المجموع : 8
سهرتُ والليلُ أمسى للورى سكنا
سهرتُ والليلُ أمسى للورى سكنا / فمن يدلُّ على أجفاني الوسنا
أرعى كواكِبها حتى إذا أفلتْ / ألقيتُ للطيرِ في تحنانها الأذنا
واسألِ الحبَّ عن روحي وعن بدني / فلا أرى لي لا روحاً ولا بدنا
وما نظرتُ لأعضائي وقد بليتْ / إلا حسبتُ ثيابها فوقَها كفنا
يا من يعزُّ على نفسي تدلله / كم ذا أكابدُ فيكَ الذلَّ والوهنا
دروا بما بي ولولا الدمعُ كانَ دما / لما تظنوهُ إلا عارضاً هتنا
وربَّ ذي سفهٍ قد هبَّ يعذلُني / فقالَ أنتَ الفتى المضنى فقلتُ أنا
وهل أخافُ على سرِّ الهوى أحداً / وقدْ خلقتُ على الأسرارِ مؤتمنا
فدع غرامكَ يطويني وينشرني / ودعْ عذولي يطوي جنبهُ الضغنا
من كان مثلي لم يحفلْ بمثلهمُ / ومن أحبَّ استلانَ المركبَ الخشنا
كأنما الحسنُ أمسى فيكَ مجتمعاً / فأينما نظرتْ عيني رأتْ حسنا
وإن تكنْ للعاشقينَ فما / يزالُ أمرُ الهوى في ما بيننا فتنا
فاسأل محياكَ كم أخجلتَ من قمرٍ / وسل قوامكَ ذا المياسِ كم غصنا
وكم يبيعكَ أهلُ العشقِ أفئدةً / وأنتَ لا عوضاً تعطي ولا ثمنا
فيمَ اقتصاصكَ في قلبي تعذبني / وما جنيتُ ولا قلبي عليكَ جنى
أما كفاني ما ألقاهُ من زمني / حتى أغالبَ فيكَ الشوقَ والزمنا
إني وإياكَ كالمنفيِّ عن وطنٍ / أيُّ البلادِ رأى لم ينسهِ الوطنا
وما أطافَ بقلبي في الهوى أملٌ / إلا بعثتَ عليهِ الهمَّ والحزنا
ليهنكَ اليومَ أني ممسكٌ كبدي / وإنها قطعٌ تجري هنا وهنا
وفي الجوانحِ شيءٌ لستُ أعرفهُ / لكنْ أهل الهوى يدعونهُ شجنا
يبيبتُ ينبضُ قلبي من تقلبهِ / حتى إذا ذكروا من هاجهُ سكنا
فهلْ رثيتَ لمن لو بثَّ لوعتهُ / معَ الصباحِ لأبكى الطيرَ والفننا
وهل تعللنا يوماً بموعدةٍ / وإن تكن لا تفي سرّاً ولا علنا
أوأن نفسي على كفيكَ لانحدرتْ / ولو دفنتُ لما باليتَ من دُفنا
وذو الشقاوةِ مقرونٌ بشِقْوَتهِ / أنى تقلبَ جرتْ خلفهُ المحنا
أراكَ تنظرُ للغزلانِ شاردةً
أراكَ تنظرُ للغزلانِ شاردةً / ولا يردُ شبا عينيكَ عينانِ
ما دمتَ تهوى حبيباً فالفؤادُ لهُ / وليسَ ينزلُ في قلبٍ حبيبانِ
كفى صدوداً فما أبقى تجافينا
كفى صدوداً فما أبقى تجافينا / منا ولا الدمعُ أبقى من مآقينا
تطيرُ نفسي من ذكراكَ خافقةً / على ليالٍ توافينا وتسبينا
إذ الزمانُ طليقُ الوجهِ مبتسمٌ / خضرَ الجوانبِ تسقيها أمانينا
كانتْ بها نسماتُ العتبِ راقصةٌ / تهزُّ من حبِّنا فيها رياحينا
لا يمددُ الدهرُ بعدَ اليومِ لي يدَهُ / فما سوى الهمِّ أمسى بينَ أيدينا
وأدمعٍ في زمامِ الحبِّ جارية / ما كنَّ لم يرضَها الحبُ يجرينا
صيرتَ هذي الدراري من عواذِلِنا / ومطلعُ الشمسِ فيها من أعادينا
مرَّ الزمانُ الذي كانتْ فجائِعهُ / تُخطى وهذا زمانٌ ليسَ يخطينا
وفرقَ الدهرُ شملاً كانَ يجمعُنا / فما لذا الدهرِ مُغرىً بالمحبينا
