القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَحمود سامِي البارُودِي الكل
المجموع : 11
أَعَائِدٌ بِكِ يَا رَيْحَانَةُ الزَّمَنُ
أَعَائِدٌ بِكِ يَا رَيْحَانَةُ الزَّمَنُ / فَيَلْتَقِي الْجَفْنُ بَعْدَ الْبَيْنِ وَالْوَسَنُ
أَشْتَاقُ رَجْعَةَ أَيَّامِي لِكَاظِمَةٍ / وَمَا بِيَ الدَّارُ لَوْلا الأَهْلُ وَالسَّكَنُ
فَهَلْ تَرُدُّ اللَّيَالِي بَعْضَ مَا سَلَبَتْ / أَمْ هَلْ تَعُودُ إِلَى أَوْطَانِهَا الظُّعُنُ
أَهَنْتُ لِلْحُبِّ نَفْسِي بَعْدَ عِزَّتِهَا / وَأَيُّ ذِي عِزَّةٍ لِلْحُبِّ لا يَهِنُ
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْهَوَى سِرٌّ لَمَا ظَهَرَتْ / بِوَحْيِ قُدْرَتِهِ فِي الْعَالَمِ الْفِتَنُ
فَكَيْفَ أَمْلِكُ نَفْسِي بَعْدَمَا عَلِقَتْ / بِيَ الصَّبَابَةُ حَتَّى شَفَّنِي الْوَهَنُ
لَوْلا جَرِيرَةُ عَيْنِي مَا سَمَحْتُ بِهَا / لِلدَّمْعِ تَسْفَحُهُ الأَطْلالُ وَالدِّمَنُ
دَعَتْ إِلَى الغَيِّ قَلْبِي فَاسْتَبَدَّ بِهِ / شَوْقٌ تَوَلَّدَ مِنْهُ الْهَمُّ وَالشَّجَنُ
وَدُونَ مَا تَبْتَغِيهِ النَّفْسُ مِنْ أَرَبٍ / بَيْدَاءُ تَصْهَلُ فِي أَرْجَائِهَا الْحُصُنُ
وَفِي الأَكِلَّةِ آرَامٌ تُطِيفُ بِهَا / أُسْدٌ بَرَاثِنُهَا الْخَطِّيَّةُ اللُّدُنُ
مِنْ كُلِّ حَوْرَاءَ مِثْلِ الظَبْيِ لَوْ نَظَرَتْ / لِعَابِدٍ لَشَجَاهُ اللَّهْوُ وَالدَّدَنُ
فِي نَشْوَةِ الرَّاحِ مِنْ أَلْحَاظِهَا أَثَرٌ / وَفِي الْجَآذِرِ مِنْ أَلْفَاظِهَا غُنَنُ
دَقَّتْ وَجَلَّتْ وَلانَتْ وَهْيَ قَاسِيَةٌ / كَذَاكَ حَدُّ الْمَوَاضِي لَيِّنٌ خَشِنُ
طَوَتْ بِهِنَّ النَّوَى عَنِّي بُدُورَ دُجَىً / لا يَسْتَبِينُ لِعَيْنِي بَعْدَهَا سَنَنُ
أَتْبَعْتُهُمْ نَظَرَاتٍ كُلَّمَا بَلَغَتْ / أُخْرَى الْحُمُولِ ثَنَاهَا مَدْمَعٌ هُتُنُ
يَا رَاحِلِينَ وَفِي أَحْدَاجِهِمْ قَمَرٌ / يَكَادُ يَعْبُدُهُ مِنْ حُسْنِهِ الْوَثَنُ
مُنُّوا عَلَيَّ بِوَصْلٍ أَسْتَعِيدُ بِهِ / مِنْ مُهْجَتِي رَمَقَاً يَحْيَا بِهِ الْبَدَنُ
أَوْ فَاسْمَحُوا لِي بِوَعْدٍ إِنْ وَنَتْ صِلَةٌ / فَالْوَعْدُ مِنْكُمْ بِطِيبِ الْعَيْشِ مُقْتَرِنُ
لَمْ أَلْقَ مِنْ بَعْدِكُمْ يَوْماً أُسَرُّ بِهِ / كَأَنَّ كُلَّ سُرُورٍ بَعْدَكُمْ حَزَنُ
