القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَواد الشَّبِيبي الكل
المجموع : 8
ميلوا إلى الوصل يا أهل الوفا ميلوا
ميلوا إلى الوصل يا أهل الوفا ميلوا / فالقطع منكم بدا والحبل موصول
لا تخجلوا من تجافيكم فقد عرقت / جباهكم إن أيدينا مناديل
فطالما مسحت صدراً به درن / فعاد وهو بكف الصفح مصقول
لا والذي شاء أن يبقي غريمكم / مستعطفاً يتقاضى وهو ممطول
إنا على عهدنا الماضي فليس لنا / عنه وإن حالت الأيام تحويل
خلتم خلا القلب منكم يا أحبته / وفيكم ربعه المعمور مأهول
قومو النظر واهل تراءى في سجنجله / لغيركم يا مثال الصدق تمثيل
زنوا ليبذر حب الحب صبكم / في ربوة القلب أو في صاعكم كيلوا
يا مصدري غرر الأحكام سافرة / إن الخيال الذي خلتم لتخييل
تدلل صار منكم وهو برهنة / كما تشاء مغازيكم وتدليل
تقولوا أو فقوَّلوا ما بدا لكم / حسبي من الذكر هاتيك الأقاويل
يا من يرّد علي الباب أطرقه / عليه ردك محبوب ومقبول
وناقد القول ملفوظاً لمهزلة / ما هكذا توسم النيب المهازيل
ومرسل السحر يعييني مطالعة / موضوعه وهو في أذني محمول
حللت معدنه نقداً ولا عجب / فالنقد للذهب الابريز تحليل
وللعروض الذي قطعته سبب / من المهازل مصنوع ومجعول
قوضته فتراءى ماله وتد / ترثي له فاعلات أو مفاعيل
أهل الفرات أهل يرضى سديركم ال / عافي الرسوم به أن يقرن النيل
تحير الفكر هل كانت زرواقه / أجرى وأثبت أم تلك الأساطيل
وفي الضفاف بيوت قيل ساكنها / الركب حطوا إلى التعريس أو قيلوا
عرب لهم في عشايا الجدب ضيقة / بالضيف ترحيب ملهوف وتأهيل
كم ضل مضطر ما أخر والقرى / خوف المدى الحمر مرسون ومعقول
في كل يوم لهم عيد وعادتهم / أن تنحر الخيل والكوم المراسيل
آه على القصر شرقياً حييت به / والوقت في هجمات الأنس مقتول
وللكروم وراء القصر مثمرة / عقص الجعود وللأعشاب ترجيل
والورق تهدل في الأغصان ساجعة / وللعناقيد في الأوراق تهديل
لم يجل فيه قذى عينيَّ من سهري / إلا أغن غضيض الطرف مكحول
وفتية كسيوف الهند جوهرها / على المضا قبل طبع القين مجبول
لا تمسك المال أيديهم لجودهم / إلا كما تمسك الماء الغرابيل
الحاصلون على علم وحظهم / من ضيعة الفضل مبسوط ومحصول
كم نثرة من نسيج الفكر محكمة / منهم بها لاح تصدير وتذييل
ان فاكهوا فرزين الحلم تحمله / أخلاقهم وهو باللذات مشمول
أصولهم مثبتات أن دوحهم / له من المجد تفريع وتأصيل
صافيتهم ويمين الدهر تمسط لي / وساعدي بنشاط العمر مفتول
غذاء روحي غدوا والنفس ليس لها / إلا الفكاهة مشروب ومأكول
مباني الجسر ناجيني على بعد / فالقلب عندك رهن الحب متبول
هل السواقي على عهدي مناصلها / فبعضها مغمد والبعض موصول
وهل عرايس ذاك النحل مرسلة / على ترائبها تلك العثاكيل
أحبابنا بالحمى إن ضن وابله / عليكم فركام الدمع مبذول
لجيرة النجف الأعلى بجانحتي / مغنىً كما يتمنى القلب منزول
آراؤهم لا السيوف البيض قام بها / لِلّه في الأرض تكبير وتهليل
أعلت منار الهدى في كل مملكة / هذي العمائم لا تلك الأكاليل
تطاول السمر صهب في أناملهم / نصيبها الطول إذ حظ الظبا الطول
يستعرض العقل روضاً من مهارقها / عليه ينبت معقول ومنقول
