المجموع : 9
لَواعِجُ الشَوقِ تُخطيهِم وَتُصميني
لَواعِجُ الشَوقِ تُخطيهِم وَتُصميني / وَاللَومُ في الحُبِّ يَنهاهُم وَيَغريني
وَلَو لَقوا بَعضَ ما أَلقى نَعِمتُ بِهِم / لَكِنَّهُم سَلِموا مِمّا يُعَنّيني
وَبِالكَثيبِ إِلى الأَجزاعِ نازِلَةٌ / عَلِقتُ مِنها بِوَعدٍ غَيرِ مَضمونِ
ما سَوَّغوني بَردَ الماءِ مُذ حَظَروا / عَلَيَّ بَردَ اللَمَي وَالشَوقُ يُظميني
يا مَنشَظَ الشيحِ وَالحوذانِ مِن يَمَنٍ / حَيَّيتُ فيكَ غَزالاً لا يُحَيِيني
تُرى الغَريمُ الَّذي طالَ اللُزومُ لَهُ / في الحَيِّ مُوِّلَ مِن بَعدي فَيَقضيني
إِنَّ الخَلِيّ غَداةَ الجِزعِ عيدَ بِهِ / إِلى ضَميرِ مُعَنّى اللُبِ مَفتونِ
لَولا ظِباءٌ مَعاطيلٌ سَنَحنَ لَنا / ما كانَ يَذهَلُ عَن عَقلٍ وَعَن دينِ
قَد كادَ يَنجو بِجِدٍ مِن عَزيمَتِهِ / فَعارَضَتهُ عُيونُ الرَبرَبِ العينِ
ماءُ النُقَيبِ وَلَو مِقدارُ مَضمَضَةٍ / شِفاءُ وَجدي وَغَيرُ الماءِ يَشفيني
وَنَشقَةٌ مِن نَسيمِ البانِ فاحَ بِها / جِنحٌ مِنَ اللَيلِ تَجري في العَرانينِ
أُسقى دُموعي إِذا ما باتَ في سَدَفٍ / صَريرُ أَثلٍ بَداريّا يُغَنّيني
وَصاحِبٍ وَقَذَ التَهويمُ هامَتَهُ / نادَيتُهُ وَرِواقُ اللَيلِ يُؤويني
فَقامَ قَد غَرغَرَت في رَأسِهِ شَدَةٌ / يُمضي عَلى الكُرهِ أَمري أَو يُلَبِّيني
لا غُرَّ قَومُكَ كَم نَومٍ عَلى ضَمَدٍ / سُقماً وَلَو بَطريرِ الغَربِ مَسنونِ
وَضارِباتٍ بِلَحيَيها عَلى أَضَمٍ / مِنَ اللَغوبِ نِحافٍ كَالعَراجينِ
أَبلى أَزِمَّتَها بُعدُ المَدى وَغَدَت / مِنَ الوَجى بَينَ مَعقولٍ وَمَرسونِ
مُغرَورِقاتِ المَآقي كُلَّما نَظَرَت / بَرقاً يُضيءُ كِفافَ الغُرِّ وَالجونِ
هَيهاتَ بابِلُ مِن نَجدٍ لَقَد بَعُدَت / عَلى المَطِيِّ مَرامي ذَلِكَ البَينِ
سَلني عَنِ الوَجدِ إِنّي كُلُّ شارِقَةٍ / يُريشُني الوَجدُ وَالأَيّامُ تَبريني
مَن لي بِبُلغَةِ عَيشٍ غَيرِ فاضِلَةٍ / تَكُفُّني عَن قَذى الدُنيا وَتَكفيني
أُخَيَّ مَن باعَ دُنياهُ وَزُخرُفَها / بِصَونِهِ كانَ عِندي غَيرَ مَغبونِ
قالوا أَتَقنَعُ بِالدونِ الخَسيسِ وَما / قَنِعتُ بِالدونِ بَل قُنِّعتُ بِالدونِ
إِذا ظَنَنّا وَقَدَّرنا جَرى قَدَرٌ / بِنازِلٍ غَيرِ مَوهومٍ وَمَظنونِ
أَعجِب لِمُسكَةِ نَفسٍ بَعدَما رُمِيَت / مِنَ النَوائِبِ بِالأَبكارِ وَالعونِ
وَمِن نَجائِيَ يَومَ الدارِ حينَ هَوى / غَيري وَلَم أَخلُ مِن حَزمٍ يُنَجّيني
مَرَقتُ مِنها مُروقَ النَجمِ مُنكَدِراً / وَقَد تَلاقَت مَصاريعُ الرَدى دوني
وَكُنتُ أَوَّلَ طَلاّعٍ ثَنِيَّتَها / وَمِن وَرائِيَ شَرٌّ غَيرُ مَأمونِ
