طاوِل بِجَدِّكَ فَالأَقدارُ عُنوانُ
طاوِل بِجَدِّكَ فَالأَقدارُ عُنوانُ / وَاِحكُم فَما لِصُروفِ الدَهرِ عِصيانُ
عَلَيكَ حَزمٌ وَأَمرٌ نافِذٌ وَعَلى / ريبِ الحَوادِثِ تَسليمٌ وَإِذعانُ
لَكُم سُعودٌ عَلى الأَعداءِ نافِذَةٌ / وَفَت لَكُم حَيثُ حَدُّ السَيفِ خَوّانُ
تَرى المَقاتِلَ أَنصاراً وَرُبَّتَما / أَصغَت لِأَمرِ المَنايا فَهيَ آذانُ
إِنَّ المُلوكَ وَإِن عَزّوا وَإِن كَثُروا / وَخالَفوكَ فَقَد ذَلّوا وَقَد هانوا
إِن يَحسُدوكَ أَبا العَبّاسِ فَهوَ لَكُم / ذِكرٌ جَميلٌ ولِلحُسّادِ أَشجانُ
وَما عَلى الشَمسِ في أَن لاحَ رَونَقُها / فَأَنكَرَتهُ العُيونُ الرُمدُ نُقصانُ
أَعَدَّ تَوفيقُكَ الأُسطولَ يَقدُمُها / نَدبٌ أَتى المُلكَ عَيناً وَهوَ إِنسانُ
مُحَمَّدٌ وَكَفانا مِن فَتىً هَرِمَت / بِهِ اللَيالي وَقاراً وَهيَ شُبّانُ
لَمّا زَكا غُصُناً في دَوحِ سُؤدُدِكُم / تاهَت قَنا الخَطِّ لَمّا قيلَ أَغصانُ
القائِدُ الخَيلَ مَجدولاً أَياطِلُها / كَأَنَّما هِيَ في الأَرسانِ أَرسانُ
وَالتارِكُ البيضَ مِن ضَربِ الرُؤوسِ بِها / كَأَنَّما هِيَ فَوقَ إِلهامِ تيجانُ
رَقَّت حَنيناً إِلى الإِعجابِ لا عَجَباً / أَن رَقَّ حُبٌّ إِلى الأَوطانِ حَنّانُ
حامي الذِمارِ وَنارُ الحَربِ حامِيَةٌ / طَلقُ المُحَيّا وَحَدُّ السَيفِ غَضبانُ
يُبكي الصِفاحَ نَجيعاً وَهوَ مُبتَسِمٌ / وَيوسِعُ السُمرَ رِيّاً وَهوَ ظَمآنُ
يَرى الدِماءَ عُقاراً وَالظُبى زَهَراً / فَالحَربُ في زَعمِهِ راحٌ وَرَيحانُ
يَرمي بِهِ البَحرُ في فُلكٍ زَجَرتَ بِها / طَيراً لَهُنَّ مِنَ الأَلواحِ أَبدانُ
كَأَنَّما البَحرُ مَعنىً مُشكِلٌ صَدَعَت / بِها أَعاديكَ أَنَّ المَوتَ أَلوانُ
خُضرٌ وَدُهمٌ وَحُمرٌ ما بَدَت عَلِمَت / بِها أَعاديكَ أَنَّ المَوتَ أَلوانُ
فَالخُضرُ قُضبٌ لَها الأَعلامُ عَن وَرَقٍ / لَو أَثمَرَت قَبلَها بِالحَتفِ قُضبانُ
وَالحُمرُ يَرمي بِها المَوجُ الخِضَمُّ كَما / تَختالُ في زَهَراتِ الوَردِ كُثبانُ
وَالدُهمُ تَستَوقِفُ الأَبصارُ حِكمَتَها / كَأَنَّها فَوقَ خَدِّ الماءِ خيلانُ