بيوت علم عليها أينما ضربت / ستر من العفة البيضاء مسدول
إن حاججوك فشمس الصحو حجتهم / أو جاولوك فلا نكس ولا ميل
لو طال طول المدى تفصيل ناعتهم / لم تبلغ الزند هاتيك التفاصيل
إذا رأى الخصم محجوجاً أدلتهم / صريحة ما بها لبس وتأويل
يظل من تحتها يرنو فتوهمه / بزاتهم تلك أم طير أبابيل
فخراً أدلاء من تاهت بصيرته / فأنتم في دياجيها قناديل
براكم اللَه أرواحاً مقدسة / من معدن اللطف والباقي تماثيل
دافعتم عن سنا القرآن فالتجأت / نوراتهم لسناه والأناجيل
سمعاً خليط شبابي ما لعاطفتي / مهما تغيرت تغير وتبديل
كم عللتني بك الأيام تجمعني / وعلتي أصلها هذي التعاليل
وواعدتني أن تصفو مواردها / وما مواعيدها إلا الأباطيل
قل للألى نفروا بالجهل صيدهم / أين الشباك استقلت والأحاييل
لم يغن عنكم فتيلا طول مكركم / مات الخداع وفي النزع الأضاليل
لا فجر كم صادق حتى تقوم له / من رقدة الليل أحرار بهاليل
ولا ضحاكم له نور فنعرفه / لكنه غشوة فيها الأباطيل
ديباج خدك من بالحسن نمقه
ديباج خدك من بالحسن نمقه / وعاج نهدك من بالصدر حققه
وسيف طرفك من بالكحل أرهفه / ولدن عطفك من بالدل أورقه
يا مجتلي الخد مواجا برونقه / ماء الصبا لا عدمناه ورونقه
ماء الشباب عليه انساب جدوله / فما سقى زهره إلا وأغرقه
عم العوارض طوفان النعيم بها / لذاك أجرى عليها الخال زورقه
والصدع أومأ في كف الغريق إلى / نوتيه فدنا منه وأوثقه
حفت بحيرته في شعلتي قبس / لو يقبس البدر منه النور أحرقه
بي ناعس الطرف أغفى عن مواصلتي / وهدب طرفي بالجوزاء علقه
مغضي الجفون على غمض الخلي ولي / جفن ولوع الشجي الصب أرقه
ليس النطاق الذي أهوى موشحه / وانما هو قلبي قد تمنطقه
وليس ماء الصبا الجاري بوجنته / وانما هو دمعي حين رقرقه
ظبي ببارق أهلوه وملعبه / قلبي بحيث عليه الشوق أطبقه
تفدي نزول العذيب الطلق بارقه / عذيب مبسمه الصافي وابرقه
ان دنس الخمر راووق بتصفية / فريقه بلئالي الثغر روقه
شم مغرب الكوب من فيه فكوكبه / يبدي لعينيك من كفيه مشرقه
وشم عمود جبين الحسن منفلقاً / ففالق الصبح أعطى الحسن مفلقه
لو أنصف الأفق الأعلى لقرطه / جوزاءه وبنصف البدر طوقه
شقيق نعمان خديه غدا شققاً / بوجنتيه غداة اللثم شققه
مليك حسن فما أحلى مواكبه / إن ساق من زمر الغزلان فيلقه
إليك يا كبدي عن سهم مقلته / فقد براه لتعذيبي وفوقه
بي منه خوط لجين صيغ من ترف / فجل من في نضار الدل رققه
قارون ردفيه لم يسمح بثروته / لخصره فينيل اليسر مملقه
معبق الريط في ردع الخلوق شذاً / كأن نشر سليم العرض عبقه
بعرسه بارق الاقبال مؤتلق / فقل به اليوم ما أجلى تألقه
وكل ركب حباه المصطفى منناً / حداً بتهذيب رجع البشر أنيقه
الرافع البيت معموراً فوافده / يلقى النجاح به أني تطرقه
بيت على هضبات العز مرتفع / فاللَه شيده والمجد سردقه
للجود قد فتحت أبوابه كرماً / ورب باب فتى باللؤم أغلقه
رحب الندي ونادي غير منته / كمفحص الطير وقع الذل ضيقه
ان قيد العام ضرع الغيث في محل / فخصب جدواه بالمعروف أطلقه
أو جمع المال أقوام فهمته / إذا تجمع يوماً أن يفرقه
لو كان يملك ما في الأرض من ذهب / وقيل يا مصطفى غوثا لأنفقه
