المجموع : 6
بدا وقامته تختال بالتِّيه
بدا وقامته تختال بالتِّيه / فأيُّ شمس على رمحٍ تحاكيه
وقمتُ أذكره بالظبيِ ملتفتاً / فقالَ لي طرفهُ من غير تشبيه
أغنّ يبعد مشتاقاً ويرشقهُ / باللَّحظِ فهو على الحالين يرميه
ما للذي فتنت قلبي محاسنهُ / أضحى يعذِّب روحي وهي تفديه
وما لعاذل قلبي في محبَّته / تعبان يدخل فيما ليسَ يعنيه
ألفاظه الريح لكن في الحشا لهب / وربَّما كانَ مرّ الريح يُذكيه
والقلب قد أشكر الله الحبيب بهِ / فما الملام على حالي بمخليه
لا يختشي بيت قلبي غزوَ لائمه / فإنَّ للبيتِ ربًّا سوف يحميه
يا ثاني العطف من تيهٍ ومن غضبٍ / حتَّى كأنيَ قلت الغصن ثانيه
خفض قلاك وعلَّلني بوعدِ لقا / وخلّ عمري يقضي في تقاضيه
وابعث خيالاً تراني منه في جدلٍ / فالروح تثبته والجسم ينفيه
هيهات طال سهادي في هواك فلا / طيف أراه ولا سقم أواريه
أحيي اللياليَ تِسهاداً فيا لفتىً / يميته الليل حزناً وهوَ يحييه
لو كانَ للَّيلِ سلطان كما زعموا / لكانَ ينصف جفني من تشكِّيه
سقياً لوصلك والأيام عاطفة / تردُّ دمع المعنَّى من مآقيه
وصل تكنَّف روحي بعد ما جهدت / كمل تكنَّف دين الله محيِّيه
حامي حمى الملك بالأقلام مشرعة / على المنى والمنايا حول واديه
لو ألقيت كعصا موسى على حجرٍ / نفجَّر الماء من أقصى نواحيه
جاءت بيحيى معاليه مبشراً / فصدَّقت يده بشرى معاليه
يدٌ بأصلِ نداها فرع كلّ ندى / كالبحر ناقلة عنهُ سواقيه
سارت وراءَ خباها السحب وادعة / لا تأخذ الماء إلا من مجاريه
يا محسن الظنّ هذا نحو أنعمه / بمفرد الفضل قد نادى مناديه
يمَّم مغانيَهُ بالقصدِ محتكماً / إنَّ الغنى اشْتقَّ فينا من مغانيه
ذاك الذي يستمدُّ النيل أنعمه / فما الأصابع إلا من أياديه
حوت كنانة سهماً من براعته / لا تعرف اليمن إلا حينَ تحويه
بكفٍّ زاكي السجايا إن برى قلماً / يكاد ينطقُ تمجيداً لباريه
ذو السؤدد المحض لا طود يجاذبه / ثوب الوقار ولا نجم يساميه
ماضي شبا العزم كم حالٍ به علقت / تعلُّق الحال من فعلٍ بماضيه
في بيت فضلٍ على الجوزاء مرتفع / تعنو القصائد عن أدنى مبانيه
لم ندرِ ما فيه من وصفٍ فنحصره / وصاحب البيت أدرَى بالذي فيه
بيت ليحيى من الفاروق متَّصل / بخٍ لماضيه من بيتٍ وباقيه
قلْ للذي نهضت للمجدِ همَّتهُ / ضاهى السماك ويحيى لا يضاهيه
إنَّ السيادة قد نضَّت سوالفها / لواحد العصر يصبيها وتصبيه
مقسم الدين والدنيا على شيمٍ / قد أتْعبت في المعالي من يجاريه
أيامهُ للعلى والمجد قائمة / وللعفاف وللتقوى لياليه
ما زالَ يعمل آراء وأدعية / حتَّى اسْتوى الملك في أعلى صياصيه
واسْتوثق العدل في الدنيا فليسَ بها / جانٍ سوى راتع في الروضِ يجنيه
يا من له الفضل باديه وحاضرهُ / ومن لهُ القصد دانيه وقاصيه
دين الرجا قد تناهت لي مطالبهُ / على الزمانِ ولكن أنتَ قاضيه
