المجموع : 10
حَيَّت صباحاً فَأحْيَتْ ساكني القَصَبَهْ
حَيَّت صباحاً فَأحْيَتْ ساكني القَصَبَهْ / واسترجعَت أنفساً بالسوقِ مُغتَصبَهْ
قَضَى البيان لها أن لا نظير لها / فأحرزت من معاني فضله قَصَبَهْ
ناجَتْ طليح سُرَى لا يستفيق لها / هدَّت جوارحَهُ واستوهَنَتُ عَصَبَهْ
فحركته على فتك الكلال به / وأذهبت بسرور الملتقى نَصَبَهْ
وأذكرتُ عهد مهديها ويشكر / فوجهها بعصاب الحس قد عصبه
ما كنت أسمح من دهري بجوهرة / لو كان يسمح لي بالقلب من غَصبَهْ
سَلْ أدمعَ الصَّبِّ مَنْ أعدى السحاب بها / وقَلْبَهُ بجمار الشوق من حَصَبَهْ
فالله يحفظ مهديها على شَحَطِ / فعاودَ القلبُ من غَصبَهْ
من كان وارث آداب يشعشعُها / بالفرض إنّيَ في إرثي لها عَصَبهْ
هو الملاذ ملاذ الناس قاطبة / سبحان من لغياث الخلق قد نَصَبَهْ
هذا الصباحُ صباحُ الشيب قد وَضَحا
هذا الصباحُ صباحُ الشيب قد وَضَحا / سَرعان ما كان ليلاً فاستنار ضُحى
للدهر لونان من نور ومن غسق / هذا يعاقب هذا كلما بَرحا
وتلك صبغته أعدى بنيه بها / إذا تراخى مجال العمر وانفسَحَا
ما ينكر المرءُ من نورِ جلا غسقاً / ما لم يكن لأماني النفس مُطَّرِحا
إذا رأيت بروق الشيب قد بسمت / بمفرقٍ فمُحيَّا العيش قد كَلَحَا
يلقى المشيبَ بإجلال وتكرِمةٍ / من قد أعدّ من الأعمال ما صَلَحَا
أمّا ومثليَ لم يبرحْ يُعلِّلُهُ / من النسيم عليلٌ كلمّا نَفَحا
والبرقُ ما لاح في الظلماء مبتسما / من جانب السفح إلا دمعَه سَفَحا
فما له برقيب الشيب من قِبَلٍ / من بعد ما لامَ في شأنِ الهوى ولَحَا
يأبَى وفائيَ أن أصغي للائمةٍ / وأن أطيع عذولي غَشَّ أو نَصَحا
يا أهل نجد سقى الوسميُّ ربعَكُمُ / غيثاً يُنيلُ غليلَ التُّربِ ما اقترحا
ما للفؤاد إذا هبَت يمانيةٌ / تُهديه أنفاسُها الأشجانَ والبُرَحا
يا حَبَذا نسمةٌ من أرضكم نَفَحت / وحَبَّذا ربربٌ من جَوُكُمُ سَنَحَا
يا جيرةً تعرفُ الأحياءُ جودَهُمُ / ما ضَرَّ من ضنَّ بالإحسان لو سمحا
ما شِمتُ بارقةً من جوٌ كاظمةٍ / إلاَّ وبتُّ لزند الشوق مُقتدحا
في ذمَّةِ الله قلبي ما أعلُلُهُ / بالقرب إلا وعادَ القربُ مُنْتَزَحا
كم ليلةٍ والدجى راعت جوانبُها / قلبَ الجبان فما ينفكُ مُطَّرَحا
سريتُها ونجومُ الأفق فيه طفَتْ / جواهراً وعبابُ الليل قد طفحا
بسابحٍ أهتدي ليلاً بغرّتِهِ / والبدر في لجة الظلماء قد سبحا
والسحبُ تنثر دُرَّ الدمع من فَرَقٍ / والجوُّ يخلعُ من برق الدّجى وُشُحا
ما طالبتُ همّتي دهري بمَعُلُوَةٍ / إلاّ بلغتُ من الأيّام مُقْتَرحا
ولا أدرتُ كؤوس العزم مُغتبقاً / إلا أدرتُ كؤوس العزِّ مُصطبحا
هذا وكل الذي قد نلت من أمل / مثلَ الخيال تراءى ثُمَّتَ انْتَزَحا
كم يكدحُ المرءُ لا يدري مَنِيَتَهُ / أليسَ كلُّ امرئ يُجزى بما كَدَحا
وا رحمتا لشبابي ضاع أطيبُهُ / فما فرحتُ به قد عاد لي تَرَحا
أليس أيّامنا اللائي سلفن لنا / منازلاً أعلمت فيها الخطا مرحا
إنّا إلى الله ما أَوْلى المتابَ بنا / لو أَنْ قلباً إلى التوفيق قد جَنَحا