من مبلغُ الفجرَ إذ قامتْ نواديهُ / أنَّا بجنحِ الدجى ينعاهُ ناعينا
كانتْ ليالي الهوى تفترُّ ضاحكةً / عنهُ فبِتْنَ عليَّ اليومَ يبكينا
وكانَ فيهِ جمالٌ من نضارتِنا / وفي محياهُ صفوٌ من تصافينا
أيامَ لم ندرِ أن البدرَ حاسدُنا / على الهوى وضياءُ الفجرِ واشينا
تدورُ في كأسنا صرفٌ مشعشعةٌ / من وردةِ الخدِّ حينا واللُّمى حينا
والنجمُ في نشوةٍ مما ينادمنا / والحليُ في طربٍ مما يُغنينا
يا حاجةَ النفسِ لا تصغي لذي حسدٍ / فما لقينا من الأيامِ يكفينا
كأنها لم تصنَّا في جوانحها / ولم تكنْ بسوادِ القلبِ تُفدينا
ولم نبتْ ليلةً كالروضِ حاليةٍ / نجني بها من صنوفِ اللهوِ ماشينا
والبينُ ظمآنٌ لم تحسبْ عواذلنا / إن الدموعَ سترويهِ وتظمينا
فيا ليالٍ ذكرناها وأكبُدنا / مقطعاتٌ عليها في حوانينا
قد سالَ بعدكِ ما كنا نُكَفْكِفُهُ / وجاذبتنا النوى من كانَ يُسلينا
لا في الأسى راحةٌ مما نغالبهُ / من البعادِ ولا يغني تأسينا
إذا نسيمُ الصبا رقتْ جوانبهُ / على متونِ الروابي راحَ يصبينا
تهيجُ رياهُ من ذكرى الديارِ هوىً / وربما ذكروا بالمسكِ دارينا
ما فيهِ إلا تحايا العاشقينَ إلى / الغيدِ الأوانسِ والعتبى أفانينا
وكم ينم بأنفاسٍ تحملَها / فيها الحياةُ ولكن ليسَ يحيينا
سلي الظلامَ إذا شابتْ ذوائبهُ / من هولِ ما بتُّ ألقى من تنائينا
ألاحتِ الشمسُ تغرِي العاذلينَ بنا / كليلةُ الطرفِ أم راحتْ تحيينا
لقد عدتنا عوادينا وكيفَ بنا / إذا عدتنا عن اللقيا عوادينا
نبيتُ والهجرُ في الآفاقِ ينشرنا / كأننا لم نبتْ والوصلُ يطوينا
قالتْ رأيتكَ مجنوناً فقلتُ لها / لولا هواكِ لما كنا مجانينا
يا طلعةَ الشمسِ غابتْ بعدما طلعتْ / وظبيةُ القاعِ لم ترجعْ لوادينا
هل شاغلتكِ عواد ما تشاغلنا / وباتَ يلهيكَ أنسٌ ليسَ يلهينا
إن كان سهلاً على اللهِ تفرقنا / فليسَ صعباً عليهِ أن يلاقينا
أيكُ العصافيرِ والدنيا عليَّ أسىً
أيكُ العصافيرِ والدنيا عليَّ أسىً / أما تُرَوَّحُ عني بعضُ أحزاني
لي فيكَ عصفورةٌ لو أنها نطقتْ / رأيتَ كيفَ يُعادُ الميتُ الفاني
ما صوَّرَ الناس في الأنوارِ أجنحةً / إلا غداةَ بدا منها الجناحانِ
فويحَ قلبي ما من مرّةٍ صدحتْ / إلا شعرتُ بقلبي بينَ آذاني
وويحَ عُذالها ما في جوانبهمْ / قلبي فمن أينَ يحكى شأنهمْ شاني
أنا إذا عذلوا عانٍ وإذا عذروا / فآنٍ وإن حكموا لي أولها جاني
والحبُّ روحٌ لأهليهِ فعندهمُ / هذي الحياةُ وهذا الموتُ سيَّانِ
قالوا جفتك ولا تنفكُّ تذكرها
قالوا جفتك ولا تنفكُّ تذكرها / إن النصيحةَ سلوانٌ بسلوانِ
فقلتُ عينيَ مني وهْيَ إنْ رمدتْ / فلا يكونُ دواها كحلُ عميانِ
نأَتْ دنَتْ وصلَتْ ضمتْ نفتْ هجرتْ / في كلِّ ذلك أهواها وتهواني
لا يخملُ الصدَّ منها والهوى بدني
