القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ دُنَينِير الكل
المجموع : 24
خفّ القطين وبان الرائح الغادي
خفّ القطين وبان الرائح الغادي / عن الديار فأقوت منذ آباد
والبين إن بينهم عنّي ففي كبدي / لهم مضارب أطناب وأوتاد
يا دارهم درّ فيك الدمع إن بخلت / عنكِ الفوادي ليروى ربعك الصادى
فكم لنا فيه من عهد يذكرنا / به النسيم عدا من دونه العادي
أزمان لا أرعوي فيه لعاذلةٍ / لكن إلى اللهو إخلائي وإخلادي
إذ لا النوى بيننا يوما مفرقة / ولا المكتم من أسرارنا باد
واليوم من بعدهم لا موردي صدرُ / فيما يسرّ ولا غصني بميّاد
أشكو إلى الله دمعا غير متزجرٍ / عمّن أحبّ وقلباً غير منقادِ
يا صاحبي شتّ شعب الحيّ من إضم / فاقصد معي بعدهم يا سعد إسعادي
وإن مررت بناديهم فنادهمُ / ذاك المحبّ عليل بين عوّاد
وحملّ الريح شوقي نحو كاظمة / وأقر التحيّة عنّي بانة الوادي
وكيف يفرقُ قلبُ في محبّتهم / قد راح ما بين إيقاذٍ وإيقاد
سل عنهم كم أراقوا من دم هدرٍ / في حبّهم بعد إيعاد وإبعاد
فكم لهم من قتيل ماله قود / أودى وكم من أسير ما له فاد
كذا الفواني وإن أدنينَ مطّلبا / فشانهُم قطع أكباد وأكنادِ
ومهمهٍ فيه حاز الركبُ لو طلبوا / غيري لما وجدوا دوني لها هاد
قطعتُها بأمون فات غار بها / قاد الزمان بها في المتن والهادي
قد لوحت بي سهوبُ الأرض مرديةً / كأنما قصدت كدّي وإجهادي
حتّام لاينثني عن بطن مقفرةٍ / أو ظهر مهلكة خوضي وتردادي
وقد غدت دوني الأبواب مرتجة / والأرض تضرب في وجهي بأسداد
كأن بيني وبين الدهر من ترة / يبدي بها فرط أضغان وأحقاد
فإن عداني خطب منه عن أملي / فبالمعظّم إيجادي وإنجادي
ملك نمته إلى العلياء عن كرمٍ / أطواد عزّ عدت من فوق أطوادِ
قوم إذا أوعدوا يعفوا وإن وعدوا / يوفوا فيا خير إيعادٍ وميعادِ
بهم تهلل وجه الدهر واتّضحت / مذاهب الجود من جدوى وإرقاد
سادوا وسادهم عيسى ولا عجب / فالمسك يقلو بما في نشره البادي
ملك أقام عمود الدين عاملهُ / وسيفه بعد إقعاصٍ وإقعادِ
وأصعق الكفر حتى ذلّ جانبهُ / والأرض قد آذنت منه بإلحاد
فاللّهُ يكلأ تلكّا ظلّ مالكهُ / بمقلةٍ أصبحت منه بمرصاد
تعلّم القاصدوه والجودَ فاحتسبوا / منَ الكرام وما كانوا بأجواد
يا آل أيّوب إنّ الله شرّفكمُ / على الورى كلّهم من رائحٍ غادِ
فالعدل منسدلُ ولاجود منسبل / منكم فيا خير أنجادٍ وأمجادِ
يثني عليكم ببيض من محاسنكم / فتنعمون بكلّ جود معتاد
أحيا نبيّ العلا من ذكركُم ملحاً / تروح ما بين إعدادٍ وتعدادِ
هذا المعظم لا خلق يماثلهُ / من البرايا فمن عاد بن شدّاد
الباذل العرف والأنواء مخلفة / والمانع الجار من يلوي وأنكاد
أقام كل عوجاد من ذوي عوج / جودا فما باك حظي جد مُناد
قد أعدمتني صروف الدهر عن عرضٍ / يا مالك الرف فامشس لي بإتجاد
عساك ترغم أعدائي بلطفك بي / عطفاً وتكيب بالمعروفش حسادي
ها قد بلغت الذي قد كان ينتظرُ
ها قد بلغت الذي قد كان ينتظرُ / الله أكبر هذا النصر والظفر
قد صرّح الخبر منك اليوم عن خبر / قد كان أنظر فيه نفسه النظر
أكذبت ظنّ الأعادي بالذي كملت / به السعادة واستهتى لك الخطر
قالت ظنونهم في الفأل وابتدلَت / من بارحٍ سانح الطير الذي زجروا
أعدت عود الهدى غضا وقد يبست / أغصانه وهو لا ظلّ ولا ثمرُ
هذا هو الفتح فتح لا يقوم به / نظم المديح ولا نثر فيبكر
فتح مبين وقي من كل موبقة / لم يبق من بعده ذنبُ فيفتفر
تهلّل الدين والدنيا به فرحا / واستبشرت مكة والحجر والحجَرُ
لم تخش يثرب تثريبا لفادحة / من بعده إذ سرت في ذكره السور
يا يوم دمياط قد راحت مسوّدةً / منك الطروس وقد سارت بك السير
أنطقت خرس الأماني وهبي صامتة / ورضت صعب المعاني فهيَ تبتدر
ألبست أهل الهدى من نصرة حللاً / والشرك قد حلّ منه الإزر والأُزرُ
في يوم ذي هج لا وصف يدركه / يكاد منه فؤاد الدهر ينفطِرُ
يوم تدين له الأيام إذ خرسَت / عن فخرِها وهو طول الدهر يفتخرُ
في حالةٍ جمع الضدين في قرنٍ / فالشركُ متحذل والحقّ منتصرُ
قد عاد صبحهم ليلا تضيءُ بهِ / زرقُ الأسنّة فهي الأنجم الزهر
والشمس طالعة فيه وغارية / لكنها بظلام النقع تستتر
والدين قد تليت آياته فرحا / بنصره وصليب الشرك منعفر
يا دين عيسى بعيسى قد خذلت وذا / كسر مدى الدهر منكم ليس ينجبرُ
وافاك في جحفلٍ ضاق الفضاءُ به / ذرعا فأنت لديه بل له جزرُ
أتى بجيشي وغىً في الأرض عسكرهُ / وفي السماء قضاء الله والقدر
فالبحر من تحتهم آذيه وعلى / رؤوسهم منك نار الحرب تستعرُ
وزّعتهم بين بيض الهند مصلتة / وبين سمر القنا والموت معتكر
فللرماح قلوب منهم أبدا / وللسيوف الطلى والهام والقصَرُ
أمّوا العبور إلى دمياط تحصنهُم / ومادروا أنه عبر به العبرُ
راموا بحيث طاغم الأمر سلمهمُ / وقدرا وا غارة هانت لها الغيرُ
لم يطلبوا السلم إلا بعد علمهم / بأن سيفك لا يبقي ولا يزرُ
أضحى لروميَة الكبرى بما شهدوا / ويل طويل وقد وافاهم الخبر
إن لم تكن حوصر وافيها فإن بها / من بؤس بأسك حصرا ليس ينحصر
يمشون همسا وايماء حديثهمُ / فيها لخوفك إن قالوا وإن ذكروا
أنها هم الرعب عن عود فمنقصة / إن قيل عود وانعد بالسيف ننتصر
ما يوم بدر بأعلى منه أو أحد / ولا جنين وإن عدوا وإن شهروا
لا يوم أحسن منه منظراً وبهِ / سمر القنا وسيف الهند تشجر
جنيت فيه رؤوس القوم يانعةً / لكن ذوت بعدها الأغصان والشجر
فلتشكرنك بنو العباس بعدهمُ / لا بل قريشُ تؤدي الشكر بل مضر
ألبستهم عزّةً قعساء وهرهمُ / من بعد ما قد طووا ما كان قد نشروا
كم آية لك يا عيسى ومعجزةٍ / يقلّ هزمهمُ فيها وإن كثروا
أنت المليكُ الذي لو عيب في ملأ / ما عابهُ الناس إلا أنّه بشر
أحييت ميت العلا والمكرمات بما / أوليت إذ لا يوازي بمضه المطر
مناقب حسنت أخبارها وزهت / حتى لقد صار مهجوراً بها السمر
يا معدنَ الفضلِ والإحسان ها أنا ذا / ومن ورائي جميعا كلنا صبُرُ
الله يعلم أني في انتظاركمُ / قد مسّني الضرّ بل أودى بي الضرر
