القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد مُحرَّم الكل
المجموع : 11
هُمْ سَادَةُ الحربِ من شِيبٍ وشُبّانِ
هُمْ سَادَةُ الحربِ من شِيبٍ وشُبّانِ / ساروا سِراعاً فما في القومِ من وَانِ
حِيدي جُهَيْنَةُ أو بِيدي مُذَمَّمةً / حُمَّ القضاءُ وخَفَّتْ أُسْدُ خفّانِ
سريّةُ اللهِ ترمي عن يَدَيْ بطلٍ / عالي اللواءِ رفيعِ القَدْرِ والشّانِ
أبا عُبيدَةَ أَوْرِدْها مُظَفَّرَةً / مَوارِدَ النّصرِ تَشفِي كلَّ حَرّانِ
ما للحفِيظَةِ إن جاشَتْ مَراجِلُها / إلا القواضِبُ تُسقَى بالدّمِ القاني
خانت قُريشُ وأمسى عَهدُها كَذِباً / فَبَادِرِ العيرَ وَاضْرِبْ كُلَّ خَوَّانِ
لا يعجبنّ جُناةُ الشرّ إن حَصَدوا / ما يزرعُ الشُّؤْمُ من بَغْيٍ وعُدوانِ
لا تبتئسْ بجرابِ التمرِ يحملُهُ / أولو الحميَّةِ من صَحْبٍ وإخوانِ
أُعجوبةٌ ما لها في الدّهرِ من مَثَلٍ / لكنَّ ربَّكَ ذُو فضلٍ وإحسانِ
إن يَنفدِ الزّادُ أغناكم وزوّدكم / ما ليس يَنفدُ من تقوىً وإيمانِ
كُلُوا من الخَبْطِ نِعمَ الخَبْطُ من أُكُلٍ / لكلّ ذي سَغَبٍ في اللهِ طَيَّانِ
حيّاكُمُ اللهُ من صِيدٍ غَطَارِفَةٍ / يلقون في البؤسِ عيشَ النّاعمِ الهاني
هِيَ النّفوسُ بناها اللهُ من شَممٍ / نِعمَ البناءُ وجَلَّتْ قدرةُ الباني
وأنتَ يا قيسُ فانْحَرْها مُبَارَكةً / تَجنِي بها الحَمْدَ يسْتَعلِي به الجاني
أسديتَها يا ابنَ سعدٍ خيرَ عارفةٍ / جاءَتْ على قَدَرٍ في خيرِ إبّانِ
ما في صَنيعِكَ من بِدْعٍ ولا عَجَبٍ / قَيسٌ ووالدُهُ في الجودِ سِيّانِ
كِلاكُما وسيوفُ اللهِ شاهدةٌ / غَوْثُ اللّهيفِ وَروْحُ البائِسِ العاني
ما أقربَ الحقَّ ممّا يَبتغي عُمَرٌ / لو لم تكنْ لأبٍ للحقِّ صَوَّانِ
يَقضيهِ عنكَ وإن أربيتَ تجعلُهُ / ما تحملُ الأرضُ من إبْلٍ ومن ضَانِ
ما مِثلُ ما قَدَّمَتْ للهِ منك يدٌ / ما قَدَّمَ النّاسُ من هَدْيٍ وقُربانِ
أبا عُبَيْدَةَ لولا أن عزمتَ على / قيسٍ لأَمعنَ قيسٌ أيَّ إمعانِ
يَقولُ إذ رُحتَ تَنهاهُ وتَمنعُهُ / أبا عُبيدَةَ مَهْلاً كيف تنهاني
أنا ابنُ سعدٍ وسعدٌ أنتَ تعرِفُهُ / مَوْلَى العشيرَةِ من قاصٍ ومن دانِ
يَكفي المُهِمَّ إذا ضاقَ الكُفاةُ به / ويُطعِمُ النّاسَ من مَثْنَىً وَوُحدَانِ
أأصنعُ الصُّنْعَ مَحموداً فَيخذِلُني / أبٌ أراه لغيرِي خيرَ مِعوانِ
لا يُبعِدِ اللهُ منه والداً حَدِباً / سمحَ الخلائِقِ أرعاهُ ويرعاني
يا قيسُ إنّ رسولَ اللهِ شاهِدُهُ / فَعَدِّ نَفسَكَ عن وصفٍ وتبيانِ
رَمَتْ جُهَيْنَةُ بالأبْصَارِ من فَزَعٍ / فلم تَجِدْ غيرَ أبطالٍ وفُرسانِ
لاذَتْ بأكنانِها القُصوى ولو قَدرتْ / لاذتْ من الزّاخرِ الطّامِي بأكنانِ
وولّتِ العِيرُ يخشى أن يُحاطَ بها / من الأُلَى هُمْ ذَووها كلُّ شيطانِ
ماذا على القَوْمِ يرضَى البأسُ إن غَضبوا / أن لا يفوزوا بأكفاءٍ وأقرانِ
آبوا بخيرٍ وآبتْ كلُّ طائفةٍ / من الأُلى كَرِهوا الحُسْنَى بِخُسرانِ
للحقِّ سُلطانُهُ فليأتِ مُنكِرُهُ / إنِ اسْتَطاعَ له رَدّاً بِسُلطَانِ
ما حُجَّةُ الشِّركِ والأكوانُ شاهِدَةٌ / بواحدٍ سَرمَدِيِّ المُلكِ دَيّانِ
سُبحانهُ لن يُصيبَ الجاهلونَ على / طُولِ التَّوهُّمِ من ربٍّ لهم ثانِ