مِن بَعدِ ما كانَ رَبُّ المُلكِ مُبتَسِماً / إِلَيَّ أَدنوهُ في النَجوى وَيُدنيني
أَمسَيتُ أَرحَمُ مَن أَصبَحتُ أَغبِطُهُ / لَقَد تَقارَبَ بَينَ العِزِّ وَالهَونِ
وَمَنظَرٍ كانَ بِالسَرّاءِ يُضحِكُني / ياقُربَ ما عادَ بِالضَرّاءِ يُبكيني
هَيهاتَ أَغتَرُّ بِالسُلطانِ ثانِيَةً / قَد ضَلَّ وَلّاجُ أَبوابِ السَلاطينِ
ما لِلحِمامِ غَدا فَاِعتامَ زافِرَتي / وَاِختارَ ما كانَ يُعطيني وَيُمطيني
خَلّى عَلَيَّ مَراراتِ الحَيا وَمَضَت / أَحداثُهُ بِالمَطاعيمِ المَطاعينِ
يُشَجِّعونَ عَلَيَّ الدَهرَ إِن جَبُنَت / خُطوبُهُ وَتَوَقّى أَن يُناديني
إِذا رَأوا مَدَّهُ نَحوي يَداً وَضَعوا / فيها عِظامَ جَلاميدٍ لِتَرميني
أَقارِبٌ لَم يَزَل بي شَرُّ عِرقِهِمُ / عِرقٌ مِنَ اللُؤمِ يُعديهِم وَيَعدوني
تَمَلَّحوا بي كَأَنّي حَمضَةٌ قُطِعَت / لا بُدَّ بَعدَ مَدىً أَن يَستَمِرّوني
عَزّوا إِلَيَّ نِصاباً بَعدَ تَشظِيَةٍ / وَأَلصَقوا بي أَديماً بَعدَ تَعيِيني
هَبوا أُصولَكُمُ أَصلي عَلى مَضَضٍ / ما تَصنَعونَ بِأَخلاقٍ تُنافيني
أَعطاكُمُ السَجلَ قَبلَ النَهرِ غَرفَتَهُ / فَاِرضَوا بِرَوقِ جِمامي وَاِستَجِمّوني
كَمِ الهَوانُ كَأَنّي بَينَكُم جَمَلٌ / في كُلِّ يَومٍ قَطيعُ الذُلِّ يَحدوني
لا تَأمَنَنَّ عَدوّاً لانَ جانِبُهُ / خُشونَةُ الصِلِّ عُقبى ذَلِكَ اللينِ
وَاِحذَر شَرارَةَ مَن أَطفَأتَ جَمرَتَهُ / فَالثارُ غَضٌّ وَإِن بُقّي إِلى حينِ
أَنّى تَهيبُ بِيَ البُقيا وَأَتبَعُها / فَلَم أُباقِ بِها مَن لا يُباقيني
تَوَقَّعوها فَقَد شَبَّت بَوارِقُها / بِعارِضٍ كَصَريمِ اللَيلِ مَدجونِ
إِذا غَدا الأُفُقُ الغَربِيُّ مُختَمِراً / مِنَ الغُبارِ فَظُنّوا بي وَظُنّوني
لَتَنظُرَنّي مُشيحاً في أَوائِلِها / يَغيبُ بي النَقعُ أَحياناً وَيُبديني
لا تَعرِفونِيَ إِلّا بِالطَعانِ إِذا / أَضحى لِثامِيَ مَعصوباً بِعِرنيني
إِقدامُ غَضبانَ كَظَّتهُ ضَغائِنُهُ / فَمالَ يَخلِطُ مَضروباً بِمَطعونِ
فَإِن أُصَب فَمَقاديرٌ مُحَجَّزَةٌ / وَإِن أُصِب فَعَلى الطَيرِ المَيامينِ
أَسِل بِدَمعِكَ وادي الحَيِّ إِن بانوا
أَسِل بِدَمعِكَ وادي الحَيِّ إِن بانوا / إِنَّ الدُموعَ عَلى الأَحزانِ أَعوانُ
لا عُذرَ بَعدَ تَنائي الدارِ مِن سَكَنٍ / لِمُدَّعي الوَجدِ لَم يَدمَع لَهُ شانُ
حَيِّ الطَوالِعَ مِن نَجدٍ تَصونُهُمُ / عَنِ النَواظِرِ أَنماءٌ وَكيرانُ
رَمَوا جُيوبَ المَطالي عَن مَيامِنِهِم / وَشيحَةُ الحَزنِ يُسراهُم وَنَجرانُ
