المجموع : 20
بانَ العَزاءُ وَبانَ الصَبرُ إِذ بانوا
بانَ العَزاءُ وَبانَ الصَبرُ إِذ بانوا / بانوا وُهُم في سُوَيدا القَلبِ سُكّانُ
سَأَلتُهُم عَن مَقيلِ الرَكبِ قيلَ لَنا / مَقيلُهُم حَيثُ فاحَ الشيحُ وَالبانُ
فَقُلتُ لِلريحِ سيري وَالحَقي بِهِمُ / فَإِنَّهُم عِندَ ظِلِّ الأَيكِ قُطّانُ
وَبَلِّغيهِم سَلاماً مِن أَخي شَجَنٍ / في قَلبِهِ مِن فِراقِ القَومِ أَشجانُ
إِنّي عَجِبتُ لِصَبٍّ مِن مَحاسِنِهِ
إِنّي عَجِبتُ لِصَبٍّ مِن مَحاسِنِهِ / تَختالُ ما بَينَ أَزهارٍ وَبُستانِ
فَقُلتُ لا تَعجِبي مِمَّن تَرَينَ فَقَد / أَبصَرتِ نَفسَكَ في مِرآةِ إِنسانِ
مَن لي بَمَخضوبَةِ البَنانِ
مَن لي بَمَخضوبَةِ البَنانِ / مَن لي بِمَعسولَةِ اللِسانِ
مِن كاعِباتٍ ذَواتِ خِدرٍ / نَواعِمٍ خُرَّدٍ حِسانِ
بُدورُ تَمٍّ عَلى غُصونٍ / هُنَّ مِنَ النَقصِ في أَمانِ
بِرَوضَةٍ مِن دِيارِ جِسمي / حَمامَةٌ فَوقَ غُصنِ بانِ
تَموتُ شَوقاً تَذوبُ عِشقاً / لِما دَهاها الَّذي دَهاني
تَندُبُ إِلفاً تَذُمُّ دَهراً / رَماها قَصداً بِما رَماني
فِراقُ جارٍ وَنَأيُ دارٍ / فَيا زَماني عَلى زَماني
مَن لي بِمَن يَرتَضي عَذابي / ما لي بِما يَرتَضي يَدانِ
قلبي بذكرِكَ مسرورٌ ومحزونٌ
قلبي بذكرِكَ مسرورٌ ومحزونٌ / لما تملكه لمحٌ وتلوينُ
فلو رقت في سماءِ الكشفِ همته / لما تملكه وَجدٌ وتكوين
لكنه حاد عن قصدِ السبيل فلم / يظفر به فهو بين الخلقِِ مِسكين
حتى دعتْ من الأشواق داعيةٌ / همت لها نحو قلبي سحبة الجون
وأبرقت في نواحي الجوّ بارقة / أضحى بها وهو مغبوطٌ ومفتون
والسحبُ ساريةٌ والريح ذارية / والبرقُ مختطفُ والماءُ مسنون
وأخرجتْ كل ما تحويه من حبس / أرضُ الجسوم وفاح الهندُ والصين
فما ترى فوق أرضِ الجسمِ مرقبة / إلا وفيها من النُّوار تزيين
وكلما لاح في الأجسام من بدعٍ / وفي السرائر معلومٌ وموزونُ
والقلبُ يلتذ في تقليبِ مشهده / بكلِّ وجه من التزيين ضنّين
والجسم فلكٌ ببحرِ الجود يزعجه / ريح من الغرب بالأسرار مشحُون
وراكبُ الفلك ما دامت تسيِّره / ريحُ الشريعة محفوظٌ وممنون
ألقى الرئيسُ إلى التوحيد مقدمه / وفيه للملأ العلويِّ تأمين
فلو تراه وريحُ الشوقِ تزعجُه / يجري وما فيه تحريكٌ وتسكينُ
إن العناصر في الإنسانِ مُودَعة / نارٌ ونورٌ وطينٌ فيه مَسنونُ
فأودعِ الوصلَ ما بيني على كثبِ / وبين ربي مفروضٌ ومسنون
فالسرُّ بالله من خَلقي ومن خُلُقي / إذا تحققت موصولٌ وممنون
يقولُ إني قلبُ الحقِّ فاعتبروا / فإن قلبَ كتابِ الله ياسين
من بعدِ ما قد أتى من قبل نفحته / عليّ من دهره في نشأتي حين
لا يعرفُ الملكُ المعصومُ ما سببي / ولا اللعين الذي ينكيه تنّين
لما تسترت عن صَلصال مملكتي / أخفانِ عن علمه في عينه الطين
فكان يحجبه عني وعن صفتي / غيمُ العمى وأنا في الغيب مخزونُ
