القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 112
دعَ المُتَيَم في شأن يريم به
دعَ المُتَيَم في شأن يريم به / فالحب شيءٌ وَراء العذر وَالعذل
ماذا تريد بأنظار تحولها / عَمداً إلينا أَولاتُ الأعيُنِ النجل
تَبَسَّمت ليَ لَيلى فَوقَ شرفتها
تَبَسَّمت ليَ لَيلى فَوقَ شرفتها / كَما تَبَسَّمَ في أَفنانِه الزَهَرُ
لَقَد كلفت بها سَمراء فاتنة / في جيدها تلع في عينها حَوَرُ
قَدٌّ كَما شاءَت الأهواء معتدلٌ / ما شانه زارياً طولٌ وَلا قِصَرُ
إذا مَشَت تَتَثنّى عند مشيتها / كَما تَمايل غُصنٌ ناعم غضر
لَيلى لأَنتِ منَى نفسي وَحاجتها / وأنتَ وحدك يا لَيلى لها الوطر
يا سرحة الماء أَنتَ اليوم وافرةٌ
يا سرحة الماء أَنتَ اليوم وافرةٌ / وانت ناعِمة خضراء ناضرةٌ
لا تأمني الدهر فالايام غادِرةٌ /
يا سرحة الماء ان جاء الخَريف غَداً / فإنما هذه الأَوراق تنتثرُ
ليلاي بانَت وَما للبين من سببِ / فساء من بعد ذاكَ البين منقلبي
قد كانَ لي أَن أَجِد السير في الطَلَب /
اذا اِجتَمَعتُ وَلَيلى عند رجعتها / فَقَد تعاتبني لَيلى وأَعتَذِرُ
قابَلتُ لَيلى فَلَم تمدد إِليَّ يدا / يا وَيلَتا إِنَّ أَتعابي ذهبن سُدى
لا كنتُ من شاعرٍ لَمّا أَهين شدا /
أَزور لَيلى إليها الوجد يدفعني / وإن حظيَ من لَيلى هُوَ النظرُ
لكل فادحة في الدهر أَحتَمِلُ
لكل فادحة في الدهر أَحتَمِلُ / إلا الفراق فَما إن لي به قِبَلُ
لَقَد رأَيتك يا لَيلى بمشرفة / وَكانَ شعرك فوق الجيد ينسدل
فرحت فيك مَعنّىً لا ينهنهني / عَن حبك اللوم كل اللوم والعذل
حَتّى حَلا بك فيما قَد حلا غزلي / وأَنتَ تلك التي يحلو بها الغزل
فَحبذا أَنتَ من حسناء فاتنة / وَحبذا منك تلك الأعين النجل
إني أَنا الصب قد ذاعَت محبته / وإنني أَنا ذاكَ الشاعر الزجل
يحول قَلبيَ دمعاً من حرارته / وَذلك الدمع من عينيَّ ينهمل
تلك المَجَرَّة مثل النهر جاريةٌ
تلك المَجَرَّة مثل النهر جاريةٌ / فيها الكَواكِب وَالقنوان والسدمُ
كأَنَّها حَيوان وَالنجوم بها / هيَ الخَلايا له وَالكَهرباء دم
تُهِيجُني رؤية الشعرى فإِنَّ لَها / إذا بدت لمعاناً ضوؤه عمم
كأنها غادة حسناء قد هُجرت / من صاحب وَمقته فهيَ تلتدم
وَما النجوم تَراها العين لامعة / في اللَيل إلا شموس هاجَها الحدم
لا يَعلَم الناس مَهما أَمعَنوا نظراً / هَل الحدوث بها أَحرى أَم القدم
الدين يضرب صفحاً عَن حقيقتها / وَالعَقل في حكمه بالظن متهم
لا يَنتَهي الكون والأجرام فيه إِلى / حدّ يحيط به هَذا هُوَ العظم
وَلي هنالك آراءٌ وأَسئلةٌ / للناس أذكرها طوراً وأكتتم
يا راصِد الخنس الجواري
يا راصِد الخنس الجواري / ما جدَّ في تلكم الدراري
هَل أَخذ الجذب في قواها / يقاوم الدفع باقتدار
يأمرها الجذب أن تَدانى / والدفع يأبى غير النفار
لا تثقن بالضياء منها / فإنما نورها ابنُ نارِ
إِن لم يبن للحَياة فيها / وجه فَيا وحشة الديار
أَذهب صَبري اطراد دَهري / وَربما أَوجب اِنتحاري
