القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِيليا أَبو ماضي الكل
المجموع : 5
خذ ما استطعت من الدنيا و أهليها
خذ ما استطعت من الدنيا و أهليها / لكن تعلّم قليلا كيف تعطيها
كم وردة طيبها حتّى لسارقها / لا دمنه خبثها حتّى لساقيها
أكان في الكون نور تستضيء به / لو السماء طوت عنّا دراريها
أو كان في الأرض أزهار لها أرج / لو كانت الأرض لا تبدي أقاحيها ؟
إن الطيور الدمى سيّان في نظري / و الورق إن حبست هذي أغانيها
إن كانت النفس لا تبدو محاسنها / في اليسر صار غناها من مخازيها
يا عابد المال قل لي هل وجدت به / روحا تؤانسك أو روحا تؤاسيها
حتامَ يا صاحِ تخفيه و تضمره / كأنّما هو سوءات تواريها ؟
و تحرم النفس لذات لها خلقت / و لم تصاحبك يا هذا لتؤذيها
أنظر إلى الماء إنّ البذل شيمته / يأتي الحقول فيرويها و يحميها
فما تعكّر إلاّ و هوم منحبس / و النفس كالماء تحكيه و يحكيها
ألسجن للماء يؤذيه و يفسده / و السجن للنفس يؤذيها و يضنيها
و انظر إلى النار إنّ الفتك عادتها / لكنّ عادتها الشنعاء ترديها
تفني القرى و المغاني ضاحكة / لجهلها أنّ ما تفنيه يفنيها
أرسلت قولي تمثيلا و تشبيها / لعلّ في القول تذكيرا و تنبيها
لا شيء يدرك في الدنيا بلا تعب / من اشتهى الخمر فليزرع دواليهال
صبرا على هجرنا إن كان يرضيها
صبرا على هجرنا إن كان يرضيها / غير المليحة مملول تجنّيها
فالوصل أجمله ما كان بعد نوى / و الشمس بعد الدّجى أشهى لرائيها
أسلمت للسّهد طرفي و الضّنى بدني / إنّ الصبابة لا يرجى تلاقيها
إنّ النساء إذا أمرضن نفس فتى / فليس غير تدانيهنّ يشفيها
فاحذر من الحبّ إنّ الريح خفيت / لولا غرام عظيم مختف فيهعا
يمضي الصفاء و يبقى بعده أثر / في النفس يؤلمها طورا و يشجيها
مرّت ليال بنا كان أجملها / تمّت فما شانها إلاّ تلاشيها
تلك اللّيالي أرجو تذكّرها / خوف العناء و لا أخشى تناسيها
أصبو إليها و أصبو كلّما ذكرن / عندي اشتياقا إلى مصر و أهليها
أرض سماء سواها دونها شرفا / فلا سماء و لا أرض تحاكيها
رقّت حواشيها و اخضرّ جانبها / و أجمل الأرض ما رقت حواشيها
كأنّ أهرامها الأطواد باذخة / هذي إلى جنبها الأخرى تساميها
و نيلها العذب ما أحلى مناظره / و الشّمس تكسوه تبرا في تواريها
كأنّها كعبة حجّ الأنام لها / لولا التقى قلت فيها جلّ بانيها
و ما أحيلى الجواري الماخرات به / تقلّ من أإرضه أحلى جواريها
من كلّ الوجه يغرينا تبسّمها / إن نجتديها و يثنينا تثنيها
و ناهد حجبت عن كلّ ذي بصر / حشاشتي خدرها و القلب ناديها
فقي كلّ جارحة منّي لها أثر / " و الدار صاحبها أدرى بما فيها "
و في الكواكب جزء من محاسنها / و في الجآذر جزء من معانيها
يمّميتها و نجوم الأفق تلحظني / في السير شذرا كأنّي من أعاديها
كادت تساقط غيظا عندما علمت / أنّي أؤم التي بالنفس أفديها
أسرى إليها و جنح اللّيل مضطرب / كأنّه مشفق أن لا ألاقيها
و الشوق يدفعني و الخوف يدفعني / هذا إليها و هذا عن مغانيها
أطوي الدّياجي و تطويني على جزع / تخشى افتضاحي و أخشى الصّبح يطويهعا
فما بلغت مغاني من شغف بها / إلاّ وقد بلغت نفسي تراقيها
هناك ألقيت رحلي و انتحيت إلى / خود يرى الدّمية الحسناء رائيها
