المجموع : 6
دَعني مِنَ الدارِ أَبكيها وَأَرثيها
دَعني مِنَ الدارِ أَبكيها وَأَرثيها / إِذا خَلَت مِن حَبيبٍ لي مَغانيها
ذَرِ الرَوامِسَ تَمحو كُلَّما دَرَسَت / آثارُها وَدَعِ الأَمطارَ تَبكيها
إِن كانَ فيها الَّذي أَهوى أَقَمتُ بِها / وَإِن عَداها فَإِنّي سَوفَ أَقليها
أَحَقُّ مَنزِلَةٍ بِالتَركِ مَنزِلَةٌ / تَعَطَّلَت مِن هَوىً عِلقٍ لِأَهليها
أَمكَنتُ عاذِلَتي في الخَمرِ مِن أُذُنٍ / يُغني صَداها جَواباً مَن يُناديها
أَقولُ لَمّا أَدارَ الكَأسَ لي قُثَمٌ / الآنَ حينَ تَعاطى القَوسَ باريها
يا أَلبَقَ الناسِ كَفّاً حينَ يَمزُجُها / وَحينَ يَشرَبُها صِرفاً وَيَسقيها
قَد قُمتُ فيها عَلى حَدٍّ يُوافِقُنا / وَهَكَذا فَأَدِرها بَينَنا إيها
إِن كانَتِ الخَمرُ لِلأَلبابِ سالِبَةً / فَإِنَّ عَينَيكَ تَجري في مَجاريها
في مُقلَتَيكَ صِفاتُ السِحرِ ناطِقَةٌ / بِاللَفظِ واحِدَةٌ شَتّى مَعانيها
فَاِشرَب لَعَلَّكَ أَن تَحظى بِسَكرَتِها / فَالشَأنُ إِن ساعَدَتنا سَكرَةٌ فيها
وَمُخطَفِ الخَصرِ في أَردافِهِ عَمَمٌ / يَميسُ في حُلَّةٍ رَقَّت حَواشيها
إِذا نَظَرتُ إِلَيهِ تاهَ عَن نَظَري / فَإِن تَزَيَّدتُ دَلّاً زادَني تيها
عاطَيتُهُ وَضِياءُ الصُبحِ مُتَّصِلٌ / بِظُلمَةِ اللَيلِ أَو قَد كانَ يُضويها
كَأساً كَأَنَّ دَبيبَ النَملِ فَترَتُها / لَديغُها يَشتَفي مِن نَفثِ راقيها
فَلَم نَزَل نَتَعاطى الكَأسَ مُذهَبَةً / كَأَنَّ طَوقَ جُمانٍ في نَواحيها
حَتّى إِذا أَلبَسَتهُ الكَأسُ حُلَّتَها / وَنامَ شارِبُها سُكراً وَساقيها
كَتَبتُ في غَيرِ قِرطاسٍ بِلا قَلَمٍ / في حاجَةٍ عَرَضَت لي لا أُسَمّيها
فَقامَ يوسِعُني شَتماً وَأوسِعُهُ / حِلماً وَقَد بَلَغَت نَفسي أَمانيها
صَنائِعُ الخَمرِ عِندي غَيرُ ضائِعَةٍ / حَتّى يَقومَ بِها شُكري فَيَجزيها
مَولى جِنانَ وَإِن أَبدى تَجَلُّدَهُ
مَولى جِنانَ وَإِن أَبدى تَجَلُّدَهُ / يَهوى جِنانَ فَيَرجوها وَيَخشاها
مَولاتُهُ هِيَ بِالمَعنى وَحُقَّ لَها / وَالناسُ يَدعونَهُ بِاللَفظِ مَولاها
إِن مِتُّ مِنكَ وَقَلبي فيهِ ما فيهِ
إِن مِتُّ مِنكَ وَقَلبي فيهِ ما فيهِ / وَلَم أَنَل فَرَجاً مِمّا أُقاسيهِ
نادَيتُ قَلبي بِحُزنٍ ثُمَّ قُلتُ لَهُ / يا مَن يُبالي حَبيباً لا يُباليهِ
هَذا الَّذي كُنتَ تَهواهُ وَتَمنَحَهُ / صَفوَ المَوَدَّةِ قَد غالَت دَواهيهِ
فَرَدَّ قَلبي عَلى طَرفي بِحُرقَتِهِ / هَذا البَلاءُ الَّذي دَلَّيتَني فيهِ
أَرهَقتَني في هَوى مَن لَيسَ يُنصِفُني / وَلَيسَ يَنفَكُّ مِن زَهوٍ وَمِن تيهِ
قَد حُمَّ مَن أَنا أَحميهِ فَأَفقَدَهُ
قَد حُمَّ مَن أَنا أَحميهِ فَأَفقَدَهُ / وَرداً بِوَجنَتِهِ وِردٌ لِحُمّاهُ
يا لَيتَ حُمّاهُ لي كانَت مُضاعَفَةً / يَوماً بِشَهرٍ وَأَنَّ اللَهَ عافاهُ