يكفيك منّي أدنى ما اشير به / إذ ليس من عادتي الإكثار والهزرُ
خذها فإن حبيبا لو يروم لها / وزناً لحاصرهُ في فكرهِ الحصَرُ
ولا نصخ لاستماع بعدها أبداً / ما كلّ مختلف ألوانهُ زهَرُ
إن العرين الذي يحتلّه الأسدُ
إن العرين الذي يحتلّه الأسدُ / دار المليك وفيها العيشة الرغد
سُرادقُ المجد مضروب على ملكٍ / لألاؤه في عراص العزّ متقد
ربع من الملك معمور وأفنية / بها العلا والندى والبأس والجلد
يا حسن دولة روح الله فدكملت / به السعادة واستعلى له الأبد
هو الغمام المرجى صوب عارضه / والصارم المنتضى والفارس النجد
عضب العزيمة ماضي الوهم مختلس / خواطر الحزم بالأراء منفرد
يحمين حوزتهُ والحربُ فاعزةٌ / في حين لا حجف يغني ولا زرد
ما حلّ أرضاً ولم ينهد إلى بلد / إلا تعمم روضا ذلك البلد
صاف وفيه على أعدائه كدر / والغيث منه يكون الماء والزبد
يا زايغ القلب إن السيف مطلّع / على القلوب فكظما للذي تجد
هذا هو الأسد الرامي براثنه / عليه من زغف ما ذيّة لبد
ألقى على أفق الدنيا كلا كله / فالقرب في خوفه سبان والبعد
الله أكبر جاء الحق يقدمه / نصر المليك فلا وان ولا جحد
يا أيها الملك المرسي بعزمته / طود الخلافة لمّاسمّه الأود
كم موقف لك ليس الله ناسيه / والدين مهتضم والملك مضطهد
جلوت وجه العلا فيه بذي شطبٍ / ماء المنية في متنيه مطرّد
يهتزّ في وجه إفريز تجلّلهُ / كأنّه حبة في متنها رُبَد
فكان مجدك موجودا لطالبهِ / والمجد في الروع موجود ومفتقد
أججتَ للكفرين من كفيك ملحمة / أضحى بها الموت في حوبائه بخد
نشرت راياتك الصفر التي وسمت / بالنصر فهو لها تحت الوغى مدد
لاقيتهم ووجوه الخيل عابسة / والبيض ضاحكة والموت محتشد
في فتية من نتاج الحرب قد ضمنت / أسيافهم للمنايا أنها ترد
حيّيتهم ببنات الخط بفرعها / زرق معرّسهُنّ القلب والكبد
من كل اسمر تستسقي المنون به / من القلوب دماما إن له قوَدُ
وقد تيقّن أن لا صبر يسعدهم / وأن صبرك لا تحصى له المددُ
خافوا بأنفاسهم مما ألمّ بهم / فهم يظنّون رعبا أنها رصد
يا أيها الملك عيسى والذي يده / تولي مواهب لا يحصى لها عدد
زفّت إليك قوافي الشعر محكمة / ولم يكن في الورى كفؤا لها أحد
فإن أنل منك ما قد جئت آملهُ / فإنّني أهل ما تولي وما تعد
حسدت حقا على فضل خصصت به / فليس لي عند ملك منكمُ سندُ
أصغيتم في تقليداً لما ذكروا / من العيوب فعيشي كله نكدُ
أضرّ بي الدهر فالايام لا جدة / حصّلتُ فيها ولا مال ولا ولد
فأين أسلك إن لم آت بابكم / وأين أقصد إن راحوا وإن قصدوا
والعاقل الندب لا يأوي إلى بلدٍ / إلا إذا فاض نفعا ذلك البلد
أما الكتابة والشعار فهيَ لنا / زاد إذا نيل منها الذعر والزوُد
ففي القصائد منها لؤلؤ نظم / وفي الرسائل منها لؤلؤ بددُ
وبحر علم إذا جاشت غواربهُ / فالدُرّ منه ولا يلغى له زبدُ
ومقلةٌ لم تنم عن كل مكرمةٍ / كأنها للمزايا في العلا رصد
فإن أقم فحقيق أو تسترني / فالبدر في الليلة الظلماء يفتقد
نصر من الله وافانا به الخبر
نصر من الله وافانا به الخبر / فلتهنك العزة القعساء والظفر
فتح قريب وملك قد خصصت به / جرى به قبل تكوين الورى القدر
هذا الرجاء الذي كنا نؤمله / قد وفيت لك في تيسيره النزر
قد صمت للّه شكرا إذ سمعت به / واستبشرت بالذي حدثتهُ البشر
ملك رسا وأنافت جانباه علا / أضحت به وبك الأيام مفتخر
أحرزته وسويف الهند جائلة / من دونه والقنا الخطيّ مشتجر
فما خلا الدهر من يومي ندى وروىً / جود يسيل لديه أو دمٌ هدَرُ
للّه بأسك يوم الروع إذ شفيت / منك الجماجم بالهنديّ والقصرُ
فتحت فتحا عظيم الخطب كم ملكٍ / قد رام إحرازه دهرا فما قدروا
راح افتتاحكه بين الورى مثلا / وسيّرت لك في تيسيره السير
نهضت للدين بالهنديّ منصلتاً / والله عونك والأملاك والقدر
أبديت في ظلمات الدهر نور هدى / فقصرت عن مداك الشمس والقمر
أتيت دمياط إذا عيت رياضتها / كل الورى وتناءى البدو والحضر
فكنت إذ زرتها مفتاح مقفلها / فالحق منتصر والشرك مندثر
صدمته بخميس لو صدمت به / وجه البسيطة كادت منه تنفطر
من بعد ما كان في آماله طول / يوم الكفاح وفي اعمارهم قصَرُ
أوردت أنفسهم حوض الردى فغدا / ورودهُم بارتواء ماله صدر
أنزلت أفدئة منهم رياض ردىً / زرق الأسفّة في أطرافها زهر
ما أتيت الحظّ طول الدهر من أسلٍ / غادرتهُ وله من هامهم ثمرُ
لما أتيتهمُ قالوا بأجمعهم / هذا القضاء فلا يبقي ولا يذرُ
عاد النهار لهم ليلا بقسطلة / دجت ووجهك في طلمائها قمر
ما صل سيفك في يمناك يوم وغى / الا وفي طبيه الموت يبتدر
كان رونقه خدا مخدّرةٍ / اجال ماء الصباني خدّها الخفر
فكان سيفك يا موسى العصاولة / من هامهم جملة الاحجار لا الحجر
جعلت بحرهم رهوا فهذا سلكوا / أعزفتهم هذه الايات والسور
جاؤوا وراءك يا موسى فعمهم / بحر بأمرك مهما شئت بأتمر
يوم غدا دونه يوم الكلاب فلا / عمرو رأى مثله يوما ولا عمر
كلا ولا يوم ذات الدوم يشبهه / أو يوم تغلب ان قاموا وان فخروا
حفظت تلك بني العباس وانخفطت / بك الشريعة إذ غيرت بك الغير
لو كان ينطق حقا غير ذي كلم / جاءت إليك صروف الدهر تعتذر
فاقصد خراسان واملك غير محتفل / فأنما خادماك النصر والظفر
تاالله لو تقصد الأطواد عن سخطٍ / زالت لديك ولم يوجد لها أثر
حنّت إليك ثغور الأرض عن ثقةٍ / بأنّ عد لك ورد ماله صدر
مهما نزلت بأرض أو ذرا بلد / تظلّ منه عيون الجود تنفجر
ما يفعل الغيث بالأرض العراء كما / فعلته بنوال بابه كدر
جود السحائب أيام معددة / وجود كفيك فينا لس ينحصر
إن أخلفتنا عهاد المزن في زمنٍ / فإنّ جودك طول الدهر ينهمر
فلو حكاك الغمام الجود قلت له / خابت ظنونك فيه أيها المطر
أيام ملكك أيام مطهرة / جود يفيض ونار الحرب تستعر
محاسن بان تقصير الأوائل عن / غاياتها وانزوت عجزاً بها الأخرُ
يا من نزلتُ وآمالي بساحتهِ / عسى برأيك أن يقضى لنا وطرُ
إن الذكاء ليقضي أن أميّز عن / كل الورى نظموا الأشعار أم نثروا