الحقُّ أبلَجُ والمنجاة عن كثبِ / والأمر للهِ والعُقبى لمن صَلَحا
يا ويحَ نفس توانَت عن مراشدِها / وطرفها في عنان الغَيِّ قد جَمَحَا
ترجو الخلاص ولم تنهجُ مسالِكها / من باعَ رشداً بِغَيَّ قلّما ربحا
يا رَبِّ صفحَك يرجو كلُّ مُقترفٍ / فأنت أكرمُ من يعفو ومن صَفَحا
يا ربِّ لا سببٌ أرجو الخلاصَ به / إلا الرسولَ ولطفاً منك إن نفحا
فما لجأتُ له في دفع مُعْضِلَةٍ / إلاّ وجدتُ جَناب اللّطف مُنفسحا
ولا تضايق أمرٌ فاستجرتُ به / إلا تفرْجَ بابُ الضّيقِ وانفتحا
يا هَلْ تبلّغني مثواهُ ناجيةٌ / تطوي بيَ القفر مهما امتدّ وانْفَسَحا
حيثُ الربوعُ بنور الوحي آهلةٌ / من حلَّها احتسب الآمال مُقْتَرَحا
حيثُ الرسالةُ تجلو من عجائبها / من الجمال تنور الله مُتَّضَحا
حيثُ النبوةُ تتلو من غرائبها / ذكراً يُغادر صدر الدين مُنْشَرِحَا
حيثُ الضريحُ بما قد ضَمَّ مِن كرمٍ / قد بَذَّ في الفخر من ساد ومن نجحا
يا حَبَّذا بلدةٌ كانَ النَّبِيُّ بها / يلقى الملائك فيه أيّةً سَرَحَا
يا دارَ هجرته يا أُفْقَ مطلعهِ / لي فيك بدرٌ بغير الفكر ما لُمِحَا
من هاشم في سماء العزْ مطلعُهُ / أكرمْ بِهِ نسباً بالعزْ مُتَّشِحا
من آل عدنانَ في الأشراف من مُضَرٍ / من محتدِ تطمح العلياءُ إن طَمَحَا
من عهد آدمَ ما زالت أوامره / تُسام بالمجد من آبائه الصُّرَحَا
عناية سبقت قبل الوجود له / واللهِ لو وُزنَتْ بالكون ما رَجَحَا
يا مصطفى وكمامُ الكون ما فتقت / يا مجتبى وزناد النور ما قُدِحا
لولاكَ ما أشرقت شَمْسٌ ولا قَمَرٌ / لولاك ما راقت الأفلاكُ مُلْتَمِحا
صدعتَ بالنّور تجلو كلَّ داجيةٍ / حتى تبيَّن نهجُ الحقِّ واتضحا
يا فاتِحَ الرسل أو يا ختمها شَرفاً / بوركتَ مُخْتَتِماً قُدْسْتَ مُفْتَتِحا
دنوت للخلق بالألطاف تمنحُها / والقلبُ في العالم العُلْويِّ ما بَرحَا
كالشمس في الأُفُقِ الأعلى مَجَرَّتُها / والنُّور منها إلى الأبصار قد وَضَحَا
كم آيةٍ لرسولِ الله مُعجزةٍ / تكلُّ عن منتهاها ألْسُنُ الفُصَحَا
إن رُدَّت الشمس من بعد الغروب له / قد ظلَّلَتُهُ غمامُ الجوِّ حيث نَحا
يا نعمةً عظُمَتْ في الخلق مِنَّتُها / ورحمةً تشمُلُ الغادينَ والرَّوحَا
اللهُ أعطاكَ ما لم يُؤُتِهِ أحداً / واللهُ أكرمُ من أَعطى وَمَن منحا
حبيبُهُ مصطفاهُ مُجْتَباهُ وفي / هذا بلاغٌ لمن حلاَّك مُمْتَدَحا
أثُنى عليك كتابُ اللهِ مُمُتَدِحاً / فأَين يبلغ في علياك من مَدَحا
قد أبعدتني ذنوبي عنك يا أملي / فجهديَ اليومَ أن أُهدي لك المِدَحَا
لعلَّ رُحماك والأقدار سابقةٌ / تُدْني محبّاً بأقصى الغرب مُنْتَزحا
نفسٌ شعاعٌ وقلبٌ خان أضلُعْهُ / ممَّا يُعاني من الأشواق قد بَرَحا
إذا البروقُ أضاءتْ والغمام هَمَتْ / فزفرتي أذْكيت أو مدمعي سَفَحا
لِمْ لا أحنُّ وهذا الجِذْعُ حَنَّ لَهُ / لما تباعد عن لُقياه وانْتَزَحَا
كم ذا التعلُّلُ والأيّام تمطلُني / كأنَّها لم تجِدُ عن ذاك مُنْتَذَحا
