المجموع : 8
سَلي الرِماحَ العَوالي عَن مَعالينا
سَلي الرِماحَ العَوالي عَن مَعالينا / وَاِستَشهِدي البيضَ هَل خابَ الرَجا فينا
وَسائِلي العُربَ وَالأَتراكَ ما فَعَلَت / في أَرضِ قَبرِ عُبَيدِ اللَهِ أَيدينا
لَمّا سَعَينا فَما رَقَّت عَزائِمُنا / عَمّا نَرومُ وَلا خابَت مَساعينا
يا يَومَ وَقعَةِ زَوراءِ العِراقِ وَقَد / دِنّا الأَعادي كَما كانوا يَدينونا
بِضُمَّرٍ ما رَبَطناها مُسَوَّمَةً / إِلّا لِنَغزو بِها مَن باتَ يَغزونا
وَفِتيَةٍ إِن نَقُل أَصغَوا مَسامِعَهُم / لِقَولِنا أَو دَعَوناهُم أَجابونا
قَومٌ إِذا اِستُخصِموا كانوا فَراعِنَةً / يَوماً وَإِن حُكِّموا كانوا مَوازينا
تَدَرَّعوا العَقلَ جِلباباً فَإِن حَمِيَت / نارُ الوَغى خِلتَهُم فيها مَجانينا
إِذا اِدَّعَوا جاءَتِ الدُنيا مُصَدِّقَةً / وَإِن دَعَوا قالَتِ الأَيّامُ آمينا
إِنَّ الزَرازيرَ لَمّا قامَ قائِمُها / تَوَهَّمَت أَنَّها صارَت شَواهينا
ظَنَّت تَأَنّي البُزاةِ الشُهبِ عَن جَزَعٍ / وَما دَرَت أَنَهُ قَد كانَ تَهوينا
بَيادِقٌ ظَفِرَت أَيدي الرِخاخِ بِها / وَلَو تَرَكناهُمُ صادوا فَرازينا
ذَلّوا بِأَسيافِنا طولَ الزَمانِ فَمُذ / تَحَكَّموا أَظهَروا أَحقادَهُم فينا
لَم يُغنِهِم مالُنا عَن نَهبِ أَنفُسِنا / كَأَنَّهُم في أَمانٍ مِن تَقاضينا
أَخلوا المَساجِدَ مِن أَشياخِنا وَبَغَوا / حَتّى حَمَلنا فَأَخلَينا الدَواوينا
ثُمَّ اِنثَنَينا وَقَد ظَلَت صَوارِمُنا / تَميسُ عُجباً وَيَهتَزُّ القَنا لينا
وَلِلدِماءِ عَلى أَثوابِنا عَلَقٌ / بِنَشرِهِ عَن عَبيرِ المِسكِ يُغنينا
فَيا لَها دَعوَةً في الأَرضِ سائِرَةً / قَد أَصبَحَت في فَمِ الأَيّامِ تَلقينا
إِنّا لَقَومٌ أَبَت أَخلاقُنا شَرَفاً / أَن نَبتَدي بِالأَذى مَن لَيسَ يُؤذينا
بيضٌ صَنائِعُنا سودٌ وَقائِعُنا / خُضرٌ مَرابِعُنا حُمرٌ مَواضينا
لا يَظهَرُ العَجزُ مِنّا دونَ نَيلِ مُنىً / وَلَو رَأَينا المَنايا في أَمانينا
ما أَعوَزَتنا فَرامينٌ نَصولُ بِها / إِلا جَعَلنا مَواضينا فَرامينا
إِذا جَرَينا إِلى سَبقِ العُلى طَلَقاً / إِن لَم نَكُن سُبَّقاً كُنّا مُصَلّينا
تُدافِعُ القَدَرَ المَحتومَ هِمَّتُنا / عَنّا وَنَخصِمُ صَرفَ الدَهرِ لَو شينا
