القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ناصِيف اليازجي الكل
المجموع : 18
قد أشرقَ النُورُ أكنافِ لُبنانِ
قد أشرقَ النُورُ أكنافِ لُبنانِ / إذ حَلَّ فيها العزيزُ الباذخُ الشانِ
هو السعيدُ الذي ألطافُهُ اشتَهَرتْ / كالصُّبحِ مُستغنِياً عن كلِّ بُرهانِ
مُهذَّبٌ فاقَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ / كأنهُ مَلَكٌ في جِسمِ إنسانِ
لهُ يليقُ بِساطُ الرِّيحِ في سَفَرٍ / لأنَّهُ ليسَ أدنى من سُليمانِ
يَبيتُ كلُّ وزيرٍ تحتَ رايتهِ / طَوعاً ويَصبُو إليهِ كلُّ سُلطانِ
وحيثُما حلَّ حامتْ حولَهُ زُمَرٌ / كالماءِ حامَ عليهِ كلُّ عَطشانِ
يا زائراً ثغرَ بيروتَ الذي ابتَسَمتْ / لكم ثناياهُ عن أزهار بُستانِ
لو تَقدِرُ الأرضُ لمَّا زُرتَها فَرَشَتْ / قُدَّامكَ الطُرْقَ من دُرٍّ ومَرْجانِ
أرِثي ويا ليتَ شِعري مَنْ سَيَرْثيني
أرِثي ويا ليتَ شِعري مَنْ سَيَرْثيني / قد حانَ ذلكَ أم يَبقَى إلى حِينِ
كُلٌّ أسِيرُ المَنايا لا فِدَاءَ لهُ / فيُحسَبُ الحَيُّ مَيتاً غيرَ مدفونِ
قُلْ للذي تاهَ في دُنياهُ مُفتخراً / ضاع افتخارك بين الماء والطينِ
إذا تفقَّدتَ في الأجداث معتبِراً / هناك تنظرُ تيجانَ السلاطينِ
وَيلاهُ من هذِهِ الدُّنيا على خَطَرٍ / فتلكَ أضعفُ مِن زهرِ البساتينِ
نُمسي ونصبحُ في الدُّنيا على خطرٍ / فليسَ يومٌ ولا ليلٌ بمأمونِ
قد مَلَّ قلبي حَياةً لا جَمالَ لها / إلاّ مَشُوباً بتَشويهٍ وتَهْجينِ
قَلبٌ أرَى في دِيارِ الشَّامِ مَنزِلَهُ / وصَبرَهُ في دِيارِ الهِندِ والصِّينِ
في كلِّ يومٍ بَلاءٌ غيرُ مُحتَسَبٍ / ولَوعةٌ بفِراقٍ غيرِ مظنونِ
لم يَترُكِ الدَّهرُ عيناً مِنْ أحبَّتِنا / لكِنَّهُ تَرَك الآثارَ تُشجيني
لَهْفي على ذلكَ البدرِ الذي كَسَفَتْ / جَمَالهُ الأرضُ ولو يَبقَى كعُرْجونِ
من بعِدهِ أظلَمَتْ أبصارُنا فرَأتْ / نهارَ أيلُولَ فيها ليلَ كانونِ
وَيلاهُ كم في صُروفِ الدهرِ من عَجَبٍ / وأنتَ في البحثِ عنها غيرُ مأذونِ
يُعطي ويمَنَعُ لا حَمْدَ الكريمِ ولا / عُذْرَ البَخيلِ ولا حِفظَ القوانينِ
كم سادَ في الدِّينِ والدُّنيا بحوزتَهُ / من ليس يَصلَحُ للدنيا ولا الدِّينِ
ومات من تشتهي الدُّنيا سلامتَهُ / وعاشَ مَن موتُهُ أشْهَى الرَياحينِ
هذا قَضاءُ الذي في عَرشِ قُدْرَتِهِ / يُصرِّفُ الأمرَ بينَ الكافِ والنونِ
فاصبِرْ وَإنْ شِئتَ فاجزَعْ إنْ قَدَرْتَ على / دفعِ البَلاءِ وتَعدِيلِ الموازينِ
للشِعرِ في كُلِّ عصرٍ مَرْكبٌ خَشِنُ
للشِعرِ في كُلِّ عصرٍ مَرْكبٌ خَشِنُ / لا يَستَقِلُّ عليهِ الرَّاكبُ الوَهِنُ
يَغُرُّ بالفارسِ الطاغي فيرَكَبُهُ / لكنْ تَرَدِّيِهِ عنهُ لَيسَ يُؤْتَمَنُ
