المجموع : 5
قَد هاجَ قَلبَكَ بَعدَ السُلوَةِ الوَطَنُ
قَد هاجَ قَلبَكَ بَعدَ السُلوَةِ الوَطَنُ / وَالشَوقُ يُحدِثُهُ لِلنازِحِ الشَجَنُ
مَن كانَ يَسأَلُ عَنّا أَينَ مَنزِلُنا / فَالأُقحُوانَةُ مِنّا مَنزِلٌ قَمَنُ
وَما لِدارٍ عَفَت مِن بَعدِ ساكِنِها / وَما لِعَيشٍ بِها إِذ ذاكُمُ ثَمَنُ
إِذا الجِمارُ حَرىً مِمَّن يَسيرُ بِهِ / وَالحَجُّ قُدماً بِهِ مَعروفٌ الثُكَنُ
إِذ نَلبَسُ العَيشَ صَفواً لا يُكَدِّرُهُ / جَفوُ الوُشاةِ وَلا يَنبو بِنا زَمَنُ
إِذا اِجتَمَعنا هَجَرنا كُلَّ فاحِشَةٍ / عِندَ اللِقاءِ وَذاكُم مَجلِسٌ حَسَنُ
فَذاكَ دَهرٌ مَضَت عَنّا ضَلالَتُهُ / وَكُلُّ دَهرٍ لَهُ في سَيرِهِ سَنَنُ
لَيتَ الهَوى لَم يُقَرِّبني إِلَيكِ وَلَم / أَعرِفكِ إِذ كانَ حَظّي مِنكُمُ الحَزَنُ
هَيهاتِ مِن أَمَةِ الوَهّابِ مَنزِلُنا
هَيهاتِ مِن أَمَةِ الوَهّابِ مَنزِلُنا / إِذا حَلَلنا بِسَيفِ البَحرِ مِن عَدَنِ
وَحَلَّ أَهلُكِ أَجياداً فَلَيسَ لَنا / إِلّا التَذَكُّرُ أَو حَظٌّ مِنَ الحَزَنِ
لا دارُكُم دارُنا يا وَهبَ إِن نَزَحَت / نَواكِ عَنّا وَلا أَوطانُكُم وَطَني
فَلَستُ أَملِكُ إِلّا أَن أَقولَ إِذا / ذُكِّرتُ لا يُبعِدَنكِ اللَهُ يا سَكَني
يا وَهبَ إِن يَكُ قَد شَطَّ البِعادُ بِكُم / وَفَرَّقَ الشَملَ مِنّا صَرفَ ذا الزَمَنِ
فَكَم وَكَم مِن حَديثٍ قَد خَلَوتُ بِهِ / في مَسمَعٍ مِنكُم أَو مَنظَرٍ حَسَنِ
وَكَم وَكَم مِن دَلالٍ قَد شُغِفتُ بِهِ / مِنكُم مَتى يَرَهُ ذو العَقلِ يُفتَتَنُ
بَل ما نَسيتُ بِبَطنِ الخَيفِ مَوقِفَها / وَمَوقِفي وَكِلانا ثَمَّ ذو شَجَنِ
وَقَولَها لِلثُرَيّا يَومَ ذي خُشُبٍ / وَالدَمعُ مِنها عَلى الخَدَّينِ ذو سَنَنِ
بِاللَهِ قولي لَهُ في غَيرِ مَعتَبَةٍ / ماذا أَرَدتَ بِطولِ المَكثِ في اليَمَنِ
إِن كُنتَ حاوَلتَ دُنيا أَو نَعِمتَ بِها / فَما أَخَذتَ بِتَركِ الحَجِّ مِن ثَمَنِ
فَلَو شَهِدتَ غَداةَ البَينِ عَبرَتَنا / لَأَن تُغَرِّدَ قُمرِيٌّ عَلى فَنَنِ
لَاِستَيقَنَت غَيرَ ما ظَنَّت بِصاحِبِها / وَأَيقَنَت أَنَّ لَحجاً لَيسَ مِن وَطَني
بانَت سُلَيمى وَقَد كانَت تُواتيني
بانَت سُلَيمى وَقَد كانَت تُواتيني / إِنَّ الأَحاديثَ تَأتيها وَتَأتيني
فَقُلتُ لَمّا اِلتَقَينا وَهيَ مُعرِضَةٌ / عَنّي لِيَهنَكِ مَن تُدنينَهُ دوني