طاحَتْ بهم غَمرةٌ ما تَنجَلي وطَغَتْ / على عُقولٍ لهم مَرْضَى وأذهانِ
تلك البراهينُ تترى كلَّ آونةٍ / لو كان ينتفعُ الأعمى بِبرهانِ
أخا جُهَيْنَةَ عُدْ في منظرٍ بَهِجٍ / عَوْدَ امرئٍ مَرِحِ الأعطافِ جَذلانِ
تَمْرٌ وكُسْوَةُ مِعطاءٍ وراحلةٌ / بُشْرَى الصّديقِ وبؤْس الحاسِدِ الشّاني
عَرَفَت قيساً فتى مجدٍ ومكرمةٍ / صدقتَ إنَّكَ ذو علمٍ وعرفانِ
نَبِّئْ جُهَينَةَ واذكرها يداً عظمتْ / فليس في الحقِّ أن تُجزَى بنسيانِ
إذا تدفَّقَ دِينُ المرءِ في دمِهِ / سَرَتْ معانِيهِ في رُوحٍ وجُثمانِ
ما الدينُ يُشرَعُ من صدقٍ ومن وَرَعٍ / كالدينِ يُشرَعُ من زورٍ وبُهتانِ
يا مَنزلَ النَفسِ تَرضاهُ إِلى أَجلٍ
يا مَنزلَ النَفسِ تَرضاهُ إِلى أَجلٍ / مِن الحَياةِ وَتجفوه إِلى حينِ
لا تجزعنَّ لِطُولِ البَينِ إِن جَزعَت / أَطلالُ كلِّ شَجيِّ الرَسم محزونِ
لَسَوفَ تَقضي النَوى مِن بَعدنا عَجَباً / لِمُقفرٍ بِعوادي الدَهرِ مَسكونِ
بَنَيتَ مِن زُخرفِ الدنيا وَباطِلها / فالقَ العَفاءَ وَدَعنِي في حَمى الدينِ
صونوا الذِمامَ فَإِنَّ الحُرَّ مَن صانا
صونوا الذِمامَ فَإِنَّ الحُرَّ مَن صانا / وَجَدِّدوا مِن قَديمِ العَهدِ ما كانا
إِنَّ الأُلى بايَعوا المُختارَ أَوفَدَهُم / فَبايِعوهُم وَزيدوا الناسَ إيمانا
خُذوا الكِتابَ مِنَ الصِدّيقِ وَالتَمِسوا / بَينَ الصُفوفِ أَبا حَفصٍ وَعُثمانا
خَيرُ النَبِيّينَ يُصفيكُم مَوَدَّتَهُ / وَاللَهُ يَشكُرُكُم فَضلاً وَإِحسانا
أَتِلكَ لِلنَشءِ دارٌ نَحنُ نَشهَدُها / أَم نَحنُ نَشهَدُ لِلإِسلامِ إيوانا
طافَ الأَمينُ عَلى ريحِ الجِنانِ بِها / فَزادَها مِن جَلالِ الحَقِّ أَركانا
لَمّا عَطَفتُم عَلى القُرآنِ مِن نُسُكٍ / تَدَفَّقَت جَنَباتُ النيلِ قُرآنا
تِلكَ الجَماعاتُ هَبَّت مِن مَجاثِمِها / تَدعو إِلى اللَهِ شَعباً باتَ وَسنانا
يَشكو العَمى وَكِتابُ اللَهِ في يَدِهِ / يَكادُ يُنكِرُهُ جَهلاً وَنِسيانا
نورٌ تَدَفَّقَ لَولا اللَهُ مُرسِلُهُ / إِذَن لَجاشَت شُعوبُ الأَرضِ عُميانا
إِذا المَمالِكُ مالَت عَن مَناهِجِهِ / كانَت حَضارَتُها زوراً وَبُهتانا
مَن راحَ مِن قَومِنا يُحيي مَراشِدَهُ / أَحيا بِها أُمَماً شَتّى وَأَوطانا
إِن أَنتَ أَطلَقتَ في الآفاقِ حِكمَتَهُ / أَطلَقتَ لِلعِلمِ وَالعِرفانِ طوفانا
وَإِن رَمَيتَ بَني الدُنيا بِقُوَّتِهِ / رَدَّ العُبابَ دَماً وَالأَرضَ بُركانا
يُزجي الأَساطيلَ في الآياتِ ظافِرَةً / وَيَغمُرُ الحَربَ أَبطالاً وَفُرسانا
بَنى الرَسولُ عَلَيهِ أُمَّةً هَدَمَت / أَقوى الشُعوبِ بِهِ عِزّاً وَسُلطانا
إِنَّ الَّذي نَزَّلَ الذِكرَ الحَكيمَ عَلى / رَسولِهِ زادَهُ حِفظاً وَتِبيانا
باقٍ عَلى الدَهرِ لا يَخشى غَوائِلَهُ / وَلا يَخافُ مِنَ الباغينَ عُدوانا
أَلا تَقومُ بِدارِ المُلكِ جَمهَرَةٌ / تَحمي البِناءَ وَتَرعى الأَمرَ وَالشّانا
هُنالِكَ المَرجِعُ الأَعلى يَكونُ لَنا / إِذا التَمَسنا عَلى الخَيراتِ مِعوانا
لا بُدَّ لِلأَمرِ مِن مَسعىً يُحَقِّقُهُ / وَاللَهُ أَكرَمُ مَن يُرجى لِمَسعانا
