القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِيليا أَبو ماضي الكل
المجموع : 6
عش للجمال تراه العين مؤتلقا
عش للجمال تراه العين مؤتلقا / في أنجم الليل أو زهر البساتين
وفي الرّبى نصبت كفّ الأصيل بها / سرادقا من نضار للرياحين
وفي الجبال إذا طاف المساء بها / ولفّها بسرابيل الرّهابين
وفي السواقي لها كالطفل ثرثرة / وفي البروق لهاضحك المجانين
وفيابتسامات ((أيار)) وروعتها / فإن تولّى في أجفان(( تشرين))
لا حين للحسن لا حدّ يقاس به / وإنّما نحن أهل الحدّ والحين
فكم تماوج في سربال غانية / وكم تألق في أسمال مسكين
وكم أحسّ به أعمى فجنّ له / وحوله ألف راء غير مفتون
عش للجمال تراه ههنا وهنا / وعش له سرّ جدّ مكنون
خير وأفضل ممن لا حنين لهم / إلى الجمال تماثيل من الطين
قالت لجارتها يوما تسائلها
قالت لجارتها يوما تسائلها / عنّي و في طرفها الوسنان أشجان
ما بال هذا الفتى في الدّار معتزلا / كما توحّد نسّاك و رهبان
يأتي المساء عليه و هو مكتئب / و يرجع اللّيل عنه و هو حيران
يمرّ بالقرب منّا لا يكلّمنا / و للحديث مجال و هو ملسان
و إن نكلّمه لا يفقه مقالتنا / إلاّ كما يفقه التّسبيح سكران
إذا تبسّم لا تبدو نواجده / و إن بكى فله نزع و إرنان
فلا ابتسام ذوات الغنج يطربه / و لا ابنة الحان تصيبه و لا الحان
أماله أمل حلو يلذّ به / كما تلذّ بمرأى النّور أجفان
أماله جيرة في الأرض يألفهم / يا جارتي كان لي أهل و جيران
فبتّت الحرب ما بيني و بينهم / كما تقطّع أمراس و خيطان
فاليوم كلّ الذي في مهجتي ألم / و كلّ ما حولهم بؤس و أحزان
و كان لي أمل إذ كان لي وطن / فيه لنفسي لبانات و خلّان
فجرّدته اللّيالي من محاسنه / كما يعرّى من الأشجار بستان
فلا المغاني التي أشتاق رؤيتها / تلك المغاني و لا السّكان سكّان
لو المروءة تدري أيّ فاجعة / بالشام ناح عليها الإنس و الجان
و لو يبثّ بنو لبنان لوعتهم / لاهتزّت الأرض لمّا اهتزّ لبنان
قالت : شكوت الذي بالخلق كلّهم / و ما كذبتك إنّ الحرب طوفان
تساوت الناس في البلوى فقلت لها / هيهات ما هان قوم مثلما هانوا
أمن يموت و لا ستر يظلّله / كمن عليه أكاليل و تيجان ؟
قالت و يا ويح نفسي من مقالتها / كفكف دموعك بعض الحزن أهوان
لو كان قومك أهلا للحياة لما / ماتوا و في أرضهم ترك و ألمان
و كلّ من لا يرى في الذّلّ منقصة / لا يستحقّ بأن يبكيه إنسان
كفّي ملامك يا حسناء و اتّئدي / فإنّ مدح ذوي العدوان عدوان
و أنت من أمّة تأبى خلائقها / أن يقتل الطّير في الأقفاص سجّان
و إنّ قومي طيور غير كاسرة / سطت عليها شواهين و عقبان
لا تحسبي أنّني أبكي لمصرعهم / فكلّنا للرّدى شيب و شبّان
لكن بكيت من الباغي يعذّبهم / و هم شيوخ و أطفال و نسوان
ورحت أشكو إليها و هي ساهية / لكنّما قلبها الخفّاق يقظان
حتّى انتهيت فصاحت و هي مجهشة / يا ليت ما قلته زور و بهتان
بل ليتني لم أسائل جارتنا / بل ليت قلبي إذ ساءلت صوّان
ياليت شعري و هذي الحرب قائمة / هل تنجلي و لنا في الشّام إخوان
؟و هل تعود إلى لبنان بهجته / و هل أعود و في لبنان نيسان ؟
فأسمع الطير تشدو في خمائله / و أبصر الحقل فيه الشّيخ و البان ؟
بني بلادي و لا أدعو بخيلكم / غير البخيل له قلب ووجدان
بني بلادي و لا أدعو جبانكم / ما للجبان و لا لي فيه إيمان
بني بلادي و كم أدعو ...! أليس لكم / كسائر الخلق أكباد و آذان ؟
لا تضحكوا و بأرض الشّام نائحة / و لا تناموا و في لبنان سهران !
