المجموع : 12
ابنَ مُنيرٍ هجوت مني
ابنَ مُنيرٍ هجوت مني / حبراً أفاد الورى صوابه
ولم تُضَيِّق بذاك صدري / فإن لي أُسوة الصحابه
كم ليلة بت من كاسي وريقته
كم ليلة بت من كاسي وريقته / نشوان أمزج سلسالا بسلسال
وبات لا تحتمي عني مراشفه / كأنما ثغره ثغر بلا والي
والله لو أَنصف الفتيان أَنفسَهم
والله لو أَنصف الفتيان أَنفسَهم / أَعطَوْك ما ادّخروا منها وما صانوا
ما أَنت حين تُغنّي في مجالسهم / إِلاّ نسيمُ الصَّبا والقومُ أَغصانُ
في طاعة الحب ما أَنفقتُ من عُمري
في طاعة الحب ما أَنفقتُ من عُمري / وفي سبيل الهوي ما شابَ من شَعَري
طال الوُقوف على ضَحْضاحِ نائلكم / وغُلَّة الصّدر بين الوِرد والصَّدرِ
كم قد أَماتَ الهوى شوقي وأَنشره / عن يأْس منتظِرٍ أضو وعد منتظَر
بمُهْجتي وبصَحْبي كلُّ آنسةٍ / تبيت نافرةً منّي ومِنْ نَفَري
أَما ترى سُنَّةَ الأَقمار مُشْرقةً / في لِمَّتي فبياض الليل للقمر
هَبْني أُخلِّصُ جسمي من مُعَذِّبه / فمن يخلّص قلبي من يَدَيْ نظري
فيا نسيم الخُزامى هُبَّ لي سَحَراً / لعلَّ نَشْرك مَطْوِيٌّ على خَبَر
واحذر لسان دُموعي أَنْ تَنِمَّ به / فإِنَّ سرّيَ من دمعي على خَطَر
خذوا حديث غرامي عن ضَنا بدني
خذوا حديث غرامي عن ضَنا بدني / أَغنى لسانُ الهوى عن دمعيَ اللَّسِنِ
وخبّرونيَ عن قلبي ومالِكِه / فربّما أَشكل المعنى على الفَطِن
هذا الذي سلب العشّاقَ نومَهم / أَما ترى عينَه ملأَى من الوَسَن
أَمسى غرامي بذاك القدّ يوهمني / أَنّ اعتلال الصَّبا شوقٌ إِلى الغُصُن
أَرى الوفودَ رباعَ الجودِ عامرةً / من بعد ما وقفوا منها على دِمَنِ
قومٌ إِذا ناظروا عن سَرْح جارهُمُ / تكلّمتْ أَلسنُ الخطيّة اللُّدُنِ
لها من الرَّشإِ الوَسْنان عَيْناهُ
لها من الرَّشإِ الوَسْنان عَيْناهُ / وبي من الوَجْد أَقْصاه وأَدْناهُ
بِنفسيَ القمر المحجوب طلعتُهُ / عنّي وإِن كان يَهواني وأَهواه
إِذا عزمتُ على السُّلوان خادعني / بثغره فثنتْ عنّي ثناياه
وَليّ هواهُ على قلبي فَعذّبه / وحكَّم الحبَّ في جسمي فأَضناه
يا أَهل بابل أَنتمْ أَصْلُ بلبالي
يا أَهل بابل أَنتمْ أَصْلُ بلبالي / رُدّوا فؤادي على جُثْمانيَ البالي
لا واعتناقِ هواكم بعد فُرْقتكم / ما كان صَرْفُ النَّوى منكم على بالي
وإِنّما اعترضتْ بيني وبينَكم / نوائبٌ أَرْخصتْ من دمعيَ الغالي
لولا مكانُ هواكم من مُحافظتي / لما صرفتُ إِليكم وجه آمالي
