القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَبِيوَرْدي الكل
المجموع : 8
أهذه خَطَراتُ الرَّبْرَبِ العِينِ
أهذه خَطَراتُ الرَّبْرَبِ العِينِ / أمِ الغُصونُ على أنْقاءِ يَبْرينِ
رَمَيْنَ إيماءَ مَطْويٍّ على وجَلٍ / عَن ناظِرٍ لا يُقِلُّ الجَفْنَ مَوهونِ
كأنَّهُنَّ مَهاً تَهفو بأعيُنِها / لِبارِقٍ بهَوادي الرِّيحِ مَقْرونِ
عَرَضْنَ والعِيسُ مُرخاةٌ أزِمَّتُها / يَرتاحُ مِنهُنَّ مَعقولٌ لمَرْسونِ
بمَوقِفٍ لا تَرى فيه سِوى دَنِفٍ / دامي الجُفونِ طليحِ الشّوقِ مَحزونِ
فلَستُ أدري وقد أتْبَعْتُهُنَّ ضُحىً / طَرْفي ولَيسَ على قلبي بمأمونِ
قُدودُها أم رِماحُ الحَيِّ تُحدِقُ بي / وأعيُنٌ أم سِهامُ القَوْمِ تُصْميني
مِنْ كُلِّ مالِئَةِ الحِجْلَينِ ما بَخِلَتْ / إلا لِتَمْطُلَني دَيْني وتَلْويني
يا لَيتَ شِعري ولَيتٌ غَيرُ مُجديةٍ / والدّهرُ يَعْدِلُ بي عمّا يُمنِّيني
هَل أورِدَنَّ رِكابي وهْيَ صادِيَةٌ / ماءَ العُذَيبِ فيُرويها ويُرْويني
ونَفْحةُ الشِّيحِ إذ فاحَ النسيمُ بها / مِن غُلَّةٍ أضْمَرَتْها النَّفسُ تَشفيني
أوْ أطْرُقَنَّ القِبابَ الحُمْرَ يَصْحَبُني / أغَرُّ مِن كُلِّ ما أخشاهُ يُنْجيني
والخَطْوُ أَطويهِ أحياناً وأنشُرُهُ / والرُعْبُ يَنشُرني طَوْراً ويَطْويني
إذا الحِجى ردَّني عمَّا أهُمُّ بهِ / رَنا إليَّ الشَّبابُ الغَضُّ يُغْريني
وعُصبةٍ لا تُطيفُ المَكرُماتُ بها / ولا تُليحُ مِنَ الفَحشاءِ والهُونِ
تَريشُها ثَروةٌ لا أستَكينُ لَها / وإنْ ألَحَّ عَليَّ الدَّهْرُ يَبريني
هَيهاتَ أن يَطَّبيني شَيْمُ بارِقَةٍ / في مُستَحيرٍ يَسُدُّ الأُفْقَ مَدْجونِ
ولإمامِ أبي العبَّاسِ عارِفَةٌ / تُروي الصَّدى والندىً المَنزورُ يُظْميني
إذا دَعَوتُ لها المُستَظهِرَ ابتدَرَتْ / مِن كفِّهِ سُحُبُ الجَدْوى تُلَبّيني
ذو هِمّةٍ بالعُلا مَشغوفَةٍ جَمَعَتْ / مِنَ المَكارِمِ أبكاراً إِلى عُونِ
لَم يَرْضَ بالأرضِ فاختارَ السّماء لها / حتى اطمأنَّتْ بِرَبْعٍ غَيرِ مَسكونِ
تَعتادُهُ هَيبَةٌ في طَيِّها كَرَمٌ / وشِدّةٌ شابَها الأحلامُ باللّينِ
ويوطِئُ الخَيْلَ والهَيجاءَ لاقِحةٌ / هامَ العِدا بينَ مضروبٍ ومَطعونِ
وتَحتَ راياتِهِ آسادُ مَلحَمَةٍ / في ظَهرِ كُلِّ أقَبِّ البَطنِ مَلبُونِ
سودٌ كحائِمَةِ العُقبانِ يَكْنُفُها / عِزٌّ تَبَلَّجَ عن نَصْرٍ وتَمكينِ