لا تجرني حلبة يجري بها أحد / منهم فليسوا بأشباهي وإن كثروا
كم قد شكرتك في الدنيا لدى ملك / شكرا تنشّر منه للورى حبر
وقلت إن ذكروا موسى فليس يرى / لغيره في العلى ناب ولا ظفُرُ
وحسن رأيك تفنيني بوادرهُ / عن شرح حالي فأستعفي وأختصر
بما بجفنيك من غنجٍ ومن كحَلِ
بما بجفنيك من غنجٍ ومن كحَلِ / صل مغرما ليس يصغي فيك للعذل
يخفي هواك ودمع العين يُظهرهُ / بمدمع ظلّ مطلولا على الطلل
في كل يوم غرام فيك يوقفهُ / في موقف الذلّ بين اليأس والأمل
ويمزي درّ أجفانٍ موكلةٍ / من الدموعِ بغيض المسبل الهطل
إن دام هجرك لي يا من أؤمّله / أصار ما قد بقي مني إلى الأجل
أو أدّعي سقمي ظلما عليك جوى / فالقلبُ يجحده من شدّة الوجل
أما كفاك بأني في هواك لقى / من الصبابة والتبريج والعلل
حتى صددت بلا جرم ولا سببٍ / صدّاً يحقّقُ عندي سرعة المللِ
يا مانعي طيب لذاتي على مقة / وما نحى كلّها ألقى من الخبَلِ
أما السلوّ فقلبي من ملابسه / عارٍ وجسمي من الأسقام في حُلَلِ
أجود حنّى بروحي في هواك وما / تنفكّ حتى بطيبِ القول في نحَلِ
فمن لصَبّ أصابته سهام هوىً / رمي فأصماه راممن بني ثمَلِ
مغرىّ بذكر رماح الخط عن غرضٍ / حبّا لكل رشيق القدّ معتدلِ
ففي القدود وفي الأجفان سرّ هوى / يريك كيف اتفاق البيض والأسَلِ
وفي نوال صلاح الدين غزُر غنىً / منه الأمان لوقع الحادثِ الجلَلِ
قليجُ رسلان من ألطافه أبداً / تستنزل العصم بالجدوى من القلل
ملك له عزمة ذل الزمان لها / وجيش جاش يريك الناس في رجل
مؤيد الرأي إلا أنّ همته / أمضى من البيض والخطية الذبل
طوفان راحته بالجود ولا أحد / إن عمّه قائلا أوى إلى جبل
كلا ولا عاصم من بأسهِ أبداً / يوم الوغى بظبا الهندبةالقصل
ما أعمل الفكر في يومي ندى وردى / إلا لتعجيل رزق منه أو أجل
كأننا من قريش جاهليتنا / في الجود عاكفه منه على هبَلِ
أكذبتَ ظنّ السحاب الجون من نعمٍ / روّيت منها الورى بالعلّ والسهل
جود يعم البرايا منك متصل / وهاطل الغيث حينا غير متصل
فانهض إلى نصر دين الله في جذلٍ / في جحفل شرق بالخيل ذي زجَلِ
جيش بجيش بأبطال إذا برزوا / قال الروى للعدا موتوا على عجل
من كل أعلب في عرنيهِ شمم / ضخم الدسيعة مرد غير محتفل
وكل مدرع للصبر مؤتزر / بالحزم ملتحف بالعزم مشتمل
أبناء حرب غذوا فيها ومشأهم / بها ولم يحكموا قولا بلا عمل
فالله جارك والأفلاك دائرة / بما تؤمّله في أوضح السبل
قد سدت كل ملوك الأرض قاطبة / وشدتها دولة تسمو على الدول
يا أيها الملك الميمون طائره / وابن الملوك ونجل السادة الأول
سمعا لشكواي من دهر حوادثهُ / لا تتّقى بصنوف المكر والجيل
ما زلت عند بني أيوب في نعم / موفورة ونوال غير منخزل
أرعى رياض الندى من فيض أنعمهم / وأسرح الطرف بين الخيل والخول
وعشت في عزّة قعساء عندهمُ / موفّر الخط في الأفراح والجذَل
أرعى الفضلي وما حصّلتُ من أدبٍ / ومن علوم ولا أرعى مع الهمَلِ
وكان لي الملك المنصور أعظم من / يعلي محلي ويدني مسرعا أملي
فخانني الدهر في حظي وأعدمني / من كان أضحى عليه متّكلي
فكنت لي عوضا عن كل من نظرَت / عيني وجئتك أسعى جد مختتل
قصدت بابك والآمال تلعب بي / واعتضت بالجم عن نزر من الوشل
فاسلك مسالك أهليك الكرام معي / ولا تكن عن قضاء الحقّ في شغل
فإن جودك يكفي كلّ حادثةٍ / وحسن رأيك لا يؤتى من الزلل
قد صاغ كفيك رب العرش عن قدرٍ / للمشرفية والتوقيع والقبل
وإن بابك يولي قاصد بك علا / كأنما الشمس منك الدهر في الحمَلِ
أزال لقياكَ ما ألقى من الحزنِ
أزال لقياكَ ما ألقى من الحزنِ / فاليوم لا أشتكي من حادث الزمن
ولا أرى لليالي في تقلبّها / من بعد قربك غير الفضل والمنن
غادرتني بعد ما قد كنت في دعةٍ / من عيشتي راكبا في المركب الخشن
إذ أنت في حلب روح وكيف ترى ال / حياة بعد فراق الروح للبدن
يا ابن النبيّ وأحسان الزمان بكم / شيء تعلمه من فعلك الحسن
يا مشمحرة العلا إن حلّ غيركمُ ال / وهاد لم نزلوا إلا على القنَنِ
إني استنترت بظل من جناحكمُ / فناظر الخطب في الحالات لم يرني
لولاكم مما انجلى الليل الفواية عن / أبصارنا ولعمّت ظلمة الفتَنِ
حملت في حبكم عب الملام فما / كلت ولا ضعفت عن حمله منني
أنتم ألو الله والبيت الحرام وأر / بابُ الهدى وكتاب الله والسنَنِ
كم ليّ في حبكم لاح يلوم و / من ناصبيّ غدا فيكم يعنفّني
فما أصخت لتلحاء ومعتبة / لكنما سنني جربا على السنن
أبا عليّ ولي في مجدكم مدح / في الأفق تجري وقرن الشمس قرن
ما زال وعدك لي بالجود أرقبهُ / دهراً طويلا وطول الوعد يوعدني
أروم للعين حظّا حين تبصره / كمثل ما خطيبت قد ما به أذني
ها أنت والدهر والأيام مقبلةٌ / وها أنا بينكم في صفقة الغبنِ
لئن تأخر عني فيض جودكم / إلى مدى فيما أعتاض عن وطني
قد كان علمي عن التطلاب بأنف لي / وإنما زمني الأملاق الزمني
وأنتم خير من يلوى الرجاء به / وللنجاة غدوتم أعصم السفن
لا حلتُ عن حبّكم ما امتدّ لي أجلي / وسوف يطوي إذا ما متّ في كفني
دمتم مطاعين لا ارتدّت رماحكمُ / يوما مطاعين في الآفاق والمدنِ
في طول عمرك عمّن قد مضى خلفُ
في طول عمرك عمّن قد مضى خلفُ / ولليالي إذا ملّيتها الشرفُ
يا من له في العلا والمجد متّلد / ومن له في الندى والجود مطّرفُ
أنت العليم بما يأتي الزمان به / وأنت بالدهر والأيام معترف
يضحي الفتى وسهام الخطب ترشقه / كأنما المرء في الدنيا لها هدف
تالله تبقى أمر اضحت له رصداً / يد المنايا فترويه وتختطف
تعزّ إذ لك فيمن قد مضى عظة / وعبرة الحيّ بالقوم الذي سلفوا
تبّا لدار بلاء لا نعيم بها / إلا وعقباه ترحال ومنصرفُ
ويا فجيعة دهري بالخليل ويا / جند العزاء على قلبي الشجيّ قفوا
فكلما نظرت عيني ولم تره / فالقلب ملتهب والجفنُ منذرفُ
يا ابنالنبي ولا تحصى منا قبكم / ولن يعددها الإسهاب والسرفُ
الحلم والصبر لولاكم لما عرفا / وإنما الخلق من تباركم عرفوا
