القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الخَنساء الكل
المجموع : 25
يا عَينِ ما لَكِ لا تَبكينَ تَسكابا
يا عَينِ ما لَكِ لا تَبكينَ تَسكابا / إِذ رابَ دَهرٌ وَكانَ الدَهرُ رَيّابا
فَاِبكي أَخاكِ لِأَيتامٍ وَأَرمَلَةٍ / وَاِبكي أَخاكِ إِذا جاوَرتِ أَجنابا
وَاِبكي أَخاكِ لِخَيلٍ كَالقَطا عُصَباً / فَقَدنَ لَمّا ثَوى سَيباً وَأَنهابا
يَعدو بِهِ سابِحٌ نَهدٌ مَراكِلُهُ / مُجَلبَبٌ بِسَوادِ اللَيلِ جِلبابا
حَتّى يُصَبِّحَ أَقواماً يُحارِبُهُم / أَو يُسلَبوا دونَ صَفِّ القَومِ أَسلابا
هُوَ الفَتى الكامِلُ الحامي حَقيقَتَهُ / مَأوى الضَريكِ إِذا ما جاءَ مُنتابا
يَهدي الرَعيلَ إِذا ضاقَ السَبيلُ بِهِم / نَهدَ التَليلِ لِصَعبِ الأَمرِ رَكّابا
المَجدُ حُلَّتُهُ وَالجودُ عِلَّتُهُ / وَالصِدقُ حَوزَتُهُ إِن قِرنُهُ هابا
خَطّابُ مَحفِلَةٍ فَرّاجُ مَظلَمَةٍ / إِن هابَ مُعضِلَةً سَنّى لَها بابا
حَمّالُ أَلوِيَةٍ قَطّاعُ أَودِيَةٍ / شَهّادُ أَنجِيَةٍ لِلوِترِ طَلّابا
سُمُّ العُداةِ وَفَكّاكُ العُناةِ إِذا / لاقى الوَغى لَم يَكُن لِلمَوتِ هَيّابا
ما بالُ عَينَيكِ مِنها دَمعُها سَرَبُ
ما بالُ عَينَيكِ مِنها دَمعُها سَرَبُ / أَراعَها حَزَنٌ أَم عادَها طَرَبُ
أَم ذِكرُ صَخرٍ بُعَيدَ النَومِ هَيَّجَها / فَالدَمعُ مِنها عَلَيهِ الدَهرَ يَنسَكِبُ
يالَهفَ نَفسي عَلى صَخرٍ إِذا رَكِبَت / خَيلٌ لِخَيلٍ تُنادي ثُمَّ تَضطَرِبُ
قَد كانَ حِصناً شَديدَ الرُكنِ مُمتَنِعاً / لَيثاً إِذا نَزَلَ الفِتيانُ أَو رَكِبوا
أَغَرُّ أَزهَرُ مِثلُ البَدرِ صورَتُهُ / صافٍ عَتيقٌ فَما في وَجهِهِ نَدَبُ
يافارِسَ الخَيلِ إِذ شُدَّت رَحائِلُها / وَمُطعِمَ الجُوَّعِ الهَلكى إِذا سَغَبوا
كَم مِن ضِرائِكَ هُلّاكٍ وَأَرمَلَةٍ / حَلّوا لَدَيكَ فَزالَت عَنهُمُ الكُرَبُ
سَقياً لِقَبرِكَ مِن قَبرٍ وَلا بَرِحَت / جَودُ الرَواعِدِ تَسقيهِ وَتَحتَلِبُ
ماذا تَضَمَّنَ مِن جودٍ وَمِن كَرَمٍ / وَمِن خَلائِقَ ما فيهِنَّ مُقتَضَبُ
ياعَينِ جودي بِدَمعٍ مِنكِ مَسكوبِ