متوج باكليل مرصعة / تخيرت من مقر الفضل مفرقه
من ذا يباريه حر الفضل بارعه / أمسى الزمان له رقا فاعتقه
هذي حمياك أم هذا محياكا
هذي حمياك أم هذا محياكا / وذا الحباب طفا أم ذي ثناياكا
قم عاطني الكأس بل فانفذ زجاجتها / فإن لي عوضا عن جامها فاكا
يا غازي القلب في خطار معطفه / عطفاً علي فبي قد جار عطفاكا
فما السيوف المواضي في فاعلة / كمثل ما فعلت في القلب عيناكا
سلاسل الجعد قد سلسلت فاحمها / دقصا تقاد به طوعا اساراكا
قلل فديتك بري السهم تنفذه / للعاشقين فقد اكثرت قتلاكا
أفنيتهم سافكا هدراً دماءهم / في مقلتيك وما سموك سفاكا
تحلو المنايا لهم أما مررت بهم / فما أمرك بل ياما أحيلاكا
صرعتهم فانطووا لكن نشرتهم / لما نفحتهم في نشر رياكا
سماك رهط سرب العين ريم فلا / يا أخطأ الرشد من بالريم سماكا
من أين للريم ثغر فيه قد نظمت / يد الشباب فريد الدر أسلاكا
ذا جيده عطلاً حلاه صانعه / وبالهلال برغم الريم حلاكا
ووجنة لك كالدينار سكته / مطبوعة للبرايا باسم معناكا
قد سكه الحسن مذ صفى سبيكته / فمن رأي الحسن سكاكا وسباكا
وصائغ الثغر فيلنقذه ان به / فقراً له أي ومن بالحسن أغناكا
يا ورد وجنته المحمي يانعه / لو عقرب الصدغ لم تلذع قطفناكا
ويا غدير الصبا لولا عوارضه / حفتك ألوية منها شربناكا
أجريت زورق خال في بحيرته / وقلت يا خال بسم اللَه مجراكا
في أمة الحب قد ارسلت مبتعثا / فكل قلب غريم قد تولاكا
قرنت ضحوة شمس في دجى شعر / شروق ذي لم يعارضه دجى ذاكا
دعوت لا للهدى قلبي فلباكا / وللضلال عن الرشد اتبعناكا
مليك حسن براك اللَه مقتدراً / على القلوب التي أضحت رعاياكا
بزي دمية محراب برزت فما / أبقى جمالك عباداً ونساكا
يا فعل قاصر ذاك الطرف في كبدي / من كان لي بسهام الهدب عداكا
أبحت يا قاتلي مني حرام دمي / فجراً فاني على الحالين أهواكا
لا أكثر اللَه من قومي ولا عددي
لا أكثر اللَه من قومي ولا عددي / إن لم يكونوا لدى دفع الخطوب يدي
لي قاتل فوق خديه دمي وله / حكم يخوله إن القتيل يدي
وخادع جاء فتانا بنغمته / حتى استقرت فكانت زأرة الأسد
مصفدي بقيود لا فكاك لها / واضيعة النفس بين القيد والصفد
حسا البحار وفي أحشائه طبع / إلى امتصاص بقايا النزر والثمد
واستوعب الماء لا من غلة وظما / وصاحب الماء ظمآن الفؤاد صدي
إلبس لخصمك إن لاقاك مفترساً / مطروقة الصبر لا منسوجة الزرد
فها هي النثرة الحصداء تخرقها / يد القوي التي تعيي عن الجلد
وقل لشعبك يجمع شمله لعلا / فلا تنال العلى في شملة البدد
ولينتفض من غبار الموت متحداً / فالموت أولى شعب غير متحد
سر التقدم إن القوم سعيهم / لغاية وحدوها سعي منفرد
إجعل لنفسك من معقولها عدداً / فعدة العقل كم تأتي على العدد
قد ضعف الحق من تطوي طويته / على البغيضين سوء الخلق والحسد
ركن مقرك تأمن كل قارعة / إن العواصف لا تقوى على أحد
وذم كل فرار من مبارزة / إلا فرارك من غي إلى رشد
لا تقرب الحشد مرفوعاً به زجل / إن لم يمكن لصلاح الشعب والبلد
أحلى الحديث حديث قال سامعه / لمجتليه اسقني مشمولة وزد
شتان بين خطيبي امة خطبا / سار على القصد أو ناء عن الصدد
