المجموع : 8
راحت لسرحة نعمان وواديها
راحت لسرحة نعمان وواديها / غر السحائب تغدوها غواديها
من كل وطفاء يوري البرق مزنتها / كأنما ثغر سعدى ضاحك فيها
أضحت محلتها بالشام نائية / يا بعدها منك والأشواق تدنيها
بيضاء عاندت فيها من يعاندها / عمدا وصافيت فيها من يصافيها
صدت فلا هي يوم البين ذاكرة / عهدي ولا أنا يوم البين ناسيها
تمشي فيثقلها رِيّ إذا خطَرَت / كأنها بانة طُلَّت حواشيها
كأن ريحانة في ثِني بردتها / بات النسيم قبيل الصبح يثنيها
زارت على غِرة الواشي مراقبة / تهدي الغرام لقلبي في تهاديها
تسري اختلاسا وليلُ الشَّعر يسترها / عن العيون وصبح الثغر يبديها
لا يعرف الشوق إلا من يكابده / ولا الصبابة إلا من يعانيها
ولا السماحة إلا المستهام بها / خليفة الله مسديها ومسنيها
رست على كبد الدنيا خلافتُه / فما تزول ولا زالت رواسيها
ما اختال مِذ نالها وهو المعدُّ لها / تيهاً ونالَته فاختالت به تيها
سعى إلى الغاية القصوى فأدركها / لما تباعد عنها سعي ساعيها
مردد الجود ما اعتلت له منن / فينا ولا احتجبت عن عين راجيها
خِرق تدل عليه من سجيَّته / خلائقٌ مثل صفوِ الراح صافيها
سهل الخليقة ميمون له شيم / ترى المعالي مثولا في معانيها
بذَّ الجيادَ إلى المعروفِ مبتدرا / سبقا وأقبل يحثو في نواصيها
له أحاديث جود لا ارتياب بها / إحسانه الغمر في الآفاق يرويها
وهمّة كثهاب الرجم يركبها / إلى العدو فيبنضيها ويمضيها
تموت آمال عافينا فينشرها / وينشر الدهر أحداثا فيطويها
من دوحةٍ بسقَت أغصانها وحلَت / عند القطافِ مَجانيها لجانيها
يعدّ في الفخرِ للعباس أولها / مجدا وللمقتفي بالله ثانيها
اعطو الوزارة عون الدين سائها / بالعدل منه فاعطى القوس ياريها
تغنيه آراؤه والحرب مظلمة ال / أرجاء ما ليس يغنيه عواليها
به جوائز عندي قد حكمت لها / مع الفصاحة أني لا أجازيها
سقيت آمالنا منن بعد ما ظمئت / ماء المكارم فاخضرت مراعيها
إذا تيممت أرضا أخصبت وربت / تلاعها الغبن واهتزت روابيها
وكيف لا والربيع الطلق يضحك في / ربوعها والندى ينحو نواحيها
فانهض فقد أذنت بالطوع راضية / لك البرية قاصيها ودانيها
باك المواهب نقدا لا مؤجلة / كفعل غيرك ينساها وينسيها
جد لي باجرد أو جرداء سابحة / تنصر الريح شوطا أن تجاريها
إن لم أهدّ بها ركن العدوّ فلا / ملكت عند مثارِ النقعِ هاديها
ليعلم الناس أنَي شاعر بطل / لا مثلَ من يتعاطى ذلك تمويها
واسمع بمطربة الألفاظ محكمةٍ / الحسنُ قائدُها والطبعُ هاديها
تروى فلا يسأم التكرار سامعها / ولا يملّ من الإِضجار راويها
ترفَّعت عن عطايا الباخلين فما / يزال يغصبها من ليس يرضيها
أغليتها بعد رخص فاعتلت وسمَت / قدراً ولا زلت معليها ومغليها
أقول من بعد ما أحببت دولتكم / أنافعي عند ليلى فرطُ حبيها
سحاب جودك فينا هامر هامي
سحاب جودك فينا هامر هامي / وطود حلمك سامي المرتقى حامي
وأنت بحر سماح غير منتزف / طام يبل غليل الحائم الظامي
لك المساعي التي مثل النجوم غدت / مقيمة أبدا من غير إنجام
لله أنت إذا سود سماء وغى / وأضحت البيض حمرا من دم الهام
وجاءت الخيل من أبطالها رسلاً / تحت الوشيج بآساد وآجام
هناك إن زلت الأقدام من رهب / ألفيت ذا قدم ثبت وإقدام
يوماك يوم نعيم سيبه ديم / ويوم بؤس عبوس سيبه دامي
فأي ملعان حرب أنت في رهج / مرد وفي عام جدب أى مطعم