ما أقدرَ اللهَ أن يدني على شحطٍ / وأن يُقرْبَ بعد البين من نزحا
يا سيْدَ الرسلِ يا نعمَ الشّفيعُ إذا / طالَ الوقوفُ وحرُّ الشَّمس قد لفَحَا
أنت المُشَفَّعُ والأبصارُ شاخصةٌ / أنت الغِياث وهولُ الخطب قد فَدَحا
حاشَ العُلا وجميلُ الظَّنِّ يشفعُ لي / أن يُخْفِقَ السعي مني بعدما نجحا
عساك يا خيرَ من تُرجى وسائله / تُنجي غريقاً ببحر الذَّنب قد سبحا
ما زال معترفاً بالذنب معتذراً / لعلَّ حبَّك يمحو كلَّ ما اجْتَرَحَا
عسى البشير غداة الروع يُسْمِعُني / بُشرى تعود ليَ البؤسى بها فرحا
لا تيأسَنَّ فإِنّ الله ذو كرم / وحُبُّكَ العاقِبَ الماحي الذُّنُوبَ مَحَا
صَلّى الإلهُ على المختار صفوته / ما العارض انهلَّ أو ما البارقُ التَمَحَا
وأيَّدَ اللهُ مولانا بعصمته / بأيِّ باب إلى العلياء قد فُتِحا
وهُنِّئ الدينُ والدنيا على ملك / بسعده الطائرُ الميمونُ قد سَنَحا
أنا الضمينُ لمكحولٍ بغُرته / ألاَّ ترى عينهُ بؤساً ولا تَرَحَا
مولايَ خذها كما شاءت بلاغَتُها / غَرَّاءَ لم تعدَمِ الأحْجالَ والقُزَحَا
كأنَّ سِرْبَ قوافيها إذا سَنَحَتْ / طَيْرٌ على فَنَنِ الإِحسان قد صَدَحا
أعلامُك الحمر فوق السُّفْن خافقة
أعلامُك الحمر فوق السُّفْن خافقة / وريح سعدك تجريها على قَدَرِ
ما إن رفعت قِسيَّ السُّفُن في وطن / إلا ونلت قصيّ السؤال والوطر
قالوا السفائن فوق البَرّ ذا عجب / من غير بحر ولا موج ولا غَرَرِ
فقلت آثار مولانا التي سفرت / لنا العناية عن آياتها الكُبَرِ
تجري بريح سعود في بحار ندى / تُغني بنائك عن بحر وعن مطرِ
لله يوم عجيب الصنع ذو أثر / مُحجَلٌ رائق الأوضاح والغُرَرِ
استبشر الناس فيه بالصنيع وقد / تضمّن البشر في وردِ وفي صَدَرِ
زجرتُه بشفاء قد أتاك كما / يُرضي علاك جميل الخُبر والخَبر
إذا شكوتَ فكلّ الكون ذو وصبٍ / فأنت منه مَكان السمع والبصرِ
ومن شكا بأليم الوجد في بصر / فقد تعوّد غير السُّهد والسَّفر
فَأَسْأَلُ اللهَ ربَّ العرش من لُطُفٍ / يسري إليك بها أنعام مقتدرِ
وأن يُدافع عن ذات بحُرمتها / تعوّد الخلقُ لطف الله في القدرِ
ما لي بحمل الهوى يدانِ
ما لي بحمل الهوى يدانِ / من بعد ما أَعوز التداني
أصبحتُ أشكوه من زمانِ / ما بتُّ منه على أمانِ
ما بال عينيك تسجمانِ / والدمع يرفضُّ كالجمانِ
ناداك والإلف عنك وانٍ / والبعدُ من بعداه كواني
يا شقة النفي من هوانِ / لَجَّجَ في أبحر الهوانِ
لم يُثْنني عن هواك ثانِ / يا بغية القلب قد كفاني
يا من يحن إلى نجدٍ وناديها
يا من يحن إلى نجدٍ وناديها / غرناطةٌ قد ثوت نَدْدٌ بواديها
قف بالسّبيكة وانظر ما بساحتها / عقيلة والكثيب الفرد جاليها
تقلّدت بوشاح النهر وابتسمت / أزهارها وهي حليٌ في تراقيها
وأعين النرجس المطلول يانعة / ترقرقَ الطلّ دمعاً في مآقيها
وافترّ ثغر أقاحٍ من أزاهرها / مقبّلاً خدَّ ورد من نواحيها
كأنما الزهر في حافاتها سحراً / دراهمٌ والنسيم اللَّدْنُ يَجْبيها
وانظر إلى الدوح والأنهار تكنُفُها / مثل الندامى سواقيها سواقيها