إذا استَنامَتْ إِلى العِصيانِ مارِقةٌ / يَأبى لها الحَيْنُ أن تَبقى إِلى حِينِ
مَشَوْا إليها بأسيافٍ كما انكَدَرَتْ / شُهْبٌ ثواقِبُ في إثْرِ الشّياطينِ
إذا انْتَضى الرأيَ لم تضْجَعْ غُمودُهُمُ / بكلِّ أبيضَ ماضي الحدِّ مَسنونِ
يا خيرَ مَن ألقَحَ الآمالَ نائِلُهُ / بموعدٍ يَلِدُ النَّعماءَ مَضمونِ
ولَّى الصّيامُ وقد أوْقرْتَهُ كَرَماً / أفضى إليكَ بأجرٍ غَيرِ مَمنونِ
وأقبَلَ العيدُ مُفْترّاً مَباسِمُهُ / بِطائرٍ هزَّ مِن عِطفَيْكَ مَيمونِ
ومُقْرَباتٍ خَطَتْ عَرْضَ الفَلاةِ بنا / قُبٍّ سَراحيبَ أمثالَ السّراحينِ
إليكَ والخَيرُ مطلوبُ ومُتَّبَعٌ / زَجَرْتُها كأضاميمِ القَطا الجُونِ
والعِيسُ هافِيَةُ الأعناقِ من لَغَبٍ / كالنخْلِ كانتْ فعادَت كالعَراجينِ
يَحمِلْنَ مَدحَكَ والرَّاوي يُنَشِّرهُ / عَن لؤلؤٍ بمَناطِ العِقْدِ مَوضونِ
يُصغِي الحَسودُ لهُ مَلآنَ مِن طَرَبٍ / ومِنْ جَوىً بمَقيلِ الهَمِّ مكْنونِ
والحَمْدُ لا يَجْتَنيهِ كُلُّ مُلْتَحِفٍ / باللُّؤمِ مِن صَفْقَةِ العَلياءِ مَغبونِ
ومَن نُرجّيهِ للدُنيا ونَمدَحُهُ / فأنتَ تُمدَحُ للدُّنْيا وللدينِ
هيَ الصّبابةُ منْ بادٍ ومُكْتَمِنِ
هيَ الصّبابةُ منْ بادٍ ومُكْتَمِنِ / طَوى لَها الوَجْدُ أحشائي على شَجَنِ
وحَنَّةٍ كأُوارِ النّارِ يُضْرِمُها / قَلبٌ تمَلّكَ رِقَّ المَدْمَعِ الهَتِنِ
ناوَلْتُهُ طَرَفَ الذّكْرى فأقْلَقهُ / شوْقٌ يُصَرِّحُ عنهُ لَوْعَةُ الحَزَنِ
فحَنَّ والوَجْدُ يستشري عَلَيهِ كَما / حَنّ الأعاريبُ منْ نَجْدٍ إِلى الوَطَنِ
تُذْري دُموعَهُمُ الذِّكرى إذا خَطَرَتْ / رُوَيْحَةُ الحَزْنِ تَمري دِرّةَ المُزُنِ
فلا اسْتَمالَ الهَوى عَيني وإنْ جَمَحَتْ / عنْها ولا افْتَرَشَ الواشي بِها أذُني
هَيفاءُ تُخْجِلُ غُصْنَ البانِ منْ هَيَفٍ / عَيْناءُ تَهزَأُ بالغِزْلانِ منْ عَيَنِ
إذا مَشَتْ دَبَّ في أعطافِها مَرَحٌ / كَما هفَتْ نَسَماتُ الرّيحِ بالغُصُنِ
وإنْ سَرى بارِقٌ منْ أرضِها طَمَحَتْ / عَيْنٌ تُقَلِّصُ جَفْنَيْها عنِ الوَسَنِ
وأسْتَمِلُّ إذا ريحُ الصَّبا نَسَمَتْ / حَديثَ نَعْمانَ والأنْباءَ عن حَضَنِ
وأحْبِسُ الرَّكْبَ يا ظَمْياءَ إنْ بَرَقَتْ / غَمامةٌ وشَدَتْ وَرْقاءُ في فَنَنِ
على رَوازِحَ يَخْضِبْنَ السّريحَ دَماً / كادَتْ تَمَسُّ أديمَ الأرضِ بالثّفَنِ