يا بَعثَةَ الأَمَلِ المُخضَرِّ جانِبُهُ
يا بَعثَةَ الأَمَلِ المُخضَرِّ جانِبُهُ / يَحيا بها الراجِيانِ الشَعبُ وَالوَطَنُ
سيروا إِلى الأُفُقِ الغَربِيِّ عَن أُفُقٍ / أَنتُم أَهِلَّتُهُ تُجلى بِها المِحَنُ
وَحَدِّثوا القَومَ أَنّا أُمَّةٌ عَرَفتَ / مَعنى الحَياةِ فَلا نَومٌ وَلا وَهَنُ
وَأَنَّكُم رُسُلُ الآباءِ موفَدَةٌ / كَيما يُرَدُّ تُراثٌ ثَمَّ مُرتَهَنُ
إِن يَفخَروا أَو يَقولوا أُمَّةٌ لَعِبَت / بِها الأَكُفُّ وَأَشقى جَدَّها الزَمَنُ
فَذَكِّروهُم بِآثارٍ مُبارَكَةٍ / هاموا بِها في شَبابِ الدَهرِ وَاِفتُتِنوا
عودوا إِلى مِصرَ بِالحَظِّ الرَغيبِ غَداً / تَنهَض جُدودُ رِجالٍ طالَما غُبِنوا
رُدّوا عَلَيها حَياةَ المَجدِ غالِيَةً / فَقَد عَنَتها حَياةٌ ما لَها ثَمَنُ
أَرى بِمِصرَ وُلاةً لا خَلاقَ لَهُم
أَرى بِمِصرَ وُلاةً لا خَلاقَ لَهُم / بِئسَ الوُلاةُ وَبِئسَ الناسُ وَالزَمَنُ
لا يَحفَظونَ إِذا جارَت حُكومَتُهُم / أَن يَجأَرَ الشَعبُ أَو يَستَصرِخَ الوَطَنُ
وَلا يُبالونَ إِن أَبدى العَدُوُّ لَهُم / وَجهَ الرِضى مُدِحوا في الناسِ أَم لُعِنوا
أَقولُ لِلقَومِ مَرحى حينَ بَرَّحَ بي / طولُ العُقوقِ وَجاشَ الهَمُّ وَالحَزَنُ
ماذا تُعانونَ مِن عَيشٍ أُتيحَ لَكُم / في صورَةِ المَوتِ لَولا القَبرُ وَالكَفَنُ
هَلّا رَحَمتُم نُفوساً بيعَ أَكرَمُها / بَيعَ الإِماءِ فَبِئسَ البَيعُ وَالثَمَنُ
هُمُ العِدى وَالرَدى لَولا جَرائِرُهُم / لَم تَشقَ مِصرُ وَلَم تَعصِف بِها المِحَنُ
لَو أَنَّهُم شَرَعوا سُبلَ الأَمانِ لَها / ما اِعتَزَّ فيها العِدى يَوماً وَلا أَمِنوا
لا يَهدَأونَ إِذا راموا مَعونَتَهُم / حَتّى تَميدَ القُرى أَو تَرجُفَ المُدُنُ
الشَعبُ مُحتَنَكٌ وَالخَيرُ مُتَّرَكٌ / وَالعَدلُ مُنتَهَكٌ وَالحَقُّ مُمتَهَنُ
تِلكَ البَلِيَّةُ لَم تُبصِر نَظائِرَها / عَينٌ وَلا صافَحَتُ أَترابَها أُذُنُ
تَدَرَّعوا بِقُوى الأَعداءِ وَاِحتَجَبَت / عَنهُم وُجوهُ الهُدى وَالرَأي فَاِفتَتَنوا
لَسَوفَ يَلقَونَ يَوماً لَيسَ تَعصِمُهُم / فيهِ الدُروعُ وَلا تُنجيهِمُ الجُنَنُ
يا مُنذِرَ السوءِ غُضَّ الصَوتَ إِنَّ لَنا
يا مُنذِرَ السوءِ غُضَّ الصَوتَ إِنَّ لَنا / رَبّاً يَرُدُّ الأَذى عَنّا وَيَحيمنا
إِنّا لَجَأنا إِلَيهِ نَستَعينُ بِهِ / عَلى الحَوادِثِ إِذ قامَت تُناوينا
نَرجو مَراحِمَهُ في كُلِّ كارِثَةٍ / تَهُدُّ مِنّا القُوى هَدّاً وَتُعيينا
يا مُنذِرَ السوءِ لا تُحدِث لَنا فَزَعاً / يا مُنذِرَ السوءِ إِنَّ اللَهَ يَكفينا
وَكَيفَ نَخشى مِنَ الأَحداثِ غائِلَةً / وَمُحكَمُ الذِكرِ يُتلى بَينَ أَيدينا
هُوَ السَبيلُ الَّذي تُرجى النَجاةُ بِهِ / فَليَهدَإِ القَومُ إِنَّ اللَهَ مُنجينا
إيهٍ بَني مِصرَ مِن صُمٍّ وَعُميانِ
إيهٍ بَني مِصرَ مِن صُمٍّ وَعُميانِ / ضَجَّ اللَهيفُ وَهَبَّت صَيحَةُ العاني
أَتَصدِفونَ بِأَبصارٍ وَأَفئِدَةٍ / وَتَجمَحونَ بِأَسماعٍ وَأَذهانِ
فُضَّ الكِتابُ فَسالَت مِن صَحائِفِهِ / مَآتِمُ النيلِ تَجري بِالدَمِ القاني
إيماءَةُ المَوتِ في عُنوانِهِ وَضَحَت / وَالمَوتُ أَبلَغُ مَن يُومي بِعُنوانِ