سَلوْتُ عن غيركم لمّا عَلِقْتُ بكم / وَجْداً أَلا فاعجبوا للعاشق السالي
يا صاحِ إِنّ دموعي حرب زاجرها / فامنَح هواملَها تركي وإِهمالي
وانظر إِلى عبراتي بَعْدَ بُعْدِهمُ / إِن أَنت لم ترَ حالي عند تَرْحالي
لو كنتَ شاهدَنا والبينُ يجمعُنا / على وداعٍ بنيران الهوى صال
رأَيتَ حبّةَ قلبي كيف يسلُبها / حدٌّ لها ليس بالخالي من الخال
وقد علاني فُتورٌ عند رؤيتها / مُقَسَّمٌ بين عَيْنَيْها وأَوصالي
أَقول للصاحب الهادي ملامتَه / ضَلالةُ القلبِ في أَكناف دي ذال
دعْني أَفُضُّ شُؤوني في معالمها / فالدَّمعُ دمعيَ والأطلال أَطلالي
بما بعطفيك من تيهٍ ومن صَفَفِ
بما بعطفيك من تيهٍ ومن صَفَفِ / مَنْ دَلّ ذلك يا هذا على تلفي
ناشدْتُكَ الله في نفسٍ غَدَتْ فِرَقاً / بين الجَوى والأَسى والبَثِّ والأَسفِ
ومهجةٍ رفع التكليفَ خالقُها / عنها لشدّة ما تلقى من الكَلَف
أَستشعرُ اليأس في لا ثمّ يُطمِعُني / إِشارةٌ في اعتناق اللامِ والأَلِفِ
إِنْ أَنت روَّيْتَ من أَلفاظه أُذُناً / علمتَ كيفَ مَقَرُّ الدُّرِّ في الصَّدَفِ
وإِن نظرتَ إِلى القِرطاس في يده / رأَيتَ كيف نباتُ الرُّوْضِ في الصُّحُف
أَرى الصوارم في الأَلحاظ تُمْتَشَق
أَرى الصوارم في الأَلحاظ تُمْتَشَق / متى استحالت سُيوفاً هذه الحَدَقُ
واويلتا من عيون قلّما رمقتْ / إِلاّ انثنت عن قتيلٍ ما به رمق
يا صاح دعني وما أنكرتَ من ولهي / بان الفريقُ فقلبي بعدهم فرق
أما ترى أَيَّ ليثٍ صاده رشأٌ / وأَيَّ خِرْقٍ دهاه شادنٌ خَرِق
في معركٍ لذوات الدَّلِّ لو شرِقت / بحرِّه أَنفُسُ العُشّاق ما عشقوا
من كلّ شمسٍ لها من خِدْرها فلَكٌ / وبدرِ تِمٍّ له من فرعه غَسَق
ومن كثيب تجلّى فوقه قمرٌ / على قضيبٍ له من حُلَةٍ ورَق
وغادةٍ في وشاحٍ يشتكي عطشاً / إلى حُجُول بها من رِيِّها شَرَقُ
تبسَّمتْ والنَّوى تبدي الجوى عجباً / من لوعة تحتها الأحشاء تحترق
وأَنكرت لؤلؤ الأَجفان حين طفا / منها على لُجَّةٍ غوّاصها غَرِقُ
يا منْ لصبٍّ شجاه ليلُ صَبْوَته / لمّا تبسّم هذا الأَبيضُ اليَقَقُ
متى نهته النُّهى حنّت عَلاقته / إِن الكريم بأَيام الصِّبى عَلِقُ
صاحبتُ عمريَ مسروراً ومكتئباً / كذلك العيش فيه الصَّفو والرنَقُ
وعِشتُ أَفتح أَبواباً وأُغْلِقها / حتى سمتْ بي عُلاً ما دونها غَلَق
فسِرتُ مُغْتبِق الإدلاج مُعْتنِقاً / ذرى عزائمَ من تعريسها العَنَق
