القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مصطفى صادق الرافعي الكل
المجموع : 8
سهرتُ والليلُ أمسى للورى سكنا
سهرتُ والليلُ أمسى للورى سكنا / فمن يدلُّ على أجفاني الوسنا
أرعى كواكِبها حتى إذا أفلتْ / ألقيتُ للطيرِ في تحنانها الأذنا
واسألِ الحبَّ عن روحي وعن بدني / فلا أرى لي لا روحاً ولا بدنا
وما نظرتُ لأعضائي وقد بليتْ / إلا حسبتُ ثيابها فوقَها كفنا
يا من يعزُّ على نفسي تدلله / كم ذا أكابدُ فيكَ الذلَّ والوهنا
دروا بما بي ولولا الدمعُ كانَ دما / لما تظنوهُ إلا عارضاً هتنا
وربَّ ذي سفهٍ قد هبَّ يعذلُني / فقالَ أنتَ الفتى المضنى فقلتُ أنا
وهل أخافُ على سرِّ الهوى أحداً / وقدْ خلقتُ على الأسرارِ مؤتمنا
فدع غرامكَ يطويني وينشرني / ودعْ عذولي يطوي جنبهُ الضغنا
من كان مثلي لم يحفلْ بمثلهمُ / ومن أحبَّ استلانَ المركبَ الخشنا
كأنما الحسنُ أمسى فيكَ مجتمعاً / فأينما نظرتْ عيني رأتْ حسنا
وإن تكنْ للعاشقينَ فما / يزالُ أمرُ الهوى في ما بيننا فتنا
فاسأل محياكَ كم أخجلتَ من قمرٍ / وسل قوامكَ ذا المياسِ كم غصنا
وكم يبيعكَ أهلُ العشقِ أفئدةً / وأنتَ لا عوضاً تعطي ولا ثمنا
فيمَ اقتصاصكَ في قلبي تعذبني / وما جنيتُ ولا قلبي عليكَ جنى
أما كفاني ما ألقاهُ من زمني / حتى أغالبَ فيكَ الشوقَ والزمنا
إني وإياكَ كالمنفيِّ عن وطنٍ / أيُّ البلادِ رأى لم ينسهِ الوطنا
وما أطافَ بقلبي في الهوى أملٌ / إلا بعثتَ عليهِ الهمَّ والحزنا
ليهنكَ اليومَ أني ممسكٌ كبدي / وإنها قطعٌ تجري هنا وهنا
وفي الجوانحِ شيءٌ لستُ أعرفهُ / لكنْ أهل الهوى يدعونهُ شجنا
يبيبتُ ينبضُ قلبي من تقلبهِ / حتى إذا ذكروا من هاجهُ سكنا
فهلْ رثيتَ لمن لو بثَّ لوعتهُ / معَ الصباحِ لأبكى الطيرَ والفننا
وهل تعللنا يوماً بموعدةٍ / وإن تكن لا تفي سرّاً ولا علنا
أوأن نفسي على كفيكَ لانحدرتْ / ولو دفنتُ لما باليتَ من دُفنا
وذو الشقاوةِ مقرونٌ بشِقْوَتهِ / أنى تقلبَ جرتْ خلفهُ المحنا
أراكَ تنظرُ للغزلانِ شاردةً
أراكَ تنظرُ للغزلانِ شاردةً / ولا يردُ شبا عينيكَ عينانِ
ما دمتَ تهوى حبيباً فالفؤادُ لهُ / وليسَ ينزلُ في قلبٍ حبيبانِ
كفى صدوداً فما أبقى تجافينا
كفى صدوداً فما أبقى تجافينا / منا ولا الدمعُ أبقى من مآقينا
تطيرُ نفسي من ذكراكَ خافقةً / على ليالٍ توافينا وتسبينا
إذ الزمانُ طليقُ الوجهِ مبتسمٌ / خضرَ الجوانبِ تسقيها أمانينا
كانتْ بها نسماتُ العتبِ راقصةٌ / تهزُّ من حبِّنا فيها رياحينا
لا يمددُ الدهرُ بعدَ اليومِ لي يدَهُ / فما سوى الهمِّ أمسى بينَ أيدينا
وأدمعٍ في زمامِ الحبِّ جارية / ما كنَّ لم يرضَها الحبُ يجرينا
صيرتَ هذي الدراري من عواذِلِنا / ومطلعُ الشمسِ فيها من أعادينا
مرَّ الزمانُ الذي كانتْ فجائِعهُ / تُخطى وهذا زمانٌ ليسَ يخطينا
