أَهْدَى النّسيمُ لنا رَيّا الرَّياحينِ
أَهْدَى النّسيمُ لنا رَيّا الرَّياحينِ / أَمْ طيبَ أَخلاق جيراني بجيرونِ
هَبّتْ لنا نَفْحةٌ في جلِّقٍ سَحَراً / باحَتْ بسرٍ من الفرودوسِ مكنونِ
وفاحَ بالعَرْفِ من أَرجائها أَرَجٌ / نالَ المسرَّةَ منه كلُّ مَحزونِ
هَبتْ تُنبِّهُ أَطرافي وتَبعَثُها / منّي وتوجبُ للتهويم تهويني
وما دَرَينا أَداريا لنا أَرَجَتْ / أم دارَ في دارنا عطّارُ دارِينِ
نَسْري ونرتاحُ الاستنشاء رائحةٍ / هَبّتْ سُحَيراً على وَرْدٍ ونسرينِ
ورُبَّ همٍ فقدناهُ بربوتها / ورُبَّ قلبٍ أَصَبْناهُ بقُلْبينِ
لولا جسارَةُ قلبي ما ثبتُّ على ال / عُبُورِ من طَرَبٍ في جِسرِ جسرين
دمشقُ عنديَ لا تُحصَى فضائلُها / عَدّاً وحَصْراً ويُحْصَى رَمْلُ يَبْرينِ
وما أَرى بلدةً أُخرى تُماثِلُها / في الحُسْنِ من مصرَ حتى مُنْتَهى الصِّينِ
في كلِّ قُطرٍ بها وَكْرٌ لِمُنكَسرٍ / ومسكنٌ غيرُ مَمْلولٍ لِمسكينِ
وإنَّ مَنْ باعَ كلَّ العُمرِ مُقْتَنعاً / بساعةٍ في ذَراها غيرُ مَغْبونِ
لمّا عَلَتْ همّتي صَيَّرتُها وطني / وليس يقنعُ غيرُ الدُّونِ بالدُّونِ
يُصيْبكَ مَيْطُورُها طوراً ونَيْرَبُها / طوراً وتُوليك إحساناً بتحسينِ
ترى جواسِقَهَا في الجوِّ شاهقةً / كأَنّهنَّ قُصورٌ للسَّلاطينِ
دارُ النّعيمِ ومنْ أَدنى محاسِنها / ثمارُ تموُّز في أَيامِ كانونِ
نعيمُها غيرُ ممنوعٍ لساكنها / كالخُلْدِ والمَنُّ فيها غيرُ ممنونِ