المجموع : 8
أهذه خَطَراتُ الرَّبْرَبِ العِينِ
أهذه خَطَراتُ الرَّبْرَبِ العِينِ / أمِ الغُصونُ على أنْقاءِ يَبْرينِ
رَمَيْنَ إيماءَ مَطْويٍّ على وجَلٍ / عَن ناظِرٍ لا يُقِلُّ الجَفْنَ مَوهونِ
كأنَّهُنَّ مَهاً تَهفو بأعيُنِها / لِبارِقٍ بهَوادي الرِّيحِ مَقْرونِ
عَرَضْنَ والعِيسُ مُرخاةٌ أزِمَّتُها / يَرتاحُ مِنهُنَّ مَعقولٌ لمَرْسونِ
بمَوقِفٍ لا تَرى فيه سِوى دَنِفٍ / دامي الجُفونِ طليحِ الشّوقِ مَحزونِ
فلَستُ أدري وقد أتْبَعْتُهُنَّ ضُحىً / طَرْفي ولَيسَ على قلبي بمأمونِ
قُدودُها أم رِماحُ الحَيِّ تُحدِقُ بي / وأعيُنٌ أم سِهامُ القَوْمِ تُصْميني
مِنْ كُلِّ مالِئَةِ الحِجْلَينِ ما بَخِلَتْ / إلا لِتَمْطُلَني دَيْني وتَلْويني
يا لَيتَ شِعري ولَيتٌ غَيرُ مُجديةٍ / والدّهرُ يَعْدِلُ بي عمّا يُمنِّيني
هَل أورِدَنَّ رِكابي وهْيَ صادِيَةٌ / ماءَ العُذَيبِ فيُرويها ويُرْويني
ونَفْحةُ الشِّيحِ إذ فاحَ النسيمُ بها / مِن غُلَّةٍ أضْمَرَتْها النَّفسُ تَشفيني
أوْ أطْرُقَنَّ القِبابَ الحُمْرَ يَصْحَبُني / أغَرُّ مِن كُلِّ ما أخشاهُ يُنْجيني
والخَطْوُ أَطويهِ أحياناً وأنشُرُهُ / والرُعْبُ يَنشُرني طَوْراً ويَطْويني
إذا الحِجى ردَّني عمَّا أهُمُّ بهِ / رَنا إليَّ الشَّبابُ الغَضُّ يُغْريني
وعُصبةٍ لا تُطيفُ المَكرُماتُ بها / ولا تُليحُ مِنَ الفَحشاءِ والهُونِ
تَريشُها ثَروةٌ لا أستَكينُ لَها / وإنْ ألَحَّ عَليَّ الدَّهْرُ يَبريني
هَيهاتَ أن يَطَّبيني شَيْمُ بارِقَةٍ / في مُستَحيرٍ يَسُدُّ الأُفْقَ مَدْجونِ
ولإمامِ أبي العبَّاسِ عارِفَةٌ / تُروي الصَّدى والندىً المَنزورُ يُظْميني
إذا دَعَوتُ لها المُستَظهِرَ ابتدَرَتْ / مِن كفِّهِ سُحُبُ الجَدْوى تُلَبّيني
ذو هِمّةٍ بالعُلا مَشغوفَةٍ جَمَعَتْ / مِنَ المَكارِمِ أبكاراً إِلى عُونِ
لَم يَرْضَ بالأرضِ فاختارَ السّماء لها / حتى اطمأنَّتْ بِرَبْعٍ غَيرِ مَسكونِ
تَعتادُهُ هَيبَةٌ في طَيِّها كَرَمٌ / وشِدّةٌ شابَها الأحلامُ باللّينِ
ويوطِئُ الخَيْلَ والهَيجاءَ لاقِحةٌ / هامَ العِدا بينَ مضروبٍ ومَطعونِ
وتَحتَ راياتِهِ آسادُ مَلحَمَةٍ / في ظَهرِ كُلِّ أقَبِّ البَطنِ مَلبُونِ
سودٌ كحائِمَةِ العُقبانِ يَكْنُفُها / عِزٌّ تَبَلَّجَ عن نَصْرٍ وتَمكينِ
إذا استَنامَتْ إِلى العِصيانِ مارِقةٌ / يَأبى لها الحَيْنُ أن تَبقى إِلى حِينِ
