القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : حافِظ إِبراهِيم الكل
المجموع : 39
قالوا صَدَقتَ فَكانَ الصِدقَ ما قالوا
قالوا صَدَقتَ فَكانَ الصِدقَ ما قالوا / ما كُلُّ مُنتَسِبٍ لِلقَولِ قَوّالُ
هَذا قَريضي وَهَذا قَدرُ مُمتَدَحي / هَل بَعدَ هَذَينِ إِحكامٌ وَإِجلالُ
إِنّي لَأُبصِرُ في أَثناءِ بُردَتِهِ / نوراً بِهِ تَهتَدي لِلحَقِّ ضُلّالُ
حَلَلتُ داراً بِها تُتلى مَناقِبُهُ / بِبابِها اِزدَحَمَت لِلناسِ آمالُ
رَأَيتُ فيها بِساطاً جَلَّ ناسِجُهُ / عَلَيهِ فاروقُ هَذا الوَقتِ يَختالُ
بِمَشيَةٍ بَينَ صَفَّي حِكمَةٍ وَتُقىً / يُحِبُّها اللَهُ لا تيهٌ وَلا خالُ
تَبَسَّمَ المُصطَفى في قَبرِهِ جَذَلاً / لَمّا سَمَوتَ إِلَيها وَهيَ مِعطالُ
فَكانَ لَفظُكَ دُرّاً حَولَ لَبَّتِها / العَدلُ يَنظِمُ وَالتَوفيقُ لَآلُ
لي كُلَّ حَولٍ لِبَيتِ الجاهِ مُنتَجَعٌ / كَما تُشَدُّ لِبَيتِ اللَهِ أَرحالُ
وَزَهرَةٌ غَضَّةٌ أَلقى الإِمامَ بِها / لَها عَلى أُختِها في الرَوضِ إِدلالُ
تَفَتَّحَ الحَمدُ عَنها حينَ أَسعَدَها / مِنكَ القَبولُ وَفيها نَوَّرَ القالُ
نَثَرتُ مَنظومَ تيجانِ المُلوكِ بِها / فَراحَ يَنظِمُهُ في وَصفِكَ البالُ
يا مَن تَيَمَّنَتِ الفُتيا بِطَلعَتِهِ / أَدرِك فَتاكَ فَقَد ضاقَت بِهِ الحالُ
ماذا اِدَّخَرتَ لِهَذا العيدِ مِن أَدَبِ
ماذا اِدَّخَرتَ لِهَذا العيدِ مِن أَدَبِ / فَقَد عَهِدتُكَ رَبَّ السَبقِ وَالغَلَبِ
تَشدو وَتُرهِفُ بِالأَشعارِ مُرتَجِلاً / وَتُبرِزُ القَولَ بَينَ السِحرِ وَالعَجَبِ
وَتَصقُلُ اللَفظَ في عَيني فَأَحسَبُني / أَرى فِرِندَ سُيوفَ الهِندِ في الكُتُبِ
هَذا هُوَ العيدُ قَد لاحَت مَطالِعُهُ / وَكُلُّنا بَينَ مُشتاقٍ وَمُرتَقِبِ
فَاِدعُ البَيانَ لِيَومٍ لا تُطاوِلُهُ / يَدُ البَلاغَةِ في الأَشعارِ وَالخُطَبِ
إِنّي دَعَوتُ القَوافي حينَ أَشرَقَ لي / عيدُ الأَميرِ فَلَبَّت غُرَّةَ الطَلَبِ
وَأَقبَلَت كَأَياديهِ إِذا اِنسَجَمَت / عَلى الوَرى وَغَدَت مِنّي عَلى كَثَبِ
فَقُمتُ أَختارُ مِنها كُلَّ كاسِيَةٍ / تاهَت بِنَضرَتِها في ثَوبِها القَشِبِ
وَحارَ فيهِ بَياني حينَ صِحتُ بِهِ / بِالعِزِّ يَبدَأُ أَم بِالمَجدِ وَالحَسَبِ
يا مَن تَنافَسُ في أَوصافِهِ كَلِمي / تَنافُسَ العَرَبِ الأَمجادِ في النَسَبِ
لَم يُبقِ أَحمَدُ مِن قَولٍ أُحاوِلُهُ / في مَدحِ ذاتِكَ فَاِعذُرني وَلا تَعِبِ
فَلَستُ مِمَّن سَمَت بِالشِعرِ هِمَّتُهُم / إِلى المُلوكِ وَلا ذاكَ الفَتى العَرَبي
لَكِنَّ عيدَكَ يا عَبّاسُ أَنطَقَني / كَالبَدرِ أَطلَقَ صَوتَ البُلبُلِ الطَرِبِ
عيدَ الجُلوسِ لَقَد ذَكَّرتُ أُمَّتَهُ / يَوماً تَأَبَّهَ في الأَيّامِ وَالحِقَبِ
اليُمنُ أَوَّلُهُ وَالسَعدُ آخِرُهُ / وَبَينَ ذَلِكَ صَفوُ العَيشِ لَم يُشَبِ
فَالعَرشُ في فَرَحٍ وَالمُلكُ في مَرَحٍ / وَالخَلقُ في مِنَحٍ وَالدَهرُ في رَهَبِ
وَالمَلكُ فَوقَ سَريرِ المُلكِ تَحرُسُهُ / عَينُ الإِلَهِ وَتَرعى أَعيُنُ الشُهُبِ
الحِلمُ حِليَتُهُ وَالعَدلُ قِبلَتُهُ / وَالسَعدُ لَمحَتُهُ كَشّافَةَ الكُرَبِ
مَشيئَةُ اللَهِ في العَبّاسِ قَد سَبَقَت / إِلى الجُدودِ وَمَن يَأتي عَلى العَقِبِ
فَهوَ اِبنُ أَكرَمِ مَن سادوا وَمَن مَلَكوا / وَهوَ الأَبُ المُفتَدى لِلسادَةِ النُجُبِ
يا مَن تَوَهَّمَ أَنَّ الشِعرَ أَعذَبُهُ / في الذَوقِ أَكذَبُهُ أَزرَيتَ بِالأَدَبِ
عَذبُ القَريضِ قَريضٌ باتَ يَعصِمُهُ / ذِكرُ اِبنِ تَوفيقَ عَن لَغوٍ وَعَن كَذِبِ
لَمَحتُ مِن مِصرَ ذاكَ التاجَ وَالقَمَرا
لَمَحتُ مِن مِصرَ ذاكَ التاجَ وَالقَمَرا / فَقُلتُ لِلشِعرِ هَذا يَومُ مَن شَعَرا
يا دَولَةً فَوقَ أَعلامٍ لَها أَسَدٌ / تَخشى بَوادِرَهُ الدُنيا إِذا زَأَرا
بِالأَمسِ كانَت عَلَيكِ الشَمسُ ضاحِيَةً / وَاليَومَ فَوقَ ذُراكِ البَدرُ قَد سَفَرا
يَؤولُ عَرشُكِ مِن شَمسٍ إِلى قَمَرٍ / إِن غابَتِ الشَمسُ أَولَت تاجَها القَمَرا
مَن ذا يُناويكِ وَالأَقدارُ جارِيَةٌ / بِما تَشائينَ وَالدُنيا لِمَن قَهَرا
إِذا اِبتَسَمتِ لَنا فَالدَهرُ مُبتَسِمٌ / وَإِن كَشَرتِ لَنا عَن نابِهِ كَشَرا
لا تَعجَبَنَّ لِمُلكٍ عَزَّ جانِبُهُ / لَولا التَعاوُنُ لَم تَنظُر لَهُ أَثَرا
ما ثَلَّ رَبُّكَ عَرشاً باتَ يَحرُسُهُ / عَدلٌ وَلا مَدَّ في سُلطانِ مَن غَدَرا
خَبَرتُهُم فَرَأَيتُ القَومَ قَد سَهِروا / عَلى مَرافِقِهِم وَالمُلكُ قَد سَهِرا
تَشاوَروا في أُمورِ المُلكِ مِن مَلِكٍ / إِلى وَزيرٍ إِلى مَن يَغرِسُ الشَجَرا
وَكانَ فارِسُهُم في الحَربِ صاعِقَةً / وَذو السِياسَةِ مِنهُم طائِراً حَذِرا
بِالبَرِّ صافِنَةٌ داسَت سَنابِكُها / مَناجِمَ التِبرِ لَمّا عافَتِ المَدَرا
وَفي البِحارِ أَساطيلٌ إِذا غَضِبَت / تَرى البَراكينَ فيها تَقذِفُ الشَرَرا
وَهُنَّ في السِلمِ وَالأَيّامُ باسِمَةٌ / عَرائِسٌ يَكتَسينَ الدَلَّ وَالخَفَرا
حَتّى إِذا نَشِبَت حَربٌ رَأَيتَ بِها / أَغوالَ قَفرٍ وَلَكِن تَنهَشُ الحَجَرا
اليَومَ يُشرِقُ إِدوارٌ عَلى أُمَمٍ / كَأَنَّها البَحرُ بِالآذِيِّ قَد زَخَرا
لَو أَمطَرَ الغَيثُ أَرضاً تَستَظِلُّ بِهِم / عَدَت رُؤوسَهُمُ عَن وَجهِها المَطَرا
اليَومَ يَلثِمُ تاجُ العِزِّ مُحتَشِماً / رَأساً يُدَبِّرُ مُلكاً يَكلَأُ البَشَرا
يُصَرِّفُ الأَمرَ مِن مِصرٍ إِلى عَدَنٍ / فَالهِندِ فَالكابِ حَتّى يَعبُرَ الجُزُرا
قَد سالَمَتهُ اللَيالي حينَ أَعجَزَها / عَقدٌ لِما حَلَّ أَو تَقويمُ ما أَطَرا
إِدوارُ دُمتَ وَدامَ المُلكُ في رَغَدٍ / وَدامَ جُندُكَ في الآفاقِ مُنتَصِرا
