عدتك نجد فماذا أنت مرتقب
عدتك نجد فماذا أنت مرتقب / يدنوا إليك الحمى أم تنقل الهضب
أبعد أن بنت عنها بت ترقبها / فاذهب فليس لك العتبى ولا العتب
لو كنت صادق دعوى الحب ما برحت / بك المطي ولا زمت بك النجب
أعراب بادية تهنى بيوتهم / حيث العوامل والهندية القضب
لم يعد ملكهم باس ولا كرم / فلا عدو لهم تلقى ولا نشب
تجري على العكس من قولي ظعونهم / ولو جرت مطلقاً ما فاتني الأرب
فكلما قلت رفقاً بالحشى عنفوا / فليت لو قلت بعداً بالسرى قربوا
يستعذب القلب من تعذيبهم أبداً / كأنهم كلما قد عذبوا عذبوا
يا منزلاً بمحاني الطف لا برحت / تسقي السحائب منك البان والكثب
كم قلت نجداً وما اعني سواك به / وعرب نجد ومن في ضمنك العرب
اني وان عنك عاقتني بداً قدر / ببين جسمي فقلبي منك مقترب
لا تحسبن كل دان منك ذا كلف / الدار بالجنب لكن الهوى جنب
أقائل أهل ودي أنهم غربوا / عن ناظري انهم عن خاطري عزبواه
لا والهوى ليس بعد الدار يشغلني / عنهم ولا محنة كلا ولا وصب
يا سائق الحرة الوجناء انحلها / طي السري وطواها الابن والنصب
وجناء ما الفت يوماً مباركها / ولا انثنت عند تعريس لها ركب
علامة بضروب السير اقربها / منها إلى رأيها التقريب والخيب
تأبى جوانبها تأبى مناكبها / حب السرى فكأن الراحة التعب
عجبي إذا جئت غربي الحمى وبدت / منه لمقلتك الاعلام والقبب
وحي عني الأولى اقمارهم طلعت / من طيبة ولدى كرب البلا غربوا
فاعجب لهم كيف حلوا كربلاء وكم / كانت بهم تفرج الغماء والكرب
فاين تلك البدور التي لا غربوا / واين تلك البحور الفعم لا نضبوا
قوم لهم شرف العلياء من مضر / والمرء يؤخذ في تحويده النسب
قوم كأولهم في الفضل آخرهم / والفضل ان يتساوى البدء والعقب
فمنذر مصطفى بالوحي منتجب / ومرتضى مجتبي للهدى منتخب
الواهبون لدى البأساء ما وجدوا / والطالبون بصدر الرمح ما طلبوا
والمدركون إذا ما أزمة بخلت / بصرفها وتخلت عندها الصحب
وكم لهم حيث جد الخطب من قدم / رست علا والجبال القود تضطرب
ولا كيومهم في كربلاء وقد / جد البلاء وارجحنت عندها الكرب
وفية وردوا ماء المنون بها / ورد المفاضة ظمآن الحشا سغب
من كل ابيض وضاح الجبين له / نوران من جانبيه الفضل والنسب
نجلو العفاة لهم تحت القنا غرواً / تلاعب البيض فيها والقنا السلب
أمت امية ان تعلو لها شرفاً / ويصبح الراس مخدوماً له الذنب
ودون ما يممت هند وجار بها / هند السيوف وحرب دونه الحرب
جاءت ليستعبد الحر اللئيم وفي / عود العلا عند غمز الضيم مضطرب
فشمرت للوغى فرسانها طرباً / وامتاز بالسبك عما دونه الذهب
فوارس اتخذوا سمر القنا سمراً / فكلما سجعت ورق القنا طربوا
يستنجعون اردى شوقاً لغايته / كأنما الضرب في افواهها الضرب
واستأثروا بالردى من دون سيدهم / قصداً وما كل ايثار به الأرب
حتى إذا سئموا دار البلى وبت / لهم عياناً هناك الخرب العرب
فغودروا بالعرى صرعى تلفهم / مطارف من أنابيب القنا قشب
واقبلت زمر الأعداء ترفل والاضعان / تسعر والاحشاء تتلهب
جلالها ابن جلا عضب الشبا ذكراً / لا يعرف الصفح اذ يستلة الغضب