فعندما قمتُ فيه صار مفتخراً / يمشي الهوينا وفي أعطافه لِينُ
لما سرى القلبُ للأعلى وجاز على / عدنٍ وغازلنه حُورٌ بها عِينُ
غضِّ الجفونَ ولم يثنِ العنان لها / لما مضى عن هواه القرضُ والدَّينُ
فعندما قام فوقَ العرش بايعه / اللوحُ والقلمُ والعلاَّمُ والنُّونُ
فلو تراه وقد أخفى حقيقَته / له فويقَ استواءِ الحقِّ تمكين
فإن تجلى على كونٍ بحكمته / له علا ظهرِ ذاك الكونِ تعيين
فلا يزالُ لمرح الملقيات به / يقول للكائناتِ في الورى كونوا
فكلُّ قلبٍ سها عن سرِّ حكمته / في كل كونٍ فذاك القلبُ مغبونُ
فاعلم بأنك لا تدري الإله إذا / ما لم يكن فيك يرموكٌ وصِفِّين
فاعرف إلهك من قبل الممات فإن / تمت فأنت على التقليد مسجونُ
وإن تجليت في شرقي مشهده / علماً تنزه فيك العالُ والدون
ولاح في كلِّ ما يخفى ويظهره / من التكاليف تقبيح وتحسين
فافهم فديتُكَ سرَّاً لله فيك ولا / تظهرْه فهو عن الأغيار مكنونُ
وغر عليه وصُنه ما حييتَ به / فالسرُّ ميتٌ بقلبِ الحرِّ مدفونُ
ألبستُ زينبَ ثوبَ الفضلِ والدين
ألبستُ زينبَ ثوبَ الفضلِ والدين / من يدِ من هو مسكينُ ابنُ مسكينِ
هو الفقير الذي قد باع متجراً / أضلاله بالهدى لله والدِّين
على التخلُّق بالأسماءِ أجمعُها / أسماءُ ديّانٍ يومَ الفصلِ والدين
وأعكفُ على كلِّ خيرٍ أنتَ فاعلُه / فإنما الخيرُ في التشريعِ بالدِّين
النظم أولى به إن كنتَ تعرفه
النظم أولى به إن كنتَ تعرفه / والنثر أولى بنا إن كنت تعرفنا
فالوجه أولى بنا إن كنت تشهده / ونحن أولى به إن كنت تشهدنا
فما يعز عليه فهو بي وله / وما يعز علينا قد يخص بنا
فما لنا منه إلا ما يكون لنا / مجلى فننظره وليس ينظرها
ما إنْ ذكرتك في سرٍّ وفي علن / إلا رأيتُ الذي ما زال يذكرنا
ولست أفرح بالذكرى على سخط / لكن على كثب إن كنت تعلمنا
والله يذكر قوماً ما لأخلاق لهم / بقوله اخسأوا فيها ويشهدنا
مقامهم وهم عن عينهم حجبوا / به وعنهم بما هم فيه يحجبنا
لو عاين القلب منهم ما أعاينه / لعاينوه بلا شك يعايننا
ما قرّةُ العينِ غيرَ عيني
ما قرّةُ العينِ غيرَ عيني / فبيني كان الهوى وبيني
والله لولا وجودُ كوني / ما لاحَ عيني لغير عيني
فكونه ما رأيتُ فيه / أكمل من صورتي وكوني
بالبينِ أوصلت كلَّ بين / فقام شكرُ البينِ بيني
قد أحسَّ الله في وجودي / عند أداءِ الفروضِ عوني
أشهدني فيه علم ذاتي / في هذه الدارِ قبل حيني
لا فرَّقَ الله يا حبيبي / ما بين أنفاسِه وبيني
الجودُ أولى به والفقر أولى بنا
الجودُ أولى به والفقر أولى بنا / فكن به لا تكنْ إلاَّ له ولنا
ما في الوجودِ سوى فقرٍ وليس له / ضدّ سمونه في الاصطلاحِ غنى
أين الغنى وأنا بالذات أقبلُ ما / يريد تكوينه والكونُ مني أنا
فالكونُ مني ومنه فاعتبر عجباً / هذا الذي قلته قد كان قبل أنا
أنا به كالذي ضربته مثلاً / وإنه بوجود المعتقين بنا
قد ارتبطنا لأمر لا انفكاكَ لنا / منه وما منه من نشأتيّ عنا