لا يكمل الدين إلا في محبتكم / وليس يوجد فيما قلت مختلفُ
وأنتم السر سر الله أودعهُ / في ظهر آدم إذ جاءت به الصحف
من ذا يسوي بكم خلقا لقد خسرت / يداه وهو عن الإسلام منحرفُ
يا وارث الهدي عن آبائه وله / غزرُ الفضائل هذا الفخر والشرفُ
عادت عليّ بلوم فيكم عصب / ما الجهل إلا الذي قالوا وما وصفوا
وغيرتك أناس ضل سعيهم / عني وحبي لكم كالصبح منكشف
سأجعل الصبر في جيك معتصما / لعل رأيك لي بالخير ينعطف
لا تطلبَنّ الصديق يوما
لا تطلبَنّ الصديق يوما / فإسمه ما له مسمّى
من رام من دهره صديقاً / أخاو دادٍ يموت همّا
إذا سقيت الخليلَ شهداً / على صفاء سقاك سمّا
إن كان أضمر قلبي عنك سلوانا
إن كان أضمر قلبي عنك سلوانا / لا كنت من مغرم صبّ ولا كانا
إلام توعدني هجرا وتوسعني / هجرا وتوعدلي مطلا وليّانا
إن كان أغراك حسّادي فلا عجب / لطالما اختلقوا زورا وبهتانا
صددتني ناسيا ودي ولي كيد / فرحي وقلب غدا بالوجد حرّانا
وقلت ذاك سلا يا صاحبَيّ سلا / هل كنت أضمرت يوم البين سلوانا
تجفو وتزعم أني قد جفوتُ قلى / لا متّعت بالكرى أجفان أجفانا
وقد توهّمتُ أنّي قد نسيتكُمُ / رمى القذى والأذى إنسان إنسانا
لو ذاق جفني الكرى حتى بعثت كنا / فيه خيالك أحيانا لأحيانا
إن رمت تجديد عهدي يوم كاظمة / فخذ فديتك أيمانا وأيمانا
واعلم بأنك إن تجنح إلى مللٍ / في الحب أورثت قلبي الدهر أحزانا
يا راقداً عن محبّ لا يذوق كرىً / إرحم فديتك صبابات سهرانا
فالصد منك وإن أصبحت ذا صدد / جمر الفضى بفنا الأوطان أوطانا
لو واخذ اللّه أهل الحب إذ عشقوا / أو أن يعذّب أهوانا لهوانا
أيا مضيع الذي ما زلت أحفظهُ / في حبّه صل محبّا قط ما خانا
أذاب فيك الهوى للناس أفئدةً / وفيك ذوّب ابدانا وأبدانا
يا مسعد الدهر في ظلمي أما عجب / إن جت عدلا وجئت اليوم عدوانا
سألزم الصبر قلبي إذ لجأت إلى ال / ملك العزيز عماد الدين عثمانا
ولذت من كل ما أخشى بعقوته / فلست أنطرُ من قاصى ومن وانا
أصبحت في كنف من فيض نعمته / قد أطرق الدهر عنّي اليوم حيرانا
ملك إذا برقت بشرا أسرته / تهلّل الجود من كفّيه تهتانا
إن جئته تلق من بشر ومن لطفٍ / فضلا ينيلك إحسانا وحسّانا
جود تحل به الروض الأريض وإن / أردت خلقا تجد روضا وغدرانا
كنّا نؤمّل أن نلقى الكرام فلم / نجد ونبصر أعيانا فأعيانا
وقد رأينا منيل الأرض فانكشفت / غياهب النحل عنا إذ تفشانا
أعطى فاكسبنا بالجود محمدةً / وجاد سرا وإعلانا فأعلانا
سمت إلى باذخات المجد همتهُ / فعمّ بالعرفِ أولانا وأولانا
لطاقة أعجزت فكري ويكنفها / بأسٌ يروع به ذهلا وشيبانا
كم موقف لك والخطّيُّ مشتجر / والبيض تكسي نجيع الهام أجفانا
يرضى به الله والإسلام مبتهج / منه وعاد نبيّ اللّه جذلانا
للمشركين على الأيام مكمدة / كما حطمتَ أناجيلا وصلبانا
شرعت للسيف شرعا في رقابهمِ / كما لأكبادهم أشرعت خرصانا
إنّي وأياك والأمثالُ أضربُها / ذكرا كما قال ربّ العرش تبيانا
تصر وفتح قريب باجتماعهما / تبغي من الله رضواناً وغُفرانا
حيّا بكاس السُرى سا في الأغاريد
حيّا بكاس السُرى سا في الأغاريد / فعربدت طربا منها على البيد
واحتشّها السير في خرقاء داويةٍ / حتى عرى البيد منها في عرابيد
وقادها شوقها لاسوقها فغدت / تغلي الفلا بين إدخالٍ وتوخيد
عيس براها أبراها فهي موجفة / وجدّها جدّها من غير تأييد
تذكّرت بحمى الجرعاء مرتبعا / ومورداً غير ترنيق وقصر يد
فبلغتني أقصى منتهى أملي / وأنزلتني بظلّ منه ممدودِ
أدنَت مزاريَ من حبّ جويتُ به / لما رماني بتفريق وتبعيد
وكدت أورد من بعد الفراق له / في منهل حياض الموتِ مورودِ
والبعد أقتل داءً من مقاطعةٍ / تبقي وشيك مزار الأنس الغيد
كم من رسيس جوى أهدي إليّ نوىً / أغدو لها بقؤاد جد مفؤود
يا صاحبي ليس لي في الحب مزدجرٌ / ولا أصيخُ لتعنيف وتفنيد
خذ لي أمانا إذا ما رمت مصلحتي / من أعين العين أو من صائد الصيد
فلست أنفكّ فيها من بنال هوى / ترمي فتقصد قلبا غير مقصود
أو من حبائل شجور رحت محتبلاً / فيها بقلبٍ بحبل الحب مصفود
لو كنت شاهد ما ألقاه من كمدٍ / عذرت من بات خلوا غير معمود
تلجلج الدمع في الآفاق ثم جرى / لما انبرى بين تردادٍ وترديد
فشبّ جذوةَ نارٍ في الحشا ولقد / عجبتُ من لهبٍ بالماء موقود
كم لي لدى سمرات الجزع من جزعٍ / أبيت منه بتعداد وتعديد
وكم أويت من الأيام خوف ردى / منها إلى ظل عزّ الدين مسعود
القاهر الملك المرجو نائله / أزمان صوب عهاد غير معهود
أخذت منه بحبل غير منجذم / ورحت منه بقلبٍ غير مزؤودِ
أغرّ أبلج يستسقى الغمامُ به / خيرا ويؤذن منه البشر بالجود
ثبتُ المقامة لا تُثنى أغّنتهُ / عن بسط معدلة أو فيض توعيد
أرسى دعائم ملك لا انفصام لها / وشاد قاعدتي دين وتوحيد
ركن الخلافة لا ينفكّ يكلوها / بعزمة بين تشييد وتوطيد
مستمسك بحبال من حكومته / وعدله بعد تحكيم وتقليد
ما زال في فترة يبفي الهدى فلقد / أتاه خير رسول بالمقاليد
نؤرمن الله والمبعوث أرسلهُ / خير الأئمة يبغي خير مقصودِ
أهلا به وبما ضمّت مواكبهُ / من نعمة آذنت منه بتخليد
شممت منه وقد وافى بجحفله / عرف النبوة لا عرفاً من العودِ
نعمى أضاء بها ليلُ الرجاء وقد / حالت لباب الأماني بالأقاليد
طل يا مليك الورى فخرا بما بعثت / لك الخلافة من عز وتمجيد
أمطتك هام الثريا من منائحها / وتولتك عطاء غير منكود
لا غرو أن رحت تبأى الناس كلهم / بما تفردت في فضل وتسديد
حطت الحمى ورددت الفي مجتمعا / من بعدما كان فينا غير مردود
يا وارث الملك والمجد والمؤثل عن / رسلان شاه ابن مسعود بن مورود
ها أنت والدهر والدنيا مطاوعة / وها أنا ونداكم غير محدودِ
كانت سفينة آمالي ملجّجةً / حتى استوت من أياديكم على الجودي
يا ابن الملوك الألى شاد وامناقبهم / حتى اغتدت بين تقرير وتمهيد
أحرزتم الملك والذكر الجميل فقد / غدوتم بلواء منه معقود
فأيُّ روض ندىً لم يرع عندكم / وأيّ ورد نوال غير مورود
