وثَبنَ في موكب الطبيعَه
وثَبنَ في موكب الطبيعَه / وثوب غزلانها الوديعه
منشّراتٍ ومرسلاتٍ / غلائل الفتنة الرصيعَه
أثار دفءُ النسيم روحا / فيهنّ مشبوبة وليعه
وهاج عطر الصباح فيها / ما هاج في النحلة الرضيعه
فرحنَ يمرحن في غناءٍ / تصغي وتتلو الربى رجيعَه
يحملن وردا بها لوردٍ / ينثال بالحمرة الينيعَه
كأنما الروض قلب صبّ / اسلن فوق الثرى نجيعَه
هذا الربيع الجميل يجلو / فنون إبداعه الرفيعَه
مشي تحيّي الرياض منه / خطى على صدرها سريعَه
وديعة الخلد في يدَيهِ / وبوركت فيهما الوديعه
انتشت الأرض من شذاه / وأترعت كأنها الرصيعه
ولي فم ناضبٌ وقلبٌ / فارغةٌ كأسهُ صديعَه
عرائس الحسن لاتدعنَ الم / حبّ للهجر والقطيعَه
فإنه شاعرٌ يغنّي / أحلامهُ الحلوة البديعه
لكن يحي صبا الليالي / شدواً ويغني الهوى دموعَه
عاد ربيع الثرى وعادت / صوادح الدوحة الوشيعَه
هفت بجوقاتها إليه / مفشيةً سرّهُ مذيعَه
وزفّهُ بلبل لعوبٌ / في حضنه وردة خليعَه
وحدّقَ الزهر واشرأبت / كمائم حوله سميعَه
شريعة الغاب ما أراها / دما ولا ميتةً ذريعَه
لكنّه الحبّ فوضويا / يقتحم الذروة المنيعَه
تدعو له الكائنات طرا / وقدّس الحب من شريعَه
فيا عروس الربيع هاتي / من وحيه وانشري صنيعه
أنت شباب الحياة أنت / الجمال في موكب الطليعه
وأنت أنت الربيع لا ما / تبدعه ريشة الطبيعة
خدّاك نهداك من جناه / فاكهة الجنّة المضيعه
ثغرك ريّان من رحيق / ألحب يحيى به صريعَه
شعرك من نور ناظريه / يقبس منه السّنى سطوعَه
وقيت لمح العيون إمّا / رمتك بالنظرة الجميعَه
وقيت لقح الشفاه إمّا / هفت بها قبلة الخديعَه
وقيت فحّ الصدور إمّا / غلت بها الشهوة الوضيعه
فأرجعي يا عروس فنّي / صبا يودّ الهوى رجوعَه
أيام كلّ الطريق زهرٌ / وكلّ حافاته مريعَه
أيام كلّ الحياة فجرٌ / ترقبُ عين الفتى طلوعه
وليله مهرجان عرسٍ / قد أوقدوا حوله شموعَه
إن أنت لم تحسني إليه / قتلتِ في صدره نزوعه
ومن لقلبٍ أضاع بين اله / وى وبين الصبا ربيعه