كم حولها من بدور تجتني زَهَراً / فتحسب الزهر قد قبَّلْن أيديها
حصباؤها لؤلؤ قد شفَّ جوهرها / والنهر قد سال ذوباً من لآليها
نهر المجرة والزهر المطيفُ به / زُهرُ النجوم إذا ما شئت تشبيها
يزيد حسناً على نهر المجرّة قد / أغناه دُرُّ حَبابٍ عن دراريها
يدعى المنجّم رائيه وناظره / مسمَّياتٌ أبانتها أساميها
إن الحجاز مغانيه بأندلسٍ / ألفاظها طابقت منها معانيها
فتلك نجد سقاها كلُّ منسجمٍ / من الغمام يُحيّيها فيُحْييها
وبارقٌ وعُذيبٌ كلّ مبتسم / من الثغور يُجلّيها مُجَلِّيها
وإن أردت ترى وادي العقيق فَرِدْ / دموعَ عاشقها حمراً مجاريها
وللسبيكة تاج فوق مفرقها / تودُّ دُرُّ الدراري لو تُحلّيها
فإن حمراءها والله يكلؤُها / ياقوتةٌ فوق ذاك التاج يُعليها
إن البدور لتيجانٌ مُكَّلَلة / جواهرُ الشهب في أبهى مجاليها
لكنها حَسَدَتْ تاج السّبيكة إذ / رأت أزاهرهُ زهراً يُجَلِّيها
بروجها لبروج الأفق مُخْجِلةٌ / فشُهبُها في جمال لا تضاهيها
تلك القصور التي راقت مظاهرها / تهوى النجومُ قصوراً عن معاليها
لله لله عيناً من رأى سحراً / تلك المنارة قد رقَت حواشيها
والصبحُ في الشرق قد لاحت بشائره / والشُّهب تستنُّ سبقاً في مجاريها
تهوي إلى الغرب لما غالها سَحَرٌ / وغمَّضَ الفجرُ من أجفان واشيها
وساجع العود في كف النديم إذا / ما استوقفت ساجعات الطير يُغريها
يبدي أفانين سحر في ترنّمه / يُصبي العقولَ بها حسناً ويَسبيها
يَجُسُّهُ ناعمُ الأطراف تحسبها / لآلئاً هي نورٌ في تلاليها
مقاتل بلحاظٍ قوسُ حاجبها / ترمي القلوبَ بها عمداً فتُصميها
فباكر الروض والأغصان مائلة / يثني النفوسَ لها شوقاً تَثنّيها
لم يرقصِ الدّوح بالأكمام من طرب / حتى شدا من قيان الطير شاديها
وأسمعتها فنون السحر مبدعةٌ / وُرْقُ الحمام وغنّاهَا مُغنّيها
غرناطة آنسَ الرّحمنُ ساكنَها / باحت بسر معانيها أغانيها
أَعْدَى نسيمُهُمُ لُطْفاً نفوسَهمُ / فرقة الطبع طبعٌ منه يُعْديها
فَخلّدَ الله أيام السرور بها / صُفراً عشيَّاتها بيضاً لياليها
وروّضَ المحل منها كلُّ منبجسٍ / إذا اشتَكَتْ بقليل الجدب يُرويها
يحكي الخليفةَ كفّاً كلّما وَكَفَتْ / بالجود فوق موات الأرض يُحييها
تُغْني العفاةَ وقد أمّتْ مكارمُه / عن السؤال وبالإحسان يُغْنيها
لها بنانٌ فلا غيثٌ يساجلُها / جوداً ولا سحبُه يوماً تدانيها
فإن تصُبْ سحبُه بالماء حين هَمتْ / بعسجدٍ ولُجَيْنٍ صاب هاميها
يا أيها الغوثُ أنت الغوثُ في زمن / ملوكُه تَلِفَتْ لولا تلافيها
إن الرعايا جزاك الله صالحة / ملكت شرقاً وغرباً من يراعيها
إن الخلائق في الأقطارِ أجمعها / سوائمٌ أنت في التحقيق راعيها
فكلُّ مصلحة للخلق تحكمها / وكلّ صالحة في الدين تنويها
إذا تيمَّمْتَ أرضاً وهي مجدبةٌ / فرحمةُ الله بالسقيا تُحيِّيها
يا رحمةً بثّت الرُّحمَى بأندلسٍ / لولاك زُلزلتِ الدنيا بمن فيها
في فضل جودك قد عاشت مشيختها / في ظل أمنك قد نامت ذراريها
في طول عمركَ يرجو الله آملُها / بنصر ملكك يدعو اللهَ داعيها