مثل النتيجة كان الكونُ عن عدمٍ / ولم يكن عن وجودِ تحمل الأمنا
عينُ النكاحِ بدا بالكشف يشهده / بصورتيه ولكنَّ الإله كنى
قد أشرقتْ أرضنا بنور بارئها / كالنفس منه إذا سوّى لها البدنا
والنفسُ في الكونِ عن جسم وعن نفس / جاد الإله به لذاك عللنا
فلم أزل لوجودِ الجودِ أطلبه / فعلةُ الفقرِ فينا علة الزمنا
لو لم يكن لم أكن لو لم أر لم ير / فالكونُ مني به والعلمُ منه بنا
لولا النبيّ صحيحٌ ما أتاك به / نصٌ جليٌ حكاه في القرآنِ لنا
في سورة الأنبياء الزهرِ في زُمُر / أتى بحرفِ امتناعٍ واضحاً علنا
هذا الدليلُ على إمكانه ولذا / لو شاء كان اصطفاءٌ منه عنه لنا
ولو يكون لصلبٍ كان عن جسد / في ناظر العينِ لم يدرك به غبنا
لقد تجلَّى لقومٍ في منامهمُ / فعاينوه شهوداً منظراً حَسَنا
مثل المعاني التي التجميل جسدها / كالعلم يشربه في نومه لبنا
إنَّ الزمانَ الذي سميته بفنا
إنَّ الزمانَ الذي سميته بفنا / هو الزمانُ الذي سميته بفنا
هذا الزمان إذا فكرت فيه ترى / في شانه عجباً لم يتخذ سكنا
مع طولِ صحبته لكلِّ طائفةٍ / من الخلائقِِ روحاً كان أو بدنا
يذمّه كل شخصٍ إذ يشاهده / وإنْ مضى كان ما قد ذمّه حسنا
ما أنصفَ الدهر خلقٌ من بريته / وهو الذي يورث الأفراح والحزنا
فينظرون الذي قد ساءهم أبداً / وينظرون وجودَ الخيرِ والمِننا
فيسترون الذي قد سرّ أكثره / ويجهرون بما قد ساءهم علنا
فدا خالقه بنفسه فلذا / يقول إني أنا الدهرُ الذي امتحنا
إني لأهوى الهدى والهدى يهواني
إني لأهوى الهدى والهدى يهواني / فما أرى من هدى إلا تمناني
اللطف من كرمي والعطف من شيمي / والمنع منعي كما الإحسان إحساني
وما منعت الذي من بخلٍ / نعي عطاء فمنعي جودُ محسانِ
والله لو بسطت أرزاقه لبغَت / طوائفُ وعلى ذا قامَ بُنياني
وزني صحيح فإني عادل حكم / بالله وزني لهذا صح ميزاني
إني لمن أجوادِ ذوي حَسَبٍ / العمُّ من طيءٍ والخالُ خَولاني
وإنَّ لي نسبَ التقوى يحققه / إحسانُ عقدي بإسلامي وإيماني
كذاك لي نسبٌ بالله متصل / يقولُ أهل النهى به علا شاني
ما ان ذكرتك في سرّ وفي علن
ما ان ذكرتك في سرّ وفي علن / إلا وذكرك يسليني ويطربني
وليس يحجبني بالبعد عنه بلى / القرب منه على التحقيق يحجبني
القرب منه بكوني عينه فإذا / ما كنته فهو بالتكليف يكذبني
ذكري به ليس ذكري فهو ذاكره / بنا ومن بعدِ ذا بالذكر يطلبني
قد حِرت فيه كما قد حِرت فيّ وما / أعاتب النفس إلا ظلَّ يعتبني
فما عرفتُ سوى نفسٍ وما عرفتُ / ربي ومن لي بها والعجز يصحبني
والله ما نظرتْ عيني إلى أحد / إلا رأيتك تبكيني وتندبني
خوفاً على الملك أن يحظى به أحد / سواك غيرة سلطان يكبكبني
تولد الأمر ما بيني على سخط / وبينه ولذا أضحى يقربني
فلو تولد عن قرب تخيله / وهمي لأصبح بالبلوى يعذبني
فما ابتليتُ ولكني أراه إذا / رأيت رأياً على كره يصوِّبني
