المجموع : 5
مَا لِي وَلِلدَّارِ مِنْ لَيْلَى أُحَيِّيهَا
مَا لِي وَلِلدَّارِ مِنْ لَيْلَى أُحَيِّيهَا / وَقَدْ خَلَتْ مِنْ غَوَانِيهَا مَغَانِيهَا
دَعِ الدِّيَارَ لِقَوْمٍ يَكْلَفُونَ بِهَا / وَاعْكُفْ عَلَى حَانَةٍ كَالْبَدْرِ سَاقِيهَا
كَمْ بَيْنَ دَاثِرَةٍ أَقْوَتْ مَعَالِمُهَا / وَبَيْنَ عَامِرَةٍ تَزْهُو بِمَنْ فِيهَا
هَيْهَاتَ مَا الدَّارُ تُشْجِينِي بِسَاحَتِهَا / وَإِنَّمَا الدَّارُ تُشْجِينِي بِأَهْلِيهَا
فَخَلِّ هَذَا وَخُذْ فِي وَصْفِ غَانِيَةٍ / سَرَتْ بِحُلْوَانَ فِي قَلْبِي سَوَارِيهَا
رَيَّانَةُ الْقَدِّ لَوْ أَنَّ الضَّجِيعَ لَهَا / خَافَ الْعُيُونَ عَلَيْهَا كَادَ يَطْوِيهَا
فِي نَشْوَةِ الْخَمْرِ سِرٌّ مِنْ مَرَاشِفِهَا / وَفِي الأَرَاكَةِ شَكْلٌ مِنْ تَهَادِيهَا
يَا لَيْلَةً بِتُّ أُسْقَى مِنْ بَنَانَتِهَا / وَمِنْ لَوَاحِظِهَا خَمْراً وَمِنْ فِيهَا
أَحْيَيْتُهَا وَأَمَتُّ النَّوْمَ مُعْتَصِماً / بِلَذَّةٍ لا يَكَادُ الدَّهْرُ يُنْسِيهَا
حَتَّى إِذَا رَفَّ خَيْطُ الْفَجْرِ وَابْتَدَرَتْ / حَمَائِمُ الأَيْكِ تَشْدُو فِي أَغَانِيهَا
قَامَتْ تَمَايَلُ سَكْرَى فِي مَآزِرِهَا / وَالرَّوْعُ يَبْعَثُهَا طَوْرَاً وَيَثْنِيهَا
تَخْشَى الضِّيَاءَ وَفِي أَزْرَارِهَا قَمَرٌ / يَسْتَوْقِفُ الْعَيْنَ حَيْرَى فِي مَجَارِيهَا
ثُمَّ انْثَنَتْ وَيَدِي قَيْدٌ لِخَاصِرَةٍ / كَالْخَيْزُرَانَةِ رَيّا فِي تَثَنِّيهَا
فِي بُلْجَةٍ لا تَكَادُ الْعَيْنُ تُنْكِرُهَا / وَسُمْرَةٍ رُبَّمَا شَفَّتْ نَوَاحِيهَا
حَتَّى تَجَاوَزْتُ أَحْرَاساً عَلَى شَرَفٍ / يَكَادُ يَمْنَعُ هَمَّ النَّفْسِ دَاعِيهَا
وَحَرَّكَتْ حَلَقَاتِ الْبَابِ فَانْفَتَحَتْ / عَنْ سَاحَةٍ سَكَنَتْ فِيهَا تَرَاقِيهَا
فَعُدْتُ وَالْعَيْنُ غَرْقَى فِي مَدَامِعِهَا / وَالْقَلْبُ فِي لَوْعَةٍ تَنْزُو نَوَازِيهَا
فَيَا لَهَا لَيْلَةً كَانَتْ بِوُصْلَتِهَا / تَارِيخَ لَهْوٍ يَهِيجُ النَّفْسَ رَاوِيهَا
وَمَسْرَحٍ لِسِوَامِ الْعَيْنِ لَيْسَ لَهُ
وَمَسْرَحٍ لِسِوَامِ الْعَيْنِ لَيْسَ لَهُ / فِي عَالَمِ الظَّنِّ تَقْدِيرٌ وَلا شَبَهُ
بَاكَرْتُهُ سُحْرَةً وَالشَّمْسُ نَاعِسَةٌ / فِي خِدْرِهَا وَحَمَامُ الأَيْكِ مُنْتَبِهُ
وَلِلْغَمَائِمِ بَيْنَ الأُفْقِ مُنْسَحَبٌ / وَلِلنَّسَائِمِ نَحْوَ الرَّوْضِ مُتَّجَهُ
وَالْجَوُّ فِي حُلَّةٍ دَكْنَاءَ مَازَجَهَا / خَيْطٌ مِنَ الْفَجْرِ يَبْدُو ثُمَّ يَشْتَبِهُ
فَالنُّورُ مُنْقَبِضٌ وَالظِّلُّ مُنْبَسِطٌ / وَالطَّيْرُ مُنْشَرِحٌ وَالْجَوُّ مُدَّلِهُ