لذا يا اخا العدم من يحيى بصوب حيا / للعرف والنكر وصال وصرامِ
تراه أعدل في قضيَّته / لما له والأعادى أي ظامِ
آراؤه كرواء الصبح مشرقة / إذا أدلهمت خطوب ذات اعتامِ
ما قال قط لراج يستميح سوى / نعم ويتبعها منه بأنعامِ
أغرابلج وضاح له خلق / كالروض راضته مزن ذات أسجامِ
لباس ما حاكت العلياء أردية / عار من العار ان فتحشت والذام
أبا المظفر عون الدين قد غافرت / منك العفاة بطلق الوجه بسامِ
كم حزت بالسيف سيفا كان ممتنعا / وكم فتحت أقاليما بأقلام
أوجدتني بعد أن كد كنت ذا عدم / جودا وبدلت بالإثراء إعدامي
وقمت لي بأمور طال ما قعدت / بي في مضايقها أهلي وأيامي
فلتشكرناه في سر وفي علن / قصائد صنتها عن قصد أَقوامِ
أضحت كجودك في الأفاق سائرة / ما إن تني بين إنجاد وإتهامِ
قد كنت أشرك في مدحي سواك ومذ / وجدت فيا مديحي صح اسلامي
شهر الصيام الذي ولى له زحل / يثني عليا بصوام وقوام
حظيت فيه بأجر وافر وتقى / وفوز قدح بارفاد واطعام
فاسعد بغرة عيد عائد أبدا / على عادك بالطاف وإكرام
لا زلت ذا قسمات يستضاء بها / وللمكارم فينا خير قسام
جادك في القرب والتنائي
جادك في القرب والتنائي / وسمي دمعي عن السماء
يا دمنة مذ نأيت عنها / أدمن جفني على البكاءِ
أين التي أَصبحت وأمست / دائي وفي كفها دوائي
لولا لحاظ لها مراض / ماعرنت أعين النلبساء
بيضاء في قدِّها اعتدالٌ / علمها الجور في القضا
كأنما وجهها صباح / من فوقِهِ الجعدُ كالساهِ
وثغرها أَبيض نقيّ / كأنه حضلةُ البهاءِ
فديتها من أَجل ذخرٍ / تذخر في الصيد للشتاءِ
في لعيني بأن تراها / ملفوفة الوجه في كساءِ
لكنها عند من جميع الد / دنا لديه مثل الهباءِ
ذاك الذي ما أزال أدعوا / له من الله بالبقاءِ
ذاك الذي جوده ابتداء / لسائليه بلا انتهاءِ
جذلان نائي المدى جواد / داني الأياد غمر الرداءِ
نشكره أنه كريم / تسكره خمرة الثناءِ
مستبشر بالوفود يجري / في وجنتيه ماء الحياءِ
ناديته راجيا فلبى / نداه دون الورى ندائي
كالغيث والغيث مستهل / والليث في حرمة اللقاءِ
إن كذبتني الأيام ظنا / صدق إحسانه رجائي
من معشر يعرفون قدما / بالكرم المحض والوفاءِ
على هامة الثريا / ماشيدوه من البناءِ
فيا أبا القسم استمعها / أرق لفظا من الهواءِ
لا زلت تفني العدا وتبقى / جم الندى مشرف العطاءِ
أقول للغيث لما سال واديه
أقول للغيث لما سال واديه / تحدثي عن جفوني يا غواديهِ
بيني وبينك سر توصفين به / لولا الحبيب لما نمت دواعيِهِ
أمرت مزنا أجفانا بكيت بها / فمن أعارا ضوء البرق من فيه
أما وزورته والشهب ناعسة / والليل قد رق أو كادت حواشيهِ
لقد وهي عزم صبري يوم ودَّعني / أحوي ضعيف نطاق الخصرواهيهِ
أهون الأمر أحيانا فاعتبه / واستغيث فاخشى نخوة التيهِ
جنيت من خده ورد الحياء على / عمد وقد كان يحميه تجنيه
عصيت في حبه من بات يعذلني / وما أطعت الهوى إلا لأعصيهِ
ورب روض بريق الدن مغتبن / لولا ثناياك لم تعرف قاحيه
باكرته وعيون الزهر ساهية / وللصبا نشطات في نواحيهِ
أقول يا لائمي فيمن كلفت به / اقامة الغصن أبطى أم تثنيهِ
وذا الرلي عهاد المزن تبعثه / للرونض أم يدعون الدين توليهِ
لا تطلب النصر إلا من كتائبه / ولا المعالي إلا من معانيه
لله أي وفاء في طويته / وأي حزم وعزم كامن فبه
عضب الصرائم لم تكهم صوارمه / يوم اللقاء ولم تسلم أعاديدِ
قيل إذا قال عاف عن مواهبه / قامت بحجة ما يولي دعاويهِ