حَقَنتَ بِالصُلحِ وَالرَأيِ السَديدِ دَماً / رَوّى الشِعابَ وَرَوّى الصارِمَ الذَكَرا
هُم يَذكُرونَكَ إِن عَدّوا عُدولَهُمُ / وَنَحنُ نَذكُرُ إِن عَدّوا لَنا عُمَرا
كَأَنَّما أَنتَ تَجري في طَريقَتِهِ / عَدلاً وَحِلماً وَإيقاعاً بِمَن أَشِرا
لَو يَنظِمونَ اللَآلي مِثلَ ما نُظِمَت
لَو يَنظِمونَ اللَآلي مِثلَ ما نُظِمَت / مُذ غِبتَ عَنّا عُيونُ الفَضلِ وَالأَدَبِ
لَأَقفَرَ الجيدُ مِن دُرٍّ يُحيطُ بِهِ / وَالثَغرُ مِن لُؤلُؤٍ وَالكَأسُ مِن حَبَبِ
طُف بِالأَريكَةِ ذاتِ العِزِّ وَالشانِ
طُف بِالأَريكَةِ ذاتِ العِزِّ وَالشانِ / وَاِقضِ المَناسِكِ عَن قاصٍ وَعَن داني
يا عيدُ لَيتَ الَّذي أَولاكَ نِعمَتَهُ / بِقُربِ صاحِبِ مِصرٍ كانَ أَولاني
صُغتُ القَريضَ فَما غادَرتُ لُؤلُؤَةً / في تاجِ كِسرى وَلا في عِقدِ بورانِ
أَغرَيتُ بِالغَوصِ أَقلامي فَما تَرَكَت / في لُجَّةِ البَحرِ مِن دُرٍّ وَمَرجانِ
شَكا عُمانُ وَضَجَّ الغائِصونَ بِهِ / عَلى اللَآلي وَضَجَّ الحاسِدُ الشاني
كَم رامَ شَأوي فَلَم يُدرِك سِوى صَدَفٍ / سامَحتُ فيهِ لِنَظّامٍ وَوَزّانِ
عابوا سُكوتي وَلَولاهُ لَما نَطَقوا / وَلا جَرَت خَيلُهُم شَوطاً بِمَيدانِ
وَاليَومَ أُنشِدُهُم شِعراً يُعيدُ لَهُم / عَهدَ النَواسِيِّ أَو أَيّامَ حَسّانِ
أَزُفُّ فيهِ إِلى العَبّاسِ غانِيَةً / عَفيفَةَ الخِدرِ مِن آياتِ عَدنانِ
مِنَ الأَوانِسِ حَلّاها يَراعُ فَتىً / صافي القَريحَةِ صاحٍ غَيرِ نَشوانِ
ما ضاقَ أَصغَرُهُ عَن مَدحِ سَيِّدِهِ / وَلا اِستَعانَ بِمَدحِ الراحِ وَالبانِ
وَلا اِستَهَلَّ بِذِكرِ الغيدِ مِدحَتَهُ / في مَوطِنٍ بِجَلالِ المُلكِ رَيّانِ
أَغلَيتَ بِالعَدلِ مُلكاً أَنتَ حارِسُهُ / فَأَصبَحَت أَرضُهُ تُشرى بِميزانِ
جَرى بِها الخِصبُ حَتّى أَنبَتَت ذَهَباً / فَلَيتَ لي في ثَراهَ نِصفَ فَدّانِ
نَظَرتَ لِلنيلِ فَاِهتَزَّت جَوانِبُهُ / وَفاضَ بِالخَيرِ في سَهلٍ وَوِديانِ
يَجري عَلى قَدَرٍ في كُلِّ مُنحَدَرٍ / لَم يَجفُ أَرضاً وَلَم يَعمِد لِطُغيانِ
كَأَنَّهُ وَرِجالُ الرِيِّ تَحرُسُهُ / مُمَلَّكٌ سارَ في جُندٍ وَأَعوانِ
قَد كانَ يَشكو ضَياعاً مُذ جَرى طَلُقاً / حَتّى أَقَمتَ لَهُ خَزّانَ أَسوانِ
كَم مِن يَدٍ لَكَ في القُطرَينِ صالِحَةٍ / فاضَت عَلَينا بِجودٍ مِنكَ هَتّانِ
رَدَدتَ ما سَلَبَت أَيدي الزَمانِ لَنا / وَما تَقَلَّصَ مِن ظِلٍّ وَسُلطانِ
وَما قَعَدتَ عَنِ السودانِ إِذ قَعَدوا / لَكِن أَمَرتَ فَلَبّى الأَمرَ جَيشانِ
هَذا مِنَ الغَربِ قَد سالَت مَراكِبُهُ / وَذا مِنَ الشَرقِ قَد أَوفى بِطوفانِ
وَلّاكَ رَبُّكَ مُلكاً في رِعايَتِهِ / وَمَدَّهُ لَكَ في خِصبٍ وَعُمرانِ
مِن كُردُفانَ إِلى مِصرٍ إِلى جَبَلٍ / عَلَيهِ كَلَّمَهُ موسى بنُ عِمرانِ
فَكُن بِمُلكِكَ بَنّاءَ الرِجالِ وَلا / تَجعَل بِناءَكَ إِلّا كُلَّ مِعوانِ
وَاُنظُر إِلى أُمَّةٍ لَولاكَ ما طَلَبَت / حَقّاً وَلا شَعَرَت حُبّاً لِأَوطانِ
لاذَت بِسُدَّتِكَ العَلياءِ وَاِعتَصَمَت / وَأَخلَصَت لَكَ في سِرٍّ وَإِعلانِ
حَسبُ الأَريكَةِ أَنَّ اللَهَ شَرَّفَها / فَأَصبَحَت بِكَ تَسمو فَوقَ كيوانِ
تاهَت بِعَهدِ مَليكٍ فَوقَ مَفرِقِهِ / لِمُلكِ مِصرٍ وَلِلسودانِ تاجانِ
هَذا هُوَ المُلكُ فَليَهنَئ مُمَلَّكُهُ / وَذا هُوَ الشِعرُ فَلتُنشِدهُ أَزماني
يا صاحِبَ الرَوضَةِ الغَنّاءِ هِجتَ بِنا
يا صاحِبَ الرَوضَةِ الغَنّاءِ هِجتَ بِنا / كُرى الأَوائِلِ مِن أَهلٍ وَجيرانِ
نَشَرتَ فَضلَ كِرامٍ في مَضاجِعِهِم / جَرَّ الزَمانُ عَلَيهِم ذَيلَ نِسيانِ
إِنّي أُحَيِّيكَ عَنهُم في جَزيرَتِهِم / وَفي العِراقِ وَفي مِصرٍ وَلُبنانِ
جَلَوتَ لِلغَربِ حُسنَ الشَرقِ في حُلَلٍ / لا يُستَهانُ بِها نَسّاجَ هِرناني
ظَنّوكَ مِنهُم وَقَد أَنشَأتَ تَخطُبُهُم / بِما عَنا لَكَ مِن سِحرٍ وَتِبيانِ
ما زِلتَ تَبهَرُنا طَوراً وَتَبهَرُهُم / حَتّى اِدَّعاكَ وَحَيّاكَ الفَريقانِ
لَولا اِسمِرارُكَ فازوا في اِدِّعائِهِمُ / بِواصِفٍ وَخَسِرنا أَيَّ خُسرانِ
غَرَستَ مِن زَهَراتِ الشَرقِ طائِفَةٍ / في أَرضِ هيجو فَجاءَت طُرفَةَ الجاني
حَديقَةً لَكَ لَم نَعهَد لَها شَبَهاً / بَينَ الحَدائِقِ في زَهرٍ وَأَفنانِ
يُحيي شَذاها نُفوسَ الوافِدينَ وَما / مَرّوا بِوَردٍ وَلا طافوا بِرَيحانِ
لَكِنَّها مِن أَزاهيرِ النُهى جَمَعَت / ما لا تُنافِحُهُ أَزهارُ بُستانِ
بِالأَمسِ كانَ لَها شَرقٌ تَضوعُ بِهِ / وَاليَومَ صارَ لَها بِالغَربِ شَرقانِ
أَسمَعتَهُم مِن نَسيبِ القَومِ فَاِنطَلَقَت / شُؤونُ كُلِّ شَجِيِّ القَلبِ وَلهانِ
وَزِدتَهُم مِن كَلامِ البُحتُري قِطَعاً / مِثلَ الرِياضِ كَسَتها كَفُّ نَيسانِ
سَل أَلفَريدَ وَلامَرتينَ هَل جَرَيا / مَعَ الوَليدِ أَوِ الطائي بِمَيدانِ
وَهَل هُما في سَماءِ الشِعرِ قَد بَلَغا / شَأوَ النَواسِيِّ في صَوغٍ وَإِتقانِ
وَدّا وَقَد شَهِدا بِالحَقِّ أَنَّهُما / في بَيتِ أَحمَدَ لَو يَرضى نَديمانِ
أَمسى كِتابُكَ كَالسيما يُعيدُ لَهُم / مَرأى الحَوادِثِ مَرَّت مُنذُ أَزمانِ
قَد شاهَدا فيهِ تَحتَ النَقعِ عَنتَرَةً / يُصارِعُ المَوتَ عَن عَبسٍ وَذُبيانِ
وَشاهَدوا أَسَداً يَمشي إِلى أَسَدٍ / كِلاهُما غَيرُ هَيّابٍ وَلا واني
هَذا مِنَ العُربِ لا يُلوي بِهِ فَزَعٌ / وَذاكَ أَروَعُ مِن آسادِ خَفّانِ
لِلَّهِ دَرُّ يَراعٍ أَنتَ حامِلُهُ / لَو كانَ في أَنمُلي يَوماً لَأَغناني
وَقَفتَ تَدفَعُ عَن آدابِنا تُهَماً / كادَت تُقَوِّضُ مِنها كُلَّ بُنيانِ
فَكُنتَ أَوَّلَ مِصرِيٍّ أَقامَ لَهُم / عَلى نَبالَةِ مِصرٍ أَلفَ بُرهانِ