ياعَينِ جودي بِدَمعٍ مِنكِ مَسكوبِ / كَلُؤلُؤٍ جالَ في الأَسماطِ مَثقوبِ
إِنّي تَذَكَّرتُهُ وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ / فَفي فُؤادِيَ صَدعٌ غَيرُ مَشعوبِ
نِعمَ الفَتى كانَ لِلأَضيافِ إِذ نَزَلوا / وَسائِلٍ حَلَّ بَعدَ النَومِ مَحروبِ
كَم مِن مُنادٍ دَعا وَاللَيلُ مُكتَنِعٌ / نَفَّستَ عَنهُ حِبالَ المَوتِ مَكروبِ
وَمِن أَسيرٍ بِلا شُكرٍ جَزاكَ بِهِ / بِساعِدَيهِ كُلومٌ غَيرُ تَجليبِ
فَكَكتَهُ وَمَقالٍ قُلتَهُ حَسَنٍ / بَعدَ المَقالَةِ لَم يُؤبَن بِتَكذيبِ
أَبكي لِصَخرٍ إِذا ناحَت مُطَوَّقَةٌ
أَبكي لِصَخرٍ إِذا ناحَت مُطَوَّقَةٌ / حَمامَةٌ شَجوَها وَرقاءُ بِالوادي
إِذا تَلَأَّمَ في زَغفٍ مُضاعَفَةٍ / وَصارِمٍ مِثلِ لَونِ المِلحِ جَرّادِ
وَنَبعَةٍ ذاتِ إِرنانٍ وَوَلوَلَةٍ / وَمارِنِ العودِ لا كَزٍّ وَلا عادِ
سَمحُ الخَليقَةِ لا نِكسٌ وَلا غُمُرٌ / بَل باسِلٌ مِثلُ لَيثِ الغابَةِ العادي
مِن أُسدِ بَيشَةَ يَحمي الخِلَّ ذي لِبَدٍ / مِن أَهلِهِ الحاضِرِ الأُدنَينِ وَالبادي
وَالمُشبِعُ القَومِ إِن هَبَّت مُصَرصَرَةٌ / نَكباءُ مُغبَرَّةٌ هَبَّت بِصُرّادِ
عَينَيَّ جودا بِدَمعٍ مِنكُما جودا
عَينَيَّ جودا بِدَمعٍ مِنكُما جودا / جودا وَلا تَعِدا في اليَومِ مَوعودا
هَل تَدرِيانِ عَلى مَن ذا سَبَلتُكُما / عَلى اِبنِ أُمّي أَبيتُ اللَيلَ مَعمودا
دارَت بِنا الأَرضُ أَو كادَت تَدورُ بِنا / يا لَهفَ نَفسي فَقَد لاقَيتُ صِنديدا
يا عَينُ فَاِبكي فَتىً مَحضاً ضَرائِبُهُ / صَعباً مَراقِبُهُ سَهلاً إِذا ريدا
لا يَأخُذُ الخَسفَ في قَومٍ فَيَغضِبَهُم / وَلا تَراهُ إِذا ما قامَ مَحدودا
وَلا يَقومُ إِلى اِبنِ العَمِّ يَشتِمَهُ / وَلا يَدِبُّ إِلى الجاراتِ تَخويدا
كَأَنَّما خَلَقَ الرَحمانُ صورَتَهُ / دينارَ عَينٍ يَراهُ الناسُ مَنقودا
إِذهَب حَريباً جَزاكَ اللَهُ جَنَّتَهُ / عَنّا وَخُلِّدتَ في الفِردَوسِ تَخليدا
قَد عِشتَ فينا وَلا تُرمى بِفاحِشَةٍ / حَتّى تَوَفّاكَ رَبُّ الناسِ مَحمودا
ضاقَت بِيَ الأَرضُ وَاِنقَضَّت مَخارِمُها