زِنوا الأُمورَ فَإِنَّ الظُلمَ مَهلَكَةٌ / وَأَعدَلُ الناسِ مَن يَقضي بِميزانِ
ماذا تُريدونَ بَعدَ اليَومِ فَاِنتَبِهوا / لا يَقبَل اللَهُ عُذراً بَعدَ تِبيانِ
أَتُؤمِنونَ بِرَبٍّ لا شَريكَ لَهُ / أَم تُؤمِنونَ بِأَصنامٍ وَأَوثانِ
دينٌ مِنَ العارِ لَم تُرفَع قَواعِدُهُ / إِلّا عَلى طاعَةٍ مِنكُم وَإِذعانِ
لا تَعبُدوا الهُبَلَ الأَعلى وَشيعَتَهُ / شَرُّ البَلِيَّةِ كُفرٌ بَعدَ إيمانِ
لا بارَكَ اللَهُ مِنكُم كُلَّ ذي سَفَهٍ / وَلا رَعى اللَهُ مِنهُم كُلَّ خَوّانِ
صَبّوا الرِياءَ عَلى أَخلاقِهِم فَطَغى / حَتّى رَموا قَومَهُم مِنهُ بِطوفانِ
ثُمَّ اِرعَوَت ضَجَّةُ الآذيِّ وَاِنحَسَرَت / بَقِيَّةُ السَيلِ مِن زورٍ وَبُهتانِ
فَاليَومَ هُم كُلُّ ضاحي الكَيدِ مُنجَرِدٍ / بادي الشَناءَةِ وَالبَغضاءِ عُريانِ
لا يَعصِبُ الرَأسَ لِلشَنعاءِ يَفعَلُها / وَلا يُقَنِّعُ يَوماً وَجهَ خِزيانِ
يا صادِقَ العَهدِ فيما تَدَّعي فِئَةٌ / الذِئبُ أَصدَقُ عَهداً مِنكَ لِلضانِ
ما كانَ أَكبَرَ ما أوتيتَ مِن عِظَمٍ / لَو لَم يَغُرَّكَ هَذا الزائِلُ الفاني
مُلكٌ مِنَ الجاهِ لَم يُرفَع لِذي خَطَرٍ / مِنَ المُلوكِ وَلَم يُجمَع لِخاقانِ
وَطاعَةٌ جاوَزَت أولى طَلائِعِها / أَقصى القَرارَةِ مِن روحٍ وَجُثمانِ
عَمياءُ ما خَفَضَت مِصرُ الجَناحَ لَها / مِن بَطشِ فِرعَونَ أَو مِن بَأسِ هامانِ
لَو كُنتَ غَيرَكَ لَم تَقنَع بِمَنزِلَةٍ / لِأُمَّةٍ آمَنتَ مِن غَيرِ بُرهانِ
أَومَأتَ فَاِستَنفَرَت تُدلي بِبَيعَتِها / وَاِستَرسَلَت مِن زُرافاتٍ وَوحدانِ
في جامِحٍ مِن خُطوبِ الدَهرِ ذي حَرَدٍ / صَعبِ المَقادَةِ لا يُلقي بِأَرسانِ
لَوى الشَكائِمَ وَاِستَشرى لِغايَتِهِ / لا بِالذَلولِ وَلا بِالرَيِّثِ الواني
أَيّامَ تَنساكَ أَخّاذاً بِحُجزَتِها / وَبِالمُخَنَّقِ مِن بَغيٍ وَعُدوانِ
يَطَغى عُرامُكَ في جاهِ اِمرِئٍ صَلِفٍ / يُؤذي الأُباةَ وَيَرمي كُلَّ ذي شانِ
كَذي الطَرائِدِ يَرميها إِذا اِنجَفَلَت / بِكُلِّ ضارٍ هَريتِ الشَدقِ طَيّانِ
مَرحى فَتى النيلِ لا ظُلمٌ وَلا جَنَفٌ / جازَيتَ قَومَكَ نِسياناً بِنِسيانِ
ضَجَّت بِلادُكَ تَشكو ما صَنَعتَ بِها / دَعها تَضِجُّ وَتَشكو غَيرَ أَسوانِ
ماذا يُضيرُكَ إِن باتَت مُرَوَّعَةً / وَلهى وَبِتَّ بِلَيلِ الناعِمِ الهاني
إِن كُنتَ جازَيتَ بِالكُفرانِ نِعمَتَها / فَقَد رَمَت كُلَّ ذي نُعمى بِكُفرانِ
لا يَغضَبِ المَجدُ إِنَّ الحُرَّ يَفدَحُهُ / ظُلمُ البَريءِ وَنَصرُ الجارِمِ الجاني
يا سَعدُ إِنَّكَ ذو عِلمٍ وَتَجرِبَةٍ / فَاربَأ بِنَفسِكَ عَن خِزىً وَخُسرانِ
أَسرَفتُ في النُصحِ حَتّى مَلَّني قَلَمٌ / أَرعاهُ في الأَدَبِ العالي وَيَرعاني
يَأبى الضَراعَةَ إِلّا أَن يَدينَ بِها / لِواحِدٍ قاهِرِ السُلطانِ ديَّانِ
خدنُ المروءة لم تُقدَر مراتبه / في حبِّ مصرَ لأترابٍ وَأَخدانِ
حُرُّ المَواقِفِ في الأَقلامِ كابِرُها / عَفُّ الصَحائِفِ في سِرٍّ وَإِعلانِ
لا يَعرِفُ القَومُ هَل يَرمي بِذي شُعَلٍ / مِن مارِجِ الشِعرِ أَم يَرمي بِبُركانِ
يا زاجِرَ الطَيرِ أَمسِك عَن بَوارِحِها / ماذا تَهيجُ سِوى تَنعابِ غِربانِ
