القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 20
بانَ العَزاءُ وَبانَ الصَبرُ إِذ بانوا
بانَ العَزاءُ وَبانَ الصَبرُ إِذ بانوا / بانوا وُهُم في سُوَيدا القَلبِ سُكّانُ
سَأَلتُهُم عَن مَقيلِ الرَكبِ قيلَ لَنا / مَقيلُهُم حَيثُ فاحَ الشيحُ وَالبانُ
فَقُلتُ لِلريحِ سيري وَالحَقي بِهِمُ / فَإِنَّهُم عِندَ ظِلِّ الأَيكِ قُطّانُ
وَبَلِّغيهِم سَلاماً مِن أَخي شَجَنٍ / في قَلبِهِ مِن فِراقِ القَومِ أَشجانُ
إِنّي عَجِبتُ لِصَبٍّ مِن مَحاسِنِهِ
إِنّي عَجِبتُ لِصَبٍّ مِن مَحاسِنِهِ / تَختالُ ما بَينَ أَزهارٍ وَبُستانِ
فَقُلتُ لا تَعجِبي مِمَّن تَرَينَ فَقَد / أَبصَرتِ نَفسَكَ في مِرآةِ إِنسانِ
مَن لي بَمَخضوبَةِ البَنانِ
مَن لي بَمَخضوبَةِ البَنانِ / مَن لي بِمَعسولَةِ اللِسانِ
مِن كاعِباتٍ ذَواتِ خِدرٍ / نَواعِمٍ خُرَّدٍ حِسانِ
بُدورُ تَمٍّ عَلى غُصونٍ / هُنَّ مِنَ النَقصِ في أَمانِ
بِرَوضَةٍ مِن دِيارِ جِسمي / حَمامَةٌ فَوقَ غُصنِ بانِ
تَموتُ شَوقاً تَذوبُ عِشقاً / لِما دَهاها الَّذي دَهاني
تَندُبُ إِلفاً تَذُمُّ دَهراً / رَماها قَصداً بِما رَماني
فِراقُ جارٍ وَنَأيُ دارٍ / فَيا زَماني عَلى زَماني
مَن لي بِمَن يَرتَضي عَذابي / ما لي بِما يَرتَضي يَدانِ
قلبي بذكرِكَ مسرورٌ ومحزونٌ
قلبي بذكرِكَ مسرورٌ ومحزونٌ / لما تملكه لمحٌ وتلوينُ
فلو رقت في سماءِ الكشفِ همته / لما تملكه وَجدٌ وتكوين
لكنه حاد عن قصدِ السبيل فلم / يظفر به فهو بين الخلقِِ مِسكين
حتى دعتْ من الأشواق داعيةٌ / همت لها نحو قلبي سحبة الجون
وأبرقت في نواحي الجوّ بارقة / أضحى بها وهو مغبوطٌ ومفتون
والسحبُ ساريةٌ والريح ذارية / والبرقُ مختطفُ والماءُ مسنون
وأخرجتْ كل ما تحويه من حبس / أرضُ الجسوم وفاح الهندُ والصين
فما ترى فوق أرضِ الجسمِ مرقبة / إلا وفيها من النُّوار تزيين
وكلما لاح في الأجسام من بدعٍ / وفي السرائر معلومٌ وموزونُ
والقلبُ يلتذ في تقليبِ مشهده / بكلِّ وجه من التزيين ضنّين
والجسم فلكٌ ببحرِ الجود يزعجه / ريح من الغرب بالأسرار مشحُون
وراكبُ الفلك ما دامت تسيِّره / ريحُ الشريعة محفوظٌ وممنون
ألقى الرئيسُ إلى التوحيد مقدمه / وفيه للملأ العلويِّ تأمين
فلو تراه وريحُ الشوقِ تزعجُه / يجري وما فيه تحريكٌ وتسكينُ
إن العناصر في الإنسانِ مُودَعة / نارٌ ونورٌ وطينٌ فيه مَسنونُ
فأودعِ الوصلَ ما بيني على كثبِ / وبين ربي مفروضٌ ومسنون
فالسرُّ بالله من خَلقي ومن خُلُقي / إذا تحققت موصولٌ وممنون
يقولُ إني قلبُ الحقِّ فاعتبروا / فإن قلبَ كتابِ الله ياسين
من بعدِ ما قد أتى من قبل نفحته / عليّ من دهره في نشأتي حين
لا يعرفُ الملكُ المعصومُ ما سببي / ولا اللعين الذي ينكيه تنّين
لما تسترت عن صَلصال مملكتي / أخفانِ عن علمه في عينه الطين
فكان يحجبه عني وعن صفتي / غيمُ العمى وأنا في الغيب مخزونُ