وفرقَ الدهرُ شملاً كانَ يجمعُنا / فما لذا الدهرِ مُغرىً بالمحبينا
من مبلغُ الفجرَ إذ قامتْ نواديهُ / أنَّا بجنحِ الدجى ينعاهُ ناعينا
كانتْ ليالي الهوى تفترُّ ضاحكةً / عنهُ فبِتْنَ عليَّ اليومَ يبكينا
وكانَ فيهِ جمالٌ من نضارتِنا / وفي محياهُ صفوٌ من تصافينا
أيامَ لم ندرِ أن البدرَ حاسدُنا / على الهوى وضياءُ الفجرِ واشينا
تدورُ في كأسنا صرفٌ مشعشعةٌ / من وردةِ الخدِّ حينا واللُّمى حينا
والنجمُ في نشوةٍ مما ينادمنا / والحليُ في طربٍ مما يُغنينا
يا حاجةَ النفسِ لا تصغي لذي حسدٍ / فما لقينا من الأيامِ يكفينا
كأنها لم تصنَّا في جوانحها / ولم تكنْ بسوادِ القلبِ تُفدينا
ولم نبتْ ليلةً كالروضِ حاليةٍ / نجني بها من صنوفِ اللهوِ ماشينا
والبينُ ظمآنٌ لم تحسبْ عواذلنا / إن الدموعَ سترويهِ وتظمينا
فيا ليالٍ ذكرناها وأكبُدنا / مقطعاتٌ عليها في حوانينا
قد سالَ بعدكِ ما كنا نُكَفْكِفُهُ / وجاذبتنا النوى من كانَ يُسلينا
لا في الأسى راحةٌ مما نغالبهُ / من البعادِ ولا يغني تأسينا
إذا نسيمُ الصبا رقتْ جوانبهُ / على متونِ الروابي راحَ يصبينا
تهيجُ رياهُ من ذكرى الديارِ هوىً / وربما ذكروا بالمسكِ دارينا
ما فيهِ إلا تحايا العاشقينَ إلى / الغيدِ الأوانسِ والعتبى أفانينا
وكم ينم بأنفاسٍ تحملَها / فيها الحياةُ ولكن ليسَ يحيينا
سلي الظلامَ إذا شابتْ ذوائبهُ / من هولِ ما بتُّ ألقى من تنائينا
ألاحتِ الشمسُ تغرِي العاذلينَ بنا / كليلةُ الطرفِ أم راحتْ تحيينا
لقد عدتنا عوادينا وكيفَ بنا / إذا عدتنا عن اللقيا عوادينا
نبيتُ والهجرُ في الآفاقِ ينشرنا / كأننا لم نبتْ والوصلُ يطوينا
قالتْ رأيتكَ مجنوناً فقلتُ لها / لولا هواكِ لما كنا مجانينا
يا طلعةَ الشمسِ غابتْ بعدما طلعتْ / وظبيةُ القاعِ لم ترجعْ لوادينا
هل شاغلتكِ عواد ما تشاغلنا / وباتَ يلهيكَ أنسٌ ليسَ يلهينا
إن كان سهلاً على اللهِ تفرقنا / فليسَ صعباً عليهِ أن يلاقينا
أيكُ العصافيرِ والدنيا عليَّ أسىً
أيكُ العصافيرِ والدنيا عليَّ أسىً / أما تُرَوَّحُ عني بعضُ أحزاني
لي فيكَ عصفورةٌ لو أنها نطقتْ / رأيتَ كيفَ يُعادُ الميتُ الفاني
ما صوَّرَ الناس في الأنوارِ أجنحةً / إلا غداةَ بدا منها الجناحانِ
فويحَ قلبي ما من مرّةٍ صدحتْ / إلا شعرتُ بقلبي بينَ آذاني
وويحَ عُذالها ما في جوانبهمْ / قلبي فمن أينَ يحكى شأنهمْ شاني
أنا إذا عذلوا عانٍ وإذا عذروا / فآنٍ وإن حكموا لي أولها جاني
والحبُّ روحٌ لأهليهِ فعندهمُ / هذي الحياةُ وهذا الموتُ سيَّانِ
قالوا جفتك ولا تنفكُّ تذكرها
قالوا جفتك ولا تنفكُّ تذكرها / إن النصيحةَ سلوانٌ بسلوانِ
فقلتُ عينيَ مني وهْيَ إنْ رمدتْ / فلا يكونُ دواها كحلُ عميانِ
نأَتْ دنَتْ وصلَتْ ضمتْ نفتْ هجرتْ / في كلِّ ذلك أهواها وتهواني
لا يخملُ الصدَّ منها والهوى بدني