نَغشى الخُطوبَ بِأَيدينا فَنَدفَعُها / وَإِن دَهَتنا دَفَعناها بِأَيدينا
مُلكٌ إِذا فُوِّقَت نَبلُ العَدُوِّ لَنا / رَمَت عَزائِمَهُ مَن باتَ يَرمينا
عَزائِمٌ كَالنُجومِ الشُهبِ ثاقِبَةً / ما زالَ يُحرِقُ مِنهُنَّ الشَياطينا
أَعطى فَلا جودُهُ قَد كانَ عَن غَلَطٍ / مِنهُ وَلا أَجرُهُ قَد كانَ مَمنونا
كَم مِن عَدُوٍّ لَنا أَمسى بِسَطوَتِهِ / يُبدي الخُضوعَ لَنا خَتلاً وَتَسكينا
كَالصِلِّ يُظهِرُ ليناً عِندَ مَلمَسِهِ / حَتّى يُصادِفَ في الأَعضاءِ تَمكينا
يَطوي لَنا الغَدرَ في نُصحٍ يُشيرُ بِهِ / وَيَمزُجُ السُمَّ في شَهدٍ وَيَسقينا
وَقَد نَغُضُّ وَنُغضي عَن قَبائِحِهِ / وَلَم يَكُن عَجَزاً عَنهُ تَغاضينا
لَكِن تَرَكناهُ إِذ بِتنا عَلى ثِقَةٍ / إِنَّ الأَميرَ يُكافيهِ فَيَكفينا
يا لَلحَماسَةِ ضاقَت بَينَكُم حِيَلي
يا لَلحَماسَةِ ضاقَت بَينَكُم حِيَلي / وَضاعَ حَقِّيَ بَينَ العُذرِ وَالعَذَلِ
فَقُلتُ مَع قِلَّةِ الأَنصارِ وَالخَوَلِ / لَو كُنتُ مِن مازِنٍ لَم تَستَبِح إِبِلي
بَنو اللَقيطَةِ مِن ذُهلِ بنِ شَيبانا /
لَو أَنَّني بَرُعاةِ العُربِ مُقتَرِنُ / لَهُم نَزيلٌ وَلي في حَيِّهِم سَكَنُ
وَمَسَّني في حِمى أَبنائِهِم حَزَنُ / إِذَن لَقامَ بِنَصري مَعشَرٌ خُشُنُ
عِندَ الحَفيظَةِ إِن ذو لَوثَةِ لانا /
لِلَّهِ قَومي الأُلى صانوا مَنازِلَهُم / عَنِ الخُطوبِ كَما أَفنَوا مُنازِلَهُم
لا تَجسُرُ الأُسدُ أَن تَغشى مَناهِلَهُم / قَومٌ إِذا الشَرُّ أَبدى ناجِذَيهِ لَهُم
طاروا إِلَيهِ زَرافاتٍ وَوُحدانا /
قَومٌ نَجيعُ دَمِ الأَبطالِ مَشرَبُهُم / وَرَنَّةُ البيضِ في الهاماتِ تُطرِبُهُم
إِذا دَعاهُم لِحَربٍ مَن يُجَرِّبُهُم / لا يَسأَلونَ أَخاهُم حينَ يَندُبُهُم
في النائِباتِ عَلى ما قالَ بُرهانا /
فَاليَومَ قَومي الَّذي أَرجو بِهِم مَدَدي / لِأَستَطيلَ إِلى ما لَم تَنَلهُ يَدي
تَخونُني مَع وُفورِ الخَيلِ وَالعُدَدِ / لَكِنَّ قَومي وَإِن كانوا ذَوي عَدَدِ
لَيسوا مِنَ الشَرِّ في شَيءٍ وَإِن هانا /
يولونَ جاني الأَسى عَفواً وَمَعذِرَةً / كَعاجِزٍ لَم يُطِق في الحُكمِ مَقدَرَةً