ما زِلتَ تُلقي عَلى أَسماعِهِم حُجَجاً / في كُلِّ نادٍ وَتَأتيهِم بِسُلطانِ
حَتّى اِنثَنَيتَ وَما لِلعُربِ مُجتَرِئٌ / عَلى البِناءِ وَلا زارٍ عَلى الباني
مَحَوتَ ما كَتَبوا عَنّا بِقاطِعَةٍ / مِنَ البَراهينِ فَلَّت قَولَ رينانِ
أَنحى عَلى الأَدَبِ الشَرقِيِّ مُفتَرِياً / عَلَيهِ ما شاءَ مِن زورٍ وَبُهتانِ
ظَنَّ الحَقيقَةَ في الأَشعارِ تَنقُصُنا / وَاللَفظَ وَالقَصدَ وَالتَصويرَ في آنِ
وَأَنَّنا لَم نَصِل فيها إِلى مِئَةٍ / عَدّاً وَذاكَ لِعَيٍّ أَو لِنُقصانِ
وَلَو رَأى اِبنَ جُرَيجٍ في قَصائِدِهِ / لَقالَ آمَنتُ في سِرّي وَإِعلاني
مالي أُفاخِرُ بِالمَوتى وَبَينَ يَدي / مِن شِعرِ أَحيائِنا ما لَيسَ بِالفاني
في شِعرِ شَوقي وَصَبري ما نَتيهُ بِهِ / عَلى نَوابِغِهِم دَع شِعرَ مُطرانِ
بورِكتَ يا اِبنَ الوَزيرِ الحُرِّ مِن رَجُلٍ / لَم يَختَلِف فيهِ أَو في فَصلِهِ اِثنانِ
بَلِّغ إِذا جِئتَ باريزاً أَفاضِلَها / عَنّا التَحِيّاتِ وَاِشفَعها بِشُكرانِ
وَخُصَّ كاتِبَهُم زولا بِأَطيَبِها / كَيما يُقابَلُ إِحسانٌ بِإِحسانِ
وَاِجعَل لِسِفرِكَ ذَيلاً في شَواعِرِنا / وَقِف لَهُنَّ هُناكَ المَوقِفَ الثاني
وَاِنثُر عَلى الغَربِ مِن تِلكَ الحُلى وَأَشِد / بِكُلِّ حُسّانَةَ فينا وَحُسّانِ
وَعُد إِلى الشَرقِ عَودَ الفاتِحينَ لَهُ / وَخُذ مَكانَكَ فيهِ فَوقَ كيوانِ
وَاِشكُر رِعايَةَ عَبّاسٍ وَمِنَّتَهُ / وَاِشرَح وَلاءَكَ يا غالي لِعُثمانِ
وَاِضرَع إِلى اللَهِ أَن يَرعى أَريكَتَنا / مَرفوعَةَ الشانِ ما مَرَّ الجَديدانِ
حَسبُ القَوافي وَحَسبي حينَ أُلقيها
حَسبُ القَوافي وَحَسبي حينَ أُلقيها / أَنّي إِلى ساحَةِ الفاروقِ أُهديها
لاهُمَّ هَب لي بَياناً أَستَعينُ بِهِ / عَلى قَضاءِ حُقوقٍ نامَ قاضيها
قَد نازَعَتنِيَ نَفسي أَن أَوَفّيها / وَلَيسَ في طَوقِ مِثلي أَن يُوَفّيها
فَمُر سَرِيَّ المَعاني أَن يُواتِيَني / فيها فَإِنّي ضَعيفُ الحالِ واهيها
مَولى المُغيرَةِ لا جادَتكَ غادِيَةٌ / مِن رَحمَةِ اللَهِ ما جادَت غَواديها
مَزَّقتَ مِنهُ أَديماً حَشوُهُ هِمَمٌ / في ذِمَّةِ اللَهِ عاليها وَماضيها
طَعَنتَ خاصِرَةَ الفاروقِ مُنتَقِماً / مِنَ الحَنيفَةِ في أَعلى مَجاليها
فَأَصبَحَت دَولَةُ الإِسلامِ حائِرَةً / تَشكو الوَجيعَةَ لَمّا ماتَ آسيها
مَضى وَخَلَّفَها كَالطَودِ راسِخَةً / وَزانَ بِالعَدلِ وَالتَقوى مَغانيها
تَنبو المَعاوِلُ عَنها وَهيَ قائِمَةٌ / وَالهادِمونَ كَثيرٌ في نَواحيها
حَتّى إِذا ما تَوَلّاها مُهَدِّمُها / صاح الزَوالُ بِها فَاِندَكَّ عاليها
واهاً عَلى دَولَةٍ بِالأَمسِ قَد مَلَأَت / جَوانِبَ الشَرقِ رَغداً مِن أَياديها
كَم ظَلَّلَتها وَحاطَتها بِأَجنِحَةٍ / عَن أَعيُنِ الدَهرِ قَد كانَت تُواريها
مِنَ العِنايَةِ قَد ريشَت قَوادِمُها / وَمِن صَميمِ التُقى ريشَت خَوافيها
وَاللَهِ ما غالَها قِدماً وَكادَ لَها / وَاِجتَثَّ دَوحَتَها إِلّا مَواليها
لَو أَنَّها في صَميمِ العُربِ قَد بَقِيَت / لَما نَعاها عَلى الأَيّامِ ناعيها
يا لَيتَهُم سَمِعوا ما قالَهُ عُمَرٌ / وَالروحُ قَد بَلَغَت مِنهُ تَراقيها
لا تُكثِروا مِن مَواليكُم فَإِنَّ لَهُم / مَطامِعاً بَسَماتُ الضَعفِ تُخفيها
رَأَيتَ في الدينِ آراءً مُوَفَّقَةً / فَأَنزَلَ اللَهُ قُرآناً يُزَكّيها
وَكُنتَ أَوَّلَ مَن قَرَّت بِصُحبَتِهِ / عَينُ الحَنيفَةِ وَاِجتازَت أَمانيها
قَد كُنتَ أَعدى أَعاديها فَصِرتَ لَها / بِنِعمَةِ اللَهِ حِصناً مِن أَعاديها
خَرَجتَ تَبغي أَذاها في مُحَمَّدِها / وَلِلحَنيفَةِ جَبّارٌ يُواليها
فَلَم تَكَد تَسمَعُ الآياتِ بالِغَةً / حَتّى اِنكَفَأتَ تُناوي مَن يُناويها
سَمِعتَ سورَةَ طَهَ مِن مُرَتِّلِها / فَزَلزَلَت نِيَّةً قَد كُنتَ تَنويها
وَقُلتَ فيها مَقالاً لا يُطاوِلُهُ / قَولُ المُحِبِّ الَّذي قَد باتَ يُطريها
وَيَومَ أَسلَمتَ عَزَّ الحَقُّ وَاِرتَفَعَت / عَن كاهِلِ الدينِ أَثقالٌ يُعانيها
وَصاحَ فيهِ بِلالٌ صَيحَةً خَشَعَت / لَها القُلوبُ وَلَبَّت أَمرَ باريها
فَأَنتَ في زَمَنِ المُختارِ مُنجِدُها / وَأَنتَ في زَمَنِ الصِدّيقِ مُنجيها
كَمِ اِستَراكَ رَسولُ اللَهِ مُغتَبِطاً / بِحِكمَةٍ لَكَ عِندَ الرَأيِ يُلفيها
وَمَوقِفٍ لَكَ بَعدَ المُصطَفى اِفتَرَقَت / فيهِ الصَحابَةُ لَمّا غابَ هاديها
بايَعتَ فيهِ أَبا بَكرٍ فَبايَعَهُ / عَلى الخِلافَةِ قاصيها وَدانيها
وَأُطفِئَت فِتنَةٌ لَولاكَ لَاِستَعَرَت / بَينَ القَبائِلَ وَاِنسابَت أَفاعيها
باتَ النَبِيُّ مُسَجّىً في حَظيرَتِهِ / وَأَنتَ مُستَعِرُ الأَحشاءِ داميها
تَهيمُ بَينَ عَجيجِ الناسِ في دَهَشٍ / مِن نَبأَةٍ قَد سَرى في الأَرضِ ساريها
تَصيحُ مَن قالَ نَفسُ المُصطَفى قُبِضَت / عَلَوتُ هامَتَهُ بِالسَيفِ أَبريها
أَنساكَ حُبُّكَ طَهَ أَنَّهُ بَشَرٌ / يُجري عَلَيهِ شُؤونَ الكَونِ مُجريها
وَأَنَّهُ وارِدٌ لا بُدَّ مَورِدَهُ / مِنَ المَنِيَّةِ لا يُعفيهِ ساقيها
نَسيتَ في حَقِّ طَهَ آيَةً نَزَلَت / وَقَد يُذَكَّرُ بِالآياتِ ناسيها
ذَهِلتَ يَوماً فَكانَت فِتنَةٌ عَمَمٌ / وَثابَ رُشدُكَ فَاِنجابَت دَياجيها
فَلِلسَقيفَةِ يَومٌ أَنتَ صاحِبُهُ / فيهِ الخِلافَةُ قَد شيدَت أَواسيها
مَدَّت لَها الأَوسُ كَفّاً كَي تَناوَلَها / فَمَدَّتِ الخَزرَجُ الأَيدي تُباريها
وَظنَّ كُلُّ فَريقٍ أَنَّ صاحِبَهُم / أَولى بِها وَأَتى الشَحناءَ آتيها
حَتّى اِنبَرَيتَ لَهُم فَاِرتَدَّ طامِعُهُم / عَنها وَأَخّى أَبو بَكرٍ أَواخيها