ما في الوجود الذي تدريه من أحد
ما في الوجود الذي تدريه من أحد / إلا له في الذي يدريه ميزانُ
يقضي به والذي بالعقل حصله / شخص يقال له بالحدِّ إنسان
له الكمالُ كما في الكون صورته / ولي عليه من التشريع برهان
فالوزنُ لا بدّ فيه إن وزنتَ له / ما كان من عمل نقص ورجحان
فاعكف عليه ولا تفرحْ بصورته / فقد تملكه حجدٌ ونسيانُ
يبدو إذا قسم التكليفُ بينهما / نهيٌ وأمرٌ وإنسانٌ وشيطانُ
فمن كمالِ وجودي أن يكون لنا / من كلِّ نعتٍ نصيبٌ فيه تبيان
على الذي حزته من الكمال فلا / تقل بأنَّ وجودَ الجحد نقصان
لم ينقص النقص من عينِ الوجودِ لما / كان الوجودُ كمالاً وهو خسران
الأمر أعظم أن يحظى به أحد / إلا الذي هو علاّم وديَّانُ
لما أراد كمالَ الحكمِ منه أتى / في شرعِ جبريلَ إسلام وإيمان
فعمَّ ظاهره الأعلى وباطنه الأ / دنى وتممه بالكافِ إحسان
فثلث الأمر والتربيع نشأته / لذا أتاك به من بعد محسان
فقال إنْ لم يكن كونٌ به نزه / فاثبت على النفي ما في الكون أعيان
هو الوجودُ فما في الكون من عدد / والقول بالكثر في الأكوان بهتان
فانظر إلى حكمةٍ عرّا أتيتَ بها / بيضاء مثلي فقال الناسُ عميان
يا ليتَ شِعري فما في الكونِ من بصر / يراه ناظره المدعوُّ إنسان
إنْ تتقِ الله كان النور يعضدكم / يتلوه فيكم هدى منه وفُرقان
ما حكمة الله في الأشياء بادية / إلا لمن هو في التحقيقِ إنسان
فليس كونك إنساناً بصورتِك الد / نيا إذا لم تكن بالحق تزدان
أقول بالله لا بكوني
أقول بالله لا بكوني / فإنه بالدليلِ عيني
إن الحدوث الذي لكوني / قد حال ما بينه وبيني
في نظر العقلِ لا بكشفي / فالبينُ بيني والبينُ بيني
إنْ دلَّ أني له بغير / فذاك لي إذا سألت عوني
أو قلتُ إني له بعين / أكذبني صوته وصوني
فالأمر بيني وبين حبي / عليه نبني إن كنتَ تبني
أثنيتَ يوماً عليَّ جهلاً / فقال أثني عليَّ تثني
فنيت عني به إليه / وذاك ما لم يقم بظني
وما جهلتُ الرويّ فيما / نظمته فانظروه مني
فما تراه من نظم قولي / فليس شعراً خذوه عني
بل هو ما قال فيه ربي / من ذكر جمع ببينِ كوني
فكلُّ ما في الوجود نظمٌ / وليس شعراً والوزنُ وزني
ليس الفراهيد لي إمامٌ / أنا إمام له فإني
في كلِّ ما قلت من روي / علام وقتي فلا تثني
في آل عمرانَ إن نظرتم / بيتٌ وفي توبة وثني
بالحجر واعلم بأنَّ قولي / في كلِّ ما قلت عنه يغني
فالرقم مني والحقُّ يملي / فكلُّ ما خُط ليس مني
لله قومٌ لهم في كلِّ حادثةٍ
لله قومٌ لهم في كلِّ حادثةٍ / شانٌ وصورتهم من لا له شانُ
فإن نظرتَ إليهم في تصرفهم / تقولُ ما هم كما قالوا وما كانوا
يعم علمهمُ أحوالَ كونهمُ / الماض وآلات بالتصريف والآنُ
سبحانَ من خصَّهم منه بصورته / هم المقيمون في الوقت الذي بانوا
مسافرون ولم تفقد ذواتهمُ / من المجالس والأعيان أعيان
أجسامهم هي أجسادٌ ممثلةٌ / للناظرين وهم في العين إنسان