هذا يجيئ بزبد القوم ممتخضاً / وذاك يجمعه من ذاهب الزبد
يا من يسود قبيلا وهو سؤدده / اسدد طريق العلى من هظمه أوسد
واختر رجال المساعي الغر مدخراً / منهم بيومك هذا معقلا لغد
وارصد بهم من كنوز السر أثمنها / فقد تباح إذا أمست بلا رصد
إن الرجال دنانير وأخلصها / من كذب السبك فيه قول منتقد
ولا يغرنك من تحت الردا جسداً / فالمرء قيمته بالروح لا الجسد
لا يكسب الطوق حسناً جيد لابسه / وانما حسنه الذاتي بالجيد
والناس كالبنت منه عرفج وكبا / والشعر كالناس منه جيد وردي
والشعر كالسحر في مهد الخيال معا / تجاذبا حلمة واستمسكا بثدي
لكنما السحر مطبوع على عقد / والشعر مطبوعه الخالي عن العقد
كان الضعيف إذا مد القوي يداً / لظلمه ردها مدفوعة بيد
واليوم ظل ضعيف القوم مضطهداً / وارحمتاه لمظلوم ومضطهد
كم شجة أوضحته وهو معتدل / كما تعاقب طراق على وتد
يبيت مضطرباً في موطن قلق / كأنه زئبق في كف مرتعد
يا ماطل الوعد ما هذي الأساطير
يا ماطل الوعد ما هذي الأساطير / زادت على السمع هاتيك المعاذير
العدل منك سمعناه ولم نره / والجور منك أمام العين منظور
إن قلت عصري عصر النور مفتخراً / فظلمة الظلم ما في فجرها نور
وهل يفيد جمال الوجه ناظره / والبرقع الدكن فيه الحسن مستور
أفراد قومك عاشوا عيشة رغدا / وما دروا أنها ماتت جماهير
بيوتهم من بيوت الشعب مدخلها / ومن عمايره تلك المقاصير
تمسي سواءً لو أن الحال أنصفها / لكنما هي مهدوم ومعمور
أقول للغرف اللاتي ستائرها / لها بمسح جبين الشمس تأثير
تواضعي واعر في قدر البناة فمن / صنايع الشعب رصتك المقادير
فاين ما ثبت البانون من اطم / واين ما شاده كسرى وسابور
هذا الخورنق مطموس بلا أثر / وذي المدائن لا بهو ولا سور
يا حارث الأرض والساقي وباذرها / قتر إذا نفع المحروم تقتير
إذا أتاك رجال الخرص فالقهم / بطلقة برقت منها الأسارير
إن باغتوك بنار شبها غضب / وسعرتها من العسف الأعاصير
فاحفظ بقايا حبوب منهم سقطت / فللبقايا ببغداد مناقير
طارت من الغرب والاطماع أجنحة / والغاية الشرق واللقط الدنانير
ألا نكير على أعلام حاضرة / قضت بتعريفهم تلك المناكير
كالعبد صبغته السوداء ثابتة / على المسمى بها والاسم كافور
تقدموا فانتظر يوماً تأخرهم / والدهر يومان تقديم وتأخير
لا تعجبن إذا راجت لهم صور / فالعصر رائجة فيه التصاوير
ولا تخل أنهم حراس مملكة / فطالما تسرق الكرم النواطير
من الغرائب ان الهر في وطني / ليث يدل وأن الليث سنور
جرياً على العكس كم وجه يكون قفا / وكم قفاً وله وجه وتصدير
يالانقلاب به العصفور صقر ربي / والصقر ذو المخلب المعوج عصفور
تبدل الناس والأرض الفضاء على / أديمها لاح تبديل وتغيير
يا من رأى الدير والخابور من قدم / لا الدير دير ولا الخابور خابور
خوفي على الوطن المحبوب ألجمني / فلم يذع لي منظوم ومنثور
كأنني مذ غدا حتماً على شفتي / ليث يكظ على أشداقه الزير
افحص فؤادي يا دهري تجد حجراً / صلداً ولكنه بالخطب منقور
يرمي البريء نزيه النفس طاهرها / بالموبقات وذنب اللص مغفور
مثل البغية يطوي العهر رايتها / وبندها فوق ذات الخدر منشور
فيا سيوفاً قيون الغدر تشهرها / ما هكذا تفعل البيض المشاهير