تداركت كفه الإحسان وهو لقى / فأوجدته ولجت في تلاقيهِ
يسالم القدر الجاري مسالمه / طوعا له ويعادي من يعاديهِ
بلغت من زمني ما أرتجيه به / فليس ينشر ما أصبحت أطويه
يشب نار القرى والقور مظلمة / والعام بالجدب قد شابت نواصيهِ
خرق مرت يده خلف الرجاء لنا / فلا محالة أن يمترا راجيهِ
مقسم الرأي في ملكِ يدبره / وعارض رجل الأرجاء يزجيه
لوسار سَاريه فيه لما سمعت / أذناه من قاب قوس من يناديه
يلقي على الليل ليلا من عجاجته / ويقذف الشهب شهب من عواليهِ
يقوده كل مسبوح الذراع جرى / إلى الزمان فأعيا من يجاريه
يعدو به لاحق إلا طلبن مشترف / ما خالف الطير إلا في خوافيه
يعود لا يرى يوما له كفل / في غارة فهو يوم الروع هاديهِ
يغديك يا ذاكر المعروف كل فتى / ينسى العطاء على عمد وينسيه
مهون العرض ما أبيضت عوارفه / للطالبين ولا أسيدت أثافيه
به من البخل داء لا دواء له / إلا الهجاء وعندي ما يداويهِ
وما دعيت بيحيى إذ دعيت به / إلا لميت رجاء أنت محييه
والله لا ذل لاج أنت ناصره / يوما ولا ضل راج أنت هاديهِ
عني بنصحك أني غير منتصح
عني بنصحك أني غير منتصح / كم بين مستتر منا ومفتضحِ
هلا عذلت وقلبي غير منجذب / إلى الغرام وعذري غير متضحِ
ما أقرب الشوق من قلبي إذا بعد / ت دار الحبيب وأمسى جد منتزم
سقيت با أثلات السفح من أضم / بوابل من ملث الودتي منسفحِ
وكان يغنيك عنه دمع متكئب / في بارق من زناد الوجد منقدح
وقهوة كشعاع الشمس مشرقة / باكرتها وبشير الصبح لم يلمحِ
من كف منخزل الأعطاف معتدل / حلو الشمائل مخلوقث من الملح
لنا إذا دارت الصهباء من فمه / ريق يعطر ما في الدين والقدحِ
يهش من عزلي فيه فيطربه / كما يهش جمال الملك للمدح
المستضاء به في كل داجية / يلوح فيها بياض الجود كالشبحِ
يسمو بوجه إلى القصاد منطلق / يندي وصدر إلى الوفاد منشرحِ
أخذت غاية أمالي بمغتبق / من المكارم والإحسان مصطبحِ
عارى المناكب والأعطاف من دنبر / ملفع برداء العز متّثحِ
وأثبت الناس قلبا فوق مندمج / سام سبوح طموح مشرف مرحِ
وخير من ألقت الوراد من لغب / إلى نداه رحال الجلّة الطلَّحِ
أبا المحاسن والإحسان بكتزا / لمن رجا العفو في أخلاقك السمحِ
تهن بالعيد وانخر حاسديك به / مهنئا بدوام العمر والفرحِ
أقسمت لو مات محمود الضرير ولم
أقسمت لو مات محمود الضرير ولم / يغسله إلا بماء الورد غاسله
ومنكر ونكير سائلان له / عما جنى وهو قبل الموت فاعله
وأقعده وفاحت ريح نكهته / وكيف يبقى وذاك الداء قابلة
عاذا إلى الله بل عادا وقولهما / ابعث إليه سوانا من يسائله
لومك للصبِّ لا يلائم
لومك للصبِّ لا يلائم / وهو سقيم وأنت سالم
كُفّ سهام الملام عنه / إن لم تكن في الضَنى مساهم
واقصِر فما واسق كسالٍ / منا ولا ساهر كنائم
كم بين هادي الضلوع مما / يشجي وهامي الدموعِ هائم
روحي فداء لبدر تم / راحت به الأينق الرواسم
كالورد خدا والوردُ غضّ / والغصن قداً والغصنُ ناعم
نحيف خصر كثيف ردف / ظامي الحشا مفعهم المعاصم
لم أنس ليلاً شربت فيه / سلاف فيه والنجم ناجم
ألثم ثغرا له نسيم / يعرفه تعرف اللطائم
في روضة غرة الحواشي / ضاحكة من بكا الغمائم
ذات غصون رقصن لما / غنين من فوقها الحمائم
ترقم أمواهها شمال / مثل بطون الرقش الأرقام
بت غريما لكل لهو / فيها وانف الرقيب راغم
ينم نمامها بعرف / نسيمه بالعبير ناسم