غارَ الرِّجالُ على أبياتِهِ طَمعَاً / فكانَ أكثرَهُم من حَظِّهِ الدِمَنُ
نَعُدُّ منهم ألوفاً ما بها حَسَنٌ / حَتَّى يُصادَفَ منهم واحدٌ حَسَنُ
إنَّ الجميلَ قليلٌ عَزَّ مَطلَبُهُ / من كُلِّ ما تَشتهيهِ العينُ والأُذُنُ
فلا تَرى مِن حَصَى الياقُوتِ واحدةً / حَتَّى تَرَى ألْفَ صَخْرٍ ما لهُ ثَمَنُ
هذا هُوَ الأمَدُ الأقَصى الذي قَصُرَت / عنهُ الجِيادُ وكَلَّتْ دُونَهُ الهُجُنُ
في كلِّ فَنٍّ سِواهُ كُلُّ طائفةٍ / قَلَّ التَّفاوُتُ فيها حينَ تَقْتَرِنُ
أنا الخبيرُ بما في القَومِ من سَخَفٍ / لا يَجهَلُ السُّقمَ مَن بالسُّقمِ يُمتَحَنُ
واللهُ يَعلمُ أنَّ الصَمْتَ أجمَلُ بي / لولا حُقوقٌ بِهِنَّ القَلبُ مُرْتَهَنُ
عَلَيَّ مالا أُكافيهِ بصُنعِ يدٍ / فقد أُكافيهِ مِمَّا تَصَنعُ اللُسُنُ
مَدائحٌ هيَ فرضٌ لا انفِكاكَ لهُ / عِندي وما دُونَها الأنفالُ والسُنَنُ
أسُوقُها نحوَ بابٍ شادَ دَولَتهُ / مُلْكُ العِراقِ وشادَت مَجدَهُ اليَمَنُ
غريبةٌ حُيثُما حَلَّت فإنْ نَزَلَتْ / بِدارِهِ فهُناكَ الأهلُ والوَطَنُ
تَلقَى الأميرَ الذي تَلقَى بِساحتِهِ / شَخصاً هُوَ الرُوحُ في أرضٍ هيَ البَدَنُ
ذاكَ الأمينُ الذي يَرعَى رَعيَّتَهُ / بِعَينِ يَقْظانَ لا يَلهُو بها الوَسَنُ
قد جَدَّدَتْ لِبني رَسْلانَ هِمَّتُهُ / في أرضِ لُبنانَ ما لم تَنْسَهُ عَدَنُ
ألْقَتْ لهُ الدَولةُ العُظمَى بِعِصمتِها / فليَسَ من هَمِّهِ قيسٌ ولا يَمَنُ
مُهذَّبُ الخُلقِ ما في خُلقِهِ أوَدٌ / مُطهَّرُ العِرْضِ ما في عِرْضِهِ دَرَنُ
في صَدرِهِ إذْ تَحِلُّ النَّائباتُ بهِ / بحرٌ منَ الرَّأيِ فيهِ تَغرقُ السُّفُنُ
لي كُلَّ يومٍ بهِ في الشِّعرِ قافيةٌ / فلَيسَ يَنْفَدُ حَتَّى يَنْفَدَ الزَّمَنُ
خَرائدٌ مِنْ نَباتِ العُربِ سافرةٌ / قَبُولُها مِنَّةٌ مِمَّنْ لهُ المِنَنُ
ما زلتُ أمدحُ نفسي حينَ أمدَحُهُ / بأنَّني صادقٌ في القَوْلِ مُؤتَمَنُ
إنّي تَعَوَّدتُ قولَ الصِّدقِ مُلتزِماً / حَتَّى تَطابَقَ عِندي السِرُّ والعَلَنُ
لا أمدَحُ المَرْءَ مَهْما عَزَّ جانِبهُ / إلا بما فيهِ كالقُسْطاسِ إذ يَزِنُ
عَيبٌ عَلَيَّ وعيبٌ أن يُصَدِّقَني / إذا كَذَبتُ عليهِ الحاذقُ الفَطِنُ
يا أيُّها السَفْحُ ماذا يَصنَعُ البانُ
يا أيُّها السَفْحُ ماذا يَصنَعُ البانُ / إذا انتَنَتْ من قُدودِ الحَيِّ أغصانُ
وأنتَ يا أيُّها الحامي العشيرةَ مَن / يَحميكَ إنْ بَرَزَتْ للفَتكِ أجفانُ
حَيَّا الحَيا ذلكَ الحيَّ الذي اجتمَعَتْ / في طَيِّ أبياتِهِ أسْدٌ وغِزْلانُ
لِأَعْيُنِ الغِيدِ شَكلٌ من ظِباهُ وفي / ظُباهُ مِن وَجَناتِ الغيدِ ألوانُ