مَنَّيتِنا فَرَجاً إِن كُنتِ صادِقَةً / يا بِنتَ مَروَةَ حَقّاً ما تُمَنّيني
ماذا عَلَيكِ وَقَد أَجدَيتِهِ سَقَماً / مِن حَضرَةِ المَوتِ نَفسي أَن تَعوديني
وَتَجعَلي نُطفَةً في القَعبِ بارِدَةً / فَتَغمِسي فاكِ فيها ثُمَّ تَسقيني
فَهيَ شِفائي إِذا ما كُنتُ ذا سَقَمٍ / وَهيَ دَوائي إِذا ما الداءُ يُضنيني
هَل تَعرِفُ الدارَ وَالأَطلالَ وَالدِمَنا
هَل تَعرِفُ الدارَ وَالأَطلالَ وَالدِمَنا / زِدنَ الفُؤادَ عَلى عِلّاتِهِ حَزَنا
دارٌ لِأَسماءَ إِذ كانَت تَحَلُّ بِها / وَأَنتَ إِذ ذاكَ إِذ كانَت لَنا وَطَنا
لَم يُحبِبِ القَلبُ شَيئاً مِثلَ حُبُّكُمُ / وَلَم تَرَ العَينُ شَيئاً بَعدَكُم حَسَنا
ما إِن أُبالي إِذا ما اللَهُ قَرَّبَكُم / مَن كانَ شَطَّ مِنَ الأَحبابِ أَو قَطَنا
فَإِن نَأَيتُم أَصابَ القَلبُ نَأيُكُمُ / وَإِن دَنَت دارُكُم كُنتُم لَنا سَكَنا
إِن تَبخَلي لا يُسَلّو القَلبَ بُخلُكُمُ / وَإِن تَجودي فَقَد عَنّيتِنا زَمَنا
أَمسى الفُؤادُ بِكُم يا هِندُ مُرتَهَناً / وَأَنتِ كُنتِ الهَوى وَالهَمَّ وَالوَسَنا
إِذ تَستَبيكَ بِمَصقولٍ عَوارِضُهُ / وَمُقلَتَي شادِنٍ لَم يَعدُ أَن شَدَنا
قُل لِلمَنازِلِ بِالظَهرانِ قَد حانا
قُل لِلمَنازِلِ بِالظَهرانِ قَد حانا / أَن تَنطِقي فَتُبيني القَولَ تِبيانا
رُدّي عَلَينا بِما قُلنا تَحيَّتَنا / وَحَدِّثينا مَتى بانَ الَّذي بانا
قالَت وَمَن أَنتَ أُذكُر قالَ ذو شَجَنٍ / قَد هاجَ مِنهُ نَحيبُ الحُبِّ أَحزانا
قالَت فَأَنتَ الَّذي أَرسَلتَ جارِيَةً / وَهناً إِلى الرَكبِ تُدعى أُمَّ سُفيانا
ثُمَّ أَنَختَ وَراءَ العِرقِ أَبعِرَةً / أَتَينَ مِن رَكبِهِ الأَعلى وَرُكبانا
ثُمَّ أَتَيتَ تَخَطّى الرَكبَ مُستَتِراً / حَتّى لَقيتَ لَدى البَطحاءِ إِنسانا
قُلتُ نَعَم فَأَبيني في مُحاوَرَةٍ / وَحَدِّثيني حَديثَ الرَكبِ مَن كانا
ذاكَ الزَمانُ الَّذي فيهِ مَوَدَّتُكُم / فَقَد تَبَدَّلَ بَعدَ العَهدِ أَزمانا
وَقَد مَضَت حِجَجٌ مِن بَعدُ أَربَعَةٌ / وَأَشهُرٌ وَاِنتَقَصنا العامَ شَعبانا
فَبُتُّ ما إِن أَرى شَيئاً أُسَرُّ بِهِ / إِلّا الحَديثَ وَغَمزَ الكَفِّ أَحيانا
حَتّى إِذا الرَكبُ ريعوا قُمتُ مُنصَرِفاً / مَشيَ النَزيفِ يَكُفُّ الدَمعُ تَهتانا