بيض ترائبها سود ذوابيها / زجّ حواجبها كحل مآقيها
نهودها من ثنايا الثوب بارزة / كأنّها تشتكي ممّا بولريها
و الثوب قد ضاق عن إخفائها فنبا / عنها فيا ليتني برد لأحميها
و تحت ذلك خصر يستقلّ به / دعص ترجرج حتّى كاد يلفيها
قامت تصافحني و الرّدف يمنعها / و الوجد يدفعها و القدّ يثنيها
دهشت حتّى كأنّي قطّ لم أرها / و كدت و الله أنسى أن أحيّيها
باتت تكلّمني منها لواحظها / بما تكنّ و أجفاني تناجيها
حتّى بدا الفجر و اعتلّت نسائمه / و كاد ينشر أسراري و يفشيها
بكت دموعا و أبكتني الدموع دما / ورحت أكتم أشياء و تبديها
كأنّها شعرت في بعدنال أبدا / فأكثرت من وداعي عند واديها
فما تعزّت بأن الدّهر يجمعنا / يوما و لا فرحت أنّي أمنيها
تقول و الدمع مثل الطلّ منتثر / على خدود خشيت الدّمع يدميها
و الهف نفسي على أنس بلا كدر / ترى تنال من الدنيا أمانيها ؟
فقلت صبرا على كيد الزمان لنا / فكلّ حافر بئر واقع فيها
يا جنّة قبلما حلّت بها قدمي
يا جنّة قبلما حلّت بها قدمي / أحببتها قصّة و اشتقت زاويها
كانت لها صورة في النفس حائرة / مثل القصيدة لم تنسج قوافيها
وددت لو أنّها تمّت فيبصرها / غيري و تسكره مثلي معانيها
و كيف تكمل في ذهني و لم أرها / و ما لصورتها شيء يحاكيها ؟
و أيّما نغمة أدّى عذوبتها / كلام راو و لا شاد يغنّيها
أأنشق العطر لم أهبط خمائلها ؟ / و أشرب السحر لم أسمع قماريها ؟
و تصعد النفس منّي للسماء و لا / حبال نور تدلّت من دراريها ؟
كانت سعادة نفسي في تصوّرها / و النفس يسعدها وهم و يشقيها
بالوهم توجد دنيا لا وجود لها / و تنطوي عنك دنيا أنت رائيها
فكم ظمئت و في روحي جداولها / و كم رويت و غيري في سواقيها
قد كنت من قبل مثل الناس كلّهم / أقول إنّ إله الكون باريها
حتّى نظرت إليها في جلالتها / فصار كلّ يقيني أنّه فيها !
لمّا رأيت الجمال الحقّ أدركني / زهد بكلّ جمال كان تمويها
كأنّما الحور مرّت في شواطئها / في ليلة طفلة رقّت حواشيها
ففي الرمال سناء من تضاحكها / و في المياه أريج من أغانيها
أتيتها بشباب ضاع أكثره / و غيّبته اللّيالي في مطاويها
فاسترجع الحبّ قلبي فهو مغتبط / و عادت الروح خضراء أمانيها
سئلت ما راق نفسي من محاسنها ؟ / فقلت للناس : باديها و خافيها
و ما حببت من الأشجار ؟ قلت لهم : / إنّي افتتنت بكاسيها و عاريها
و ما هويت من الأزهار ؟ قلت لهم : / ألحبّ عندي لناميها و ذاويها
قالوا : و ما تتمنّى ؟ قلت مبتدرا : / يا ليتني طائر أو زهرة فيها
فربّ أنشودة من بلبل غرد / حوت حكاية حبّ خفت أحكيها
وربّ روح كروحي في بنفسجة / و سنى أطلّت على روحي تناجيها
وربّ قطره ماء لا غناء بها / شاهدت مصرع دنيا في تلاشيها
كلّ الذي لاح في أرضها حسن / و أحسن الكلّ في عيني أهاليها
إلاّ ذوو السحن السوداء واعجبا / أجنّة و ذباب في نواحيها ؟
إنّي ليكبت روحي أن ألاحظهم / بمقلة أبصرت فيها غوانيها
دع المساويء في الدنيا فما برحت / فيها محاسن تنسينا مساويها
كم حاول اللّيل أن يطوي كواكبه / فكان ينشرها من حيث يطويها
واذكر أكارم قوم عنصرهم / و أشبهوا بسجاياهم أقاحيها
بني بلادي ! و فيكم من خمائلها / جمالها و التّسامي من روابيها
تسلّت النفس عن أحبابها بكم / لولاكم لم يكن شيء يسلّيها