يَا جِيرَةَ الْحَيِّ مَا لِي لا أَنَالُ بِكُمْ / مَعُونَةً وَبِكُمْ فِي النَّاسِ يُعْتَوَنُ
مَاذَا عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ أَهْلُ بَادِرَةٍ / إِذَا تَرَنَّمَ فِيكُمْ شَاعِرٌ فَطِنُ
أَفِي السَّوِيَّةِ أَنْ يَبْكِي الْحَمَامُ وَلا / يَبْكِي عَلَى إِلْفِهِ ذُو لَوْعَةٍ ضَمِنُ
يَا حَبَّذَا مِصْرُ لَوْ دَامَتْ مَوَدَّتُهَا / وَهَلْ يَدُومُ لِحَيٍّ فِي الْوَرَى سَكَنُ
تَاللَّهِ مَا فَارَقَتْهَا النَّفْسُ عَنْ مَلَلٍ / وَإِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ لَهَا إِحَنُ
فَلا يَسُرَّ عُدَاتِي مَا بُلِيتُ بِهِ / فَسَوْفَ يَفْنَى وَيَبْقَى ذِكْرِيَ الْحَسَنُ
ظَنُّوا ابْتِعَادِيَ إِغْفَالاً لِمَنْقَبَتِي / وَذَاكَ عِزٌّ لَهَا لَوْ أَنَّهُمْ فَطَنُوا
فَإِنْ أَكُنْ سِرْتُ عَنْ أَهْلِي وَعَنْ وَطَنِي / فَالنَّاسُ أَهْلِي وَكُلُّ الأَرْضِ لِي وَطَنُ
لا يَطْمِسُ الْجَهْلُ مَا أَثْقَبْتُ مِنْ شَرَفٍ / وَكَيْفَ يَحْجُبُ نُورَ الْجَوْنَةِ الدَّخَنُ
قَدْ يَرْفَعُ الْعِلْمُ أَقْوَامَاً وَإِنْ تَرِبُوا / وَيَخْفِضُ الْجَهْلُ أَقْوَاماً وَإِنْ خَزَنوا
فَرُبَّ مَيْتٍ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ نَسَمٌ / وَرُبَّ حَيٍّ لَهُ مِنْ جَهْلِهِ كَفَنُ
فَلا تَغُرَّنْكَ أَشْبَاهٌ تَمُرُّ بِهَا / هَيْهَاتَ مَا كُلُّ طِرْفٍ سَابِقٌ أَرِنُ
فَلا مَلامَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ حَدَثٍ / فَكُلُّنَا بِيَدِ الأَقْدَارِ مُرْتَهَنُ
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ حُكْمٌ فِي تَصَرُّفِهِ / لَعَاشَ حُرّاً وَلَمْ تَعْلَقْ بِهِ الْمِحَنُ
وَأَيُّ حَيٍّ وَإِنْ طَالَتْ سَلامَتُهُ / يَبْقَى وَأَيُّ عَزِيزٍ لَيْسَ يُمْتَهَنُ
كُلُّ امْرِئٍ غَرَضٌ لِلدَّهْرِ يَرْشُقُهُ / بِأَسْهُمٍ لا تَقِي أَمْثَالَهَا الْجُنَنُ
فَلْيَشْغَبِ الدَّهْرُ أَوْ تَسْكُنْ نَوَافِرُهُ / فَلَسْت مِنْهُ عَلَى مَا فَاتَ أَحْتَرِنُ
غَنِيتُ عَمَّا يُهِينُ النَّفْسَ مِنْ عَرَضٍ / فَمَا عَلَيَّ لِحَيٍّ فِي الْوَرَى مِنَنُ