فَإِن رَأوا حالَةً في الناسِ مُنكَرَةً / يَجزونَ مِن ظُلمِ أَهلِ الظُلمِ مَغفِرَةً
وَمِن إِساءَةِ أَهلِ السوءِ إِحسانا /
كُلٌّ يَدِلُّ عَلى الباري بِعِفَّتِهِ / وَيَستَكِفُّ أَذى الجاني بِرَأفَتِهِ
وَيَحسَبُ الأَرضَ تَشكو ثِقلَ مَشيَتِهِ / كَأَنَّ رَبَّكَ لَم يَخلُق لِخَشيَتِهِ
سِواهُمُ مِن جَميعِ الخَلقِ إِنسانا /
لَو قابَلوا كُلَّ أَقوامٍ بِما كَسَبوا / ماراعَ سِربَهُمُ عُجمٌ وَلا عَرَبُ
بَلِ اِرتَضوا بِصَفاءِ العَيشِ وَاِحتَجَبوا / فَلَيتَ لي بِهِمُ قَوماً إِذا رَكِبوا
شَنّوا الإِغارَةَ فُرساناً وَرُكبانا /
لَم أَنسَ ما عِشتُ حَمّاماً دَخَلتُ بِهِ
لَم أَنسَ ما عِشتُ حَمّاماً دَخَلتُ بِهِ / ما بَينَ كُلِّ رَخيمِ الدَلِّ فَتّانِ
في جَنَّةٍ مِن طِباعٍ أَربَعٍ جُمِعَت / أَرضٍ وَماءٍ وَأَهواءٍ وَنيرانِ
فَنِلتُ مِن حَرِّها بَرداً عَلى كَبِدي / وَفُزتُ مِن مالِكٍ مِنها بِرُضوانِ
فَاِعجَب لَها جَنَّةً فيها جَحيمُ لَظىً / تُذكى وَلَم تَخلُ عَن حورٍ وَوِلدانِ
مَن لَم تَرَ الحِلَّةَ الفَيحاءَ مُقلَتُهُ
مَن لَم تَرَ الحِلَّةَ الفَيحاءَ مُقلَتُهُ / فَإِنَّهُ في اِنقِضاءِ العُمرِ مَغبونُ
أَرضٌ بِها سائِرُ الأَهوالِ قَد جُمِعَت / كَما تَجَمَّعَ فيها الضَبُّ وَالنونُ
فَالغُدرُ طافِحَةٌ وَالريحُ نافِحَةٌ / وَالوُرقُ صادِحَةٌ وَالطَلُّ مَوضونُ
ما شانَها غِيرُ بَغيِ الجاهِلينَ بِها / كَأَنَّها جَنَّةٌ فيها شَياطينُ
كانَ الزَمانُ بِلُقياكُم يُمَنّينا
كانَ الزَمانُ بِلُقياكُم يُمَنّينا / وَحادِثُ الدَهرِ بِالتَفريقِ يَثنينا
فَعِندَما صَدَقَت فيكُم أَمانينا / أَضحى التَنائي بَديلاً مِن تَدانينا
وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا /
خِلنا الزَمانِ بِلُقياكُم يُسامِحُنا / لِكَي تُزانَ بِذِكراكُم مَدائِحُنا
فَعِندَما سَمَحَت فيكُم قَرائِحُنا / بِنتُم وَبِنّا فَما اِبتَلَّت جَوانِحُنا
شَوقاً إِلَيكُم وَلا جَفَّت مَآقينا /
لَم يُرضِنا أَن دَعا بِالبَينِ طائِرُنا / شَقُّ الجُيوبِ وَما شُقَّت مَرائِرُنا
يا غائِبينَ وَمَأواهُم سَرائِرُنا / تَكادُ حينَ تُناجيكُم ضَمائِرُنا
يَقضي عَلينا الأَسى لَولا تَأَسّينا /