فعندما قمتُ فيه صار مفتخراً / يمشي الهوينا وفي أعطافه لِينُ
لما سرى القلبُ للأعلى وجاز على / عدنٍ وغازلنه حُورٌ بها عِينُ
غضِّ الجفونَ ولم يثنِ العنان لها / لما مضى عن هواه القرضُ والدَّينُ
فعندما قام فوقَ العرش بايعه / اللوحُ والقلمُ والعلاَّمُ والنُّونُ
فلو تراه وقد أخفى حقيقَته / له فويقَ استواءِ الحقِّ تمكين
فإن تجلى على كونٍ بحكمته / له علا ظهرِ ذاك الكونِ تعيين
فلا يزالُ لمرح الملقيات به / يقول للكائناتِ في الورى كونوا
فكلُّ قلبٍ سها عن سرِّ حكمته / في كل كونٍ فذاك القلبُ مغبونُ
فاعلم بأنك لا تدري الإله إذا / ما لم يكن فيك يرموكٌ وصِفِّين
فاعرف إلهك من قبل الممات فإن / تمت فأنت على التقليد مسجونُ
وإن تجليت في شرقي مشهده / علماً تنزه فيك العالُ والدون
ولاح في كلِّ ما يخفى ويظهره / من التكاليف تقبيح وتحسين
فافهم فديتُكَ سرَّاً لله فيك ولا / تظهرْه فهو عن الأغيار مكنونُ
وغر عليه وصُنه ما حييتَ به / فالسرُّ ميتٌ بقلبِ الحرِّ مدفونُ
ألبستُ زينبَ ثوبَ الفضلِ والدين
ألبستُ زينبَ ثوبَ الفضلِ والدين / من يدِ من هو مسكينُ ابنُ مسكينِ
هو الفقير الذي قد باع متجراً / أضلاله بالهدى لله والدِّين
على التخلُّق بالأسماءِ أجمعُها / أسماءُ ديّانٍ يومَ الفصلِ والدين
وأعكفُ على كلِّ خيرٍ أنتَ فاعلُه / فإنما الخيرُ في التشريعِ بالدِّين
النظم أولى به إن كنتَ تعرفه
النظم أولى به إن كنتَ تعرفه / والنثر أولى بنا إن كنت تعرفنا
فالوجه أولى بنا إن كنت تشهده / ونحن أولى به إن كنت تشهدنا
فما يعز عليه فهو بي وله / وما يعز علينا قد يخص بنا
فما لنا منه إلا ما يكون لنا / مجلى فننظره وليس ينظرها
ما إنْ ذكرتك في سرٍّ وفي علن / إلا رأيتُ الذي ما زال يذكرنا
ولست أفرح بالذكرى على سخط / لكن على كثب إن كنت تعلمنا
والله يذكر قوماً ما لأخلاق لهم / بقوله اخسأوا فيها ويشهدنا
مقامهم وهم عن عينهم حجبوا / به وعنهم بما هم فيه يحجبنا
لو عاين القلب منهم ما أعاينه / لعاينوه بلا شك يعايننا
ما قرّةُ العينِ غيرَ عيني
ما قرّةُ العينِ غيرَ عيني / فبيني كان الهوى وبيني
والله لولا وجودُ كوني / ما لاحَ عيني لغير عيني
فكونه ما رأيتُ فيه / أكمل من صورتي وكوني
بالبينِ أوصلت كلَّ بين / فقام شكرُ البينِ بيني
قد أحسَّ الله في وجودي / عند أداءِ الفروضِ عوني
أشهدني فيه علم ذاتي / في هذه الدارِ قبل حيني
لا فرَّقَ الله يا حبيبي / ما بين أنفاسِه وبيني
الجودُ أولى به والفقر أولى بنا
الجودُ أولى به والفقر أولى بنا / فكن به لا تكنْ إلاَّ له ولنا
ما في الوجودِ سوى فقرٍ وليس له / ضدّ سمونه في الاصطلاحِ غنى
أين الغنى وأنا بالذات أقبلُ ما / يريد تكوينه والكونُ مني أنا
فالكونُ مني ومنه فاعتبر عجباً / هذا الذي قلته قد كان قبل أنا
أنا به كالذي ضربته مثلاً / وإنه بوجود المعتقين بنا
قد ارتبطنا لأمر لا انفكاكَ لنا / منه وما منه من نشأتيّ عنا
