القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : بَدَوِيّ الجَبَل الكل
المجموع : 4
يحبّ قلبي خباياه و يعبدها
يحبّ قلبي خباياه و يعبدها / إذا تبرّأ قلب من خباياه
طفولة الروح أغلى ما أدلّ به / و الحبّ أعنفه عندي وأوفاه
قلبي الذي لوّن الدنيا بجذوته / أحلى من النور نعماه وبؤساه
غرّ و أرفع ما فيه غرارته / و أنذل الحبّ – جلّ الحبّ – أدهاه
ما الحسن إلاّ لبينات منمّقة / لكن يؤلهه أناّ عشقناه
لم يرده ألف جرح من فواجعه / حتّى أصيب بسهم منك أرداه
آمنت باللّهب القدسيّ مضرمه / أذكى الألوهة فينا حين أذكاه
نزيّن الروح قربانا لفتنته / و قد يضنّ فتستجدى مناياه
و لو أقام الضحايا من مصارعها / لآثرت موتها فيه ضحاياه
ألعبقرّيات وهج من لوافحه / و الشمس مجلوّة إحدى هداياه
و تلئهين بهدي من عقولهم / لو يمّموا اللّهب القدسيّ ما تاهوا
ما راعنا الدهر بالبلوى و غمرتها / لكنّنا بالإباء المرّ رعناه
إن نحمل الحزن لا شكوى و لا ملل / غدر الأحبّة حزن ما احتملناه
و ما رعانا على عصف الخطوب بنا / هوى حبيب رعيناه و نرعاه
ليت الذين و هبناهم سرائرنا / في زحمة الخطب أغلوا ما وهبناه
و لا وفاء لقلب حين نؤثره / حتى تكون رزايانا رزاياه
أشامت عند جلاّنا و ما نزلت / إلاّ على الحبّ و الإيثار جلاّه
هان و محنتي العصماء دامية / راو و من لوعتي الشمّاء سقياه
ما ضجّ في قلبه جرح فكابده / و لا ألمّ به وجد فعاناه
تضنّ باللّهفة الحرّى جوانحه / و القلب أخضبه بالنور أسخاه
فما ترشّفت إيمانا بمعبده / و لا شممت طيوبا في مصلاّه
ناء عن النّار لو طاف اللّهيب به / لوهّجت هذه الدّنيا شظاياه
قد هان حتّى سمت عنه ضغينتنا / فما حقدنا عليه بل رحمناه
يرضيه أن يتشفّى من مدامعنا / لم نبك منه و لكنّا بكيناه
حسب الأحبّة ذلاّ عار غدرهم / و حسبنا عزّة أنّا غفرناه
يهنيك أنّك في نعمى لمحنته / و أنّ غدرك قبل الدهر أشقاه
جاه خلقناه من ألوان قدرتنا / فكيف بكفر فينا من خلقناه
لو رفّ حبك في بيداء لاهبة / على الظماء رحيقا ما وردناه
حلوت طيفك عن عيني فأسلمه / إلى الدجى و إلى الإعصار مأواه
فيا لكنز شكت منه جواهره / و ضاع عن نفسه لمّا أضعناه
صحا الفؤاد الذي قطّعته مزقا / حرّى الجراح و لملمنا بقاياه
حنا السراب على قلبي يخادعه
حنا السراب على قلبي يخادعه / بالوهم من نشوة السقيا و يغريه
فكيف رحت و لي علم ببطاله / أهوى السراب و أرجوه و أغليه
ويح السراب على الصحراء تسلمه / رمالها السمر من تيه إلى تيه
يزوّر الماء للسقيا و لهفته / حرّى إلى منهل يحنو فيسقيه
جلا النمير و ما ابتلّت جوانحه / من النمير و لا ابتّلت مآقيه
أيّامه خدع الركب ضاحكة / سخرا و للعدم القاسي لياليه
صرعاه لو عرفوا الأسرار ما جزعوا / ممّا يعانون بل ممّا يعانيه
ألا يملّ السراب الغمر وحدته / ألا يحنّ إلى نعمى تندّيه
هيمان لهفان لا مأوى لوحشته / قلبي الذي وسع الأكوان يؤويه
أبكي لبلواه تحنانا و مغفرة / روح الألوهة روحي حين أبكيه
إذا خدعت فقد جازيت خدعته / بالعذر أبسطه و الذنب أطويه
ادعو السراب إلى روحي فقد حليت / بها اللبانات ترضيه و تغويه
لهفي عليه أسيرا في يدي قدر / يميته كلّ يوم ثمّ يحييه
يغيض قبل رفيف الجفن زاخرة / أقلبه جفّ أم جفّت سواقيه
ماء و لا ريّ يندي في شمائله / كأنّه القول فاتته معانيه
يزوّق الحسن ألوانا و ما عصفت / بروحه سورة للحسن تصيبه
هذي مراعيه عطل من بشاشتها / حنّت لشبّابة الراعي مراعيه
لو صعّد القصب الولهان زفرته / لنوّرت بيده و اخضلّ واديه
ما للسّراب دنا حتّى إذا اكتحلت / بسحر دنياه عيني شطّ دانيه