إنّي عرفت من الإنسان ما كانا
إنّي عرفت من الإنسان ما كانا / فلست أحمد بعد اليوم إنسانا
بلوته و هو مشتدّ القوى أسدا / صعب المراس و عند الضّعف ثعبانا
تعود الشّرّ حتّى لو نبت يده / عنه إلى الخير سهوا بات حسرانا
خفه قديرا و خفه لا اقتدار له / فالظّلم و الغدر إمّا عزّ أو هانا
ألقتيل ذنب شنيع غير مغتفر / و القتل يغفره الإنسان أحيانا
أحلّ قتل نفوس السائمات له / و الطيّر و القتل قتل حيثما كانا
أذاق ذئب الفلا من غدره طرفا / فلا يزال مدى الأيام يقظانا
و نفّر الطير حتّى ما تلمّ به / إلاّ كما اعتادت الأحلام و سنانا
سروره في بكاء الأكثرين له / و حزنه أن ترى عيناه جذلانا
كأنّما المجد ربّ ليس يعطفه / إلاّ إذا قدّم الأرواح قربانا
هو الذي سلب الدّنيا بشاشتها / وراح يملأها همّا و أحزانا
لا تصطفيه و إن أثقلته منّنا / يعدو عليك و إن أولاك شكرانا
قالوا ترّقى سليل الطّين قلت لهم / ألآن تمّ شقاء العالم الآنا
إنّ الحديد إذا ما لان صار مدى / فكن على حذر منه إذا لانا
و المرء وحش و لكن حسن صورته / أنسى بلاياه من سمّاه إنسانا
قد حارب الدّين خوفا من زواجره / كأنّ بين الورى و الدّين عدوانا
ورام يهدم ما الرحمن شيّده / و ليس ما شيّد الرّحمن بنيانا
إنّي ليأخذني من أمره عجب / أكلّما زاد علما زاد كفرانا ؟
و كلّما انقادت الدّنيا و صار له / زمامها انقاد للآثام طغيانا ؟
يرجو الكمال من الدّنيا و كيف له / نيل الكمال من الدّنيا و ما دانا ؟
إذا ارتدى المرء ما في الأرض من برد / و عاف للدّين بردا عاد عريانا
هو الحياة التي ما غادرت جسدا / إلاّ اغتدى الميت أحيامنه وجدانا
و هو الضّياء الذي يمحو الظّلام فمن / لا يهتدي بسناه ظلّ حيرانا
و المنهل الرائق العذب الورود فمن / لا يسقي منه دام الدّهر عطشانا
ليس المبذّر من يقلي دراهمه / إنّ المبذّر من للدّين ما صانا
ليس الكفيف الذي أمسى بلا بصر / إنّي أرى من ذوي الأبصار عميانا
بيني و بين العيون سرّ
بيني و بين العيون سرّ / الله في السّرّ و العيون
إذا عصت فكرتي القوافي / أوحت لنفسي بها الجفون
هات اسقني الخمر جهرا / و لا تبال بما يكون
إن كان خير أو كان شرّ / إنّا إلى الله راجعون !!
لا تبغض ((الرّوس)) لكن لا تحبّهم
لا تبغض ((الرّوس)) لكن لا تحبّهم / فحربنا حرب أقران لأقران
ولا ((الفرنسيس)) ما هم بالعداة لنا / لكنّهم غير أصحاب وإخوان
إنّا نبادلهم والنّع منسدل / لكنّهم بطعن ونيرانا بنيران
وذي بيارقنا في ((الفوج)) خافقة / وجيشنا ظافر في كلّ ميدان
قلوبنا ليس فيها غير موجدة / ذو الشّيب فيها وفحم الشّعز سيّان
نهوى ونحن جموع لا عداد لها / كواحد وكذا نقلى كإنسان
عدوّنا واحدº الكلّ يعرفه / ذاك الحسود الخبيث الماكر الشّاني
تردّنا عنه أمواج يلوذ بها / سميكة كالنّجيع اليابس القاني
أرى به وهو في الطّوفان مختبىء / طوفان غيظ توارى خلف طوفان
قد أصبح الماء يحميه ويمنعه / الويل للماء منّا إنّه جان
قفوا أمام القضاء العدل كلكم / وليحلفنّ يمينا كل ألماني
غليظة كالحديد الصّلب صارمة / كالموت تبقّى لأزهار وأزان
أن نبغض البغض لا تبلى مرائره / ولا يقاس ولا يحصى بميزان
وان نردّده في كلّ ناحية / وأن نكرّره تكرير ألحان
وأن نعلّم منّا كلّ ذي كبد / أن يبغض القوم في سرّ وإعلان
بغضا إلى نسلينا بالإرث منتقلا / إلى بنيهم ومن جيل إلى ثاني
عدوّنا واحد الكلّ يعرفه / ذاك الحسود الخبيث الماكر الشّاني