لا مَنطِقُ الطَيرِ مِن وَحيِ القَريضِ وَلا / عِندي بَقِيَّةُ عِلمٍ مِن سُلَيمانِ
لَكِنَّ لي نَظَراتٍ ما تُخادِعُني / أَرمي الأُمورَ بِها عَن قَلبِ لُقمانِ
شَمِّر إِزارَكَ إِنَّ الأَمرَ مُنتَظِرُ / وَالدَهرُ وَيحَكَ ذو رَيبٍ وَحِدثانِ
لَتَشرَبَنَّ الأَذى مَلأى مَناقِعُهُ / وَالشَربُ حَولَكَ مِن مُودٍ وَنَشوانِ
لا يُفلِحُ القَومُ تَستَعصي عَمايَتُهُم / عَلى الهُداةِ وَلَو جاءوا بِفُرقانِ
إيهٍ بَني مِصرَ جازَ الأَمرُ غايَتَهُ / وَذاعَ سِرُّ اللَيالي بَعدَ كِتمانِ
دَعوا اللجاجَ وَسُدّوا كُلَّ مُنفَرِجٍ / وَأَجمَعوا الرَأيَ مِن شِيبٍ وَشُبّانِ
هَل تَحمِلونَ لِمِصرٍ في جَوانِحِكُم / إِلّا بَراكينَ أَحقادٍ وَأَضغانِ
يَطغى السِبابُ حَوالَيها لِيُطفِئَها / وَما يَزيدُ لَظاها غَيرَ طُغيانِ
يا قَومَنا هَل رَأَيتُم قَبلَ مِحنَتِكُم / مَن قامَ يُطفِئُ نيراناً بِنيرانِ
مَن لي بِكُلِّ حَثيثِ المَدِّ مُطَّرِدٍ / وَكُلِّ مُندَفِقِ الشُؤبوبِ هَتّانِ
لَو عَظَّموا حُرُماتِ النيلِ ما اِضطَرَمَت / أَحقادُ قَلبٍ بِماءِ النيلِ رَيّانِ
لا مَطلَبَ اليَومَ إِلّا الحَقُّ نُكبِرُهُ / عَن أَن يَهونَ وَأَن يُرمى بِنُقصانِ
قالوا خُذوهُ نُجوماً فَهوَ مُدَّخَرٌ / في مَخلَبِ اللَيثِ يَحميهِ لِإِبّانِ
اللَهُ أَكبَرُ جَدَّ اللاعِبونَ بِنا / وَأَعمَلَ الذَمَّ فينا كُلُّ طَعّانِ
أَما يَرَونَ بَوادينا سِوى نَعَمٍ / وَلا يُصيبونَ مِنّا غَيرَ قِطعانِ
سَيَكشِفُ الجِدُّ عَنهُم كُلَّ غاشِيَةٍ / وَيوقِظُ الحَقُّ مِنهُم كُلَّ وَسنانِ
ضُمّوا القُلوبَ شَبابَ النيلِ وَاِعتَزِموا / لا يَشمِتَنَّ بِكُم ذو البِغضَةِ الشاني
ظَنَّ الظُنونَ بِكُم مَن لَيسَ يَعرِفُكُم / وَالأَمرُ ذو صُوَرٍ شَتّى وَأَلوانِ
أَينَ العُقولُ بِنورِ اللَهِ مُشرِقَةً / أَينَ الذَخائِرُ مِن عِلمٍ وَعِرفانِ
أَينَ الضَمائِرُ وَالأَخلاقُ طاهِرَةً / أَينَ المَواقِفُ تَشفي كُلَّ حَرّانِ
مِصرُ الفَتِيَّةُ إِن هاجَت حَمِيَّتَكُم / كُنتُم لَها خَيرَ أَنصارٍ وَأَعوانِ
الهادِمونَ كَثيرٌ بَينَ أَظهُرِكُم / شُدّوا البِناءَ وَصونوا حُرمَةَ الباني
أَما تَسيلُ نُفوسٌ ريعَ جانِبُها / عَلى جَوانِبَ تَبكيهِ وَأَركانِ
مَدَّ اليَمينَ إِلَيكُم يَستَغيثُ بِكُم / هُبّوا سِراعاً وَمُدّوهُ بِأَيمانِ
أَإِن طَوى العَيشَ آثَرتُم لِأَنفُسِكُم / ما آثَرَ اليَومَ مِن قَبرٍ وَأَكفانِ
أُعيذُكُم مِن وَفاءٍ راحَ يُنكِرُهُ / ما في الجَوانِحِ مِن صَبرٍ وَسَلوانِ
خُذوا السَبيلَ إِلى العَلياءِ وَاِستَبقوا / لِلمَجدِ في كُلِّ مُستَنٍّ وَمَيدانِ
أَدَعوَةُ الحَقِّ أَولى أَن يُصاخَ لَها / أَم دَعوَةٌ خَرَجَت مِن جَوفِ شَيطانِ
اليَومَ آذَنَ بِالآياتِ مُرسِلُها / ماذا تُرَجّونَ مِنهُ بَعدَ إيذانِ
إِن تَعلِقِ اليَومَ بِالأَعناقِ بَيعَتُهُ / يَعلَق بِكُلِّ وَريدٍ نابُ ثُعبانِ
لَو كُنتُ حاشايَ مِمَّن راحَ يَحمِلُها / طارَت بِها الريحُ فَوضَى مُنذُ أَزمانِ
تِربُ الإِساءَةِ لَم يَحمِل لِأُمَّتِهِ / غَيرَ العُقوقِ وَلَم يَهمِم بِإِحسانِ