مثل النتيجة كان الكونُ عن عدمٍ / ولم يكن عن وجودِ تحمل الأمنا
عينُ النكاحِ بدا بالكشف يشهده / بصورتيه ولكنَّ الإله كنى
قد أشرقتْ أرضنا بنور بارئها / كالنفس منه إذا سوّى لها البدنا
والنفسُ في الكونِ عن جسم وعن نفس / جاد الإله به لذاك عللنا
فلم أزل لوجودِ الجودِ أطلبه / فعلةُ الفقرِ فينا علة الزمنا
لو لم يكن لم أكن لو لم أر لم ير / فالكونُ مني به والعلمُ منه بنا
لولا النبيّ صحيحٌ ما أتاك به / نصٌ جليٌ حكاه في القرآنِ لنا
في سورة الأنبياء الزهرِ في زُمُر / أتى بحرفِ امتناعٍ واضحاً علنا
هذا الدليلُ على إمكانه ولذا / لو شاء كان اصطفاءٌ منه عنه لنا
ولو يكون لصلبٍ كان عن جسد / في ناظر العينِ لم يدرك به غبنا
لقد تجلَّى لقومٍ في منامهمُ / فعاينوه شهوداً منظراً حَسَنا
مثل المعاني التي التجميل جسدها / كالعلم يشربه في نومه لبنا
إنَّ الزمانَ الذي سميته بفنا
إنَّ الزمانَ الذي سميته بفنا / هو الزمانُ الذي سميته بفنا
هذا الزمان إذا فكرت فيه ترى / في شانه عجباً لم يتخذ سكنا
مع طولِ صحبته لكلِّ طائفةٍ / من الخلائقِِ روحاً كان أو بدنا
يذمّه كل شخصٍ إذ يشاهده / وإنْ مضى كان ما قد ذمّه حسنا
ما أنصفَ الدهر خلقٌ من بريته / وهو الذي يورث الأفراح والحزنا
فينظرون الذي قد ساءهم أبداً / وينظرون وجودَ الخيرِ والمِننا
فيسترون الذي قد سرّ أكثره / ويجهرون بما قد ساءهم علنا
فدا خالقه بنفسه فلذا / يقول إني أنا الدهرُ الذي امتحنا
إني لأهوى الهدى والهدى يهواني
إني لأهوى الهدى والهدى يهواني / فما أرى من هدى إلا تمناني
اللطف من كرمي والعطف من شيمي / والمنع منعي كما الإحسان إحساني
وما منعت الذي من بخلٍ / نعي عطاء فمنعي جودُ محسانِ
والله لو بسطت أرزاقه لبغَت / طوائفُ وعلى ذا قامَ بُنياني
وزني صحيح فإني عادل حكم / بالله وزني لهذا صح ميزاني
إني لمن أجوادِ ذوي حَسَبٍ / العمُّ من طيءٍ والخالُ خَولاني
وإنَّ لي نسبَ التقوى يحققه / إحسانُ عقدي بإسلامي وإيماني
كذاك لي نسبٌ بالله متصل / يقولُ أهل النهى به علا شاني
ما ان ذكرتك في سرّ وفي علن
ما ان ذكرتك في سرّ وفي علن / إلا وذكرك يسليني ويطربني
وليس يحجبني بالبعد عنه بلى / القرب منه على التحقيق يحجبني
القرب منه بكوني عينه فإذا / ما كنته فهو بالتكليف يكذبني
ذكري به ليس ذكري فهو ذاكره / بنا ومن بعدِ ذا بالذكر يطلبني
قد حِرت فيه كما قد حِرت فيّ وما / أعاتب النفس إلا ظلَّ يعتبني
فما عرفتُ سوى نفسٍ وما عرفتُ / ربي ومن لي بها والعجز يصحبني
والله ما نظرتْ عيني إلى أحد / إلا رأيتك تبكيني وتندبني
خوفاً على الملك أن يحظى به أحد / سواك غيرة سلطان يكبكبني
تولد الأمر ما بيني على سخط / وبينه ولذا أضحى يقربني
فلو تولد عن قرب تخيله / وهمي لأصبح بالبلوى يعذبني
فما ابتليتُ ولكني أراه إذا / رأيت رأياً على كره يصوِّبني