لَكِنَّنِي بَيْنَ قَوْمٍ لا خَلاقَ لَهُمْ / إِنْ عَاقَدُوا غَدَرُوا أَوْ عَاشَرُوا دَهَنُوا
يُخْفُونَ مِنْ حَسَدٍ مَا فِي نُفُوسِهِمُ / وَيُظْهِرُونَ خِدَاعَاً غَيْرَ مَا بَطَنُوا
يَا لَلْحُمَاةِ أَمَا فِي النَّاسِ مِنْ رَجُلٍ / وَارِي الضَّمِيرِ لَهُ عَقْلٌ بِهِ يَزِنُ
أَكُلَّ خِلٍّ أَرَاهُ لا وَفَاءَ لَهُ / وَكُلَّ قَلْبٍ عَلَيَّ الْيَوْمَ مُضْطَغِنُ
تَغَيَّرَ النَّاسُ عَمَّا كُنْتُ أَعْهَدُهُ / فَالْيَوْمَ لا أَدَبٌ يُغْنِي وَلا فِطَنُ
فَالْخَيْرُ مُنْقَبِضٌ وَالشَّرُّ مُنْبَسِطٌ / وَالْجَهْلُ مُنْتَشِرٌ وَالْعِلْمُ مُنْدَفِنُ
لَمْ تَلْقَ مِنْهُمْ سَلِيماً فِي مَوَدَّتِهِ / كَأَنَّ كُلَّ امْرِئٍ فِي قَلْبِهِ دَخَنُ
طَوَاهُمُ الْغِلُّ طَيَّ الْقدِّ وَانْتَشَرَتْ / بِالْغَدْرِ بَيْنَهُمُ الأَحْقَادُ وَالدِّمَنُ
فَلا صَدِيقَ يُرَاعِي غَيْبَ صَاحِبِهِ / وَلا رَفِيقَ عَلَى الأَسْرَارِ يُؤْتَمَنُ
بَلَوْتُهُمْ فَسَئِمْتُ الْعَيْشَ وَانْصَرَفَتْ / نَفْسِي عَنِ النَّاسِ حَتَّى لَيْسَ لِي شَجَنُ
فَإِنْ يَكُنْ فَاتَنِي مَا كُنْتُ أَمْلُكُهُ / فَالْبُعْدُ عَنْهُمْ لِمَا أَتْلَفْتُهُ ثَمَنُ
كَفَى بِحَرْبِ النَّوَى سِلْماً نَجَوْتُ بِهِ / وَرُبَّ مَخْشِيَّةٍ فِي طَيِّهَا أَمَنُ
لَعَلَّ مُزْنَةَ خَيْرٍ تَسْتَهِلُّ عَلَى / رَوْضِ الأَمَانِي فَيَحْيَا الأَصْلُ وَالْفَنَنُ
وَكُلُّ شَيءٍ لَهُ بَدْءٌ وَعَاقِبَةٌ / وَكَيْفَ يَبْقَى عَلَى حِدْثَانِهِ الزَّمَنُ
خَلَعْتُ فِي حُبِّ غِزْلانِ الْحِمَى رَسَنِي
خَلَعْتُ فِي حُبِّ غِزْلانِ الْحِمَى رَسَنِي / وَبِعْتُ بِالسُّهْدِ فِي لَيْلِ الْهَوَى وَسَنِي
وَأَعْجَبَتْنِي عَلَى ذَمِّ الْعَذُولِ لَهَا / صَبَابَةٌ نَقَلَتْ سِرِّي إِلَى الْعَلَنِ
فَلْيَبْلُغِ الْعَذْلُ مِنِّي مَا أَرَادَ فَقَدْ / أَسْلَمْتُ لِلشَّوْقِ رُوحِي وَالضَّنَى بَدَنِي
تِلْكَ الْحَمَائِمُ لَوْ تَدْرِي بِمَا لَقِيَتْ / أَهْلُ الْمَحَبَّةِ لَمْ تَسْجَعْ عَلَى فَنَنِ
يَا رَبَّةَ الْخِدْرِ قُومِي فَانْظُرِي عَجَباً / إِلَى غَرَائِبَ لَمْ تُقْدَرْ وَلَمْ تَكُنِ
هَذِي يَدِي جَسَّهَا الآسِي وَخَامَرَهُ / يَأْسٌ فَغَادَرَهَا صَرْعَى مِنَ الْوَهَنِ
وَقَالَ لا تَكْتُمَنْ أَمْرَاً عَلَيَّ فَقَدْ / عَلِمْتُ مَا بِكَ مِنْ بَادٍ وَمُكْتَمِنِ