سارَت بِقَلبِكَ في الأَحشاءِ زَفرَتُهُ / وَاِستَوقَفَتكَ بِأَعلى الرَملِ أَظعانُ
لَمّا مَرَرنا عَلى تِلكَ السُروبِ ضُحىً / نَصَت إِلى الرَبعِ أَجيادٌ وَأَعيانُ
مِن كُلِّ غَيداءَ قَد مالَ النَعيمُ بِها / كَما تَخايَلَ بِالبُردَينِ نَشوانُ
كَأَنَّما اِنفَرَجَت عَنهُم قِبابُهُم / يَومَ الأُنَيعِمِ آجالٌ وَصيرانُ
مُستَشرِفاتٌ يُعَرِّضنَ الخُدودَ لَنا / كَما تَشَوَّفَ صَوبَ المُزنِ غِزلانُ
لا يُذكَرُ الرَملُ إِلّا حَنَّ مُغتَرِبٌ / لَهُ بِذي الرَملِ أَوطارٌ وَأَوطانُ
نَهفو إِلى البانِ مِن قَلبي نَوازِعُهُ / وَما بِيَ البانُ بَل مَن دارُهُ البانُ
أَسُدُّ سَمعي إِذا غَنّى الحَمامُ بِهِ / إِلّا يُبَيِّنَ سِرَّ الوَجدِ إِعلانُ
وَرُبَّ دارٍ أَوَليها مُجانَبَةً / وَبي إِلى الدارِ أَطرابٌ وَأَشجانُ
إِذا تَلَفَّتُّ في أَطلالِها اِبتَدَرَت / لِلعَينِ وَالقَلبِ أَمواهٌ وَنيرانُ
كُلمٌ بِقَلبي أُداويهِ وَيَقرِفُهُ / طَولُ إِدكاري لِمَن لي مِنهُ نِسيانُ
لا لِلَوائِمِ إِقصارٌ بِلائِمَةٍ / عَنِ العَميدِ وَلا لِلقَلبِ سُلوانُ
عَلى مَواعيدِهِم خُلفٌ إِذا وَعَدوا / وَفي دُيونِهِمُ مَطلٌ وَلَيّانُ
هُم عَرَّضوا بِوَفاءِ العَهدِ آوِنَةً / حَتّى إِذا عَذَّبوني بِالمُنى خانوا
لا تَخلُدَنَّ إِلى أَرضِ تَهونُ بِها / بِالدارِ دارٌ وَبِالجيرانِ جيرانُ
أَقولُ لِلرَكبِ قَد خَوَّت رِكابُهُمُ / مِنَ الكَلالِ وَمَرُّ اللَيلِ عَجلانُ
مُدّوا عَلابيَّها وَاِستَعجِلوا طَلَباً / إِذا رَضي بِالهُوَينا مَعشَرٌ هانوا
نَرجو الخُلودَ وَباقينا عَلى ظَعِن / وَالدارُ قاذِفَةٌ بِالزَورِ مِظعانُ
إِن قَلَّصَ الدَهرُ ما أَضفاهُ مِن جِدَةٍ / فَصَنعَةُ الدَهرِ إِعطاءٌ وَحِرمانُ
كَم مِن غُلامٍ تَرى أَطمارَهُ مِزقاً / وَالعِرضُ أَملَسُ وَالأَحسابُ غُرّانُ
إِذا الفَتى كانَ في أَفعالِهِ شَوَهٌ / لَم يُغنِ إِن قَيلَ إِنَّ الوَجهَ حَسّانُ
لا تَطلُبِ الغايَةَ القُصوى فَتُحرَمَها / فَإِنَّ بَعضَ طِلابِ الرِبحِ خُسرانُ
وَالعَزمُ في غَيرِ وَقتِ العَزمِ مَعجَزَةٌ / وَالإِزدِيادُ بِغَيرِ العَقلِ نُقصانُ
وَاِجعَل يَدَيكَ مَجازَ المالِ تَحظَ بِهِ / إِنَّ الأَشِحّاءَ لِلوُرّاثِ خُزّانُ
سَيَرعُبُ القَومَ مِنّي سَطوُ ذي لِبَدٍ / لَهُ بَعثَرَ أَعراسٌ وَوِلدانُ
لا يَطعَمُ الطُعمَ إِلّا مِن فَريسَتِهِ / إِن يَعدَمِ القِرنَ يَوماً فَهوَ طَيّانُ
ما شى الرِفاقَ يُراعي أَينَ مَسقِطُهُم / وَالسَمعُ مُنتَصِبٌ وَالقَلبُ يَقظانُ
يَستَعجِلُ اللَيلَةَ القَمراءَ أَوبَتَها / إِذا بَنو اللَيلِ مِن طولِ السُرى لا نوا
