نَطوي اللَّيالَي عِلْمَاً أن سَتَطوِينا
نَطوي اللَّيالَي عِلْمَاً أن سَتَطوِينا / فشَعشِعِيها بماءِ المُزنِ واسقِينا
وتَوِّجي بكؤوسِ الراحِ أيديَنا / فإِنما خُلقَت للرَّاحِ أيدينا
قامت تَهُزُّ قَواماً ناعماً سَرَقت / شَمائلَ البانِ من أعطافِه لِينا
تَحُثُّ حمراءَ يَلقاها المِزاجُ كما / أَلقيتَ فَوقَ جَنِيِّ الوَردِ نِسرينا
فلستُ أدري أتَسقِيَنا وقد نَفحَت / روائحُ المِسكِ منها أو تُحيِّينا
قد ملَّكَتنا زِمامَ العَيشِ صافيةً / لو فاتَنا المُلكُ راحَت عنه تُسلِينا
ومُخطَفِ القَدِّ يُرضِينا ويُسخِطُنا / حُسناً ويَقتُلُنا دَلاً ويُحْيِينَا
تَفَتَّحَت وَردتَا خَدَّيهِ مِن خَجَلٍ / وزِيدَتَا بعِذارَيهِ تَزايِينَا
ما زالَ يَنقُرُ أحشاءَ الدنِّانِ لنا / حتَّى نَفاهنَّ مَجروحاً ومطعونا
لمّا رأيتُ عُيونَ الدهرِ تَلحَظُنا / شَزْراً تيقَّنتُ أنَّ الدَّهر يُردينا
نمضي ونترُكُ من ألفاظِنا تُحَفاً / تَسبي ريَاحِينُها الشَّرْبَ الرَّياحِينا
وما نُبالي بِذَمِّ الأغبياءِ إذا / كانَ اللَّبيبُ من الأقوام يُطرِينا
ورُبَّ غَرَّاءَ لم تُنظَم قَلائِدها / إلاّ ليُحمَدَ فيها الفَاطميُّونا
الوارثُون كِتابَ اللِه يَمَنحُهم / إرثَ النَّبِيِّ على رُغمِ المُعادينا
والسابِقُون إلى الخَيراتِ يَنجُدُهم / عِتقُ النِّجار إذا كلَّ المُجارُونا
قومُ نُصلِّي عليهمِ حينَ نَذكُرُهم / حُبّاً ونَلعَنُ أَقواماً مَلاعينا
إذا عَددنا قُرَيشاً في أباطحِها / كانُوا الذَّوائِبَ منها والعَرانِينا
أغنَتهُمُ عَن صِفاتِ المادحِين لهم / مدائحُ اللهِ في طَه ويَاسِينا
فلستُ أمدحهُم إلا لأرغِمَ في / مَدْحِيهمُ أنفَ شانِيهم وشَانِينا
أقامَ رَوحٌ ورَيحانٌ على جَدَثٍ / ثَوَى الحُسينُ به ظمآنَ آمينا
كأنَّ أحشاءَنا من ذِكرِه أبداً / تُطوَى على الجَمْرِ أو تُحشَى السَّكاكِينا
مهلاً فما نَقضُوا أوتارَ والدِه / وإنما نَقَضُوا في قَتلهِ الدِّينا
آل النبِيِّ وجَدْنا حُبَّكم سَبَباً / يَرضَى الإلهُ به عنَّا ويُرضِينا
فمَا نُخاطِبُكم إلاّ بسادتِنا / ولا نُنادِيكُمُ إلا مَوالينا
وكم لنَا من فَخارٍ في مَودَّتِكم / يَزيدُها في سَوادِ القَلبِ تَمكِينا
ومن عدوٍ لكم مُخْفٍ عداوتَه / واللهُ يرميه عنا وهو يرمينا
إن أَجرِ في حُبِّكم جَرْيَ الجوادِ فقد / أضحَت رِحابُ مَساعيكم مَيادينا
وكيفَ يَعدوكُمُ شِعري وذكرُكُمُ / يَزيدُ مُستَحسَنَ الأشعارِ تَحسِينا