عوائدُ الله قد عُوِّدْتَ أفضلها / لتبلغ الخَلْقُ ما شاءت أمانيها
سُلَّ السعودَ وخَلِّ البيضَ مُغمدةً / واضربْ بها فريةَ التَّثليث تَفْريها
لله أيامك الغرٌُّ التي اطَّردَتْ / فيها السعودُ بما ترضى ويُرضيها
لله دولتك الغَرَّاء إنّ لها / لكافلاً من إله العرش يكفيها
هيهاتَ أن تبلغَ الأعداءُ مأرُبَةٌ / في جريها وجنودُ الله تحميها
هذي سيوفك في الأجفان نائمة / والمشركون سيوف الله تُفنيها
سريرةٌ لك في الإخلاص قد عَرَفَتْ / حُسْنى عواقبها حتى أعاديها
لم يحجب الصبحُ شهبَ الأفق عن بصر / إلا وهديُك للأبصار يُبديها
يا ابن الملوك وأبناء الملوك إذا / تدعو الملوكُ إلى طوع تُلَبّيها
أبناءُ نصرٍ ملوك عزّ نصرُهُمُ / وأوسعوا الخلق تَنْويها وترفيها
هم المصابيح نور الله موقدها / تضيء للدين والدنيا مشاكيها
هم النجوم وأفق الهدْي مطلعها / فوزاً لمَهْديِّها عزاً لهاديها
هم البدور كمالٌ ما يفارقها / هم الشموسً ظلام لا يُواريها
قضت قواضبُها أن لا انقضاء لها / وأمضت الحكمَ في الأعدا مواضيها
وخلّدت في صفاح الهند سيرتها / وأسندت عن عواليها معاليها
وأورثتك جهاداً أنت ناصره / والأجر منك يُرضِّيها ويحظيها
كم موقف ترهب الأعداءُ موقفَهُ / والخيل تَردي ووقع السُّمر يُرديها
ثارت عجاجته واليوم محتجبٌ / والنقع يؤثر غيماً من دياجيها
وللأسنة شهب كلما غربت / في الدار عين تجلَّت من عواليها
وللسيوف بروقٌ كلما لمعت / تُزجي الدماء وريح النصر يُزجيها
أطلعتَ وجهاً تريك الشمسَ غُرَّتُهُ / تبارك الله ما شمسٌ تُساميها
من أين للشمس نطق كله حكم / يفيدها كلَّ حين منك مُبديها
لك الجيادُ إذا تجري سوابقها / فللرياح جيادٌ ما تجاريها
إذا انبرت يومَ سبقٍ في أعنَّتها / ترى البروق طلاحاً لا تباريها
من أشهبٍ قد بدا صبحاً تُراعُ له / شُهبُ السماء فإن الصبح يخفيها
إلا التي في لجامٍ منه قيَّدَها / فإنه سامها عزَّ وتنويها
أو أشقرٍ مرّ عن شقر البروق وقد / أبقى لها شفقاً في الجو تنبيها
أو أحمرٍ جمره في الحرب متّقدٌ / يعلو لها شَررٌ من بأس مُذكيها
لون العقيق وقد سال العقيق دماً / بعطفه من كُماةٍ كرَّ يُدميها
أو أدهمٍ ملء صدر الليل تنعله / أهلّة فوق وجه الأرض يبديها
إن حارت الشهبُ ليلاً في مقَّلده / فصبح غُرَّته بالنور يَهديها
أو أصفرٍ بالعشيّات ارتدى مرحاً / وعُرفُه بتمادي الليل يُنبيها
مُموّهٌ بنفارٍ تاه من عجب / فليس يعدمُ تنويها ولا تيها
وربّ نهر حسام رقَّ رائقه / متى تَرِدْهُ نفوسُ الكفر يُرديها
تجري الرؤوس حباباً فوق صفحته / وما جرى غير أن البأس يُجريها
وذابلٍ من دم الكفّار مشربُه / يَجني الفتوحَ وكفُّ النصر تجنيها
وكم هلالٍ لقوسٍ كلَّما نبضتْ / ترى النجومَ رجوماً في مراميها
أئمة الكفر ما يَمَّمْتَ ساحتها / إلا وقد زُلزلتْ قسراً صياصيها
يا دولة النصر هل من مبلغ دولاً / مضينَ أنك تُحييها وتُنسيها
أو مبلغ سالفَ الأنصار مأكلةً / والله بالخلد في الفردوس يَجزيها