رَبعٌ إليهِ قُلوبُ النَّاسِ ظامِئَةٌ / من وَجْدِها وَهْوَ بالأنواءِ رَيَّانُ
كأنَّ خِضْرَ بنَ رَعدٍ حلَّ ساحتَهُ / فأرعَدَتْ مُزنةٌ واخضَرَّ بُستانُ
ذاكَ الكريمُ الذي في ظلِّ رايتهِ / أمنٌ وفي أُنسِهِ رَوْحٌ ورَيْحانُ
قد زَارَ بيروتَ فاخَضَرَّتْ جوانِبُها / من شِدَّةِ الخِصْبِ حتى اخضَرَّ لُبنانُ
ذاكَ الذي يُجَتنى في السِّلمِ من فَمِهِ / دُرٌّ ومن سَيفِهِ في الحَرْبِ نِيرانُ
إذا انطفَتْ نارُ حربٍ في النَّهارِ لهُ / قامَتْ لصُنعِ القِرَى في الليلِ نيرانُ
الطاعنُ الخيلَ قد ألقىَ فَوارِسَها / عنها فهُنَّ على الفُرسانِ فُرسانُ
قد علَّمَ السَّيفَ بَذْلَ الجُودِ من يَدِهِ / فالوَحْشُ من حَولهِ والطَّيرُ ضِيفانُ
مُؤَيَّدٌ بيَمينِ اللهِ مُقتدِرٌ / لهُ مَلائِكةُ الرَّحمنِ أعوانُ
تُمسي السُّعودُ قياماً تحت رايتِهِ / كأنَّهُ عندَهُ جندٌ وغِلمانُ
كأنَّ مَنزِلَ خِضْرٍ ذَاتُ فاكِهةٍ / مِنَ الجِنانِ بها نخْلٌ ورُمَّانُ
يستأمِنُ الخائفُ اللاجي إليه كما / يَغنَى الفقيرُ ويُكسَى الخَزَّ عُريانُ
مهذَّبُ النُّطقِِ لا لَغْوٌ يُعابُ بهِ / وللمعاني كما للّفظِ مِيزانُ
حَوَى الإصابةَ في حُكمٍ وفي حِكَمٍ / فكانَ في الكُلِّ يُدعَى يا سُلَيمانُ
يا مَن بَغَى أن يراني تلكَ مَكرمةٌ / لها على كَرَمِ الأخلاقِ بُرهانُ
لقد عَرَفناكَ بالأسماعِ عن بعُدٍ / وكيفَ تَجهَلُ صَوتَ الرَّعدِ آذانُ
هذِهْ عُجالةُ مَدحٍ لو وَفيتُ لهُ / بما اقتَضَى لم يكُنْ يكفيهِ دِيوانُ
قَطَفتُ من طِيبِ رَوضٍ زَهرةً وكَفَى / إذْ ليسَ يَقطِفُ كلَّ الزَّهرِ إنسانُ
في ساحةِ الحَيِّ من تَيْماءَ غزْلانُ
في ساحةِ الحَيِّ من تَيْماءَ غزْلانُ / لَهُنَّ في الخِدر لا في الغابِ أوطانُ
تَحمِي حِماها رِجالٌ من بني مُضَرٍ / في السِّلمِ إنسٌ وفي يوم الوَغَى جانُ
حيٌّ طَرَقناهُ والنِيرانُ ساطعةٌ / فيهِ وللشوقِ في الأكبادِ نيرانُ
أمسَى يُديرُ لنا كأسَ المُدامِ فَتىً / بوَجهِهِ يُهتدَى والنَّجْمُ حَيرانُ
في كَفِّهِ النايُ يَسقِيهِ الرُّضابَ فلا / تَعجَبْ إذا مالَ فيها وَهْوَ نَشْوانُ
قد سَخَّرَ الرِّيحَ يَنهاها ويأمُرُها / كأنَّما هُوَ في الدُّنيا سُلَيمانُ
يا جِيرةَ الحَيِّ أنتم عُرْبُ باديةٍ / فكَيفَ ضاعتْ لكم في الحَيِّ جِيرانُ
لنا ذِمامٌ من الأسيافِ عندَكمُ / ولا ذِمامَ لِمَنْ تغزُوهُ أجفانُ
قِفُوا اسمَعُوا اليومَ ما أنشا لنا ولكم / مَنْ كُلَّ يومٍ لهُ في خَلْقِهُ شانُ
أنشا لنا اللهُ شَخصاً من عَشائِرِكم / لهُ إيادٌ أبٌ والجَدُّ قَحْطانُ
أعطاهُ حاتمُ إرثَ الجُودِ مَكرُمةً / والحِلمَ مَعْنٌ وجاهَ المُلكِ نُعمانُ
وَهْوَ الرَّبيعُ وقَيسٌ في نَباهتِهِ / وفي فَصاحتهِ قُسٌّ وسَحْبانُ