بهم نراهم كما قلنا ويشهد لي / من رؤية الله عرفانٌ ونكران
أنت اعترفتَ بمن أنكرتَ صورته / الأمر سوق فأرباحٌ وخسران
وهم ذوو بصر لما يرون وهم / عند الأكابر منا فيه عميانُ
لا يهتدون لما تعطى نواظرهم / وما لهم في الذي يرون برهان
وكلُّ ما انكروا منه أو اعترفوا / به فذلك عند القومِ عرفان
هم في الكتابِ الذي اخفته غيرته / منهم ومن غيرهم في الصدر عنوان
ما في الوجودِ سوى جودِ خزائنه / لها إذا نزلتْ بالخلقِ ميزان
لكنه عنده لا عندهم ولذا / يخيب في نظر الإنصاف أوزان
وما يخيب ولكن هكذا اعتبرت / بما يفصله حقٌّ وبُهتان
لذاك أوجدهم طبعا وكلفهم / شرعاً فوزنهمُ نقصٌ ورُجحان
ووزنُ ربِّك عدلٌ جلّ عن غرض / يقيم ميزانَه بَرٌّ ومحسانُ
مع العليم بما تحويه جنته / دون اشتراكٍ ومن تحويه نيران
بالاشتراك ومن يخلص لمقعده / في النار ليس له في الحشر ميزان
بذا أتى خبر الأرسال قاطبة / وقد أتى بالذي ذكرت قرآن
شكرت نعمةَ ربي حين أظهر لي
شكرت نعمةَ ربي حين أظهر لي / وجه القبول وجازاني بإحسان
لما تكلم فيه لم يجىء أحد / بمثل ما قلته فيه ببهتان
عند المخالفِ إلا رسله ولنا / عن الكتابِ وعن كشفٍ وإيمان
الله يعلمُ أني ما ذكرتُ لكم / إلا الذي نصه عنه بقرآنِ
فعم عقدَ جميع الخلق كلهمُ / ما قاله وهو عقدي وهو برهاني
إلا الشريك الذي بالجهل أثبته / من كان مسكنه بدار نيران
ناداني الحق لما أن علمت به / خير الموازين بالبرهان ميزاني
فزن به وهو قرآني وما نطقتْ / به التراجم عني فهو تبياني
فزِن به لا تزنْ بالعقلِ إنّ له / في الوزنِ تطفيفاً أو نقصاً بخسران
إني وسعتُ الكيانَ طرّاً
إني وسعتُ الكيانَ طرّاً / لما وسعتُ الذي براني
فكنتُ بيتاً له مُسوَّى / مهيئاً للذي بناني
له فلم يرتضي سواي / أراه مثل الذي يراني
مذ وسعَ الحقُّ قلبَ كوني / ما زلتُ في لذةِ العيانِ
أشهدُه فيه كلَّ حينٍ / ذا كرمٍ مطلقِ العنانِ
في كلِّ وصفٍ تراه عيني / على الذي وحيه أراني
ما علم الله غيرَ عبدٍ / أضحى من السرِّ في أمان
ليس لنا مشهدٌ سواه / أراه فيه ولا أراني
أرنو إليه بقدر علمي / من غير أين ولا زمانِ
ولا ترى عينه سواي / إلا إذا كان في الجنان
أو صار في حلبة المنايا / قد سبق القومَ للرهانِ
سبحان من لا أرى سواه
سبحان من لا أرى سواه / في كلِّ شيء تراه عيني
وذاك فرقٌ يراه عقلي / ما بين معبوده وبيني
فكلما قلت أنت ربي / لبستُ بالسلبِ ثوبَ صوفي
تنزيهه جدُّه تعالى / تشبيهُه كونه بكوني
طلبتُ بالشرعِ منه عوناً / يا مدعي لا يكون عوني
إلا لعبدٍ له مجالٌ / ولا مجالٌ إلا لأيني
وفي استوائي العقولُ تاهت / إذ حال ما بينها وبيني
قد جاءنا الحقُّ في التلقي / بكلِّ هينٍ وكلِّ لينِ
يا مرسلاً إنني سميعٌ / إن قمت لي فيه باثنتين
ذاتٌ تعالتْ لها صفاتٌ / من كلِّ حسنٍ وكلِّ زينِ
إن رامَ تحصيلهن فكري / بنيتُ بيتي بتبنتين
كلُّ ما يحويه ميزان