أدعوك دعوة شاكي الحال معتقد / أن ليسَ غيركَ بعد الله يشكيه
إن لم تراع برأيٍ منك مقصده / يا ابن السراة فقل لي من تراعيه
في نظرةٍ منك تأميلي ومفترجي / ولفظة منك تنويلي وتنويهي
أقول والدمع قد سارتْ ركائبهُ / إلى حماكَ وقد طافتْ أمانيه
هذا نباتيُّ لفظٍ يشتكي عطشاً / لعلَّ أفقك بالأنواء يسقيه
نعم وهذا مقالٌ داثرٌ فعسى / يا من له قلم الإنشاء تنشيه
ما للندى لا يلبِّي صوت داعيه
ما للندى لا يلبِّي صوت داعيه / أظنَّ أنَّ ابن شاد قامَ ناعيه
ما للرجاءِ قد اشْتدَّت مذاهبه / ما للزمانِ قد اسْودَّت نواحيه
ما لي أرى الملك قد فضَّت مواقفه / ما لي أرى الوفد قد فاضت مآقيه
نعى المؤيدُ ناعيه فيا أسفي / للغيثِ كيف غدت عنَّا غواديه
واروعتا لصباحٍ عند رؤيته / أظنُّ أنَّ صباح الحشر ثانيه
واحسرتاه لنظمِي في مدائحه / كيفَ اسْتحالَ لنظمي في مراثيه
أبكيه بالدُّرِّ من جفني ومن كلمي / والبحر أحسن ما بالدُّرِّ أبكيه
أروي بدمعِي ثرى ملك له شيمٌ / قد كانَ يذكرها الصَّادِي فترويه
أذيل ماء جفوني بعدهُ أسفاً / لماء وجهي الذي قد كانَ يحميه
جادٍ من الدمعِ لا ينفكُّ يطلقهُ / من كانَ يطلقُ بالإنعامِ جاديه
ومهجة كلَّما فاهت بلوعتها / قالت رزيَّة مولاها لها إيه
ليتَ المؤيد لا زالت عوارفه / فزاد قلب المعنَّى في تلظِّيه
ليت الحمام حبا الأيام موهبةً / فكانَ يفني بني الدنيا ويبقيه
ليتَ الأصاغر تفدى الأكبرون بها / فكانت الشهب في الآفاقِ تفديه
أعزز عليَّ بأن ألقى عوارفه / ملءَ الزمان وإنِّي لا ألاقيه
أعزز عليَّ بأن تبلى شمائله / تحتَ التراب وما تبلى أياديه
أعزز عليَّ بأن ترعى النجوم على / سرحٍ من الملك قد خلاَّهُ راعيه
هلاّ بغيرِ عماد الدِّين حادثة / ألقت رداه وأوهت من مبانيه
هلاّ ثنى الدهر غرباً عن محاسنِهِ / فكان كوكب سعدٍ في لياليه
ترى درى الدهر مقدار الذي فقدت / من فيضِ أدمعه أحوال أهليه
ترى درى الدهر ما معزى سماحته / فجاءَ مهجته في زيِّ عافيه
لا أعتب الزمن المودي بسيِّدهِ / يكفيه ما قد تولَّى عنه يكفيه
لهفي وهل نافعي لهفي على ملكٍ / بات الغمامُ على الآفاقِ يبكيه
لهفي وهل نافعي لهفي على ملكٍ / كسى الزمان حداداً من دياجيه
لهفي على الملك قد أهوت سناجقه / إلى التراب وقد حُطَّت غواشيه
لهفي على الخيلِ قد وفَّت صواهلها / حقّ العزا فهو يشجيها وتشجيه
لهفي على ذلك السلطان حينَ قضى / من الحمام عليهِ حكمُ قاضيه
لهفي عليهِ لممتار ومطَّلب / بالمالِ يقريه أو بالعلم يقريه
لهفي عليهِ لجودٍ كانَ يعجبه / فيه الملام كأنَّ اللَّوم يغريه
لهفي عليهِ ابن عليّ من ذخائرِهِ / إلا ثناً أضحتْ الدنيا تواليه
لهفي عليهِ لحلمٍ كانَ يبسطهُ / على العفاةِ ومدحٍ كانَ يجنيه
كانَ المديح له عرساً بدولتِهِ / فأحسن الله للشعرِ العزا فيه
كانَ الفقير إذا أمرَ الزمان بغى / عليه قامَ إلى السلطانِ يُنهيه
