المجموع : 47
يا بانِيَ الحصنِ أرْساهُ وشيَّده
يا بانِيَ الحصنِ أرْساهُ وشيَّده / حِرزاً لشلوٍ من الآفاتِ مشحونِ
انظر إلى الدهرِ هل فاتَتْهُ بُغْيَتُه / في مطمح النَّسرِ أو في مَسْبح النون
ومن تحصن منخوباً على وَجَلٍ / فإنما حِصنهُ سجنٌ لمسجونِ
اشكو إلى الله جهلاً قد أضرَّ بنا / بل ليس جهلاً ولكن علمُ مفتون
إني لأُغْضي عن الزلّاتِ أثبتُها
إني لأُغْضي عن الزلّاتِ أثبتُها / ذكراً إذا كانَ بعضُ القول نسيانا
أمضَّ ما كنتُ من أقذاءِ مَعْتَبٍة / أغضَّ ما كنتُ للإخوان أجفانا
أُغضي الجفونَ عن السُّوءَى مراقبةً / لما يكونُ من الحُسنى وما كانا
أجزي الأخِلّاء صفحاً عن إساءتهم / إذا أساءوا وبالإحسان إحسانا
أذكِّرُ النَّفس مَثْنىً من محاسنهم / إذا ذكرت ذنوب القوم أُحدانا
وليس ذاك لآبائي ومجدِهمُ / لكن لأنِّي اتخذتُ العدلَ مِيزانا
أرى المُفَنِّدَ يَنْهانِي ويأْمُرُني
أرى المُفَنِّدَ يَنْهانِي ويأْمُرُني / بقوله استحْيِ إنَّ الشيبَ قد حانا
الآن حين أجَدَّ الشيبُ يَطلبُني / أبادرُ الشَّيبَ باللذَّاتِ عجلانا
إنْ قال لا قالها للآمريهِ بها
إنْ قال لا قالها للآمريهِ بها / ردَّاً لآمرِهِ الغاوِي وعِصيانا
ولم يَقُلْها لمن يَعفُو فواضلَهُ / كالَّافظين بها منعاً وحِرمانا
متى يطاولْ شريفاً يعلُه شرفاً / وإن يوازنْه يسفُل عنه رُجحانا
إذا اشترى الحمدَ أفناءُ الملوك رأى / بين التجارةِ والأفضالِ فُرقانا
يا مَن عكفْنا عليهِ لائذينَ بهِ
يا مَن عكفْنا عليهِ لائذينَ بهِ / فما عكفنا على بُدٍّ ولا وَثنِ
ومَن سألناهُ قِدماً كلَّ منفسةٍ / فما سألنا بقايا الآي والدِّمنِ
إن لا تكنْ واسعَ الأملاكِ فاشِيَها / فما عَهِدناكَ إلا واسع العطنِ
ولا شَقِينا بوعدٍ منك يتبعُهُ / مَطلٌ ولا كنتَ إلا صافي المِننِ
أعاذَكَ الله من حالٍ تُماطِلُني / لضيقها بكساءٍ تافِهِ الثَّمنِ
ومن بصيرةِ رأْي غيرِ مُبْصِرةٍ / إنَّ اطراحَكَ حَمْدي أغبنُ الغَبنِ
انظر إلى الدنيا وزينتِها / ترَى الكارمَ فيها زِينةَ الزِّيَنِ
فالبَسْ وألبِسْ فإنَّ الثوبَ تلبِسُهُ / زَيْنٌ على النفسِ لا ثِقلٌ على البدنِ
وفي ادِّراعِكَ ثوباً منظرٌ حسنٌ / ولم يُحَسِّنْكَ مثلُ المَسْمَع الحَسَنِ
إن تكسُني يكسُك المعروفُ من كثَبٍ / ثوباً جميلاً تراه أعينُ الفَطِنِ
فاكسُ ابنَ شكرِك ما يَبْلَى على ثِقةٍ / أنْ سوفَ يكسوكَ ما يبقَى على الزمنِ
مَرادُ عينك منه بينَ شمسِ ضُحىً
مَرادُ عينك منه بينَ شمسِ ضُحىً / وناعمٍ من غصون البانِ ريَّانِ
خَفَّتْ أعاليه والتفت أسافِلُهُ / كأَنَّما صاغَ نِصْفَيْهِ لُبانانِ
يا واحدَ الناس في الآلاءِ والمننِ
يا واحدَ الناس في الآلاءِ والمننِ / والمستجارُ به من نَوْبِة الزمنِ
وابنَ الذين بَنَوْا آساس دولتهم / على النبوةِ والقرآنِ والسُّننِ
أشدُّ ما بيَ مِنْ شَكْوٍ ومن ألمٍ / فَقْدي جَنَى مقلتِي من وجهِكَ الحَسَنِ
وفوتُ ما كنتَ تُلقيه إلى أُذني / من فَضْلِ علم يُجَلَّى عنه باللَّسنِ
ومن بدائع ظَرفٍ ذاتِ أَوْشيةٍ / تَدُقُّ عن أن تراها أعينُ الفطنِ
كتبتَ طولاً بأبياتٍ وجَدْتُ بها / خِفَّاً وقد كنتُ في ثِقْلٍ مِنَ المِحَنِ
وكيف أشكُر لُطْفاً ساقَ عافيةً / هيهاتَ ليس لذاك اللُّطْفِ من ثمنِ
وقبل ذلك بِرٌّ منكَ آنسني / حتى سلوْتُ عن الخُلان والوطنِ
أعجِبْ بِبرٍّ تعلمتُ العقوقَ به / فما أحِنُّ إلى إلفٍ ولا سكنِ
يا زينةَ الدين والدنيا إذا احتفلا / وأظهرا ما أعدَّاهُ مِنَ الزِّيَنِ
يا مَنْ يرى حاسدوُه أنَّ تَرْكَهُمُ / حسنَ الثناءِ عليه أعظم الغبنِ
نُعْماك عنديَ في مثواه مُعتَقَدٌ / والشكرُ عندك في مثواه مُرتهن
أجريتَ حُبِّيك مني بالذي اصطنَعَتْ / يداك عنديَ مجرى الرُّوح في البدنِ
أطال عمرَك في النعماءِ واهبُها / مقرونةً لك والعلياءُ في قَرنِ
مُسَلَّمَ النفسِ والأحبابِ من مِحنٍ / تكدِّرُ العيشَ أحياناً ومن فِتنِ
عيدان أضحى ومهرجانُ
عيدان أضحى ومهرجانُ / ما ضم مثلَيْهِما أوانُ
أعيدُ نُسْكٍ وعيدُ لهوٍ / تجاورا أبدَعَ الزمانُ
ألَّف شكلَيْهما إمامٌ / أفعالُهُ فيهما حِسان
فاللَّهُ يُبْقي الإمامَ حتى / يُرى لمثلَيْهما اقتران
مُعتمدٌ لم يزلْ عميداً / ينطقُ عن فضله البيان
في كل أَرٍض وكلِّ قوم / يُثْنِي بآلائه لسان
أشرقَ للناسِ منه بَدْرٌ / لم يَخْلُ مِنْ نوره مكان
ما زانه الملك إذْ حواه / بل كُل شيء به يُزان
جَرَى ففات المُلوكَ سبْقاً / فليس قُدَّامه عنان
ولم يزل للإمام سَعْيٌ / بمثله تُحْرَز الرهان
نالت يداهُ ذُرَى مَعالٍ / يعجز عن نيلها العيان
مُكَرَّمٌ عِرْضُه مُعَزٌّ / والمال من دونه مُهان
ليس لأموالهِ لديه / حَقٌّ ولا حُرْمةٌ تُصان
لِكُلِّ عَيْنٍ رأتْهُ يوماً / من رَيْبِ أزمانها الأمان
بذاك في وجهه ضَمِينٌ / يُقْبَلُ من مِثله الضمان
حياته ما أقام فينا / فضْلٌ من اللَّهِ وامتنان
نهارنا الدهرَ منه طَلْقٌ / وليلنا منه إضْحِيان
فلا يزل في نَعِيم عيْشٍ / مِزاجُه الخفضُ واللّيان
حتى يرى فيه كل سؤلٍ / ومُنْيةٍ عبدُه بُنان
أقولُ إذْ هَتَفَ الدَّاعي بمصْرعِه
أقولُ إذْ هَتَفَ الدَّاعي بمصْرعِه / لبَّيْكَ لبيك من داع بتَبْيينِ
نعيْتَ من جَمَدتْ غُزْرُ العيونِ له / فلم تَفِضْ عَبْرةٌ من عَيْنِ مَحْزون
ومَنْ يَقِلُّ لَهُ الدَّاعِي بمغفرةٍ / ويُنشدُ النَّاسُ فيه بيتَ يَقْطين
فإن تُصبْكَ من الأَيَّام جائحةٌ / لم يُبْكَ منكَ على دُنْيا ولا دين
يا مُنكراً ونكيراً أوجِعاهُ فَقَدْ / خَلَوْتُما بقليلِ الخير ملْعون
بُعْداً وسُحْقاً له من هالك نَطِفٍ / مُشَوَّه الخلقِ من نسل الشياطين
قال يوما لأسود
قال يوما لأسود / ناكه وسط ممرغَهْ
حُكَّ درزي بخصيتَيْ / ك قليلاً بنغنغه
ثم قفّى بضرطة / ذات هول مترَّغه
الشطر ناقص: / قال والله بيَّغه
قلت نكها فإنها / فقحة تعرف اللغه
هَبَّتْ سُحَيْراً فناجى الغُصنُ صاحبَه
هَبَّتْ سُحَيْراً فناجى الغُصنُ صاحبَه / مُوَسوساً وتنادَى الطيرُ إعلانا
وُرْقٌ تَغَنَّى على خُضْرٍ مُهَدَّلةٍ / تَسْمو بها وتشمُّ الأرضَ أحيانا
تخالُ طائرَها نشوانَ من طربٍ / والغُصنَ مِن هَزِّهِ عِطْفَيْهِ نَشوانا
بل المخوفُ علينا مَكْرُ أنفُسِنا
بل المخوفُ علينا مَكْرُ أنفُسِنا / ذاتِ المُنَى دون مَكْرِ البيضِ والجُون
إنَّ اللَّياليَ والأيامَ قد كَشفَتْ / من كَيْدها كلَّ مستورٍ ومكنونِ
وخَبَّرتنا بأنَّا مِنْ فرائسها / نواطقاً بفصيح غيرِ مَلْحون
واستَشْهَدَتْ من مَضَى منَّا فأنْبأَنا / عن ذاك كلُّ لقىً منا ومَدْفون
مِنْ هالكٍ وقتيلٍ بينَ مُعْتَبَطٍ / وبينَ فانٍ بِتَرْكِ الدَّهْرِ مَطْحون
فكيفَ تمكُرُ وهْيَ الدهرَ تُنْذِرُنا / من الحوادثِ بالأبْكارِ والعُون
ووالدينِ حقيقٌ أنْ يَعقَّهُما / راعي الأمور بطرفٍ غير مَكْمون
أبٌ وأمٌّ لهذا الخلقِ كلهمُ / كلاهُمَا شَرُّ مَقْرونٍ بمقرون
دهرٌ ودُنيا تلاقِي كُلَّ مَنْ ولَدا / لديْهما بِمَحَلِّ الخَسْفِ والهُون
للذَّبْح من غَذَوا مِنَّا ومن حَضنا / لا بلْ ومن تركاهُ غيرَ مَحضون
إنْ رَبَّيا قَتَلا أو أسْمنا أكَلا / فما دَمٌ طَمِعا فيه بمحقون
أبٌ إذا بَرَّ أبلانا وأهْرمَنا / قُبْحاً له من أبٍ بالذَّمِّ ملسون
نُضْحِي له كقِداحٍ في يَدَيْ صَنَعٍ / فكُلُّنَا بينَ مَبْرِيٍّ ومسفون
يغادر الجَلْدَ منا بعدَ مِرَّتهِ / عَظْماً دقيقاً وجِلداً غير مودون
نِضْواً تراهُ إذا ما قام مُعْتَصِماً / بالأرضِ يَعْجِنُ منها شَرَّ معجون
حتى إذا ما رُزِئْنا صاح صائحُهُ / ليس الخلود لذِي نَفْسٍ بِمضمُون
هذا وإنْ عفَّ فالأدواء مُعرِضَةٌ / مِن بينِ حُمَّى وبِلسامٍ وطاعون
والحربُ تضرمها فينا حوادثُه / حتى نُرَى بين مضروبٍ ومطعون
وأمُّ سوءٍ إذا ما رام مُرتَضِعٌ / أخلافَها صُدَّ عنها صدَّ مَزْبون
تجْفُو وإنْ عانقَتْ يوماً لها ولداً / كانتْ كمطرورةٍ في نَحْرِ موتون
ونحن في ذاك نُصفيها مودَّتَنا / تبّاً لكل سفيهِ الرأي مَغبون
نشكو إلى الله جهلاً قد أضرَّ بنا / بل ليس جهلاً ولكن علم مفتون
أغوى الهوى كلَّ ذي عقل فلست ترى / إلا صحيحاً له أفعالُ مجنون
نعصِي الإله ونَعصِي الناصحين لنا / ونستجيبُ لمقبوح ومَلعون
هوىً غَوِيٌّ وشيطان له خُدعٌ / مُضَلِّلاتٌ وكيدٌ غيرُ مأمون
أعْجِبْ به مِنْ عَدوٍّ ذي مُنابذةٍ / مُصغىً إليه طوالَ الدهْرِ مزكون
وفي أبِينا وفيه أيُّ مُعتبَرٍ / لو اعتبرنا برأيٍ غيرِ مأفون
حتى متى نشتري دنيا بآخرةٍ / سفاهةً ونبيعُ الفوْق بالدون
مُعَلَّلين بآمال تُخادعنا / وزخرف من غُرورِ العيش موصون
نَجْرِي مع الدَّهِر والآجالُ تَخْلِجُنا / والدهرُ يَجرِي خليعاً غير معنون
إنَّا نُجارِي خَليعاً غير مُتَّزعٍ / ونحنُ من بين مَعنونٍ ومَرْسون
يبقى ونَفْنَى ونرجو أن نُماطلَه / أشواط مضطلع بالجَرْي أُفنون
تأتِى على القمرِ السَّاري حوادثه / حتى يُرى ناحلاً في شخص عُرجون
نبني المعاقلَ والأعداءُ كامنةٌ / فينا بكل طرير الحَدّ مسنون
ونَجمعُ المالَ نرجو أن يُخَلِّدنا / وقد أبىَ قبلنا تخليدَ قارون
نظل نَسْتَنْفِقُ الأعمارَ طيِّبةً / عنها النفوسُ ولا نسخو بماعون
مع اليقين بأنَّا محرِزون به / قِسْطاً من الأجر موزوناً بموزون
يا بانِيَ الحصنِ أرساهُ وشيده / حرزاً لِشلْوٍ من الأعداءِ مَشْحون
انظرْ إلى الدهرِ هل فاتتْهُ بغُيتُهُ / في مَطْمح النسر أو في مَسْبح النون
بنيتَ حصْناً وأمُّ السُّوء قد خَبَنَتْ / لك المنيةَ فانظُرْ أيَّ مَخْبون
ومن تَحصَّنَ محبوساً على أجلٍ / فإنما حِصنه سجْنٌ لمسجون
أما رأيْتَ ابن إسحاقٍ ومصرعَهُ / ودونه ركن عزٍّ غيرُ موهون
بأسُ الأميرِ وأبطالٌ مُدَجَّجَةٌ / وكلُّ أجردَ مَلْحُوفٍ ومَلْبون
خاضتْ إليه غمار العِزّ مِيتَتُهُ / فَرَبْعُه منه قَفْرٌ غيرُ مسكون
تبكي لهُ كلُّ مَعْلاة ومكرمةٍ / بمُستَهلٍّ حَثيثِ السَّحِّ مشنون
ما دافعتْ عنه أبوابٌ مُحجَّبةٌ / كلا ولا حُجَرٌ مغشيَّة الخُون
مملوءةٌ ذهباً عيْناً تَجِيشُ به / جنَّاتُ نخل وأعنابٍ وزيتون
قلْ للأميرِ وإنْ ضافَتْهُ نازلةٌ / يُمسِي لها الجلدُ في سربالِ مَحْزون
صبراً جميلاً وهل صبرٌ تُفاتُ به / وإن فُجِعْتَ بمنفوسٍ ومضنون
خانتْكَ إلفَكَ عبدَ اللَّهِ خائنةٌ / هي التي فَجَعَتْ موسى بهارون
يستثقل المرءُ رزء الخِلِّ يُرْزَؤُهُ / وإنما حُطَّ عنه ثِقلُ مديون
للموتِ دينٌ من الخلَّانِ كُلِّهمِ / يُقْضاهُ من كل مذخورٍ ومَخْزون
عَذَرْتُ باكيَ شجوٍ لو رأيتُ أخاً / بما أصابَ أخاه غير مرهون
وما تأخَّرَ حَيٌّ بعَد مِيتته / إلا تأخُّرَ نقدٍ بعد عُربون
وللأميرِ بقاءٌ لا انقطاعَ له / أخرى الليالي وأجْرٌ غير ممنون
في نعمةٍ كرياضِ الحَزْنِ ضاحكةٍ / في ظل بالٍ من الأيَّام مَدْجون
تدور منه أمورُ الملكِ قاطبةً / على وزيرٍ أمين الغيبِ مَيْمون
يُرْجَى ويُخْشَى وتُغْشَى داره أبداً / غِشْيانَ بيتٍ لآل الله مسدون
فإن ذلك ذنبٌ لستُ أحفِله
فإن ذلك ذنبٌ لستُ أحفِله / لا يغفرُ اللَّهُ ذاكَ الذنبَ آمينا
طوراً إذا ما استظلَّتْ كلُّ ضاحيةٍ
طوراً إذا ما استظلَّتْ كلُّ ضاحيةٍ / وتارةً حين يَضْحَى كلُّ مكنون
بل لو يكون مكان السيف من رَجُلٍ
بل لو يكون مكان السيف من رَجُلٍ / كمِخْلَبِ اللَّيْثِ منهُ حان من حانا
ترى الخلال التي فيهم محاسنها
ترى الخلال التي فيهم محاسنها / لا بعضُها دون بعضٍ حين تمتحنُ
ولو زرعتُ حصى المعزاء أثمر لي
ولو زرعتُ حصى المعزاء أثمر لي / مذ ذاك شيئاً ولو في متن صفوانِ
قالتْ لأن هنات الحب آخذةٌ
قالتْ لأن هنات الحب آخذةٌ / من المحب نصيب القلب والعين
بليَّةُ الحب تُبْليه وتَشْحبُه / وكل ذلك شينٌ غيرُ مازين
وإنما تتبعُ الأهواءُ قَادتَها / إلى المناظر ذات الزينِ لا الشين
نحن الحسانُ اللواتي ليس يعجبنا / إلا الحسان فلا نخدعك بالمين
من كل رقراقِ ماءِ الوجه تحسبُه / سيفاً صقيلاً حديث العهد بالقين
لا تخلط الحبَّ بالتقوى فتعطفَنا / على المُقاسي عذابَ الهجر والبين
ولم نَبع قطُّ دُنيانا بآخرةٍ / ومثلنا لا يبيع النقدَ بالدين
نحب كلَّ غلام فيه مَيعتُه / ينزو إذا ما استنكناه بأيرين
مُصحَّح الجسم لم يُلْمِمُ به سَقَمٌ / ولا استكان إلى هجرٍ ولا بَيْن
ذاك الذي نُخْلصُ الود الصحيح له / ونشتري نيكةً منه بألفين
له لدينا حلاواتٌ لذاذتُها / تشفي القلوب وتجلوها من الرّيْن
ذاك الذي لا يقي مالاً بصفحتِه
ذاك الذي لا يقي مالاً بصفحتِه / بل يَلبسُ المالَ دون الذم كالجُنَنِ
خِرْقٌ تعرضتِ الدنيا له فصَبا / إلى المكارم منها لا إلى الفتَنِ
وخصَّنا بجَناها لا بشوكتها / فنحن في نِعَمٍ منها بلا محنِ
أذال في العُرف وجهاً غير مبتذَلٍ / وأخدم المجدَ جسماً غير مُمْتَهَنِ
له حريمٌ إذا ما الجارُ حلَّ به / أضحى الزمانُ عليه جدَّ مؤتمنِ
كأنه جنةُ الفردوس قد أَمِنَتْ / فيها النفوس من الروعات والحَزن
كم قد وقفنا على أيام دولتهِ / فما وقفنا بأطلالٍ ولا دِمَنِ
وكم عكفنا على الظن الجميل به / فما عكفنا بطاغوتٍ ولا وثن
فتىً أبى الله إلا أن يكمِّله / قولاً وفعلاً فلم يَبخس ولم يخُن
إذا جرى في فَعالٍ لم يقف سأماً / دون القواصي ولم ينكبْ عن السَّنَن
وإن تكلم لم يَخْبِط مسالكه / بل قال عن لقنٍ يُمْلى على لَسنِ
أضحى وحظ يديه من ثرائهما / كحظ عينيهِ من وجهٍ له حسن
كما يرى الناس في يومٍ محاسنَهُ / أضعاف ما هو رائيهن في زمنِ
تنال سُؤَّالُهُ من مالهِ أبداً / أضعافَ ما يقتني للروح والبدنِ
لقد أوى الجودُ من بعد ابن مامته / وبعد حاتمه منه إلى سكن
رِدْهُ بلا شَطن إن كنتَ واردَهُ / أغنَى الفراتُ يد الساقي عن الشَّطَنِ
هذا لذاك وإن لم نوف سيدنا / حقَّ الثناء وكان الحقُّ ذا ثمَن
واسمع أبا جعفر إن كنت مستمعاً / فلم تزل ماجد الإصغاء والأذن
يا من حكى حاتماً في كل مكرُمة / ومن يُعنْ ذا فعالٍ صالح يُعَن
خلفتَ وابنُ وزير الصدق حاتمكم / جوداً فأَصبح منشوراً من الكفن
ونحن في هذه الدنيا عيالكمُ / والناسجون برود الحمد بالفِطن
ولم تزل لك في أمثالنا سُننٌ / يرْضى بها الله في سرٍّ وفي علن
ونحن نرجو رجاءً جُلُّه ثقةٌ / ألا يخالف فينا صالح السُّننِ
آمالُنا فيك أموالٌ محَصَّلةٌ / وظننا فيك مرفوع عن الظِّنن
وقد تضمنتَ أرزاقاً نعيش بها / وكان وعدك والإنجازُ في قَرَن
فعجِّل الغوثَ إنا منك نأمله / يا سيدَ الغوث بل يا سيد اليمن
من أقبح الناس لا أُحاشِي
من أقبح الناس لا أُحاشِي / من كان منهم ومن يكونُ
إذا بدا وجهُه لقوم / لاذت بأجفانها العيونُ
كأنه عندهم غريمٌ / حلَّتْ عليه لهم ديونُ
وهو على ما وصفتْ منه / مُتَّهمٌ وُدُّهُ ظنينُ
خانت به أمُّه أباهُ / فعينُه عينُها الخَؤونُ
مُعتزليٌّ مُسِرُّ كُفرٍ / يُبدي ظُهوراً لها بطونُ
أأرِفض الاعتزَال رأياً / كلّا لَهنِّي به ضنينُ
لو صَحَّ عندي له اعتقادٌ / ما دِنتُ ربي بما يدينُ
يا ابن حُريثٍ أفيكَ بُقيا / فأكتُمُ الناسَ ما أبينُ