كلُّ ما يحويه ميزان / فيه نقصانٌ ورجحانُ
ودليلي قوله ثقلت / ثم خفت وهو برهان
والذي من أجله وضعت / فاعتدالاتٌ وأوزانُ
وإذا أعماله عرضت / بان ارباح وخسران
من يزن أعماله ههنا / ما له في الحشر ميزان
يرجح الوزنُ الخفيفُ إذا / حلّ بالميزان كَيوانُ
الحمد لله في سرٍّ وفي علن
الحمد لله في سرٍّ وفي علن / حمداً يوفيه نفس الحمد واللسن
بألسنٍ ما لها حصرٌ ولا عددٌ / من كلِّ عضو حوته نشأةُ البدنِ
أعنى بذا بدنَ الأكوان أجمعها / كالعرشِ والفلك الكرسّني ذي المنن
لأنه الشرعُ والأقوام تعضده / بما حواه من الأحكام والسنن
تقسمت كلماتُ الله فانفصلت / أعيانها بعضها عن بعضها الحسن
وليس يدري الذي قلناه من حكم / إلا الذي هو ذو لب وذو فطَن
تمشي على السنة المثلى طريقته / فعينه عين ما قلناه في السُّنن
هو المحجة لا أكنى وسالكها / من يعرفون من أهل الشامِ واليمن
جسماً وروحاً وما في الكون غيرهما / إلا الخيال الذي يأتيك بالفتن
تراه في سنة الأنعام ذا نعم / نعم وفي سنة الأجداب ذا محن
وليس يدرك في نوم ولا سنة / سواه إن كنت ذا فهم وفي الحين
هذي حقيقته فلزم طريقته / ولا تخالفه في سرٍّ ولا علن
ولو تخالفه به تخالفه / لولاه ما عبد الرحمن في وثن
بالعقلِ تثبته كوناً وتثبته / بالشرعِ حكما فعمّ الأمر ياسكني
له التحكم في الألبابِ أجمعها / بالصور وهو له من أعظم الجبن
ذل العزيز بع عز الذليل به / فالحكمُ لله إذ لو شاء لم يكن
من أعجب الأمر أن الأمر يحكمه / والحكم في فرح منه وفي حزن
لو لا تحكمه فينا وقوته / ما كان يأتيك بالأفراح والحزن
قد يحكم الأمر من أمر فيبطله / بالوهم فهو مع الألباب في قرن
لولا الشريعة قد كنا على فلت / منه فيحكم في الفتيان بالفتن
الشرع جار به قربى لخالقنا / منا ليسعد عبد المؤمن الفطن
فاعبد إلهك ربَّ العرشِ في جهة / كأنبياء به في شرعه الحسن
بين الرسولِ وبين الروحِ قد ظهرت / هذي الأمور لتعليم لنا حسنِ
لولا تحكمه ما كنتَ أحكمه / فينا ومن أجل هذا نحن في غبن
إنا لنعلم أنَّ الحقَّ قال لنا / الحقُّ للساع رجل ليس للرسن
لولا الخبال وإيمان رميت بها / عقلا لما فيه من ضعف ومن منن
من وافق الحقَّ في حكم وفي عمل
من وافق الحقَّ في حكم وفي عمل / فإنه عمر الفاروق في الزمنِ
با نائبَ الحقِّ إنَّ الحقَّ أهلكم / لما أقامك في ذا المنصب الحسنِ
فإن عدلت وقاك الله فتنة / وإنْ عدلت ابتلاك الله بالمحنِ
قرينة الحال تعطى ما أردت بما / ضربته مثلا للهَمهَم الفِطن
إني لسان صغار لي وعائلة / وترجمانهمُ في السرِّ والعلن
قد أصبحوا ما لهم ثوب يردّ به / بردُ الهواء ولا فلسٌ من الثمن
وما التمست سوى مرسوم سيدهم / فإن منعتم فلا ثوبٌ سوى الكفنِ
وإنَّ ظني بكم في حقهم حسنُ / ولم يخب أحد في ظنه الحسن
إنْ أجدبَ الوقت فاستسقاء صاحبه / يزيله بانسكابِ الوابل الهمتن
فإنه ربُّ إحسانٍ ومأثرة / على المقلين بالآلاءِ والمنن