تحية لَك يا مصر الفراعين
تحية لَك يا مصر الفراعين / ذَوي المآثر مِن حَيٍّ وَمَدفون
وَلَم تَزَل دَوحة الآداب وارفة / عَلى جِوارك خَضراء الأفانين
إِلَيك يا مصر إِيمائي وَملتَهفي / وَنور نَهضتك الغَراء يَهديني
وَلي أَواصر قُربى فيكَ ما بَرحت / لَما مَضى ذات تَوثيق وَتَمكين
شَقوا القَناة عَساها عَنكَ تبعدني / أَني وَمِن لَهفتي جسر سَيُدنيني
أُحب مصر وَلَكن مصرَ راغِبَة / عَني فتعرض مِن حين إِلى حين
وَإِن بَكَت لا بَكَت هَماً فَقَد عَلِمَت / وَأَيقَنَت أن ذاكَ الهَمّ يبكيني
وَما عَتبت عَلى هَجر تدلُّ بِهِ / إِن الد لال يمنيني وَيغريني
لَكن جَزعت عَلى وِد أَخاف إِذا / فَقَدتهُ لَم أَجِد خلّاً يواسيني
في أَصدِقائي أُغَزّى إِن هُمُ هَلَكوا / وَفي الصداقات ما لي مَن يُعزيني
قالوا شفاؤك في مصر وَقَد يَئسوا / مني وَأَعيي سقامي مَن يُداويني
خَلفتها بلدة يَعقوبُ خلفها / شَوقاً ليوسف قَبلي فَهُوَ يَحكيني
تقليني مِن بَنات النار زافِرَةٌ / تَكتَنُّني وَهَجير البيد يَصليني
تَمضي عَلى سنن الفولاذ جامِحَة / وَجذوة الشَوق تَزجيها وَتَرجيني
حَتّى سمت ليَ جنات النَخيل عَلى / ضفاف مطرد النَعماءِ مَيمون
هَبطت مصر وَظني أَنَّها رَقَدت / في ظلِّ أَجنِحَة مِن لَيلِها جون
كَأَنَّها وَكَأنَ اللَيل مُنصَدِعاً / بِنورها سرُّ صدر غَير مَكنون
وَالأَزبكيّةُ في الأَمساء راقِصة / لَها غَلائل مِن شَتى الرَياحين
وَالنور ذو لحظات في خَمائلها / كَأَنَّها لَحظات النَهدِ اللعين
ما لي وَللسقم أَخشاه وَأَسأل عَن / طَبيبهِ وَعِماد الدين يَشفيني
لَو أَنشب المَوت بي أَظفاره لكفى / بِأُم كَلثوم أَن تشدو فَتحييني
هَذا وَمَصر بَساتين منمقة / شبابها بَعض أَزهار البَساتين
خاضوا ميَادين مِن جدٍّ وَمِن لعب / فَأَحرَزوا السَبق في كُلِّ الميادين