حَمَدتُ أَيّامَ أُنسٍ لي بِكُم سَعِدَت / وَأَسعَدَت إِذ وَفَت فيكُم بِما وَعَدَت
فَاليَومَ إِذ غِبتُمُ وَالدارُ قَد بَعُدَت / حالَت لِفَقدِكُمُ أَيّامُنا فَغَدَت
سوداً وَكانَت بِكُم بيضاً لَيالينا /
فُزنا بِنَيلِ الأَماني مِن تَشَرُّفِنا / بِقُربِكُم إِذ بُرينا مِن تَكَلُّفِنا
حَتّى كَأَنَّ اللَيالي في تَصَرُّفِنا / إِذ جانِبُ العَيشِ طَلقٌ مِن تَأَلُّفِنا
وَمَورِدُ اللَهوِ صافٍ مِن تَصافينا /
كَم قَد وَرَدنا مِياهُ العِزِّ صافِيَةً / وَكَم عَلَلنا بِها الأَرواحَ ثانِيَةً
إِذ عَينُها لَم تَكُن بِالمَنِّ آنِيَةً / وَإِذ هَصَرنا غُصونَ الأُنسِ دانِيَةً
قُطوفُها فَجَنَينا مِنهُ ما شينا /
يا سادَةً كانَ مَغناهُم لَنا حَرَما / وَكانَ رَبعُ حَماةٍ لِلنَزيلِ حِمى
كَم قَد سَقَيتُم مِياهَ الجودِ رَبُّ ظَما / لِيَسقِ عَهدَكُمُ عَهدُ الغَمامِ فَما
كُنتُم لِأَرواحِنا إِلّا رَياحينا /
هَل يَعلَمُ المُسكِرونا مِن سَماحِهِمُ / بِرَشفِ راحِ النَدى مِن كاسِ راحِهِمُ
أَنّا لَبِسنا الضَنا بَعدَ اِلتِماحِهِمُ / مَن مُبلِغُ المُلبِسينا بِاِنتِزاحِهِمُ
ثَوباً مِنَ الحُزنِ لا يَبلى وَيُبلينا /
إِذا ذَكَرنا زَماناً كانَ يُدرِكُنا / بِالقُربِ مِنكُم وَفي اللَذّاتِ يُشرِكُنا
لا نَملِكُ الدَمعَ وَالأَحزانُ تَملِكُنا / إِنَّ الزَمانَ الَّذي قَد كانَ يُضحِكُنا
آناً بِقُربِكُمُ قَد صارَ يُبكينا /
نَعى المُؤَيَّدَ قَومٌ لَو دَرَوا وَوَعوا / أَيَّ المُلوكِ إِلى أَيَّ الكِرامِ نَعوا
أَظُنُّهُ إِذ سَقانا الوُدَّ حينَ سَعوا / غَيظَ العِدى مِن تَساقينا الهَوى فَدَعوا
بِأَن نَغَصَّ فَقالَ الدَهرُ آمينا /
لَمّا رَأوا ما قَضينا مِن مَجالِسِنا / وَسِبطَ أُنسٍ رَأَينا مِن مَجالِسِنا
دَعَوا لِنُفجَعَ في الدُنيا بِأَنفُسِنا / فَاِنحَلَّ ما كانَ مَعقوداً بِأَنفُسِنا
وَاَنبَتَّ ما كانَ مَوصُلاً بِأَيدينا /
أَينَ الَّذينَ عَهِدنا الجودَ يوثِقُنا / في رَبعِهِم وَلَهُم بِالشُكرِ يُنطِقُنا
وَكانَ فيهِم بِهِم مِنهُم تَأَنُّقُنا / وَقَد نَكونُ وَما يُخشى تَفَرُّقُنا
فَاليَومَ نَحنُ وَما يُرجى تَلاقينا /
يا غائِبينَ وَلا تَخلو خَواطِرُنا / مِن شَخصِهِم وَإِنِ اِشتاقَت نَواظِرُنا