كَأَنَّما عَدوُها إِثرَ الطَريدِ بِها / رَقصٌ بِحَيثُ صَليلُ الهِندِ أَلحانُ
بِعُصبَةٍ أُنهِضوا لِلمَوتِ وَاِئتُمِنوا / عَلى الحِفاظِ فَما خانوا وَلا حانوا
أَعطافُهُم مِثلُ ما هَزّوهُ مائِلَةٌ / وُجوهُهُم مِثلُ ما سَلّوهُ غُرّانُ
أَعطاهُمُ الحَزمُ أَيماناً مُؤَيَّدَةً / أَنَّ الضَلالَ ذَليلٌ حَيثُما كانوا
إِن شِئتَ رُعتَ بِهِم أَرضَ الشَقاءِ فَلَم / يَعضُدهُ مِن دَولَةِ المَخذولِ صُلبانُ
فَقَبلَكُم ما أَتى موسى بِآيَتِهِ / مِصراً فَلَم يُغنِ عَن فِرعَونَ هامانُ
وَهَل يُنازِعُكُم مَن عَزمُهُ عَبَثٌ / كَالريحِ لَم يُجرِها مِنهُ سُلَيمانُ
لَولاكَ لَم يَحسُدِ المِلحَ الفُراتُ وَلا / جُنَّت بِسَبتَةَ يَومَ الفَخرِ بَغدانُ
قَد طابَ ذِكرُكَ حَتّى الشَهدُ مُطَّرَحٌ / وَفاحَ حَتّى اِستُبينَ المِسكُ وَالبانُ
وَالناسُ شَتّى أَعادٍ في مَذاهِبِهِم / لَكِنَّهُم في هَواكَ اليَومَ إِخوانُ
يَأوي لِظِلِّكَ مَحمِيٌّ وَمُطَّرَدٌ / كَالرَوضِ يَرتادُهُ ظَبيٌ وَسِرحانُ
وَيَشتَهي جودَكُم مُثرٍ وَذو عَدَمٍ / كَالخَمرِ يَعشَقُها صاحٍ وَنَشوانُ
مَلِكٌ فَتى البَأسِ كَهلُ الرَأيِ مُتَّضِحٌ / عالي الذُؤابَةِ رَحبُ الباعِ يَقظانُ
أَغَرُّ لِلجاهِ مِنهُ مَنطِقٌ سَدَدٌ / إِلى الصَوابِ وَبَعضُ الجاهِ إِلحانُ
كَأَنَّما الناسُ أَلفاظٌ لَهُنَّ بِهِ / رَفعٌ وَخَفضٌ وَتَحريكٌ وَإِسكانُ
مِن كُلِّ قَولٍ لَهُ فَصلٍ يُصيبُ بِهِ / وَكُلِّ فِعلٍ لَهُ بِالعَدلِ ميزانُ
وَكُلُّ وَقتٍ رَبيعٌ مِن خَلائِقِهِ / وَكُلُّ رَوضٍ بِهِ في الطيبِ بُستانُ
حَملُ الأَمانَةِ هَيِنٌ في سَجِيَّتِهِ / وَهَل يحُسُّ حَصاةً فيهِ ثَهلانُ
إِذا تَكَلَّمَ أَصغى الدَهرُ مُستَمِعاً / كَما يُصيخُ لِداعي الماءِ ظَمآنُ
كَأَنَّما بُردَتا أَثوابِ هَيبَتِهِ / كِسرى وَيَأخُذُ عَنهُ الرَأيَ لُقمانُ
جَزى الإِساءَةَ بِالحُسنى مُسامَحَةً / حَتّى تَخَيَّلَ أَنَّ الذَنبَ قُربانُ
يا دَهرُ شُدَّ عَلَيهِ كَفَّ ذي مِقَةٍ / وَاِبخَل بِهِ إِنَّ بَعضَ البُخلِ إِحسانُ
وَأَنتَ مُتَّهَمٌ إِلّا عَلَيهِ فَها / عَلِقَ بِهِ سَبتَةَ تَحظى وَتَزدانُ