ما في الوجود الذي تدريه من أحد
ما في الوجود الذي تدريه من أحد / إلا له في الذي يدريه ميزانُ
يقضي به والذي بالعقل حصله / شخص يقال له بالحدِّ إنسان
له الكمالُ كما في الكون صورته / ولي عليه من التشريع برهان
فالوزنُ لا بدّ فيه إن وزنتَ له / ما كان من عمل نقص ورجحان
فاعكف عليه ولا تفرحْ بصورته / فقد تملكه حجدٌ ونسيانُ
يبدو إذا قسم التكليفُ بينهما / نهيٌ وأمرٌ وإنسانٌ وشيطانُ
فمن كمالِ وجودي أن يكون لنا / من كلِّ نعتٍ نصيبٌ فيه تبيان
على الذي حزته من الكمال فلا / تقل بأنَّ وجودَ الجحد نقصان
لم ينقص النقص من عينِ الوجودِ لما / كان الوجودُ كمالاً وهو خسران
الأمر أعظم أن يحظى به أحد / إلا الذي هو علاّم وديَّانُ
لما أراد كمالَ الحكمِ منه أتى / في شرعِ جبريلَ إسلام وإيمان
فعمَّ ظاهره الأعلى وباطنه الأ / دنى وتممه بالكافِ إحسان
فثلث الأمر والتربيع نشأته / لذا أتاك به من بعد محسان
فقال إنْ لم يكن كونٌ به نزه / فاثبت على النفي ما في الكون أعيان
هو الوجودُ فما في الكون من عدد / والقول بالكثر في الأكوان بهتان
فانظر إلى حكمةٍ عرّا أتيتَ بها / بيضاء مثلي فقال الناسُ عميان
يا ليتَ شِعري فما في الكونِ من بصر / يراه ناظره المدعوُّ إنسان
إنْ تتقِ الله كان النور يعضدكم / يتلوه فيكم هدى منه وفُرقان
ما حكمة الله في الأشياء بادية / إلا لمن هو في التحقيقِ إنسان
فليس كونك إنساناً بصورتِك الد / نيا إذا لم تكن بالحق تزدان
أقول بالله لا بكوني
أقول بالله لا بكوني / فإنه بالدليلِ عيني
إن الحدوث الذي لكوني / قد حال ما بينه وبيني
في نظر العقلِ لا بكشفي / فالبينُ بيني والبينُ بيني
إنْ دلَّ أني له بغير / فذاك لي إذا سألت عوني
أو قلتُ إني له بعين / أكذبني صوته وصوني
فالأمر بيني وبين حبي / عليه نبني إن كنتَ تبني
أثنيتَ يوماً عليَّ جهلاً / فقال أثني عليَّ تثني
فنيت عني به إليه / وذاك ما لم يقم بظني
وما جهلتُ الرويّ فيما / نظمته فانظروه مني
فما تراه من نظم قولي / فليس شعراً خذوه عني
بل هو ما قال فيه ربي / من ذكر جمع ببينِ كوني
فكلُّ ما في الوجود نظمٌ / وليس شعراً والوزنُ وزني
ليس الفراهيد لي إمامٌ / أنا إمام له فإني
في كلِّ ما قلت من روي / علام وقتي فلا تثني
في آل عمرانَ إن نظرتم / بيتٌ وفي توبة وثني
بالحجر واعلم بأنَّ قولي / في كلِّ ما قلت عنه يغني
فالرقم مني والحقُّ يملي / فكلُّ ما خُط ليس مني
لله قومٌ لهم في كلِّ حادثةٍ
لله قومٌ لهم في كلِّ حادثةٍ / شانٌ وصورتهم من لا له شانُ
فإن نظرتَ إليهم في تصرفهم / تقولُ ما هم كما قالوا وما كانوا
يعم علمهمُ أحوالَ كونهمُ / الماض وآلات بالتصريف والآنُ
سبحانَ من خصَّهم منه بصورته / هم المقيمون في الوقت الذي بانوا
مسافرون ولم تفقد ذواتهمُ / من المجالس والأعيان أعيان
أجسامهم هي أجسادٌ ممثلةٌ / للناظرين وهم في العين إنسان
بهم نراهم كما قلنا ويشهد لي / من رؤية الله عرفانٌ ونكران