ما بال فضليَ لا يرعى ومنقبتي / لا تُبتني ومقالي غير محمود
وعندكم يا بني زنكي معرفتي / فضلا ومن أيّ عود شقّ لي عودي
ربّيت في ظلّكم طفلا فمذ يفعت / سنّي بذلت لكم نصحي ومجهودي
ماذا اجترمت وما أذنيت عندكم / حتى تبدّد شملي أيّ تبديد
وعدت من بعد عزّي واشتمال يدي / لكالذي باع موجودا بمفقود
لا تسمعوا قول حسادي وأيّ فتىً / منوّه الذكر ينفي غير محسود
أيام ملككم أيام معدلة / بل رحمة بنوال غير معدود
فدمتم ما أتي دهر بحادثة / تروى المكارم عنكم بالأسانيد
أأستجبر عليهم دمعي الجاري
أأستجبر عليهم دمعي الجاري / والدمع يظهر إعلاني وأسراري
وأستكفّ الجوى فيهم ولي نفس / يريك بردا لديه غلّة النار
يا حار هذي أربا نجد ولست أرى / غيري وهل ينفعن في الدار يا حار
ولن أرى مونسا من بعد بعدهم / سوى رسوم عفت منهم وأحجار
كسيتُ ثوب سقام في مرابعها / وما كسانيه إلا ربعها العاري
والله ما تلكم الأطلالُ بعدهمُ / إلا بواعث أشجان وأفكار
لئن خلت منهمُ يوما فقد ملأت / قلبي المعذب من شوق وتذكار
عهدي بها ورداء الشمل يجمعنا / في ربعها بلبانات وأوطار
وغادة تجمع الضدّين في قرنٍ / ماء الحياء على خدّ من النار
تصبي اللبيب بقدّ كالقضيب إذا / ما ست وطرف عليل اللحظ سحار
عاطيتها اللهو والفودان داجبة / والعيش أغيد غض غير معصار
والدهر ترمقنا شزراً حوادثه / كأنه طالب الأحرار بالنار
وللخطوب كما حدثت حادثة / ترمي الصفاء بأقذاء وأكدار
ولليالي إغارات على عصر / من الشباب ولذات وأعمار
كم ينحت الدهر من عودي ويسلبني / ما كان يعرف من عزي ومقداري
ويجلب الشيب لي حزنا إلى حزن / أبيت منه على خوف وأخطار
قبحا لوجه زماني حين أبدلني / بعد الثراء باعدام واعسار
ولست أنفك في فضلي ومنقبتي / من حاسد لي أوزار وأوزار
من ذا يروم محلي بعد ما شهرت / رسائلي في الورى طراً وأشعاري
وضعت في كل علم ما تقربه / عين اللبيب وما يلهى به القاري
ولي خلائق ما تنفك من شرف / مثل النجوم التي يسري بها الساري
وعصبة منتماهم إن هم فخروا / ماء السماء وعرق من بني الدار
وهمة من عماد الدين تخطرني / منها على خاطرٍ في الجود خطّار
داودُ والمرتجى في كلّ نائبةٍ / إن قلّ في الناس أعواني وأنصاري
من آل يوسكٍ اللائي مناقبُهم / تتلى بحسن روايات وأخبار
قوم متى كنت منهم في ذرى حرم / بدّلت من بعد إعسار بأيسار
إن قوبلوا فحفاظ من محاسنهم / أو قتوتلوا فحفيظات بأغمار
طابت أصولهم غذ طاب فرعهمُ / يوم الندى بعد إيران وإثمار
فرد بحيث أياديهم ورأيهمُ / تحظى بأكرم إيراد وإصدار
جلوا وجلاهم داود في خلقٍ / وغزر جود وأخبار وآثار
يعطيك من ماله ما أنت آملهُ / جودا ومن جاهه عزّا بإكثار
كاس من احلمد ثوباً ليس يخلفه / دهر ولكنّه عار من العار
مستحصد الرأي مجموع القوى فطنٌ / للمشكلات بعزم زندهُ وار
سيط الأنامل بسام إذا انقبضت / أيدي الليالي عن معرفه الجاري
طلقُ الأسرة وضّاحُ الجيش إذا / ما أظلم الخطب من عدم وإقتار
يا من غدا ولسان المجد يشكرهُ / شرّفتَ بالمدحِ ألفاظي وأفكاري
لم يكب زندك في العلياء ذو أملٍ / ولم يخيب رجاء نحوك الساري
ولم يلن عودك الجافي لعاجمة / ولا أمرّ جنى منكم لمشتار
قد صنت حوزة هذا الملك عن ثقة / بأن سيجزيك عنه الخالق الباري
صحبت عيسى على ما شاء من شيمٍ / فأنت فيما يراه صاحب الغار
لا زلت عن نصحهِ يوما ولا انقطعت / عنكم سوابغ من معروفه الطاري
ظبي الصريم حبالي في الهوى صرما
ظبي الصريم حبالي في الهوى صرما / حتى أراق دموعي بالفراق دما
وعلّم الجفن أن يذري الدموع أسى / فهل تراه بقتلي في الهوى علما
حلّمتهُ فيّ حتى ظلّ من سفهٍ / يضني فؤادي ألا يا بئس ما حكما
اصموا الفؤاد بسهم من تباعدهِ / وأورث السمع من بعد النوى صمما
يا دار سلمى سلام من حليف ضنىً / من لسعة البعد والتفريق ما سلما
أضحت ربوعك من بعد الأنميس بها / قفرا فأصبحَ حبل الوصلِ منجذما
لا مرّ وفد نسيم الريح بعدهمُ / إلا حدا ليروي ربعهم وبما
قد أوطنوا بعدك الجرعاء من إضمٍ / علما بأنهم قد انكروا العلما
واستبدلوا من ديار الحي كاظمة / وما الموا ولكن أغصبوا ألما
وليلة طاف فيها الطيف بي سحرا / فما لبثت ونجم الصبح قد نجما
فما قضيت به للنفس مأربة / لكنّما زاد جسمي في الهوى سقما
أتى وقد هزّني شوق لزورته / مولي سلام وتوديع قد التزما
آهاً على طيب أيامي بوصلهمِ / وللشبابِ الذي كنا مذ التأما
واحبّذا مربع حاك الربيع به / برود وشي تخال الأرضُ منه سما
من أصفرٍ فاقع يحكي المحبّ إذا / ما شتّت الدهر شملاً منه ملتئما
ومنه احمر قافٍ كالجيب غدا / عند الكفاء حياء مطرقا وجما
وأخضر مثل ما ينوي لعاشقه / من الوصالِ غدا في الحر ملتهما
وأبيض قد كسا وجه الثرى حللاً / من نوره وتغشّى القور والألما
فالروض يضحك إذ يبكي السحاب به / حسنا ويفترّ ثغر النبت مبتسما
فاشرب من الراح من حمراء صافية / تخال بالمزج في كاساتها خدما
من قهوة لم تزل موجودة قدما / قبل الزمان وقد كان الورى عدما
من كفّ أغيد ممشوق القوام غدت / نحكيه خدّا وريقا طيبا وفما
والدهر في غفلةٍ عنا ومن غفلت / عنه صروف الليالي ظلّ مغتنما
وما تحكّم صرف الدهر في أحد / أضحى بدولة عز الدين معتصما
ملك رأى الله أن الحق ركبّه / فيه فملّكه الأرضين والأمما
فأصبحت سطوة الجبار خاضعة / لديه إذ راح للرحمان منتقما
ان جئته نلت ما قد كنت تطلبهُ / وعُمتَ بحرا عذا بالجود ملتطما
وحزتَ من سعد مسعود عظيم منى / تضحي الليالي لما قد نلتهُ خدما
بنى له الفضل والإفضال بيت علا / أضحى به ركن من ناواة منهدما
لله أيّ يدٍ من أمّ نائلها / رأيت بحر ندى من كفّه انسجما
وإن ألمّ بحربٍ ظلّ جاحمها / من شدّة الرعب بالأبطال مضطرما
يفري الكلى بالقنا طورا وآونةً / بالمشرفيّة يبري الهام والهمما
ماذا أرسم من مدحي لسؤدده / والدهر ممتثل في الأمر ما رسما
من معشر جمعوا شمل العلى لهمُ / حقّا وقد كان منها الشمل مقتسما
وشيّدوا الدين بالخرصان والتزموا / منه عراه وكان الدين مهتضما