نحرتم وطعنتم قلب موطنكم / حتى يقال مطاعين مناحير
لا تستهينوا بضعف في جوارحنا / فكم دم قد أسالته الأظافير
كبرتم الأنفس اللآتي مشاعرها / لها وإن طال فيها العمر تقصير
زجاجة الخط ان أمست تكبرها / فالذر ليس له في العين تكبير
مطاول الفلك الأعلى قصرت يداً / فالآن أيسر ما حاولت ميسور
ما في يديك خسوف البدر مكتملاً / وليس فيها لقرص الشمس تكوير
انظر إلى القبة الزرقاء عالية / وسقفها بنجوم الزهر مسمور
واستغرق الفكر في مجرى مجرتها / فذاك بحر بفيض اللطف مسجور
موج من النور عال لا يسكنه / إلا الذي من سناه ذلك النور
كأنه والنجوم الزهر طالعة / سجنجل نبتت فيها الأزاهير
يا طائرين على بيض مجنحة / حطوا على الوكنات الجو أو طيرا
ما هذه الأرض تبقى وكر طيركم / ولا الوقوف لها في الجو مقدور
لقد أمنتم على خفاقها خطراً / وكم تجيئ من الأمن المخاطير
هوى من الجهة العليا لهوتها / والصور منحطم والظهر مكسور
رحى تدور لهذا القطر طاحنة / ومن مطاعمها الديار والدير
الشرق يبكي وسن الغرب ضاحكة / لصوتها أهو رعد أم مزامير
يا ربة الخدر عن نظارك احتجبي / ان الحجاب لمنصوص ومأثور
وطهر النفس بالأخلاق فاضلة / فإنها لك تنزيه وتطهير
شدي أزارك ممدوداً فكم نظري / على الخيانة أضحى وهو مقصور
قمرية الدوح يا ذات الترانيم
قمرية الدوح يا ذات الترانيم / مع النسور على ورد الردى حومي
سيري مع الجحفل الجرار خافقة / وسابقي فوقه سرب القشاعيم
وناوحي الأمة الثكلى فقد رزئت / بلادها بالمطاعين المطاعيم
وذكريها عهود البيض ماضية / فإن عهد المواضي غير مذموم
خلت بلادك من قوم فرائسهم / ملء البسيطة من فرس ومن روم
قمرية الدوح ما في الدوح من ثمر / إلا تعاليل محزون لمهموم
طيري إلى الأفق الأعلى فليس على / وجه الثرى وكر طير غير محطوم
وباعدي الأرض إن الجور ارهقها / ووحد الضعف في هذي الأقاليم
ما في العواصم من ضيق ومن نوب / أضعافه في الفيافي والدياميم
فناشدي العرب كم دانت لهم دول / وكم جبوها بتحبير المراسيم
وأبني أسر التيجان مذ نزلوا / عن العروش باذعان وتسليم
مخدمين بأمثال الدمى صوراً / وارحمتا للسلاطين المخاديم
أهل الأكاليل لا تأسوا فما عقدت / إلا إلى أجل في اللوح مرقوم
في ذمة المجد مطرودون عن سدد / كانت مواقف تمجيد وتعظيم
كم عاهل يستميح الدهر رحمته / أماته الدهر حيا غير مرحوم
رام الأمان أمان اللَه ملتحقا / بالباحثين علي جذ الجراثيم
وان شعب وحيد الدين انكره / وشعب غليوم لم يرفق بغليوم
أصاب أحمد رب التاج سالبه / منه بسهم من الآجال مسموم
مشى الزمان بأهليه كمضطرب / في المتن مندفع في الصدر ملكوم
فأبصر الخلف قداما لدهشته / وصار يخلط تأخيراً بتقديم
هذي الحوادث جلت ان تكافح في / سيف بمطرقة الأقدار مثلوم
لولا المقادير سالت دون دجلتنا / على الردى أنفس الصيد المقاديم
سلي الفرات ففي أريافه عرب / بيض الظبا والمساعي الغر والخيم
الراصدون على الأعداء مهربهم / والمالكون عليهم مورد الهيم
والسائلات بغدر من دموعهم / نفوسهم لقرارات اللهاميم
كم من عكاظ أقامته سيوفهم / وموسم برذاذ الهام موسوم
سوق من الحد قامت في معارضه / رماحهم وهي لم تعرض لتقويم