فَلَمْ أُجِبْ غَيْرَ أَنَّ الدَّمْعَ نَمَّ عَلَى / وَجْدِي وَدَلَّتْهُ أَنْفَاسِي عَلَى شَجَنِي
عَطْفاً عَلَيَّ فَلَمْ أَطْلُبْ إِلَيْكِ سِوَى / أَنْ أُمْتِعَ الْعَيْنَ مِنْ تِمْثَالِكِ الْحَسَنِ
مَا لِلْعَذُولِ رَأَى وَجْدِي فَأَحْفَظَهُ / حَتَّى أَتَاكُمْ بِقَوْلٍ مِنْ هَنٍ وَهَنِ
لا تَقْبَلِي الْعَذْلَ فِي مِثْلِي فَكُلُّ فَتَىً / حُرِّ الشَّمَائِلِ مَحْسُودٌ عَلَى الْفِطَنِ
وَالنَّاسُ أَعْدَاءُ أَهْلِ الْفَضْلِ مُذْ خُلِقُوا / مِنْ عَهْدِ آدَمَ سَبَّاقُونَ فِي الإِحَنِ
فَلا صَدِيقَ عَلَى وُدٍّ بِمُتَّفِقٍ / وَلا خَلِيلَ عَلَى سِرٍّ بِمُؤْتَمَنِ
فَلَيْتَ لِي وَدَوَاعِي النَّفْسِ كَاذِبَةٌ / خِلاً يَكُونُ سُرُورَ الْعَيْنِ وَالأُذُنِ
أُصْفِيهِ وُدِّي وَأُمْلِيهِ الْهَوَى وَأَرَى / مِنْهُ الصَوَابَ وَأَرْجُوهُ عَلَى الزَّمَنِ
هَيْهَاتَ أَطْلُبُ أَمْرَاً لَيْسَ يَبْلُغُهُ / حَيٌّ وَلَوْ سَارَ مِنْ هِنْدٍ إِلَى يَمَنِ
مَهْلاً أَخَا الْجَهْلِ لا يُغْوِيكَ مَا نَظَرَتْ / عَيْنَاكَ فِي هذِهِ الدُّنْيَا مِنَ الْفِتَنِ
هذِي الْبَرِيَّةُ فَانْظُرْ إِنْ وَجَدْتَ بِهَا / غَيْرَ الَّذِي قُلْتُ فَاهْجُرْنِي وَلا تَرَنِي
أَنَا الَّذِي عَرَفَ الأَيَّامَ وَانْكَشَفَتْ / لَهُ سَرَائِرُهَا مِنْ كُلِّ مُخْتَزَنِ
طُفْتُ الْبِلادَ وَجَرَّبْتُ الْعِبَادَ فَلَمْ / أَرْكَنْ لِخِلٍّ وَلَمْ أَجْنَحْ إِلَى سَكَنِ
خُلِقْتُ حُرّاً فَلا قَدْرِي بِمُتَّضِعٍ / عِنْدَ الْمُلُوكِ وَلا عِرْضِي بِمُمْتَهَنِ
لا عَيْبَ فِيَّ سِوَى أَنِّي عَتَبْتُ عَلَى / دَهْرِي فَقَدَّمَ مَنْ دُونِي وَأَخَّرَنِي
وَهَذِهِ شِيمَةُ الدُّنْيَا وَمِنْ عَجَبٍ / أَنِّي أَرَى مِحْنَتِي فِيهَا وَتُعْجِبُنِي
لَيْسَ السُّرُورُ الَّذِي يَأْتِي الزَّمَانُ بِهِ / يَفِي بِقَدْرِ الَّذِي يَمْضِي مِنَ الْحَزَنِ
فَاسْتَبْقِ نَفْسَكَ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِناً / وَاقْنَعْ بِعَيْشِكَ فِي سِرْبَالِكَ الْخَشِنِ
وَلا تَفُهْ بِحَدِيثِ النَّفْسِ إِنَّ بِهِ / شَرَّ الْحَيَاةِ وَسَعْيَ الْحَاسِدِ الأَفِنِ
وَلا تَسَلْ أَحَداً عَوْناً عَلَى أَمَلٍ / حَتَّى تَكُونَ أَسِيرَ الشُّكْرِ وَالْمِنَنِ