أَورَثَني السأم من حَياتي / تعاقب اللَيل وَالنَهار
قد جعل الأرض لي قراراً / وبئست الأرض من قرار
مللت في وحدة الدّيارِ
مللت في وحدة الدّيارِ / تعاقب اللَّيل وَالنَّهارِ
إلى مضيق الوجود جاءَت / من عدم واسع عواري
ماذا أَرجيه من بَقائي / وَقَد بَدا الشيب في عذاري
تجرُّني إن أَضاءَ شيبي / خيوطه البيض للبوار
توارَت الشَمس عنك لَيلاً / فاِغتنم النور في الدراري
سأَبلغ القصد عَن قَريب / إِن دامَ ركضي بلا عثار
قَد علمتني اختباراتي الَّتي كثرت
قَد علمتني اختباراتي الَّتي كثرت / أَنَّ الحَقيقَة شيء غير ما فرضوا
وَما الأثير سوى الأم الَّتي ولدت / طيف الشهود وأخت الجوهر العرض
ما إِن يزول عَن الشعب الهياج وإن
ما إِن يزول عَن الشعب الهياج وإن / زالَ الَّذي كانَ في إحداثه السببا
إلا إذا سكنت أَعصاب بنيته / مَع الزَمان الَّذي يستأصل الغَضبا
كَما تغادر وجه البحر زوبعة / له تثير وَيَبقى البحر مضطربا
يَكفي لإظهار ما في النَّفس من دخلِ
يَكفي لإظهار ما في النَّفس من دخلِ / يومٌ من الحزن أَو يومٌ من الجذلِ
يبدي الفَتى في مَقال جاءَ يورده / ما كانَ يخفيه من حزم ومن خطل
إذا أردت بأَصل الكَون معرفة / فاِرجع بفكرك أَدراجاً إلى الأزل
فإن رجعت إليه ملقياً نظراً / فَقَد تَرى ما يسمى علة العلل
ما نالَت النفس ما كانَت تؤمله / يا خيبة النفس بل يا ضيعة الأمل
وَقَد أُحاوِل أَن أَسعى فتمنعني / رجل رمتها يد الأيام بالشلل
يا رامياً نفسه من فوق شاهقة / لَقَد بلغت المنى من أَقصر السبل
إن زالَ ما في قلوب القوم من حسك / يَوماً تبدَّلت العضّاتُ بالقبل
لا يحمل اليوم إنسان بلا تعب / ما للحَياة عَلى الإنسان من ثقل
إذا رأى وشلاً حرانُ ذو ظمأٍ / فإنه لَيسَ يستَغني عَنِ الوشل
في كل ما عاش لا يأَتي الفتى عملاً / ما لَم يكن سائق فيه من الأمل
إِلزامك المَرء بالبرهان تورده / لا يحمل المَرء في يوم عَلى العمل
وإنما عادة الإنسان ناجمة / من المحيط بفعل فيه متصل
وَهذه هي في التَحقيق باعثة / له عَلى السعي في الدنيا بلا ملل
من زل من عجل يوماً فأحر به / بعد السَلامة أن يمشي عَلى مهل
مَهما تكن عضلات الرجل محكمة / فَقَد تزل بمن يمشي عَلى عجل
إن كانَت الأَرض عند المشي لينة / فَلَيسَ بأس عَلى الماشي من الزلل
تَقنو الحَياة بقاء في تنازعها / من النشاط وكل المَوت في الكسل
من كان يشرع بالأعمال معتمداً / عَلى البَصيرة لا يَخشى من الفشل
تحوي السَماء نجوماً ذات أَنظمة
تحوي السَماء نجوماً ذات أَنظمة / من الشموس كثاراً لَيسَ تنحصر
تخالها ثابِتات وَهيَ مسرعة / كأنها الخيل في بيداء تحتضر
وَكل شمس لها جرم بنسبته / يَجري الأثير إِلَيها فَهي تَستَعر
وَهْوَ الَّذي يوسع الأجسام قاطبة / دفعاً عَلَيها بِه الأجسامُ تَنهَمِر
فَيحسب الناس أَن الشمس جاذبة / لَها كَما هُوَ بَينَ الناسِ مُشتَهِر
وَهَكَذا الأرض حول الشمس دائرة / كَما يَدورُ حَوالي أَرضنا القَمر