جَمُّ الأَراجيحِ لِلأَقوامِ يَنصِبُها / يَظُنُّ أَحلامَهُم أَحلامَ صِبيانِ
مَن يَغلِبُ اللَهَ أَو يَرمي خَلائِفَهُ / في العالَمينَ بِكَيدٍ أَو بِخِذلانِ
الرافِعينَ لِواءَ الحَقِّ مُذ عُرِفوا / مِن كُلِّ راضٍ لِوَجهِ اللَهِ غَضبانِ
المانِعينَ حِمى مِصرٍ إِذا فَزِعَت / وَاِستَصرَخَت مِن بَنيها كُلَّ غَيرانِ
مِن كُلِّ مُتلِفِ مالٍ غَيرَ ذي أَسَفٍ / وَكُلِّ باذِلِ نَفسٍ غَيرَ مَنّانِ
عَزَّت بِهِم أُمَّةٌ عَزَّت بِما مَلَكَت / في قُوَّةِ الحَقِّ مِن عِزٍّ وَسُلطانِ
نَأبى المَناصِبَ إِلّا في جَوانِحِها / يَنُصُّها كُلُّ ذي لُبٍّ وَوِجدانِ
ونزدري المالَ إلا أن تفيض به / دقَّاتُ قلبٍ بنجوى الحبِّ رنَّانِ
قَياصِرُ الحَقِّ نَستَولي عَلى سُرُرٍ / مِنَ الجَلالِ وَنَستَعلي بِتيجانِ
لا نَبتَغي غَيرَ دُنيا الأَنبِياءِ وَلا / نَرضى سِوى اللَهِ مِن رَبٍّ لَنا ثانِ
لَنا عَلى كُلِّ قَومٍ يوزَنونَ بِنا / مِلءُ المَوازينِ مِن فَضلٍ وَرُجحانِ
لَم يُؤثِرِ الخُطَّةَ المُثلى طَواعِيَةً / لِلَهِ مَن راحَ يرمينا بِعِصيانِ
رُدّوا المُغيرَ حُماةَ الحَيِّ وَاِحتَرِسوا / إِنَّ السَراحينَ تَخشى كُلَّ يَقظانِ
وَكُلُّ ضَيعَةِ غالٍ حادِثٌ جَلَلٌ / وَلا كَضَيعَةِ أَقوامٍ وَأَوطانِ
جِدّوا إِلى الغايَةِ القُصوى وَلا تَهنوا / إِنَّ الرِجالَ أولو جِدٍّ وَإِمعانِ
دَعوا المَضاجِعَ إِنَّ الرابِضينَ لَكُم / مِلءُ المَراصِدِ مِن إِنسٍ وَجِنّانِ
لا يَسكُنونَ إِذا نَفسُ اِمرِئٍ سَكَنَت / وَلا يَمُرُّ الكَرى مِنهُم بِأَجفانِ
إِن يُبصِروا غِرَّةً لا يُجدِكُم فَزَعٌ / هَل يَرجِعُ الأَمرُ أَعيا بَعدَ إِمكانِ
اللَهُ مِن حَولِكُم يَحمي جَوانِبَكُم / فَجاهِدوا لا تَخافوا كَيدَ إِنسانِ
يا أَيُّها الناسُ إِنَّ اللَهَ يَأمُرُكُم
يا أَيُّها الناسُ إِنَّ اللَهَ يَأمُرُكُم / أَلّا تَكونوا لِأَهلِ الظُلمِ أَعوانا
يا قَومُ إِلّا تُطيعوا اللَهَ أَمطَرَكُم / رِجزاً وَجَلَّلَكُم خِزياً وَخُسرانا
يا قَومِ لا تَنصُروا مَن لَيسَ يَنصُرُهُ / وَلا تَكونوا لِمَن عاداهُ إِخوانا
يَلقى العِدى طاعَةً مِنكُم وَمَسكَنَةً / إِذا اِستَبَدّوا وَيَلقى اللَهُ عِصيانا
إِنّي أَخافُ عَلَيكُم حادِثاً جَلَلاً / لا تَملِكونَ لَهُ رَدّاً إِذا حانا
أَرى لَكُم في بَريدِ الدَهرِ مَألَكَةً / يَموجُ فيها الدَمُ المَسفوحُ عُنوانا
ما عُذرُ قَومٍ تَمادوا في عَمايَتِهِم / لَم يَألُهُم رَبُّهُم نُصحاً وَتِبيانا
لا يَأمُرونَ بِغَيرِ الظُلمِ أَنفُسَهُم / وَاللَهُ يَأمُرُهُم عَدلاً وَإِحسانا
أَتصِدفونَ عَنِ الآياتِ ساطِعَةً / تَجلو العَمى وَتُضيءُ القَلبَ إيمانا
مِلتُم عَنِ النورِ يَمحو كُلَّ داجِيَةٍ / وَاِنصاعَ رائِدُكُم في الأَرضِ حَيرانا
لَمّا ذَهَبتُم سَواماً لا رُعاةَ لَها / سالَت عَلَيكُم فِجاجُ الأَرضِ ذُؤبانا
تَنازَعَتكُم أَكُّفُ الطامِعينَ بِها / فَأَصبَحَ الجَمعُ أَسراباً وَقُطعانا
هَل تَملِكونَ مِنَ الدُنيا لَكُم وَطَناً / أَم تَعرِفونَ بِها عِزّاً وَسُلطانا
اليَومَ يَبكي عَلى الإِسلامِ شاعِرُهُ / وَيَملَأُ الدَهرَ إِعوالاً وَإرنانا