مَشَوْا إليها بأسيافٍ كما انكَدَرَتْ / شُهْبٌ ثواقِبُ في إثْرِ الشّياطينِ
إذا انْتَضى الرأيَ لم تضْجَعْ غُمودُهُمُ / بكلِّ أبيضَ ماضي الحدِّ مَسنونِ
يا خيرَ مَن ألقَحَ الآمالَ نائِلُهُ / بموعدٍ يَلِدُ النَّعماءَ مَضمونِ
ولَّى الصّيامُ وقد أوْقرْتَهُ كَرَماً / أفضى إليكَ بأجرٍ غَيرِ مَمنونِ
وأقبَلَ العيدُ مُفْترّاً مَباسِمُهُ / بِطائرٍ هزَّ مِن عِطفَيْكَ مَيمونِ
ومُقْرَباتٍ خَطَتْ عَرْضَ الفَلاةِ بنا / قُبٍّ سَراحيبَ أمثالَ السّراحينِ
إليكَ والخَيرُ مطلوبُ ومُتَّبَعٌ / زَجَرْتُها كأضاميمِ القَطا الجُونِ
والعِيسُ هافِيَةُ الأعناقِ من لَغَبٍ / كالنخْلِ كانتْ فعادَت كالعَراجينِ
يَحمِلْنَ مَدحَكَ والرَّاوي يُنَشِّرهُ / عَن لؤلؤٍ بمَناطِ العِقْدِ مَوضونِ
يُصغِي الحَسودُ لهُ مَلآنَ مِن طَرَبٍ / ومِنْ جَوىً بمَقيلِ الهَمِّ مكْنونِ
والحَمْدُ لا يَجْتَنيهِ كُلُّ مُلْتَحِفٍ / باللُّؤمِ مِن صَفْقَةِ العَلياءِ مَغبونِ
ومَن نُرجّيهِ للدُنيا ونَمدَحُهُ / فأنتَ تُمدَحُ للدُّنْيا وللدينِ
هيَ الصّبابةُ منْ بادٍ ومُكْتَمِنِ
هيَ الصّبابةُ منْ بادٍ ومُكْتَمِنِ / طَوى لَها الوَجْدُ أحشائي على شَجَنِ
وحَنَّةٍ كأُوارِ النّارِ يُضْرِمُها / قَلبٌ تمَلّكَ رِقَّ المَدْمَعِ الهَتِنِ
ناوَلْتُهُ طَرَفَ الذّكْرى فأقْلَقهُ / شوْقٌ يُصَرِّحُ عنهُ لَوْعَةُ الحَزَنِ
فحَنَّ والوَجْدُ يستشري عَلَيهِ كَما / حَنّ الأعاريبُ منْ نَجْدٍ إِلى الوَطَنِ
تُذْري دُموعَهُمُ الذِّكرى إذا خَطَرَتْ / رُوَيْحَةُ الحَزْنِ تَمري دِرّةَ المُزُنِ
فلا اسْتَمالَ الهَوى عَيني وإنْ جَمَحَتْ / عنْها ولا افْتَرَشَ الواشي بِها أذُني
هَيفاءُ تُخْجِلُ غُصْنَ البانِ منْ هَيَفٍ / عَيْناءُ تَهزَأُ بالغِزْلانِ منْ عَيَنِ
إذا مَشَتْ دَبَّ في أعطافِها مَرَحٌ / كَما هفَتْ نَسَماتُ الرّيحِ بالغُصُنِ
وإنْ سَرى بارِقٌ منْ أرضِها طَمَحَتْ / عَيْنٌ تُقَلِّصُ جَفْنَيْها عنِ الوَسَنِ
وأسْتَمِلُّ إذا ريحُ الصَّبا نَسَمَتْ / حَديثَ نَعْمانَ والأنْباءَ عن حَضَنِ
وأحْبِسُ الرَّكْبَ يا ظَمْياءَ إنْ بَرَقَتْ / غَمامةٌ وشَدَتْ وَرْقاءُ في فَنَنِ
على رَوازِحَ يَخْضِبْنَ السّريحَ دَماً / كادَتْ تَمَسُّ أديمَ الأرضِ بالثّفَنِ
إن خانَ سِرَّكِ طَرْفي فالهَوى عَلِقٌ / منّي بقَلْبٍ على الأسرارِ مُؤْتَمَنِ