أنت اعترفتَ بمن أنكرتَ صورته / الأمر سوق فأرباحٌ وخسران
وهم ذوو بصر لما يرون وهم / عند الأكابر منا فيه عميانُ
لا يهتدون لما تعطى نواظرهم / وما لهم في الذي يرون برهان
وكلُّ ما انكروا منه أو اعترفوا / به فذلك عند القومِ عرفان
هم في الكتابِ الذي اخفته غيرته / منهم ومن غيرهم في الصدر عنوان
ما في الوجودِ سوى جودِ خزائنه / لها إذا نزلتْ بالخلقِ ميزان
لكنه عنده لا عندهم ولذا / يخيب في نظر الإنصاف أوزان
وما يخيب ولكن هكذا اعتبرت / بما يفصله حقٌّ وبُهتان
لذاك أوجدهم طبعا وكلفهم / شرعاً فوزنهمُ نقصٌ ورُجحان
ووزنُ ربِّك عدلٌ جلّ عن غرض / يقيم ميزانَه بَرٌّ ومحسانُ
مع العليم بما تحويه جنته / دون اشتراكٍ ومن تحويه نيران
بالاشتراك ومن يخلص لمقعده / في النار ليس له في الحشر ميزان
بذا أتى خبر الأرسال قاطبة / وقد أتى بالذي ذكرت قرآن
شكرت نعمةَ ربي حين أظهر لي
شكرت نعمةَ ربي حين أظهر لي / وجه القبول وجازاني بإحسان
لما تكلم فيه لم يجىء أحد / بمثل ما قلته فيه ببهتان
عند المخالفِ إلا رسله ولنا / عن الكتابِ وعن كشفٍ وإيمان
الله يعلمُ أني ما ذكرتُ لكم / إلا الذي نصه عنه بقرآنِ
فعم عقدَ جميع الخلق كلهمُ / ما قاله وهو عقدي وهو برهاني
إلا الشريك الذي بالجهل أثبته / من كان مسكنه بدار نيران
ناداني الحق لما أن علمت به / خير الموازين بالبرهان ميزاني
فزن به وهو قرآني وما نطقتْ / به التراجم عني فهو تبياني
فزِن به لا تزنْ بالعقلِ إنّ له / في الوزنِ تطفيفاً أو نقصاً بخسران
إني وسعتُ الكيانَ طرّاً
إني وسعتُ الكيانَ طرّاً / لما وسعتُ الذي براني
فكنتُ بيتاً له مُسوَّى / مهيئاً للذي بناني
له فلم يرتضي سواي / أراه مثل الذي يراني
مذ وسعَ الحقُّ قلبَ كوني / ما زلتُ في لذةِ العيانِ
أشهدُه فيه كلَّ حينٍ / ذا كرمٍ مطلقِ العنانِ
في كلِّ وصفٍ تراه عيني / على الذي وحيه أراني
ما علم الله غيرَ عبدٍ / أضحى من السرِّ في أمان
ليس لنا مشهدٌ سواه / أراه فيه ولا أراني
أرنو إليه بقدر علمي / من غير أين ولا زمانِ
ولا ترى عينه سواي / إلا إذا كان في الجنان
أو صار في حلبة المنايا / قد سبق القومَ للرهانِ
سبحان من لا أرى سواه
سبحان من لا أرى سواه / في كلِّ شيء تراه عيني
وذاك فرقٌ يراه عقلي / ما بين معبوده وبيني
فكلما قلت أنت ربي / لبستُ بالسلبِ ثوبَ صوفي
تنزيهه جدُّه تعالى / تشبيهُه كونه بكوني
طلبتُ بالشرعِ منه عوناً / يا مدعي لا يكون عوني
إلا لعبدٍ له مجالٌ / ولا مجالٌ إلا لأيني
وفي استوائي العقولُ تاهت / إذ حال ما بينها وبيني
قد جاءنا الحقُّ في التلقي / بكلِّ هينٍ وكلِّ لينِ
يا مرسلاً إنني سميعٌ / إن قمت لي فيه باثنتين
ذاتٌ تعالتْ لها صفاتٌ / من كلِّ حسنٍ وكلِّ زينِ
إن رامَ تحصيلهن فكري / بنيتُ بيتي بتبنتين
كلُّ ما يحويه ميزان
كلُّ ما يحويه ميزان / فيه نقصانٌ ورجحانُ