لا يخملُ الصدَّ منها والهوى بدني / ولا أطيقُ بلايا الحبِّ والزمنِ
جسمٌ تراهُ فلا تدري أمشتملٌ / بالثوبِ أم درجوهُ منهُ في كفنِ
يكادُ يومُ التناجي أن يطيَّرهُ / مرُّ الهواءِ معِ الشكوى إلى الأذنِ
لولا الحبيبُ وقصدي أن يبينَ لهُ / يريهِ ما فعلتْ عيناهُ لم يبنِ
دجا الظلامُ فيا لَيلَى أَمَا فينا
دجا الظلامُ فيا لَيلَى أَمَا فينا / روح ام الموت مثل الرزق جافينا
يأتي الصباح علينا لا يكفّننا / ويذهب الليل عنا لا يُوارينا
وتطلع الشمس تُحيينا وليس لنا / زادُ الحياة فلم يا ربِّ تحيينا
تنير عالمَ سوءٍ كلهُ ظُلمٌ / كالظلّ ضُمن منهُ النور تضمينا
الله كوَّنهُ تكوين مرحَمَةٍ / وكوَّن الناسُ بعد اللهِ تكوينا
فأيُّهم مااعتدى ظلماً وهل وجدوا / من أمةٍ لم تقل بعد اللهِ تكوينا
يا ربِّ قد عاد صخراً عاتياً وقحاً / ما كنت أنشأتهُ من قبلها طينا
حبُّ الانام محاباة وقد فقدت / عيني المحبين فيهم والمُحابينا
كأنني لستُ انساناً يشابههم / ولا أُعدُّ ولا بين المرائينا
يا نفس ويحك قرّي غير جائشة / كانوا وكنا وما شاؤا ولاشينا
وكلُّنا صائرٌ يوماً لمصرعهِ / إن الذي هو سؤانا يُساوينا
هي الرذيلة تبلوهم فتضحكهم / وهي الفضيلة تبلونا فتبكينا
وكل حسناءَ بين الناس ان شقيت / فمن محاسنها لا من مساوينا
لا يخدعنَّك منا ظاهر حَفلٌ / بالابتسام وغَلغِل في خوافينا
وجهُ المنافق مرآةٌ منافقةٌ / تَحسِّنُ القبح للابصار تحسينا
فإن عييتَ بنا فانظر ضمائرنا / فما ضمائرنا الاَّ مَرائينا
ماذا ادَّخرتُ من الدنيا فتعجبني / وكيف تغترُّ بالدنيا امانينا
شيخ ضعيف تناهي السن طاح بهِ / واليوم أهدف يرمي للثمانينا
برى الزمانُ لهُ من عظمهِ قلماً / ما انفكَّ يُرعشهُ خطًّا وتدوينا
جِلدٌ يضم كتاباً حين الّفهُ / من الشقا دهرهُ سمَّاه مسكينا
حملتُ من نكدي ما إِنَّ ايسرَهُ / ليتركُ العُقلا بُلهاً مجانينا
ترمي الحوادث بي في كل بادرةٍ / ولم ازل دائباً أَبقى ويمضينا
كأن لي روح بركانٍ فما برحت / حولي الحوادث يفجُرنَ البراكينا
حتى الزمان قناتي بعد معركة / كان الشباب لنا فيها ميادينا
فكم لنا فتراتٌ في الزمان جرت / سوانحُ اليمن فيها من نواحينا
وكم لنا طمحات في المنى نسموا / روح الجنان بها من زهر وادينا
وكم لنا ضحكات في الصبا ملأت / فمَ الشباب تغاريدا وتلحينا
إنا لنمضي لدُن يمضي الشباب ولا / يعيش من بعدهِ الاَّ اسامينا
فها أنا اليوم نضوٌ رازحٌ لصقٌ / بالارض يا حشرات الارض واسينا
مُلقًى تطايرُ حولي الناس لا وَزَرٌ / منهم ولا ملجأٌ في الناس يؤوينا
ينظّفون طريق السابلين ولا / يرون في طرُق الدنيا المساكينا
فلو رأوا موضعي في ارضهم حجراً / رأيتهم عرفوهُ غير ناسينا
يا من تكبكبهُ الاقدام ان كُتبت / لك الحياة فمن أيدي المعينينا
ليلى وما أنتِ الأدمعة جمعت / حسناً وطُهراً وآلاماً وتحزينا