إنْ جُزتَ في غَربِ لُبنانَ الخَصيبِ فقُلْ / يا آلَ رَسلانَ ها قد قامَ رسلانُ
إن لم يكُنْ شخصَهُ قد عادَ منتشراً / فمجدهُ عادَ حيّا وهْوَ رَيَّانُ
شادَ الأمينُ بِناءَ المجدِ فارتَفَعَتْ / عِمادُهُ واستقامَتْ منهُ أركانُ
فإنْ بَنَى الدَّارَ في أرضٍ فعادتُهُ / في ذِرْوَةِ الأفْقِِ تأسيسٌ وبُنيانُ
قد شادَها كَعْبةً للوَفْدِ في حَرَمٍ / للمُلَتجينَ بهِ للحَقِّ مِيزانُ
في جَنَّةٍ تَحتَها الأنهارُ طافحةٌ / تَجري وفي بابها المَيمونِ رِضْوانُ
من قَصْرِ غُمدانَ مِحرابٌ لها وبها / من صُنعِ كِسرَى أنُوشِروانَ إيوانُ
وفَوقَها نُورُ صافي القَلبِ خُطَّ بهِ / ما خَطَّ في اللَوحِ ذو النُّورين عثُمانُ
هذا الأميرُ الذي للأمرِ في يَدِهِ / أزِمَّةٌ ولعُنقِ الدَّهرِ أرسانُ
إن كانَ يُعطي وزيرٌ غَيرَهُ رُتَباً / مِنَ الوُلاةِ فقد أعطاهُ سُلطانُ
مَولىً يَسودُ على الساداتِ خاضعةً / لأمرهِ أوجُهٌ منها وأعيانُ
راضَ الصِّعابَ التي انقادَتَ فكانَ لهُ / في القَفرِ والبَحرِ بُستانٌ ومَيْدانُ
ليسَ الشُّجاعُ الذي انقادَ الجَبانُ لهُ / إنَّ الشُّجاعَ الذي طاعتهُ شُجعانُ
وفارسُ الخيلِ من خاضَ العَجاجَ بها / وحولَهُ من كُماةِ القَومِ فُرسانُ
يا أيُّها الجبَلُ الرَّاسي على جَبَلٍ / فخراً فأنتَ على لُبنانَ لُبنانُ
لي فيكَ وحدَكَ دِيوانٌ نَظَمتُ بهِ / مدحاً وفي مَدحِ باقي الناسِ ديوانُ
فأنتَ عِنديَ نِصفُ النَّاس وا عجَبا / إن كانَ يُحسَبُ نِصفَ النَّاسِ إنسانُ
لاحَتْ بوَجهٍ بدِيعِ الأنسِ ميمونِ
لاحَتْ بوَجهٍ بدِيعِ الأنسِ ميمونِ / غَيداءُ فيها نِفارٌ غيرُ مأمونِ
وقطَّبتْ عندَ زَجرِ الصَبِّ حاجِبَها / لأنَّها تَعهَدُ التأكيدَ بالنُّونِ
حَسناءُ ظالمةُ العُشَّاقِ ما تَرَكتْ / لهم نصيباً منَ الدُّنيا ولا الدِينِ
رَشيقةٌ كلُّ لينٍ في معاطِفِها / وليسَ في قَلبِها شيءٌ منَ اللِّينِ
قولوا لرَيحانةٍ في الحَيِّ قد عَبِقَتْ / سَينقضي عاجلاً طِيبُ الرَّياحينِ
قد قَلَّ في النَّاسِ مَن تَصفو مَوَدَّتُهُ / ما أبعدَ الصَّفَو بينَ الماءِ والطِيِنِ
مَن رامَ في الدَّهرِ مِيزاناً لصُحبتِهِ / فإنَّ مِيزانَهُ طَرْحُ المَوازِينِ
مَوَدَّةُ المَرْءِ في الدُّنيا لحاجتِهِ / لا للصَّديقِ ولو دامَتْ إلى حينِ
وَيلاهُ قد ضاعَتِ الأيَّامُ ذاهبةً / في غَفلةِ اللَّهو أطويها وتَطويني
إن فاتَني نَهْيُ نفسي ليسَ ينَفعُني / نَهْيٌ ولو جاءَ مع مُوسَى وهارونِ
مَنْ عاشَرَ النَّاسَ لا يأمَنْ غَوائلَهم / كخائضِ البحرِ في أنواءِ كانونِ
وطالبُ الخيرِ من غيرِ الكرامِ كَمْن / يَرومُ بَرداً من الرَّمْضاءِ في الصِينِ