وَقَولَةٍ لِعَلِيٍّ قالَها عُمَرٌ / أَكرِم بِسامِعِها أَعظِم بِمُلقيها
حَرَقتُ دارَكَ لا أُبقي عَلَيكَ بِها / إِن لَم تُبايِع وَبِنتُ المُصطَفى فيها
ما كانَ غَيرُ أَبي حَفصٍ يَفوهُ بِها / أَمامَ فارِسِ عَدنانٍ وَحاميها
كِلاهُما في سَبيلِ الحَقِّ عَزمَتُهُ / لا تَنثَني أَو يَكونَ الحَقُّ ثانيها
فَاِذكُرهُما وَتَرَحَّم كُلَّما ذَكَروا / أَعاظِماً أُلِّهوا في الكَونِ تَأليها
كَم خِفتَ في اللَهِ مَضعوفاً دَعاكَ بِهِ / وَكَم أَخَفتَ قَوِيّاً يَنثَني تيها
وَفي حَديثِ فَتى غَسّانَ مَوعِظَةٌ / لِكُلِّ ذي نَغرَةٍ يَأبى تَناسيها
فَما القَوِيُّ قَوِيّاً رَغمَ عِزَّتِهِ / عِندَ الخُصومَةِ وَالفاروقُ قاضيها
وَما الضَعيفُ ضَعيفاً بَعدَ حُجَّتِهِ / وَإِن تَخاصَمَ واليها وَراعيها
وَما أَقَلتَ أَبا سُفيانَ حينَ طَوى / عَنكَ الهَدِيَّةَ مُعتَزّاً بِمُهديها
لَم يُغنِ عَنهُ وَقَد حاسَبتَهُ حَسَبٌ / وَلا مُعاوِيَةٌ بِالشامِ يَجبيها
قَيَّدتَ مِنهُ جَليلاً شابَ مَفرِقُهُ / في عِزَّةٍ لَيسَ مِن عِزٍّ يُدانيها
قَد نَوَّهوا بِاِسمِهِ في جاهِلِيَّتِهِ / وَزادَهُ سَيِّدُ الكَونَينِ تَنويها
في فَتحِ مَكَّةَ كانَت دارُهُ حَرَماً / قَد أَمَّنَ اللَهُ بَعدَ البَيتِ غاشيها
وَكُلُّ ذَلِكَ لَم يَشفَع لَدى عُمَرٍ / في هَفوَةٍ لِأَبي سُفيانَ يَأتيها
تَاللَهِ لَو فَعَلَ الخَطّابُ فَعلَتَهُ / لَما تَرَخَّصَ فيها أَو يُجازيها
فَلا الحَسابَةُ في حَقٍّ يُجامِلُها / وَلا القَرابَةُ في بُطلٍ يُحابيها
وَتِلكَ قُوَّةُ نَفسٍ لَو أَرادَ بِها / شُمَّ الجِبالِ لَما قَرَّت رَواسيها
سَل قاهِرَ الفُرسِ وَالرومانِ هَل شَفَعَت / لَهُ الفُتوحُ وَهَل أَغنى تَواليها
غَزى فَأَبلى وَخَيلُ اللَهِ قَد عُقِدَت / بِاليُمنِ وَالنَصرِ وَالبُشرى نَواصيها
يَرمي الأَعادي بِآراءٍ مُسَدَّدَةٍ / وَبِالفَوارِسِ قَد سالَت مَذاكيها
ما واقَعَ الرومَ إِلّا فَرَّ قارِحُها / وَلا رَمى الفُرسَ إِلّا طاشَ راميها
وَلَم يَجُز بَلدَةً إِلّا سَمِعتَ بِها / اللَهُ أَكبَرُ تَدوي في نَواحيها
عِشرونَ مَوقِعَةً مَرَّت مُحَجَّلَةً / مِن بَعدِ عَشرٍ بَنانُ الفَتحِ تُحصيها
وَخالِدٌ في سَبيلِ اللَهِ موقِدُها / وَخالِدٌ في سَبيلِ اللَهِ صاليها
أَتاهُ أَمرُ أَبي حَفصٍ فَقَبَّلَهُ / كَما يُقَبِّلُ آيَ اللَهِ تاليها
وَاِستَقبَلَ العَزلَ في إِبّانِ سَطوَتِهِ / وَمجدِهِ مُستَريحَ النَفسِ هاديها
فَاِعجَب لِسَيِّدِ مَخزومٍ وَفارِسِها / يَومَ النِزالِ إِذا نادى مُناديها
يَقودُهُ حَبَشِيٌّ في عِمامَتِهِ / وَلا تُحَرِّكُ مَخزومٌ عَواليها
أَلقى القِيادَ إِلى الجَرّاحِ مُمتَثِلاً / وَعِزَّةُ النَفسِ لَم تُجرَح حَواشيها
وَاِنضَمَّ لِلجُندِ يَمشي تَحتَ رايَتِهِ / وَبِالحَياةِ إِذا مالَت يُفَدّيها
وَما عَرَتهُ شُكوكٌ في خَليفَتِهِ / وَلا اِرتَضى إِمرَةَ الجَرّاحِ تَمويها
فَخالِدٌ كانَ يَدري أَنَّ صاحِبَهُ / قَد وَجَّهَ النَفسَ نَحوَ اللَهِ تَوجيها
فَما يُعالِجُ مِن قَولٍ وَلا عَمَلٍ / إِلّا أَرادَ بِهِ لِلناسِ تَرفيها
لِذاكَ أَوصى بِأَولادٍ لَهُ عُمَراً / لَمّا دَعاهُ إِلى الفِردَوسِ داعيها
وَما نَهى عُمَرٌ في يَومِ مَصرَعِهِ / نِساءَ مَخزومَ أَن تَبكي بَواكيها
وَقيلَ خالَفتَ يا فاروقُ صاحِبَنا / فيهِ وَقَد كانَ أَعطى القَوسَ باريها
فَقالَ خِفتُ اِفتِتانِ المُسلِمينَ بِهِ / وَفِتنَةُ النَفسِ أَعيَت مَن يُداويها
هَبوهُ أَخطَأَ في تَأويلِ مَقصِدِهِ / وَأَنَّها سَقطَةٌ في عَينِ ناعيها
فَلَن تَعيبَ حَصيفَ الرَأيِ زَلَّتُهُ / حَتّى يَعيبَ سُيوفَ الهِندِ نابيها
تَاللَهِ لَم يَتَّبِع في اِبنِ الوَليدِ هَوىً / وَلا شَفى غُلَّةً في الصَدرِ يَطويها
لَكِنَّهُ قَد رَأى رَأياً فَأَتبَعَهُ / عَزيمَةً مِنهُ لَم تُثلَم مَواضيها
لَم يَرعَ في طاعَةِ المَولى خُؤولَتَهُ / وَلا رَعى غَيرَها فيما يُنافيها
وَما أَصابَ اِبنَهُ وَالسَوطُ يَأخُذُهُ / لَدَيهِ مِن رَأفَةٍ في الحَدِّ يُبديها
إِنَّ الَّذي بَرَأَ الفاروقَ نَزَّهَهُ / عَنِ النَقائِصِ وَالأَغراضِ تَنزيها
فَذاكَ خُلقٌ مِنَ الفِردَوسِ طينَتُهُ / اللَهُ أَودَعَ فيها ما يُنَقّيها
لا الكِبرُ يَسكُنُها لا الظُلمُ يَصحَبُها / لا الحِقدُ يَعرِفُها لا الحِرصِ يُغويها
شاطَرتَ داهِيَةَ السُوّاسِ ثَروَتَهُ / وَلَم تَخَفهُ بِمِصرٍ وَهوَ واليها
وَأَنتَ تَعرِفُ عَمراً في حَواضِرِها / وَلَستَ تَجهَلُ عَمراً في بَواديها
لَم تُنبِتِ الأَرضُ كَاِبنِ العاصِ داهِيَةً / يَرمي الخُطوبَ بِرَأيٍ لَيسَ يُخطيها
فَلَم يُرِغ حيلَةً فيما أَمَرتَ بِهِ / وَقامَ عَمرٌو إِلى الأَجمالِ يُزجيها
وَلَم تُقِل عامِلاً مِنها وَقَد كَثُرَت / أَموالُهُ وَفَشا في الأَرضِ فاشيها
وَما وَقى اِبنُكَ عَبدُ اللَهِ أَينُقَهُ / لَمّا اِطَّلَعتَ عَلَيها في مَراعيها
ها في حِماهُ وَهيَ سارِحَةٌ / مِثلَ القُصورِ قَدِ اِهتَزَّت أَعاليها
فَقُلتَ ما كانَ عَبدُ اللَهِ يُشبِعُها / لَو لَم يَكُن وَلَدي أَو كانَ يُرويها
قَدِ اِستَعانَ بِجاهي في تِجارَتِهِ / وَباتَ بِاِسمِ أَبي حَفصٍ يُنَمّيها
رُدّوا النِياقَ لِبَيتِ المالِ إِنَّ لَهُ / حَقَّ الزِيادَةِ فيها قَبلَ شاريها
وَهَذِهِ خُطَّةٌ لِلَّهِ واضِعُها / رَدَّت حُقوقاً فَأَغنَت مُستَميحيها
ما الاِشتِراكِيَّةُ المَنشودُ جانِبُها / بَينَ الوَرى غَيرَ مَبنىً مِن مَبانيها
فَإِن نَكُن نَحنُ أَهليها وَمَنبِتَها / فَإِنَّهُم عَرَفوها قَبلَ أَهليها
جَنى الجَمالُ عَلى نَصرٍ فَغَرَّبَهُ / عَنِ المَدينَةِ تَبكيهِ وَيَبكيها
وَكَم رَمَت قَسِماتُ الحُسنِ صاحِبَها / وَأَتعَبَت قَصَباتُ السَبقِ حاويها