حَتّى إِذا عَرَّسوا في حَيثُ تَفرُشُهُم / نَمارِقَ الرَملِ أَنقاءٌ وَكُثبانُ
دَنا كَما اِعتَسَّ ذو طِمرَينِ لَمَّظَهُ / مِن فَضلَةِ الزادِ بِالبَيداءِ رُكبانُ
ثُمَّ اِستَقَرَّت بِهِ نَفسٌ مُشَيَّعَةٌ / لَها مِنَ القَدَرِ المَجلوبِ مِعوانُ
فَعاثَ ما عاثَ وَاِستَبلى عَقيرَتَهُ / يَجُرُّها مُطعِمٌ لِلصَيدِ جَذلانُ
قِرنٌ إِذا طَلَبَ الأَوتارَ عَن عُرُضٍ / لَم تَفدِ مِنهُ دِماءَ القَومِ أَلبانُ
وَغِلمَةٍ أَخَذوا لِلرَوعِ أُهبَتَهُ / لُفَّ البُطونِ عَلى الأَعوادِ خُمصانُ
طارَت بِأَشباحِهِم جُردٌ مُسَوَّمَةٌ / كَأَنَّما خَطَفَت بِالقَومِ عِقبانُ
مِن كُلِّ أَعنَقَ مَلطومٍ بِغُرَّتِهِ / كَأَنَّهُ مِن تَمامِ الخَلقِ بُنيانُ
يَمُدُّ لِلجَرَسِ مِثلَ الآسِتَينِ إِذا / خانَ التَوَجُّسَ أَبصارٌ وَآذانُ
فَاِستَمسِكوا بِنَواصيها وَقَد سَقَطَت / مِن غائِرِ الجَريِ أَلبابٌ وَأَرسانُ
كَأَنَّما النَخلُ تَزفيهِ يَمانِيَةٌ / فاهَت بِهِ ثَمَّ أَعقابٌ وَعَيرانُ
كَعَمتُ فاغِرَةَ الثَغرِ المَخوفِ بِهِم / يَهفو بِأَيمانِهِم نَبعٌ وَمُرّانُ
كَأَنَّ غُرَّ المَعالي في بُيوتِهِمُ / بيضٌ عَقائِلُ يَحميهِنَّ غَيرانُ
يا فاقِدَ اللَهِ بَينَ الحَيِّ مِن يَمَنٍ / أَنساهُمُ الحِلمَ أَحقادٌ وَأَضغانُ
إِلى كَمِ الرَحمُ البَلهاءُ شاكِيَةٌ / لَها مِنَ النَعيِ إِعوالٌ وَإِرنانُ
حَيرى يُضِلّونَها ما بَينَنا وَلَهاً / مِنّا عَلى عُدَواءِ الدارِ نِشدانُ
النَجرُ مُتَّفِقٌ وَالرَأيُ مُختَلِفٌ / فَالدارُ واحِدَةٌ وَالدينُ أَديانُ
وَثَمَّ أَوعِيَةُ الإِحسانِ مُكفَأَةٌ / فَوارِغٌ وَوِعاءُ الشَرِّ مَلآنُ
إِنّا نُجِرُّهُمُ أَعراضَنا طَمَعاً / في أَن يَعودوا إِلى البُقيا كَما كانوا
أَنّى يُتاهُ بِكُم في كُلِّ مُظلِمَةٍ / وَلِلرَشادِ أَماراتٌ وَعُنوانُ
ميلوا إِلى السِلمَ إِنَّ السِلمَ واسِعَةٌ / وَاِستَوضِحوا الحَقَّ إِنَّ الحَقَّ عُريانُ
يا راكِباً ذَرَعَت نُوَبَ الظَلامِ بِهِ / هَوجاءُ ماثِلَةُ الضَبعَينِ مِذعانُ
أَبلِغ عَلى النَأيِ قَومي إِن حَلَلتَ هِمِ / أَنّي عَميدٌ بِما يَلقونَ أَسوانُ
يا قَومُ إِنَّ طَويلَ الحِلمِ مَفسَدَةٌ / وَرُبَّما ضَرَّ إِبقاءٌ وَإِحسانُ
ما لي أَرى حَوضَكُم تَعفو نَصائِبُهُ / وَذودَكُم لَيلَةَ الأَورادِ ظَمآنُ
مُدَفَّعينَ عَنِ الأَحواضِ مِن ضَرَعٍ / يَنضو بِهامِكُمُ ظُلمٌ وَعُدوانُ
لا يُرهَبُ المَرءُ مِنكُم عِندَ حِفظَتِهِ / وَلا يُراقِبُ يَوماً وَهوَ غَضبانُ
إِنَّ الأُلى لا يُعَزُّ الجارُ بَينَهُمُ / وَلا تُهابُ عَواليهِم لَذُلّانُ
كَم اِصطِبارٌ عَلى ضَيمٍ وَمَنقَصَةٍ / وَكَم عَلى الذُلُّ إِقرارٌ وَإِذعانُ