بينَ الكرامِ كريمٌ عِندَهُ كَرَمٌ / صافي المَوارِدِ عَذْبٌ غيرُ ممنونِ
ذاكَ الأمينُ ابنُ رَسلانَ الأميرُ على / لُبنانَ تعنو لهُ شُمُّ العَرانينِ
الفاعلُ الخيرَ لا نَقصٌ يُعابُ بهِ / والقائلُ الحقَّ يُجلَى بالبَراهينِ
تَملا المَسامَعَ والأبصارَ طَلعتُهُ / إذا تَصَدَّرَ في صَدرِ الدَّواوينِ
مُؤيَّدٌ بيمينِ اللهِ مُعتَضِدٌ / تَرعاهُ عينٌ تَولَتْ حِفظَ ذي النُونِ
سُعُودُهُ فوقَ أفلاكِ العُلَى ارتَفعَتْ / وذِكرُهُ دَقَّ أبوابَ السَّلاطينِ
شَهْمُ الفُؤادِ حَصيفٌ ليسَ يَشغلُهُ / سَمْعُ القَوانينِ عن حَفِظِ القَوانينِ
تَكِلُّ عن رأيهِ الآراءُ قاصِرةً / حتى تَرى كلَّ فوقٍ صار كالدُّونِ
في قلبهِ حِكمةٌ فاضت جَداوِلُها / حتَّى سَرَتْ مع دِماهُ في الشَّرايينِ
يَستَدرِكُ الأمدَ الأقصى بها ويَرَى / خَفِيَّ سِرٍّ بقلبِ المرْءِ مكنونِ
في كلِّ فَنٍّ لهُ باعٌ يطولُ فخُذْ / مَعْهُ بما شِئتَ في أيِّ الأفانينِ
يرنِّحُ الشِّعرَ عِطْفيهِ فيطرِبُهُ / إذ كان يعرفُ منه كلَّ مضمونِ
طارَتْ إليهِ قوافينا فقلتُ لها / لا يَرتَعُ الطَّيرُ إلاّ في البساتينِ
والشِّعرُ كالضَّيفِ يأتي من يُكرِّمُهُ / ولا يُباعُ لديهِ بَيعَ مغبونِ
جاءَت رسالةُ إبراهيمَ سافرةً
جاءَت رسالةُ إبراهيمَ سافرةً / عن وجهِ لُطفٍ وإجمالٍ وإحسانِ
دلَّت على كَرَمِ الأخلاقِ شاهدةً / مثلَ الدَّعاوي التِّي قامت بُبرهانِ
هُوَ الجديرُ بتقديمِ الثَّناءِ لهُ / إذ كانَ في العُرْبِ فرداً مالهُ ثانِ
أحيا القريضَ الذي شالت نَعامتُهُ / من بين أهل البوادي مُنذُ أزمانِ
هُمُ الذينَ أصابوا غايةً قَصُرَتْ / عنها القبائلُ من قاصٍ ومن دانِ
يفنَى الزَّمانُ ويبلَى أهلُ مُدَّتِهِ / وذِكرُهمْ ليسَ بالبالي ولا الفاني
لهم أيادٍ مَضَت في كلِّ نابغةٍ / وغارةٌ نَشِبَت في كلِّ ميدَانِ
وحِكمةٌ سَطعَتْ في رأسِ كلِّ فتىً / لم يَتْلُ سِفراً ولم يجلِسْ بديوانِ
لا يبلغُ الشَّيخُ منَّا في مدراسِهِ / ما كانَ يبلغُ راعي المَعْزِ والضَّانِ
وليسَ يَنظِمُ بعدَ الجَهدِ مُحتفلاً / ما كانَ يجري على أفواهِ غِلمانِ
إني أشوقُ إلى تلكَ الدِّيارِ كما / شاقت منازلُ ميٍّ قلبَ غَيْلانِ
واشتهي شَمَّ أرواحِ العَرارِ بها / ومَنظَرَ الرَّنْدِ والقَيْصومِ والبانِ
أهوَى القرونَ الخوالي من عشائِرها / قِدْماً وأهوَى بَقاياهم إلى الآنِ
وابتغي سمعَ آثار تُذكِّرُني / عهدَ الذين مَضَوا من عَهد قَحْطانِ
يا أيُّها الخَلَفُ الجاري على سَلَفٍ / ما أنت بالمُعتدي ظُلماً ولا الجاني
النَّاسُ للشِّعرِ أضيافٌ تُلِمُّ بهِ / وأنت تَنزِلُ في أهلٍ وأوطانِ
إن فاتني منك يا عينُ الرِّضى نَظرٌ / من أعينٍ لم يفُتْني سمعُ آذانِ