ألا اسمعوا أيّها الألمان واعتبروا / فأنتم أهللا ألباب وأذهان
... في حقل جلس الوّاد كلّم / كمحكم العقد أو مرصوص بنيان
وقام واحدهم والكأس في يده / كأنّها قبس أو عين غضبان
فقال: يا قوم ((هذا سرّ يومكم)) / ألا اشربوا º إنّ اليوم سرّان
مقالة فعلت في الجمع فعلتها / فأصبحوا وكأنّ الواحد اثنان
ما ضربة السّيف من ذي مرّة بطل / ومستطير اللّظى من قلب صوّان
ولا السّفينة في التّيار جارية / ولا الشهاب هوى في إثر شيطان
أمضى وأنفذ منها وهي خارجة / من فيه كالسّهم من أحشاء مرتان
فضاء من كان في الكأس التي ارتفعت / ومن يريد ويعني القائل العاني؟
بني بريطانيا نادوا جموعكم / واستصرخوا الخلق من إنس ومن جان
وابنوا المعاقل والأسوار من ذهب / واستأجروا الجند من بيض وعبادن
مروا أساطيلكم في البحر ترصدنا / وترصد البحر من موج وحيتان
تاللّه لا ذي ولا هذي تردّ يدا / إذا رمت دكت البنيان والباني
لا نبغض الرّوس لكن لا نحبّهم / فحربنا حرب أقران لأقران
ولا الفرنسيس ما هم بالعداة لنا / لكنّهم غير أصحاب وإخوان
إنّا نبادلهم والنّقع منسدل / طعنا بطعن ونيرانا بنيران
نأتي ويأتون والهيجاء قائمة / بكل ماض وفتّاك وطعّان
لكنّما في غد يرخي السّلام على / هذي الوغى وعليهم سترنسيان
ويمّحي كلّ بغض غير بغضكم / فإنّه آمن من كلّ نقصان
حقد القلوب عليكم لا يزول وإن / زلتم وزلنا وزال العالم الفاني
في الأرض بغضكم والماء مثلهما / والبغض في الحرّ مثل البغض في العاني
الكوخ يبغضكم والقصر يبغضكم / وكلّ ذي مهجة منّا ووجدان
نهوى ونحن جموع لا عداد لها / كواحد وكذا نقلى كإنسان
عدوّنا واحدٌ والكلّ يعرفه / ذاك الحسود الخبيث الماكر الشّاني
ما طائر كان في بيداء موحشة
ما طائر كان في بيداء موحشة / فساقه قدر نحو البساتين
فبات تسعده فيها بلابلها / حينا ويسعدها بعض الأحايين
مني بأسعد حظا مذ نزلت بكم / يا معشر السادة الغرّ الميامين
فررت من برد كانون فقابلني / في أرضكم بالأقاحي شهر كانون
أنسام ((أيار)) تسري في أصائلها / وفي عشياتها أنفاس ((تشرين))
توزّع السحر شطرا في مغارسها / ولآخر في لحاظ الخرّد العين
كلّ الشتاء ربيع في شواطئها / وكلّ أيامها عيد الشعانين
لكن ميامي وإن جلّت مفاتنها / لولا وجودكم ليست لتغريني
إني لأشهد دنيا من عواطفكم / أحبّ عندي من دنيا الرياحين
وكلما سمعت نجواكم أذني / ظننت أني في دنيا تلاحين
لأنتم النور لي والنور منطمس / وأنتم الماء إذ لا ماء يرويني
أحيبتكم حبّ إنسان لإخوته / إذ ليس بينكم فوقي ولا دوني
إن كان فيكم قوي لا يقاهرني / أو كان فيكم ضعيف لا يداجيني
قل لامرىء مثل قارون بثروته / إني امرؤ بصحابي فوق قارون
من يكتسب صاحبا تبق مودته / فهو الغنّي به لا ذو الملايين
فاختر صحابك وانظر في اختارهم / إلى الطبائع قبل اللون والدين
ليس الوداد الذي يبق إلى أبد / مثل الوداد الذي يبقى إلى حين
والمرء في هذه الدنيا عواطفه / إن تندرس فهو بيت غير مسكون
لوفاتني كلّ ما في الأرض من ذهب / ولم تفتني فإني غير مغبون
لو القوافي تؤاتيني شكرتكم / كما أريد ولكن لا تؤاتيني
لا يمدح الورد إنسان يقول له / يا ورد إنك ذو عطر وتلوين
فاستنطقوا القلب عني فهو يخبركم / فالحبّ والقلب مكنون بمكنون
لولا المحبة صار الكون أجمعه / طوبى الأفاعي وفردوس السراحين
إني سأحفظ في قلبي جميلكم / وسوف أذكره في العسر واللين

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025