خَيْرُ الْمَعِيشَةِ مَا كَانَتْ مُذَلَّلَةً / هَوْناً وَثَوْبُكَ مَعْصُومٌ مِنَ الدَّرَنِ
وَعَاشِرِ النَّاسَ بِالْحُسْنَى فَإِنْ عَرَضَتْ / إِسَاءَةٌ فَتَغَمَّدْهَا عَلَى الظِّنَنِ
فَالصَّفْحُ عَنْ بَعْضِ مَا يُمْنَى الْكَرِيمُ بِهِ / فَضْلٌ يَطِيرُ بِهِ شُكْرٌ بِلا ثَمَنِ
هَذَا الطَّرِيقُ فَإِنْ أَخْطَأْتَ شِرْعَتَهُ / أَضَعْتَ نَفْسَكَ بَيْنَ الْحَوْضِ وَالْعَطَنِ
دَارِ الصَّدِيقَ وَلا تَأْمَنْ بَوَادِرَهُ
دَارِ الصَّدِيقَ وَلا تَأْمَنْ بَوَادِرَهُ / فَرُبَّمَا عَادَ بَعْدَ الصِّدْقِ خَوَّانَا
يُفْضِي بِسِرِّكَ أَوْ يَسْعَى بِأَمْرِكَ أَوْ / يَقُولُ عَنْكَ حَدِيثَ السُّوءِ بُهْتَانَا
فَإِنْ تَنَصَّلْتَ قَالُوا فِيكَ مَعْرِفَةً / تَنْفِي المِرَاءَ مَعَ الوُدِّ الذِي كَانَا
وَأَكْثَرُ الْخَلْقِ مَطْبُوعٌ عَلَى ظِنَنٍ / تَقْضِي عَلَيْهِ بِلَبْسِ الْحَقِّ أَحْيَانَا
وَقَلَّ فِي النَّاسِ مَنْ جَرَّبْتُهُ فَرَأَى / بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْبُهْتَانِ فُرْقَانَا
لا تَخْشَ بُؤْسَاً مِنْ عَدُوٍّ ظَاهِرٍ
لا تَخْشَ بُؤْسَاً مِنْ عَدُوٍّ ظَاهِرٍ / وَاخْشَ الْمَكِيدَةَ مِنْ عَدوٍّ بَاطِنِ
كَمْ بَيْنَ شَرٍّ ظَاهِرٍ مُسْتَدْرَكٍ / مِنْهُ الْخَلاصُ وَبَيْنَ شَرٍّ بَاطِنِ
قَدْ عَاقَنِي الشَّكُّ فِي أَمْرٍ أَضَعْتُ لَهُ
قَدْ عَاقَنِي الشَّكُّ فِي أَمْرٍ أَضَعْتُ لَهُ / عَزِيمَةَ الرَّأْيِ حَتَّى ضَاقَ كِتْمَانِي
أَوْلَيْتَنِي مِنْكَ وُدّاً قَبْلَ مَعْرِفَةٍ / ثُمَّ انْثَنَيْتَ بِصَدٍّ قَبْلَ إِعْلانِ
فَسَرَّنِي مِنْكَ مَا قَدَّمْتَ مُبْتَدَأً / وَسَاءَنِي مِنْكَ مَا أَخَّرْتَ فِي الثَّانِي
فَإِنْ يَكُنْ سُوءُ رَأْيٍ أَوْ مَلالُ هَوَىً / فَإِنَّ كِلْتَيْهِمَا فِي الْقُبْحِ سَيَّانِ
فَاكْشِفْ لَنَا عَنْ قِنَاعِ الشَّكِّ نَحْيَ بِهِ / إِمَّا وِصَالاً وَإِمَّا مَحْضَ هِجْرَانِ
يَا رَاحِلاً غَابَ صَبْرِي بَعْدَ فُرْقَتِهِ
يَا رَاحِلاً غَابَ صَبْرِي بَعْدَ فُرْقَتِهِ / وَأَصْبَحَتْ أَسْهُمُ الأَشْوَاقِ تُصْمِينِي
إِنْ كَانَ يُرْضِيكَ مَا أَلْقَاهُ مِنْ كَمَدٍ / فِي الْحُبِّ مُذْ غِبْتَ عَنِّي فَهْوَ يُرْضِينِي