والدَّهرُ يمَنَعُ كلَّ الطيِّباتِ فإن / ظَفرِتُ يوماً ببعضٍ منهُ أرضاني
الحمدُ لله حَلَّ العُقدةَ الزَّمَنُ
الحمدُ لله حَلَّ العُقدةَ الزَّمَنُ / وقد شَفَى الرأسَ فاستَشفَى بهِ البَدَنُ
قد عادَتِ الدَّولةُ الشَّهباءُ من سَفَرٍ / غابت بهِ فاشتكى من شوقهِ الوَطنُ
يا كُورةً في حِمَى لُبنانَ قد سَقَطَتْ / من قُبحِ أَحكامِها قد جاءَكِ الحَسَنُ
هذا الأميرُ الشِّهابِيُّ الذي يدُهُ / تحمي الدِّيارَ وتُمحَى عندَها الفِتَنُ
يُنسِي الحجازَ عليّاً من شَجاعَتهِ / ومن عطاياهُ يَنسَى حاتِمَ اليَمَنُ
فليسَ للمالِ قَدْرٌ عندَ راحتهِ / ولا الدِّماءُ لها في حربهِ ثَمَنُ
شهمٌ كريمٌ لبيبٌ حاذقٌ نَجِبٌ / نَدْبٌ حَصيفٌ أديبٌ حازِمٌ فَطِنُ
لا عيبَ في خَلقِهِ يبدو لناظِرهِ / وليسَ في خُلقِهِ شَيْنٌ ولا دَرَنُ
بَشِّرْ شُيوخَ بني العازارِ أنَّ لهم / كرامةً رُفِعَتْ عنهم بها المِحَنُ
اللَّمْعُ فرعُ الشِّهابِ المُستضاءِ بهِ / والفرعُ يَبطُلُ حينَ الأصلُ يَعتلِنُ
ورداً على الخدِّ لا ورداً ببُستانِ
ورداً على الخدِّ لا ورداً ببُستانِ / يليقُ بالزَّهرِ أن يدعو بسلطانِ
كم بينَ وردٍ يدومُ الدَّهرَ مُبتسماً / ووردةٍ ليسَ تعدو شهر نَيْسانِ
وردٌ قطفناهُ بالأبصارِ واعَجَبا / من وجنةٍ ذاتِ أمواهٍ ونيرانِ
حيَّا بها رشأٌ تُحيي تحيَّتهُ / ويَفتِنُ اللَّحظُ منهُ كلَّ فَتَّانِ
رَيَّانُ يأنَفُ من تَشبيهِ قامتهِ / جَهلاً بعُودِ القَنا فضلاً عن البانِ
تَلقَى ثَناياهُ مِن كأسٍ بها حَبَبٌ / دُرّاً بدُرٍّ ومَرجاناً بمَرجانِ
في صَحْنِ خَدَّيهِ قد خَطَّ العِذارُ كما / قد خَطَّ في صَحنِ خدِّي دمعُ أجفاني
فقال والتِّيهُ يَثني مِن معَاطِفِهِ / خَطُّ ابنِ مُقلةَ لاقَى خَطَّ رَيْحانِ
أشكو هواهُ فيشكو من هوايَ لهُ / فكانَ يُضحِكُني مِن حيثُ أبكاني
كأنَّهُ وهْو في الدَّعوى يُعارِضُني / تَلقَّفَ الفِقْهَ عن مولايَ شروانِ
مولَى الموالي الذي طابتْ سريرَتُهُ / وقامَ بالحقِّ في سِرٍّ وإعلانِ
قد خُطَّ في قلبهِ المبرورِ من أدبٍ / ما خَطَّ في اللَّوحِ عُثمانُ بنُ عَفَّانِ
في صَدرهِ نورُ علمٍ زانَهُ عَملٌ / مِثلَ الثِّمار تَبدَّت فوقَ أغصانِ
قد صاغَهُ اللهُ من لُطْفٍ فَلاحَ لنا / كأنَّهُ مَلَكٌ في جسمِ إنسانِ
ضاحي الجبينِ طويلُ الباعِ مُقتدِرٌ / نالَ الجميلَينِ من حُسْنٍ وإحسانِ
أخلاقُهُ جَنَّةٌ طابتْ مغَارِسُها / فيها الفَواكِهُ من نخلٍ ورُمَّانِ
كأنَّهُ وَهْوَ في ديوانِ مَنصبِهِ / أبو حنيفةَ في مِحرابِ ديوانِ
يُفتي فيُقَضى بفَتواهُ على ثِقةٍ / في كلِّ قُطرٍ عليهِ آلُ عُثمانِ
مَن لي بنغْمةِ داودٍ أُشيدُ بها / في مَدْحِ مَن نالَ حُكماً مِن سُلَيمانِ