أن الخلافة أعلى الله مظهرها / أبقتْ لنا شرفاً والله يبقيها
يا ابن الذين لهم في كل مكرمة / مفاخرٌ ولسان الدهر يُمليها
أنصار خير الورى مختار هجرته / جيران روضته أكرمُ بأهلِيها
أسمتهُمُ الملّة السمحاءُ تكرمةً / أنصارَها وبهم عزّتْ أواليها
ففي حُنَيْنٍ وفي بدرٍ وفي أُحُدٍ / تُلْفَى مفاخرهم مشهورةً فيها
وَلْتَسْأَلِ السِّيَرَ المرفوعَ مسندُها / فعن مواقفهم تُرْوى مغازيها
مآثرٌ خلَّد الرّحمن أُثرتها / ينصّها من كتاب الله تاليها
له الجهاد به تسري الرياح إلى / ممالك الأرض من شتى أقاصيها
تُحدى الركاب إلى البيت العتيق به / فمكّةٌ عَمَرَتْ منه نَواديها
بشائرٌ تسمعُ الدنيا وساكنها / إذا دعا باسمك الأعلى مُناديها
كفى خلافَتَكَ الغراءَ منقبةٌ / أنّ الإلهَ يُوالي من يُواليها
وقد أفاد بنيه الدهرُ تجربةً / أنّ الإلهَ يُوالي من يُواليها
إذا رميت سهام العزم صائبةً / فما رميتَ بل التوفيق راميها
شكراً لمن عظمت منا مواهبُهُ / وإنْ تُعَدَّ فليس العدُّ يُحصيها
عما قريبٍ ترى الأعيادَ مُقبلةً / من الفتوح ووفدُ النصر حاديها
وتبلغُ الغاية القصوى بشائرها / فقد أظلتْ بما ترضى مباديها
فاهنأ بما شئت من صنع تُسَرُّ به / وانْو الأمانيَّ فالأقدار تُدنيها
مولايّ خذها كما شاءت بلاغتها / ولو تُبَاعُ لكان الحسنُ يَشريها
أرسلتها حيثما الأرواح مرسلةٌ / نوادراً تنشر البشرى أمانيها
جاءت تُهنيك عيد الفطر معجبةً / بحسنها ولسانُ الصدق يُطريها
البِشر في وجهها واليمن في يدها / والسّحرُ في لفظها والدرُّ في فيها
لو رصَع البدر منها تاج مفرقه / لم يرضَ درَّ الدراري أن تحُلّيها
فإن تكن بنتُ فكري وهو أوحدها / نُعماك في حِجره كانت تُربّيها
في روض جودك قد طوّقتني مِننا / طوقَ الحمام فما سجعي مُوَفيّها
ولو أعرتُ لسان الدهر يشكرها / لكان يقصرُ عن شكرٍ يُوَفّيها
بقيتَ للدين والدنيا إمامَ هدى / مبلَّغ النّفس ما ترجو أمانيها
والسعد يجري لغايات تؤمِّلها / ما دامتِ الشُّهب تجري في مجاريها
يهني زمانك أعيادٌ مجددةٌ
يهني زمانك أعيادٌ مجددةٌ / من الفتوح مع الأيام تغشاهُ
غضبتَ للدين والدنيا بحقهما / يا حبّذا غضب في الله أرضاهُ
فوَّقت للغرب سهماً راشه قدرٌ / وسدّد الله للأعداء مرماهُ
سهم أصاب وراميه بذي سلم / لقد رمى الغرض الأقصى فأصماهُ
من كان بندك يا مولاي يقدمه / فليس يخلفه فتح ترجّاهُ
من كان جندك جندُ الله ينصره / أنالَهُ الله ما يرجو وسنّاهُ
ملكته غربه خُلِّدتَ من ملك / للغرب والشرق منه ما تمنّاهُ
وسامَ أعداءَك الأشقَيْن ما كسبوا / ومن تردّى رداء الغَدْر أرداهُ
قُل للذي رمِدتْ جهلاً بصيرته / فلم تَرَ الشَّمسَ شمسَ الهُدي عيناهُ
غطّى الهوى عقلَهُ حتى إذا ظهرت / له المراشدُ أعشاه وأعماهُ
هل عنده وذنوب العذر توبقه / أن الذي قد كساه العز أعراهُ
لو كان يشكر ما أوليت من نعمٍ / ما زلت ملجأه الأحمى ومنجاهُ
سُلَّ السعودَ وخَلَّ البيضَ مغمدة / فالسيف مهما مضى فالسعد أقصاهُ