أبوا يسومونها إلا بمركزها / من مصرع القرن مطعون الغلاصيم
لو صادموا هضبة الفولاذ لانفلقت / أركانها بالمناجيد المصاديم
قمرية الدوح أضحت أرضه يبساً / ومزهر الغصن أضحى غير مرهوم
قد كان يمتص ضرع الغيث مندفقاً / فعاد يعطب في برحاء مفطوم
تبصري الأرض هل قامت مناكبها / على أساس قديم غير مهدوم
جاء الحديد فقلنا سوف يخلفه / حلاً بحل وتحريماً بتحريم
فأسفر العصر عصر النور عن زمن / بالعسف متقد بالظلم مضروم
سكان جلق ذات المرج جاد كم / بعارض من فتوق السحب مسجوم
ومبهت الزهر زهر الفضل في حلب / لازلت تنفح في شيح وقيصوم
ويا حواضر لبنان تجاور في / بحر بمثل هموم الشعب مفعوم
ويا نزولاً على الخرطوم زاحمكم / في مورد النيل عذباً ألف خرطوم
مدت من الغرب وامتصت موارده / فليت لا كرعت إلا بيحموم
ظما لها ما كفاها البحر ملتطماً / كأن أمواجه موقورة الكوم
حتى أتت لمجاري الشرق دامعة / عيونه بين سلسال وتسنيم
ألقت مبادءها درساً يعرفنا / سوء المبادئ منها والخواتيم
تظاهر الشرق بالحسنى مداجية / وحقدها كامن ملء الحيازيم
وتوضح الشك بالابهام تعمية / واحيرتا بين مشكوك وموهوم
كيف السبيل إلى التطبيق مذ برأت / هذي المصاديق من تلك المفاهيم
يا مصر قولي لوفد العز مذ لبسوا / تلك العواري من لوم ومن لوم
ليس الصعيد صعيدي يا فراعنتي / أما اختلفتم ولا الفيوم فيومي
كونوا من الذهب المسبوك سلسلة / ابريزها غير مفصوم وموصوم
نواصع الحجج اللاتي اذا اطردت / داست جناجن موضوح ومكلوم
نام الخليون حيث الليل يرفع في / سقف بأعمدة الظلماء مدعوم
وأنتم لا حشاياكم ممهدة / ولا جفونكم مالت لتهويم
لو فاض بحر الدجى وامتد زاخره / قلتم لافكاركم في قعره عومي
آراؤكم من حديد الحق ضربتها / تأتي عل كل مكذوب ومزعوم
صرختم ولهيب العزم يلفحكم / كالفحل يهدر من تحت المياسيم
قام الموحد منها وهو مرتعد / واهتز من حولها أهل الأقانيم
قمرية الدوح قومي فانظري أمما / مخنوقة الصوت في أوطانها قومي
ما في العراق إذا استقريت بقعته / إذن تصيخ لأبكار الأناغيم
يد علينا لذات الطوق نشكرها / بذكريات احتفالات وتكريم
إن عاد للعرب الأمحاض ملكهم / وحصنوا الأرض بالبيض المخاذيم
حقاً تناديك والتلقيب أو سمة / يا نغمة الورق بل يا بغمة الريم
إن ترجعيهم إلى أدوار ملكهم / فأنت أنت أصدحي لا أم كلثوم
أجيزك اللؤلؤ المنسوق من كلمي / وأحسن الدر منثوري ومنظومي
تغردين وذي الأقطار ما برحت / تبكي لتذكار توزيع وتقسيم
كم هيأ الظافر المنهوم دعوته / منها لكل عميق الشدق مقروم
تذوقوها ولم تبرد لها مزع / وباغتوها بتحصيص وتسهيم
واضيعة المال والاحلام من نفر / تقاطروا بين مجهول ومعلوم
كأنهم ودواعي اللهو تجذبهم / ركب يخف بمزموم ومخطوم
خالوا مزامير داود لهم خبئت / أنغامها بين أشداق وحلقوم
فصيروا قاعة الألحان جنتهم / فأينها وهي في لغو وتأثيم
فابن الثلاثين حي لا عصام له / وابن الثمانين ميت غير معصوم
سيان للهاجس المحزون في وطني / ترنيمة الورق أو تنعابة البوم
هذي البلاد فمعدوم بلا جدة / ان طفت فيها وموجود كمعدوم
وسافل يتعالى فوق موقفه / وظالم يتردى جلد مظلوم
قالوا الغناء غذاء الروح ينعشه / وان يكن غير مشروب ومطعوم