جارَيتُ أحكامَهُ فيما ادَّعيتُ لهُ / فلم أُقِمْ حُجةً إلاّ ببُرهانِ
لا الدُّرُّ دُرٌّ ولا المَرجانُ مرجانُ
لا الدُّرُّ دُرٌّ ولا المَرجانُ مرجانُ / إذا نطَقتَ ولا للدُّرِ أثمانُ
وحيثما كُنتَ بُستانٌ تُخالُ بهِ / جَناتُ عَدْنِ فما لُبنانُ لُبنانُ
وكلُّ شهرٍ ربيعٌ منكَ نحسَبهُ / حتَّى كأنَّ جميع الدهر نَيسانُ
وأنت فيما تَرى أفكارُنا مَلَكٌ / يبدو وفيما ترَى الأبصارُ إنسانُ
يا أيُّها القمرُ المسعودُ طالِعُهُ / بدرُ السَّماءِ متى أشرقتَ كَيْوانُ
كأنَّما السَّعدُ لمَّا جِئتَ زائِرَنا / طِرْسٌ وأنتَ لذاكَ الطِّرْسِ عُنوانُ
أتَى بكَ اللهُ والأيَّامُ مُدنَفَةٌ / فكنتَ أنتَ لها رَوْحٌ ورَيحانُ
أقبلتَ في مَوكِبٍ كانت تجولُ بهِ / خيلٌ لها في صُدورِ القومِ مَيْدانُ
والنَّاسُ بين الرَّجا والخوفِ واقفَةٌ / كَموقِفٍ فيهِ للأعمالِ ميزانُ
قد قُمتَ في جَبلٍ منكَ النجاةُ بهِ / كذلكَ الفُلْكِ لما فاضَ طُوْفانُ
عليكَ رايةُ إقبالٍ وحَولكَ مِن / ملائِكِ العرْشِ أنصارٌ وأعوانُ
في راحتَيكَ من اللُّطفِ البديعِ لنا / ماءٌ ومِن بأسِكَ المرهوبِ نيرانُ
لو لم يَقُدْ لكَ أعناقَ المَلا رَهَبٌ / لقادَها مِنكَ إجمالٌ وإحسانُ
حَيَّا الحَيا حَلَبَ الشَّهباءِ كم نَبَتَت / في روضِها الناضرِ الأغصانِ أغصانُ
هاتيك بُستانُ أفرادٍ بهِ شَجَرٌ / من خِصْبهِ كلُّ عودٍ منهُ بُستانُ
يا سيفَ دولةِ عُثمانَ المنيفِ على / مَن سيفُ دولتهِ أنشاهُ حَمدانُ
لو ابتَغَى أحمَدُ الكِنديُّ مدحَكَ لم / تَقُم لهُ في وفاءِ الحقِّ أركانُ
أقامَ شأنَكَ بينَ النَّاسِ مرتفعاً / من كلَّ يومٍ لهُ في خَلقِهِ شانُ
إن كانَ غيرُكَ تكفيهِ لمادحِهِ / قصيدةٌ لم يكنْ يكفيكَ ديوانُ
دَعوتَ شِعرَكَ تقريظاً وكانَ على
دَعوتَ شِعرَكَ تقريظاً وكانَ على / ميْتٍ فبالحقِّ سمَّيناهُ تأبينا
فقالَ قد كانَ ميْتاً قبلَ ذاكَ وقدْ / أحييَتُهُ اليومَ تهذيباً وتزيينا
يا باذلاً كنزَ عِلمٍ لهُ رَصَدٌ / والكَنزُ ممَّا اُقتَضَى صَوناً وتحصينا
النَّاسُ تمنحُ أموالاً نضِلُّ بها / وأنتَ تمنحُ أبصاراً فتَهدينا
هذِهْ نتيجةُ فِكرٍ شَفَّهُ كَمَدٌ / فاختارَ أوصافَكَ الحُسنَى رياحينا
هديَّةُ الشُّعراءِ الشِّعرُ ما بَرِحَت / تُهديهِ حيناً وتُهدَى مثلَهُ حينا
رسالةٌ ليسَ قاريها بذي مللٍ
رسالةٌ ليسَ قاريها بذي مللٍ / وتُحفةٌ ليسَ شاريها بمغبونِ
تضمَّنتْ من بديعِ الشِّعرِ أحسنَهُ / نظماً فكانت كديوانِ الدواوينِ
هديَّةٌ مِن كريمٍ طابَ عُنصُرُهُ / لهُ من الله أجرٌ غيرُ ممنونِ
فيها خزائنُ تِبرٍ غيرُ مُغلَقةٍ / عن طالبيها ودُّرٌّ غيرُ مكنونِ
رَبِيبةٌ في براري القَفرِ قد نشأتْ / من أينَ جاءَت بأثمارِ البساتينِ