ضاقَت بِيَ الأَرضُ وَاِنقَضَّت مَخارِمُها / حَتّى تَخاشَعَتِ الأَعلامُ وَالبيدُ
وَقائِلينَ تَعَزّي عَن تَذَكُّرِهِ / فَالصَبرَ لَيسَ لِأَمرِ اللَهِ مَردودُ
يا صَخرُ قَد كُنتَ بَدراً يُستَضاءُ بِهِ / فَقَد ثَوى يَومَ مُتَّ المَجدُ وَالجودُ
فَاليَومَ أَمسَيتَ لا يَرجوكَ ذو أَمَلٍ / لَمّا هَلَكتَ وَحَوضُ المَوتِ مَورودُ
وَرُبَّ ثَغرٍ مَهولٍ خُضتَ غَمرَتَهُ / بِالمُقرَباتِ عَلَيها الفِتيَةُ الصيدُ
نَصَبتَ لِلقَومِ فيهِ فَصلَ أَعيُنِهِم / مِثلَ الشِهابِ وَهى مِنهُم عَباديدُ
قَذىً بِعَينِكِ أَم بِالعَينِ عُوّارُ
قَذىً بِعَينِكِ أَم بِالعَينِ عُوّارُ / أَم ذَرَفَت إِذ خَلَت مِن أَهلِها الدارُ
كَأَنَّ عَيني لِذِكراهُ إِذا خَطَرَت / فَيضٌ يَسيلُ عَلى الخَدَّينِ مِدرارُ
تَبكي لِصَخرٍ هِيَ العَبرى وَقَد وَلَهَت / وَدونَهُ مِن جَديدِ التُربِ أَستارُ
تَبكي خُناسٌ فَما تَنفَكُّ ما عَمَرَت / لَها عَلَيهِ رَنينٌ وَهيَ مِفتارُ
تَبكي خُناسٌ عَلى صَخرٍ وَحُقَّ لَها / إِذ رابَها الدَهرُ إِنَّ الدَهرَ ضَرّارُ
لا بُدَّ مِن ميتَةٍ في صَرفِها عِبَرٌ / وَالدَهرُ في صَرفِهِ حَولٌ وَأَطوارُ
قَد كانَ فيكُم أَبو عَمروٍ يَسودُكُمُ / نِعمَ المُعَمَّمُ لِلداعينَ نَصّارُ
صُلبُ النَحيزَةِ وَهّابٌ إِذا مَنَعوا / وَفي الحُروبِ جَريءُ الصَدرِ مِهصارُ
يا صَخرُ وَرّادَ ماءٍ قَد تَناذَرَهُ / أَهلُ المَوارِدِ ما في وِردِهِ عارُ
مَشى السَبَنتى إِلى هَيجاءَ مُعضِلَةٍ / لَهُ سِلاحانِ أَنيابٌ وَأَظفارُ
وَما عَجولٌ عَلى بَوٍّ تُطيفُ بِهِ / لَها حَنينانِ إِعلانٌ وَإِسرارُ
تَرتَعُ ما رَتَعَت حَتّى إِذا اِدَّكَرَت / فَإِنَّما هِيَ إِقبالٌ وَإِدبارُ
لا تَسمَنُ الدَهرَ في أَرضٍ وَإِن رَتَعَت / فَإِنَّما هِيَ تَحنانٌ وَتَسجارُ
يَوماً بِأَوجَدَ مِنّي يَومَ فارَقَني / صَخرٌ وَلِلدَهرِ إِحلاءٌ وَإِمرارُ
وَإِنَّ صَخراً لَوالِينا وَسَيِّدُنا / وَإِنَّ صَخراً إِذا نَشتو لَنَحّارُ
وَإِنَّ صَخراً لَمِقدامٌ إِذا رَكِبوا / وَإِنَّ صَخراً إِذا جاعوا لَعَقّارُ
وَإِنَّ صَخراً لَتَأتَمَّ الهُداةُ بِهِ / كَأَنَّهُ عَلَمٌ في رَأسِهِ نارُ