لا يخملُ الصدَّ منها والهوى بدني / ولا أطيقُ بلايا الحبِّ والزمنِ
جسمٌ تراهُ فلا تدري أمشتملٌ / بالثوبِ أم درجوهُ منهُ في كفنِ
يكادُ يومُ التناجي أن يطيَّرهُ / مرُّ الهواءِ معِ الشكوى إلى الأذنِ
لولا الحبيبُ وقصدي أن يبينَ لهُ / يريهِ ما فعلتْ عيناهُ لم يبنِ
دجا الظلامُ فيا لَيلَى أَمَا فينا
دجا الظلامُ فيا لَيلَى أَمَا فينا / روح ام الموت مثل الرزق جافينا
يأتي الصباح علينا لا يكفّننا / ويذهب الليل عنا لا يُوارينا
وتطلع الشمس تُحيينا وليس لنا / زادُ الحياة فلم يا ربِّ تحيينا
تنير عالمَ سوءٍ كلهُ ظُلمٌ / كالظلّ ضُمن منهُ النور تضمينا
الله كوَّنهُ تكوين مرحَمَةٍ / وكوَّن الناسُ بعد اللهِ تكوينا
فأيُّهم مااعتدى ظلماً وهل وجدوا / من أمةٍ لم تقل بعد اللهِ تكوينا
يا ربِّ قد عاد صخراً عاتياً وقحاً / ما كنت أنشأتهُ من قبلها طينا
حبُّ الانام محاباة وقد فقدت / عيني المحبين فيهم والمُحابينا
كأنني لستُ انساناً يشابههم / ولا أُعدُّ ولا بين المرائينا
يا نفس ويحك قرّي غير جائشة / كانوا وكنا وما شاؤا ولاشينا
وكلُّنا صائرٌ يوماً لمصرعهِ / إن الذي هو سؤانا يُساوينا
هي الرذيلة تبلوهم فتضحكهم / وهي الفضيلة تبلونا فتبكينا
وكل حسناءَ بين الناس ان شقيت / فمن محاسنها لا من مساوينا
لا يخدعنَّك منا ظاهر حَفلٌ / بالابتسام وغَلغِل في خوافينا
وجهُ المنافق مرآةٌ منافقةٌ / تَحسِّنُ القبح للابصار تحسينا
فإن عييتَ بنا فانظر ضمائرنا / فما ضمائرنا الاَّ مَرائينا
ماذا ادَّخرتُ من الدنيا فتعجبني / وكيف تغترُّ بالدنيا امانينا
شيخ ضعيف تناهي السن طاح بهِ / واليوم أهدف يرمي للثمانينا
برى الزمانُ لهُ من عظمهِ قلماً / ما انفكَّ يُرعشهُ خطًّا وتدوينا
جِلدٌ يضم كتاباً حين الّفهُ / من الشقا دهرهُ سمَّاه مسكينا
حملتُ من نكدي ما إِنَّ ايسرَهُ / ليتركُ العُقلا بُلهاً مجانينا
ترمي الحوادث بي في كل بادرةٍ / ولم ازل دائباً أَبقى ويمضينا
كأن لي روح بركانٍ فما برحت / حولي الحوادث يفجُرنَ البراكينا
حتى الزمان قناتي بعد معركة / كان الشباب لنا فيها ميادينا
فكم لنا فتراتٌ في الزمان جرت / سوانحُ اليمن فيها من نواحينا
وكم لنا طمحات في المنى نسموا / روح الجنان بها من زهر وادينا
وكم لنا ضحكات في الصبا ملأت / فمَ الشباب تغاريدا وتلحينا
إنا لنمضي لدُن يمضي الشباب ولا / يعيش من بعدهِ الاَّ اسامينا
فها أنا اليوم نضوٌ رازحٌ لصقٌ / بالارض يا حشرات الارض واسينا
مُلقًى تطايرُ حولي الناس لا وَزَرٌ / منهم ولا ملجأٌ في الناس يؤوينا
ينظّفون طريق السابلين ولا / يرون في طرُق الدنيا المساكينا
فلو رأوا موضعي في ارضهم حجراً / رأيتهم عرفوهُ غير ناسينا
يا من تكبكبهُ الاقدام ان كُتبت / لك الحياة فمن أيدي المعينينا
ليلى وما أنتِ الأدمعة جمعت / حسناً وطُهراً وآلاماً وتحزينا