إنّي لأُرضيكِ والحيّانِ في سَخَطٍ / بَثّا عَداوةَ مَوْتورٍ ومُضْطَغِنِ
ولسْتُ أحْفِلُ بالغَيْرانِ ما صَحِبَتْ / كَفّي أنابيبَ للعَسّالَةِ اللُّدُنِ
لاأبتَغِي العِزَّ إلاّ من أسِنَّتِها / والموتُ يَنزِلُ والأرواحُ في ظَعنِ
وألبس الخِلَّ تَعرَى لي شَمائِلُهُ / منَ الخَنى حَذَرَ الكاسي منَ الدَّرَنِ
وأنفُضُ اليَدَ منْ مالٍ إذا انْبَسَطَتْ / إليهِ عادَتْ بعِرْضٍ عنهُ مُمتَهَنِ
لا رَغبَةً ليَ في النُّعْمى إذا نُسِبَتْ / لمْ تتّصِلْ بغِياثِ الدّولَةِ الحَسَنِ
أغَرُّ يَحْتَمِلُ العافونَ نائِلَهُ / على كَواهِلَ لمْ يُثْقَلْنَ بالمِنَنِ
ويَمْتَرونَ سِجالَ العُرْفِ مُتْرَعَةً / هذي المَكارِمُ لا قَعْبانِ منْ لَبَنِ
يأْوونَ منهُ إِلى سَهْلٍ مَباءَتُهُ / يَرمي صَفاةَ العِدا عَنْ جانِبٍ خَشِنِ
إذا المُنى نَزَلَتْ هِيماً بِساحَتِهِ / ظَلَلْنَ يَمْرَحْنَ بَيْنَ الماءِ والعَطَنِ
أدعوكَ يا بْنَ عَليٍّ والخُطوبُ غَدَتْ / تَلفُّني وبَناتِ الدّهْرِ في قَرَنِ
كمْ مَوقِفٍ كغِرارِ السّيفِ قُمتُ بهِ / والقِرْنُ مُشتَمِلٌ فيه على إحَنِ
ومِدْحَةٍ ذَهَبَتْ في الأرضِ شاردَةً / تُهدي مَعَدُّ قَوافيها إِلى اليَمَنِ
فانْظُرْ إليّ بَعيْنَيْ ناقِدٍ يَقِظٍ / تَجْذِبْ إليكَ بضَبْعَي شاعِرٍ فَطِنِ
ما كُلُّ منْ قال شِعْراً فيكَ سَيَّرَهُ / وليسَ كلُّ كَلامٍ جيبَ عَن لَسَنِ
إذا مَسَحْتَ جِباهَ الخَيلِ سابِقَةً / فَفي يَديَّ عِنانُ السّابِحِ الأرِنِ
إنّ المَكارِمَ لا تَرضى لمِثْلِكَ أن / أُعْزَى إليه وأسْتَعدي على الزّمَنِ
تلكَ الحُدوجُ يُراعِيهنَّ غَيْرانُ
تلكَ الحُدوجُ يُراعِيهنَّ غَيْرانُ / ودونَهُنَّ ظُباً تَدْمَى وخِرْصانُ
مَرَرْنَ بالقارَةِ اليُمْنى فعارَضَها / أُسْدٌ تُسارِقُها الألحاظَ غِزْلانُ
ينحو الأُجَيْرِعَ من حُزْوى أُغَيْلِمَةٌ / سالَتْ بهِمْ بُرَقُ الصّمّانِ غِرّانُ
والعَينُ تلْحَظُهُمْ شَزْراً فتَطْرِفُها / بالمَشْرَفيّةِ والخَطّيِّ فُرْسانُ
تبطّنوا عَقِداتِ الرّمْلِ منْ إضَمٍ / بحَيثُ يلثِمُ فرْعَ الضّالَةِ البانُ
والجُرْدُ صافِنَةٌ لِيثَتْ بأجْرَعِه / لَها على الأثَلاتِ الشُّمِّ أرْسانُ
وفي الحُدوجِ الغَوادي كُلُّ غانِيَةٍ / يَرْوَى مُؤَزَّرُها والخَصْرُ ظَمْآنُ
تهزُّني طَرَباتٌ منْ تَذَكُّرِها / كما ترَنّحَ نِضْوُ الرّاحِ نَشْوانُ
