خُذوا لقلبي أماناً من تجنّيهِ
خُذوا لقلبي أماناً من تجنّيهِ / فما به من لهيبِ الوجدِ يكفيهِ
أعشى عليه ضِراماً بات يُلهِبهُ / بخاطري وهو عندي ساكنٌ فيه
علِقْتُ منه ببدرٍ في محاسنِه / فمُقلَتي بجفونِ السُحْبِ تبْكيهِ
مَنْ لي وأملكُ بي مني لواحظُه / بأنْ أقولَ بنفسي اليومَ أفديهِ
القربُ والبُعْدُ أوصافٌ تُلازمهُ / فالتّيهُ يُبعدُه والحبُّ يُدْنيهِ
أهوى المُدامَ أدارتْها مراشفُهُ / وأعشقُ الغُصْنَ أهداهُ تثنّيهِ
كم أكتمُ الحبَّ والأشجانُ تُظْهِرُهُ / وأنشُرُ الصّبْر والتّبريحُ يَطويهِ
هو الحفاظُ وإن لم أخشَ عاديةً / أفي أحاشِيهِ أن يُصغي لواشيهِ
يا قاتلَ الله عينيهِ فكمْ فتكَتْ / صبّاً بواديْهِ لم يظفَرْ بواديهِ
حلّ الحِمى فتحلّى باسمِ منزلِه / وعُطِّلتْ من معانيهِ مَغانِيهِ
ربْعٌ أيادي الرياحِ الهوجِ تهدِمُه / والحبُّ بين ضلوعِ الصّبِّ يَبْنيهِ
إن أسقَتْهُ الليالي بعدَ صحّتهِ / فهو الدّواءُ لمن أعيى تَداويهِ
وبيتُ حُبٍّ دعانا للطّوافِ به / فلستَ تسمعُ إلا من يُلبّيهِ
إذ لا جُمارَ سوى دمعي فأقذِفُها / ولا هديَّ سوى قلبي فأُهديهِ
ركبتُ ظهرَ غرامي نحوَهُ فسَرى / والشوقُ هاديهِ والتّبريحُ حاديهِ
حتى علِقْتُ بأستارِ الجمالِ به / وقلتُ رُحماكَ يا مستعذِبَ التّيهِ
هل منكَ في عرَفاتِ الحسنِ عرْفُ جدًى / أو في مِنى الطّرفِ من منٍّ أرجّيهِ
عجبتُ من مستَميحِ الباخلينَ ندىً / وغيثُ أحمدَ قد سحّتْ عزاليهِ
الحافظُ الدّينَ والحامي مسارحَهُ / والحارسُ الفضلَ والكالي نواحيهِ
فالشرْعُ أزهرُ مصقولٌ جوانبُه / والدّينُ أخضرُ مطلولٌ مراعِيهِ
أغرُّ يصدعُ بالعلم اليقينِ حشى / ما أحدثَ الناسُ من جهلٍ وتمويهِ
ما زال يبسطُ والأيامُ قابضةٌ / ويُرتَجى في دُجى خطبٍ فيُرْجيهِ
يُعدي الأعادي على أموالِه كرَماً / وينثَني فيعفّي فقرَ عافيهِ
فما تستّرُ عن مدحٍ مناقبهُ / ولا تجرّدُ عن حمدٍ مساعِيهِ
حسبُ الشريعةِ أنّ الله شيّدَها / بمَنْ أقرّ بما فيه مُنافيه
بحافظٍ ما تجلّى صُبْحَ مكرمةٍ / إلا انْجَلى من ظلامِ الشّكّ داجيهِ
يروي فيُروى غليلُ الدين من حصَرٍ / أدناهُ نقلاً وقد شطّتْ مراميهِ
كم مُقفَلٍ ضلّ فيه العقلُ فانفرجَتْ / أرجاؤه لحجاهُ عن معانيهِ
وموبَقٍ قد سقاهُ غيثَ فِطنتِه / مُزناً أيادي رياحِ الفكرِ تمريهِ
ومجدِبِ العيش وافى منه ذا كرَمٍ / يُميتُ جدْواهُ والأشعارُ تُحيْييهِ
وناظمٍ دُرَّ شعرٍ منه أحرزه / يُعينه بمَعانيهِ ويُغنيهِ
كالبحرِ والكافُ إن أنصفتَ زائدةٌ / فيه فلا تحسَبْنَها كافَ تَشبيهِ
يا حافظاً نال أقصى الفضلِ ممتَطِياً / مطّاً من العزمِ يُنضيهِ ويُمْضيهِ
إذا تصرّمَ عامٌ أنت عامرُه / فكلُّ أيامِه عيدٌ لنا فيهِ