وَزَهرَةُ الرَوضِ لَولا حُسنُ رَونَقِها / لَما اِستَطالَت عَلَيها كَفُّ جانيها
كانَت لَهُ لِمَّةٌ فَينانَةٌ عَجَبٌ / عَلى جَبينٍ خَليقٍ أَن يُحَلّيها
وَكانَ أَنّى مَشى مالَت عَقائِلُها / شَوقاً إِلَيهِ وَكادَ الحُسنُ يَسبيها
هَتَفنَ تَحتَ اللَيالي بِاِسمِهِ شَغَفاً / وَلِلحِسانِ تَمَنٍّ في لَياليها
جَزَزتَ لِمَّتَهُ لَمّا أُتيتَ بِهِ / فَفاقَ عاطِلُها في الحُسنِ حاليها
فَصِحتَ فيهِ تَحَوَّل عَن مَدينَتِهِم / فَإِنَّها فِتنَةٌ أَخشى تَماديها
وَفِتنَةُ الحُسنِ إِن هَبَّت نَوافِحُها / كَفِتنَةِ الحَربِ إِن هَبَّت سَواقيها
وَراعَ صاحِبَ كِسرى أَن رَأى عُمَراً / بَينَ الرَعِيَّةِ عُطلاً وَهوَ راعيها
وَعَهدُهُ بِمُلوكِ الفُرسِ أَنَّ لَها / سوراً مِنَ الجُندِ وَالأَحراسِ يَحميها
رَآهُ مُستَغرِقاً في نَومِهِ فَرَأى / فيهِ الجَلالَةَ في أَسمى مَعانيها
فَوقَ الثَرى تَحتَ ظِلِّ الدَوحِ مُشتَمِلاً / بِبُردَةٍ كادَ طولُ العَهدِ يُبليها
فَهانَ في عَينِهِ ما كانَ يَكبُرُهُ / مِنَ الأَكاسِرِ وَالدُنيا بِأَيديها
وَقالَ قَولَةَ حَقٍّ أَصبَحَت مَثَلاً / وَأَصبَحَ الجيلُ بَعدَ الجيلِ يَرويها
أَمِنتَ لَمّا أَقَمتَ العَدلَ بَينَهُمُ / فَنِمتُ نَومَ قَريرِ العَينِ هانيها
يا رافِعاً رايَةَ الشورى وَحارِسَها / جَزاكَ رَبُّكَ خَيراً عَن مُحِبّيها
لَم يُلهِكَ النَزعُ عَن تَأييدِ دَولَتِها / وَلِلمَنِيَّةِ آلامٌ تُعانيها
لَم أَنسَ أَمرَكَ لِلمِقدادِ يَحمِلُهُ / إِلى الجَماعَةِ إِنذاراً وَتَنبيها
إِن ظَلَّ بَعدَ ثَلاثٍ رَأيُها شُعَباً / فَجَرِّدِ السَيفَ وَاِضرِب في هَواديها
فَاِعجَب لِقُوَّةِ نَفسٍ لَيسَ يَصرِفُها / طَعمُ المَنِيَّةِ مُرّاً عَن مَراميها
دَرى عَميدُ بَني الشورى بِمَوضِعِها / فَعاشَ ما عاشَ يَبنيها وَيُعليها
وَما اِستَبَدَّ بِرَأيٍ في حُكومَتِهِ / إِنَّ الحُكومَةَ تُغري مُستَبِدّيها
رَأيُ الجَماعَةِ لا تَشقى البِلادُ بِهِ / رَغمَ الخِلافِ وَرَأيُ الفَردِ يُسقيها
يا مَن صَدَفتَ عَنِ الدُنيا وَزينَتِها / فَلَم يَغُرَّكَ مِن دُنياكَ مُغريها
ماذا رَأَيتَ بِبابِ الشامِ حينَ رَأَوا / أَن يُلبِسوكَ مِنَ الأَثوابِ زاهيها
وَيُركِبوكَ عَلى البِرذَونِ تَقدُمُهُ / خَيلٌ مُطَهَّمَةٌ تَحلو مَرائيها
مَشى فَهَملَجَ مُختالاً بِراكِبِهِ / وَفي البَراذينِ ما تُزهى بِعاليها
فَصِحتَ يا قَومُ كادَ الزَهوُ يَقتُلُني / وَداخَلَتنِيَ حالٌ لَستُ أَدريها
وَكادَ يَصبو إِلى دُنياكُمُ عُمَرٌ / وَيَرتَضي بَيعَ باقيهِ بِفانيها
رُدّوا رِكابي فَلا أَبغي بِهِ بَدَلاً / رُدّوا ثِيابي فَحَسبي اليَومَ باليها
وَمَن رَآهُ أَمامَ القِدرِ مُنبَطِحاً / وَالنارُ تَأخُذُ مِنهُ وَهوَ يُذكيها
وَقَد تَخَلَّلَ في أَثناءِ لِحيَتِهِ / مِنها الدُخانُ وَفوهٌ غابَ في فيها
رَأى هُناكَ أَميرَ المُؤمِنينَ عَلى / حالٍ تَروعُ لَعَمرُ اللَهِ رائيها
يَستَقبِلُ النارَ خَوفَ النارِ في غَدِهِ / وَالعَينُ مِن خَشيَةٍ سالَت مَآقيها
إِن جاعَ في شِدَّةٍ قَومٌ شَرِكتَهُمُ / في الجوعِ أَو تَنجَلي عَنهُم غَواشيها
جوعُ الخَليفَةِ وَالدُنيا بِقَبضَتِهِ / في الزُهدِ مَنزِلَةٌ سُبحانَ موليها
فَمَن يُباري أَبا حَفصٍ وَسيرَتَهُ / أَو مَن يُحاوِلُ لِلفاروقِ تَشبيها
يَومَ اِشتَهَت زَوجُهُ الحَلوى فَقالَ لَها / مِن أَينَ لي ثَمَنُ الحَلوى فَأَشريها
لا تَمتَطي شَهَواتِ النَفسِ جامِحَةً / فَكِسرَةُ الخُبزِ عَن حَلواكِ تَجزيها
وَهَل يَفي بَيتُ مالِ المُسلِمينَ بِما / توحي إِلَيكِ إِذا طاوَعتِ موحيها
قالَت لَكَ اللَهُ إِنّي لَستُ أَرزَؤُهُ / مالاً لِحاجَةِ نَفسٍ كُنتُ أَبغيها
لَكِن أُجَنِّبُ شَيئاً مِن وَظيفَتِنا / في كُلِّ يَومٍ عَلى حالٍ أُسَوّيها
حَتّى إِذا ما مَلَكنا ما يُكافِئُها / شَرَيتُها ثُمَّ إِنّي لا أُثَنّيها
قالَ اِذهَبي وَاِعلَمي إِن كُنتِ جاهِلَةً / أَنَّ القَناعَةَ تُغني نَفسَ كاسيها
وَأَقبَلَت بَعدَ خَمسٍ وَهيَ حامِلَةٌ / دُرَيهِماتٍ لِتَقضي مِن تَشَهّيها
فَقالَ نَبَّهتِ مِنّي غافِلاً فَدَعي / هَذي الدَراهِمَ إِذ لا حَقَّ لي فيها
وَيلي عَلى عُمَرٍ يَرضى بِموفِيَةٍ / عَلى الكَفافِ وَيَنهى مُستَزيديها
ما زادَ عَن قوتِنا فَالمُسلِمونَ بِهِ / أَولى فَقومي لِبَيتِ المالِ رُدّيها
كَذاكَ أَخلاقُهُ كانَت وَما عُهِدَت / بَعدَ النُبُوَّةِ أَخلاقٌ تُحاكيها
في الجاهِلِيَّةِ وَالإِسلامِ هَيبَتُهُ / تَثني الخُطوبَ فَلا تَعدو عَواديها
في طَيِّ شِدَّتِهِ أَسرارُ مَرحَمَةٍ / لِلعالَمينَ وَلَكِن لَيسَ يُفشيها
وَبَينَ جَنبَيهِ في أَوفى صَرامَتِهِ / فُؤادُ والِدَةٍ تَرعى ذَراريها
أَغنَت عَنِ الصارِمِ المَصقولِ دِرَّتُهُ / فَكَم أَخافَت غَوِيَّ النَفسِ عاتيها
كانَت لَهُ كَعَصا موسى لِصاحِبِها / لا يَنزِلُ البُطلُ مُجتازاً بِواديها
أَخافَ حَتّى الذَراري في مَلاعِبِها / وَراعَ حَتّى الغَواني في مَلاهيها
أَرَيتَ تِلكَ الَّتي لِلَّهِ قَد نَدَرَت / أُنشودَةً لِرَسولِ اللَهِ تُهديها
قالَت نَذَرتُ لَئِن عادَ النَبِيُّ لَنا / مِن غَزوَةٍ لَعَلى دُفّي أُغَنّيها
وَيَمَّمَت حَضرَةَ الهادي وَقَد مَلَأَت / أَنوارُ طَلعَتِهِ أَرجاءَ ناديها
وَاِستَأذَنَت وَمَشَت بِالدُفِّ وَاِندَفَعَت / تُشجى بِأَلحانِها ما شاءَ مُشجيها
وَالمُصطَفى وَأَبو بَكرٍ بِجانِبِهِ / لا يُنكِرانِ عَلَيها مِن أَغانيها
حَتّى إِذا لاحَ مِن بُعدٍ لَها عُمَرٌ / خارَت قُواها وَكادَ الخَوفُ يُرديها
وَخَبَّأَت دُفَّها في ثَوبِها فَرَقاً / مِنهُ وَوَدَّت لَوَ اِنَّ الأَرضَ تَطويها