لا أَرهب الليل حتى شاب مَفْرِقهُ / وهل يخاف الدُّجى من شمسه أَبق
أَمّا الشبابُ فطَيْفٌ زارني ومضى
أَمّا الشبابُ فطَيْفٌ زارني ومضى / لمّا تَبَلَّج صُبْحُ الشَّيْب مُعْترِضا
ما كان أَبيضَ وجهَ الوَصلِ حين دجا / وما أَشدَّ ظلامَ الهجرِ حين أَضا
وما وجدتُ الصِّبا في طُول صُحبتِه / إِلاّ كما لَبِس الجفنُ الكَرى ونَضَا
فالآن صَرَّحَ شَيْبُ الرأس عن عَذَلٍ / محضٍ ولم يَزْوِ عنك النُّصْحَ مَنْ مَحَضا
فإِن تَبِتْ سُحُبُ الأَجفان هاميةً / فَعَنْ سَنا بارقٍ في عارِضٍ وَمَضا
ومن عجائبِ وَجْدي أَنه عرضٌ / لم يُبْقِ منّيَ جسماً يحمِلُ العَرَضا
ولم يدع ليَ مَوْتُ السرِّ من جسديد / عِرْقاً إِذا جسّه آسي الهوى نَبَضا
فإِن يكن دَلَّ إِعراض الدَّلال على / غير المَلالِ فسُخْطي في هواك رضا
إِنّ الأُلى جمعتْهُمْ والنَّوى دارُ
إِنّ الأُلى جمعتْهُمْ والنَّوى دارُ / جارُوا فهل أَنت لي من ظلمهم جارُ
ساروا على أَنهم قرباً كبعدهم / فما أُبالي أَقام الحيُّ أَم سارُوا
عندي على الوجد فيهم كلُّ لائمةٍ / وعندهم للهوى العُذرِيِّ أَعذارُ
ففي الصُّدور صَباباتٌ وَمَوْجِدَةٌ / وفي الخُدور لُباناتٌ وأَوطار
قد أَنكر الناس من دمعي ومن حُرَقي / هوىً تهادَن فيه الماءُ والنار
إِلامَ اُعلن أَسراري وأَكتمُها / وآيةُ الشوق إِعلان وإِسرار
دَيْنٌ على عبراتي أَنْ تُقِرَّ به / وإِنما غايةُ الإنكار إِقرار
ما استأْنفَ القلبُ من أَشواقه أَرَبا
ما استأْنفَ القلبُ من أَشواقه أَرَبا / إِلاّ استفزَّتْه آياتُ الهوى طَرَبا
لله نِسبةُ أَنفاسي إِلى حُرَقي / إِذا النسيم إِلي رَيّا الحِمى انتسبا
أهكذا لم يكن في الناس ذو شَجَن / إِلاّ صَبا كلّما هبَّتْ عليه صَبا
ما أَعجبَ الحبَّ يُدْعى بأْسُه غَزَلاً / جَهْلاً به ويُسَمَّى جِدُّه لَعِبا
ويْحَ الحَمام أَما تجتاز بارقةٌ / إِلاّ بكا في مغاني الدار وانتحبا
كأَنه واجدٌ وَجْدي بجيرتها / فكلّما خطرت في قلبه وَجَبا
فموضعُ السِرّ مني يستضيء سَناً / ومنبع الماءِ منه يَلْتظي لَهَبا
أَحبابَنا عاد عيدُ الهمّ بعدَكُمُ / تباعدتْ دارُكم في الحبّ واقتربا
ما بال سَلوةِ بالي لا تسرُّكُمُ / حتّى كأَنّ لكم في راحتي تعبا
ما خانكم جَلَدي إِلاّ وفى لكُمُ / قلبٌ متى سُمْتُه ترك الغرام أَبى
عَلاقَةٌ غلبتْ صبري فلا عَجبٌ / إِن الصّبابة خصمٌ طالما غلبا