لَمْ أَلْقَ بَعْدَكَ يَوْماً أَسْتَبِينُ بِهِ / وَجْهَ الْمَسَرَّةِ إِلَّا ظَلَّ يُبْكِينِي
قَدْ كُنْتُ لا أَكْتَفِي بِالشَّمْلِ مُجْتَمِعَاً / فَالْيَوْمَ نَظْرَةُ عَيْنٍ مِنْكَ تَكْفِينِي
إِذَا أَتَاكَ خَلِيلٌ بَعْدَ مَنْدَمَةٍ
إِذَا أَتَاكَ خَلِيلٌ بَعْدَ مَنْدَمَةٍ / مِنْهُ عَلَى مَا مَضَى مِنْ زَلَّةٍ فَهُنِ
وَإِنْ صَفَحْتَ فَلا تَعْرِضْ بِمَعْتَبَةٍ / فَالْعَتْبُ يُفْسِدُ مَا قَدَّمْتَ مِنْ حَسَنِ
أَحْبِبْ وَأَبْغِضْ وَقُلْ بِحَقٍّ
أَحْبِبْ وَأَبْغِضْ وَقُلْ بِحَقٍّ / وَلا تُسَاهِلْ وَلا تُخَاشِنْ
فَالْحُبُّ يُعْمِي عَنِ الْمَسَاوِي / وَالْبُغْضُ يُعْمِي عَنِ الْمَحَاسِنْ
خَفِّضْ عَلَيْكَ وَلا تَجْزَعْ لِنَائِبَةٍ
خَفِّضْ عَلَيْكَ وَلا تَجْزَعْ لِنَائِبَةٍ / فَالدَّهْرُ يَعْتَرُّ بِالإِنْسَانِ أَحْيَانَا
فَكُلُّ نَاءٍ قَرِيبٌ إِنْ صَبَرْتَ لَهُ / وَكُلُّ صَعْبٍ إِذَا قَاوَمْتَهُ هَانَا
لا تَرْكَنَنَّ إِلَى النَّمَّامِ إِنَّ لَهُ
لا تَرْكَنَنَّ إِلَى النَّمَّامِ إِنَّ لَهُ / خَدْعاً يُفَرِّقُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْبَدَنِ
لَوْ لَمْ تَكُنْ قِصَّةُ النَّمَّامِ كَاذِبَةً / مَا كَانَ يَسْتُرُهَا عَنْ مَعْرِضِ الْعَلَنِ
مَا أَطْيَبَ الْعَيْشَ لَوْلا أَنَّهُ فَانِي
مَا أَطْيَبَ الْعَيْشَ لَوْلا أَنَّهُ فَانِي / تَبْلَى النُّفُوسُ وَلا يَبْلَى الْجَدِيدَانِ
قَدْ كُنْتُ فِي غِرَّةٍ حَتَّى إِذَا انْقَشَعَتْ / أَبْقَتْ تَبَارِيحَ لا تَنْفَكُّ تَغْشَانِي
وَشَيْبَةً كَلِسَانِ الْفَجْرِ نَاطِقَةً / بِمَا طَوَاهُ عَنِ الإِفْشَاءِ كِتْمَانِي
أَضْحَتْ قَذَىً لِعُيُونِ الْغِانِيَاتِ وَقَدْ / كَانَتْ حِبَالَةَ أَبْصَارٍ وَأَذْهَانِ
كَأَنَّنِي لَمْ أَقُدْ شَعْوَاءَ جَافِلَةً / وَلَمْ أَبِتْ بَيْنَ دَارَاتٍ وَنِدْمَانِ
وَلَمْ أَقُمْ فِي مَقَامَاتٍ وَأَنْدِيَةٍ / شَتَّى الْهَوَى غَيْرَ رِعْدِيدٍ وَلا وَانِي
فَالْيَومَ أَصْبَحتُ لا سَيْفِي بِمُنْصَلِتٍ / عَلَى الْعَدُوِّ وَلا قَوْسِي بِمِرْنَانِ
لا أَذْكُرُ اللَّهْوَ إِلَّا أَنْ تُذَكِّرَنِي / وَرْقَاءُ تَدْعُو هَدِيلاً بَيْنَ أَغْصَانِ