كمْ زُرْتُها بنِجادِ السّيْفِ مُشْتَمِلاً / والنّجْمُ في الأُفُقِ الغَرْبيّ حَيْرانُ
وللعُرَيْبِ بأكْنافِ الحِمى حِلَلٌ / طَرَقْتُها والهَوى ذُهْلٌ وشَيْبانُ
فَراعَها قُرَشِيٌّ في مَراعِفِهِ / تِيهٌ يهُزُّ بهِ عِطْفَيْهِ عَدْنانُ
وبتُّ أحْبُو إلَيها وهْيَ خائِفَةٌ / كما حَبا في حَواشي الرّمْلِ ثُعْبانُ
فأَقْشَعَ الرَّوْعُ عنها إذْ تَوَسَّنها / أغَرُّ مُنْخَرِقُ السِّرْبالِ شَيْحانُ
وفضَّ غِمْدَ حسامي في العِناقِ لَها / ضَمّي كما الْتَفَّ بالأغصانِ أغْصانُ
والشُّهْبُ تَحكي عُيونَ الرّومِ خِيطَ على / أحْداقِها الزُّرْقِ للسّودان أجْفانُ
يا أُخْتَ مُعتَقِلِ الأرْماحِ يتْبَعُهُ / إِلى وقائِعِهِ نَسْرٌ وسِرْحانُ
أعْرَضْتِ غَضْبَى وأغرَيْتِ الخَيالَ بِنا / فلسْتُ ألْقاهُ إلا وهْوَ غَضْبانُ
يَسْري إليَّ ولا أحظى بزَوْرَتِهِ / فالطَّرْفُ لا سَهِرَتْ عَيناكِ يَقْظانُ
وإنّما الطّيْفُ يَسْتَشْفي برؤيَتِهِ / على النّوى مُستَميتُ الشّوقِ وسْنانُ
يا روّعَ اللهُ قوماً ريعَ جارُهُمُ / والذُّلُّ حيثُ ثَوى جَنْبٌ وهَمْدانُ
ملَطَّمونَ بأعْقار الحِياضِ لهُمْ / بكُلِّ منْزلَةٍ للّؤْمِ أوْطانُ
فليسَ يأْمَنُهُمْ في السِّلْمِ جيرَتُهُمْ / ولا يَخافُهُمُ في الرّوعِ أقْرانُ
فارَقْتُهُمْ ولهُم نَحوي إذا نَظَروا / لَحْظٌ تُلَظّيهِ أحْقادٌ وأضْغانُ
وبينَ جَنْبَيَّ قَلْبٌ لا يُزَعْزعُهُ / على مُكافَحَةِ الأيّامِ أشْجانُ
ألْقى الخُطوبَ ولي نَفْسٌ تُشَيِّعُني / غَضْبى وأجْزَعُ إمَّا بانَ جِيرانُ
أكلَّ يَومٍ نَوىً تَشْقى الدّموعُ بِها / إِلى غَوارِبَ تَفْريهنَّ كِيرانُ
فالغَرْبُ مَثْوى أُصَيْحابي الذينَ هُمُ / عشيرتي ولَنا بالشّرْقِ إخْوانُ
أسْتَنشِقُ الرّيحَ تَسْري منْ دِيارِهمُ / وهْناً كأنّ نَسيمَ الرّيحِ رَيْحانُ
فيا سَقى اللهُ زَوراءَ العِراقِ حَياً / تَرْوى بشُؤبوبِهِ قُورٌ وغِيطانُ
مُزْنٌ إذا هزَّ فيهِ البَرقُ مُنْصُلَهُ / عَلا منَ الرّعْدِ في حَضْنَيْهِ إرْنانُ
يَرْمي بأُلْهوبِهِ والغيْثُ منسَكِبٌ / حتى الْتَقَتْ فيهِ أمْواهٌ ونيرانُ
فقد عَرَفْتُ بِها قَوْماً ألِفْتُهُمُ / كما تَمازَجَ أرْواحٌ وأبدانُ
شَفافَةٌ مِنْ غِنىً في الأَمنِ مُجْزِيَةٌ
شَفافَةٌ مِنْ غِنىً في الأَمنِ مُجْزِيَةٌ / والحِرْصُ لَيْسَ على عِرْضٍ بِمَأْمُونِ
