكَ يداً أرجاءُ ضفتهِ / إلا ومدت يداً أرجاؤهُ الأخر
تواصِلُ اللحظَ حسرى من هنا وهنا / وليس غير الدعاءِ الجصُّ والحجر
فصرتَ فوق دفاعِ اللَه تهصرهُ / براحةِ البر والتقوى فينهصر
كأنما كان عيناً أنت ناظرها / وكلُّ شطٍ بأشخاصِ الورى شفُر
ما الشعر مرتجلاً أو غير مرتجل
ما الشعر مرتجلاً أو غير مرتجل / ببالغ كنه ذاك السؤدد الجلل
بأي لفظ أحلِّي منك ذا شيم / لولا حلاها لكان الدهر ذا عَطَلِ
لا حُلّةُ الشمسِ مما قد أحاوِلُهُ / ولا نظام النجوم الزهر من عملي
وسائلينِ أجَدّا في مباحثتي / خذا حديثي عن الأملاكِ والدول
جيشُ المؤيّد يقضي من خلائقه / أنَّ الملوكَ له ضَربٌ من الخول
فالفرقُ بينهما في كلِّ مَعلُوَةٍ / كالفرقِ يوجَدُ بين النقص والكمل
سَلِ المكارم عنه كيف تَعلَمُهُ / أو لا فَسَل شَفراتِ البيض والأسل
أحدّ من ذهنه في كلّ معضلة / إذا تعثر في العسالة الذبل
واري البصيرة لا تزري الأناةُ به / ولا تعودُ عليه آفةُ العجل
لذلك الحلم في الأعداء قد علموا / فتكٌ يَسُدُّ طريقَ الأمن بالوجل
صاحي النهى عربدت فيهم مكايده / فطار عنهم خُمارُ السُّكرِ والثمل
يجيزنا كلما حكنا مدائحه / والصبحُ عُريانُ مستغنٍ عن الحلل
لله آذارُ من شهرٍ سموتَ به / حتى لقيتَ عليه الشمسَ في الحمل
ما بين نورِ جبينٍ منك مؤتلقٍ / وبين فضلِ طباع منه معتدل
ونائلٍ أسديّ النوءِ طوع يدي / يسطو على القِرنِ أو يسطو على البخل
فديتُ موسومةً باليُمنِ مدَّ بها / فكان تقبيلها أسنى النهى قِبَلى
لثمتها فرشفتُ العزَّ ممتزجاً / فيه الغنى وأخذ الريِّ في النهل