إيه مليك الورى مرىءً ومختبراً / لم يطمعا في العلى عربا ولا عجما
لك العطايا التي أمت فواصلها / منك الاعادي لما عمّت الأمما
ومنك سار الندى بين الورى مثلا / سيّرت جوداً فعلّمت الورى الكرما
يغنى الزمان ولا تغنى مناقبكُم / والمأثراتُ فلا زلتم لنا حرَما
ما بعد رامة للمشتاق من إرب
ما بعد رامة للمشتاق من إرب / فاحبس بها فإليها منتهى طلبي
وقف بها وقفة تشفي الفؤاد بها / مما يعانيه من داء ومن وصبِ
واحلل عرى دمعك المقصود في دمق / قد أقفرت بعد بين الخرّد العرُبِ
يا دار لا زال درّ الغيث منهمراً / في عرصيتك بفيض غير منقضب
وإن جفتك غوادي المزن هامية / سقاك دمع جفون جدّ منسكب
حلّاك إذ حلّ في مغناك منه حلىً / يروقُ منظرُها بالزهر والعُشُبِ
حلّلتها بعد شمل كاف مقترباً / في ربعها ببعاد غير مقترب
وشملنا في اجتماعٍ والزمان لنا / مساعف ومحلّ الدار في صقب
ولم ترعنا من التفريق حادثة / ولا تعدّى إلينا قادح النوبِ
وودّ لمياء لا شيء يدنّسهُ / كذاك وذّي لها عار من الريب
وليلة بتّ أجني من مراشفها / رضاب ثغر حكى ضربا من الضرَبِ
إذ غادرت حندس الظلماء وهو ضحى / من نور وجه بريك الشمس لم تغبِ
عاطيتُها خمرة حمراء صدافية / تخال في كاسها جمرا من اللهب
كأنّ في اليد منها بعدما مزجت / يا قوتة رصّعت من لؤلؤ الحبَبِ
لم يخلق الدهر إلّا وهيَ كائنة / في دنّها قبل خلق الكرم والعنبِ
حتى بدا الصبحُ يحكى في تبلّجهِ / وجه المليك عماد الدين ذي الرتب
ملك له بأسُ من لا يرتجى أبداً / وجود من كفّه توفي على السحُبِ
نعمى أبى الفتح من أغنت فواضلهُ / ذوي المقاصد من فاء ومقترب
ملك إذا ما البحار السبع قست بها / جدوى أياديه عادت منه كالقلبِ
إذا تناسب هذا الناس وافتخروا / كانت مناقبه أعلى منَ النسب
تجيي عطاياه ميتَ المكرمات كما / تنسي سجاياهُ ما قد خطّ في الكتبِ
فارقب رضاه وكن منه على ثقةٍ / وخف سطاه إذاً في ساعة الغضَبِ
لم يعتقل سمهريا يوم معركةٍ / إلّا وقام مقام الجحفل اللجب
نابت مهابتهُ عن سيفهِ وقفت / نفوسُ أعدائهِ من شدّةِ الرعُبِ
فاسأل أعاديه عن افعاله فلكم / كساهم الذلّ بعد الويل والحرَبِ
لم ينج منهم سوى من كان عصمتهُ / من خيفة القتل ما أعياه من هربِ
ملك الورى دعوةً منّي على مضضٍ / من الزمان الذي أخنى بلا سببِ
أودى تلادي وولى بعده تبعا / حتا طريفي وما جمعت من نشَبِ
وكان قد غفلت عني حوادثهُ / في بغلة كنت أقضي فوقها أربي
حتى ألمّ بها منه الردى فغدا / قلبي قتيل الأسى والهمّ والنصَبِ
ولم أجد سبباً يخني الزمان به / على ذوي الفضل إلا حرفة الأدب
فألبت عداي بأخرى مثلها فلقد / قصّرت عن كلّ ما أهوى من التعب
أولا فأدهم تغري الليل غرّتهُ / نهدُ القصيري شديد العظم والعصب
سامي التليل عريض المتن مرتفع / عالي النواهق وافي الرسغ والذنب
صافي الأديم كأن البرق غرّتهُ / رحب اللبان أسمّ الأنف والقصبِ
كاس من الليل بالظلماء ملتحف / لكنما زانهُ التحجيل بالجبَبِ
هقل إذا ما تولى مدبرا فإذا / أتى فظبي كناس ريع من كثَبِ
يكاد يسبق لحظ العين كيف جرى / فما يدانيه مرّ الريح في الخبَبش
ولو يباريه زاد الركب عن عرضٍ / في حلبةٍ لكبا منه على الركبِ
فذاك بغية مثلي من نداكَ وأن / وأعود من جودكم بالمنظر العجب
ملك البرايا لقد أملت صفاتك لي / ما ليس يحصر في شعر ولا خطب
تراك تشفع لي عند الوزير عسى / يخطّ وزري وعيب قد حوت عيبي
أفروتي هي والمقيار ألبيتها / في الصيف أم كفن ينضمّ في الترب
تحلّم البرد في جسمي فغادرهُ / لقا بغير لقاء السمر والقضب
إذا أتى القرّ لم اسطع مدافعةً / عني بسمر الموالي لا ولا اليلَبِ
وصال غيري نقد حاضر أبداً / والوصل لي موعد من غير مكتسبِ
كذاك حظّي من الأيام أعرفهُ / قد فاتني العمر والآمال تلعب بي
حاشا جنابك إني أستطلّ به / والحال ما حال من فقري ومن سقبي
ما لي سواكم فلا الحدباء أدخلها / يوما ولا حلبي قد درّ من حلَبِ
من لي إذا لم تكن لي يا أجل فنى / فاق البرية من عجم ومن عرب
لا تستمع في أقوالاً مزخرفةً / من غير ذي حسب كلا ولا نسب
ولا تصدّق عدوا ما يفوه به / عنّي ويشبهُ ما قال من كذب
وفي البريّةِ قوم عمّ جهلهمُ / حقّا فيا عوابه درّا بمخشلب
يبغون أن يبلغوا شأوي ومن لهمُ / به وكم بين صمّ الصخر زالذهب
سعر إلا دراكه من غير منقبةٍ / كلا ولا رتبةٍ في الدين والأدب
فقصّروا فرموني بالقبيح ولم / أكن الأرضاه في جدّ ولا لعب
ما زلتُ بالعلم طول الدهر في صعد / ولم يزالوا بفرط الجهل في صبَبِ
باللّه أقسم إني لا أزال لكم / موالياً مددَ الأيام والحقَبش
لما رأيت أنّي الجود قد غَرقت / فيه الأماني بمال جد منتهب
كنت الحقيق به من كل زي أمل / علما وفضلا وما أسلفت من قربِ
دم هذكا بغم تولى ومنقبة / تبنى فتسموا على الأفلاك والشهبِ
فالرزقُ والأجل المحتوم قد كفلت / كفاك إعطاءها بالمال والقضب
لم يلحتق شأوكم كسرى ولا تبعت / أخلاق تبّع أو مسعى أبي كربِ
قِف إنّ شاني بهم أن يسفح الشان
قِف إنّ شاني بهم أن يسفح الشان / دما إذا جار بالتفريق جيران
وأبك النازل بعد الظاعنين فقد / زمّت لوشك النوى والين أظعان
كن مسعدي إن حالي قد غدا عجبا / في الجفن ماء وفي الأحشاء نيران
ضدذان لم تجتمع قبلي وأعجب ما / حدثت أن جمع الضدين إنسان
سقى الحيا منزلا بالشام آلفهُ / ولا عداه سحوح الودقِ هتّانُ
حيث المها بفتا الشهباء كانسة / والشمل جمع وغصن الوصل فينان
وإن جفته غوادي المزن باخلةً / سقتهُ ما روّضت للبين أجفان
يا حبّذا الريح تهدي من ديارهم / نشرا يفوق الذي أهدته نعمانُ
وحبّذا مرمع كانت تغازلني / به من الخفرات البيض غزلان
أيام أسحب ذيل الملهى من طرب / والخطب في غفلة والدهر وسنان
ولمّتي من بياض الوصل حالكة / سوداء إذ للشباب النضر ريعان
نبتم فلا العيش عيش بقد بعدكم / مما ألاقي ولا الأوطان أوطان
والقلب منذ تناءيتم حليف ضنى / لما غدرتم ودمع العين عذران