ليلى أَحُسنُكِ غاظ الزهر فاحتفلت / بهِ الصبابة تعطيراً وتلوينا
ليلى أَأزريتِ بالاغصان فانتسجت / لها الطبيعة ذي الاثوابَ تزينا
ليلى ويا لهفي لو ان حليتها / من لؤلؤءٍ غير ما تذري مآقينا
ليلى ويا حزني ان لم تكن ملَكاً / الى يد الله لا ما بين أيدينا
الناس للمال دون الدين قد صبأُوا / فويح من اشبهت في فقرها الدنيا
ما يصنع الفضل والتقوى بفقرهما / وذى فوائد لا تغني المُرابينا
يا حسرتا حسرةً أُمسي أُجنُّ لها / من أنَّ سافلنا بالمال عالينا
الفقر حكَّم في الدنيا شرائعها / والمال حكَّم في الفقر القوانينا
كأن هذا الذي يدعونهُ ذهباً / روح من النار ما تنفك تكوينا
لولاهُ في الناس قد صاروا ملائكةً / لكنهُ ملأ الدنيا شياطينا
قد استرَدنا لامرِ الله كيف قضى / فهوّني عنكِ يا ليلايَ تهوينا
اما الجميلة فارتاعت مدامعها / واستنفرت من عيون للقلب يجرينا
وحيدة ما لها كهفٌ تلوذ بهِ / الا الفضيلة حينا والمُنى حينا
أودى ابوها واودت امها وطوى / عنها ترابهما حبَّ المحبينا
وجَدُّها كبقايا العمر قد طُرحت / على طريق الردى طرح المهينينا
فليس تعرف غير الحزن منعطفاً / وليس تعهد في غير البكا لينا
تبكي ولا مسعدٌ يرثي لأَدمعها / في الاكثرين ولا بين الاقلينا
دمعٌ يتيم اذا عينُ الحزين رأت / قرابة الحزن في دمع المعزينا
يا ضيعة الحب امسى المال يعرضهُ / عرض المذلة في وجه الاذلينا
ندى الشباب بفجر الحسن رفَّ على / روض الهوى لا يرى فيهِ رياحينا
لا تعجبوا بعدها لله يُنذرنا / من وزن اعمالنا في يوم يجزينا
حبُّ الغنى جعل الدنيا متاجرة / فالعدل أن تنصب الاخرى موازينا
قالت لهُ ولجاج الدمع يغلبها / وما تكاد تقيم اللفظ تبيينا
لا تأسَ يا أبتي اني اصبتُ لنا / من عاديات الذي نخشاهُ تأمينا
أصبت قوماً كراماً أهل مرحمةٍ / يلقَون اوجهنا غرّاً ميامينا
عصابة الّف الاحسان بينهُم / وبيننا فهمُ منَّا كاَهلينا
إن شئتهم اخوةً لم يأنفوا واذا / اردتَ نصرتهم كانوا المحامينا
وان بغتك صروف الدهر غائلةً / فزعزعتك تجد منهم اساطينا
وان دهتنا من الاسقام فادحة / رأَيت منهم لها خير المداوينا
قومٌ إذا ولجوا دار الفقير غدوا / لا نعم الله في البؤسى عناوينا
الحمد لله أيدي الناس تهدمنا / لكنَّ أيديهم تأتي فتبنينا
يا مَن لهذا المريض المدنَف العاني
يا مَن لهذا المريض المدنَف العاني / مُرِدَّدِ النفس من آن إلى آنِ
إذا رأى الليلَ ظنَّ القبرَ شُقَّ لهُ / وظنّ انجمَهُ آثار أكفانِ
ويحسبُ الصبح بابَ الموت لاح لهُ / وفوقهُ الشمسُ قُفلٌ فتحُهُ داني
نضوٌ على رَمقٍ فان يعيشُ بهِ / لكنهُ رمقٌ مهما يعيش فاني
مُطَرَّح الهمّ في كل الجهات فما / يرى بكل مكان غيرَ أَحزانِ
تَؤُزُّهُ كبِدٌ حرَّىن مُعَلَّقَةٌ / من الاضالع في اعوادِ نيرانِ
يا من لهُ إِذ يرى الدنيا كما اشتَبَهَت / بقيةُ الحلم في اجفان يقظانِ