ليلى أَحُسنُكِ غاظ الزهر فاحتفلت / بهِ الصبابة تعطيراً وتلوينا
ليلى أَأزريتِ بالاغصان فانتسجت / لها الطبيعة ذي الاثوابَ تزينا
ليلى ويا لهفي لو ان حليتها / من لؤلؤءٍ غير ما تذري مآقينا
ليلى ويا حزني ان لم تكن ملَكاً / الى يد الله لا ما بين أيدينا
الناس للمال دون الدين قد صبأُوا / فويح من اشبهت في فقرها الدنيا
ما يصنع الفضل والتقوى بفقرهما / وذى فوائد لا تغني المُرابينا
يا حسرتا حسرةً أُمسي أُجنُّ لها / من أنَّ سافلنا بالمال عالينا
الفقر حكَّم في الدنيا شرائعها / والمال حكَّم في الفقر القوانينا
كأن هذا الذي يدعونهُ ذهباً / روح من النار ما تنفك تكوينا
لولاهُ في الناس قد صاروا ملائكةً / لكنهُ ملأ الدنيا شياطينا
قد استرَدنا لامرِ الله كيف قضى / فهوّني عنكِ يا ليلايَ تهوينا
اما الجميلة فارتاعت مدامعها / واستنفرت من عيون للقلب يجرينا
وحيدة ما لها كهفٌ تلوذ بهِ / الا الفضيلة حينا والمُنى حينا
أودى ابوها واودت امها وطوى / عنها ترابهما حبَّ المحبينا
وجَدُّها كبقايا العمر قد طُرحت / على طريق الردى طرح المهينينا
فليس تعرف غير الحزن منعطفاً / وليس تعهد في غير البكا لينا
تبكي ولا مسعدٌ يرثي لأَدمعها / في الاكثرين ولا بين الاقلينا
دمعٌ يتيم اذا عينُ الحزين رأت / قرابة الحزن في دمع المعزينا
يا ضيعة الحب امسى المال يعرضهُ / عرض المذلة في وجه الاذلينا
ندى الشباب بفجر الحسن رفَّ على / روض الهوى لا يرى فيهِ رياحينا
لا تعجبوا بعدها لله يُنذرنا / من وزن اعمالنا في يوم يجزينا
حبُّ الغنى جعل الدنيا متاجرة / فالعدل أن تنصب الاخرى موازينا
قالت لهُ ولجاج الدمع يغلبها / وما تكاد تقيم اللفظ تبيينا
لا تأسَ يا أبتي اني اصبتُ لنا / من عاديات الذي نخشاهُ تأمينا
أصبت قوماً كراماً أهل مرحمةٍ / يلقَون اوجهنا غرّاً ميامينا
عصابة الّف الاحسان بينهُم / وبيننا فهمُ منَّا كاَهلينا
إن شئتهم اخوةً لم يأنفوا واذا / اردتَ نصرتهم كانوا المحامينا
وان بغتك صروف الدهر غائلةً / فزعزعتك تجد منهم اساطينا
وان دهتنا من الاسقام فادحة / رأَيت منهم لها خير المداوينا
قومٌ إذا ولجوا دار الفقير غدوا / لا نعم الله في البؤسى عناوينا
الحمد لله أيدي الناس تهدمنا / لكنَّ أيديهم تأتي فتبنينا
يا مَن لهذا المريض المدنَف العاني
يا مَن لهذا المريض المدنَف العاني / مُرِدَّدِ النفس من آن إلى آنِ
إذا رأى الليلَ ظنَّ القبرَ شُقَّ لهُ / وظنّ انجمَهُ آثار أكفانِ
ويحسبُ الصبح بابَ الموت لاح لهُ / وفوقهُ الشمسُ قُفلٌ فتحُهُ داني
نضوٌ على رَمقٍ فان يعيشُ بهِ / لكنهُ رمقٌ مهما يعيش فاني
مُطَرَّح الهمّ في كل الجهات فما / يرى بكل مكان غيرَ أَحزانِ
تَؤُزُّهُ كبِدٌ حرَّىن مُعَلَّقَةٌ / من الاضالع في اعوادِ نيرانِ
