المجموع : 5
أنا الغريب وإن أصبحتُ في وطني
أنا الغريب وإن أصبحتُ في وطني / إذا تغيّبتَ عنّي يا أبا الحَسَنِ
أوحى إليَّ فؤادي حين أخبرني / بأنَّ لي فَرَجاً من ذلك الحَزَنِ
تاللهِ لا سكنت روحي إلى أحَدٍ / حتّى يعود إلى أوطانه سَكَني
هذا وإن تسلك الأجسامُ ثانيةً / على الحقيقة والأرواحُ في قَرَنِ
راح التناسخ عني يومَ ودَّعَني / وراحَ مُحتَمِلاً روحَين في بَدَنِ
لا تُكبِروا من ملاح المرد إنسانا
لا تُكبِروا من ملاح المرد إنسانا / ما الحُسن والطِّيب إلا عبد ظِبيانا
نفديك من كاملٍ حُسناً وإحسانا / تُحيي وتقتل أحياناً فأحيانا
تبارك اللَهُ ماذا فيك من بدعٍ / في الجسم والوجه إسراراً وإعلانا
كأنما عجن الكافورُ طينتَه / بالزعفران فعَلَّى منه كثبانا
وصيغ أعلاه من نورٍ ومن ظُلَمٍ / وجهاً وفرعاً يمجُّ المسك والبانا
فالفرع من سَبَجٍ والخد من ضَرَجٍ / والطَّرف من غنجٍ يلقاك وسنانا
فمن تنزَّه يوماً في محاسنه / فليس مُستحسِناً ما عاش بستانا
ومن تنفس من أنفاسه نَفَساً / لم يرضَ ما عاش أن يشتمَّ ريحانا
كأنما اللَه أوحى إذ براه إلى / خزائن المسك ممّا طاب أو لانا
بأن تُؤلِّف من نَشرٍ جواهرها / وقال كوني على التأليف إنسانا
كأنه قبَّة من فضَّةٍ قسِمت / في ملتقى الخَور أردافاً وأعكانا
كأنه مُحَّةٌ من فرط نَعمته / تكاد تجري من الأثواب أحيانا
تراه كالماء رجراجاً ومَلمسه / كالنار حرّاً فتلقى اللونَ ألوانا
تبدو له حركات من حرارتها / ولينه يستحيل الماء رَيّانا
قد قلتُ إذ حار طرفي في محاسنه / ولم أزل شاخصَ العينين حيرانا
لا شك أنت من الجنّات مسترَقٌ / أو هارب فمتى فارقتَ رضوانا
فاستضحكته على عجبٍ مساءَلتي / وقلتُ لمّا رأيتُ الثغر قد بانا
لم ترضَ إذ جئتَنا من جنةٍ هرباً / حتى سرقتَ لنا في فيك مرجانا
ليس الحبيب الذي يأتيك مؤتزراً / مثلَ الحبيب الذي يأتيك عريانا
لا يُنسِينّي سرورٌ لا ولا حَزَنُ
لا يُنسِينّي سرورٌ لا ولا حَزَنُ / وكيف لا كيف يُنسى وجهُك الحَسَنُ
ولا خلا منك روحي لا ولا بدني / كُلّي بكُلِّك مشغول ومُرتَهَنُ
يا واحد الحسن مالي منك مذ علقت / روحي بروحك إلا الشوق والحزَن
نورٌ تولَّد من شمسٍ ومن قمر / حتى تكامل فيه القدُّ والغُصُنُ
إن كان لفظي كريهاً فاصطبر فعلى
إن كان لفظي كريهاً فاصطبر فعلى / كره العلاج يصحُّ اللَهُ أبدانا
لولا العوارضُ ما طاب العتابُ لنا / لولا قصارتنا للثوب ما زانا
إني أُعاتب إخواني وهم ثقتي / طوراً وقد تُصقَل الأسياف أحيانا
هي الذنوب إذا ما كُشِّفَت درسَت / من القلوب وإلا صِرنَ أضغانا
إني لفي غربةٍ مذ غبتَ يا سكني
إني لفي غربةٍ مذ غبتَ يا سكني / وإن ظللتُ أُرى في الأهل والوطنِ