وَاللَهِ لا يَنقَضي فيكُم تَفَكُّرُنا / لا تَحسَبوا نَأيَكُم عَنّا يُغَيِّرُنا
إِن طالَ ما غَيَّرَ النائي المُحِبّينا /
إِنّا وَإِن زادَنا تَفريقُنا غُلَلاً / إِلى اللِقا وَكَسانا بَعدَكُم عِلَلاً
لَم نَدعُ غَيرَكُمُ سُؤلاً وَلا أَمَلاً / وَاللَهِ ما طَلَبَت أَرواحُنا بَدَلاً
مِنكُم وَلا اِنصَرَفَت عَنكُم أَمانينا /
إِذا ذَكَرتُ حِمى العاصي وَمَلعَبِهِ / وَالقَصرَ وَالقُبَّةَ العُليا بِمَرقَبِهِ
أَقولُ وَالبَرقُ سارٍ في تَلَهُّبِهِ / يا سارِيَ البَرقِ غادي القَصرَ فَاِسقِ بِهِ
مَن كانَ صَرفَ الهَوى وَالوُدَّ يَسقينا /
يا غادِيَ المُزنِ إِن وافَيتَ حِلَّتَنا / عَلى حَماةَ فَجُد فيها مَحَلَّتَنا
وَاِقرَ السَلامَ بِها عَنّا أَحِبَّتَنا / وَيا نَسيمَ الصَبا بَلِّغ تَحِيَّتَنا
مَن لَو عَلى البُعدِ مُتنا كانَ يُحيينا /
سُلطانُ عَصرٍ إِلَهُ العَرشِ بَوَّأَهُ / مِنَ المَعالي وَلِلخَيراتِ هَيَّأَهُ
بَراهُ زَيناً وَمِمّا شانَ بَرَّأَهُ / رَبيبُ مُلكٍ كَأَنَّ اللَهَ أَنشَأَهُ
مِسكاً وَقَدَّرَ إِنشاءَ الوَرى طَينا /
نَحنُ الفِداءُ لِمَن أَبقى لَنا خَلَفاً / مِن ذِكرِهِ وَإِنِ اِزدَدنا بِهِ أَسَفاً
وَإِن نَكُن دونَ أَن يُفدى بِنا أُنُفاً / ما ضَرَّ إِن لَم نَكُن أَكفاءَهُ شَرَفاً
وَفي المَوَدَّةِ كافٍ مِن تَكافينا /
يا مَن يَرى مَغنَمَ الأَموالِ مَغرَمَةً / إِن لَم يُفِد طالِبي جَدواهُ مَكرُمَةً
إِنّا وَإِن حُزتَ أَلقاباً مَكَرَّمَةً / لَسنا نُسَمّيكَ إِجلالاً وَتَكرِمَةً
وَقَدرُكَ المُعتَلي عَن ذاكَ يُغنينا /
كَم قَد وُصِفتَ بِأَوصافٍ مُشَرِّفَةٍ / في خَطِّ ذي قَلَمٍ أَو نُطقِ ذي شَفَةٍ
فَقَد عَرَفناكَ مِنها أَيَّ مَعرِفَةٍ / إِذا اِنفَرَدتَ وَما شورِكتَ في صِفَةٍ
فَحَسبُنا الوَصفُ إيضاحاً وَتَبيينا /
خَلَّفتَ بَعدَكَ لِلدُنيا وَآمِلِها / نُجلاً يُسَرُّ البَرايا في تَأَمُّلِها
فَلَم تَقُل عَنكَ نَفسٌ في تَمَلمُلِها / ياجَنَّةَ الخُلدِ أَبدِلنا بِسِلسَلِها
وَالكَوثَرِ العَذبِ زُقوماً وَغِسلينا /
كَم خَلوَةٍ هَزَّنا لِلبَحثِ باعِثُنا / فَلَيسَ يُؤنِسُنا إِلّا مَباحِثُنا
فَاليَومَ أُخرِسَ بِالتَفريقِ نافِثُنا / كَأَنَّنا لَم نَبِت وَالوَصلُ ثالِثُنا