كانَ المؤيد في يومي ندى وردَى / غيثاً لراجيه أو غوثاً للاجيه
تروى صحاح القضايا عن براعتِهِ / والنصر في الحربِ يروي عن عواليه
من للعلومِ وللأعلامِ ينشرها / وللوغَى ورداء الخوف يطويه
من للكسيرِ من الأهوالِ يجبرهُ / وللطريدِ من الأيامِ يأويه
من للتصانيفِ أمثال الكواكب في / ليلِ المداد لساري الفكر يهديه
مضَى وقد كانَ عضباً للزمانِ فيا / لهفي على مغمدٍ في التربِ ماضيه
لو أمكنَ الصبر عنهُ ما أنستُ به / فكيفَ والحزنُ من أحشاي ينعيه
آهاً لأحمر دمعٍ بعد أشهبه / أجراهُ حتَّى لقد أفناه مجريه
أفنى المؤيد تبر الدمع من بصرِي / وتلكَ عادته في التبرِ يفنيه
كيفَ السلوُّ وحولِي من صنائعه / ما يمنع الصخر من أدنى تسلّيه
هذي حماة أغصَّ الهمُّ وادِيها / وطاوعَ الحزن فيه دمع عاصيه
كأنَّه اسْتشعر الأحزان من قدمٍ / فللنواعيرِ نوح في نواحيه
هذي المنازل والدنيا معطلة / كأنها اللفظ خالٍ من معانيه
جادَ الحيا قبرهُ الزاكي فلا برحت / سحائب العفو والرضوان تسقيه
نعم السحائب تسقي صوب وابلها / نعم الضريح ونعم المرء ثاويه
مهنَّأ بجنانِ الخلد دانيه / ونحنُ نصلى بنارٍ من تنائيه
من كانَ يتعب في المعروف راحته / فهو المنى بترحيبٍ وترفيه
يا آل أيوب صبراً إنَّ إرثكمو / من اسم أيوب صبر كانَ ينجيه
هي المنايا على الأقوامِ دائرة / كلٌّ سيأتيه منها دورُ ساقيه
هيَ المقادير هذا الأصل تنزعه / بعد النموِّ وهذا الفرع تنميه
كأنني بسليلِ المكرمات وقد / سعى بحقِّ تراث الملك ساعيه
محمد وهو اسمٌ عنه مشتهر / ولى به بيت إسماعيل ينشيه
يا ناصر الدِّين أنتَ الملك قد قرأت / علائم الملك فيه عين رائيه
ومن أبيكَ تعلَّمت الثباتَ فما / تحتاج تذكُّر أمراً أنتَ تدريه
لا تخشَ بيتكَ أن يلوِي الزمان بهِ / فإنَّ للبيتِ ربًّا سوفَ يحميه
لو أنَّ شكوى الأسى يا عزّ يغنيه
لو أنَّ شكوى الأسى يا عزّ يغنيه / لكانَ بثّ لسان الدمع يكفيه
فيا له دمع عين كلّ غاديه / لا تأخذ الماء إلاَّ من مجارِيه
كأنَّ جود علاء الدِّين صارَ لهُ / رواية فهو يرويها وترويه
ذو اللفظ والفضل لو قالَ البحار طمت / قالت فواضله من غير تشبيه
يا من أطارح منك البيت أسكنهُ / آوي إليه كما أرضى وأنشيه
ما أحسن البيت من نعماك أسكنهُ / بكلِّ بيتٍ من الأمداح يعنيه
مثلي ومثلك يدرِي فضل ذاك وذا / وصاحب البيت أدرَى بالذي فيه
الحمد لله كلّ وقت
الحمد لله كلّ وقت / بقربِ مخدومنا هنيّ
هنَّى دمشق وساكنيها ال / غيث والقادم الوفيّ
إن جاءَ وسميّها سريعاً / فالآن قد جاءَها الوليّ
مرآتكَ العقل كلّ وقت
مرآتكَ العقل كلّ وقت / تريكَ من نفسِكَ الخفايا
فلا تحكِّم هواك فيها / إنَّ الهوَى يصدئ المرايا
قالوا وقد زدتني برًّا وتكرمةً
قالوا وقد زدتني برًّا وتكرمةً / يا خير من لندَى كفّ أناديهِ
ماذا قبضت نهار العشر قلتُ لهم / قبضتُ ميقاتَ موسى من أياديهِ