قَد كانَ حِلمُ رَسولِ اللَهِ يُؤنِسُها / فَجاءَ بَطشُ أَبي حَفصٍ يُخَشّيها
فَقالَ مَهبِطُ وَحيِ اللَهِ مُبتَسِماً / وَفي اِبتِسامَتِهِ مَعنىً يُواسيها
قَد فَرَّ شَيطانُها لَمّا رَأى عُمَراً / إِنَّ الشَياطينَ تَخشى بَأسَ مُخزيها
وَفِتيَةٍ وَلِعوا بِالراحِ فَاِنتَبَذوا / لَهُم مَكاناً وَجَدّوا في تَعاطيها
ظَهَرتَ حائِطَهُم لَمّا عَلِمتَ بِهِم / وَاللَيلُ مُعتَكِرُ الأَرجاءِ ساجيها
حَتّى تَبَيَّنتَهُم وَالخَمرُ قَد أَخَذَت / تَعلو ذُؤابَةَ ساقيها وَحاسيها
سَفَّهتَ آراءَهُم فيها فَما لَبِثوا / أَن أَوسَعوكَ عَلى ما جِئتَ تَسفيها
وَرُمتَ تَفقيهَهُم في دينِهِم فَإِذا / بِالشَربِ قَد بَرَعوا الفاروقَ تَفقيها
قالوا مَكانَكَ قَد جِئنا بِواحِدَةٍ / وَجِئتَنا بِثَلاثٍ لا تُباليها
فَأتِ البُيوتَ مِنَ الأَبوابِ يا عُمَرٌ / فَقَد يُزَنُّ مِنَ الحيطانِ آتيها
وَاِستَأذِنِ الناسَ أَن تَغشى بُيوتَهُمُ / وَلا تُلِمَّ بِدارٍ أَو تُحَيّيها
وَلا تَجَسَّس فَهَذي الآيُ قَد نَزَلَت / بِالنَهيِ عَنهُ فَلَم تَذكُر نَواهيها
فَعُدتَ عَنهُم وَقَد أَكبَرتَ حُجَّتَهُم / لَمّا رَأَيتَ كِتابَ اللَهِ يُمليها
وَما أَنِفتَ وَإِن كانوا عَلى حَرَجٍ / مِن أَن يَحُجَّكَ بِالآياتِ عاصيها
وَسَرحَةٍ في سَماءِ السَرحِ قَد رَفَعَت / بِبَيعَةِ المُصطَفى مِن رَأسِها تيها
أَزَلتَها حينَ غالَوا في الطَوافِ بِها / وَكانَ تَطوافُهُم لِلدينَ تَشويها
هَذي مَناقِبُهُ في عَهدِ دَولَتِهِ / لِلشاهِدينَ وَلِلأَعقابِ أَحكيها
في كُلِّ واحِدَةٍ مِنهُنَّ نابِلَةٌ / مِنَ الطَبائِعِ تَغذو نَفسَ واعيها
لَعَلَّ في أُمَّةِ الإِسلامِ نابِتَةً / تَجلو لِحاضِرِها مِرآةَ ماضيها
حَتّى تَرى بَعضَ ما شادَت أَوائِلُها / مِنَ الصُروحِ وَما عاناهُ بانيها
وَحَسبُها أَن تَرى ما كانَ مِن عُمَرٍ / حَتّى يُنَبِّهَ مِنها عَينَ غافيها
سَما الخَطيبانِ في المَعالي
سَما الخَطيبانِ في المَعالي / وَجازَ شَأواهُما السِماكا
جالا فَلَم يَترُكا مَجالاً / وَاِعتَرَكا بِالنُهى عِراكا
فَلَستُ أَدري عَلى اِختِباري / مَن مِنهُما جَلَّ أَن يُحاكى
فَوَحيُ عَقلي يَقولُ هَذا / وَوَحيُ قَلبي يَقولُ ذاكا
وَدِدتُ لَو كُلُّ ذي غُرورٍ / أَمسى لِنَعلَيهِما شِراكا
حَيّا بَكورُ الحَيا أَرباعَ لُبنانِ
حَيّا بَكورُ الحَيا أَرباعَ لُبنانِ / وَطالَعَ اليُمنُ مَن بِالشَأمِ حَيّاني
أَهلَ الشَآمِ لَقَد طَوَّقتُمُ عُنُقي / بِمِنَّةٍ خَرَجَت عَن طَوقِ تِبياني
قُل لِلكَريمِ الَّذي أَسدى إِلَيَّ يَداً / أَنّى نَزَحتَ فَأَنتَ النازِحُ الداني
ما إِن تَقاضَيتُ نَفسي ذِكرَ عارِفَةٍ / هَل يَحدُثُ الذِكرُ إِلّا بَعدَ نِسيانِ
وَلا عَتَبتُ عَلى خِلٍّ يَضِنُّ بِها / ما دامَ يَزهَدُ في شُكري وَعِرفاني
أَقَرَّ عَينِيَ أَنّي قُمتُ أُنشِدُكُم / في مَعهَدٍ بِحُلى العِرفانِ مُزدانِ
وَشاعَ في سُرورٌ لا يُعادِلُهُ / رَدُّ الشَبابِ إِلى شَعري وَجُثماني
لي مَوطِنٌ في رُبوعِ النيلِ أُعظِمُهُ / وَلي هُنا في حِماكُم مَوطِنٌ ثاني
إِنّي رَأَيتُ عَلى أَهرامِها حُلَلاً / مِنَ الجَلالِ أَراها فَوقَ لُبنانِ
لَم يَمحُ مِنها وَلا مِن حُسنِ جِدَّتِها / عَلى التَعاقُبِ ما يَمحو الجَديدانِ
حَسِبتُ نَفسي نَزيلاً بَينَكُم فَإِذا / أَهلي وَصَحبي وَأَحبابي وَجيراني
مِن كُلِّ أَبلَجَ سامي الطَرِف مُضطَلِعٍ / بِالخَطبِ مُبتَهِجٍ بِالضَيفِ جَذلانِ
يَمشي إِلى المَجدِ مُختالاً وَمُبتَسِماً / كَأَنَّهُ حينَ يَبدو عودُ مُرّانِ
سَكَنتُمُ جَنَّةً فَيحاءَ لَيسَ بِها / عَيبٌ سِوى أَنَّها في العالَمِ الفاني
إِذا تَأَمَّلتَ في صُنعِ الإِلَهِ بِها / لَم تَلقَ في وَشيِهِ صُنعاً لِإِنسانِ
في سَهلِها وَأَعاليها وَسَلسَلِها / بُرءُ العَليلِ وَسَلوى العاشِقِ العاني
وَفي تَضَوُّعِ أَنفاسِ الرِياضِ بِها / رَوحٌ لِكُلِّ حَزينِ القَلبِ أَسوانِ
أَنّى تَخَيَّرتَ مِن لُبنانَ مَنزِلَةً / في كُلِّ مَنزِلَةٍ رَوضٌ وَعَينانِ
يا لَيتَني كُنتُ مِن دُنيايَ في دَعَةٍ / قَلبي جَميعٌ وَأَمري طَوعُ وِجداني
أَقضي المَصيفَ بِلُبنانٍ عَلى شَرَفٍ / وَلا أَحولُ عَنِ المَشتى بِحُلوانِ
يا وَقفَةً في جِبالِ الأَرزِ أَنشُدُها / بَينَ الصَنَوبَرِ وَالشَربينِ وَالبانِ
تَستَهبِطُ الوَحيَ نَفسي مِن سَماوَتِها / وَيَنثَني مَلَكاً في الشِعرِ شَيطاني
عَلّي أُجاوِدُكُم في القَولِ مُقتَدِياً / بِشاعِرِ الأَرزِ في صُنعٍ وَإِتقانِ
لا بِدعَ إِن أَخصَبَت فيها قَرائِحُكُم / فَأَعجَزَت وَأَعادَت عَهدَ حَسّانِ
طيبُ الهَواءِ وَطيبُ الرَوضِ قَد صَقَلا / لَوحَ الخَيالِ فَأَغراكُم وَأَغراني
مَن رامَ أَن يَشهَدَ الفِردَوسَ ماثِلَةً / فَليَغشَ أَحياءَكُم في شَهرِ نَيسانِ
تاهَت بِقَبرِ صَلاحِ الدينِ تُربَتُها / وَتاهَ أَحياؤُها تيهاً بِمَطرانِ
يَبني وَيَهدِمُ في الشِعرِ القَديمِ وَفي ال / شِعرِ الحَديثِ فَنِعمَ الهادِمُ الباني
إِذا لَمَحتُم بِشِعري وَمضَ بارِقَةٍ / فَبَعضُ إِحسانِهِ في القَولِ إِحساني
رَعياً لِشاعِرِكُم رَعياً لِكاتِبِكُم / جَزاهُما اللَهُ عَنّي ما يَقولانِ
أَرى رِجالاً مِنَ الدُنيا الجَديدَةِ في ال / دُنيا القَديمَةِ تَبني خَيرَ بُنيانِ
قَد شَيَّدوا آيَةً بِالشامِ خالِدَةً / شَتّى المَناهِلِ تَروي كُلَّ ظَمآنِ
لَئِن هَدَوكُم لَقَد كانَت أَوائِلُكُم / تَهدي أَوائِلَهُم أَزمانَ أَزمانِ
لا غَروَ إِن عَمَّروا في الأَرضِ وَاِبتَكَروا / فيها أَفانينَ إِصلاحٍ وَعُمرانِ
فَتِلكَ دُنياهُمُ في الجَوِّ قَد نَزَعَت / أَعِنَّةَ الريحِ مِن دُنيا سُلَيمانِ