أكرمتموني فشكرا غير منقطع / دوام شكرك للنعماء يبقيها
يا أيّها الشعر أسعفني فأرثيه
يا أيّها الشعر أسعفني فأرثيه / و يا دموع أعينيني فأبكيه
بحثت لي عن معزّ يوم مصرعه / فلم أجد غير محزون أعزّيه
و ما سألت امرءا فيما تفجّعه / إلاّ و جاوب - " إنّي من محبّيه "
كأنّما كلّ إنسان أضاع أخا / أو انطوت فجأة دنيا أمانيه
فذا أساه لهيب في أضالعه / و ذا أساه دموع في مآقيه
فهل درى أيّ سهم في قلوب رمى / لما نعاه إلى الأسماع ناعيه ؟
يا شاعر الحسن هذا الروض قد طلعت / فيه الرياحين و افترّت أقاحيه
و شاع " أيّار " عطرا في جوانبه / و نضرة و اخضرارا في روابيه
فأين شعرك يسري من نسائمه ؟ / و أين سحرك يجري في سواقيه ؟
هجرته فامّحت منه بشاشته / مات الهوى فيه لمّا مات شادية
أغنى عن الدّرّ في القيعان مختبئا / درّ يساقطه الحدّدا من فيه
و كان للسحر تأثيره فأبطله / بالسحر يجري حلالا في قوافيه
بلاغة " المتنبّي " في مدائحه / و دمع " خنساء صخر " في مراثيه
لا يعذّب الشعر إلاّ حين ينظمه / أو حين ينشده أو حين يرونه
و يا طبيبا يداوي الناس مع علل / داء الأسى اليوم فيهم من يداويه ؟
أمسى الذي كان يشجينا و يطربنا / لا شيء يطربه لا شيء يشجيه
لقد تساوى لديه شدو ساجعة / و صوت نائحة في الحيّ تبكيه
صارت لياليه نوما غير منقطع / و لم تكن هكذا قبلا لياليه
قد كان نبراسنا في المعضلات إذا / ما ليلها جنّ واربدّت نواصيه
فمن لنا في غد إن أزمة عرضت / و ليس فينا أخو حزم يضاهيه
من للحزين يواسيه و يسعده / و للمريض يداويه فيشفيه
يا قائد القوم إن تسأل فإنّهم / باتوا حيارى كإسرائيل في التيه
لمّا رأوك مسجّى بينهم علموا / ما العيش غير أخاييل و تمويه
يا رزق قلبي عليك اليوم منفطر / و كلّ قلب كقلبي في تشطّيه
لم يحو نعشك جسما لا حراك به / بل أنت آمالنا موضوعة فيه
غدا يواريك عن أبصارنا جدث / لكنّ فضلك لا شيء يواريه
أنشودة في ضميري كم أواريها
أنشودة في ضميري كم أواريها / و ما شقائي إلاّ أن أغنّيها
ولّى الشتاء و نفسي في كآبتها / و استضحك الصّيف إلاّ في نواحيها
كأنّها زهرة في الظّلّ ثابته / لانور يغمرها لا ماء يسقيها
كأنّها الحرب في قلبي زلالها / و بعض أهلي أقوام تعانيها
حكاية أتقلّى حين أسمعها / و يأكل الحزن قلبي حين أرويها
وا رحمتاه لأوربا فما فتكت / أفعى بأفعى كأهليها بأهليها
لم يبق غير الضواري في خلائقها / و من حضارتها إلاّ مخازيها
كانت تعدّ الدواهي في مصانعها / لغيرها فأصابتها دواهيها
و كلّ طابخ سمّ سوف يأكله / و كلّ حافر بئر واقع فيها
لو دام أيمانا لم تنطلق سقر / بدورها و الأفاعي في مغانيها
لكن أكبّت على الآلات تعبّدها / و تستعين بها من دون باريها
فصار مالكها عبدا لسلطتها / و صار كلّ لاضعيف من أضاحيها
وصارأنسانها للحلب آونة / و الذّبح مثل المواشي في مراعيها
يا نفس سرّي و يا أنشودتي انطلقي / من علّم الصمت إنّ الصمت يؤذيها
أيشرق الأفق لم يطلق كواكبه / و تجمل الأرض لم تخرج أقاحيها
أليوم يوم القوافي تهفين بها / لا يشرب النالس خمرا لم تصبّيها
هذا هو العيد قد لاحت مواكبه / يا قلب هلّل لها يا شعر حيّيها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025