وَقَدْ قَنِعْتُ فَجَأْشِي لا يُقَلْقِلُهُ / بَيْضاءُ كِسْرَى وَلا صَفْراءُ قارونِ
النّاسُ بِالعيدِ مَسْرورونَ غَيْرَ فَتىً
النّاسُ بِالعيدِ مَسْرورونَ غَيْرَ فَتىً / يَشُفُّهُ في إِسارِ الغُرْبَةِ الحَزَنُ
وَبَيْنَ جَنْبَيْهِ هَمٌّ لا يَبُوحُ بِهِ / فَفَرْحَةُ المَرْءِ حيْثُ الأَهْلُ وَالوَطَنُ
وَلا اغْتِرابَ عَلينا فَالبِلادُ لَنا / فُتوحُها وَبِنا يُسْتَرْحَبُ العَطَنُ
إِذْ لَمْ تَكُنْ قَبْلَنا بِالمَجْدِ حاليَةً / وَلا لَها مَنظَرٌ مِنْ بَعْدِنا حَسَن
وَالأرضُ تُزْهَى بِنا أَطْرافُها فَمتى / نَمِلْ إِلى الشَّامِ يَحْسُدْها بِنا اليَمَنُ
وَتِلْكَ دارٌ وَرِثْناها مُعاوِيَةً / لكِنَّ كُوفَنَ أَلْقانا بِها الزَّمَنُ
أَصْبو إِليها وَأَشْواقي تُبَرِّحُ بِي / وَتَمْنَعُ العَيْنَ أَنْ يَعْتادَها الوَسَنُ
فَلَيْتَ شِعْرِي وَلَيْتٌ غَيْرُ نافِعَةٍ / هَلْ يَبْدُوَنَّ لِعَيْنيْ مُنْجِدٍ حَضَنُ
وَهَلْ أُنِيخُ بِبابِ القَصْرِ ناجِيَةً / مُناخُها فيهِ مِنْ صَوْبِ الحَيا قَمِنُ
هُنالِكَ الهَضَباتُ الحُمْرُ لَو هَتَفَتْ / بِالمَيْتِ راجَعَ فيها رُوحَهُ البدَنُ
وَنَفحَةٍ مِن رُبا ذي الأَثلِ قابَلَني
وَنَفحَةٍ مِن رُبا ذي الأَثلِ قابَلَني / بِها نَسيمٌ يُزيرُ القَلبَ أَحزانا
وَلَم يَطِب تُربُها مِن رَوضَةٍ أُنُفٍ / فَهاجَ رَيّاهُ أَطراباً وَأَشجانا
لكنَّ ذا الأَثْلِ طابَ الواديانِ بِهِ / حَيثُ الرَّبابُ تَجُرُّ الذَّيلَ أَحيانا
وَلَم يَكُن لِيَ أَطرافُ الحِمى وَطَناً / وَلا الفوارِسُ مِن نَبهانَ جيرانا
فَلَم يَزَل بي هَوى طائيَّةٍ عَلِقاً / حَتَّى اِستَفَدتُ بِهِ أَهلاً وَأَوطانا
نَجلاءُ إِن نَظَرَتْ قالَتْ بَنو ثُعَلٍ / عَيناكِ يابْنَةَ ذي البُردَينِ أَرمانا
تَمشي رُوَيداً فَلَو نامَ الثَّرى وَمَشَتْ / عَلَيهِ لَم يَعُدِ الوَسنانُ يَقظانا
في خُرّدٍ عُرُبٍ أَكفالُها رُجُحٌ / هِيفٍ حَمَلنَ عَلى الكُثبانِ أَغصانا
وَمِن مَخافَةِ بَينٍ كُنتُ أَحذَرُهُ / لَم أَذكُرِ القَدَّ كَي لا أَذكُرَ البانا
فَهَل تَرى يا هُذَيمُ العِيسَ غاديَةً / أَم لا فَقَد آنَسَت عَينايَ أَظعانا
فيهِنَّ قَلبي وَعِندَ المُنحَنى بَدَني / فارحَم قُلوباً إِذا فارَقنَ أَبدانا
فَرَقَّ لي وَبَكى حَتّى بَكَت إِبِلِي / رِفقاً هُذَيمُ فَقَد أَدميتَ أَجفانا