قلت افحصوا هذه الأرواح ان حييت / وأرشدونا لروح غير مألوم
متى يكون علاج للضنى بضنى / وشارب السم هل يشفى بمسموم
حان الطعان وصدر الرمح منحطم
حان الطعان وصدر الرمح منحطم / والضرب آن وحد السيف منثلم
وللجماهير آذان مفتحة / كي تسمع النصح لكن باغت الصمم
والنائمين وقد مرت لهم فرص / والنادمين ولم ينفعهم الندم
عافوا مواردهم تجري لشاربها / يا للرجال وفي آل الضحى اختصموا
توسطوا في التراخي عن حقوقهم / وما أفاقوا إلى أن ضاقت الأزم
كانوا إذا همّ قوم غيرهم عزموا / وها هم اليوم ما هموا ولا عزموا
أما رأوا هذه الدنيا وزينتها / لمن على الحزم منهم تقعد الحزم
والناس صنفان صنف للعلاء بنوا / معاقلاً بسماها تزهر الشيم
وآخرون بنوها غير دائمة / وان لها بالرخام الصلب قد دعموا
هذي البنايات في بغداد آخذة / دوراً يهدّ له الايوان والهرم
يروم رافعها لمس السماك أما / درى المصير الذي صارت له ارم
ليس البناء وان رصت قواعده / بثابت واساس العدل منهدم
يا جالبين من الآفاق زخرفها / الشعب يعبس منها وهي تبتسم
لو نتموها فأضحى من خلائقكم / سيان زخرفها المرصوف والكلم
من أي ميراث آباء لكم بلغوا / أمست تناطح أبراج السما الأطم
فهل لكم قد في فتح مملكة / أو موقف فيه منكم تثبت القدم
هذا النعيم الذي انصبت موارده / عليكم واستدارت حوله النعم
من دمعة العامل المحزون زهرتها / ورب نعمة قوم أصلها نقم
وجدتم بزمان كله نوب / ان الوجود الذي جئتم به عدم
سر لبنائكم في الأرض ما شهدت / تأثيره في المراعي قبله الأمم
يرتادها الشعب لكن خاب رائده / لا يظهر الشعب الا وهو منفطم
وما تراكم في الأجواء عارضه / إلا غدا برذاذ الترب ينسجم
جف الثرى وسحاب الموت منهمر / من فوقه والسيول الجارفات دم
همى الرباب حوالينا ومن فزع / كادت تلوذ بسفح الهضبة الاكم
علا وغشى محيا الأرض برقعه / فأصبحت دار أمن الخائف القمم
والجدب أخصب للأرواح من كلأ / تأتي وبيلا به الهتانة الديم
من يفزع الناس في الزورا برحمته / ان باغت الموحشان الظلم والظلم
عصر الرشيد استمع ان كنت ذا اذن / ان الأمين بهذا العصر متهم
احفظ حياتك فيها والحياء معاً / فما بها اليوم مأمون ومعتصم
ياباسطاً بديار العرب مأدبة / تحشى بسم ولكن فوقه الدسم
أكرهت طبعك فيها وهو ينكرها / واين منك يكون العطف والكرم
هذي الوليمة عمر الدهر ما نسيت / وكيف تنسى وفي أطباقها الألم
أريتهم من خيال السحر كاذبه / وعن حقيقة ما نسعى إليه عموا
ومذ نأى الشك منهم هاج شعبكم / وكان ما علموه غير ما علموا
يخلد المجد للأجيال آيته / شعب تضامن فيه الطفل والهرم
ولا تجهم يوماً وجه سيرته / ما دام ينشر فيه العلم والعلم
ماج العراق ببأس الناهضين به / فالخصم مضطرب والعزم مضطرم
وأقدموا فأقامت عرش عاصمة / إيمانهم وبحبل الوحدة اعتصموا
في ذمة العرب الآساد موطنهم / أضحى يصان وفيه تخفر الذمم
وفي الفرات مناجيد مواقفهم / مع العدى بجبين الدهر ترتسم
الباقيات مع الدنيا مخلدة / يخطها لهم في لوخها القلم
تدونت بعواليهم وقائعهم / ومن مراسمها الأشلاء والرمم
ما حصنوا الوطن المحبوب فارتكزت / حرابهم فيه سوراً والضبا الحذم