إن خانَ سِرَّكِ طَرْفي فالهَوى عَلِقٌ / منّي بقَلْبٍ على الأسرارِ مُؤْتَمَنِ
إنّي لأُرضيكِ والحيّانِ في سَخَطٍ / بَثّا عَداوةَ مَوْتورٍ ومُضْطَغِنِ
ولسْتُ أحْفِلُ بالغَيْرانِ ما صَحِبَتْ / كَفّي أنابيبَ للعَسّالَةِ اللُّدُنِ
لاأبتَغِي العِزَّ إلاّ من أسِنَّتِها / والموتُ يَنزِلُ والأرواحُ في ظَعنِ
وألبس الخِلَّ تَعرَى لي شَمائِلُهُ / منَ الخَنى حَذَرَ الكاسي منَ الدَّرَنِ
وأنفُضُ اليَدَ منْ مالٍ إذا انْبَسَطَتْ / إليهِ عادَتْ بعِرْضٍ عنهُ مُمتَهَنِ
لا رَغبَةً ليَ في النُّعْمى إذا نُسِبَتْ / لمْ تتّصِلْ بغِياثِ الدّولَةِ الحَسَنِ
أغَرُّ يَحْتَمِلُ العافونَ نائِلَهُ / على كَواهِلَ لمْ يُثْقَلْنَ بالمِنَنِ
ويَمْتَرونَ سِجالَ العُرْفِ مُتْرَعَةً / هذي المَكارِمُ لا قَعْبانِ منْ لَبَنِ
يأْوونَ منهُ إِلى سَهْلٍ مَباءَتُهُ / يَرمي صَفاةَ العِدا عَنْ جانِبٍ خَشِنِ
إذا المُنى نَزَلَتْ هِيماً بِساحَتِهِ / ظَلَلْنَ يَمْرَحْنَ بَيْنَ الماءِ والعَطَنِ
أدعوكَ يا بْنَ عَليٍّ والخُطوبُ غَدَتْ / تَلفُّني وبَناتِ الدّهْرِ في قَرَنِ
كمْ مَوقِفٍ كغِرارِ السّيفِ قُمتُ بهِ / والقِرْنُ مُشتَمِلٌ فيه على إحَنِ
ومِدْحَةٍ ذَهَبَتْ في الأرضِ شاردَةً / تُهدي مَعَدُّ قَوافيها إِلى اليَمَنِ
فانْظُرْ إليّ بَعيْنَيْ ناقِدٍ يَقِظٍ / تَجْذِبْ إليكَ بضَبْعَي شاعِرٍ فَطِنِ
ما كُلُّ منْ قال شِعْراً فيكَ سَيَّرَهُ / وليسَ كلُّ كَلامٍ جيبَ عَن لَسَنِ
إذا مَسَحْتَ جِباهَ الخَيلِ سابِقَةً / فَفي يَديَّ عِنانُ السّابِحِ الأرِنِ
إنّ المَكارِمَ لا تَرضى لمِثْلِكَ أن / أُعْزَى إليه وأسْتَعدي على الزّمَنِ
تلكَ الحُدوجُ يُراعِيهنَّ غَيْرانُ
تلكَ الحُدوجُ يُراعِيهنَّ غَيْرانُ / ودونَهُنَّ ظُباً تَدْمَى وخِرْصانُ
مَرَرْنَ بالقارَةِ اليُمْنى فعارَضَها / أُسْدٌ تُسارِقُها الألحاظَ غِزْلانُ
ينحو الأُجَيْرِعَ من حُزْوى أُغَيْلِمَةٌ / سالَتْ بهِمْ بُرَقُ الصّمّانِ غِرّانُ
والعَينُ تلْحَظُهُمْ شَزْراً فتَطْرِفُها / بالمَشْرَفيّةِ والخَطّيِّ فُرْسانُ
تبطّنوا عَقِداتِ الرّمْلِ منْ إضَمٍ / بحَيثُ يلثِمُ فرْعَ الضّالَةِ البانُ
والجُرْدُ صافِنَةٌ لِيثَتْ بأجْرَعِه / لَها على الأثَلاتِ الشُّمِّ أرْسانُ
وفي الحُدوجِ الغَوادي كُلُّ غانِيَةٍ / يَرْوَى مُؤَزَّرُها والخَصْرُ ظَمْآنُ