إِنَّ الثَّلاثِينَ وَالْخَمْسَ الَّتِي عَرَضَتْ / ثَنَتْ قُوَايَ وَفَلَّتْ غَرْبَ أَشْجَانِي
وَخَلَّفَتْنِي عَلَى مَا كَانَ مِنْ طَرَبٍ / بَادِي الأَسَافَةِ فِي قَوْمِي وَجِيرَانِي
وَكَانَ يَحْزُنُنِي شَيْبِي فَصِرْتُ أَرَى / أَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ أَوْلَى بِإِحْزَانِي
وَهَوَّنَ الأَمْرَ عِنْدِي أَنَّ كُلَّ فَتَى / وَإِنْ تَمَلَّأ مِنْ مَاءِ الصِّبَا فَانِي
يَا نَفْسُ لا تَذْهَبِي يَأْسَاً بِمَا كَسَبَتْ / يَدَاكِ فَاللَّهُ ذُو مَنٍّ وَغُفْرَانِ
يَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ حَتَّى يَسْتَوِي كَرَماً / لَدَيْهِ ذُو الْعَمَلِ الْمَبْرورِ وَالْجَانِي
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الأَفْلاكَ دَائِرَةً / وَصَوَّرَ الْخَلْقَ مِنْ إِنْسٍ وَمِنْ جَانِ
وَقَدَّرَ الشَّمْسَ تَجْرِي فِي مَنَازِلِهَا / وَالنَّجْمَ وَالْقَمَرَ السَّارِي بِحُسْبَانِ
وَأَرْسَلَ الْغَيْثَ أَرْسَالاً بِرَحْمَتِهِ / وَأَنْبَتَ الأَرْضَ مِنْ حَبٍّ وَرَيْحَانِ
سُبْحَانَهُ جَلَّ عَنْ وَصْفٍ يُحِيطُ بِهِ / وَكَيْفَ يُدْرِكُ وَصْفَ الدَّائِمِ الْفَانِي
لَقَدْ تَفَرَّدَ فِي لاهُوتِ قُدْرَتِهِ / فَمَا لَهُ أَبَدَاً فِي مُلْكِهِ ثَانِي
وَإِنَّما نَحْنُ نُطْرِيهِ كَمَا سَبَقَتْ / بِهِ الإِرَادَةُ مِنْ وَصْفٍ وَتِبْيَانِ
كُلٌّ يَقُولُ عَلَى مِقْدَارِ فِطْنَتِهِ / وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْقَاصِي وَبِالدَّانِي
تَبَارَكَ اللَّهُ عَمَّا قِيلَ وَابْتُدِعَتْ / فِي ذَاتِهِ مِنْ أَضَالِيلٍ وَبُهْتَانِ
قَدْ لَفَّقُوهَا أَسَاطِيراً مُحَبَّرَةً / بِحِكْمَةٍ ذَاتِ أَشْكَالٍ وَأَلْوَانِ
كَأَنَّهُمْ قَدْ أَصَابُوا طُرْفَةً عَجَبَاً / أَوْ جَاءَهُمْ نَبَأٌ صِدْقٌ بِبُرْهَانِ
وَلَوْ تَكَشَّفَ هَذَا الأَمْرُ لارْتَدَعَتْ / مَعَاشِرٌ خَلَطُوا كُفْرَاً بِإِيمَانِ
يَارَبِّ إِنَّكَ ذُو مَنٍّ وَمَغْفِرَةٍ / فَاسْتُرْ بِعَفْوِكَ زَلَّاتِي وَعِصْيَانِي
وَلا تَكِلْنِي إِلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلِي / فَإِنَّهُ سَبَبٌ يُفْضِي لِحِرْمَانِي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025