تأتي على الحق الماذي ضربته / ولا يقيم عليها البيض واليلب
فكلما اسود ليل من كتائبهم / أحاله من سناه الضوء لا اللهب
وما استطال سحاب من جموعهم / إلا استطار به من لمعه الرهب
وباسم الثغر والابطال عابسة / كأن جد المنايا عنده لعب
لا يسلب القرن اذ يرديه بزته / والليث همته المسلوب لا السلب
ماض بماض اذا استقبلت امرهما / بدا لعينيك متى فعليهما العجب
تلقي الردى في الندى طلق العنان / تردى حيرة الورى محمولها العطب
حتى اذا ضربت يمنى القضا وارى / احدى العجائب دهر شأنه العجب
هوى إلى الترب قطب الحرب وابتدرت / من مهجة الفدب أيدي البيض تختضب
واقبلت خفرات المصطفى ولها / ندب على الندب لكن الحشا يجب
كواكب فقدت شمس الضحى فبدت / والمرء يعجب لو لم يعرف السبب
كم حرة مثل قرن الشمس قد نفست / على العيون بها الاستار والحجب
ابدت امية منها اوجهاً كرمت / بالصون بسئل عنها الكور والقتب
من كل باكية اسرى وشاكية / حسرى وزاكية عبرى وتنتحب
وكم كمي بقاني البرد مشتمل / وكم أبي بماضي الحد يعتصب
وجسم بحر ندى في الترب منعفر / ورأس بدر هدى في الرمح ينتصب
وحرة بعد فقد الصون يحملها / بين المضلين مهزول المطا نقب
فخدرها وجليل القدر مهتدل / ورحلها وجميل الصبر منتهب
فكلما عاينت ضلت مدامعها / تجري دموعاً وضل القلب ينشعب
كأنما الكون ما فيه سوى جسد / بالترب ملقى على أعضائه الترب
يا غيث كل الورى ان عم عامهم / جدب وياغوثهم ان نابت النوب
والثابت العزم والاهوال مقبلة / والراسخ الحلم والأحلام نضطرب
والماجد الحسب المقري الظبا كرماً / حوبائه وكذاك الماجدا الحسب
ما غالبت صبرك الدنيا ومحنتها / الا انثنت وله من دونها الغلب
ولا تروع لك الأيام سرب حجى / بلى اذا ريعت الاعلام والهضب
ان يصبح الكون داجي اللون بعدك / والايام سوداً وحسن الدهر مستلب
فانت كالشمس ما بالعالمين غنى / عنها ولا تجدهم من دونها الشهب
تاللّه ما سيف شمر نال منك ولا / يدا سنان وان جل الذي ارتكبوا
لولا الأولى اغضبوا رب العلا وابوا نص / الولا والحق المرتضى غصبوا
اصابك النفر الماضي بما ابتدعوا / وما المسيب لو لم ينجح السبب
وما تزال خيول الحقد كامنة / حتى اذا ابصروها فرصة وثبوا
فادرك الكل ما قد كان يطلبه / والقصد يدرك لما يمكن الطلب
كف بها امك الزهراء قد ضربوا / هي التي اختك الحورا بها سلبوا
وان نار وغى صاليت جمرتها / كانت لها كف ذاك البغي تحتطب
فليبك يومك من يبكيه يوم غدرا / بالصنو قوداً وبنت المصطفى ضربوا
واللَه ما كربلا لولا والاحياء / تدرى ولولا النار ما الحطب
يفنى الزمان وفيك الحزن متصل / باق إلى سرمد الايام ينتسب
كأن حزنك في الأحشاء مجدك في / الأحياء لم تبله الأعوام والحقب
تقول نفسي ونار الحزن تضرم في / قلبي وماء البكا في مقلتي سرب
ترضى من العين تجري مدامعها / ومن فؤادك ان يعتاده اللهب
هيهات رمت محالا وادعيت به / دعوى يلوح عليها الخلف والكذب
ما انت والقوم ترجوا نيل سعيهم / وما شربت من الكأس الذي شربوا
هب انك فاتك يوم البين صحبتهم / فكيف لم تركب النهج الذي ركبوا