وَفيكُمُ الحامِلُ الهَمهامُ مَسرَحُهُ / داجٍ وَمِن حَلَقِ الماذيِّ أَبدانُ
وَالخَيلُ مُخطَفَةُ الأَوساطِ ضامِرَةٌ / كَأَنَّهُنَّ عَلى الأَطوادِ ذُؤبانُ
اللَهَ اللَهَ أَن يَبتَزَّ أَمرَكُمُ / راعٍ رَعِيَّتُهُ المَعزِيُّ وَالضانُ
ثوروا لَها وَلتَهُنُ فيها نُفوسُكُمُ / إِنَّ المَناقِبَ لِلأَرواحِ أَثمانُ
فَمِن إِباءِ الأَذى حَلَّت جَماجِمُها / عَلى مَناصِلِها عَبسٌ وَذُبيانُ
وَعَن سُيوفِ إِباءِ الضَيمِ حينَ سَطوا / مَضى بَغُصَّتِهِ الجَعديُّ مَروانُ
فَإِن تَنالوا فَقَد طالَت رِماحُكُمُ / وَإِن تُنالوا فَلِلأَقرانِ أَقرانُ
يا رَوضَ ذي الأَثلِ مِن شَرقَيِّ كاظِمَةٍ
يا رَوضَ ذي الأَثلِ مِن شَرقَيِّ كاظِمَةٍ / قَد عاوَدَ القَلبُ مِن ذِكراكَ أَديانا
أَمُرُّ بِالرَكبِ مُجتازاً بِذي سَلَمٍ / لَو ما شَرَيتُكَ بِالأَوطانِ أَوطانا
شَغَلتَ عَيني دُموعاً وَالحَشى حُرَقاً / فَكَيفَ أَلَّفتَ أَمواهاً وَنيرانا
أَشُمُّ مِنكَ نَسيماً لَستُ أَعرِفُهُ / أَظُنُّ شَمياءَ جَرَّت فيكَ أَردانا
أَشبَهتَ أَظعانَ ذاكَ الحَيِّ مِن يَمَنٍ / طيباً وَحُسناً وَأَغصاناً وَكُثبانا
لَو أَستَطيعُ لَما سافَتكَ سائِفَةٌ / وَلا جَناكَ فَتىً رَنداً وَلا بانا
أَلقاكَ وَالقَلبُ صافٍ مِن رَجيعِ هَوىً / وَأَنثَني عَنكَ بِالأَشواقِ نَشوانا
وَلا تَداوَيتُ مِن قَرحٍ فَرى كَبِدي / وَلا سَقانِيَ راقي الحَيِّ سُلوانا
يَقولُ صَحبي وَقَد أَعياهُمُ طَرَبي / بَعضَ الأُسى إِنَّما أَحبَبتَ إِنسانا
أَينَ الخِيامُ الَّتي كُنّا نَلوذُ بِها / بِالأَبرَقَينِ وَأَينَ الحَيُّ مُذ بانا
لا هِجتُ لي قَنَصاً مِن بَعدِ بَينِهِمُ / وَلا ذَعَرتُ عَنِ الأَطلاءِ غِزلانا
أَنسَيتَني الناسَ إِذ أَذكَرتَني بِهِمُ / يا مُهدِياً لِيَ تَذكاراً وَنِسيانا
يا طائِرَ البانِ غِرّيداً عَلى فَنَنٍ
يا طائِرَ البانِ غِرّيداً عَلى فَنَنٍ / ما هاجَ نَوحُكَ لي يا طائِرَ البانِ
هَل أَنتَ مُبلَغُ مَن هامَ الفُؤادُ بِهِ / إِنَّ الطَليقَ يُؤَدّي حاجَةَ العاني
ضَمانَةٌ ما جَناها غَيرُ مُقلَتِهِ / يَومَ الوَداعِ فَيا شَوقي إِلى الجاني
مُغَفَّلٌ عَن هُمومي في بُلَهنِيَةٍ / أَرعى النُجومَ وَطَرفاهُ قَريرانِ
يَنأى وَيَدنو عَلى خَضراءَ مَورِقَةٍ / لُعبَ النُعامى بِأَوراقٍ وَأَغصانِ
كَالقُرطِ عُلِّقَ في ذِفرى مُبَتَّلَةٍ / بَينَ العَقائِلِ قُرطاها قَليقانِ
هَيهاتَ ما أَنتَ مِن وَجدي وَلا طَرَبي / وَلا لِقَلبِكَ أَشجاني وَأَحزاني
وَلا نَظَرتَ إِلى ماءٍ عَلى ظَمَإٍ / تَبغي الوُرودَ وَلَيسَ الوِردُ بِالداني