تهزُّني طَرَباتٌ منْ تَذَكُّرِها / كما ترَنّحَ نِضْوُ الرّاحِ نَشْوانُ
كمْ زُرْتُها بنِجادِ السّيْفِ مُشْتَمِلاً / والنّجْمُ في الأُفُقِ الغَرْبيّ حَيْرانُ
وللعُرَيْبِ بأكْنافِ الحِمى حِلَلٌ / طَرَقْتُها والهَوى ذُهْلٌ وشَيْبانُ
فَراعَها قُرَشِيٌّ في مَراعِفِهِ / تِيهٌ يهُزُّ بهِ عِطْفَيْهِ عَدْنانُ
وبتُّ أحْبُو إلَيها وهْيَ خائِفَةٌ / كما حَبا في حَواشي الرّمْلِ ثُعْبانُ
فأَقْشَعَ الرَّوْعُ عنها إذْ تَوَسَّنها / أغَرُّ مُنْخَرِقُ السِّرْبالِ شَيْحانُ
وفضَّ غِمْدَ حسامي في العِناقِ لَها / ضَمّي كما الْتَفَّ بالأغصانِ أغْصانُ
والشُّهْبُ تَحكي عُيونَ الرّومِ خِيطَ على / أحْداقِها الزُّرْقِ للسّودان أجْفانُ
يا أُخْتَ مُعتَقِلِ الأرْماحِ يتْبَعُهُ / إِلى وقائِعِهِ نَسْرٌ وسِرْحانُ
أعْرَضْتِ غَضْبَى وأغرَيْتِ الخَيالَ بِنا / فلسْتُ ألْقاهُ إلا وهْوَ غَضْبانُ
يَسْري إليَّ ولا أحظى بزَوْرَتِهِ / فالطَّرْفُ لا سَهِرَتْ عَيناكِ يَقْظانُ
وإنّما الطّيْفُ يَسْتَشْفي برؤيَتِهِ / على النّوى مُستَميتُ الشّوقِ وسْنانُ
يا روّعَ اللهُ قوماً ريعَ جارُهُمُ / والذُّلُّ حيثُ ثَوى جَنْبٌ وهَمْدانُ
ملَطَّمونَ بأعْقار الحِياضِ لهُمْ / بكُلِّ منْزلَةٍ للّؤْمِ أوْطانُ
فليسَ يأْمَنُهُمْ في السِّلْمِ جيرَتُهُمْ / ولا يَخافُهُمُ في الرّوعِ أقْرانُ
فارَقْتُهُمْ ولهُم نَحوي إذا نَظَروا / لَحْظٌ تُلَظّيهِ أحْقادٌ وأضْغانُ
وبينَ جَنْبَيَّ قَلْبٌ لا يُزَعْزعُهُ / على مُكافَحَةِ الأيّامِ أشْجانُ
ألْقى الخُطوبَ ولي نَفْسٌ تُشَيِّعُني / غَضْبى وأجْزَعُ إمَّا بانَ جِيرانُ
أكلَّ يَومٍ نَوىً تَشْقى الدّموعُ بِها / إِلى غَوارِبَ تَفْريهنَّ كِيرانُ
فالغَرْبُ مَثْوى أُصَيْحابي الذينَ هُمُ / عشيرتي ولَنا بالشّرْقِ إخْوانُ
أسْتَنشِقُ الرّيحَ تَسْري منْ دِيارِهمُ / وهْناً كأنّ نَسيمَ الرّيحِ رَيْحانُ
فيا سَقى اللهُ زَوراءَ العِراقِ حَياً / تَرْوى بشُؤبوبِهِ قُورٌ وغِيطانُ
مُزْنٌ إذا هزَّ فيهِ البَرقُ مُنْصُلَهُ / عَلا منَ الرّعْدِ في حَضْنَيْهِ إرْنانُ
يَرْمي بأُلْهوبِهِ والغيْثُ منسَكِبٌ / حتى الْتَقَتْ فيهِ أمْواهٌ ونيرانُ
فقد عَرَفْتُ بِها قَوْماً ألِفْتُهُمُ / كما تَمازَجَ أرْواحٌ وأبدانُ
شَفافَةٌ مِنْ غِنىً في الأَمنِ مُجْزِيَةٌ
شَفافَةٌ مِنْ غِنىً في الأَمنِ مُجْزِيَةٌ / والحِرْصُ لَيْسَ على عِرْضٍ بِمَأْمُونِ