واشرع من البرق نصلاً راع مُصْلتُهُ / وارفع من الصبح بنداً راق مجلاهُ
فالعدوتان وما قد ضمَّ ملكُهما / أنصار ملكك صان الله علياهُ
لا أوحش الله قطراً أنت ملكه / وآنس الله بالألطاف مَغناهُ
لا أظلم الله أفقاً أنت نَيِّرهُ / لا أهمل الله سرحاً أنت ترعاهُ
واهنأ بشهر صيام جاء زائره / مستنزلاً من غله العشر رُحماهُ
أهلَّ بالسعد فانهلَّتْ به مننٌ / وأوسعَ الصنعَ إجمالاً ووفّاهُ
أما ترى بركات الأرضِ شاملةٌ / وأنعُمَ الله قد عمّت براياهُ
وعادك العيد تستحلي موارده / ويجزل الأجْرَ والرُّحْمى مُصَلاَّهُ
جهَزت جيش دعاء فيه ترفعه / لذي المعارج والإخلاص رقَّاهُ
أفضت فيه من النعماء أجزلها / وأشرف البر بالإحسان زَكّاهُ
واليتَ للخلقَِ ما أوليتَ من نعم / والى لك اللهُ ما أولى ووالاهُ
هذي العوالم لفظ أنت معناهُ
هذي العوالم لفظ أنت معناهُ / كلٌّ يقول إذا استنطقته اللَّهُ
بحر الوجود وفلك الكون جارية / وباسمك الله مَجراه ومُرساهُ
من نور وجهك ضاء الكونُ أجمعُهُ / حتى تشيَّد بالأفلاك مبناهُ
عرش وفرش وأملاك مسخّرة / وكلها ساجد لله مولاهُ
سبحان من أوجد الأشياء من عدم / وأوسع الكون قبل الكون نعماهُ
من ينسب النور للأفلاك قلت له / من أين أطلعتِ الأنوارُ لولاهُ
مولايَ مولايَ بحر الجود أغرقني / والخلق أجمعُ في ذا البحر قد تاهُوا
فالفلك تجري كما الأفلاك جارية / بحرُ السماء وبحرُ الأرض أشباهُ
وكلهم نعم للخلق شاملة / تبارك الله لا تُحْصَى عطاياهُ
يا فاتقَ الرّتق من هذا الوجود كما / في سابق العلم قد خُطت قضاياهُ
كنْ لي كما كنتَ لي إذْ كنت لا عملٌ / أرجو ولا ذنبَ قد أذنبتُ أخشاهُ
وأنت في حضرات القدس تنقلني / حتى استقر بهذا الكون مثواهُ
ما أَقبحَ العبد أن ينسى وتذكرُه / وأنت باللطف والإحسان تَرعاهُ
غفرانَك اللهُ من جهل بُليت به / فمن أفاد وجودي كيف أنساهُ
منّي عليَّ حجاب لست أرفعُه / إلا بتوفيق هَدْي منك ترضاهُ
فعدْ عليَّ بما عوَّدْتَ من كرم / فأنت أكرمُ من أَمَّلْتُ رُحماهُ
ثم الصلاةُ صلاةُ الله دائمةٌ / على الذي باسمه في الذكر سَمَّاهُ
المجتبى وزناد النور ما قُدحتْ / ولا ذكا من نسيم الروض مراهُ
والمصطفى وكِمامُ الكون ما فُتقتْ / عن زُهر زَهْر يروقُ العين مرآهُ
ولا تَفَجَّرَ نهرٌ للنهار على / در الدراري فغطّاه وأخفاهُ
يا فاتح الرسل أو يا خَتْمَها شرفاً / والله قدّس في الحالين معناهُ
لم أَدَّخِرْ غير حبِّ فيك أرفعه / وسيلةٌ لكريم يوم ألقاهُ
صلّى عليك إلهٌ أنت صفوته / ما طُيِّبتْ بلذيذ الذكر أفواهُ
وعمَّ بالروْح والريحان صحبته / وجادهم من نمير العفو أصفاهُ
وخصّ أنصاره الأَعْلَيْنَ صفوته / وأسكنوا من جوار الله أعلاهُ
أنصار ملته أعلام بيعته / مناقب شرفت أثنى بها اللَّهُ
وأيّدَ الله من أحيا جهادهُمُ / وواصل الفخرُ أُخراهُ وأُولاهُ
المنتقى من صميم الفخر جوهره / ما بين نصر وأنصار تهاداهُ
العلم والحلم والإفضال شيمته / والبأس والجود بعض من سجاياهُ
فمنهج النصرا
فمنهج النصرا / على أحزاب الكفّار