وَلا فُجِعتَ وَقَد سارَت رَكائِبُهُم / يَومَ الغَميمِ بِغِزلانِ كَغِزلانِ
لَولا تَذَكُّرُ أَيّامي بِذي سَلَمٍ / وَعِندَ رامَةَ أَوطاري وَأَوطاني
لَما قَدَحتُ بِنارِ الوَجدِ في كَبِدي / وَلا بَلَلتُ بِماءِ الدَمعِ أَجفاني
وَصاحِبٍ في أُصَيحابٍ أَنَختُ بِهِ
وَصاحِبٍ في أُصَيحابٍ أَنَختُ بِهِ / عَلى زَرودَ وَمَوجُ اللَيلِ يَغشانا
ثَنى الذِراعَ وَأَلقى فَضلَ لِمَّتِهِ / عَلى الكَثيبِ خَميصَ البَطنِ طَيّانا
نادَيتُهُ بَعدَما مالَ الجَنوبُ بِهِ / أَبا نَعامَةَ أَبرَدنا قُمِ الآنا
فَقامَ وَالنَومُ طِرحٌ في مَحاجِرِهِ / لا يُرسِلُ الطَرفَ إِلّا عادَ وَسنانا
مُستَأخِرٌ وَمَطايا الرَكبِ سائِرَةٌ / أَحموقَةٌ إِنَّ عَقلَ المَرءِ قَد رانا
يَهوى الرُقادَ كَأَنَّ الرَملَ أَفرَشَهُ / نَمارِقَ اِبنَةِ مَنظورِ بنِ زَبّانا
وَرُبَّ يَومٍ صَقيلِ الوَجهِ تَحسَبُهُ
وَرُبَّ يَومٍ صَقيلِ الوَجهِ تَحسَبُهُ / مُرَصَّعاً بِجِباهِ الخُرَّدِ العينِ
أَتاكَ يَقتادُ عيداً في حَقائِبِهِ / زادَ السُرورِ عَلى الطَيرِ المَيامينِ
فَاِلبَس جَلابيبَهُ البيضَ الَّتي شَرُفَت / وَاِخرُج عَنِ الصَومِ مِن أَثوابِهِ الجَونِ
إِلَيكَ يَستَنُّ وَالأَحشاءُ يَتبَعُها / عَن غَربِ فِكرٍ بِغَربِ الشَوقِ مَقرونِ
جاءَت تُهَنّيكَ بِالوُدِّ الَّذي عَلِقَت / مِنّا الضَمائِرُ لا يَومِ الشَعانينِ
اللَيلُ يَنصُلُ بَينَ الحَوضِ وَالعَطَنِ
اللَيلُ يَنصُلُ بَينَ الحَوضِ وَالعَطَنِ / وَالبَرقُ يُسدي بُرودَ العارِضِ الهَتِنِ
وَالجَفنُ يَفتُرُ عَن طَرفٍ صَحِبتُ بِهِ / إِنسانُهُ مُثقَلُ العِطفَينِ بِالوَسَنِ
في لَيلَةٍ أَوعَدَت بِالبَينِ فَاِختَلَسَت / مِنَ العُيونِ بَقايا غُبَّرِ الوَسَنِ
حَتّى نَظَرتُ وَلَي عَينٌ مُؤَرَّقَةٌ / تُقَسَّمُ الدَمعَ بَينَ الرَبعِ وَالظُعُنِ
دَع مِن دُموعِكَ بَعدَ البَينِ لِلدِمَنِ
دَع مِن دُموعِكَ بَعدَ البَينِ لِلدِمَنِ / غَداً لِدارِهِمُ وَاليَومَ لِلظُعُنِ
هَل وَقفَةٌ بِلوى خَبتٍ مُؤَلِّفَةٌ / بَينَ الخَليطَينِ مِن شامٍ وَمِن يَمَنِ
عُجنا عَلى الرَكبِ أَنضاءً مُحَزَّمَةً / أَثقالُها الشَوقُ مِن بادٍ وَمُكتَمِنِ
مَوسومَةً بِالهَوى يُدرى بِرُؤيَتِها / أَنَّ المَطايا مَطايا مُضمِري شَجَنِ
ثُمَّ اِنثَنَينا عَلى يَأسٍ وَقَد وَجِلَت / نَواظِرٌ بِمَجاري دَمعِها الهَتِنِ
تَرومُ رَدَّ نُفوسٍ بَعدَ طَيرَتِها / عَلى قَوادِمَ مِن وَجدٍ وَمِن حَزَنِ
تَعريسَةٌ بَينَ رَملَي عالِجٍ ضَمِنَت / بَلَّ الغَليلِ لِقَلبِ المَوجَعِ الضَمِنِ