وَقَدْ قَنِعْتُ فَجَأْشِي لا يُقَلْقِلُهُ / بَيْضاءُ كِسْرَى وَلا صَفْراءُ قارونِ
النّاسُ بِالعيدِ مَسْرورونَ غَيْرَ فَتىً
النّاسُ بِالعيدِ مَسْرورونَ غَيْرَ فَتىً / يَشُفُّهُ في إِسارِ الغُرْبَةِ الحَزَنُ
وَبَيْنَ جَنْبَيْهِ هَمٌّ لا يَبُوحُ بِهِ / فَفَرْحَةُ المَرْءِ حيْثُ الأَهْلُ وَالوَطَنُ
وَلا اغْتِرابَ عَلينا فَالبِلادُ لَنا / فُتوحُها وَبِنا يُسْتَرْحَبُ العَطَنُ
إِذْ لَمْ تَكُنْ قَبْلَنا بِالمَجْدِ حاليَةً / وَلا لَها مَنظَرٌ مِنْ بَعْدِنا حَسَن
وَالأرضُ تُزْهَى بِنا أَطْرافُها فَمتى / نَمِلْ إِلى الشَّامِ يَحْسُدْها بِنا اليَمَنُ
وَتِلْكَ دارٌ وَرِثْناها مُعاوِيَةً / لكِنَّ كُوفَنَ أَلْقانا بِها الزَّمَنُ
أَصْبو إِليها وَأَشْواقي تُبَرِّحُ بِي / وَتَمْنَعُ العَيْنَ أَنْ يَعْتادَها الوَسَنُ
فَلَيْتَ شِعْرِي وَلَيْتٌ غَيْرُ نافِعَةٍ / هَلْ يَبْدُوَنَّ لِعَيْنيْ مُنْجِدٍ حَضَنُ
وَهَلْ أُنِيخُ بِبابِ القَصْرِ ناجِيَةً / مُناخُها فيهِ مِنْ صَوْبِ الحَيا قَمِنُ
هُنالِكَ الهَضَباتُ الحُمْرُ لَو هَتَفَتْ / بِالمَيْتِ راجَعَ فيها رُوحَهُ البدَنُ
وَنَفحَةٍ مِن رُبا ذي الأَثلِ قابَلَني
وَنَفحَةٍ مِن رُبا ذي الأَثلِ قابَلَني / بِها نَسيمٌ يُزيرُ القَلبَ أَحزانا
وَلَم يَطِب تُربُها مِن رَوضَةٍ أُنُفٍ / فَهاجَ رَيّاهُ أَطراباً وَأَشجانا
لكنَّ ذا الأَثْلِ طابَ الواديانِ بِهِ / حَيثُ الرَّبابُ تَجُرُّ الذَّيلَ أَحيانا
وَلَم يَكُن لِيَ أَطرافُ الحِمى وَطَناً / وَلا الفوارِسُ مِن نَبهانَ جيرانا
فَلَم يَزَل بي هَوى طائيَّةٍ عَلِقاً / حَتَّى اِستَفَدتُ بِهِ أَهلاً وَأَوطانا
نَجلاءُ إِن نَظَرَتْ قالَتْ بَنو ثُعَلٍ / عَيناكِ يابْنَةَ ذي البُردَينِ أَرمانا
تَمشي رُوَيداً فَلَو نامَ الثَّرى وَمَشَتْ / عَلَيهِ لَم يَعُدِ الوَسنانُ يَقظانا
في خُرّدٍ عُرُبٍ أَكفالُها رُجُحٌ / هِيفٍ حَمَلنَ عَلى الكُثبانِ أَغصانا
وَمِن مَخافَةِ بَينٍ كُنتُ أَحذَرُهُ / لَم أَذكُرِ القَدَّ كَي لا أَذكُرَ البانا
فَهَل تَرى يا هُذَيمُ العِيسَ غاديَةً / أَم لا فَقَد آنَسَت عَينايَ أَظعانا
فيهِنَّ قَلبي وَعِندَ المُنحَنى بَدَني / فارحَم قُلوباً إِذا فارَقنَ أَبدانا
فَرَقَّ لي وَبَكى حَتّى بَكَت إِبِلِي / رِفقاً هُذَيمُ فَقَد أَدميتَ أَجفانا