كنشر مدحي في كل ناد / على ندى أكرم الأكارمُ
ندى بهاء الدين المرجى / جداه للغنم والمغارم
ذو راحة للندى ولود / إلا فدتها الأيدي العواقم
له رواء ما زال يروي / بالبشر آمالنا الحوائم
إن نرك المكرمات قوم / فهي عليه من اللوازم
أو قطب الدهر قابلتنا / نعماه مفترة المباسم
المقمر الرأي في خطوب / مظلمة كالدجى عواتِم
كم صعرت للعدا حدودا / وصغّرت عندنا العظائم
صبائم منه مرهفات / أقضى وأمضى من الصوارم
يكتم معروفه ويلفى / لنعمة الله غير كاتم
علقتُ منه بأريحي / ثبتٍ حيي يقظان حازم
يجود طبعا في كل وقت / لاعادة القوم في المواسم
القائد الخيل مشرفات / كأنها اسهم سواهم
إذا جرت فاتت النعامي / وخلفت خلفها النعائم
فيا أبا الفضل يا جوادا / وأجد جدواه غير عادم
يا ابن بدور العلى الهوادي / وابن بحور الندى الخضارم
والمشتري الحمد والمعالي / فيه وقد أرخص المساوم
قد ألف البذل منك كف / به رأيناك الف حاتم
يفديك يا أبيض الأيادي / غمر أفاعيله أداهم
حر ولكن أراه لؤما / عبد الدنانير والدراهم
حسن قصيدي وحق قصدي / قد ضمنا لي نيل المغانم
فافطر وعيد في ظل ملك / عليك باق يا خير صائم
ربع العلى بك أضحى وهو معمور
ربع العلى بك أضحى وهو معمور / ومعتفيك بسيب العرف مغمورُ
أنت الذي وفره نهب لسائله / وعرضه سالم الأرجاء موفورُ
أنت الذي دابه في كل معركة / جر الرماح وذيل النقع مجرورُ
سواك من يعتري أقواله حصر / وغير جودك معدود ومحصورُ
أصبحت كالغيث في أثناء ديمته / صواعق فهو مرجو ومحذورُ
زانت وصانت مساعيك الورى فلهم / منها أساور بل من حولهم سورُ
وذكر كل سماح سالف كذب / إلا حديث سماح عنك مأثورُ
لك الآباء الذي كانت تداوله / من قبل آباؤك الغر المغاويرُ
قوم إذا خمدت في يوم ملحمة / نار الوغى شبها منهم مساعير
فإن تناسىَ الندى قوم لبخلهم / فإنه عند عضد الدين مذكورُ
أبان بالرأي والتدبير سؤدده / بأن كل وزير غيره زور
عتاده للسرايا سابح مرح / عالي السراة وماضي الحد مطرور
وكل سابقة الأذيال تحسبها / من النبال غديرا وهو ممطورُ
واسمر اللون بنبي سكر هزته / بأنه من دم الأبطال مخمور
قد قلت للمعمل الوجناء انحلها / طي الفلاة وادلاج وتهجيرُ
يا قاطع البر يبغي البرّ زر ملكا / يواصل الجود حيث الجود مهجورُ
مدراً فسيح مجال الصَّدر ما خطرت / بسمع خاطب جدواه المعاذيرُ
أغر ينصر من أضحى بدولته / مستنصرا ويلاقي الحين مغرور
لا يتبع المن منا حين يبذله / ولا يشوب صفاء منه تكديرُ
قسا ولأن فعاصيه وطائعه / من البرية محزون ومسرورُ
كم فل جيشا بسيف فل في يده / وعاد عنه وعود الرمح مأطور
إن جال أفنى الأعادي صدق كرته / أو جاد زان الأيادي منه تكريرُ
لا يعرف المنع إلا عن محارمه / وفي عطاياه أسراف وتبذيرُ
يا ابن المظفر جيش أنت قائده / مظفر في بقاع الأرض منصورُ
الله جارك كم غادرت من أسد / بثعلب الرمح أضحى وهو موجورُ
وليس يخلف وعد أنت ضامنه / ولا تخالف ما تهوى المقادير
يقر عينك إن الحاسدين لهم / أيد صخور وأعراض قواريرُ
يا ناشر العدل في الدنيا جمعها / يطوى الزمان وما أوليت منشورُ
وواحد العصر خذ مدحا سهرت له / يبقى لمجدك ما تبقى الأعاصيرُ
وكل ماعجر للبيت معجزه / تبدو وفي كل صدر منه تصديرُ
لو أنشد المتنبي من بدائعه / بيتا لصلّى به ما عاش كافورُ
لا زال ملكك ملكا لا زوال له / ما دام يهزم جيش الظلمة النورُ