ومازجوه ثرى طابت منابته / حتى تعانقت الأطواد والهمم
عرب هموا عقدوا الأكليل مؤتلقاً / على مليك له البطحاء والحرم
وسائل وهو يدري حين يسألني / من رصع التاج بالأعمال قلت هم
لكن مع الأسف المبكي تقاطعهم / فثم لا رحمة فيهم ولا رحم
وأصبحوا شيعا للقابضين على / زمامها وبرغم الوحدة انقسموا
حي الفرات وحي النازلين على / ضفافه حيث يعلو العز والشيم
وبين ذي الكفل والفيحاء ملحمة / فيها تباشرت العقبان والرخم
جاء العداة لها عصراً بفيلقهم / فزايلوها فراراً بعدما اعتصموا
والعارضيات فيها عاد خصمهم / يؤمها ناكصاً لما به اصطدموا
أصاخ للمدفع الهدار جمعهم / كأنما الرعد في آذانهم نغم
فاسكتوه بزجر من بنادقهم / فيه شجا ليس يلتئم
والرعب ساق اساراهم وقد قدرت / عيونهم راعها في الهجعة الحلم
تسلسل الجيش مأسوراً وقادته / خافوا مقارنة الاصفاد فانهزموا
مذنبات العوالي في متونهم / فأينما انحرفوا عن شهبها رجموا
وللمئات أمام الغزو هرولة / كما تساق أمام السائق النعم
لا يحسبن العوالي ان دولتنا / فتية فلكم شابت بها لمم
فقل لمن سار عينا في شوارعها / قف بالديار التي لم يعفها القدم
لا ترتبي بالثوى فيها فكم كحلت / فيها عيون عدى كي يبصروا فعموا
أين العتاد الذي أضحى يسوره / شوك الحديد واين الظل والخيم
أما الجبال فسل عنها مساقطها / تجبك من حولها الارسان واللجم
ضراغم البأس في آجالها حكمت / والحكم لِلّه فانظر من بها احتكموا
تظلم العربي المحض عندهم / يبقى سدى أتظن القوم ما فهموا
خالوا فصاحته من بينهم وطنا / كأنما العرب في أوطانهم عجم
ونائب يملأ الكرسي قلت له / ماذا السكوت تكلم أيها الصنم
الحامل الراس لم تسمع له اذن / والصاقل الوجه ما في صفحتية فم
بم استحل من العمال راتبه / وفي السكوت انقضت أيامه الحرم
يا قابضين برغم الحق حامته / ومالكم صلة فيه ولا رحم
وهذه الأرض لم تنكر بنوته / ولم يكن راعه لولاكم اليتم
تطلع الحائر النائي باطيبه / وابن البلاد أمام العدل منفطم
خير البلاد التي أحرار بقعتها / بما يطيقون من أعلائها خدم
مذاب وجنته في الكاس ام ذهبُ
مذاب وجنته في الكاس ام ذهبُ / ولؤلؤ رصف الصهبآء ام حببُ
وهذه الراح ام شمسٌ تحفُّ بها / من السقاة بابراج الهوى شهب
يستلُّها من فم الابريق دوهيفٍ / تكاد تحكيه لكن فاتها الشنب
مليك حسن فما احلى مواكبه / ان ضمَّه في مضامير الصبا طرب
فرهطه في التهادي كل جازية / وجنده في التصابي الخرُّد العرب
شاكي السلاح ولكن سيف مقلته / في الروع يكفيه لا الهندية القضب
الهدب نبل قسيّ من حواجبه / لا النبع يمرق عن قوس ولا الغرب
والصعدة الغضة التثقيف قامته / ان هزها الدل لا الخطية السلب
لأعلونَّ اليه متن ذعلبة / ما حطها بعد تصعيد السرى صبب
تجري على مثل ظهر الترس مقفرةٍ / مآلف الوحش عن اجوازها الهضب
ما علل النفر الظمآن ركبهمُ / بدوّها المنعشان المآء والعشبُ
ان اغترب للهوى النجدي مطلباً / فان قبلي ابنآء الهوى اغتربوا
أن الفتى بالنوى تجلى سبيكته / والمندل الرطب في أوطانه حطب
الكوربيتي ومتن الليل راحلتي / وناصرٌ طلبي ان زّمني الطلب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025