لا أَنتَ تُعجِبُنا يا نَجدُ بَعدَهُمُ / وَلا لَنا بالحِمى عَيشٌ كَما كانا
أَرضَ العُذَيبِ أَما تَنفَكُّ بارِقَةٌ
أَرضَ العُذَيبِ أَما تَنفَكُّ بارِقَةٌ / تَسمو بِطَرفي إِلى الرَيّانِ أَو حَضَنِ
أَصبو إِلى أَرضِ نَجدٍ وَهيَ نازِحَةٌ / وَالقَلبُ مُشتَمِلٌ مِنّي عَلى الحَزنِ
وَأَسأَلُ الرَّكبَ عَنها وَالدُّموعُ دَمٌ / بِناظِرٍ لَم يَخِطْ جَفناً عَلى وَسَنِ
وَإِن سَرى البَرقُ مِن تِلقائِها غَرِضَت / عِيسِي بِذي سَلَمٍ مِن مَبرَكٍ خَشِنِ
وَالرِّيحُ إِن نَسَمَتْ عُلويَّةً نَضَحَتْ / بِالدَّمعِ حَنَّةَ عُلويٍّ إِلى الوَطَنِ
فَهَل سَبيلٌ إِلى نَجدٍ وَساكِنِهِ / يَهُزُّ مَن أَلِفَ المِصرَيْنِ لِلظَعَنِ
لَيسَ العِراقُ لَهُ بَعدَ الحِمى وَطَناً / يَميسُ عافيهِ بَينَ الحَوضِ وَالعَطَنِ
وَتَستَريحُ المَطايا مِن تَوَقُّصِها / إِذا فَلَتْ لِمَمَ الحَوذانِ بِالثَفَنِ
فَلَيتَ شِعري وَكَم غَرَّ المُنى أُمَماً / مِن فَرعِ عَدنانَ والأَذواءَ مِن يَمَنِ
هَل أَهبِطَنَّ بِلاداً أَهلُها عَرَبٌ / لَم يَشرَبوا غَيرَ صَوبِ العارِضِ الهَتِنِ
عَلى مُطَهَّمَةٍ جُردٍ جَحافِلُها / بيضٌ تَلوحُ عَلَيها رَغوَةُ اللَبَنِ
إِذا رَموا مَن يُعاديهِم بِها رَجَعَتْ / بِالنَّهبِ داميَةَ اللَّباتِ وَالثُنَنِ
فَلا دُروعَ لَهُم إِلّا جُلودَهُمُ / وَلا عَلَيهِم سِوى الأَحسابِ مِن جُنَنِ
إِن يَجمَعِ اللَهَ شَملي يا هُذَيمُ بِهِم / فَلَستُ ما عِشتُ بِالزَّاري عَلى الزَمَنِ
يا عَبرَتي هَذِهِ الأَطلالُ وَالدِّمَنُ
يا عَبرَتي هَذِهِ الأَطلالُ وَالدِّمَنُ / فَما اِنتِظارُكِ سيلي فَهيَ لي وَطَنُ
لَم أَلقَ قَبلَ ابنَةِ السَّعديِّ لي سَكَناً / يَكادُ يَلفِظُ روحي بَعدَهُ البَدَنُ
تَلَفَّتَ القَلبُ نَحوَ الرَّكبِ حينَ ثَنى / عَنِ التأَمُّلِ طَرْفِي دَمعِيَ الهَتِنُ
غَدوا وَما فَلَقَ الإِصباحَ فالِقُهُ / فاللَيلُ لِلنّاسِ غَيري بَعدَهُم سَكَنُ
في القُربِ وَالبُعدِ مالي مِنهُمُ فَرَجٌ / فالوَجدُ إِن نَزلوا والشَّوقُ إِن ظَعَنوا
وَقَد سَكَنتُ إِلى الأَخبارِ بَعدَهُمُ / وَعِندي المُزعِجانِ الذِّكرُ وَالحَزَنُ
والأُذنُ تَسمَعُها وَالقَلبُ يَصحَبُهُم / وَأَنتِ يا عَينُ لا يَعتادُكِ الوَسَنُ
فَلَيتَ حَظَّكِ مِنهُم مِثلُ حظِّهِما / ما آفَةُ العَينِ إِلّا القَلبُ والأُذنُ