وَهْيَ العروسُ جلاها أهلُ باديةٍ / تزهو بوَشْمٍ كفَى عن كلِّ تزيينِ
هم صُورةُ الحُسن لا تحسينَ يدخلُها / والحُسنُ في غيرِهم يأتي بِتَحسين
والوَردُ إنْ أشبَهَ النِّسرينُ منظَرَهُ / فأينَ من ريحِ وَردٍ ريحُ نسرِينِ
اليومَ لاحَ لنا في الحيِّ شَمسانِ
اليومَ لاحَ لنا في الحيِّ شَمسانِ / شمسُ النَّهارِ وشمسُ المجدِ والشَّانِ
قد حلَّ في القُطر خُرشيدُ المشيرُ كما / جَرى على وجهِ أرضٍ ماءُ غُدرانِ
قد غابَ عنَّا ربيعٌ أوَّلُ فأَتى / مِن الوزيرِ ربيعٌ بعدَهُ ثانِ
وأخصَبَتْ أرضُنا منهُ فما عَرَفَتْ / في شهرِ تمُّوزَ أمْ في شهرِ نيسانِ
قد زارَ مدرسةً نالتْ بهِ شَرَفاً / كأنَّ زَورتَهُ إكليلُ تيجانِ
صارت بهِ جَنَّةً أنهارُها عَسَلٌ / مِن العلومِ وقد حُفَّتْ بولِدانِ
مَنارةٌ في حِمَى بيروتَ قد سَطَعَتْ / تُنيرُ ظُلمةَ أبصارٍ وأذهانِ
بَهيجةُ الحُسنِ بُستانيَّةٌ نَفَحتْ / زهراً ففيهِ لها بُستانُ بُستانِ
مقيمةٌ تحتَ ظِلِّ الأمنِ مِن مَلِكٍ / في المَكرُماتِ يُباهي كلَّ سُلطانِ
من آلِ عُثمانَ أبقَى اللهُ دولتَهمْ / ما دامتِ النَّاسُ تتلو صُحْفَ عُثمانِ
زوروا حِمَى بِيعةٍ كالنَّجمِ طالِعَةٍ
زوروا حِمَى بِيعةٍ كالنَّجمِ طالِعَةٍ / قد شُيِّدَت باُسمِ إِيلِيَّا الغَيورِ هُنا
في بابها لاحَ تاريخٌ يقول لهُ / يا حَيُّ كُنْ شافعاً يومَ القَضاءِ بِنا
من آلِ يارَدَ في هذا الضَّريحِ فتىً
من آلِ يارَدَ في هذا الضَّريحِ فتىً / قد كانَ في دارِهِ روحاً ورَيحانا
سقاهُ داعي المنايا مِن مَوارِدِهِ / كأساً فراحَ بتلكَ الكأسِ سَكْرانا
لمَّا مَضَى نحوَ باريهِ على عَجَلٍ / وهَدَّ من فَقْدهِ للأهلِ أركانا
ناداهُ رسمٌ مِن التَّأريخِ قُلتُ بهِ / يا كاسِرَ القلبِ قد سُميِّتَ جُبرانا
أبهى عِذارٍ لعبدِ القادرِ انتَشَرَتْ
أبهى عِذارٍ لعبدِ القادرِ انتَشَرَتْ / فيهِ نوافجُ مِسكٍ صُنعُ رَحْمانِ
أبدَى لنا وجَنةً كالوردِ ناضرةً / أرِّخْ فدارَ عليها خَطُّ رَيْحانِ
زُرْ قبرَ سَلمانِ تلحوق الذي اشتهرَت
زُرْ قبرَ سَلمانِ تلحوق الذي اشتهرَت / ألطافُهُ وعليها الجودُ بُرهانُ
شيخُ التُّقَى عُمدةُ العُقَّالِ مَنزِلِهُ / مَضافةٌ ليسَ تخلو مِنهُ ضِيفانُ
قد كانَ في الدِّينِ والدُّنيا على ثِقَةٍ / مِن ربِّهِ وعليهِ مِنهُ رِضوانُ
حتَّى قَضَى والي المولى مَضَى فإذا / أرَّختَ قُلْ عندَ مَولَى الخَلقِ سَلْمانُ
أدارَ خطَّ عِذارٍ حولَ وجنتِهِ
أدارَ خطَّ عِذارٍ حولَ وجنتِهِ / خليلُ أيُّوبَ سامي المجدِ والشَّانِ
فمَن تأمَّلَ لمَّا أرَّخوهُ يرَى / في صحنِ ياقوتِ وجهٍ خطَّ رَيحانِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025