جَلدٌ جَميلُ المُحَيّا كامِلٌ وَرِعٌ / وَلِلحُروبِ غَداةَ الرَوعِ مِسعارُ
حَمّالُ أَلوِيَةٍ هَبّاطُ أَودِيَةٍ / شَهّادُ أَندِيَةٍ لِلجَيشِ جَرّارُ
نَحّارُ راغِيَةٍ مِلجاءُ طاغِيَةٍ / فَكّاكُ عانِيَةٍ لِلعَظمِ جَبّارُ
فَقُلتُ لَمّا رَأَيتُ الدَهرَ لَيسَ لَهُ / مُعاتِبٌ وَحدَهُ يُسدي وَنَيّارُ
لَقَد نَعى اِبنُ نَهيكٍ لي أَخا ثِقَةٍ / كانَت تُرَجَّمُ عَنهُ قَبلُ أَخبارُ
فَبِتُّ ساهِرَةً لِلنَجمِ أَرقُبُهُ / حَتّى أَتى دونَ غَورِ النَجمِ أَستارُ
لَم تَرَهُ جارَةٌ يَمشي بِساحَتِها / لِريبَةٍ حينَ يُخلي بَيتَهُ الجارُ
وَلا تَراهُ وَما في البَيتِ يَأكُلُهُ / لَكِنَّهُ بارِزٌ بِالصَحنِ مِهمارُ
وَمُطعِمُ القَومِ شَحماً عِندَ مَسغَبِهِم / وَفي الجُدوبِ كَريمُ الجَدِّ ميسارُ
قَد كانَ خالِصَتي مِن كُلِّ ذي نَسَبٍ / فَقَد أُصيبَ فَما لِلعَيشِ أَوطارُ
مِثلَ الرُدَينِيِّ لَم تَنفَذ شَبيبَتُهُ / كَأَنَّهُ تَحتَ طَيِّ البُردِ أُسوارُ
جَهمُ المُحَيّا تُضيءُ اللَيلَ صورَتُهُ / آباؤُهُ مِن طِوالِ السَمكِ أَحرارُ
مُوَرَّثُ المَجدِ مَيمونٌ نَقيبَتُهُ / ضَخمُ الدَسيعَةِ في العَزّاءِ مِغوارُ
فَرعٌ لِفَرعٍ كَريمٍ غَيرِ مُؤتَشَبٍ / جَلدُ المَريرَةِ عِندَ الجَمعِ فَخّارُ
في جَوفِ لَحدٍ مُقيمٌ قَد تَضَمَّنَهُ / في رَمسِهِ مُقمَطِرّاتٌ وَأَحجارُ
طَلقُ اليَدَينِ لِفِعلِ الخَيرِ ذو فَجرٍ / ضَخمُ الدَسيعَةِ بِالخَيراتِ أَمّارُ
لَيَبكِهِ مُقتِرٌ أَفنى حَريبَتَهُ / دَهرٌ وَحالَفَهُ بُؤسٌ وَإِقتارُ
وَرِفقَةٌ حارَ حاديهِم بِمُهلِكَةٍ / كَأَنَّ ظُلمَتَها في الطِخيَةِ القارُ
أَلا يَمنَعُ القَومَ إِن سالوهُ خُلعَتَهُ / وَلا يُجاوِزُهُ بِاللَيلِ مُرّارُ
يا عَينُ فيضي بِدَمعٍ مِنكِ مِغزارِ
يا عَينُ فيضي بِدَمعٍ مِنكِ مِغزارِ / وَاِبكي لِصَخرٍ بِدَمعٍ مِنكِ مِدرارِ
إِنّي أَرَقتُ فَبِتُّ اللَيلَ ساهِرَةً / كَأَنَّما كُحِلَت عَيني بِعُوّارِ
أَرعى النُجومَ وَما كُلِّفتُ رِعيَتَها / وَتارَةً أَتَغَشّى فَضلَ أَطماري
وَقَد سَمِعتُ فَلَم أُبهَج بِهِ خَبَراً / مُخَبِّراً قامَ يَنمي رَجعَ أَخبارِ
قالَ اِبنُ أُمِّكِ ثاوٍ بِالضَريحِ وَقَد / سَوَّوا عَلَيهِ بِأَلواحٍ وَأَحجارِ
فَاِذهَب فَلا يُبعِدَنكَ اللَهُ مِن رَجُلٍ / مَنّاعِ ضَيمٍ وَطَلّابٍ بِأَوتارِ
قَد كُنتَ تَحمِلُ قَلباً غَيرَ مُهتَضَمٍ / مُرَكَّباً في نِصابٍ غَيرِ خَوّارِ
مِثلَ السِنانِ تُضيءُ اللَيلَ صورَتُهُ / جَلدُ المَريرَةِ حُرٌّ وَاِبنُ أَحرارِ
أَبكي فَتى الحَيِّ نالَتهُ مَنِيَّتُهُ / وَكُلُّ نَفسٍ إِلى وَقتٍ وَمِقدارِ
وَسَوفَ أَبكيكَ ما ناحَت مُطَوَّقَةٌ / وَما أَضاءَت نُجومُ اللَيلِ لِلساري
وَلا أُسالِمُ قَوماً كُنتَ حَربَهُمُ / حَتّى تَعودَ بَياضاً جُؤنَةُ القارِ
أَبلِغ سُلَيماً وَعَوفاً إِن لَقِيتَهُمُ / عَميمَةً مِن نِداءٍ غَيرِ إِسرارِ
أَعني الَّذينَ إِلَيهِم كانَ مَنزِلُهُ / هَل تَعرِفونَ ذِمامَ الضَيفِ وَالجارِ
لَو مِنكُمُ كانَ فينا لَم يَنَل أَبَداً / حَتّى تُلاقي أُمورٌ ذاتُ آثارِ
كَأَنَّ اِبنَ عَمَّتِكُم حَقّاً وَضَيفَكُمُ / فيكُم فَلَم تَدفَعوا عَنهُ بِإِخفارِ
شُدّوا المَآزِرَ حَتّى يُستَدَفَّ لَكُم / وَشَمِّروا إِنَّها أَيّامُ تَشمارِ
وَاِبكوا فَتى البَأسِ وافَتهُ مَنِيَّتُهُ / في كُلِّ نائِبَةٍ نابَت وَأَقدارِ
لا نَومَ حَتّى تَقودوا الخَيلَ عابِسَةً / يَنبُذنَ طِرحاً بِمُهراتٍ وَأَمهارِ
أَو تَحفِروا حُفرَةً فَالمَوتُ مُكتَنِعٌ / عِندَ البُيوتِ حُصَيناً وَاِبنَ سَيّارِ
أَو تَرحَضوا عَنكُمُ عاراً تَجَلَّلكُم / رَحضَ العَوارِكِ حَيضاً عِندَ أَطهارِ
وَالحَربُ قَد رَكِبَت حَدباءَ نافِرَةً / حَلَّت عَلى طَبَقٍ مِن ظَهرِها عارِ
كَأَنَّهُم يَومَ راموهُ بِأَجمُعِهِم / راموا الشَكيمَةَ مِن ذي لِبدَةٍ ضارِ
حامي العَرينِ لَدى الهَيجاءِ مُضطَلِعٌ / يَفري الرِجالَ بِأَنيابٍ وَأَظفارِ
حَتّى تَفَرَّجَتِ الآلافُ عَن رَجُلٍ / ماضٍ عَلى الهَولِ هادٍ غَيرِ مِحيارِ
تَجيشُ مِنهُ فُوَيقَ الثَديِ جائِفَةٌ / بِمُزبِدٍ مِن نَجيعِ الجَوفِ فَوّارِ
أَنّى تَأَوَّبَني الأَحزانُ وَالسَهَرُ
أَنّى تَأَوَّبَني الأَحزانُ وَالسَهَرُ / فَالعَينُ مِنّي هُدوءً دَمعُها دُرَرُ
تَبكي لِصَخرٍ وَقَد رابَ الزَمانُ بِهِ / إِذ غالَهُ حَدَثُ الأَيّامِ وَالقَدَرُ
سَمحٌ خَلائِقُهُ جَزلٌ مَواهِبُهُ / وافي الذِمامِ إِذا ما مَعشَرٌ غَدَروا
مَأوى الضَريكِ وَمَأوى كُلِّ أَرمَلَةٍ / عِندَ المُحولِ إِذا ما هَبَّتِ القُرَرُ
ما بارَزَ القِرنَ يَوماً عِندَ مَعرَكَةٍ / إِلّا لَهُ يَومَ تَسمو الكَرَّةُ الظَفَرُ
عَينَيَّ جودا بِدَمعٍ غَيرِ مَنزورِ
عَينَيَّ جودا بِدَمعٍ غَيرِ مَنزورِ / وَأَعوِلا إِنَّ صَخراً خَيرُ مَقبورِ
لا تَخذُلاني فَإِنّي غَيرُ ناسِيَةٍ / لِذِكرِ صَخرٍ حَليفِ المَجدِ وَالخَيرِ
يا صَخرُ مَن لِطِرادِ الخَيلِ إِذ وُزِعَت / وَلِلمَطايا إِذا يُشدَدنَ بِالكورِ
وَلِليَتامى وَلِلأَضيافِ إِن طَرَقوا / أَبياتَنا لَفَعالٍ مِنكَ مَخبورِ
وَمَن لِكُربَةِ عانٍ في الوِثاقِ وَمَن / يُعطي الجَزيلَ عَلى عُسرٍ وَمَيسورِ
وَمَن لِطَعنَةِ حِلسٍ أَو لِهاتِفَةٍ / يَومَ الصُياحِ بِفُرسانٍ مَغاويرِ
فَرَّ الأَقارِبُ عَنها بَعدَما ضُرِبوا / بِالمَشرَفِيَّةِ ضَرباً غَيرَ تَعزيرِ
وَأَسلَمَت بَعدَ نَقفِ البيضِ وَاِعتَسَفَت / مِن بَعدِ لَذَّةِ عَيشٍ غَيرِ مَقتورِ
يا صَخرُ كُنتَ لَنا عَيشاً نَعيشُ بِهِ / لَو أَمهَلَتكَ مُلِمّاتُ المَقاديرِ
يا فارِسَ الخَيلِ إِن شَدّوا فَلَم يَهِنوا / وَفارِسَ القَومِ إِن هَمّوا بِتَقصيرِ
يا لَهفَ نَفسي عَلى صَخرٍ إِذا رُكِبَت / خَيلٌ لِخَيلٍ كَأَمثالِ اليَعافيرِ
وَأَلقَحَ القَومُ حَرباً لَيسَ يُلقِحُها / إِلّا المَساعيرُ أَبناءُ المَساعيرِ
يا صَخرُ ماذا يُواري القَبرُ مِن كَرَمٍ / وَمِن خَلائِقَ عَفّاتٍ مَطاهيرِ
يا عَينِ جودي بِدَمعٍ غَيرِ مَنزورِ
يا عَينِ جودي بِدَمعٍ غَيرِ مَنزورِ / مِثلِ الجُمانِ عَلى الخَدَّينِ مَحدورِ
وَاِبكي أَخاً كانَ مَحموداً شَمائِلُهُ / مِثلَ الهِلالِ مُنيراً غَيرَ مَغمورِ
وَفارِسَ الخَيلِ وافَتهُ مَنِيَّتُهُ / فَفي فُؤادِيَ صَدعٌ غَيرُ مَجبورِ
نِعمَ الفَتى كُنتَ إِذ حَنَّت مُرَفرِفَةً / هوجُ الرِياحِ حَنينَ الوُلَّهِ الحورِ
وَالخَيلُ تَعثُرُ بِالأَبطالِ عابِسَةً / مِثلَ السَراحينَ مِن كابٍ وَمَعفورِ
كُنّا كَأَنجُمِ لَيلٍ وَسطَها قَمَرُ
كُنّا كَأَنجُمِ لَيلٍ وَسطَها قَمَرُ / يَجلو الدُجى فَهَوى مِن بَينِنا القَمَرُ
يا صَخرُ ما كُنتُ في قَومٍ أُسَرُّ بِهِم / إِلّا وَإِنَّكَ بَينَ القَومِ مُشتَهِرُ
فَاِذهَب حَميداً عَلى ما كانَ مِن حَدَثٍ / فَقَد سَلَكتَ سَبيلاً فيهِ مُعتَبَرُ
كُنّا كَغُصنَينِ في جُرثومَةٍ بَسَقا
كُنّا كَغُصنَينِ في جُرثومَةٍ بَسَقا / حيناً عَلى خَيرِ ما يُنمى لَهُ الشَجَرُ
حَتّى إِذا قيلَ قَد طالَت عُروقُهُما / وَطابَ غَرسُهُما وَاِستَوسَقَ الثَمَرُ
أَخنى عَلى واحِدٍ رَيبُ الزَمانِ وَما / يُبقي الزَمانُ عَلى شَيءٍ وَلا يَذَرُ
يا عَينِ جودي بِدَمعٍ مِنكِ مِدرارِ
يا عَينِ جودي بِدَمعٍ مِنكِ مِدرارِ / جُهدَ العَويلِ كَماءِ الجَدوَلِ الجاري
وَاِبكي أَخاكِ وَلا تَنسَي شَمائِلَهُ / وَاِبكي أَخاكِ شُجاعاً غَيرَ خَوّارِ
وَاِبكي أَخاكِ لِأَيتامٍ وَأَرمَلَةٍ / وَاِبكي أَخاكِ لِحَقِّ الضَيفِ وَالجارِ
جَمٌّ فَواضِلُهُ تَندى أَنامِلُهُ / كَالبَدرِ يَجلو وَلا يَخفى عَلى الساري
رَدّادُ عارِيَةٍ فَكّاكُ عانِيَةٍ / كَضَيغَمٍ باسِلٍ لِلقَرنِ هَصّارِ
جَوّابُ أَودِيَةٍ حَمّالُ أَلوِيَةٍ / سَمحُ اليَدَينِ جَوادٌ غَيرُ مِقتارِ
بَني سُلَيمٍ أَلا تَبكونَ فارِسَكُم
بَني سُلَيمٍ أَلا تَبكونَ فارِسَكُم / خَلّى عَلَيكُم أُموراً ذاتَ أَمراسِ
ما لِلمَنايا تُغادينا وَتَطرُقُنا / كَأَنَّنا أَبَداً نُحتَزُّ بِالفاسِ
تَغدو عَلَينا فَتَأبى أَن تُزايِلَنا / لِلخَيرِ فَالخَيرُ مِنّا رَهنُ أَرماسِ
وَلا يَزالُ حَديثُ السِنِّ مُقتَبَلاً / وَفارِساً لا يُرى مِثلٌ لَهُ راسِ
مِنّا يُغافِصنَهُ لَو كانَ يَمنَعُهُ / بَأسٌ لَصادَفَنا حَيّاً أُلي باسِ
إِنَّ الزَمانَ وَما يَفنى لَهُ عَجَبٌ
إِنَّ الزَمانَ وَما يَفنى لَهُ عَجَبٌ / أَبقى لَنا ذَنَباً وَاِستُؤصِلَ الراسُ
أَبقى لَنا كُلَّ مَجهولٍ وَفَجَّعَنا / بِالحالِمينَ فَهُم هامٌ وَأَرماسُ
إِنَّ الجَديدَينِ في طولِ اِختِلافِهِما / لا يَفسُدانِ وَلَكِن يَفسُدُ الناسُ
يا أُمُّ عَمروٍ أَلا تَبكينَ مُعوِلَةً
