راحت لسرحة نعمان وواديها
راحت لسرحة نعمان وواديها / غر السحائب تغدوها غواديها
من كل وطفاء يوري البرق مزنتها / كأنما ثغر سعدى ضاحك فيها
أضحت محلتها بالشام نائية / يا بعدها منك والأشواق تدنيها
بيضاء عاندت فيها من يعاندها / عمدا وصافيت فيها من يصافيها
صدت فلا هي يوم البين ذاكرة / عهدي ولا أنا يوم البين ناسيها
تمشي فيثقلها رِيّ إذا خطَرَت / كأنها بانة طُلَّت حواشيها
كأن ريحانة في ثِني بردتها / بات النسيم قبيل الصبح يثنيها
زارت على غِرة الواشي مراقبة / تهدي الغرام لقلبي في تهاديها
تسري اختلاسا وليلُ الشَّعر يسترها / عن العيون وصبح الثغر يبديها
لا يعرف الشوق إلا من يكابده / ولا الصبابة إلا من يعانيها
ولا السماحة إلا المستهام بها / خليفة الله مسديها ومسنيها
رست على كبد الدنيا خلافتُه / فما تزول ولا زالت رواسيها
ما اختال مِذ نالها وهو المعدُّ لها / تيهاً ونالَته فاختالت به تيها
سعى إلى الغاية القصوى فأدركها / لما تباعد عنها سعي ساعيها
مردد الجود ما اعتلت له منن / فينا ولا احتجبت عن عين راجيها
خِرق تدل عليه من سجيَّته / خلائقٌ مثل صفوِ الراح صافيها
سهل الخليقة ميمون له شيم / ترى المعالي مثولا في معانيها
بذَّ الجيادَ إلى المعروفِ مبتدرا / سبقا وأقبل يحثو في نواصيها
له أحاديث جود لا ارتياب بها / إحسانه الغمر في الآفاق يرويها
وهمّة كثهاب الرجم يركبها / إلى العدو فيبنضيها ويمضيها
تموت آمال عافينا فينشرها / وينشر الدهر أحداثا فيطويها
من دوحةٍ بسقَت أغصانها وحلَت / عند القطافِ مَجانيها لجانيها
يعدّ في الفخرِ للعباس أولها / مجدا وللمقتفي بالله ثانيها
اعطو الوزارة عون الدين سائها / بالعدل منه فاعطى القوس ياريها
تغنيه آراؤه والحرب مظلمة ال / أرجاء ما ليس يغنيه عواليها
به جوائز عندي قد حكمت لها / مع الفصاحة أني لا أجازيها
سقيت آمالنا منن بعد ما ظمئت / ماء المكارم فاخضرت مراعيها
إذا تيممت أرضا أخصبت وربت / تلاعها الغبن واهتزت روابيها
وكيف لا والربيع الطلق يضحك في / ربوعها والندى ينحو نواحيها
فانهض فقد أذنت بالطوع راضية / لك البرية قاصيها ودانيها
باك المواهب نقدا لا مؤجلة / كفعل غيرك ينساها وينسيها
جد لي باجرد أو جرداء سابحة / تنصر الريح شوطا أن تجاريها
إن لم أهدّ بها ركن العدوّ فلا / ملكت عند مثارِ النقعِ هاديها
ليعلم الناس أنَي شاعر بطل / لا مثلَ من يتعاطى ذلك تمويها
واسمع بمطربة الألفاظ محكمةٍ / الحسنُ قائدُها والطبعُ هاديها
تروى فلا يسأم التكرار سامعها / ولا يملّ من الإِضجار راويها
ترفَّعت عن عطايا الباخلين فما / يزال يغصبها من ليس يرضيها
أغليتها بعد رخص فاعتلت وسمَت / قدراً ولا زلت معليها ومغليها
أقول من بعد ما أحببت دولتكم / أنافعي عند ليلى فرطُ حبيها