ساق المطايا بنا للشام حادينا
ساق المطايا بنا للشام حادينا / ولا محام لنا إلا أعادينا
لم يبق من إخوتي حام فيحمينا / أضحى التنائي بديلاً من تدانينا
وجار حكم الليالي بعدهم فينا /
فسوف نقضي الليالي بعدهم أرقا / ونملأ القلب من تذكارهم حرقا
كنا جميعاً فأضحى جمعنا فرقا / سرعان ما عاد ذاك الشمل مفترقا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا /
هل ينجلي ليل همي عن صباحهمُ / وهل لهم غدوة عقبى رواحهمُ
وكيف والأرض فاضت من جراحهمُ / مَن مبلغُ الملبسينا بانتزاحهم
وجداً يبزُّ كرانا من مآقينا /
كم من يدٍ بعدهم مُدَّت لتسلبنا / ستر الوجوه وضرب السوط جلببنا
وأظمأونا فعاد الدمع مشربنا / وقد خلعنا رداء الصبر أعقبنا
ثوباً من الحزن لا يبلى ويبلينا /
يا من تفانوا إلى جنب الفرات ظما / وروَّوا البيض في يوم الكفاح دما
مضوا عطاشى ولكن روَّوا الخذما / ليسق عهدكم صوب الغمام فما
سقاكم النهر عذب الماء ظامينا /
كنا وكنتم وكان العيش قد نعما / بكم وثغر الليالي كان مبتسما
كنا لكم يا أحباء النفوس كما / كنتم لأنفسنا أنفاسهنّ وما
كنتم لأرواحنا إلا رياحينا /
فالهمُّ طول الليالي لا يبارحنا / والذكر إن لا يماسينا يصابحنا
نال الشماتة فينا اليوم كاشحنا / بنتُم وبنَّا فما ابتلَّت جوانحنا
كلا ولا أورقت يوماً أمانينا /
كنا ولا حادثات الدهر تطرقنا / ولا لياليه بالأرزاء ترمقنا
واليوم عادت سهام الخطب ترشقنا / بالأمس كنّا ولا يُخشى تفرقنا
واليوم نحن ولا يرجى تلاقينا /
كم أنجم منكمو فوق الثرى ركدت / وكم بدور بأبراج الرماح بدت
وقد أفلتم وفيكم كربلا سعدت / حالت لفرقتكم أيامنا فغدت
سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا /