المجموع : 5
ضنًّاً بأن يعلم الناسُ الهوى لمَنِ
ضنًّاً بأن يعلم الناسُ الهوى لمَنِ / وهبتُ للسرِّ فيه لذّةَ العلنِ
ما صِينَ عن ألسن الواشين ينقضه / حبٌّ قواعدُه في الصدر لم تُصَنِ
لله حاجةُ نفسٍ مذ وهبتُ لها / ثوبَ السلِّو خلعتُ السقمَ عن بدني
ومن مَعَدٍّ فتاةُ السن جاريةٌ / من مطلها الكهل مذ كانت على سَنَنِ
شرقيّة الدار من غربيِّ دِجلةَ ما / جاورتُ بالحبِّ جيراني ولا وطني
طرقتُها ضائعا في الليل يُرشدُني / أتمُّ من بدره مِن وجهها الحسنِ
فلم أجد قبلها إلا الأَلوفَ ولا / سكنتُ من عهدها إلا إلى سَكنِ
يا ليلةً حدّثت عنها الغبيَّ ضحىً / حسناءُ واحتشمتْ فيها ذوي الفطنِ
هل تَرجِعين بوقتٍ لستُ ناسيَهُ / ضُحَى جوىً دَلَّهتْ ورقاءَ عن فننِ
وقولةً طرقت سمعي وقد طفِقتْ / يومَ الوَداع عيونُ الناس تأخذني
عرِّض بغيري ودعني في ظنونهمُ / إن قيل من يك يُخفي الحقَّ في الظِّنَنِ
وجنّب العتبَ إما جئت زائرَنا / فأنت في العين أحلى منك في الأذنِ
صبرا عسى رائدُ الإقبال يَصدُقني / يا نفس أو واعدُ الآمال يُنجزني
أو نصرةٌ لم يزل جودُ الوزير بها / سيفا مع الحرّ مسلولا على الزمنِ
أمَا ويمنَى يديه والسماحِ لقد / رأيتُ كلتا يديه فيه لليُمُنِ
وشمتُ فانهلَّتا ماءً غسلتُ به / حالي من الفقر لا ثوبي من الدرنِ
في الدّست أبلجُ ملءُ الدّست من مَرَحٍ / ومن وقارٍ ومن صمتٍ ومن لَسَنِ
سمعاً بدعوةِ موتورٍ يُسِرُّ بها / ويكتم الوجدَ فيها إلفَ مضطغِنِ
العيد يضحك من نُعماك عن قمرٍ / وكان في أربُعٍ يبكي على شجنِ
فلو تكلَّمتِ الأيام أَعربَ عن / فصاحةٍ نحن فيها معرِض اللَّحَنِ
فاشرب على النعمة العذراء للشرفِ ال / تليد والكاعب العذراء للشدَنِ
وإن تعُجْ أو تُعن فيما أتيتُ أصفْ / مع رحبِ صدري أمورا ضيَّقتْ عَطَني
أهنتُ شعريَ أبغي الرزق من نفرٍ / تسبيحُ أسمحِهم يا مالُ لا تَهُنِ
فدارسُ الفهم وحشيٌّ أخاطبه / كأنني خاطبٌ في دارِس الدِّمنِ
وغافلٌ ليَ صوتُ المدح يُطربه / بلا ثوابٍ فيرَضي بي ويُسخِطني
بذلتُ عِرضِي لأغراضٍ أسيِّرها / فيهم فنبَّههم بذلي وأخملني
قد كان من حقّ مثلي أن يعزَّ وإذ / قد بعتُ نفسي فوفِّر منعماً ثمني
أشِلْ بضَبعي من الحال التي لعبت / بماء وجهيَ لِعْبَ الماء بالسفُنِ
وكيف لا تتلافاها أما أدبي / حقٌّ أما أردشيرٌ منك قرَّبني
لا غروَ أدعوك من تحت الحضيض لها / ضحىً فأُمسي وقَرنَ الشمس في قَرَنِ
تنمِي الصنيعةُ في مثلي فسُدَّ بِيَ ال / مهمَّ ما شئت تَحمَدْ فيه ممتحَني
خذ من يدي صفقة الأماني
خذ من يدي صفقة الأماني / على عطاياك يا زماني
واخشن كما شئت أو فلن لي / فليس جنبي بمستلانِ
ملكتَ عنقي فلم أقدْها / تُضغَط في رِبقة الأماني
وأعطشتْني الدنيا ولكن / لا أشربُ الماء بالهوانِ
كم غرَّني من بنيكَ آلٌ / أنضَى ركابي وما سقاني
فُعدَّني قد قتلتُ حظّي / خُبرا وجرّبتُ ما كفاني
ماجُمِعتْ ثروةٌ وفضلٌ / والماءُ والنارُ يُجمعانِ
طِرْ بجناح النّقصان فيهم / محلِّقا عاليَ المكانِ
وطامنِ الشخصَ إن توافت / فيك مع المال خَلَّتانِ
صرفتُ وجهي عن كلِّ حظٍّ / حتى عن الأوجه الحسانِ
واعتنّ وَهْنا فلم يَشُقْني / على جواي البرقُ اليماني
واستحلمتني الصَّبا وقِدماً / جُنَّ بأنفاسها جَناني
فأيّ كفٍّ تكُفُّ شأوِي / والحبُّ لم يثنِ من عِناني
لو صادني بالغنَى مُنيلٌ / لصادني بالهوى الغواني
ولي من الناس أهلُ بيتٍ / له من المجد ظُلَّتانِ
ممتَنع لا أرى صروفَ ال / أيامِ فيه ولا تراني
حلفتُ بالراقصاتِ خَبْطاً / يَطرحن سَلْمى على أبانِ
كلِّ أَمونٍ خرقاءَ تمحو / بالرّجل ما تكتب اليدانِ
نواجيا غيرَ خاضعاتٍ / لغاربٍ جُبَّ أو جِرانِ
ترمِي بألحاظِ مَضْرَحِيٍّ / من المَحاني إلى الرعِّانِ
إذا ادلهمَّ الظلام أمسى / لها سليطانِ يوقَدانِ
تقذِفها ليلةٌ جمادٌ / في يومِ رمضاءَ معمعانِ
يحمِلْن شُعثا عَبرُ الفيافي / أشهَى إليهم من المغاني
شرَوا بتلك النفوس يوما / يُغلِي به بائعُ الجِنانِ
حتى توافَوا جَمعا فقاموا / رامين تالين للمثاني
ما انهدمت سُورة عليها / من آل عبد الرحيم باني
المال خصمُ السماحِ فيها / والجارُ والأمنُ صاحبانِ
تفيَّئوا في العلا ظِلالا / قُطوفُها غَضَّة دواني
واقتعدوا الذَّروةَ القُدامَى / بيتا على كاهل الزمانِ
بيت قِرىً أخضر الأَداوَى / إذا شَتَوْا أحمر الجِفانِ
بناه قِدما على العطايا / أبناءُ ساسانَ ذي الطعانِ
لم ينتقل عزُّه وقوفا / دون أوانٍ على أوانِ
فُرسان يومِ الهياج منهم / وفيهمُ ألسنُ البيانِ
إن عزموا الغارةَ استشاروا / نصيحةَ الرمح والجنَانِ
أو احتبَوا للكلام ردّوا / ما أخذ السيفُ باللسانِ
كم عُطَّ ثوبُ البأساءِ منهم / بواضح في الندى هجانِ
كلّ فتىً فيه من أبيه / إذا ادّعى المجدَ شاهدانِ
إذا الدِّقاقُ الفخرِ استعاروا / زُورَ التسامي أو التكاني
فقد غدت في أَبي المعالي / أسماؤهم تَصدُق المعاني
أبلج تُجلَى الخطوبُ سوداً / بقمرٍ منه إضحِيانِ
وتُسنَد المشكلاتُ منه / بغير واهٍ وغير واني
إن خار عودُ الآراء شدَّ ال / حزمُ بآرائه المِتانِ
أوعزَّ غيث البلاد أرعى ال / ربيعَ من ماله المهانِ
فارسُ ظهرِ النشاط إما / قطَّر بالعاجز التواني
ينتهز المكرماتِ وثبا / بنهضةِ الطالبِ المعاني
ثَقَّفَ عزماتِه سدادا / آمنةً عيبَ ما يعاني
وبات بالبشر من دبيب ال / غِيبة والشرّ في أمانِ
سرَّحتُ ذودَ الآمال فيه / بين جِذاعٍ إلى مثَاني
فلم تزل عشبه إلى أن / أربتْ عجافي على السمانِ
كاثرني بالنوال حتى / حبوتُ من فضل ما حباني
فلو تمكَّنتُ من زماني / بفضله وحده كفاني
إن جئتهُ طالبا فحكمي / أو أنا أجممته ابتداني
كلّ نفيس على اقتراحي / منه وشرطي الذي أتاني
أصبح والشمسُ من جمالٍ / عليه والبدرُ يحسُدانِ
مواهبٌ لو أُسرْتُ منها / بالودّ أعياه في ارتهاني
بكم زكت طينتي وأثْرَى / جوِّي وساء العدا مكاني
قسا زماني فلم يرُعْني / لمّا حنتكم ليَ الحواني
فابقوا فلا مالَ ما بقيتم / عنديَ بالأنفس الغواني
سيّارةٌ وهي لم ترِمكم / بكلّ قاصٍ في المدح داني
للعيد ما للنيروز منها / في الحظّ منكم والمهرجانِ
حتى أرى كلّ يومِ مُلكٍ / لكم يسمَّى سعدَ القِرانِ
ما أرَبِي في ضمانكم لي / والحمدُ والشكرُ في ضمانِ
لله قلبَا قرينَيْ صبوةٍ قطعَا
لله قلبَا قرينَيْ صبوةٍ قطعَا / ليلَ الرضا سهراً أحلى من الوسنِ
ناما مع الحبِّ يقتادان طاعتَهُ / مُنَزِّهَيْنِ له عن سيّىء الظَّنَنِ
جسمانِ صارا هوىً مزجا فقلْ حَسنًا / ما شئتَ في قمرٍ يحنو على غُصُنِ
يا ليلةً لا جحَدتُ الدهرَ مِنَّتَهُ / فيها ولو أنه ما عشتُ أسخطني
طاف عليه بالرقمتيْنِ
طاف عليه بالرقمتيْنِ / طيفٌ على النأي من لُبيْنِ
خاطَرَ لم يدرِ أين جاب ال / سرى ولم يشكُ مسَّ أينِ
بين زرود إلى أبان / يا شُقّة البعدِ بين ذينِ
زار وخيطُ الكرى ضعيفٌ / لم يتشبَّثْ بالمقلتينِ
والركبُ خدٌّ من بعد زندٍ / وكاهلٌ فوق مِرفقينِ
صرعَى يُصيب الرقادُ منهم / تهويمةً بين ليلتينِ
كأنَّ ساقي النعاس عاطَى / عيونَهم بنتَ رأس عينِ
فلم يرعني إلا وشاحٌ / طوَّق حِضنيَّ من بُدينِ
وضمةٌ بدَّلَتْ مهادا / خشونةَ الأرض لي بلَينِ
جدَّد منا وقال خيرا / سَرَّ وإن قال قولَ مينِ
ثم أطار الدجى فطارت / به جناحا غرابِ بينِ
زار لأحيا وحان صبحٌ / صيّره زائرا لحيْني
يا راكبا والنخيل منه / مظِنَّةٌ بعد شَدّتينِ
اِحمل سلامي إلى أبان / فاحططه عنّي بالبانتينِ
وحيِّ واسألهما حفيّاً / عن ظبيةٍ أُمِّ جؤذرينِ
تَنسُب قحطانَ من أبيها / وأمّها في الذؤابتينِ
فالحسن من أجلها يمانٍ / ينمي إلى بيت ذي رُعَينِ
وقل لقومي من آل كسرى / على تنافي القبيلتينِ
ولادتي بينكم وقلبي / في يعرُبٍ فاعجبوا لذينِ
هان دم لي يعزّ فيكم / يا لِعزيز المرام هَيْنِ
لا تطلبوا الثأر عند غيري / فإنّ قلبي قتيلُ عيني
لام على عفتي حريصٌ / والحرصُ إحدى الشقاوتينِ
فظنّ ماء الحياة عِدْلاً / لسفك ماءٍ في الوجنتينِ
قلتُ تَنَفَّجْ وكِد ذليلا / يا رُبَّ عِرضٍ في ماضغينِ
أقسمتُ بالمُحرِمين شُعْثا / بين المصلَّى والمأزِمينِ
وما أحَلّوا وما أهَلّوا / بحِجّةٍ بعد عُمرتينِ
لا قاد ذلُّ الأطماع رأسي / ما دام لي ذو الرياستينِ
أذَمَّ لي أن يذالَ وجهي / أغلبُ منه ذو لِبدتينِ
غيرانُ جاورتُهُ فبيتي / في الأرض بيتٌ في الفرقدينِ
زحمتُ دهري به فأمسي / جنبِيَ أقوى العريكتينِ
وبات عزي منه ونصري / في عامل الذابل الرُّدَيني
أبيضُ من طينةِ خلاصٍ / ما شابها خالطٌ بشينِ
لملمها المجدُ وهي منه / تبرقُ ما بين الراحتينِ
ناولها خالَها أبوها / بيضاءَ ملساءَ الجانبينِ
ينبيك من في الزمان منها / عن حَسبَيْها المقدَّميْنِ
دوحةُ مجدٍ لها ثمارٌ / حظُّ فمٍ ما اشتهى وعينِ
بِهبةِ الله يستدلّ ال / روَّادُ منها على الحسينِ
عالِ بكفَّيْ أبي المعالي / ذِروة ثهلانَ أو حُنينِ
واستسق خِلْفَيْهما وأهوِنْ / إذا استهلّا بالمرِزمَينِ
ففيهما ديمتا سماح / عصراهما غير زائلينِ
تُمطِر حُمراً لنا وبيضا / حياً من التبرِ واللجينِ
أناملٌ كلُّهنَّ غصنٌ / روضتُه بين إصبعينِ
أروعُ سلَّ الإقبالُ منه / عَضبا طريرا لصفحتين
إذا مضى في وغىً وشُورَى / نزا فقدَّ الضريبتينِ
من صيغة الله لم يُثَلَّم / ولم يُذِله طِراقُ قينِ
ناهزَ حلمَ الكهول طفلا / وساد بين التميمتينِ
فكان في مهده وقارا / كأنه في الوسادتين
يا فارس المشرِف المعالي / كجدولٍ بين أشْبتينِ
صاغ لك الأفقَ ذاتَ طوقٍ / هلالها بين كوكبينِ
يمدُّ في سبقه بعرقٍ / سرى إليه من سابقينِ
يَصرِف عن لاحقٍ أبيه / وجها إلى خاله الغُضينِ
ذلّت له الأرض لم تذلَّلْ / من قبله تحت حافرينِ
أربعةٌ في الثرى وقوعٌ / ما بين نَسرين طائرينِ
يا سِربِهِ الجزعَ من دُجيلٍ / حديقةً بين جنتينِ
مسافة لا يطول فيها / مدىً على ذي قصيرتينِ
ولا يراعِي بها دليلٌ / صوبَ سِماكٍ ولا بُطينِ
لو رمتُ إبلاغَها بسوْقي / بلغتُها كَلَّ ساعتينِ
وقل لناءٍ قلبي إليه / شرارةٌ بين جمرتينِ
ما كُسيتْ بعدك المعالي / فخرا ولا حُلِّيتْ بزينِ
ولا عُرِفنا منها لياءٍ / ولا للامٍ ولا لعينِ
كنتَ أباها من قبل تُكنَى / بها وقبل المُكَنِّيينِ
مولودةٌ منك لا بأمٍّ / والخلق ما بين والدينِ
ووجهُ بغدادَ مقشعِرٌّ / مقفل ما بينَ الحاجبينِ
غبتم وغاب السرور عنها / فقلبها بين غائبينِ
بانت مجاليكُمُ مساءً / عنها وصبحا بالنيِّرينِ
فنحن نمسي فيها ونضحى / نخبط ما بين ظلمتينِ
فراجعوها ذكرَى لجنبَيْ / دجلةَ فيها والشاطئينِ
واحنوا لمُلكٍ عودتموه / حنوَّ بَرَّيْن حانيينِ
زال وزُلتم فقد عرته / ندامةٌ بين العِبرتينِ
تاب وتاب الواشي إليه / والعفوُ ما بين توبتينِ
والتفِتوا تنظروا عداكم / حيّاً غدا بين مِيتتينِ
وشاردا فاته مناه / يأكل غيظا لحم اليدينِ
عادٌ من الله في علاكم / نيطت بحبلٍ ذي مِرَّتينِ
يغنَى بها محصدا قواها / حمدا لربّ العنايتينِ
غداً يُقَضَّى إليَّ فيكم / نقدا ويقضِي الزمانُ ديني
فكلّ يوم للشعر فيكم / عائفةٌ بين زاجرينِ
تجري ولم تُتَّهم بدعوى / ولم تطالَب بشاهدينِ
صادقةَ الوعد لي عليها / معجزةٌ بالدلالتينِ
سيرَّتُ فيكم راياتِ مدحٍ / تخفُقُ عني في الخافقينِ
لكم فتوحي بها وختمي / والناس من بعدُ بينَ بينِ
تغشاكمُ غُيّبا شهودا / على دنوّ منكم وبينِ
يحوب مُطري قوم وشعري / في مدحكم ذو الشهادتينِ
منعتُ ظهري بِكم فخورا / بجانبيّ المُحصَّنينِ
فما أبالي صَرفَ الليالي / وأنتُمُ بينها وبيني
أإن تحدَّث عصفورٌ على فننِ
أإن تحدَّث عصفورٌ على فننِ / أنكرتُ يومَ اللّوى حلمي وأنكرني
ما كنتُ قبل احتبالي في الحنينِ له / أخافُ أن بُغاثَ الطير تقنصُني
زقا فذكَّرني أيامَ كاظمةٍ / عمارة الدار من لهوٍ ومن دَدَنِ
أشتاق ميّا ويشكو فَقْدَ أفرُخِه / لقد أبنتُ عن الشكوى ولم يُبِنِ
دلَّت على الحزنِ ريشاتٌ ضعُفن به / عن نهضةٍ ودليلُ الحبِّ في بدني
مَن راكبٌ حملَت خيرا مطيَّتُه / بل ليتها موضعَ الأرسانِ تحمِلُني
مذكِّرٌ تسعُ الحاجاتِ حيلتُه / إذا ندبتُ إليها ضيّقَ العَطَنِ
عج بالقِبابِ على البيضاء تعمُرها / بِيضٌ تَخالُ بها البَيْضاتِ في الوُكُنِ
فاصدع بذكري على العلَّات واكنِ لهم / عن ميَّةٍ بهَنٍ إن شئتَ أوبهَنَ
وقل مضلٌّ ولكن من نشيدتِهِ / شخصٌ تولَّد بين البدرِ والغُصُنِ
عنَّتْ له أمُّ خشفٍ من كرائمهم / سمَّى الهوى عَينَها جلَّابةَ الِفتنِ
رأت مشيبا يروع اللحظَ واستمعتْ / شكوِي فأصغت لأمر العين والأذنِ
عافت من الشيب وسما ما اغتبطتُ به / يا ليت عالطَ هذا الوسمِ أغفلني
زمَّت قِناعا وأحرَى أن تُنصِّفَه / إن افْتَلَتْ رأسَها يوما يدُ الزمنِ
وما عليها ونفسُ الحبّ سالمةٌ / من ناعياتٍ تُحاشيها وتندُبني
لها شبابُ الهوى منّي ونضرتُه / والشيبُ إن كان عارا فهْو يلزمُني
وإن تكن باختلاف الشَّعر معرِضةً / تنكّرَتْني فبالأخلاق تعرفني
أنا الذي رضِيَتْ صبري ومَنزهتي / وعُوديَ الصُّلْبَ والأيامُ تغمِزني