لا أَنتَ تُعجِبُنا يا نَجدُ بَعدَهُمُ / وَلا لَنا بالحِمى عَيشٌ كَما كانا
أَرضَ العُذَيبِ أَما تَنفَكُّ بارِقَةٌ
أَرضَ العُذَيبِ أَما تَنفَكُّ بارِقَةٌ / تَسمو بِطَرفي إِلى الرَيّانِ أَو حَضَنِ
أَصبو إِلى أَرضِ نَجدٍ وَهيَ نازِحَةٌ / وَالقَلبُ مُشتَمِلٌ مِنّي عَلى الحَزنِ
وَأَسأَلُ الرَّكبَ عَنها وَالدُّموعُ دَمٌ / بِناظِرٍ لَم يَخِطْ جَفناً عَلى وَسَنِ
وَإِن سَرى البَرقُ مِن تِلقائِها غَرِضَت / عِيسِي بِذي سَلَمٍ مِن مَبرَكٍ خَشِنِ
وَالرِّيحُ إِن نَسَمَتْ عُلويَّةً نَضَحَتْ / بِالدَّمعِ حَنَّةَ عُلويٍّ إِلى الوَطَنِ
فَهَل سَبيلٌ إِلى نَجدٍ وَساكِنِهِ / يَهُزُّ مَن أَلِفَ المِصرَيْنِ لِلظَعَنِ
لَيسَ العِراقُ لَهُ بَعدَ الحِمى وَطَناً / يَميسُ عافيهِ بَينَ الحَوضِ وَالعَطَنِ
وَتَستَريحُ المَطايا مِن تَوَقُّصِها / إِذا فَلَتْ لِمَمَ الحَوذانِ بِالثَفَنِ
فَلَيتَ شِعري وَكَم غَرَّ المُنى أُمَماً / مِن فَرعِ عَدنانَ والأَذواءَ مِن يَمَنِ
هَل أَهبِطَنَّ بِلاداً أَهلُها عَرَبٌ / لَم يَشرَبوا غَيرَ صَوبِ العارِضِ الهَتِنِ
عَلى مُطَهَّمَةٍ جُردٍ جَحافِلُها / بيضٌ تَلوحُ عَلَيها رَغوَةُ اللَبَنِ
إِذا رَموا مَن يُعاديهِم بِها رَجَعَتْ / بِالنَّهبِ داميَةَ اللَّباتِ وَالثُنَنِ
فَلا دُروعَ لَهُم إِلّا جُلودَهُمُ / وَلا عَلَيهِم سِوى الأَحسابِ مِن جُنَنِ
إِن يَجمَعِ اللَهَ شَملي يا هُذَيمُ بِهِم / فَلَستُ ما عِشتُ بِالزَّاري عَلى الزَمَنِ
يا عَبرَتي هَذِهِ الأَطلالُ وَالدِّمَنُ
يا عَبرَتي هَذِهِ الأَطلالُ وَالدِّمَنُ / فَما اِنتِظارُكِ سيلي فَهيَ لي وَطَنُ
لَم أَلقَ قَبلَ ابنَةِ السَّعديِّ لي سَكَناً / يَكادُ يَلفِظُ روحي بَعدَهُ البَدَنُ
تَلَفَّتَ القَلبُ نَحوَ الرَّكبِ حينَ ثَنى / عَنِ التأَمُّلِ طَرْفِي دَمعِيَ الهَتِنُ
غَدوا وَما فَلَقَ الإِصباحَ فالِقُهُ / فاللَيلُ لِلنّاسِ غَيري بَعدَهُم سَكَنُ
في القُربِ وَالبُعدِ مالي مِنهُمُ فَرَجٌ / فالوَجدُ إِن نَزلوا والشَّوقُ إِن ظَعَنوا
وَقَد سَكَنتُ إِلى الأَخبارِ بَعدَهُمُ / وَعِندي المُزعِجانِ الذِّكرُ وَالحَزَنُ
والأُذنُ تَسمَعُها وَالقَلبُ يَصحَبُهُم / وَأَنتِ يا عَينُ لا يَعتادُكِ الوَسَنُ
فَلَيتَ حَظَّكِ مِنهُم مِثلُ حظِّهِما / ما آفَةُ العَينِ إِلّا القَلبُ والأُذنُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025