ودليلي قوله ثقلت / ثم خفت وهو برهان
والذي من أجله وضعت / فاعتدالاتٌ وأوزانُ
وإذا أعماله عرضت / بان ارباح وخسران
من يزن أعماله ههنا / ما له في الحشر ميزان
يرجح الوزنُ الخفيفُ إذا / حلّ بالميزان كَيوانُ
الحمد لله في سرٍّ وفي علن
الحمد لله في سرٍّ وفي علن / حمداً يوفيه نفس الحمد واللسن
بألسنٍ ما لها حصرٌ ولا عددٌ / من كلِّ عضو حوته نشأةُ البدنِ
أعنى بذا بدنَ الأكوان أجمعها / كالعرشِ والفلك الكرسّني ذي المنن
لأنه الشرعُ والأقوام تعضده / بما حواه من الأحكام والسنن
تقسمت كلماتُ الله فانفصلت / أعيانها بعضها عن بعضها الحسن
وليس يدري الذي قلناه من حكم / إلا الذي هو ذو لب وذو فطَن
تمشي على السنة المثلى طريقته / فعينه عين ما قلناه في السُّنن
هو المحجة لا أكنى وسالكها / من يعرفون من أهل الشامِ واليمن
جسماً وروحاً وما في الكون غيرهما / إلا الخيال الذي يأتيك بالفتن
تراه في سنة الأنعام ذا نعم / نعم وفي سنة الأجداب ذا محن
وليس يدرك في نوم ولا سنة / سواه إن كنت ذا فهم وفي الحين
هذي حقيقته فلزم طريقته / ولا تخالفه في سرٍّ ولا علن
ولو تخالفه به تخالفه / لولاه ما عبد الرحمن في وثن
بالعقلِ تثبته كوناً وتثبته / بالشرعِ حكما فعمّ الأمر ياسكني
له التحكم في الألبابِ أجمعها / بالصور وهو له من أعظم الجبن
ذل العزيز بع عز الذليل به / فالحكمُ لله إذ لو شاء لم يكن
من أعجب الأمر أن الأمر يحكمه / والحكم في فرح منه وفي حزن
لو لا تحكمه فينا وقوته / ما كان يأتيك بالأفراح والحزن
قد يحكم الأمر من أمر فيبطله / بالوهم فهو مع الألباب في قرن
لولا الشريعة قد كنا على فلت / منه فيحكم في الفتيان بالفتن
الشرع جار به قربى لخالقنا / منا ليسعد عبد المؤمن الفطن
فاعبد إلهك ربَّ العرشِ في جهة / كأنبياء به في شرعه الحسن
بين الرسولِ وبين الروحِ قد ظهرت / هذي الأمور لتعليم لنا حسنِ
لولا تحكمه ما كنتَ أحكمه / فينا ومن أجل هذا نحن في غبن
إنا لنعلم أنَّ الحقَّ قال لنا / الحقُّ للساع رجل ليس للرسن
لولا الخبال وإيمان رميت بها / عقلا لما فيه من ضعف ومن منن
من وافق الحقَّ في حكم وفي عمل
من وافق الحقَّ في حكم وفي عمل / فإنه عمر الفاروق في الزمنِ
با نائبَ الحقِّ إنَّ الحقَّ أهلكم / لما أقامك في ذا المنصب الحسنِ
فإن عدلت وقاك الله فتنة / وإنْ عدلت ابتلاك الله بالمحنِ
قرينة الحال تعطى ما أردت بما / ضربته مثلا للهَمهَم الفِطن
إني لسان صغار لي وعائلة / وترجمانهمُ في السرِّ والعلن
قد أصبحوا ما لهم ثوب يردّ به / بردُ الهواء ولا فلسٌ من الثمن
وما التمست سوى مرسوم سيدهم / فإن منعتم فلا ثوبٌ سوى الكفنِ
وإنَّ ظني بكم في حقهم حسنُ / ولم يخب أحد في ظنه الحسن
إنْ أجدبَ الوقت فاستسقاء صاحبه / يزيله بانسكابِ الوابل الهمتن
فإنه ربُّ إحسانٍ ومأثرة / على المقلين بالآلاءِ والمنن

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025