قد أرغم الدهرَ تهويني نوائبَه / من عزَّ بالصبر في الأحداثِ لم يَهُنِ
إن سرَّ أو ساء لم تظفَرْ مخالبُه / منّي بموضع أفراحي ولا حزني
والمالُ عنديَ ماءُ الوجه أخزُنُه / فإن وجَدتُ فمالي غيرُ مختَزَنِ
ولي من الناس بيتٌ من دعائمه / أمُّ النجوم إذا استعصمتُ يعصِمني
بيتُ سيوفُ بني عبد الرحيم به / تحمى حمايَ وتُدمي من تَهضَّمني
لبِستُ نعمتَهم فاستحصدتْ جُنَناً / عليّ والدهر يرميني بلا جُنَنِ
علِقت منهم ملوكا بالعراق مَحَوا / بجودهم كرم الأذواء من يمنِ
ما ضرّني بعدما أدركتُ عصرَهُمُ / ما فات من عَصرِ ذي جَدْنٍ وذي يَزَنِ
عمُّوا ثرايَ بسُحبٍ من نوالِهمُ / وخصَّني فضلُ سيبٍ من أبي الحسنِ
رعَى عهوديَ يقظانا بذمّتها / محافظٌ لا يبيع المجدَ بالوسنِ
أغرُّ لا تملِك الأيامُ غِرَّتَه / ولا ينام على ضيم ولا غَبنِ
يُدْوِي عداه ويُذوِي عُودَ حاسدِه / غيظا وينمى على الشحناءِ والإحنِ
ضَمَّ الكمالُ جناحيه على قمرٍ / في الدَّست يجمع بين الفتك واللسنِ
ترى المدامةَ من أخلاقه عُصِرتْ / والموتَ إن لم يكن أمرٌ يقول كُنِ
كالشهد تحلو على المُشتار طَعمتُه / وقد مَرَى لينَه من مطعم خشنِ
جرَى ولم تجرِ غاياتُ السنينَ به / لغايةِ المجد جَريَ القارحِ الأرنِ
مخلَّقاً قصباتُ السبق يفضُلُها / مُلْقَى الشكيمةِ خرّاجاً من الرَّسَنِ
كفى أخاه التي أعيَى القرومَ بها / عينُ الكفاة فلم يَضرع ولم يَهُنِ
عافَ الأجانبَ واسترعاه همَّته / موفَّقٌ بأخيه عن سواه غنِي
أدَّيتَ معْ لحُمة القربَى أمانتَه / وكلُّ من نصطفيه غيرُ مؤتمَنِ
فكلُّ ما نال بالتجريب محتنِكٌ / مجرِّبٌ نلتَه بالظَّنّ والفِطنِ
عنايةُ الله والجدُّ السعيدُ بكم / وطِبنةُ المجدِ والعلياءُ في الطَّبَنِ
علوتَ حتى نجومُ الأفْق قائلةٌ / حسدتُهُ وتساوقنا فأَتعبني
وعمَّ جودُك حتى المُزن تُنشِدهُ / هذي المكارم لا قعبانِ من لبنِ
ظفِرتُ منك بكنزٍ ما نَصِبْتُ له / سعيا ولا كدَّني معطيه بالمنن
مودةٌ ووفاءٌ منصفا وندىً / سكباً ورأياً بشافيّ السلاح عني
أكذبتُ قالةَ أيامي وقد زعَمت / للضيم أنّ زعيم الملك يُسلِمني
وما ذممتُ زماني في معاتبةٍ / وحُجَّتي بك إلا وهوَ يخصِمني
فلا يغُرْ كوكبٌ منكم ولا قمرٌ / إذ ضلَلْتُ تراءى لي فأرشدني
ولا تزلْ أنت لي ذُخرا أعدُّك مس / تثنىً إذا قلتَ لي مَن في الخطوب مَنِ
وسالَمتك الليالي باقيا معَها / حتى ترى الدهرَ هِمّاً أو تراه فَنِي
وراوح المهرجانُ العيدَ فاختلفا / عليك ما جَرَت الأرواحُ بالسفنِ
وقفا على المدح منصوصا إليك به / محدوّة العيس أو مزجورة الحُصُنِ