وللأثير يد في الكون قاهرة / تَدَحرَجَت بِعصاها هذِه الأكر
الجرم يأخذ منه بعض حاجته / وَلِلَّذي زادَ عن حاجاتِه يَذَر
وَعند ذلك يَجري في جواهره / كَالماءَ قَد صادَفتَه جارِياً حُفر
رداً لما اختل فيه من موازنة / إن التَوازُن في القوات مُعتَبر
وَالجوهر الفرد في الأجسام لَيسَ سوى / كهيربات بِها يَقوى وَيَقتَدِر
وَالبعض منه كَما في الراد يوم يَرى / يَنحل من نَفسه فيها وَيَنتَثر
والأرض لَم تختزن ناراً بباطنها / إلا لأن القوى عَنهُن تندحِر
وَما تزال بقاع الأرض نامية / بِما عَلَيها من الأجسامِ يَنحَدِر
حَتّى تَكون مَع الأزمان واحدة / من الشموس فَمِنها النور يَنتَشِر
وَهَكَذا شمسنا صارَت لحالتها / شَمساً تصاعد مِنها النار وَالشرر
هَذا الَّذي أَنا مبديه لكم نظري / وإنَّما كل إِنسان لهُ نَظر
ما في الجواهر والأجسام منجمها
ما في الجواهر والأجسام منجمها / إلا قوى هي تَبنيها وَتهدمها
وَهذه لست بالتَحقيق أَعلمها /
لا جسم إلا ويفني بعد أَزمنة / فَلا جواهره تبقى ولا الصوَرُ
فيها القوى وَهي ما بالسلب يتصف / كهيربات إلى الأضداد تنصرف
تدور من حولها وَثباً وَلا تَقِف /
في حبة الرَمل فوق الأرض ساكنة / من القوى ما به الأطواد تنفطر
في جرعة الماء للظمآن يشربها / وَكسرة الخبز للجوعان يقضبها
وَنسمة الريح للحران يطلبها /
وَفي جواهر من تفاحة صغرت / قوىً إذا ثُرنَ لا تُبقي وَلا تذر
لَيسَ القُوى غير بعض الجسم قد لطفا / وَالجسم إلا قوى مجموعة كثفا
وَلَيسَ شيء عَن الناموس منحرفا /
إلى الأثير بفعل منه مرجعه / فهو المؤثر في الأشياء والأثر
إنَّ النجوم وإن الشمس وَالقَمَرا / والأرض تَمشي عَلَيها تائِهاً بطرا
لَيسَت سِوى أُكَرٍ أَعجب بها أكَرا /
وَللأثير يد في الكون قاهرة / تدحرجت بعصاها هذه الأكر
قَد فارق الجِسم يَسمو بعدما هبطا
قَد فارق الجِسم يَسمو بعدما هبطا / روح به كان قبل الموت مرتبطا
لَقَد عَلا الروح بعد الجسم مرتقياً / وَقَد هَوى الجسم بعد الروح منهبطا
قَد كانَ يضبطه إِبّان قوته / حَتّى إذا دبّ فيه الوهن ما ضبطا
احبس دموعك أَو أرسل بوادرها / فَلَيسَ يَرجع شيءٌ بعد ما فرطا
يا راكباً باطل الآمال عَن شطط / إني أعيذك من أن تركب الشططا
ماذا الَّذي أحفظ العمال فاِعتصبوا / أني لأسمع عن بعد لهم لغطا
قَد اِهتَدى من له علم بغايته / أما الَّذي هو ذو جهل فقد خبطا
ودَّ الَّذي جهل الأشياء لَو وصلت / منه اليدان النجومَ الزهر فالتقطا
قد أفرط القوم إفراطاً أضر بهم / وقبل ذلك كانوا أُمة وسطا
ورب ناس رأوا في الوقت متسعاً / وَفي المَكان الَّذي هم فيه منبسطا
ثاروا عَلى العلم باسم الدين واِحتقروا / من ليس في زمرة الثوار منخرطا
وَلا أعاتب مضطراً له ربطوا / كَما أعاتب حراً نفسه ربطا
كَم أسخطت جاهِلاً في مجلس كلمى / وَلَو توسع منه العقل ما سخطا
ما كنت يوماً بَبغداد أخا دعةٍ / ولا بِعَيشي في بَغداد مغتبطا
كالعَندَليب شدا للناس في قفص / بحيث يحيا بحبات لها التقطا
