المجموع : 4
طُلْ وافتخرْ أيها العِنانُ
طُلْ وافتخرْ أيها العِنانُ / ما فوقَ ما حُزْتَه مكانُ
حَوَتْك خمسٌ لهن حُسْنٌ / للفضلِ في نظمِها افْتِنان
الأمرُ والنهى في البرايا / والجود والخوف والأمان
تَسابقَ الناسُ للمَعالي / فصَحَّ للأفضلِ الرِّهان
المالُ والجاهُ ضائعانِ
المالُ والجاهُ ضائعانِ / إلا لجودٍ وفَكِّ عانِ
كم باخلٍ غَصَّصاه لما / عاد إلى الذل والهوان
نالَهما برهةً وزالا / بلا اصطناعٍ ولا امْتِنان
كالسيف والرمح حين يَخفَى / فعلهما في يدِ الجبانِ
فكنْ على يَقْظةٍ إذا ما / مُكِّنتَ من هذه المعاني
فهذه التُّرَّهاتُ تفنَى / والأجرُ والشكر باقيان
وأحزمُ العالمين من لا / يحتقر الذمَّ من لسان
لا أظلمُ البينَ حالي كالذي كانا
لا أظلمُ البينَ حالي كالذي كانا / سِيّانِ إنْ غاب من أهوى وإن دانا
ما زادني القرب عما كنتُ أعرفه / إلا أسى وتَباريحا وأشجانا
والبعد أهونُ من قربٍ يُجدِّد لي / معْ ما أُكابده صدا وهجرانا
مللتمُ وادعيتم أنّ ذاك لكم / طبعا صدقتُم فمَلُّوا هجريَ الآنا
والله ما حُلْتمُ عن عادةٍ عُرِفت / منكم ولكنه صبري الذي خانا
بَقُّوا من الصبر عندي ما أصون به / سرَّ الغرام وإلا صار إعلانا
مالي بُليت بقاسٍ مُعجَب صَلِف / يرضى إذا بِتُّ بالهجران غضبانا
لولا تَعلُّقُ عينيه لما تركتْ / أخلاقُه بالقِلى والصد إنسانا
يا مُسقِمِى بجفونٍ تَدَّعى سَقَما / لا أَدَّعى مثَلها زُورا وبهتانا
بي مابخصرِك من سُقْمٍ وموجِبهُ / صَدٌّ كرِدفك تعنيفا وعدوانا
قصدتَ ظلمي بلا ذنبٍ كما ظَلمت / كَفّاك ثغرَك بالمِسواك أحيانا
يا أوحدَ الناسِ في خَلْقٍ وفي خُلُق / هَلاّ أضفتَ لذاك الحسنِ إحسانا
بلِ الكمالُ لَعمري رتبةٌ بَعُدتْ / فلم يَنْلها امروٌّ إلا ابنَ عثمانا
شيخُ الرياسة كهل المكرمات فتى ال / إحسان تِرْب العَطايا كن كما كانا
إذا دعوتُ تُلبِّيني عَزائمه / كما دعا المرءُ آباء وإخوانا
كم رام مدحى مكافاةً لنائله / فينثنِى عنه للتقصيرِ خجلانا
يا من حُسِدتُ على أُولى عَزائمِه / جَدِّدْ علي حاسِدي أمرِي فقد خَانا
أنت الغمامُ وروضى زاهر فإذا / أَغبَّه فكنْ باب سَعْدِي عند مولانا
فإن أصِل فهْي عاداتٌ عُرِفت بها / أو لا فلم تبقِ للإِحسان إمكانا
سارت فضائُله في الْخَلْقِ واشتهرتْ / فكلُّ قلبٍ حَوَى منهن ديوانا
عجزتُ عنها وعن وصفِى ولو ظَهرتْ / فيما مضى أعجزتْ قُسا وسَحْبانا
ذو همةٍ ساعدتْها نخوةٌ عَظُمت / لو أنها ماءُ بحرٍ كان طوفانا
تُعطِي فتَحِقر ما تعطي ولو وهبتْ / كقَدْرِها وهبتْ أضعافَ دُنيانا
لا يلبث الفقرُ في أرضٍ وراحُته / مما يجود فيغني الإنس والجانا
يُفرِّق المالَ في جمعِ الثناء له / جودٌ ويَعْتَدُّ جمعَ المالِ حرمانا
فما حَوتْ كفُّه عينا ولا عَرَضا / إلا ليجعله للحمد أثمانا
له على كلِّ حُرٍّ مِنَّةٌ كَتبت / في وجهه لجميل الذِّكْرِ عنوانا
هذا على أنه يُخفِي صَنائعَه / فينا ويأبَى لما أَخْفاه إعلانا
تخالُ في كل نادٍ من مَدائحه / راحا تَرَقْرَق في النادي وريحانا
يُدبرها فيهم الراوي فيُطربهم / حتى يَظلَّ الحليمُ اللُّبّ نشوانا
أتيتُه وصروفُ الدهرِ تَعْرِقني / عَضّاً وأَحسبُها أُسْدا وغِيلانا
فكَفَّ كَفَّ عوادِيها وأَمَّنَنى / منها وصَيَّرَ لي في ظله شانا
لا يكشفُ المرءُ في الحَمّامِ عَوْرتَه
لا يكشفُ المرءُ في الحَمّامِ عَوْرتَه / إلا لحالَيْن فَقْدِ العقلِ والدينِ
لو رام ذلك منه أمرُ مُغتصِبٍ / في السوق بالقَهْر والتهديد والهُون
لَكان يبذل عن إظهار عورتِه / ما حاز لو أنها أموالُ قارون
وحالة السوقِ والحمامِ واحدةٌ / والفرقُ في ذاك معدوم البراهين
فما له في انهتاكِ السترِ قد نَقَض ال / حالين ما بين تقبيحٍ وتحسين