فَيُصبِحَ السُقمُ مَنقولاً إِلى جَسَدي / وَيَجعَلُ اللَهُ مِنهُ البُرءَ عُقباهُ
أَقولُ لِلسُقمِ كَم ذا قَد لَهِجتُ بِهِ / فَقالَ لي مِثلَما تَهواهُ أَهواهُ
حَلَفتُ لِلسُقمِ أَنّي لَستُ أَذكُرُهُ / وَكَيفَ يَذكُرُهُ مَن لَيسَ يَنساهُ
الدارُ أَطبَقَ إِخراسٌ عَلى فيها
الدارُ أَطبَقَ إِخراسٌ عَلى فيها / وَاِعتاقَها صَمَمٌ عَن صَوتِ داعيها
وَلي مِنَ الحَينِ عينٌ لَيسَ يَمنَعُها / طولُ المَلامَةِ أَن تَجري مَآقيها
يا دِمنَةً سُلِبَت مِنها بَشاشَتُها / وَأُلبِسَت مِن ثِيابِ المَحلِ باقيها
أَبدَت عَواصِيَ مِن دَمعٍ أَطَعنَ لَها / لَمّا رَمَيتُ بِطَرفي في نَواحيها
لَأَعطافِهِنَّ عَلى الصَهباءِ عَن دِمَنٍ / لَم يَبقَ مِن عَهدِها إِلّا أَثافيها
مَوصوفَةٌ بِفُنونِ الطيبِ طالَ لَها / عُمرٌ فَلَم تَعدُ أَن رَقَّت حَواشيها
تَرى نَظائِرَها يَخضَعنَ هَيبَتَها / فَقَد ثَمِلتُ لِما أَجلَلنَها تيها
عاطَيتُها صاحِباً صَبّاً بِها كَلِفاً / حَرباً لِعايِفِها سِلماً لِحاسيها
فَأَعنَقَت بي أَمونٌ فاتَ غارِبُها / قادَ الزِمامَ وَقادَ السَوطَ هاديها
تَجتابُ أَغبَرَ تَفتَنُّ الرِياحُ بِهِ / صَبّاً جَنوباً تُهامِيّاً شَآميها
فَتارَةً يَطعَنُ الساري بِحَربَتِهِ / وَمَوضِعُ السِرِّ أَحياناً مُناجيها
إِذا الجِيادُ جَرَت يَومَ الرِهانِ جَرَت / جَريَ السَوابِقِ تَحثو في نَواصيها
إِلى أَبي الفَضلِ عَبّاسٍ وَلَيسَ إِلى / هَذا وَلا ذا دَعَت نَفسي دَواعيها
إِنَّ السَحابَ لَتَستَحيِي إِذا نَظَرَت / إِلى نَداهُ فَقاسَتهُ بِما فيها
حَتّى تَهُمُّ بِإِقلاعٍ فَيَمنَعُها / خَوفُ العُقوبَةِ في عِصيانِ مُنشيها
وَطءُ الرَبيعِ وَوَطءُ الفَضلِ ما اِفتَرَشا / مِنَ المَكارِمِ إِذ شادا مَعاليها
بَنى الرَبيعُ لَهُ وَالفَضلُ فَاِحتَشَدا / غاياتِ مُلكٍ رَفيعاتٍ لِبانيها
وَشَمَّراهُ فَلَمّا شَمَّراهُ لَها / جَرى فَقالَ كَذا قالا لَهُ إيها
لا تَفرُغُ النَفسُ مِن شُغلٍ بِدُنياها
لا تَفرُغُ النَفسُ مِن شُغلٍ بِدُنياها / رَأَيتُها لَم يَنَلها مَن تَمَنّاها
إِنّا لَنَنفَسُ في دُنيا مُوَلِّيَةٍ / وَنَحنُ قَد نَكتَفي مِنها بِأَدناها
حَذَّرتُكَ الكِبرَ لا يَعلَقكَ ميصَمُهُ / فَإِنَّهُ مَلبَسٌ نازَعتُهُ اللَهَ
يا بُؤسَ جِلدٍ عَلى عَظمٍ مُخَرَّقَةٍ / فيهِ الخُروقُ إِذا كَلَّمتَهُ تاها
يَرى عَلَيكَ بِهِ فَضلاً يُبينُ بِهِ / إِن نالَ في العاجِلِ السُلطانَ وَالجاها
مُثنٍ عَلى نَفسِهِ راضٍ بِسيرَتِها / كَذَبتَ يا خادِمَ الدُنيا وَمَولاها
إِنّي لَأَمقُتُ نَفسي عِندَ نَخوَتِها / فَكَيفَ آمَنُ مَقتَ اللَهِ إِيّاها
أَنتَ اللَئيمُ الَّذي لَم تَعدُ هِمَّتُهُ / إيثارَ دُنيا إِذا نادَتهُ لَبّاها
يا راكِبَ الذَنبِ قَد شابَت مَفارِقُهُ / أَما تَخافُ مِنَ الأَيّامِ عُقباها