بِتنا سُجوداً عَلى الأَكوارِ يَحمِلُنا / لَواغِبٌ قَد لَطَمنَ الأَرضَ بِالثَفَنِ
أَهفو إِلى الريحِ إِن هَبَّت يَمانِيَةً / تَحدو زَعازِعُها عيراً مِنَ المُزُنِ
أَبى ضَميرِيَ إِلّا ذِكرَهُ وَأَبى / تَعَرُّضُ البَرقِ إِلّا أَن يُؤَرِّقَني
شَوقٌ أَلَمَّ وَما شَوقي إِلى أَحَدٍ / سِوى الَّذي نامَ عَن لَيلي وَأَيقَظَني
إِن زاغَ قَلبي فَإِنَّ الهَجرَ أَحرَجَني / وَإِن صَبَرتُ فَإِنَّ اليَأسَ صَبَّرَني
وَكَم رَمَتني مِنَ الأَقدارِ مُنبِضَةٌ / لَم تَثنِ باعي وَلَم يَحرَج لَها عَطني
ما كُنتُ أَعلَمُ وَالأَيّامُ عالِمَةٌ / أَنَّ اللَيالي تُقاعيني لِتَنهَشَني
قَد أَدمَجَ الهَمُّ في عُنقي حَبائِلَهُ / وَلَزَّةُ الهَمِّ تُنسي لَزَّةَ القَرَنِ
إِن يَبلَ ثَوبي فَإِنّي أَكتَسي حَسبي / أَو تودَ خَيلي فَإِنّي أَمتَطي مُنَني
وَأَدخُلُ البَيتَ لَم تَأذَن قَعائِدُهُ / عَلى الحَصانِ أَمامَ القَومِ وَالحُصُنِ
لا أَطلُبُ المالَ إِلّا مِن مَطالِبِهِ / وَلا يَفي لِيَ بَذلُ المالِ بِالمِنَنِ
إِنَّ البَخيلَ الَّذي قَد باتَ يُؤنِسُني / مِثلُ الجَوادِ الَّذي قَد باتَ يَمطُلُني
لَقَد تَقَدَّمَ بي فَضلي بِلا قَدَمٍ / أَعظِم بِأَمرٍ عَلى ذي السِنِّ قَدَّمَني
لا يَبرَحُ المَجدُ مَرفوعاً دَعائِمُهُ / ما دامَ مُعتَمِداً مِنّا عَلى رُكُنِ
مِن أُسرَةٍ تُنبِتُ التيجانَ هامُهُمُ / مَنابِتَ النَبعِ في الأَطوادِ وَالقُنَنِ
المَجدُ أَنوَطُ مِن كَفٍّ إِلى عَضُدٍ / فيهِم وَأَقوَمُ مِن رَأسٍ عَلى بَدَنِ
مَن مُبلِغٌ لي أَبا إِسحَقَ مَألُكَةً / عَن حِنوِ قَلبٍ سَليمِ السِرِّ وَالعَلَنِ
جَرى الوَدادُ لَهُ مِنّي وَإِن بَعُدَت / مِنّا العَلائِقُ مَجرى الماءِ في الغُصُنِ
لَقَد تَوامَقَ قَلبانا كَأَنَّهُما / تَراضَعا بِدَمِ الأَحشاءِ لا اللَبَنِ
مُسَوِّدٌ قَصَبَ الأَقلامِ نالَ بِها / نَيلَ المُحَمِّرِ أَطرافَ القَنا اللُدُنِ
إِن لَم تَكُن تُورِدُ الأَرماحَ مَورِدَها / فَما عَدَلتَ إِلى الأَقلامِ عَن جُبُنِ
وَالطاعِنُ الطَعنَةَ النَجلاءَ عَن جَلَدٍ / كَالقائِلِ القَولَةَ الغَرّاءَ عَن لَسَنِ
حارَ المُجارونَ إِذ جارَوكَ في طَلَقٍ / وَأَجفَلوا عَن طَريقِ السابِقِ الأَرِنِ
ضَلّوا وَراءَكَ حَتّى قالَ قائِلُهُم / ماذا الضَلالُ وَذا يَجري عَلى السَنَنِ
ما قَدرُ فَضلِكَ ما أَصبَحتَ تُرزَقُهُ / لَيسَ الحُظوظُ عَلى الأَقدارِ وَالمِهَنِ
قَد كُنتُ قَبلَكَ مِن دَهري عَلى حَنَقٍ / فَزادَ ما بِكَ مِن غَيظي عَلى الزَمَنِ
كَم راشَنا وَبَرانا غَيرَ مُكتَرِثٍ / بِما نُعالِجُ بَريَ القِدحِ بِالسَفَنِ