مَنَاظِرٌ لَوْ رَأَى بَهْزَادُ صُورَتَهَا / لاعْتَادَهُ مِنْ تَمَادِي الْحَيْرَةِ الْبَلَهُ
كَأَنَّمَا الدَّوْحُ قَصْرٌ وَالْحَمَامُ بِهِ / سِرْبٌ مِنَ الْغِيدِ بِالأَلْحَانِ تَبْتَدِهُ
طَوْرَاً تُغَنِّي وَأَحْيَانَاً تَنُوُحُ فَمَا / ذَاكَ الْغِنَا وَهَذَا النَّوْحُ وَالْوَلَهُ
كَأَنَّمَا الأَوْرَقُ الْغِرِّيدُ حِينَ شَدَا / فِي سُرْبَةِ الإِنْسِ مِنْهَا شَارِبٌ فَكِهُ
شَارَفْتُ سَاحَتَهَا فِي فِتْيَةٍ أَلِفُوا / صِدْقَ الْوِدَادِ فَلَمْ تَعْرِضْ لَهُمْ شُبَهُ
مُوَقَّرُونَ كِرَامٌ لا يَخِفُّ بِهِمْ / طَيْشٌ وَلَمْ يَجْرِ فِي أَخْلاقِهِمْ سَفَهُ
مِنْ كُلِّ مَاضِي الشَّبَا وَالرَّوْعُ مُحْتَدِمٌ / وَمُسْتَنِيرِ الْحِجَا وَالأَمْرُ مُشْتَبِهُ
إِنْ حَدَّثُوا مَلأُوا الأَسْمَاعَ مِنْ أَدَبٍ / هُمْ أَهْلُهُ وَإِذَا مَا أَنْصَتُوا فَقِهُوا
شَرَابُنَا صَفْوُ مَاءٍ لا يُمَازِجُهُ / إِلَّا حَدِيثٌ كَنُوَّارِ الرُّبَى نَزِهُ
فَإِنْ يَكُنْ فِي عَفَافِ النَّفْسِ مَحْمَدَةٌ / لَهَا فَفِي مثْلِ هَذَا يَحْسُنُ الشَّرَهُ
سَلْ مَالِكَ الْمُلْكِ فَهْوَ الآمِرُ النَّاهِي
سَلْ مَالِكَ الْمُلْكِ فَهْوَ الآمِرُ النَّاهِي / وَلا تَخَفْ عَادِياً فَالْحُكْمُ لِلَّهِ
هُوَ الَّذِي يَنْعشُ الْمَظلومَ إِنْ عَلِقَتْ / بِهِ الرَّزَايَا وَيَجْزِي كُلَّ تَيَّاهِ
فَاسْجُدْ لَهُ وَاقْتَرِبْ تَبْلُغْ بِطَاعَتِهِ / مَا شِئْتَ فِي الدَّهْرِ مِنْ عِزٍّ وَمِنْ جَاهِ
يَا رَبُّ قَدْ طَالَ بِي شَوْقِي إِلَى وَطَنِي / فَاحْلُلْ وَثَاقِي وَأَلْحِقْنِي بِأَشْبَاهِي
وَامْنُنْ عَلَيَّ بِفَضْلٍ مِنْكَ يَعْصِمُنِي / مِنْ كُلِّ سُوءٍ فَإِنِّي عَاجِزُ وَاهِي
هذَا دُعَائِي وَحَسْبِي أَنْتَ مِنْ حَكَمٍ / يَعْنُو لَهُ كلُّ شَاهٍ أَوْ شَهِنْشَاهِ
جُدْ بِالنَّوَالِ فَرِزْقُ اللَّهِ مُتَّصِلٌ
جُدْ بِالنَّوَالِ فَرِزْقُ اللَّهِ مُتَّصِلٌ / وَلا تَكُنْ عَنْ صَنِيعِ الْخَيْرِ بِاللاهِي
فَالْبُخْلُ وَالْجُبْنُ فِي الإِنْسَانِ مَنْقَصَةٌ / لَمْ يَجْنِهَا غَيْرُ سُوءِ الظَّنِّ بِاللَّهِ
لِمُصْطَفَى صَادِقٍ فِي الشِّعْرِ مَنْزِلَةٌ
لِمُصْطَفَى صَادِقٍ فِي الشِّعْرِ مَنْزِلَةٌ / أَمْسَى يُعَادِيهِ فِيهَا مَنْ يُصَافِيهِ
صَاغَ الْقَرِيضَ بِإِتْقَانٍ فَلَوْ تُلِيَتْ / صُدُورُهُ عُلِمَتْ مِنْهَا قَوَافِيهِ
مُهَذَّبُ الطَّبْعِ مَأْمُونُ الضَّمِيرِ إِذَا / بَلَوْتَهُ كَانَ بَادِيهِ كَخَافِيهِ
حَازَ الْكَمَالَ فَلَمْ يَحْتَجْ لِمَنْقَبَةٍ / فَلَسْتَ تَنْعَتُهُ إِلَّا بِمَا فِيهِ