ما زلت في كل يوم ذرَّ شارقه / مكرراً عملاً لي طالما حبطا
إن القنوط من الأعمال مهلكة / ويل لمن هو من أَعماله قنطا
تغيرت فوق وجه الأرض أنظمة / حَتىّ اِلتَوى الأمر بين الناس واختلطا
ألفى الحَياة بهم تَجري بلا خطط / قوم لَها وضعوا من نفسهم خططا
بين الشعوب كفاحٌ ثار ثائره / وَلَيسَ خوف عَلى الشعب الَّذي نشطا
وَلَيسَ بين الفَتى يوماً وَحاجته / إن كان ذا هِمَّة قعساء غير خطى
رأى القويّ ضعافاً فهو يغمطهم / وَلَو رأى الأقوياء الغلب ما غمطا
ما شمر اللَيل عَن ساقيه منهزماً / حتىّ رأى الصبح مثل السيف مخترطا
لَقَد وجدت حياة الذل فاشية / وَالناس منقبضاً منها وَمنبسطا
وَللمعيشة أنماطٌ قد اِختلفت / وكل قطر يراعى أهلُه نمطا
لمّا هَوى في الهَوى وَطاحا
لمّا هَوى في الهَوى وَطاحا / وَقص منه النوى جناحا
وَخافَ من أَرضه البراحا / بكى عَلى نفسه وَناحا
صبٌّ براه الهوى مصابُ / بكى عَلى غصنه الشبابُ
حَياته كلها اضطرابُ / لَو أنه ماتَ لاستراحا
قد ظنه أَولاً يَسيرا / ثم رآه صعباً عَسيرا
جد لعمري الهَوى أخيرا / وكانَ في بدئه مزاحا
أنهكه السلُّ وَالسهادُ / فودَّ لَو أنه جمادُ
حل بأحشائه فسادُ / عصى فَلا يقبل الصلاحا
لِدائِه في حشاه نحتُ / غدا بأعضاده يفتُّ
له إذا ساءلوه صمتُ / يطارح الألسن الفصاحا
نهاره لا يَكون لَيلا / إلا دعا كالثكول ويلا
لَم يبد لا لِلنَسيم ميلا / ولا إلى برده ارتياحا
آه من الحب ثم آهِ / فإنه مصدر الدواهي
لَو غمسوا الصب في المَلاهي / ما وجدت نفسه اِنشراحا
أَحبابه حمّلوه ذَنبا / لأجله ما حبوه قربا
وَذَنبه كونه محبّا / قد كتم الحب ثم باحا
رأى جمالاً سبى فَقاسى / دون وصول إليه ياسا
بنظرة كانَت اِختلاسا / أحبها كاعباً رداحا
ما زالَ صباً بها أسيراً / يحمل من حبها ثبيرا
سعى إلى قربها كثيراً / لكنه لم يجد نجاحا
تخالفا عند ما تقوَّى / هوى به يرفض السلوّا
فإنه يبتغي دُنوّا / وإنها تبتغي انتزاحا
قَد برّح الحب أَي برحِ / به وأدماه بعد قرحِ
هَذا جَزاء امرئٍ ملحِّ / غدا عَلى غيِّه وراحا
إن الصبابات أعلنتْهُ / وَعذَّبته وأَوهنتْهُ
والأعين النجل أَثخنته / بسيف أَلحاظها جراحا
يا أمَّهُ ويكِ يا أباهُ / قوما إليه وودِّعاه
فإنه لا تفارقاه / يموت في اللَيل أَو صباحا
ما الحبُّ من لبِّ ذي تروِّ / أبعد من قلب ذي عُتوِّ
وليس في الحب من سمو / ما لم يكن خالصاً صُراحا
يَقول وَالعَين ذات سكبِ / هَل أَنا وَحدي رَهين كربِ
أم هذه حال كل صبِّ / قد هَوِيَ الغيد وَالملاحا
غرامها فيَّ قد تمكن / حتى براني كذا وأوهن
إنيَ تاللَه خائف أن / يجتاحني حبها اجتياحا
وَيلاه جار الهَوى عليّا / واِنتزع البين من يديّا
من لَو عَلى البعد منه حيّا / أزال ما فيّ أَو أَراحا
قد آن سيري إلى اللحودِ / حيث بها يَمَّحي وجودي
إنِّيَ يا أعيني فَجودي / لا أَبتَغي رفقة شحاحا
يا ريح مرِّي عَلى خيامِ / فشا بمن حلها غرامي
وبلغي أَهلها سَلامي / تعطُّفاً منك أَو سماحا
من كانَ منها له جوارُ / طابَ له اللَيل وَالنَهارُ