ضَجَّ الكِتابُ وَضَجَّ البَيتُ مِن أَسَفٍ / وَباتَ فيكم رَسولُ اللَهِ غَضبانا
يا أُمَّةَ النيلِ هُبّي اليَومَ وَاِنطَلِقي / أَما تَرَينَ حِمى الإِسلامِ قَد هانا
رِدي الحَياةَ وَعُبّي في مَشارِعِها / إِنّي أَرى النيلَ ذا الأَنهارِ ظَمآنا
خُذي نَصيبَكِ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ / وَوَدِّعي مِن حَياةِ الذُلِّ ما كانا
اللَهُ أَكبَرُ إِنَّ الناسَ قَد دَلَفوا / فَاِستَرسِلي إِثرَهُم شيباً وَشُبّانا
كُلٌّ يَجِدُّ وَراءَ الحَقِّ يَطلُبُهُ / مِن غاصِبٍ سامَهُ خَسفاً وَإِهوانا
عَصرٌ جَديدٌ وَدُنيا لا نُساءُ بِها / وَلا نَذوقُ الَّذي ذُقنا بِدُنيانا
قُلْ للأمين أقم لِلحُرِّ مَأتَمه
قُلْ للأمين أقم لِلحُرِّ مَأتَمه / لا النّيلُ حُرٌّ ولا الدُّستورُ مأمونُ
أَشاهدُ الزُّورِ مَرجُوٌّ لأُمّتِه / والمؤمنُ الصّادقُ الوجدانِ ملعونُ
يُؤذَى بأسوأ ما يُؤذَى الهُداةُ بهِ / من فِتيةٍ كلّهم نَشوانُ مفتونُ
الحمدُ لله هذا ما أعدَّ لنا / شيخُ الزّغاليلِ والمغبونُ مغبونُ
قل للأُلى رقدوا والعدل يقظانُ
قل للأُلى رقدوا والعدل يقظانُ / طار الكرى واستبان الأمرُ والشّانُ
ماذا ظننتم بها من قُوّةٍ صَدَقتْ / فللحوادثِ إقرارٌ وإذعانُ
تعلّموا الصّدقَ والإيمانَ وارْتدِعوا / إن كان يُعْجِبُكم صِدقٌ وإيمانُ
تكشّفَ العارضُ المرجوُّ وانقشعت / آمالكم فهي آلامٌ وأشجانُ
لولا الجهالةُ ما حَيّاهُ مُختَبِلٌ / يرجو المحالَ ولا استسقاه ظمآنُ
كلُّ السّحابِ جَهامٌ إن هُمُ انتظروا / رِيَّ الغليلِ وكلُّ السَّعْيِ خُسرانُ
زَفُّوا البشائرَ للصِّبيان ما برحوا / حتّى دروا أنّهم في القوم صبيانُ
ماذا على مصرَ من همٍّ يُؤرّقُهم / إن بات عنهم أذاها وَهْوَ وَسْنانُ
ما مرَّ للحكم طيفٌ في وساوِسهم / إلا وَعاودَهم شَوقٌ وتَحنانُ
سلا المحبُّونَ فابتلَّتْ جوانحُهم / وما لهم عنه طولَ الدهرِ سُلوانُ
في كل جارحةٍ همٌّ يُطالعه / من كل جانحةٍ للغيظِ بُركانُ
يا قيسُ ويَحكَ ليلى عنك في شُغُلٍ / وأنت يا قيسُ صَبُّ القلب ولهانُ
وارحمتا لكَ ضاعت في الغرام سُدىً / دُموعُ عينٍ لها سَحٌّ وتهتانُ
لو في يدي رُقْيَةٌ أشفِي الصّريعَ بها / إذن شفيتُك إنّ النّاسَ إخوانُ
قومٌ مضى عهدُهم وانفضَّ مَلعبُهم / لا كان ذلك من عهدٍ ولا كانوا
يَغيظُهم بعد أن زالوا بباطلهم / ألا يكونَ لغير الحقِّ سلطانُ
ما الحكمُ دستورُه عَدلٌ ومرحمةٌ / كالحكم دستورُه ظلمٌ وطُغيانُ
ما غرّهم بابن محمودٍ أما علموا / أنّ الرئيس لمجدِ النّيلِ عُنوانُ
ظنّوا الظنون ولجّوا في عَمايتهم / وفي الحوادث للأقوامِ تِبيانُ
العدلُ مرماه والميزانُ في يده / إن جار مُحتكِمٌ أو مال ميزانُ
كاسٍ من الشرف العالي يُهيّجُه / مَن يدّعِي المجدَ زُوراً وهو عُريانُ
ما زاده الحكمُ جاهاً إذ تقلَّدَهُ / الجاهُ مُنبسِطٌ والذّكر رنّانُ
هي الكنانةُ تدعوه فيُدرِكُها / والخطبُ مُعترِكٌ والشّعبُ حيرانُ
تهوِي سفينتُها غرقَى فيرفعُها / يجري بها وعوادي الدّهر طُوفانُ
شيخُ السّياسةِ لا شيخُ الأُلى جَهِلوا / إنّ السياسةَ أنواعٌ وألوانُ
أُصليهمُ اللَّوْمَ ناراً ثم يمنعني / أَنْ ليس للقومِ ألبابٌ وأذهانُ