يا من لهُ إِذ يرى الدنيا كما اشتَبَهَت / بقيةُ الحلم في اجفان يقظانِ
يا من لهُ اذ يرى الاشياءَ واهنةً / كما بدا اثر الذكرى بنسيانِ
حَيٌّ طريحٌ يراهم يُلحِدونَ لهُ / لم يستحقوا أَن تراهم منهُ عينانِ
يا من لذا الشرق يا من للطريح على / لحد الزمان بأيدي شرِّ اعوانِ
مُستيئسين ولمَّا يأملوا أَملاً / واليأسُ داءٌ لنفس العاجز الواني
ويسبقون الردى للقبر وهو قضاً / في الغَيب فاعجب لهذا الشان من شان
ويُذعنون ولا ما يُذعنون لهُ / لكنَّهُ خلُقٌ يقضي بإِذعانِ
ويسأَلون المُنَى تجري بلا عمل / كالريح جارية في غير ارسانِ
سُخفٌ وأَسخفُ منهُ وهو مَعجَزةٌ / وَضلَّهُ أَن يُسمَّوهُ بايمان
يا ويح للشرق من أَمر بهِ لَبكٍ / كالهِمّ ملتبس في رأي حيرانِ
من كل مُضلِعة ترمى بمُعضلِة / رميَ النحوس لذي بؤس بحرمانِ
تعقَّدت والتوَت كالمستحيل فما / تُريك من موضع فيها لإِمكانِ
لو صوَّرها لكانت صورة امرأة / مصبوغة من جهالات بأَلوان
ربُّوا لذا الشرق يا قومي ممرِّضةً / تحنو عليهِ بإِحساس ووجدان
تطبهُ روحُها مما أَلمَّ بهِ / فان أَقتلَ داءِ الشرق روحاني
يرى عواطفَها الأَديانَ خالصةً / اذا تلعَّب أَهلوهُ بأَديان
يرى بها عهدَهُ عهدَ الملائك في ال / بِر الطبيعيّ في حسنٍ واحسانِ
يرى حناناً كعهد الانبياء وما / تشتاقهُ الروحُ فيهِ منذُ أزمانِ
يرى الفضائل بعد اليأس قد ظفرت / آمالهنَّ ونالت قلب إِنسانِ
رَبُّوا له الأَّمَّ يا قومي فلو وُجدت / في الشرق ما طاح في ذلّ واهوانِ
تلك التي ترفع الدنيا وتخفضهُا / بطفلها فهوَ والدنيا بميزانِ
تلك السماءُ التي تُلقي لهم مَلكاً / فلا يربُّونهُ الاَّ كشيطانِ
تلك التي جعلوها في المنازل كال / مرآة مطروحةً في دار عميانِ
ذنبُ الرجال ولكنَّ النساء بهِ / مُعاقباتٌ بآلام واشجانِ
كمقلة العين في آلامها اعتَجَلت / والداءُ ما مسّ منها غير اجفانِ
لهفي لجوهرة زهراءَ ما سطعت / في جيد غانية او فوق تيجانِ
لهفي لريحانة خضراءَ ما قُطعت / الاَّ لتذبلَ في واحات نشوانِ
لهفي لغانية عذراءَ ما وُضعت / الاَّ بمنزل اسواءٍ واضغانِ
لكل معنى جميل ما يلائمهُ / كما تمازجُ الحانٌ بالحانِ
وليس يُطرب صوتُ الماء منحدراً / كما ترى وقعهُ في سمع ظمآن
فيا إِلهي اذا اجريتَ في قدَر / يوماً بان يلتقي في الناس ضدَّان
فاجعل للطفك معنى في التقائهما / كيلا يكون من الضدين زوجان
فما خلقتَ كمثل البغض في امرأَةٍ / ينالها رجلٌ يوماً بطغيان
ولا خلقت كمثل الذل في رجلٍ / تسومهُ امرأَة سوءاً بعُدوان
يابانياً بقلوب الناس يجعلها / قصر الحياة تبصَّر أيُّها الباني
أسس على الحب لا تُلق القلوب سُدًى / وَضع لكل فؤَاد شكلهُ الثاني
فلست تبني سوى دارٍ اذا خَرِبَت / اركانها خربت من كل عمران
دار السعادة دارُ الحب دارُ مُنى ال / أَحباب دارُ الغرام الخالد الهاني