أين المخير عن قلبي فإنّ له / جوى يهجهُ شوق وأحزان
يا أيها العاذل المولي نصيحتهُ / سل عن فؤاديَ هل يعروه سلوان
لا حلت عن ودّهم في الحبّ إذلهم / عندي من الحب ميثاق وأيمان
إن كان روّى جفوني الدمع بعدكم / فإن قلبي من التفريق صديان
ان خانني الدهر فيمن كنت آلفهُ / فالدهر بالبين للإخوان خوان
أو رام نقصيَ لم يظفر ببغيتهِ / والشمس لا يعتريها الدهر نقصان
ما راق إنسان عيني في الدنا سببُ / يسمو به للورى إنسٌ ولا جانُ
ولا غدوتُ بآمالي إلى أحد / له من المال شبع وهو غرثان
أذود باليأس عن احواضهم أملا / يروى بريّ الأماني وهو عطشان
حتى انتهيت إلى جود المعمر من / عمّ الورى منه إفضالُ وإحسان
فأيقنت همي أن قد بلغت منى / وعاد لازم فقري وهو خزيان
وقد رقيتُ من العليا برؤيته / مرقى يقصّر عن أدناه كيوان
ورحت في جنّةٍ من فضل نائله / لكنّ منبتها در ومرجان
له من الجود ما لو أن أيسره / للغيث إذ جاد عم الناس طوفان
فلم نلاق أمرا في عصره أبدا / يقول لازمني فقر وحرمان
اضحى العفاة وثوقاً من فواضله / في رقدة إذ ندى كفّيه يقظان
لو أنّ قصّادهُ شمس الضحى اقصدوا / لقطّبت وهو طلق الوجه جذلان
أو كان في الخلق طرّا من تحلّمه / بعض لما احتربت عيس وذبيان
أو كان نظم عبيد مثل نظمك ما / أرواه في يوم بؤس منه نعمان
يا ذا البلاغة لا قسّ تعمّصها / قدما ولا سحب الأذيال سحبانُ
وذا القطانة إذ لم تسبح إبلا / من بعض ما علمت ذهل وشيبان
يا ابن النبي إلى ما تنتهي مدحي / فيكم وليس الحصر الوصف إمكان
يكفيكم ما تلت مدحا لسوددكم / توراهُ موسى وانجيل وفرقان
قفوت إثر رسول الله جدّكُم / في فعله واقتفى ما قلت حسان
نجيتم آدما إذ كان أوبقه / لولاكم عند رب العرش عصيان
ونوع كنتم له في الفلك عصمته / مما عراه ولم يدركه طوفان
ومنكم رجعت نار الخليل له / بردا وعاد إلى ملك سليمان
من رام مرتبة في العز غيركمُ / تبّا له ولما يرجوهُ خسران
ما كلّ ماء بدا للعين عن كثبٍ / صدى ولا كل مرعى طاب سعدان
إيها أبا طالب إني محضتكم / ودّي فمين لكم سر وإعلان
ما خلت روض ودادي عندكم هملا / حتى يقابل ودي منك هجران
وأن يفوز بكم غيري لجدته / كم من جديد له الأسرار خلقان
اشكو إليك فعال السكري معي / فإنّه من قبيح الفعل ملآن
قد غلّني ملبسي حقا ولا عجب / ود الخطيب وإن أصفاه خطبان
تهنّ بالشهر شهر الله إذ لكم / فيه وفي العام تسبيح وقرآن
ودم لتشييد ركن المكرمات فلا / عدا ربوع المعالي منك عمران
أمن أميمة مصطاف ومرتبَع
أمن أميمة مصطاف ومرتبَع / أقوى فشملي غداة البين منصدع
أم دمنة باللوى عفّت مرابعها / يد البلى ومماها الأزلم الجذَعُ
وقفتُ فيها بدمع لست أملكهُ / بريعها وفؤاد ليس يرتدع
أعلّلُ القلب عنكم في تقلّبه / وأخدع النفس لكن ليس تنخدع
ترجو الوصال فما تنفكّ من طمع / يذلّها وهلاك الأنفس الطمع
للّه ليلة طاف الطيف بي فغدا / مورّقا لجفوني حيثما يضع
ألمّ وهنا فسرّى الهم حين أتى / يفري إليّ الدجى والناس قد هجعوا
حنى اغتدى فكأنّي لم أكن أبداً / رقدت والطيف ما ينفكّ يمتنعُ
يا عاذلي في أميم القلب إن لها / عندي منَ الشوق ما قلبي به ترع
لا تعذلني فقلبي غير منجذب / إلى الملام وسمعي ليس يستمع
لله قلب يد البلوى تقلّبهُ / والعاذلون لديه في الهوى شيع
في قضبة الحب لا ينفكّ في ولهٍ / بالمالكية مغرى مغرم ولع
بانوا فما التذ جفني بعد بينهم / طعم الرقاد وجنبي ليس يضطجع
يا جيرة الحي جودوا لي بطيفكمُ / إني به في ظلام الليل أنتفع
وكيف أرجو طروق الطيف بعد كرى / مشرّد عن جفونٍ ليس تجتمع
أقول للركب يبغون الندى فهم / بظهر يهماء مرت سبب سرعُ
يواصلون السرى بالسير لا فرق / يعروهم بنوا حيها ولا هلَعُ
عوجوا فجرد جمال الدين منسكب / كالغيث تروي به الأقطار والبقع
حيث الندى بفنا الحدباء متصل / من كفّه والروى بالبأس منقطع
من كان اضحى بصرف الدهر مضطلعا / فبا لمعمّر صرف الدهر ينفدع
أعطى فلبس السحاب الجون يدركهُ / كلا ولا راغب في الغيث ينتجع
فجودهُ دائم التسكاب متّصل / والغيث جيأته في عامنا دفعُ
قد سنّ من جوده بين الورى سننا / أضحى الورى وهمُ من دونِها ضلَعُ
مولىً إذا قصّر الأمجاد عن دركٍ / للمكرمات غدا يعلو ويفترع
يا ابن النبي وأنى عدّ من شرفٍ / يوم الفخار فبالمبعوث ترتفع
إذ جدّك المصطفى والأم فاطمة / وصيد الدمن ذا الورى نصعوا
قوم بدينهم وإن الأنام فلا / هدى سوى الدين والشرع الذي شرعوا
بيت الإله فبالتعظيم حصّصه / ومهبط الوحي فيهم ليس يمتنع
قوم لهم كون الله الورى شرفا / إن نوطقوا أفحموا أو قوتلوا اشجعوا
او يذكر الفضل كان الفضل فضلهم / فالعلم والحلم والايمان والورع
بدينهم ذلّ اهل الشرك قاطبةً / حقّا وحطّمتِ الصلبان والبيعُ
قوم تضمّنت الآياتُ وصفهمُ / فلا ثناء لهم في الناس يبتدَعُ
الموثرون على الجلّى وقد طرقَت / والباذلون الندى والناسُ قد صقعوا
والقائمون الدجى والناس قد رقدوا / والصائمون قلا ريّ ولا شبَعُ
خسراناً لسعيكم / إذ لم يزل منكم التضليل والبدع
نازعتم الحق وهم / بالحق للدين والايمان قد طبعوا
من رام أن يجتني مجدا كمجدهم / كان الشقيّ ولم يصنع لما صنعوا
ما كلّ من يتعاطى المجد يدركهُ / إذ ليس من دونه مستورد شرعُ
زكت أرومتهم إذ عُظّموا شرفاً / على الورى فحكاهم منهم التبَعُ
فيا لمعمّر قد شيدت مناقبُهم / ذي المكرمات فلا وانٍ ولا ضرَعُ
يا من إذا ما ادعت علياه منقبةً / فالشاهد اللَه والأملاك تستمعُ
لولا التحاسد من برء ومن ألمٍ / لم يأت نحوك مسروراً بك الوجعُ
لو أن علمك أضحى في الورى لفدا / كل من الناس نحو الغيب يطلّع
أو كان للشمس نور منك ما أفلت / ولا اعتراها كسوق لا ولا قمَعُ
غيةٍ أبا طالبٍ طوقتني نعماً / ظلَلتُ عن شكرها أعيا وأنقطع
يمّمتكم بولاء لا يدنّسه / لبس وود وثيق ليس ينصدعُ
ولا أزال وإن شطّ المزارُ بنا / أصفيكمُ الوُدّ منّي بلهَ ما أسَعُ
قد أعرب الدمع عن وجدي وكتماني