وَالدَهرُ قَد غَضَّ مِن أَجفانِ واشينا /
وَلَيلَةٍ قَد حَلا فيها تَنادُمُنا / وَالعِزُّ يَكنِفُنا وَالسَعدُ يَقدُمُنا
وَنَحنُ في خَلوَةٍ وَالدَهرُ يَخدُمُنا / سِرّينَ في خاطِرِ الظَلماءِ يَكتُمُنا
حَتّى يَكادُ لِسانُ الصُبحِ يُفشينا /
لِلَّهِ كَم قَد قَضَينا مِنكُمُ وَطَراً / قَد كانَ عَيناً فَأَمسى بِعدَكُم خَبَراً
لا تَعجَبوا إِن جَعَلنا ذِكرَكُم سَمَراً / إِنّا قَرَأنا الأَسى يَومَ النَوى سُوَرا
مَتلُوَّةً وَاِتَّخَذنا الصَبرَ تَلقينا /
كَم مِن حَبيبٍ عَدَلنا مَع تَرَحُّلِهِ / إِلى سِواهُ فَأَغنى عَن تَأَمُّلِهِ
وَصَعبِ وِردٍ عَدَلناهُ بِأَسهَلِهِ / أَمّا هَواكَ فَلَم يُعدَل بِمَنهَلِهِ
شُرباً وَإِن كانَ يَروينا فَيُظمينا /
تَشكو إِلى اللَهِ نَفسٌ بَعضَ ما لَقِيَت / غِبَّ النَعيمِ الَّذي مِن بَعدِهِ شَقِيَت
فَيا سَحاباً بِهِ كُلُّ الوَرى سُقِيَت / عَليكَ مِنّي سَلامُ اللَهِ ما بَقِيَت
صَبابَةٌ مِنكَ تُخفيها وَتُخفينا /
قُم صاحِ نَلتَقِطِ اللَذّاتِ إِن ذَهَلَت
قُم صاحِ نَلتَقِطِ اللَذّاتِ إِن ذَهَلَت / بَنو اللَقيطَةِ مِن ذُهلِ بنِ شَيبانا
وَلا تُطِع في اِطِّراحِ الراحِ ذا مَلَقٍ / عِندَ الحَفيظَةِ إِن ذو لَوثَةٍ لانا
أَما تَرى الصَحبَ إِذ نادى النَديمُ بِهِم / طاروا إِلَيهِ زُرافاتٍ وَوُحدانا
إِن قالَ هُبّوا لَها كانَ السُرورُ لَهُ / في النائِباتِ عَلى ما قالَ بُرهانا
قَومٌ أَقاموا عَلى لَذّاتِ أَنفُسِهِم / لَيسوا مِنَ الشَرِّ في شَيءٍ وَإِن هانا
لَم يَسأَلوا عَن وُلاةِ الجَورِ مَعدَلَةً / وَمِن إِساءَةِ أَهلِ السوءِ إِحسانا
قَد أَقسَمَ الدَهرُ أَنَّ العَينَ ما نَظَرَت / سِواهُمُ مِن جَميعِ الناسِ إِنسانا
يُبدونَ عِندَ الرِضى ليناً فَإِن غَضِبوا / شَنّوا الإِغارَةَ فُرساناً وَرُكبانا
طَغى اليَراعُ لِبَسطي في العِنانِ لَهُ
طَغى اليَراعُ لِبَسطي في العِنانِ لَهُ / وَهوَ الجَوادُ وَظَهرُ الطِرسِ مَيدانُ
فَلا تُؤاخِذ بِطُغيانِ اليَراعِ إِذا / جَرى عَلَيَّ فَلِلأَقلامِ طُغيانُ
هذا إناء حوى ما كان مجتمعا
هذا إناء حوى ما كان مجتمعا / في غيره فله الماعون أعوان
كاس وقمع وإبريق ومغرفة / وصحفة وشرابي وقزعان