أنت السراب و لكني على ظمأي / بأنهر الخمر في الفردوس أفديه
محوت من قلبي الدنيا فما سلمت / إلاّ طيوف هوانا وحدها فيه
أتسألين عن الخمسين ما فعلت
أتسألين عن الخمسين ما فعلت / يبلى الشباب و لا تبلى سجاياه
في القلب كنز شباب لا نفاد له / يعطي و يزداد ما ازدادت عطاياه
فما انطوى واحد من زهو صبوته / إلاّ تفجّر ألف في حناياه
هل في زواياه من راح الصبا عبق / كلّ الرحيق المندّى في زواياه
يبقى الشباب نديّا في شمائله / فلم يشب قلبه إن شاب فوداه
تزيّن الورد ألوانا ليفتننا / أيحلف الورد أنّا ما فتنّاه
صادي الجوانح في مطلول أيكته / فما ارتوى بالندى حتّى قطفناه
هذا السلاف أدام الله سكرته / من الشفاه البخيلات اعتصرناه
جلّ الذي خلق الدنيا و زيّنها / يالشعر أصفى المصفّى من مزاياه
نحن الذين اصطفانا من أحبّته / فلو تدار الطلى كنّا نداماه
و شرّف الشعر لما صاغه ترفا / فكنت نعمته النشوى و معناه
و راح ينشدنا عصماء شفّة / و مقلة و جننّا فاستعدناه
روحي فدى و ثن ما كان أفقرنا / إليه في عزّة النعمى و أغناه
إن كان يذكر أو ينسى فلا سلمت / عيني و لا كبدي إن كنت أنساه
يا من سقانا كؤوس الهجر مترعة / بكى بساط الهوى لما طويناه
تأنّق الدوح يرضر بلبلا غردا
تأنّق الدوح يرضر بلبلا غردا / من جنّة الله قلبانا جناحاه
يطير ما انسجما حتّى إذا اختلفا / هوى و لم تغن عن يسراه يمناه
ألخافقان معا فالنجم أيكهما / و سدرة المنتهى و الحبّ : أشباه
أسمى العبادة ربّ لي يعذّبني / بلا رجاء و أرضاه و أهواه
و أين من ذلّة الشكوى و نشوتها / عند المحبّين عزّ الملك و الجاه
تقسّم الناس دنياهم و فتنتها / و قد نفرّد من يهوى بدنياه
ما فارق الريّ قلبا أنت جذوته / و لا النعيم محبّا أنت بلواه
غمرت قلبي بأسرار معطّرة / و الحبّ أملكه للروح أخفاه
و ما امتحنت خفاياه لأجلوها / و لا تمنّيت أن تجلى خفاياه
الخافقان _ و فوق العقل سرّهما / كلاهما للغيوب : الحبّ و الله
كلاهما انسكبت فيه سرائرنا / و ما شهدناه لكنّا عبدناه
أرخصت للدمع جفني ثم باكره / في هدأة الفجر طيف منك أغلاه
و أسكرتني دموعي بعد زورته / أطيف ثغرك ساقاها حميّاه
طيف لشقراء كاس من متارفه / لو لم أصنه طغى وجدي فعرّاه
حمنا مع العطر ورّادا على شفة / فلم نغر منه لكنّا أغرناه
تهدّلت بالجنى المعسول و اكتنزت / و الثغر أملؤه للثغر أشهاه
نعبّ منه بلا رفق و يظمؤنا / فنحن أصدى إليه ما ارتشفناه
في مقلتيك سماوات يهدهدها / من أشقر النور أصفاه و أحلاه
و رنوة لك راح النجم يرشفها / حتّى ترنّح سكر في محيّاه
أطلّ خلف الجفون الوطف موطنه / بعد الفراق فحيّاه و فدّاه
يضيع عنّي وسيم من كواكبها / فحين أرنو إلى عينيك ألقاه
قلبي و للشقرة المغناج – لهفته / ليت الحنين الذي أضناه أفناه
تضفّر الحور غارا من مواجعه / و تستعير روءاها من خطاياه
أغفين فيه لماما ثمّ عدن إلى / جنّاتهنّ و قد لملمن ريّاه
يسألن باللهفة الغيرى على خجل / : من فجّر العطر منه حين أدماه ؟
لم تعرف الحور أشهى من سلافتنا / رفّ الهجير ندى لما سقيناه
مدلّه فيك ما فجر و نجمته / ! مولّه فيك ما قيس و ليلاه !
من كان يسكب عينيه و نورهما / لتستحمّ روءاك الشقر لولاه
سما بحسنك عن شكواه تكرمة / و راح يسمو عن الدنيا بشكواه
يريد بدعا من الأحزان مؤتلقا / و من شقاء الهوى يختار أقساه
سكبت قلبك في وجدانه فرأت / يا عزّ ما شئت لا ما شاء عيناه
أنت السراب عذاب و قده و ردى / و تؤنس العين أفياء و أمواه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025