قد أعرب الدمع عن وجدي وكتماني / وأعجم القلب في صبري وسلواني
وقابلت أدمُعي فبمن كفت به / يوم التفرّق والتوديع نيراني
اشكو الهوى وفؤادي يستلذّ به / وغير شاني الذي أبدى لكم شاني
بنتم فما زلت مع وجد أكابده / مستوحشا لكم سرّي وإعلاني
والبعد في النار أكفاني وموقدها / من بعد وشك نواكم دمعي القاني
لا كان سهم نوى أصمى فؤادي من / عوجا وتين بمرنان ومذعان
لو زارني الطيف سلّيت الهموم به / ولو تغشى رقادي كان يغشاني
لم يطرق النوم أجفاني ولا عجب / من بعد فرقتكم أنى تجافاني
ما صحّ كتمان سرّي إذ جفيت وقد / أصبحت ما بين أحشاء وأجفان
فدمع عيني طليق بعد بعدكم / لكن فوادي المعنّى فيكم دعان
ما استعذبت عذبات الرند بعدكم / روحي ولا بان منّى رغبة البان
تحمّلت منكم ريح الصبا أرجا / أزرى على نشر يبرين ونعمان
ما خلت أني وإن ساء الزمان بنا / فعلا أفارق أحبابي وخلان
ولا علمت بأن الدهر يبدلني / من بعد تشتيت إخواني بخوّان
يا ظاعنين وقلبي نحوهم أبداً / يحدى من الشوق فيما بين أظعان
بنتم فما لذّ لي عيش لبعدكم / ولا فرحت بأوطارى وأوطاني
أورثتموني شبحا باق تردّدهُ / لبعدكم ي سويد القلب أشجاني
أنّى ذكرتكم فالشوق من وله / جمر الفضا بفنا الأوطان أوطاني
إن خانني زمني فيكم فليس له / بدع إذا ما رمى حرّا بحرمان
أو كان بغيته خفضى فقد رفعت / يد الفضائل بين الناس بنياني
جلّيت عند فتاء السن من أدبي / أوفى شيوخ بني الدنيا وشبّان
وطلت هذا الورى بالفضل أجمعهم / لكنما الرزق لم يحرز بإمكان
حتى ظفرت بزيد الجود جللني / فواضلا أذهبت همي وأحزاني
فرحت إذ راح حوضى عنده ترَعاً / أوفى البرايا بإحسان وحسّان
وصرت من شرف مستوطئا قدمي / هام الثريا وبهرام وكيوان
ولم تكن جنّتي من نيله طمثت / وجود كفّيه من إنس ولا جان
لو رامت الثقلان الجود من يده / تحكيه لم ينفذوا فيه بسلطان
ولو يكون لنوح مثل سيبكم / لم ينفع الفلك بل أردي بطوفان
أغنى ذوي الفقر والبأسا وقد رقدت / آمالهم بنوال منه يقظان
إن كان ذا الدهر عناني بحادثه / فقرا فجور ضياء الدين أغناني
يا ابن النبيّ وأنتم منتهى أبلى / إذ النهى عن تمنّي الغير ينهاني
أنّى تقاس بقسّ إذ سحبت علا / ذيل الفخار على قسن وسحبان
فخرتم الناس طرا والملائك إذ / جمعتم بين أحساب وإحسان
فحيدر والبتول الطهر فاطمة / بالنصّ في سورة الرحمن بحران
لا يبغيان ولكن من قرارهما / يستخرج البر من درّ ومرجان
إن رمت مدحكم جاءت فواضله / في هل أتى وتلته آل عمران
أحرزتم المدح طرّا والفضائل من / توراة موسى وإنجيل وفرقان
من قال إنّ لكم شبها فلا عجب / أن قال إن الدجى والصبح سيان
غدوت ثاني زين العابدين تقى / وماله أبدا بين الورى ثان
صبوتَ نحو كتاب الله مكتملا / إذ كنت أجللتهُ حفظ صبيان
وقمت للّه والأجفان قد رقدت / تقضى الدياجي بتسبيح وقرآن
اشبهت جدّك في سر وفي علن / لكن فخرت على كعب وحسان
لما مدحت بما أملت صفاتكم / ذلت صعاب القوافي بعد طغيان
ورمت مدح سواكم قال لي حسبي / يا ويك قصر أكفر بعد إيماني
فنعت فيكم بإخلاصي بحبّكم / وقد كفاني إذا ألبست أكفاني
الله أكبر هذا مربع الجود
الله أكبر هذا مربع الجود / فاحبس سراك عن المهديّة القود
واحلل ببحر نوال طاب موردهُ / وظل عدل على الأيام ممدود
هذا طلابك جود لا ترام إذن / صفاته بين تكييف وتحديد
ونور علم كأن اللّه كوّنه / بلطفه بين توفيق وتأييد
وطود حلم إذا ما الشم قست به / أربى عليها بترجيح وتسديد
ونجح راي أبي المنصور قد أخذت / في الحقّ منه يداه بالمقاليد
وللمظفّر آراء رفعن لهُ / من الحجا بلواءٍ منه معقود
قاض يظلّ به الإسلام مبتهجا / إذ لمّ شملا له من بعد تبديد
قاضي القضاة وسيف اللّه قد سفرت / أفعاله البيض في أيامنا السود
حيى الشريعة بعد الموت حين غدا / للدين ما بين تقرير وتمهيد
وغادر الخلق طرا من فواضله / يثني عليه بتمجيد وتحميد
لولاه راحت ربوع المجد مقفرة / ومشهد الحق فينا غير مشهور
وأثبتت للعلا والمكرمات إذن / محاضرُ بانعدام البذل والجود
مسدّد الراي في الأحوال يكلأها / مشرّع السمع للداعي إذا نودي
للمكرمات مجال في مسامعه / وليس يصغي إلى لوم وتقنيد
بنى مدارس علم طالما درست / فبدّلت بعد ما محّت بتجديد
وشيد العلم علم الشافعيَ وقد / غدا له بين تصويب وتصعيد
ما كنتُ في ظلّه إلا هديت به / بعد الضلال لإيمان وتوحيد
وكنت إذ جئت مداحا لسؤدده / تالي المزامير في محراب داؤد
أتيته بقريض دق صنعته / وجئته بلسان منه غريد
يا حجّة الدين يا قاضي القضاة ويا / باني المعالي بتاسيس وتشييد
يا باذل المال للإعطاء يحمله / نحو البلاد على البزل الجلاعيد
رفعت في دوجهات المجد جد علي / للشهر زوري من حمد وتمجيد
لم تفتخر بهم كلا وإن كرمت / أعراقهم بفخار غير مردود
لله بيت نماكم ما اجلكم / من معشر طيب الأعراق محمود
معادن الفضل إن عدوا وإن ذكروا / رست علاهم بتاييد وتخليد
من قاسهم بالورى طرا باجمعهم / أخطى كمن قاس معدوما بموجود
يا من يساجلهم خفض فلت لهم / كفؤاً ولست إذا عدّوا بمعدود
المجد في شهر زور طاب موردهُ / وما سواه فزور غير مورود
إلى نوالك أضحى منتهى أملى / يقودني وإلى علياك مقصودي
لما يسيّرُ بين الناس من مثل / في الجود غيرك باق غير مجدود
أنت النعيم لذي الدنيا وساكنها / والناس في كلّ وقت منك في عيد
تذوي غصون العلى إن كان غارسُها / سواك إذ أنت تجري الماء في العود
إن كان قد فاته أك فله
إن كان قد فاته أك فله / تحت المسواء ضرّاب وإكسير
ومن مياه فو ال له / تبييضة ورجيع العلا تصفير
قالوا الوزير كمال الدين مصفعة
قالوا الوزير كمال الدين مصفعة / فقلت فهو بهذا الأمر قد نفعا
ألم تروا ريحة الأترج ليس إذا / تضوع إلا إذا ما رأسه صُفعا
إنّ العوانيّ إبراهيم درهمه
إنّ العوانيّ إبراهيم درهمه / وزاده للورى من دونها حرم
فإن أتى الضيف يوما نحو منزله / أحلّه الرحب منه والقرى الحرم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025