من بعد ما كانت / مغيب ذات إشفاق
تشتاق إلى ضيفه / وواجبا تشتاق
إذي جري ذكروا / تقول من الأشواق
قد طالت السفرا / واوحشن صحب الدار
فللسحّاب عبرا / تضحك لها الأزهار
فاليوم نهنّوها / بنيلها المقصود
بعودة المولى / فالطالع المسعود
أسقاتهَ الرحما / من فيض بحر الجود
وحازت الأثرا / بفاتح الأمصار
بالصعدة السمرا / والأبيض البتار
هنيّ موليّى / بالعود كف ترضا
فحيث ما وجّهت / مآربك تقضا
ويبلغ الأوطار / مقامك الأرضا
من مصر هيّ / ومن النيل
عروس مجليّا / مريه هو شنيل
سبيكته كرسي / وحصنها الإكليل
وتاجها الحمرا / ه مطلع الأنوار
قد أكسبوا الشهرا / خليفه الأنصار
في أسعد ألوقات / وطالع الإسعاد
وموسما مشهور / وعيد من الأعياد
تلقان بالأحباب / والأهل والأولاد
يخرج بالشمرا / بجوه بحل أقمار
يقول يا بشرا / ولوال يا أحرار
وليسمي حن جي / صحيح بحمد اللّه
كذا اسعدوا رب و / بالجمال حلاّه
بدر سماح مكمول / سبحن من أعلاه
تأيّدوا ألقدرا / وتسعدوا الأقدار
فدولتَك غُرّا / تشرّف الأمصار
والفلك قد أجرا / لها بما تختار
قد تمّ لي زجلي / من خيرة الأزجال
الحب أنطقني / ولم تكن زجّال
نطقت تهنيّ / وخاطري قد جال
في صاحب الوفرا / والخصر بالزنار
يقوت هو حمرا / والعنق من بلّار
أم الحسن تتكلم
أم الحسن تتكلم / وذا الزهر يتبسّم
والورد فاح وتعطّار /
على الغنا والمزمار /
ومعن مزاج مزنم / من يعشقوا ما يندم
ملال كاسي من راح /
ثم شممت التفاح /
لا توقدوا لي مصباح /
يكفاني ضاوه والشم / لأنها تنفي الهم
مقاتلي لش ترقود /
وجي وأنقر فالعود /
فذا النهار المسعود /
وسوفيه زمّ الزّم / واعمل لي نغم فالبم
العود أخذ وسوّاه /
والدر أنثر من فاه /
لمن دري أني نهواه /
هزّ الوتر وتكلّم / وقلّي جي واتعلّم
قلت اهلال راسلني /
وقولتي اسمع منّي /
واندفع واغنّي /
واسمع غنا أن معلم / وأنزوي واتعتّم
ألنيّ أبلغ من العمل
ألنيّ أبلغ من العمل / اللّه يبلّغك الأمل
نزيه تحتج فكل حين / بالفرح والأنس والطرب
بنودك اخرجها من بحين / مع الطبول ذيب تنضّرب
فقد وعادوا ذا الصالحين / بشار أحلي من الضرب
والكل نرقب ذا المهل / بالسعد والفتح يستهل
الشهب ترقب هذا الولادا / تهش لوكف تبس باديه
تقل باليمن والسعادا / والحافظ اللّه بش يبتديه
در الدراري تنظم قلادا / وتهدها لو على البديه
وم هنيل إذا انكمل / فبا لمحاسن قد اشتمل
الشمس تطلب تكن ل ديدا / وأن تشرف بأن تربيه
والبدر الأكمل مرار عديدا / يرغب منك يكون مربيه
والشهب فالدولة السعيدا / على رؤسه تريد تعبّيه
وتمل كفّ من القبل / وقد سجادت ل من قبل
مولاي يهنيك هذا النزيها / فالنصر والفتح كن بديها
شنتمري تفتل بديها / والهم جيها من كل جيها
والبب مقروح يبكي عليها / ولس ل حيلا بعد إليها
والفتح ياتيك على عجل / يسوق رؤسهم على العجل
الفحص مولاي ما ملح / الخضر والطل والزهر
والوقت للفرح ما صلح / والحسن هو اوفبه ظهر
والطير فالدوح ما فصح / غناه على العود قد اشتهر
والورق الخضر عن كلكل / والزهر في عطفها حلل