يا أُمُّ عَمروٍ أَلا تَبكينَ مُعوِلَةً / عَلى أَخيكِ وَقَد أَعلى بِهِ الناعي
فَاِبكي وَلا تَسأَمي نَوحاً مُسَلِّبَةً / عَلى أَخيكِ رَفيعِ الهَمِّ وَالباعِ
فَقَد فُجِعتِ بِمَيمونٍ نَقيبَتُهُ / جَمِّ المَخارِجِ ضَرّارٍ وَنَفّاعِ
فَمَن لَنا إِن رُزِئناهُ وَفارَقَنا / بِسَيِّدٍ مِن وَراءِ القَومِ دَفّاعِ
قَد كانَ سَيِّدَنا الداعي عَشيرَتَهُ / لا تَبعَدَنَّ فَنِعمَ السَيِّدُ الداعي
يا عَينِ بَكّي بِدَمعٍ غَيرِ إِنزافِ
يا عَينِ بَكّي بِدَمعٍ غَيرِ إِنزافِ / وَاِبكي لِصَخرٍ فَلَن يَكفيكِهِ كافِ
كوني كَوَرقاءَ في أَفنانِ غيلَتِها / أَو صائِحٍ في فُروعِ النَخلِ هَتّافِ
وَاِبكي عَلى عارِضٍ بِالوَدقِ مُحتَفِلٍ / إِذا تَهاوَنَتِ الأَحسابُ رَجّافِ
وَمُنزِلِ الضَيفِ إِن هَبَّت مُجَلجِلَةٌ / تَرمي بِصُمٍّ سَريعِ الخَسفِ رَسّافِ
أَبي اليَتامى إِذا ما شَتوَةٌ نَزَلَت / وَفي المَزاحِفِ ثَبتٍ غَيرِ وَجّافِ
يا لَهفَ نَفسي عَلى صَخرٍ وَقَد لَهِفَت
يا لَهفَ نَفسي عَلى صَخرٍ وَقَد لَهِفَت / وَهَل يَرُدَّنَّ خَبلَ القَلبِ تَلهيفي
اِبكي أَخاكِ إِذا جاوَرتِهِم سَحَراً / جودي عَلَيهِ بِدَمعٍ غَيرِ مَنزوفِ
اِبكي المُهينَ تِلادَ المالِ إِن نَزَلَت / شَهباءُ تَرزَحُ بِالقَومِ المَتاريفِ
وَاِبكي أَخاكِ لِدَهرٍ صارَ مُؤتَلِفاً / وَالدَهرُ وَيحَكِ ذو فَجعٍ وَتَجليفِ
يا عَينِ جودي بِدَمعٍ مِنكِ مُهراقِ
يا عَينِ جودي بِدَمعٍ مِنكِ مُهراقِ / إِذا هَدى الناسُ أَو هَمّوا بِإِطراقِ
إِنّي تُذَكِّرُني صَخراً إِذا سَجَعَت / عَلى الغُصونِ هَتوفٌ ذاتُ أَطواقِ
وَكُلُّ عَبرى تَبيتُ اللَيلَ ساهِرَةً / تَبكي بُكاءَ حَزينِ القَلبِ مُشتاقِ
لا تَكذِبَنَّ فَإِنَّ المَوتَ مُختَرِمٌ / كُلَّ البَرِيَّةِ غَيرَ الواحِدِ الباقي
أَنتَ الفَتى الماجِدُ الحامي حَقيقَتَهُ / تُعطي الجَزيلَ بِوَجهٍ مِنكَ مِشراقِ
وَالعَودَ تُعطي مَعاً وَالنابَ مُكتَنِفاً / وَكُلَّ طِرفٍ إِلى الغاياتِ سَبّاقِ
إِنّي سَأَبكي أَبا حَسّانَ نادِبَةً / ما زِلتُ في كُلِّ إِمساءٍ وَإِشراقِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025