أَلقى عَلى آلِ وَضّاحٍ حَوِيَّتَهُ / وَحَكَّ بَركاً عَلى سَيفِ بنِ ذي يَزَنِ
وَمِثلَها أَنشَبَ الأَظفارَ في مُضَرٍ / وَمَرَّ يَحرُقُ بِالأَنيابِ لِليَمَنِ
إِن يَدنُ قَومٌ إِلى داري فَآلَفُهُم / وَتَنأَ عَنّي فَأَنتَ الروحُ في البَدَنِ
فَالمَرءُ يَسرَحُ في الآفاقِ مُضطَرِباً / وَنَفسُهُ أَبَداً تَهفو إِلى الوَطَنِ
وَالبُعدُ عَنكَ بَلاني بِاستِكانِهِمُ / إِنَّ الغَريبَ لَمُضطَرٌّ إِلى السَكَنِ
أَنتَ الكَرى مُؤنِساً طَرفي وَبَعضُهُمُ / مِثلُ القَذى مانِعٌ عَيني مِنَ الوَسَنِ
كَم مِن قَريبٍ يَرى أَنّي كَلِفتُ بِهِ / يُمسي شَجايَ وَتُضحي دونَهُ شَجَني
وَصاحِبٍ طالَ ما ضَرَّت صَحابَتُهُ / عَكَفتُ مِنهُ عَلى أَطغى مِنَ الوَثَنِ
مُستَهدِفٌ لِمَرامي العَيبِ جانِبُهُ / يَكادُ يَنعَطُّ بُرداهُ مِنَ الظِنَنِ
ذي سَوءَةٍ إِن ثَناها مَحفِلٌ كَثُرَت / لَها المَضارِبُ فَوقَ الصَدرِ بِالذَقَنِ
إِذا اِحتَمَيتُ بِهِ أَحمي عَلى كَبِدي / كَيفَ اِجتَناني إِذا أَسلَمنَني جُنَني
لا تَجعَلَنَّ دَليلَ المَرءِ صورَتَهُ / كَم مَخبَرٍ سَمجٍ عَن مَنظَرٍ حَسَنِ
إِنَّ الصَحائِفَ لا يَقريكَ باطِنُها / نَفسَ الطَوابِعِ مَوسوماً عَلى الطِيَنِ
أَشتاقُكُم وَدَواعي الشَوقِ تُنهِضُني / إِلَيكُمُ وَعَوادي الدَهرِ تُقعِدُني
وَأَعرِضُ الوُدَّ أَحياناً فَيُؤنِسُني / وَأَذكُرُ البُعدَ أَطواراً فَيوحِشُني
هَذا وَدِجلَةُ ما بَيني وَبَينَكُمُ / وَجانِبُ العَبرِ غَيرُ الجانِبِ الخَشِنِ
وَمُشرِفٍ كَسَنامِ العودِ مُلتَبِسٍ / كَالماءِ لُزَّ بِأَضلاعٍ مِنَ السُفُنِ
كَالخَيلِ رُبِّطنَ دُهماً في مَواقِفِها / وَالبُزلِ قُطِّرنَ بَينَ الحَوضِ وَالعَطَنِ
قَد جاءَتِ النَفثَةُ الغَرّاءُ ضامِنَةً / ما يوبِقُ النَفسَ مِن عُجبٍ وَمِن دَرَنِ
أَنبَطتُ مِن حُسنِها ماءً بِلا نَصَبٍ / وَحُزتُ مِن نَظمِها دُرّاً بِلا ثَمَنِ
أَنشَدتُها فَحَدا سَمعي غَرائِبُها / إِلى الضَميرِ حَداءَ الرَكبِ لِلبُدُنِ
جازَت إِلى خاطِري عَفواً وَخُيِّلَ لي / مِمّا اِستَبَت أُذُني أَن لَم تَجُز أُذُني
فَاِقتَد إِلَيكَ أَبا إِسحَقَ قافِيَةً / قَودَ الجَوادِ بِلا جُلٍّ وَلا رَسَنِ
كادَت تَقاعَسُ لَو ما كُنتَ قائِدَها / تَقاعُسَ البازِلِ المَجنوبِ في الشَطنِ
تَستَوقِفُ الرَكبَ إِن مَرَّت مُعارِضَةً / تُهدي عَقيلَتَها العَذراءَ مِن يَمَنِ
أَيُّ المَنازِلِ نَرضى بَعدَكُم وَطَنا
أَيُّ المَنازِلِ نَرضى بَعدَكُم وَطَنا / هانَ الفِراقُ فَما نُعنى بِمَن ظَعَنا
لَقَد سَقَوكَ بِأَطباءٍ مُلَعَّنَةٍ / كَأَنَّما كُنتَ تُسقى السُمَّ لا اللَبَنا