أَبَت أُمَيَّةُ أَن تَفنى مَحامِدُها / عَلى المَدى وَأَبى أَبناءُ غَسّانِ
فَمِن غَطارِفَةٍ في جِلَّقٍ نُجُبٍ / وَمِن غَطارِفَةٍ في أَرضِ حَورانِ
عافوا المَذَلَّةَ في الدُنيا فَعِندَهُمُ / عِزُّ الحَياةِ وَعِزُّ المَوتِ سِيّانِ
لا يَصبِرونَ عَلى ضَيمٍ يُحاوِلُهُ / باغٍ مِنَ الإِنسِ أَو طاغٍ مِنَ الجانِ
شَقَقتُ أَسواقَ بَيروتٍ فَما أَخَذَت / عَينايَ في ساحِها حانوتَ يوناني
فَقُلتُ في غِبطَةٍ لِلَّهِ دَرُّهُمُ / لَيسَ الفَلاحُ لِوانٍ غَيرِ يَقظانِ
تَيَمَّموا أَرضَ كولُمبٍ فَما شَعَرَت / مِنهُم بِوَطءِ غَريبِ الدارِ حَيرانِ
سادوا وَشادوا وَأَبلَوا في مَناكِبِها / بَلاءَ مُضطَلِعٍ بِالأَمرِ مِعوانِ
إِن ضاقَ مَيدانُ سَبقٍ مِن عَزائِمِهِم / صاحَت بِهِم فَأَرَوها أَلفَ مَيدانِ
لا يَستَشيرونَ إِن هَمّوا سِوى هِمَمٍ / تَأبى المُقامَ عَلى ذُلٍّ وَإِذعانِ
وَلا يُبالونَ إِن كانَت قُبورُهُمُ / ذُرا الشَوامِخِ أَو أَجوافِ حيتانِ
في الكَونِ مَورِقُهُم في الشامِ مَغرِسُهُم / وَالغَرسُ يَزكو نِقالاً بَينَ بُلدانِ
إِن لَم يَفوزوا بِسُلطانٍ يُقِرُّهُمُ / فَفي المُهاجَرِ قَد عَزّوا بِسُلطانِ
أَو ضاقَتِ الشَأمُ عَن بُرهانِ قُدرَتِهِم / فَفي المُهاجَرِ قَد جاؤوا بِبُرهانِ
إِنّا رَأَينا كِراماً مِن رِجالِهِمُ / كانوا عَلَيهِم لَدَينا خَيرَ عُنوانِ
أَنّى اِلتَقَينا الِتَقى في كُلِّ مُجتَمَعٍ / أَهلٌ بِأَهلٍ وَإِخوانٌ بِإِخوانِ
كَم في نَواحي رُبوعِ النيلِ مِن طُرَفٍ / لِليازِجِيِّ وَصَرّوفٍ وَزَيدانِ
وَكَم لِأَحيائِهِم في الصُحفِ مِن أَثَرٍ / لَهُ المُقَطَّمُ وَالأَهرامُ رُكنانِ
مَتى أَرى الشَرقَ أَدناهُ وَأَبعَدَهُ / عَن مَطمَعِ الغَربِ فيهِ غَيرَ وَسنانِ
تَجري المَوَدَّةُ في أَعراقِهِ طُلُقاً / كَجِريَةِ الماءِ في أَثناءِ أَفنانِ
لا فَرقَ ما بَينَ بوذِيٍّ يَعيشُ بِهِ / وَمُسلِمٍ وَيَهودِيٍّ وَنَصراني
ما بالُ دُنياهُ لَمّا فاءَ وارِفُها / عَلَيهِ قَد أَدبَرَت مِن غَيرِ إيذانِ
عَهدُ الرَشيدِ بِبَغدادٍ عَفا وَمَضى / وَفي دِمَشقَ اِنطَوى عَهدُ اِبنِ مَروانِ
وَلا تَسَل بَعدَهُ عَن عَهدِ قُرطُبَةٍ / كَيفَ اِنمَحى بَينَ أَسيافٍ وَنيرانِ
فَعَلِّموا كُلَّ حَيٍّ عِندَ مَولِدِهِ / عَلَيكَ لِلَّهِ وَالأَوطانِ دَينانِ
حَتمٌ قَضاؤُهُما حَتمٌ جَزاؤُهُما / فَاِربَأ بِنَفسِكَ أَن تُمنى بِخُسرانِ
النيلُ وَهوَ إِلى الأُردُنَّ في شَغَفٍ / يُهدي إِلى بَرَدى أَشواقَ وَلهانِ
وَفي العِراقِ بِهِ وَجدٌ بِدِجلَتِهِ / وَبِالفُراتِ وَتَحنانٌ لِسَيحانِ
إِن دامَ ما نَحنُ فيهِ مِن مُدابَرَةٍ / وَفِتنَةٍ بَينَ أَجناسٍ وَأَديانِ
رَأَيتُ رَأي المَعَرّي حينَ أَرهَقَهُ / ما حَلَّ بِالناسِ مِن بَغيٍ وَعُدوانِ
لا تَطهُرُ الأَرضَ مِن رِجسٍ وَمِن دَرَنٍ / حَتّى يُعاوِدَها نوحٌ بِطوفانِ
وَلّى الشَبابُ وَجازَتني فُتُوَّتُهُ / وَهَدَّمَ السُقمُ بَعدَ السُقمِ أَركاني
وَقَد وَقَفتُ عَلى السِتّينِ أَسأَلُها / أَسَوَّفَت أَم أَعَدَّت حُرَّ أَكفاني
شاهَدتُ مَصرَعَ أَترابي فَبَشَّرَني / بِضَجعَةٍ عِندَها رَوحي وَرَيحاني
كَم مِن قَريبٍ نَأى عَنّي فَأَوجَعَني / وَكَم عَزيزٍ مَضى قَبلي فَأَبكاني
مَن كانَ يَسأَلُ عَن قَومي فَإِنَّهُمُ / وَلَّوا سِراعاً وَخَلَّوا ذَلِكَ الواني
إِنّي مَلِلتُ وُقوفي كُلَّ آوِنَةٍ / أَبكي وَأَنظِمُ أَحزاناً بِأَحزانِ
إِذا تَصَفَّحتَ ديواني لِتَقرَأَني / وَجَدتَ شِعرَ المَراثي نِصفَ ديواني
أَتَيتُ مُستَشفِياً وَالشَوقُ يَدفَعُ بي / إِلى رُباكُم وَعودي غَيرُ فَينانِ
فَأَنزِلوني مَكاناً أَستَجِمُّ بِهِ / وَيَنجَلي عَن فُؤادي بَرحُ أَحزاني
وَجَنِّبوني عَلى شُكرٍ مَوائِدَكُم / بِما حَوَت مِن أَفاويهٍ وَأَلوانِ
حَسبي وَحَسبُ النُهى ما نِلتُ مِن كَرَمٍ / قَد كِدتُ أَنسى بِهِ أَهلي وَخُلّاني
قُل لِلطَبيبِ الَّذي تَعنو الجِراحُ لَهُ
قُل لِلطَبيبِ الَّذي تَعنو الجِراحُ لَهُ / ماذا اِعتَدَدتَ لِجُرحِ العاشِقِ العاني
قَد كانَ مِبضَعُهُ وَالجُرحُ يَرمُقُهُ / يُمنى الحَبيبِ تُواسي صَدرَ وَلهانِ
أَديمُ وَجهِكَ يا زِنديقُ لَو جُعِلَت
أَديمُ وَجهِكَ يا زِنديقُ لَو جُعِلَت / مِنهُ الوِقايَةُ وَالتَجليدُ لِلكُتُبِ
لَم يَعلُها عَنكَبوتٌ أَينَما تُرِكَت / وَلا تُخافُ عَلَيها سَطوَةُ اللَهَبِ
عَجِبتُ لِلنيلِ يَدري أَنَّ بُلبُلَهُ
عَجِبتُ لِلنيلِ يَدري أَنَّ بُلبُلَهُ / صادٍ وَيَسقي رُبا مِصرٍ وَيَسقينا
وَاللَهِ ما طابَ لِلأَصحابِ مَورِدُهُ / وَلا اِرتَضَوا بَعدَكُم مِن عَيشِهِم لينا
لَم تَنأَ عَنهُ وَإِن فارَقتَ شاطِئَهُ / وَقَد نَأَينا وَإِن كُنّا مُقيمينا
قُل لِلنَقيبِ لَقَد زُرنا فَضيلَتَهُ
قُل لِلنَقيبِ لَقَد زُرنا فَضيلَتَهُ / فَذادَنا عَنهُ حُرّاسٌ وَحُجّابُ
قَد كانَ بابُكَ مَفتوحاً لِقاصِدِهِ / وَاليَومَ أوصِدَ دونَ القاصِدِ البابُ
هَلّا ذَكَرتَ بِدارِ الكُتبِ صُحبَتَنا / إِذ نَحنُ رَغمَ صُروفُ الدَهرِ أَحبابُ
لَوَ اِنَّني جِئتُ لِلبابا لَأَكرَمَني / وَكانَ يُكرِمُني لَو جِئتُهُ البابُ
لا تَخشَ جائِزَةً قَد جِئتُ أَطلُبُها / إِنّي شَريفٌ وَلِلأَشرافِ أَحسابُ
فَاِهنَأ بِما نِلتَ مِن فَضلٍ وَإِن قُطِعَت / بَيني وَبَينَكَ بَعدَ اليَومِ أَسبابُ
قُل لِلرَئيسِ أَدامَ اللَهُ دَولَتَهُ
قُل لِلرَئيسِ أَدامَ اللَهُ دَولَتَهُ / بِأَنَّ شاعِرَهُ بِالبابِ مُنتَظِرُ
إِن شاءَ حَدَّثَهُ أَو شاءَ أَطرَبَهُ / بِكُلِّ نادِرَةٍ تُجلى بِها الفِكَرُ
يُرغي وَيُزبِدُ بِالقافاتِ تَحسَبُها
يُرغي وَيُزبِدُ بِالقافاتِ تَحسَبُها / قَصفَ المَدافِعِ في أُفقِ البَساتينِ