لا الحقُّ في رأيهم حقٌّ تدين له / شُمُّ الجباهِ ولا البُهتانُ بهتانُ
القومُ مَوْتَى فإن كانت لهم صُحُفٌ / فإنّما هي أجداثٌ وأكفانُ
أَلستَ تُبصِرُها سُوداً مُذمَّمةً / نُكْداً يُجلِّلُها خِزيٌ وخِذلانُ
يَعافُها كلُّ ذي لُبٍّ وتَمقُتُها / من جِلّةِ القومِ أبصارٌ وآذانُ
يظلُّ يرقُبُ حُكمَ اللهِ في يدهِ / إن مسَّها من ذوي الألبابِ إنسانُ
خرائبُ الشُّؤمِ ما تنفكُّ ناعقةً / تبكي بأرجائها بُومٌ وغِربانُ
زال العَمَى فإذا المعبودُ مِلْهَيَةٌ / من الدُّمَى وإذا المحسود شيطانُ
سِرْ يا مُحمّدُ لا تُشغلك ضجّتُهم / هل يُشغِلُ اللّيثَ أن تهتاجَ جِرذانُ
إنّا نَعُدُّكَ للجُلىَّ وأنت لها / كُفْءٌ إذا قلَّ أكفاءٌ وأقرانُ
ابنِ الحياةَ لشعبٍ هان جانبُهُ / إذ كلُّ شعبٍ له في العزّ بُنيانُ
الزرعُ حولك ذاوٍ والثّرى يَبِسٌ / والعبقريّةُ أنهارٌ وخُلجانُ
كم دفّق العلم فيّاض البيانِ له / من العُقوق وسوءِ الصّنعِ سجّانُ
يا مُنصِفَ الشّعبِ مّمن كان يظلمه / أنصِفْ قُوىً غَالَها ظُلمٌ وعُدوانُ
قُوى البلادِ تُعينُ العاملينَ بها / وما لها من وُلاةِ الأمرِ أعوانُ
هم عاقبونا بحرمانٍ وإن ضَمِنوا / رِزقَ الأُلىَ لم نَهُنْ يوماً كما هانوا
لا أكفُرُ اللهَ بعضُ البُؤسِ مَنقبةٌ / للفاضلينَ وبعضُ الرزقِ حرمانُ
الحكمُ عند ذوي الألبابِ أَربعةٌ / عزمٌ وحزمٌ ومعروف وإحسانُ
صونوا الذِّمامَ فإن الحُرَّ من صانا
صونوا الذِّمامَ فإن الحُرَّ من صانا / وجدِّدوا من قديمِ العهدِ ما كانا
إنّ الأُلى بايعوا المُختارَ أوفدَهم / فَبَايُعوهم وزِيدوا النَّاس إيمانا
خذوا الكتابَ من الصِّدِّيق والتمسوا / بين الصُّفوفِ أبا حفصٍ وعُثمانا
خيرُ النبيّينَ يُصفيكم مودَّتَهُ / واللهُ يشكركم فضلاً وإحسانا
أتِلْكَ للنشءِ دارٌ نحن نشهدها / أم نحن نشهدُ للإِسلام إيوانا
طافَ الأمينُ على رِيح الجنانِ بها / فزادها من جلالِ الحقِّ أركانا
لمّا عطفتم على القُرآنِ من نُسُكٍ / تدفَّقتْ جَنَباتُ النِّيل قُرآنا
تلك الجماعاتُ هَبّتْ من مَجاثِمها / تدعو إلى الله شعباً باتَ وسنانا
يشكو العَمى وكتابُ اللهِ في يده / يكاد يُنكره جهلاً ونِسيانا
نورٌ تدفّقَ لولا الله مُرسلُه / إذنْ لجاشتْ شُعوبُ الأرض عُميانا
إذا الممالك مالت عن مَناهجِهِ / كانت حضارتُها زُوراً وبُهتانا
مَن راحَ من قومِنا يُحيي مَراشده / أحيا بها أمماً شتَّى وأوطانا
إن أنتَ أطلقت في الآفاقِ حكمته / أطلقتَ للعلمِ والعرفانِ طُوفانا
وإن رميتَ بَنِي الدنيا بقُوَّتهِ / ردَّ العُبابَ دماً والأرضَ بُركانا
يُزجي الأساطيلَ في الآياتِ ظافرةً / ويغمرُ الحربَ أبطالاً وفرسانا
بَنَى الرسولُ عليه أمّةً هدمتْ / أقوى الشُّعوبِ به عزّاً وسلطانا
إنّ الذي نَزّلَ الذكرَ الحكيم على / رسولِه زاده حِفظاً وتِبيانا
باقٍ على الدَّهرِ لا يخشَى غَوائلَهُ / ولا يخافُ من البَّاغين عُدوانا
ألاَ تقومُ بدار المُلكِ جمهرةٌ / تحمي البناءَ وترعى الأمرَ والشَّانا
هنالك المرجعُ الأعلى يكون لنا / إذا التمسنا على الخيراتِ مِعوانا
لابدُّ للأمر من مَسْعىً يُحقّقهُ / واللهُ أكرمُ مَن يُرجى لمسعانا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025