يا من لهُ اذ يرى الاشياءَ واهنةً / كما بدا اثر الذكرى بنسيانِ
حَيٌّ طريحٌ يراهم يُلحِدونَ لهُ / لم يستحقوا أَن تراهم منهُ عينانِ
يا من لذا الشرق يا من للطريح على / لحد الزمان بأيدي شرِّ اعوانِ
مُستيئسين ولمَّا يأملوا أَملاً / واليأسُ داءٌ لنفس العاجز الواني
ويسبقون الردى للقبر وهو قضاً / في الغَيب فاعجب لهذا الشان من شان
ويُذعنون ولا ما يُذعنون لهُ / لكنَّهُ خلُقٌ يقضي بإِذعانِ
ويسأَلون المُنَى تجري بلا عمل / كالريح جارية في غير ارسانِ
سُخفٌ وأَسخفُ منهُ وهو مَعجَزةٌ / وَضلَّهُ أَن يُسمَّوهُ بايمان
يا ويح للشرق من أَمر بهِ لَبكٍ / كالهِمّ ملتبس في رأي حيرانِ
من كل مُضلِعة ترمى بمُعضلِة / رميَ النحوس لذي بؤس بحرمانِ
تعقَّدت والتوَت كالمستحيل فما / تُريك من موضع فيها لإِمكانِ
لو صوَّرها لكانت صورة امرأة / مصبوغة من جهالات بأَلوان
ربُّوا لذا الشرق يا قومي ممرِّضةً / تحنو عليهِ بإِحساس ووجدان
تطبهُ روحُها مما أَلمَّ بهِ / فان أَقتلَ داءِ الشرق روحاني
يرى عواطفَها الأَديانَ خالصةً / اذا تلعَّب أَهلوهُ بأَديان
يرى بها عهدَهُ عهدَ الملائك في ال / بِر الطبيعيّ في حسنٍ واحسانِ
يرى حناناً كعهد الانبياء وما / تشتاقهُ الروحُ فيهِ منذُ أزمانِ
يرى الفضائل بعد اليأس قد ظفرت / آمالهنَّ ونالت قلب إِنسانِ
رَبُّوا له الأَّمَّ يا قومي فلو وُجدت / في الشرق ما طاح في ذلّ واهوانِ
تلك التي ترفع الدنيا وتخفضهُا / بطفلها فهوَ والدنيا بميزانِ
تلك السماءُ التي تُلقي لهم مَلكاً / فلا يربُّونهُ الاَّ كشيطانِ
تلك التي جعلوها في المنازل كال / مرآة مطروحةً في دار عميانِ
ذنبُ الرجال ولكنَّ النساء بهِ / مُعاقباتٌ بآلام واشجانِ
كمقلة العين في آلامها اعتَجَلت / والداءُ ما مسّ منها غير اجفانِ
لهفي لجوهرة زهراءَ ما سطعت / في جيد غانية او فوق تيجانِ
لهفي لريحانة خضراءَ ما قُطعت / الاَّ لتذبلَ في واحات نشوانِ
لهفي لغانية عذراءَ ما وُضعت / الاَّ بمنزل اسواءٍ واضغانِ
لكل معنى جميل ما يلائمهُ / كما تمازجُ الحانٌ بالحانِ
وليس يُطرب صوتُ الماء منحدراً / كما ترى وقعهُ في سمع ظمآن
فيا إِلهي اذا اجريتَ في قدَر / يوماً بان يلتقي في الناس ضدَّان
فاجعل للطفك معنى في التقائهما / كيلا يكون من الضدين زوجان
فما خلقتَ كمثل البغض في امرأَةٍ / ينالها رجلٌ يوماً بطغيان
ولا خلقت كمثل الذل في رجلٍ / تسومهُ امرأَة سوءاً بعُدوان
يابانياً بقلوب الناس يجعلها / قصر الحياة تبصَّر أيُّها الباني
أسس على الحب لا تُلق القلوب سُدًى / وَضع لكل فؤَاد شكلهُ الثاني
فلست تبني سوى دارٍ اذا خَرِبَت / اركانها خربت من كل عمران
دار السعادة دارُ الحب دارُ مُنى ال / أَحباب دارُ الغرام الخالد الهاني

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025