مِن كُلِّ قافٍ كَأَنَّ اللَهَ صَوَّرَها / مِن مارِجِ النارِ تَصويرَ الشَياطينِ
قَد خَصَّهُ اللَهُ بِالقافاتِ يَعلِكُها / وَاِختَصَّ سُبحانَهُ بِالكافِ وَالنونِ
يَغيبُ عَنهُ الحِجا حيناً وَيَحضُرُهُ / حيناً فَيَخلِطُ مُختَلّاً بِمَوزونِ
لا يَأمَنُ السامِعُ المِسكينُ وَثبَتَهُ / مِن كُردُفانِ إِلى أَعلى فِلَسطينِ
بَينا تَراهُ يُنادي الناسَ في حَلَبٍ / إِذا بِهِ يَتَحَدّى القَومَ في الصينِ
وَلَم يَكُن ذاكَ عَن طَيشٍ وَلا خَبَلٍ / لَكِنَّها عَبقَرِيّاتُ الأَساطينِ
يَبيتُ يَنسُجُ أَحلاماً مُذَهَّبَةً / تُغني تَفاسيرُها عَنِ اِبنِ سيرينِ
طَوراً وَزيراً مُشاعاً في وِزارَتِهِ / يُصَرِّفُ الأَمرَ في كُلِّ الدَواوينِ
وَتارَةً زَوجَ عُطبولٍ خَدَلَّجَةٍ / حَسناءَ تَملِكُ آلافَ الفَدادينِ
يُعفى مِنَ المَهرِ إِكراماً لِلِحيَتِهِ / وَما أَظَلَّتهُ مِن دُنيا وَمِن دينِ
طالَ الحَديثُ عَلَيكُم أَيُّها السَمَرُ
طالَ الحَديثُ عَلَيكُم أَيُّها السَمَرُ / وَلاحَ لِلنَومِ في أَجفانِكُم أَثَرُ
وَذَلِكَ اللَيلُ قَد ضاعَت رَواحِلُهُ / فَلَيسَ يُرجى لَهُ مِن بَعدِها سَفَرُ
هَذي مَضاجِعُكُم يا قَومُ فَاِلتَقِطوا / طيبَ الكَرى بِعُيونٍ شابَها السَهَرُ
هَل يُنكِرُ النَومُ جَفنٌ لَو أُتيحَ لَهُ / إِلّا أَنا وَنُجومُ اللَيلِ وَالقَمَرُ
أَبيتُ أَسأَلُ نَفسي كَيفَ قاطَعَني / هَذا الصَديقُ وَما لي عَنهُ مُصطَبَرُ
فَما مُطَوَّقَةٌ قَد نالَها شَرَكٌ / عِندَ الغُروبِ إِلَيهِ ساقَها القَدَرُ
باتَت تُجاهِدُ هَمّاً وَهيَ آبِسَةٌ / مِنَ النَجاةِ وَجُنحُ اللَيلِ مُعتَكِرُ
وَباتَ زُغلولُها في وَكرِها فَزِعاً / مُرَوَّعاً لِرُجوعِ الأُمِّ يَنتَظِرُ
يُحَفِّزُ الخَوفُ أَحشاهُ وَتُزعِجُهُ / إِذا سَرَت نَسمَةٌ أَو وَسوَسَ الشَجَرُ
مِنّي بِأَسوَأَ حالاً حينَ قاطَعَني / هَذا الصَديقُ فَهَلّا كانَ يَدَّكِرُ
يا اِبنَ الكِرامِ أَتَنسى أَنَّني رَجُلٌ / لِظِلِّ جاهِكَ بَعدَ اللَهِ مُفتَقِرُ
إِنّي فَتاكَ فَلا تَقطَع مُواصَلَتي / هَبني جَنَيتُ فَقُل لي كَيفَ أَعتَذِرُ
يا لَيلَةً أَلهَمَتني ما أَتيهُ بِهِ
يا لَيلَةً أَلهَمَتني ما أَتيهُ بِهِ / عَلى حُماةِ القَوافي أَينَما تاهوا
إِنّي أَرى عَجَباً يَدعو إِلى عَجَبٍ / الدَهرُ أَضمَرَهُ وَالعيدُ أَفشاهُ
هَل ذاكَ ما وَعَدَ الرَحمَنُ صَفوَتَهُ / رَوضٌ وَحورٌ وَوِلدانٌ وَأَمواهُ
أَمِ الحَديقَةُ ذاتُ الوَشيِ قَد حَلِيَت / في مَنظَرٍ يَستَعيدُ الطَرفُ مَرآهُ
أَرى المَصابيحَ فيها وَهيَ مُشرِقَةٌ / كَأَنَّها النَورُ وَالوَسمِيُّ حَيّاهُ
أَو إِنَّما هِيَ أَلفاظٌ مُدَبَّجَةٌ / وَكُلُّ لَفظٍ تَجَلّى فيهِ مَعناهُ
أَرى عَلَيها قُلوبَ القَومِ حائِمَةً / كَالطَيرِ لاحَ لَهُ وِردٌ فَوافاهُ
أَرى بَني مِصرَ تَحتَ اللَيلِ قَد نَسَلوا / إِلى سُعودٍ بِهِ ضاحٍ مُحَيّاهُ
أَرى عَلى الأَرضِ حَلياً قَد نَسيتُ بِهِ / حَليَ السَماءِ وَحُسناً لَستُ أَنساهُ
أَرى أَريكَةَ عَبّاسٍ تَحُفُّ بِها / وِقايَةُ اللَهِ وَالإِقبالُ وَالجاهُ
أَرى سُمُوُّ خِديوينا وَقَد بُسِطَت / بِالعَدلِ وَالبَذلِ يُمناهُ وَيُسراهُ
قُل لِلأُلي جَعَلوا لِلشِعرِ جائِزَةً / فيمَ الخِلافُ أَلَم يُرشِدكُمُ اللَهُ
إِنّي فَتَحتُ لَها صَدراً تَليقُ بِهِ / إِن لَم تُحَلّوهُ فَالرَحمَنُ حَلّاهُ
لَم أَخشَ مِن أَحَدٍ في الشِعرِ يَسبِقُني / إِلّا فَتىً ما لَهُ في السَبقِ إِلّاهُ
ذاكَ الَّذي حَكَمَت فينا يَراعَتُهُ / وَأَكرَمَ اللَهُ وَالعَبّاسُ مَثواهُ
بِبابِكَ النَحسُ وَالسُعودُ
بِبابِكَ النَحسُ وَالسُعودُ / وَمَوقِفُ اليَأسِ وَالرَجاءِ
وَفيكَ قَد حارَتِ اليَهودُ / يا مَطلَعَ السَعدِ وَالشَقاءِ
وَوَجهُكِ الضاحِكُ العَبوسُ / قَد ضاقَ عَن وَصفِهِ البَيان
كَم سُطِّرَت عِندَهُ طُروسُ / بِقِسمَةِ العِزِّ وَالهَوان
وَطُؤطِئَت دونَهُ رُؤوسُ / يَهتَزُّ مِن خَوفِها الزَمان
وَكَم أَطافَت بِهِ وُفودُ / وَأَكثَروا حَولَهُ الدُعاء
فَرابِحٌ نَجمُهُ سَعيدُ / وَطامِعٌ بِالخَسارِ باء
لَمّا عَلَت صَيحَةُ المُنادي / وَأَصبَحَ القَومُ في عَناء
وَشَمَّرَت ثَروَةُ البِلادِ / وَضَجَّتِ الأَرضُ وَالسَماء
قَنِعتُ بِالقُطنِ في الوِسادِ / وَفي الحَشِيّاتِ وَالغِطاء
وَإِنَّما العاقِلُ الرَشيدُ / مَن سارَ في مَنهَجِ النَجاء
بِاللَهِ يا قَومُ لا تَزيدوا / فَإِنَّ آمالَكُم هَباء
مُضارَباتٌ هِيَ المَنايا / وَرُسلُها أَحرُفُ البُروق
صَبوحُ أَصحابِها الرَزايا / وَما لَهُم دونَها غَبوق
قَد أَتلَفَت أَنفُسَ البَرايا / بِأَسهُمِ الغَدرِ وَالعُقوق
هُبوطُها المَوتُ وَالصُعودُ / ضَربٌ مِنَ البُؤسِ وَالبَلاء
وَما لَها عِندَهُم عُهودُ / إِلّا كَما تَعهَدُ النِساء
كَم بالَةٍ سَبَّبَت وَبالا / وَأَشبَهَت لامِعَ السَرابِ
وَبِذرَةً أَنبَتَت خَبالا / وَأَثمَرَت عاجِلَ الخَرابِ
وَكَم غَنِيٍّ أَضاعَ مالا / وَشابَ في مَوقِفِ الحِسابِ
فَليَتَّعِظ مِنكُمُ البَعيدُ / وَلِيَتَّقِ اللَهَ ذو الثَراء
فَذَلِكَ التاجِرُ الشَهيدُ / قَد عافَ مِن أَجلِها البَقاء
يا ساهِدَ النَجمِ هَل لِلصُبحِ مِن خَبَرِ
يا ساهِدَ النَجمِ هَل لِلصُبحِ مِن خَبَرِ / إِنّي أَراكَ عَلى شَيءٍ مِنَ الضَجَرِ
أَظُنُّ لَيلَكَ مُذ طالَ المُقامُ بِهِ / كَالقَومِ في مِصرَ لا يَنوي عَلى سَفَرِ
سَأَلتُهُ ما لِهَذا الخالِ مُنفَرِداً
سَأَلتُهُ ما لِهَذا الخالِ مُنفَرِداً / وَاِختارَ غُرَّتَكَ الغَرّا لَهُ سَكَنا
أَجابَني خافَ مِن سَهمِ الجُفونِ وَمِن / نارِ الخُدودِ لِهَذا هاجَرَ الوَطَنا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025