لَها بشط الفرات دارُ / لا سمح اللَه أن تباحا
حالت عهود الحمى حُؤولا / وما تظنيت أن تحولا
فما تُلول الحمى تلولا / ولا يطاح الحمى بِطاحا
يا أم لم فارق الطَبيبُ / دمعك يا أم لي يريبُ
هَل أَنا لا تَكتمي قَريبُ / من أَجَلٍ كانَ لي متاحا
يا ملك الموت لا تعدني / إليك عني إليك عني
حتى يجيء الجواب إني / أَرسلت صبحاً لها الرياحا
نَفسي يا موت فاِمتحنها / عَزيزة أَنتَ لا تهنها
فقبل عود الرَسول عنها / لا أَبتَغي من هنا براحا
لَهفي وَلهف بني عدنان قاطبةً
لَهفي وَلهف بني عدنان قاطبةً / عَلى الشَفيق عَلى إخوانه العرب
يساق وَهوَ محاط بالحراب كَما / تحاط من جانبيها العين بالهدب
عجبت من حرد السفاك حين رأى / أَذياله خضلات بالدم السرب
ما لوث الدم عمداً ذيل سافكه / حتىَ يقال جريء غير ذي أَدَب
لَقَد تشتت من خوف ومن ندم
لَقَد تشتت من خوف ومن ندم / جيش حوالي ديالي كان محتشدا
ما كنت أَرجو عَلى علمي بنزعتها / أن يَبدو الشر من أبنائها فبدا
أحزم بناس رأوا في أَرضهم فتناً / فَلَم يَكونوا لمن قاموا بها عضدا
هي الوغى فَلِنَنْظُرْ من يَموت بها
هي الوغى فَلِنَنْظُرْ من يَموت بها / وَمن هنالك من نيرانها ناجي
البَر من وثبان للصفوف به / كالبحر يضرب أَمواجاً بأمواج
لَم يسمع الناس حربا كالَّتي سلفت
لَم يسمع الناس حربا كالَّتي سلفت / في هَولها وَلأرزاء الورى قدمُ
دامَت سنين مَع الوَيلات أَجمعها / دَهياء تلقف من تَلقَى وَتَلتَهم
لِلَّه شيبٌ أَحبوا الموت من أَسف / عَلى بنيهم وَشبانٌ قد اخترموا
قد استمروا وَنار الحرب موقدة / يكافحون وَلَم يأَخذهمُ السأم
الحمد لِلَّه رب العالمين عَلى / أن زالَ بالخَير ذاكَ الحادِث العمم
وأن أتى السلم حتى ظل سامعه / مِن غلْيِ أَفراحه يَبكي وَيبتسم
وَمن نتائجها أن خاب موقدها / وأن تحررت الأقوام والأمم
وَعادَ في كل أَرجاء العراق إلى / أبنائه الحكم مقضياً كَما حكموا
السيف وَالقَلم امتازا بذودهما / فليحيَ للمعضلات السيف وَالقَلم
في الأرض دارَت رحىً للحرب طاحنةٌ
في الأرض دارَت رحىً للحرب طاحنةٌ / وَلَيسَ منها عَلى ذي حيطةٍ خطرُ
إني لأعجب فيما منه أعجب أن / لا يسلم الرأس فيه السمع وَالبصر
ورب حسناء تَمشي وَهيَ باكيةٌ
ورب حسناء تَمشي وَهيَ باكيةٌ / لَها دموع عَلى الخدين تنسجمُ
دموعها عَن أَساها الجم معربة / كأَنَّها فوق ذاوي خدها كلم
قرأت منها سطوراً تلك تنبئني / أن الرجال لها من غلظة ظلموا
حسناء لا تَجزَعي من غمة ثقلت / فَلَيسَ من حالة إلا ستنصرم
يأتي الشباب وَيأتي بعده زمن / هُوَ الكهول وَيأتي بعده الهرم
وَبعد ذلك موت يَستَريح به / من الحَياة الَّذي قد مضه الألم
وانه منهل لا جفّ مورده / للشاربين عليه الناس تزدحم
كانَ الشَباب سلاحاً لي أَصولُ به / عَلى الَّذين استخفوا بي وأحتكم
وَاليَوم إِذ نالَت الأيام من جلدي / أَودُّ لَو جاءَني موتٌ فيخترم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025